AR91


النخيل في العراق

03/10/2014 16:16
التمر العراقي .. النخيل في العراق


 
العراق يعتبر القطر العراقي من أقدم مواطن النخيل في العالم، وكان لأشجار النخيل ومنتجاتها وبساتينها أهمية بالغة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية على مر العصور باعتبارها من أهم المصادر الغذائية والمعاشية.
وإذًا فلابد من عرض جميع الأدوار التي مرت بها النخيل والتمور العراقية، لمعرفة أهميتها له، منذ بداية العصور القديمة التي تم التوصل إلى تدوين تاريخها وحتى الآن.
العراق يعد بلد النخيل حتى في العصور القديمة، إذ لا تكاد كل مدينة وقرية في المنطقتين الوسطى والجنوبية منه تخلو من النخيل!!، واستدل بعض الباحثين المعاصرين من وجود غبار اللقاح في مغارات قديمة جدًا في شمال العراق، على أن النخيل كان موجودًا في تلك المناطق من الشمال قبل زراعته في الجنوب.
يقول السيد عبد الجبار البكري في كتابه (التمور العراقية): «عرف النخيل في بابل منذ أربعة آلاف سنة قبل المسيح، ولا يستبعد أن يكون النخل معروفًا ومألوفًا قبل ذلك التاريخ بآلاف أخرى من السنين، ولو سلمنا بما قيل إن جنوب وادي الفرات ودجلة رسوبي، وإن ترسباته لم يمض عليها أكثر من عشرة آلاف سنة، فيكون النخل عندئذ قد جيء به إلى هذا الوادي من المناطق المجاورة، أعني من بلاد العرب وشمال العراق».
ويقول الدكتور جبار التميمي والدكتور الأمير عباس جعفر في كتابهما (فسلجة وتشريح ومورفولوجي نخلة التمر): «ومن الأمور المؤكدة أن النخيل من أقدم الأشجار التي عرفتها أرض الرافدين، وكانت لها في جميع الأدوار التاريخية أهميتها الخاصة، فقد عرفها السومريون كما عرفها البابليون، وقد وجدت آثار لهذه الأشجار في بابل».
ويقول البكري: «ولقد ترجم A.H.sayce سايس، بعض النصوص الأثرية عن هذه الشجرة بما يأتي: إن الشجرة المقدسة التي يناطح سعفها السماء وتتعمق جذورها في الأغوار البعيدة، لهي الشجرة التي يعتمد عليها العالم في رزقهم. فقد كانت بحق شجرة الحياة. وعلى هذا فلقد تمثلت بأوقات مختلفة في هياكل بابل وآشور»، ففي بابل كانت هذه النخلة المقدسة تزين ردهات المعابد الداخلية ومداخل المدن وعروش ذوي التيجان.
وقد جاء في كتاب البكري أيضًا: «كان البابليون يستفيدون من التمر ونخله فوائد جسيمة، وفي القصيدة البابلية من العهد الفارسي تعداد لفوائد النخل إذ قد أحصيت فيها 365 فائدة، وقد ذكر (سترابو) أهمية النخل للعراق القديم بقوله: تجهزهم النخلة بجميع حاجاتهم عدا الحبوب».
وتصنف المصادر المسمارية أصنافًا كثيرة من التمر تجاوز السبعين صنفًا، كما أنها تذكر أحيانًا أصنافًا بأسماء مواضعها.
وقد أدخل البابليون والآشوريون التمر في بعض الوصفات الطبية كاستعمال تمر تامون للدمامل والقرح بشكل لبخة. ووصف ماء التمر مع ماء الورد والحليب للمعدة وعسر البول. ووصف مسحوق نوى التمر مع شحم الخنزير للرضوض والأورام، وكذلك مسحوق النوى وماء الورد لمداواة العيون، بل إنهم كانوا يصنعون شرابًا من نسغ النخلة يسمى «شراب الحياة»!!.
كما قننت شريعة حمورابي عددًا من موادها لحماية زراعة النخل وتعهده. فالمادة التاسعة والخمسون من شريعة حمورابي تنص على تغريم من يقطع نخلة واحدة بنصف (منٍّ) من الفضة، ولا بد أن تكون هذه الغرامة باهظة في ذلك العهد. وتنص المادة الستون على أنه: إذا أعطى شخص أرضه لآخر ليغرسها بستانًا فليس له الحق في العوض لأربع سنين وفي السنة الخامسة يتقاضى نصف الناتج.
لقد كانت جميع المقاولات التي تتناول البساتين أيام حمورابي تشير إلى التمر، وأن غرس البستان يعني غرس النخل. ويثبت تحديد المدة بأربع سنين في تلك الشريعة أن غرس النخل كان يجري بالفسيل لا بالنواة، لأن النخلة النامية من النواة تستغرق أكثر من سبع سنين حتى تثمر.
وفي تلقيح النخل تنص المادة الرابعة والستون على أنه إذا عهد مالك إلى فلاح تلقيح نخيل بستانه والعناية به فعليه أن يسلم ثلثي الحاصل إلى صاحب البستان ويأخذ لنفسه الثلث، وأما المادة الخامسة والستون فتنص على أنه إذا أهمل الفلاح تلقيح النخل وسبب نقصًا في الحاصل فعليه أن يؤدي إيجار البستان أسوة بالبساتين المجاورة.
إن عناية البابليين في رعاية النخلة وخدمة تربتها قديمة، إذ وجدت وثيقة من العهد البابلي تلزم مستأجر بستان النخل بحراثة الأرض المزروعة بالنخل، ومراقبة الطلع وتلقيحه، بل كان البابليون يزاولون تسميد النخل وتنظيف قواعده من القمل.
 

جاء في كتاب ( النخيل والتمور في العراق) للأستاذ عبد الوهاب الدباغ : أنه مما يجدر التنويه به إن معظم العناصر السامية كانت تقدس النخل، حتى إن بعض أسماء الأعلام من سلالة أور الثالثة تشير إشارة لا غبار عليها إلى قدسية النخل عند الأقدمين في العراق.
وفي مجلة الزراعة المتخصصة ذكر الأستاذ طه باقر أن الغالب في بساتين وادي الرافدين الأسفل أنها كانت بساتين نخل بالدرجة الأولى. ولكنهم كانوا يغرسون في الفراغات المتروكة بين أشجار النخيل الأشجار المثمرة والنباتات والخضراوات والورود كذلك.
وقيل في مجلة الزراعة أيضا «لقد ذكر هيرودوتس ـ الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد ـ خشب النخيل في بابل، كما ذكر أن معظم نخل بابل كان ينتج تمرًا جيدًا يؤكل».
وبيّن الأستاذ طه باقر أننا نستطيع الرجوع إلى المصادر المسمارية للوقوف على أنواع النخل الكثيرة في العراق القديم، ولعلها مثل النخل في الوقت الحاضر تتجاوز السبعين شكلاً. وذكرت المصادر الآشورية نوعًا من النخل سمته (نخل الشمال)، ولعل ذلك يشير إلى نوع غير مألوف لا ينمو في جنوب العراق. ونوع آخر وصف بـ (نخل الجبل) ولعل ذلك يشير إلى نوع وحشي.
وقال فيها أيضًا: « إن الملك الآشوري (أشور ناصر بال) الثاني (883 ـ 859 ق.م) قد ذكر لنا في أخباره أمورًا مفصلة عن البساتين والحدائق التي غرسها قرب عاصمته ( كالح ) (نمرود الآن) جاء ذلك في مسلته الحجرية المشهورة. أنه غرس في إحدى بساتينها نحوًا من 42 نوعًا من الأشجار المثمرة والأشجار الأخرى ولا سيما الأشجار الصمغية، جمعها من البلدان المختلفة من غزواته الحربية، ولكننا لا نعلم عدد الأشجار التي غرسها من كل نوع من هذه الأنواع التي ذكر عددها بـ(42) نوعًا، وذكر لنا أيضًا صنف كل نوع من هذه الأشجار، نذكر منها، النخل.
ويذكر الأستاذ يوسف خلف عبد الله في كتاب (الجيش والسلاح في العهد الآشوري الحديث): أن الملك سنحا ريب قدم عشرين زقًا من التمر هدية إلى الآلهة الآشورية لانتصاره.
وفي ( كتاب الحضر): أن تمثال سنطروق الأول (بيده اليسرى سعفه رمز النصر و البركة) وكذلك عبد سميا يحمل سعفه بيسراه.
ولما من الله تعالى على البشر بدين الإسلام، كان لا يزال للنخيل أهمية كبيرة جدًا، فالتمر هو الغذاء الأول في بلاد العرب، فقد قال رسول الله محمد [ : «بيت ليس فيه تمر جياع أهله». وكان العراق أكثر بلاد العالم نخيلاً، قال السجستاني: «وأما النخل قدره الله جل وعز للعرب في جزيرة العرب، وفي المشرق، ومنه شيء في المغرب، وأكثره في العراق».وقد كانت البصرة أكثر البلدان نخيلاً، إذ قال السجستاني «نخل البصرة أظنه مثل نخل الدنيا مرارًا». وكان نخلها يأتي بأموال جسيمة، قال هارون الرشيد: نظرنا فإذا كل ذهب وفضه على وجه الأرض لا تبلغان ثمن نخيل البصرة».
وتنمو نخيل العراق في جميع الترب: في التربة الصخرية في زرباطية، والتربة الطينية على ضفاف شط العرب، والتربة الحجرية الرملية في بدرة ومندلي. ولا يغيب عن البال أن النخيل تقاوم كمية عظيمة من الأملاح في التربة.
ويعتقد العراقيون أن نمو النخيل في الأراضي المالحة أحسن منه في الأراضي الحلوة!!. ولكن هذا الاعتقاد خاطئ. ويدل اعتقادهم على ذلك جودة التمر المجني من نخيل مندلي وبدرة. إلا أن هذه الجودة ليست من تأثير التربة وحدها في هذه المنطقة، بل المناخ أيضًا يؤثر في بعض أنواع التمر أثرًا حسنًا.
ويرى الباحثون الأوائل أن النخيل تنبت وتثمر في القسم الجنوبي من العراق، في المنطقة التي يحدها من الشمال خط وهمي، يمر بطوز خورماتو وعانة.
أما الذين تلوهم من الباحثين فيقولون: «تنتشر زراعة النخل في العراق من بلدتي عانة وتكريت شمالاً، حتى الفاو جنوبًا، ولا تكاد تكون قرية من قرى وسط العراق وجنوبه خالية من زراعة النخل».
وقد قدر عدد نخيل العراق في سنة 1962م بثلاثين مليون نخلة، وأعداده في بقاع المعمورة بتسعين مليون نخلة، أي كان نخيل العراق ثلث نخيل العالم.
وقد قامت مديرية جمعية التمور العامة سنة 1952م -1953م بإحصاء النخيل فظهر أنه منتشر في الألوية كما يلي:
لواء البصرة:
تعتبر البصرة بلد التمر، فهي أهم مركز لزراعته في العالم، إذ بها ما يزيد على ثلاثة عشر مليون نخلة، مكتظة على ضفتي شط العرب، من القرنة إلى الفاو، وبمسافة تقارب مئة وثمانية أميال. وتشتهر البصرة بجودة أصناف تمورها، كما أنها أهم مركز لتجارة التمور في العالم. ويكاد التمر يكون المورد الوحيد لغالبية سكانها. والبلدة الوحيدة الخالية من النخل في اللواء هي الزبير.
لواء المنتفك:
تكثر زراعة النخل بقضاء «سوق الشيوخ»، وتمتد زراعته على ضفتي الفرات بين السوق ومدينة الناصرية. ويبلغ تعداد نخيل اللواء حوالي مليونين وربع.
 
لواء الديوانية:
تنتشر زراعة النخيل في مختلف مدن اللواء، حيثما تتوفر المياه. ويبلغ عدد النخيل حوالي ثلاثة ملايين ونصف.
لواء الحلة:
تكثر زراعة النخل في هذا اللواء، إذ يأتي بعد لواء البصرة من حيث عدد النخل.
لواء بغداد:
أخذت تزداد زراعة النخل في هذا اللواء، ويعتبر من الألوية المهمة الآن في إنتاج التمر.
لواء ديالى:
لم ينظر إلى النخل كشجرة مثمرة فقط في هذا اللواء، وإنما كان ينظر إليها كوساطة لحماية أشجار الليمونات التي تغرس تحت ظلاله أيضًا. ويقدر عدد نخيل اللواء قرابة ثلاثة ملايين نخلة.
لواء كربلاء:
من الألوية المشهورة بزراعة النخل، مع صغر مساحته. ولقد زاد الإقبال على زراعة النخل في هذا اللواء.
لواء العمارة:
لم تكن زراعة النخل في هذا اللواء كثيفة كالألوية السابقة، ويلوح أن هناك رغبة في الإقبال على الإكثار من زرعه.
لواء الكوت:
يشبه هذا اللواء لواء العمارة في قلة كثافة النخل، مع إمكان التوسع فيه.
لواء كركوك:
تنتشر زراعة النخل في بعض الجهات الملائمة لزراعته من حيث المناخ في هذا اللواء.
لواء الدليم:
لم يجر إحصاء لعدد نخيل هذا اللواء، غير أن زراعة النخل منتشرة في مدنهُ التالية: الفلوجة، والرمادي، وكبيس، وهيت، وكثير من القرى الممتدة حتى عانة.
وحلت محل جمعية التمور العراقية مصلحة التمور، وهي مؤسسة شبه رسمية أنشئت لأجل تنظيم زراعة وتجارة وصناعة التمور العراقية، ولها قانون خاص. وترتبط بوزارة الاقتصاد من ناحية الإشراف العام. وتستهدف مصلحة التمور العراقية تحسين إنتاج التمور وتطوير أساليب كبسها وتعبئتها، ورفع المستوى التجاري لها عن طريق توسيع إمكانيات التصدير، وإدخال التصنيع عليها. وفعلاً فقد قامت المصلحة بتأسيس مكابس في بغداد، وكربلاء، والحلة، والشامية، وبعقوبة، بالإضافة إلى مكبسها في البصرة. وينتج كل مكبس حوالي 30 طنًا يوميًا، من التمور المنظفة والمغسولة والمعقمة مكبوسة في صناديق، أوفي علب صغيرة، أو تكون بشكل قطع مختلفة الأحجام.
وقد تحشى التمور أحيانًا باللوز والجوز، وتضاف إليها بعض النكهات، فتصبح لذيذة بشكل قلما تجد له مثيلاً في العالم، بل يندر أن تجد ما يشبه هذا المنتوج صنعًا وطعمًا!!
وقد أمكن جمعية التمور العراقية ان تؤلف كتيبًا ،تضمن وصف ( 109) أنواع من الفطائر والمعجنات والحلويات التي يدخل في صنعها التمر.
الإشراف على صناعة وكبس التمور من الناحية الصحية:
لقد تولت السلطات الصحية العراقية الإشراف على صناعة وكبس التمور ـ ابتداء بموجب تشريع يعرف ب«نظام مكابس التمور»، ويتضمن النظام كذلك شروطًا لخزن التمور، قبل الكبس وبعده، ولتجهيز أطباق من النسيج المعدني لوضع التمور عليها...إلخ.
وقد قامت مصلحة التمور العراقية بالاشتراك مع السلطات الصحية في مصر في شهري تشرين الثاني وكانون الأول سنة 1927م ببعض التجارب عن احتمال نقل الهيضة (الكوليرا) بوساطة التمور المصدرة من العراق. وكانت النتيجة أنه لم يعثر على ميكروب الهيضة حيًا في تلك التمور، ثم قامت السلطات الصحية في الجمهورية العراقية في سنة 1966م بسلسلة من التجارب لاختبار مدة بقاء البكتريا المرضية (ومنها ضمات الكوليرا) حية في الطعام والماء والمشروبات. وقد تولى ذلك المعهد البكتريولوجي المركزي بالتعاون مع الخبير الدولي لمنظمة الصحة العالمية.
وقد ظهر أن الضمات لم تعش أكثر من ثلاثة أيام في التمور. وهذا يعني أن التمور لو تعرضت إلى تلوث شديد، تصبح خالية من العامل المرضي للهيضة خلال ثلاثة أيام في الظروف الطبيعية.
منتجات التمور وتصنيعها:
علاوة على كون التمر غذاء وفاكهة، فإنه يجري القيام بمصنوعات عديدة منه، أهمها:
 

الدبس
وهو عصير التمر السائل. ويستعمل غذاء وحلوى، وفي صناعة بعض الأطعمة الأخرى كالسكنجبين، الذي يتخذ دواء أيضًا. ويكون استعمال الدبس محليًا، ويجري تصديره إلى خارج العراق كذلك .
الخل
وهو غذاء، ويستعمل في صناعة أغذية أخرى كالمخللات والسكنجبين، وكان يستخدم في جلاء بعض المعادن وغيرها.
وهناك صناعات أخرى حديثة، تم إجراؤها. ولكن لم تكن عامة ولم يجر العمل في صناعتها باستمرار، كما اتخذت نوى التمور في صناعة علف الحيوانات, واستخراج الزيوت.
تجارة التمور:
كان العراق يصدر التمر منذ أقدم العصور، فقد كانت (أكد) تصدر الحبوب والتمور إلى الأمصار الأخرى التابعة للإمبراطورية، مقابل إرسال الذهب أو قطعان الثيران أو الأغنام أو الماعز إلى بلاد أكد.
وقد اتسعت كثيرًا تجارة التمور منذ أوائل القرن الماضي، حتى صارت أهم الصادرات بعد النفط، في حين كانت الحبوب إلى ما قبل ذلك بسنين (ليست بالكثيرة) هي التي لها هذه المكانة. لقد كان مقدار ما صدره العراق من تمور في سنة 1906م (13ألف طن)، وقد أخذ في الازدياد منذ ذلك العام حتى بلغ في سنة 1951م أكثر (33 ألف طن). غير أن ما صدر في بعض السنين كان أقل من ذلك، وقد وجد أن معدل ما صدره العراق من التمور سنويًا يتراوح بين 200 ألف طن و240 ألف طن.
وتصدر العراق التمور إلى نحو ثمانين قطرًا موزعة في جميع أنحاء العالم، حتى إنها تصدر من العراق إلى البلاد المنتجة للتمور أيضًا، سواء البلاد التي لايكفيها إنتاجها من التمور أو التي تصدر تمورها.
إن للتمور العراقية صفات خاصة تساعد على رواجها، فبالإضافة إلى جودتها وكونها أحلى تمور العالم وأغناها بالفيتامينات، فإن لها مزايا تجارية تساعدها على كسب الأسواق، منها:
ـ سرعة نضج التمور في العراق. وبذلك تصل إلى الأسواق الخارجية قبل أن تصل إليها تمور الأقطار الأخرى، فأوائل التمور العراقية تصل سوق مرسيليا مثلاً في أواخر أيلول، على بعد ما بين البصرة ومرسيليا، بينما تصلها تمور الجزائر القريبة منها في أواخر تشرين الأول.
ـ تفوق العراق في إنتاج التمور من حيث الكمية (يقدر الإنتاج السنوي لبساتين النخيل في العراق بحوالي 50% من مجموع إنتاج التمور في العالم أجمع) ويصل مقدار الإنتاج في بعض السنين إلى نصف مليون طن، وكان معدل إنتاج التمور حوالي 509 آلاف طن في السنة خلال الفترة من 1975م إلى 1978م (وهذا ما مكنه من تصدير التمور إلى البلاد المنتجة للتمور كما ذكرنا). وتمر العراق في ازدياد مستمر سنـة بعد أخرى بنسبة 10% .
ـ هناك خاصية أخرى للتمر العراقي، وهي أنه يجف بصورة طبيعية، أي وهو فوق النخيل، بينما نجد أن التمر المغربي وكان أخطر منافس للتمر العراقي يجفف صناعيًا. والتجفيف الصناعي ليس كالتجفيف الطبيعي، ثم أنه يزيد التكاليف المصروفة على التمور.
إن ما يصدره العراق من التمر، يعادل أكثر من 80% من تجارة التمور الدولية، وأكثر من تسعة أعشار هذه الكمية يصدر من البصرة، التي كانت أهم مركز لتجارة التمور في العالم، كما كانت أهم مركز لزراعة النخيل .
وأصناف التمور العراقية كثيرة جدًا، فقد كانت في سنة 1962م (531) صنفًا، وهي قابلة للازدياد بسبب تكثير النخيل بزراعة النوى، فمن المعروف عند الزراع أن النخلة التي تنشأ من النواة إما أن تكون فحلا ًوهو الغالب، أو أن تكون أنثى، قد تكون نوعًا نادرًا جديدًا. وقد أجمل البكري ذلك بقوله: «أصناف النخيل لاحصر لها، وكل نخلة نمت من نواة تشكل صنفًا، غير أن النخل النامي من النوى أغلبه منحط النوعية. وقد تجد واحدًا بالألف منه يمكن أن يكون ذا نوعية مناسبة، أما الأصناف المنتجة والمسماة فقد جاءت صدفة».
والذي اشتهر من التمور العراقية تجاريًا قليل، على أن الأصناف التجارية ليست بأجود الأصناف، فهناك أصناف تفوقها جودة، ولكنها قليلة العدد، ما زال انتشارها بسيطًا.
وأهم أصناف التمور العراقية تجاريًا:
تمور البصرة التجارية:
الحلاوي،والخضراوي، والساير، والزهدي، والويري، والبريم، والجبجاب.
تمور المنطقة الوسطى التجارية:
الزهدي، والخستاوي، والخضراوي، والأشرسي، والمكتوم.
وعدّت ( الورقة القطرية للجمهورية العراقية حول التمور) في آذار1981م ثمانية أصناف تجارية هي :الزهدي، والساير والحلاوي، والخضراوي، والجبجاب، والبريم، والسيري والشكر.
 
و نعطي وصفاً موجزاً لأهمها :
 
1ــ الحلاوي : ثمرة مستطيلة الشكل صفراء عند بدء نضجها ، ذهبية الشكل عندما تكون كاملة النضوج . وهذا الصنف مبكر في النضج ويأتي في مقدمة الأصناف التجارية إذ يباع بأسعار عالية في الأسواق العالمية ،وهذا الصنف من التمر مرغوب فيه في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من غيره لأنه جذاب اللون وحلاوته مقبولة .
 
2ــ الخضراوي : ثمرته قصيرة لونه أصفر مخضر عند بدء نضجها وتميل إلى السواد (داكن) عند تمام نضجها ، ويباع بأسعار اقل من أسعار الحلاوي وهو مرغوب فيه في أوربا واستراليا وأميركا وبلدان الشرق الأوسط .
 
3ــ الساير: ويسمى محلياً باسم (الأسطة عمران) وثمرة متوسطة الحجم رفيعة عند العنق ، لونها أصفر عند النضج وبني غامق عند تكامله ويصدر بكثرة الى استراليا وأوربا وأميركا .
 

.
4ــ الزهدي : ثمرته على شكل بيضوي ، لونها أصفر ذهبي يصدر إلى الخارج بالخصاف ، واهم الأسواق التي يصدر إليها الهند والباكستان وجنوب الجزيرة العربية .
 

5ــ البريم والجبجاب : وهما من التمور التي تصدر عادة (جافة ) وتسمى محلياً باسم (خلال مطبوخ) وطريقة تجفيفها أو طبخها هي عندما يصبح التمر اصفر اللون (خلال) تماماً تغطس العذوق في ماء ساخن فترة من الزمن حتى تجف ثم تنشر في الشمس ، ثم تجمع وتصدر بأكياس إلى الخارج .

 

 
 
6ــ الديري : لون ثمرته أحمر عند بدء النضج وباذنجاني مائل إلى السواد عند تكامله وهو من التمور الجافة تقريباً بطبيعتها واهم أسواقه الهند وسواحل الجزيرة العربية ويكبس ويصدر بالخصاف .
 

 
7ــ البرحي : من أهم وألذ التمور العراقية غير التجارية (إذ تستهلك كمياتها محلياً في الغالب ) وثمرته بيضوية الشكل كبيرة لونها اصفر عند بدء نضجها ويكون أصفر ذهبي اللون عند تمامه ونظرا لما يمتاز به هذا النوع فانه يكبس بالصفائح ويحفظ للاستهلاك في البيوت وكثيراً ما يقدمه أصحاب التمور هدية لذيذة الى أصدقائهم في العراق أو خارجه . ))
 

—————

للخلف