AR91


دراسة سبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية

03/10/2014 15:37

تقـديم

 

 

إن ما تمثله الموارد المائية من أهمية محورية للزراعة العربية ، وبخاصة على ضوء الندرة النسبية لهذه الموارد ، إنما يدعو إلى توجيه الاهتمام المناسب للتحليل والدراسة والبحث في كافة القضايا والجوانب التي من شأنها أن تساهم في تنمية وصيانة تلك الموارد ، وتحقيق أقصى مستويات  ممكنة  من الترشيد وكفاءة الاستخدام .

         إن من أعظم التحديات التي تواجه المنطقة العربية هو وقوعها في أكثر مناطق العالم جفافاً،  مما أدى إلى تدني مصادرها المائية ، فبكل المقاييس العالمية تعتبر المنطقة العربية الأقل نصيباً من المياه . من جهة أخرى فإن هذا المناخ قد فرض واقعاً حتمياً يتمثل في تدني نسبة الأراضي التي يمكن استزراعها بالأمطار ، وبالرغم من أن جملة هطول الأمطار على المنطقة العربية تقدر بحوالي 2282 مليار متر مكعب سنوياً إلا أن 18% فقط من الأراضي العربية والتي تزيد فيها معدلات الهطول عن 300 ملم هى المؤهلة لزراعات مطرية ، مما يعني حتمية الري بباقي الأراضي لضمان زراعة مستقرة.

        لقد قامت المنظمة العربية للتنمية الزراعية خلال السنوات الماضية بدراسات وأنشطة مختلفة  في مجال حسن وترشيد استخدام المياه في الزراعة المروية شملت تعزيز استخدام طرق الري الحديثة وتطوير الري الحقلي واستخدام الرصد الجوي الزراعي في رفع كفاءة الاستخدام . 

         من خلال هذه الدراسة  تواصل المنظمة جهودها في هذا المجال بتسليط الضوء على موقف الري السطحي والصرف بالدول العربية ، حيث أن ما نسبته 85% من الأراضي المروية تستخدم هذا النظام الذي يتسم بتدني كفاءته ، وقد أوضحت الدراسات السابقة للمنظمة بأن كفاءة الري السطحي الكلية بالدول العربية هى أقل من 40% مما يعني فواقد مائية سنوية تقدر بحوالي 91 مليار متر مكعب.

         إن معظم مشاريع الري القائمة حالياً في الوطن العربي قد شيدت في حقبة زمنية لم يتم فيها التقدير المناسب لندرة المياه ، كما أن هذه المشاريع لم تشهد التطور والتحديث وإعادة التأهيل اللازمة لمواكبة التقنيات الحديثة ومواجهة ما يكتنفها من تحديات ومشاكل ومعوقات بسبب ندرة المياه .

ولهذه الأسباب مجتمعة فقد برز اتجاه قوي في الدول العربية  بتحويل الري السطحي إلى ري حديث ، إلا أنه نسبة لإتساع هـذا الاسلوب وارتفـاع تكلفة التمويل وتفتت مساحات الحيازات الزراعية فقـد تكـون هناك صعوبات فنية واقتصادية واجتماعية للقيام بالتحويل الكامل من  نظام  الري السطحي إلى طرق الري  الحديثة ، لهذا فقد ارتأت المنظمة العربية للتنمية الزراعية أن تقوم بإعداد دراسة سبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية .

أوضحت الدراسة أن هناك امكانيات حقيقية ومتاحة للتطوير ورفع كفاءة استخدام المياه بإدخال الأساليب الحديثة والمتطورة في نقل وتوزيع المياه ورصد ومتابعة والتحكم في عمليات الري الحقلي ، إضافة إلى إمكانية أتمتة جوانب عديدة من شبكة الري والصرف .

لقد إستعانت المنظمة في إعداد هذه الدراسة بنخبة من الخبراء العرب المتميزين منهم من كلف بإعداد دراسات حالات الري لبعض الدول ومنهم من أنيطت بهم إعداد هذه الدراسة الشاملة .

والمنظمة تقدر وتشيد بهذه الجهود العربية لخدمة قضية عربية ملحة ، وترجو أن تكون هذه الدراسة مساهمة منها في مجال تطوير هذا القطاع الهام في الدول العربية .

 

والله الموفق .

 

 

                                                                               الدكتور سالم اللوزي

                                                                                     المدير العام

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحتـويات

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحتويات

 

                                                                                      رقم الصفحة

تقديم

1

المحتويات

4

ملخص الدراسة

7

 

 

الباب الأول  :  الأهمية النسبية لتطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية :

 

13

1-1  الأهمية النسبية للري في الدول العربية

13

1-2  الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية

15

1-3  أساليب الري السطحي المستخدمة في الدول العربية

15

1-4  ضرورة ومبررات تطوير الري السطحي في الدول العربية

25

1-5  المعوقات والمشاكل الرئيسية التي تواجه تحسين كفاءة الري السطحي في الدول العربية

 

28

1-6  الأهمية النسبية للصرف الزراعي

31

1-7  أساليب الصرف الزراعي السائدة في الدول العربية

32

1-8  ضرورة ومبررات الصرف الزراعي

33

1-9  أهمية تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية

38

1-10 المعوقات والمشاكل التي تواجه تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية

38

 

 

الباب الثاني :  مجالات تطوير الري السطحي والصرف :

41

2-1  تمهيد

41

2-2  المجال التقني

41

2-3  المجال الإداري والمؤسسي

48

2-4  المجال القانوني والتشريعي والسياسات

51

2-5  المجال الاجتماعي والارشادي والتوعية

62

 

 

الباب الثالث :  التجارب العربية والعالمية في مجال تطوير الري السطحي والصرف :

 

65

3-1  مقدمة

65

3-2  التجارب العربية في تطوير الري السطحي والصرف

65

3-3  التجارب العالمية في تطوير الري السطحي والصرف

94

3-4  التحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف بصفة عامة وسبل تخطيها

100

 

 

الباب الرابع : الرؤية العربية المستقبلية لتطوير الري السطحي والصرف :

111

4-1  خلفية

111

4-2  أهمية الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف

112

 

 

 

4-3  أهداف استراتيجية تطوير وتحسين اداء الري السطحي والصرف في الدول العربية

 

113

4-4  محاور الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف

114

4-5  الموجهات والخطوط العريضة للرؤية العربية لاستراتيجية تطوير الري السطحي والصرف

 

115

4-6  مكونات الاستراتيجية العربية المقترحة لتطوير الري السطحي والصرف

116

4-7  أساليب استقطاب التمويل اللازم لتنفيذ البرامج القطرية والمتطلبات القومية المشتركة من الاستراتيجية

 

132

 

 

المراجع

136

الملخص الانجليزي

139

الملخص الفرنسي

145

فريق الدراسة

152

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملخص الدراسـة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملخص الدراسة

 

 

 

تكوّن دراسة سبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية إحدى أنشطة المنظمة العربية للتنمية الزراعية ضمن خطة عملها لعام 2002 في مجال الموارد الطبيعية والبيئة .

تهدف هذه الدراسة إلى مواجهة التحديات التي تجابه الزراعة العربية ، حيث يعتبر الاستخدام الواسع للري السطحي فـي الزراعة المروية العربية تحدياً كبيراً لهذا القطاع الهام في الاقتصاد العربي.

يتمدد الري السطحي على ما يربو من 85% من الأراضي المروية بالوطن العربي ويرجع انشاء بعض مشاريع الري السطحي إلى سنوات عديدة خلت ، حيث كانت هذه السبل هى الأفضل ، كما أنشئ بعضها حديثاً بسبب انخفاض تكاليف انشاءها مقارنة بالطرق الحديثة للري .

تتسم هذه الطرق التقليدية للري بتدني كفاءة استخدام المياه وبالتالي فهناك فواقد مائية كبيرة قدرت في دراسات سابقة للمنظمة بحوالي 91 مليار متر مكعب سنوياً على نطاق الدول العربية ، كما ان العديد من هذه الأراضي المروية تواجه مشاكل صرف زراعي تحد من انتاجيتها .

ولمواجهة هذه المشكلة فقد تزايدت توجهات الدول العربية نحو استخدام طرق الري الحديثة ذات الكفاءة الأعلى في استخدام المياه وخاصة  في المشاريع الجديدة . ولكن هناك صعوبات مالية وفنية واجتماعية في تحويل الري السطحي بالدول العربية إلى ري حديث نسبة لإتساع الرقعة المروية وتفتت الحيازات ومستوى المزارع الذهني والمادي الذي قد لا يستوعب بسهولة طرق الري الحديثة .

لذلك فان الخيار الآخر هو العمل على رفع كفاءة هذه الطرق بادخال ما يمكن من تطوير وتحسين في مجال الري والصرف .

ومن هذا المنطلق تأتي أهمية اعداد دراسة لاستعراض سبل تطوير هذه النظم التقليدية دون الحاجة لاستبدالها إلى ري حديث من أجل ترشيد استخدام المياه ، هذه المادة النادرة في المنطقة العربية، والعمـل على زيادة العوائـد وتحسين اقتصاديات المشاريع التي تستخدم الري السطحي بالدول العربية.

ولهذا فقد ارتأت المنظمة العربية للتنمية الزراعية تضمين خطة عملها لعام 2002 اعداد دراسة استطلاعية حول سبل تطوير الري السطحي والصرف علها تكون مرشداً للدول العربية في هذا المجال، وقد حددت أهداف هذه الدراسة على النحو التالي :

-  تقييم طرق الري السطحي والصرف السائدة في المنطقة العربية .

-  إنشاء قاعدة معلومات حديثة ودقيقة عن الري السطحي والصرف بالدول العربية .

-  تحديد سبل ومجالات تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية .

-  نشر الخبرات والمعارف والتجارب العربية والعالمية الناجحة في مجال تطوير الري السطحي والصرف لتعميم الفائدة بين الدول العربية .

-  تعزيز التعاون والتنسيق العربي في مجال تطوير الري السطحي والصرف .

ومن أجل اثراء الدراسة بتوفير معلومات وبيانات وبرامج حديثة لتطوير الري السطحي في الدول العربية فقد اختارت المنظمة سبعة دول ذات تجربة عريضة في مجال الري السطحي ، وهى الأردن الجزائر السودان سوريا العراق مصر المغرب ، وكلفت خبراء من ذوي المعرفة والدراية والخبرة من هذه الدول لاعداد دراسة حالات لتطوير سبل الري السطحي بها . كما تم تكليف فريق عربي لاعداد هذه الدراسة الاستطلاعية الشاملة لسبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية.

تقع هذه الدراسة في أربعة أبواب حيث أهتم الباب الأول بأهمية تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية .

وقد تم توضيح التفاوت الكبير في معدلات الهطول المطري في المنطقة العربية والتذبذب من موسم إلى موسم ، مما يقلل من الاعتماد عليها ، وخلص إلى أن من جملة حجم الهطول المطري على الدول العربية والذي يبلغ حوالى 2283 مليار متر مكعب في السنة ، بينما المساحة الصالحة للزراعة المطرية لا تتعدى 18% من جملة مساحة الدول العربية ، وهى الاراضي ذات معدلات هطول تزيد عن 300 ملم في السنة وهى المؤهلة لاستدامة الزراعة المطرية والمناطق الأساسية لانتاج الغذاء في الدول العربية .

ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الري في الدول العربية لتأمين الغذاء والكساء وتوفير قاعدة اقتصادية قوية .

استعرض الباب أيضاً الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية وأوضح أنها تتفاوت بين 100% في دول مثل جيبوتي حيث لا توجد زراعات مطرية إلى حوالي 4.7% في دول مثل الصومال حيث الاعتماد الأكبر على الزراعة المطرية . وتشير التحليلات بأن متوسط الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية هىفي حدود  22.0% إذ أن جملة الأراضي المزروعة فيها تبلغ حوالي 69 مليون هكتار منها 15 مليون هكتار مروية .

ان هذا السرد حول ضرورة الري بالاضافة إلى الإنتاجية العالية للزراعة المروية مقارنة بالزراعة المطرية وثبات هذه الإنتاجية يوضح بجلاء الأهمية النسبية الكبرى للزراعة المروية العربية .

كما تطرق الباب لأساليب الري السطحي السائدة في الدول العربية وبين أن التعريف العام للري السطحي هو الاغمار الكلي أو الجزئي للأرض بالمياه لتوفير حاجة المحاصيل الزراعية ، وانطلاقاً من هذا  المفهوم فان أساليب الري السطحي في الدول العربية شملت ما يلي :

*  الري الفيضي  :  وهـو الأكثر انتشاراً في مصر والسودان والعراق وخاصة عند مصبات الأنهر الموسمية حيث يغمر الفيضان السهول المنخفضة والتي يتم زراعتها بعد انحسار الفيضان .

*  الري بالشرائح :  وهو تقسيم الأراضى إلى شرائح مسطحة او منحدر يكون انحداره منتظماً أو شرائح توجه فيها المياه للجزء الأعلى من الشريحة  ثم تنحدر على باقي الأرض حسب الانحدار الطبيعي للأرض .

* الري بالأحواض :  وهو الأكثر انتشاراً في العالم العربي حيث توزع الأرض على أحواض تملأ بالماء ، ولذلك فلابد أن يكون كل حوض مستوي القاع تماماً.

*  الري بالخطوط (الاخاديد) : وهو الأسلوب الذي أصبح الآن أكثر انتشاراً لفوائده العديدة وأهمـها ارتفاع كفاءة استخدام المياه مقارنة بالأساليب الأخـرى.

استعرض الباب بعد ذلك محاسن ومساوئ الري  السطحي حيث تنحصر محاسنه في قلة التكلفة الانشائية وتوفير الخبرة والمعرفة المتوارثة عنه في الدول العربية والحاجة للعمالة مما يوفر فرص عمل واسعة وقابليته للتعديل والتطوير وسهولة إدارته  وصلاحيته لكل أنواع المحاصيل الحقلية والبستانية والغابية .

أما مساوئ الري السطحي فهى تتلخص أساساً في تدني كفاءة استخدامه للمياه والحاجة لدرجة عالية من التسوية والتسطيح واقتطاع جزء مقدر من الأرض لإنشاء القنوات والكتوف ومحابس المياه الحقلية وخلقه لبيئة غير مواتيه حول المشاريع مما قد يساعد على انتشار الأمراض .

وقد أوضح الباب الأول مبررات تطوير الري السطحي في الدول العربية والتي تشمل التوسع الكبير للري السطحي من حيث المساحة وارتفاع استخدام المياه بالزراعة وتدني الكفاءة . أما المعوقات التي تواجه تطوير الري السطحي في الدول العربية فهى ضعف الارشاد والتوعية بتدني كفاءة هذا الاسلوب من الري وضعف تأهيل المزارع العربي ليستوعب التغير وعدم ملائمة أسلوب الري السطحي للتحويل إلى ري حديث وندرة المؤسسات التعليمية وقلة البحوث وتعدد المؤسسات والجهات المسؤولة عن تطوير الري في الدول العربية .

تشمل أهم المعوقات الفنية عدم الإلمام بأساليب  تطوير الري في الدول العربية وخاصة من المزارعين وقلة المعلومات والرصد حول الفواقد المائية وأسبابها .

أما الأسباب الاقتصادية فأهمها انخفاض تكلفة اتاحة المياه للمزارع  حيث تدعم اغلب الدول هذه التكلفة ، وهناك تدني في العوائد من مشاريع الري مما يعيق توفير اعتمادات التطوير ، بالإضافة إلى تفتت وصغر الحيازات الذي يعد من عوائق التطوير إلى جانب ارتفاع تكاليفه وعدم وجود التمويل له .

من جهة أخرى فقد أوضح الباب أهمية الصرف الزراعي المزدوجة ، فهى تخلص الأرض من المياه الزائدة ، مما يرفع الإنتاجية كما أنها توفر مياه اضافية يمكن استخدامها في الري مرة أخرى بأسلوب علمي يأخذ في الاعتبار عدم تلوث هذه المياه .

تشمل أساليب الصرف المتبعة في الدول العربية الصرف السطحي المكشوف بواسطة شبكة صرف سطحية  تبدأ من الحقل حتى المصرف الرئيسي ، وهذا الأسلوب يعني بصرف مياه الري الزائدة سطحياً . أما الصرف شبه السطحي فيتم عبر شبكة أنابيب مغطاة أو مكشوفة لسحب المياه شبه السطحية من الحقل . أما الصرف الشاقولي والذي يعتبر الأقل انتشاراً في الدول العربية فهو عبارة عن شبكة أبار شبه سطحية تضخ منها المياه لتخفيض منسوب المياه بالحقل للحد المطلوب. وتبرز أهمية الصرف الزراعي في ارتفاع انتاجية الأرض بعد الصرف .

أما المعوقات التي تواجه تطوير الصرف الزراعي فهى  تماثل المعوقات التي تواجه تطوير الري السطحي في كثير من النواحي بالإضافة إلى عدم وجود الآليات اللازمة لتطوير الصرف الزراعي في الدول العربية .

شمل الباب الثاني استعراضاً لمجالات تطوير الري السطحي والصرف بصفة عامة ، وقد أوضح ان التطوير يجب أن يتسم بالربط بين المسألة الاقتصادية وأهمية الحد من الطلب على المياه برفع كفاءة الاستخدام وأساليب أخرى .

وقد بين الباب أن المجال التقني للتطوير يشمل مرحلة نقل وتوزيع المياه حيث يسود أسلوب القنوات المفتوحة في العالم العربي وهى معروفة بمشاكلها العديدة وتدني كفاءتها ، وأن استخدام الأنابيب يعتبر أول أساليب التطوير في هذا المجال ، بالاضافة إلى مندلة جسور القنوات واستخدام أساليب حديثة لصيانتها ونظافتها من الإطماء والأعشاب المائية . كما ان التحكم في شبكة النقل والتوزيع يعد من مجالات التطوير الحديثة الهامة ، ويمكن ان يتم ذلك باستخدام أساليب الاتصالات الحديثة او استخدام منظمات للتحكم حسب الطلب وليس حسب العرض كما هو الحال الآن ، وهناك وسائل أتمتة تدفق المضخات حسب الطلب والتحكم فيها بواسطة الاتصالات الحديثة عن بعد .

أما في مرحلة الري الحقلي فإن التطوير قد يشمل العمل على تخفيض منسوب الغمر باستخدام السرابات الطويلة والري بالشرائح ، كما أن برمجة الري على دفعات واستخدام التدفق المنقطع قد يكون أحد أساليب التطوير .

وقد يشمل التطور في المجال الإداري والمؤسسي تطوير مفهوم الإدارة بصفة عامـة واستخـدام الإدارة المتكاملة للمياه والمناهج الشمولية والتشاركية والاقتصاديـة .

وبالنسبة للمجال القانوني والتشريعي والسياسات لتطوير الري السطحي والصرف فيشمل وضع تعريفة لإتاحة المياه ، وقد حدد الباب الوسائل الحديثة لتحديد تكلفة إتاحة المياه للموارد المائية المختلفة ووفقاً للسياسات المتعددة للدول المعنية ، إضافة إلى سياسات حسن استخدام المياه .

أما المجال الاجتماعي والارشادي والتوعية فيشمل الارشاد والتوعية المائية بالمعوقات والمشاكل التي تواجه الموارد المائية وأهمية العمل على تخطيها برفع كفاءة استخدام المياه وارشاد الجمهور بالوسائل الممكنة لرفع كفاءة الاستخدام ، ويتم ذلك بالطرق الحديثة من دورات زراعية وبرامج تعليمية وتثقيفية .

استعرض الباب الثالث تجارب الدول العربية في مجال تطوير الري السطحي والتي شملت تجارب المغرب والسودان ، ومصر والجزائر والأردن والعراق ، وهى الدول ذات الوزن النسبي العالي في مجال الري السطحي في الدول العربية ، وتم توضيح بعض النماذج للتطوير بهذه الدول والمشاكل والمعوقات التي تواجه  التطوير وهى متشابهة في كثير من الأحوال متمثلة أساساً في نقص البحوث وعدم وجود التشريعات اللازمة وتعدد المؤسسات العامة في مجال التطوير وضعف وتأهيل الكوادر وتفتت المساحات المروية والتكلفة العالية للتطوير مع تدني عوائد الزراعة بصفة عامة .

وقد تم عرض التجربة الفرنسية في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة (1990-1999) في تطوير الري السطحي ، والتي شملت تعزيز مراقبة ضبط إدارة المياه ورصد البيانات وتحسين مستوى التعاون الاقليمي في هذا المجال مع زيادة رسوم المياه وتطوير استخدام الصرف الصحي والزراعي وإيجاد برامج للتمويل والاستثمار . وقد شملت التجربة كل من الأردن وسوريا وقطاع غزة .

وخلص الباب إلى استعراض بعض التجارب العالمية مثل اسبانيا وهنغاريا ورومانيا في مجال تطوير الري السطحي والصرف .

أهتم الباب الرابع بوضع الملامح الرئيسية للنظرة المستقبلية لتطوير الري السطحي بالدول العربية وأهم الخطوط العريضة لاستراتيجية عربية في مجالات  تنمية الموارد المائية وإدارتها والتشريعات المائية والنظم المؤسسية والتوعية المائية ومشاركة القطاع الخاص والتمويل والاستثمار والبحث العلمي والمشاركة الشعبية ورفع كفاءة الاستخدام .

وخلص الباب إلى الآتي :

-  هنالك ضرورات اقتصادية واجتماعية وتنموية وبيئية عاجلة لتطوير وتحسين الري السطحي في الدول العربية .

-  عند دراسة وتخطيط وتنفيذ مشاريع الري الجديدة يجب الأخذ بعين الاعتبار استخدام أساليب الري الحديثة والحد من التوسع في مشاريع الري السطحي التقليدية .

-  على كل دولة عربية وضع استراتيجية متكاملة واضحة المعالم قابلة للتطبيق لقطاعي الري والصرف لتكون نواة لاستراتيجية عربية شاملة .

-  من المفيد أن  تتضمن السياسات المائية والري السطحي والصرف في الدول بنوداً تنص على التعاون الوثيق بين الأقطار العربية ونقل الخبرات والتي من شأنها زيادة كفاءة إدارة الري والصرف .

-  العمل على تخصيص المياه في الزراعة حسب الاحتياجات الفعلية العلمية للمحاصيل وفقاً للمناخ والمساحة المروية وخواص التربة .

-  العمل على تقديم خدمات ارشادية حول الري السطحي بدءاً من مصادر المياه وانتهاءاً بجذور النبات .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الأول

 

الأهمية النسبية لتطوير الري السطحي

والصرف في الدول العربية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الأول

 

الأهمية النسبية لتطوير الري السطحي

والصرف في الدول العربية

 

 

  1-1 الأهمية النسبية للري في الدول العربية :

ان التعريف العام للري هو "إضافة المياه للتربة لزيادة نسبة الرطوبة فيها بما يوفي بمتطلبات المحاصيل المزروعة واستقرارها" ، وعليه وبناءاً على هذا التعريف فإن كمية مياه الري المضافة تعتمد اعتماداً كلياً على مستوى الهطول المطري في المنطقة المعنية بالإضافة إلى العوامل المناخية الأخرى . فالموازنة المائية في منطقة زراعية معينة هى عبارة عن الفرق بين الهطول المطري والمتطلبات المائية للمحاصيل والتي تتمثل في عامل البخر-نتح الكامن وهو عبارة عن المحصلة النهائية للعوامل المناخية المختلفة ، إلا ان الموازنة المائية بالمفهوم العلمي الدقيق تشمل عوامل أخرى أهمها التربة ونوعيتها ومدى امكانيتها في الحفاظ على الرطوبة ، بالاضافة إلى طبوغرافية الموقع .

ان الموازنة المائية في غالبية الدول العربية سالبة اى ان الهطول المطري المطري يقل كثيراً عن البخر-نتح الكامن، ويوضح  الجدول رقم (1-1) معدلات الهطول المطري في الدول العربية .

تتميز الأمطار فـي المنطقة العربية بالتذبذب حيث تتفاوت كميتها وكثافتها من عام لعام ومن موسم لموسم ، كما أن توزيعها الجغرافي متفاوت من بلد إلى آخر. ويبين الجدول رقم (1-1) أيضاً أن جملة الهطول المطري على المنطقة العربية تبلغ في المتوسط العام حوالى 2283 مليار متر مكعب سنوياً ولكن توزيعها غير متوازن .  تقدر المساحة التي تقل جملة الأمطار السنوية بها عن 100 ملم بحوالي 67% من مساحة الأراضي الاجمالية للدول العربية ، وتعتبر هذه الأراضي بطبيعة الحال غير مؤهلة لأى نوع مـن أنـواع الزراعة المطريـة وانما تصلح للرعـي مـع امكانية قيام مشاريع لحصاد المياه لتوفيرها للانسان والحيوان والمحافظة على الغطاء النباتي ومكافحة انجراف التربة. أما المساحة التي يتراوح فيها معدل الهطول المطري ما بين 100-300 ملم سنوياً فتقدر بحوالي 15% من أراضي الدول العربية ، ورغم ان جملة السقوط على هذه الأراضي يبلغ 436 مليار متر مكعب، بما يعادل 19% من جملة الهطول السنوي الكلي للدول العربية ، إلا أنها غير صالحة لزراعة مطرية مستقرة، إلا في حدود ضيقة لبعض المحاصيل سريعة النضج أو المقاومة للجفاف ، وتعتبر بذلك مناطق رعي طبيعية جيدة وتصلح لمشاريع حصاد المياه . أما مساحة الأراضي التي تعتبر مؤهلة لزراعات مطرية مستقرة فهى لا تتعدى نسبة 18% من مساحة الدول العربية ، وهى المناطق التي تزيد معدلات الهطول المطري السنوي بها عن 300 ملم . وتعتبر هذه المناطق هى المناطق الأساسية لإنتاج المحاصيل الغذائية الرئيسية في الدول العربية وهى بالتالي أكثر مناطق النشاط الزراعي التقليدي في الدول العربية .

 

 

جدول رقم (1-1)

معدل الهطول المطري في الوطن العربي بالمليار متر مكعب

 

 

القطر/الاقليم

معدل أقل من 100 ملم/سنة

معدل

100-300 ملم/سنة

معدل أكثر من 300 ملم/سنة

إجمالي الهطول بالمليار متر مكعب سنوياً (م م3)

الأردن

4.0

2.7

1.8

8.5

سوريا

0.6

25.4

26.8

52.7

العراق

4.7

54.5

40.7

99.9

فلسطين

001

1.2

6.8

8.0

لبنان

-

0.1

9.1

9.2

المشرق العربي

9.4

83.9

85.2

178.3

الامارات

1.1

1.3

-

2.4

البحرين

0.1

-

-

0.1

السعودية

89.5

24.7

12.7

126.8

عمان

5.4

7.6

1.9

15.0

قطر

0.1

-

-

0.1

الكويت

-

-

-

-

اليمن

7.0

30.8

29.4

67.2

شبه الجزيرة العربية

103.2

64.4

44.0

211.6

جيبوتي

0.9

2.6

0.5

4.0

السودان

41.7

76.5

976.2

1094.4

الصومال

6.6

38.7

145.3

190.6

مصر

11.1

4.1

-

15.3

الاقليم الأوسط

60.3

121.9

1122.0

1304.3

تونس

4.1

11.6

24.1

39.8

الجزائر

67.9

30.1

94.5

192.5

ليبيا

28.4

16.2

4.4

49.0

المغرب

29.2

34.1

86.7

150.0

موريتانيا

29.2

73.5

54.5

157.2

المغرب العربي

158.8

165.5

264.2

588.5

إجمالي الوطن العربي

331.7

435.7

1515.4

2282.7

 

المصدر :  دراسة السياسات العامة لاستخدام موارد المياه في الزراعة العربية (1994) .

 

 

 

 

من هذا السرد يتضح أن حوالى 82% من الأراضي العربية غير مؤهلة لزراعات مطرية مستقرة وبالتالي فان الزراعة في هذه الأراضي لابد ان تعتمد على الري الصناعي ، كما ان أي زراعات مكثفة في بقية الأراضي ذات الهطول المطري الذي يزيد عن 300 مليمتر في السنة غير ممكنة نظراً لانحصار موسم الأمطار في جزء يسير من السنة ، وأن المتطلبات المائية للمحاصيل المكثفة تفوق معدلات الهطول في موسم الأمطار في كثير من هذه الأراضي ، وهذا يوضح بجلاء الأهمية النسبية العالية للري في الدول العربية .

1-2  الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية :

يلعب القطاع المروي في الدول العربية دوراً هاماً للغاية ، حيث يعتمد إنتاج الحبوب في أغلب الدول العربية على هذا القطاع الرائد والهام . وتتبع أهمية هذا القطاع من الموقف المناخي بالدول العربية كما ذكر سابقاً ، حيث أن 18% فقط من الأراضي العربية تزيد من معدلات الهطول المطري فيها عن 300 ، وعليه فبقية الأراضي لا يمكن انتاج محاصيل إلا من خلال الري الصناعي .

تشير المعلومات والبيانات المتاحة والموضحة بالجدول رقم (1-2) بأن الأهمية النسبية للري بالدول العربية تتفاوت من أقل من 5% في الصومال  إلى 100% في جيبوتي والبحرين ، حيث لا توجد زراعة مطرية في حين أنها تزيد عن 50% في سبعة دول مما يوضح الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية

1-3  أساليب الري السطحي المستخدمة في الدول العربية :

ان التعريف العام للري السطحي هو "الغمر الكلي أو الجزئي للأرض بالمياه لتوفير حاجة المحاصيل الزراعية" . وتعتمد نسبة الغمر على الأسلوب المتبع في الري السطحي كما سيرد لاحقاً .

1-3-1  كيفية الري :

تتفاوت نسبة الغمر على حسب نوع الري السطحي كما يلي :

أ-  غمر كلي كما في الري الفيضي والري بالشرائح والري بالأحواض .

ب-غمر جزئي كما في الري بالخطوط (الأخاديد) .

تحدد الفترة الزمنية التي يقضيها الماء على سطح التربة كمية الماء المتسربة لداخل التربة حسب معدل نفاذيتها وسعتها التخزينية . تؤدي إطالة الفترة الزمنية لبقاء الماء على سطح التربة لنفاذ كمية مياه تفوق سعة التربة التخزينية وينتج عنه تسرب الماء لأبعد جزء من التربة المستنفذ بواسطة جذور النبات مما يعتبر هدر لمياه الري.

يقتضي تجهيز الارض للري السطحي تقسيمها الى وحدات مساحة تأخذ في الاعتبار نوعية وتجانس التربة والانحدار ومعدل الصرف وذلك سعياً لإضافة ري متساوي (uniform) بقدر الإمكان . اعتماداً على معدل نفاذية التربة وحجم الصرف الداخل للمساحة المروية تتم عملية ري التربة وفق ثلاثة مراحل زمنية كما يلي :

 

 

 

جدول رقم (1-2)

الأهمية النسبية للزراعة المروية على المستوى

القطري والقومي في الدول العربية لعام 1996

 

                                                                                                      المساحة : ألف هكتار

 

 

الدولة

 

الرقعة المزروعة

 

المساحة المروية

الأهمية النسبية للزراعة المروية على المستوى القطري %

الأهمية النسبية للزراعة على المستوى القومي %

 

مساهمة

الزراعة في

الناتج المحلي

 

مساهمة الزراعة في استقطاب العمالة

 

نسبة

الاكتفاء

الذاتي

من الحبوب

%

 

 

المساحة المزروعة 

 

المساحة المروية

الأردن

381.73

77.00

20.0

0.56

0.52

5.5

5.1

4.9

الامارات

1251.1

67.0

53.5

0.18

0.45

2.7

7.8

0.08

البحرين

5.36

5.3

100

0.01

0.04

1.6

2.3

-

تونس

5400.55

355.0

6.6

7.86

2.41

15.5

30.4

61.9

الجزائر

8081.00

500.0

6.2

11.76

3.39

11.4

25

54.9

جيبوتي

0.674

0.674

100

0.001

0.005

2.6

-

-

السعودية

4294.09

1600.0

37.3

6.25

10.86

6.6

147

70.2

السودان

16871.82

1950.0

11.5

24.56

13.24

35.4

77.4

92.7

سوريا

6121.00

1247.0

20.4

8.91

8.46

28.1

22.4

105.3

الصومال

1059.59

50.0

4.7

1.54

0.34

-

67.0

45.6

العراق

6721.00

3600.0

53.6

9.78

24.43

31.0

26.5

54.5

عمان

106.00

61.6

58.1

0.15

0.42

-

20.0

5.3

فلسطين

185.51

12.0

6.5

0.27

0.08

3.0

14.1

-

قطر

17.97

8.8

49.1

0.03

0.06

1.0

-

4.0

الكويت

8.37

4.8

57.3

0.01

0.03

0.4

2.8

0.2

لبنان

462.96

87.5

18.9

0.67

0.59

7.8

6.4

10.1

ليبيا

2365.99

395.0

16.7

3.44

2.68

7.7

20.5

14.6

مصر

4149.49

3280.0

79

6.04

22.26

16.7

31.0

68.2

المغرب

10028.30

1364.0

10

14.60

6.81

20.4

32.9

78.2

موريتانيا

547.10

47.0

8.6

0.80

0.32

26.4

60.5

51.1

اليمن

1755.3

383.0

21.8

2.56

2.6

17.2

52.8

24.4

الجملة

68688.63

15095.74

22.5

100

100

13.3

34.8

53

 

المصدر : المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة أساليب سياسات استرداد تكلفة اتاحة مياه الري في الدول العربية ، 1999 .

 

 

 

 

أ-  فترة تقدم الماء داخل الوحدة وتبدأ من مدخل الري وحتى وصول الماء لنهاية الوحدة المروية.

ب- فترة بلل أو ترطيب التربة وتعرف بالفترة الرئيسية للري حيث أن الماء يلامس كل مساحة الوحدة المروية وبالتالي يصبح نافذاً بكل المساحة . تستمر هذه الفترة حتى قفل الماء (الصرف) الداخل للحقل .

ج- فترة انحسار الماء وتعني الفترة الزمنية بين إيقاف الصرف وحتى تساوي سطح الماء على طول الوحدة المروية .

يختلف الزمن الكلي اللازم لنفاذ الماء بالتربة حسب طول الوحدة مما يؤدي إلى اختلاف وتباين في كمية المياه النافذة بالتربة ، ويكون كبيراً في أول الحقل ويقل كلما تقدم الماء صوب النهاية . في بعض الأحيان وعندما تكون الأرض  اكثر انحداراً وحسب مقدار التصرف الداخل للحقل تتجمع المياه في نهاية الوحدة وتبقى على السطح لفترة أطول مما ينتج عنه تسرب لأعماق التربة في نهاية  الحقل أو جريان سطحي لخارجه ، وهذا يعني هدراً للمياه وتقليلاً لكفاءة الري الحقلي.

يصعب على مستوى الحقل تساوي الزمن الكلي لنفاذ الماء بالتربة ولكن يمكن تقليل الفارق الزمني على طول الحقل المروي بالآتي :

-  اختيار اطوال حقلية توفق بين إمكانية تحسين توزيع مياه الري دون اعاقة للعمليات الزراعية الأخرى (Optimum length of run) .

-  إدخال معدل صرف عال حتى يتمكن الماء من الوصول لنهاية الوحدة بسرعة لا تؤدي لتباين كبير فـي كمية مياه الري . الصرف المعني يجب أن يأخذ فـي الاعتبار قابلية التربة للتعرية.

-  قفل التدفق قبل وصول الماء لنهاية الحقل تجنباً لتراكمه في النهاية وتفادياً للجريان السطحي (Cutback concept)  .

1-3-2  الري الفيضي Flood Irrigation :

تعتبر الأنهار والاودية والخيران مصارف طبيعية لنقل تجمع مياه الأمطار من الهضاب والمرتفعات الى مصباتها في البحار والبحيرات والمنخفضات الأخرى . إن تجمع مياه الأمطار في ذروتها قد تفوق سعة هذه المجاري فتفيض وتغمر الأراضي الزراعية في المنخفضات المجاورة أو تلك التي على مشارف مصباتها في الأنهار المستدامة  ذات  المجرى المتواصل  من  المنبع  الى  المصب كنهر النيل في السودان ومصر ونهرى دجلة والفرات بسوريا والعراق . أما بالنسبة للأنهار الموسمية فإن مجاريها ربما تنتهي بأراض منخفضة ومنبسطة بمساحة كبيرة تستوعب مياه فيضانها فتنتشر على سطح التربة قبل الوصول إلى مصب مائي ، وتبقى هذه الأراضي مغمورة بالمياه فتتشبع بالرطوبة بالقدر الذي يمكن من إنتاج المحاصيل الزراعية .

في بعض المناطق وعندما تبدأ مياه الفيضان  بالرجوع الى المجرى الطبيعي للنهر يتم قفل مداخلها لتبقى بالمنخفضات أطول فترة ممكنة وذلك لزيادة كمية الماء النافذة بالتربة . توجه  مياه  الفيضان  عبر  مداخل  معلومة بالأراضي المنخفضة وقفل هذه المداخل عند نهاية فترة الفيضان ، وتعتبر هذه صورة متقدمة للري الفيضي التقليدي .

عقب  الفيضان  ورجوع الماء للمجرى الرئيسي للنهر يترسب الغرين والطمى في المنخفضات وعلى سهول مجراه فتصبح الأرض على درجة عالية من الرطوبة والخصوبة مما يمكنها من الإيفاء باحتياجات النبات المائية والغذائية . هذه الأراضي نسبة لغمرها سنوياً بمياه الفيضان وخصوبتها المتجددة تعطي إنتاجاً وفيراً بأقل تكلفة مقارنة بأراضي المرتفعات التي لا تغمرها مياه الفيضان . إن المحاصيل الزراعية التي تزرع في هذه المناطق غالباً ما تكون محاصيل ذات موسم زراعي قصير وغير حساسة لنقص مياه التربة بعد استنفاذها في نهاية الموسم الزراعي .

إستناداً الى خواص مجرى النهر وطبوغرافية التربة المجاورة يمكن تقسيم الارض المروية بالري الفيضي واستخداماتها الى أربعة اقسام كما يلي :

-  في نهاية الفيضان وانحسار المياه الى مجراها الطبيعي في الانهار ذات المجرى العريض الضحل تترك ساحلاً بمساحات تتفاوت حسب مقطع النهر وحجم مياه الفيضان ،  هذا الساحل وبحكم أنه على درجة عالية من الرطوبة والخصوبة يمكن زراعته بالمحصول المناسب فيما يعرف في بعض البلدان العربية بزراعـة الجروف وعادة  هذه  الأراضي صالحة لمحاصيل ذات قيمة نقدية عالية .

-  المنخفضات المحاذية والمجاورة لمجاري الأنهار تغمرها مياه الفيضان عبر مداخل طبيعية أو صناعية اعتماداً على بقاء الماء على سطح التربة وتكون بذلك بيئة صالحة لإنتاج محصول زراعي بأقل تكلفة ممكنة .

-   الأراضي  التـي  تغمرها  مياه  الفيضان  في المنخفضات التي على مشارف  مصبات  الأنهـار  المستدامة  أو تلك  التي ينتهي بها مجرى الأنهار الموسمية فيما تسمى بأراضي الدلتا معروفة بخصوبتها وإنتاجيتها العالية .

-  مجاري الأنهار الموسمية والأودية ، تتخللها بعض المنخفضات مما يؤدي الى تكوين البرك والمستنقعات  بنهاية فترة الفيضان فيها . نسبة لقلة ترسيب الغرين والطمي من المياه السارية بهذه المجارى ونسبة لما تسببه من تعرية فإن التربة فيها تكون أقل خصوبة من تلك التي تم غمرها بمياه الفيضان . هذه الأراضي تستخدم لإنتاج العلف وكمرعى للحيوان .

لقد عرف الانسان الري الفيضي على ضفاف الانهار وفي الوديان الطبيعية منذ القدم ، وقد  أتسم استعمال  النظام  بالزراعات  التقليدية  لمحصول  زراعي واحد طوال العام ، وفي سبيل تعظيم الاستفادة من هذا النظام يمكن القيام ببعض الأعمال ومن ذلك :

 

-  السعي لتوجيه مياه الفيضان للمنخفضات المجاورة بكميات معلومة عبر مداخل محكمة الفتح والقفل ومتابعة الفيضان وحجزها عند تراجعه وذلك لضمان بقاء الماء على سطح التربة  لأطول فترة ممكنة .

-  الري الفيضي بصورته الحالية يقصر الاستفادة من الأرض لإنتاج محصول زراعي واحـد في السنـة وتبقى الأرض بوراً لبقية العام .  يمكـن إستغلال الارض بالصورة المثلى باستعمال ري تكميلي وفقاً للاعتبارات الآتية :

أ-  ترسب الطمي وغسل التربة سنوياً بمياه الفيضان يجعلها على درجة عالية من الخصوبة لإنتاج أكثر من محصول خلال العام .

ب- وجود هذه الأراضي على مقربة من مجاري الأنهار يجعل جلب مياه الري لها في فترة الجفاف ممكناً . في الحالات التي تكون فيها أراضي المنخفضات بعيدة عن مجاري الأنهار ، يمكن ريها من المياه الجوفيه التي غالباً ما تكون متوفرة وعلى أعماق غير بعيدة.

ج-  بالري التكميلي يمكن اضافة رية أو ريتين للمحصول في أوقات نضجه وبالتالي تزيد الانتاجية كماً ونوعاً . وفي بعض السنوات وعندما يكون الفيضان دون المستوى المتعارف عليه فإن الري التكميلي يكون وسيلة تأمين ولزيادة الإنتاجية .

1-3-3  الري بالشرائح (Border irrigation) :

يوصف الري بالشرائح على أنه وسيلة اغمار محكم لسطح الأرض حيث يقسم الحقل إلى شرائح بعرض واطوال معلومة ومحددة سلفاً ، اعتماداً على نوعية وانحسار التربة بالحقل تقام بينها اكتاف صغيرة بعلو 25 سم عن سطح الماء بالشريحة وذلك لتوجيه مسار المياه داخل الشريحة . تدخل المياه للشريحة على شكل طبقة يسهل انسيابها ونفاذيتها داخل التربة وتكون منطقة التوزيع بطول الشريحة وهذا يناسب التربة متوسطة التجانس (Medium textured soils) وذات النفاذية المعتدلة .

ويمكن تقسيم الشرائح حسب مستوى التسطيح والانحدار الى ما يلي :

أ-  شريحة مسطحة (Level border) :

يقارب الانحدار في اتجاه المياه الصفر ويكون الانسياب لداخل الشريحة بقوة الدفع الذاتي لطبقة المياه الداخلة . وبما أن الشريحة مقفولة بالاطراف والنهاية فتحتفظ بالمياه على شكل بركة حتى تتسرب لباطن التربة . ومن المفيد أن يكون مقدار التصرف الداخل للشريحة يمكن من تغطية كل الشريحة في وقت مناسب.

هنالك تعارف على ري مثل هذه الشرائح خلال فترة تعادل (4/1) الزمن المطلوب لنفاذية هذه المياه لداخل التربة .

 

ب-  شريحة بانحدار منتظم (Graded Border) :

فـي هذا الأسلوب ، تروي  الأرض  بطريقة  انتظام  التقدم والانحسار (Balanced advance and recession method) حيث أن الشريحة تنحدر في اتجاه المياه وكل شريحة تروي بتوجيه المياه للجزء الاعلى منها . وبما أن الشريحة مقفولة من الاطراف فقط ومفتوحة النهاية فعندما يقارب تقدم المياه نهاية الشريحة يوقف الري تفادياً للجريان السطحي . تعتمد كفاءة وتساوي الري بالشرائح على معدل وكمية التصرف الداخل للشريحة .

ج-  شريحة موجهة (Guided Border) :

توجه المياه بمعدلات وكميات كبيرة (Flushes) للجزء الأعلى من الشريحة المنحدرة وتترك حتى تتسرب كمية معقولة منها . عندما يقارب تقدم المياه نهاية الشريحة يخفض التصرف لتفادي الجريان السطحي ، وتستعمل في التربة ذات الانحدارات الكبيرة والنفاذية القليلة .

يمكن تحديد مواصفات الشريحة المناسبة للمشروع المعني فيما يلي :

*  طول الشريحة :

يعتمد طول الشريحة على الآتي :

-   شكل ومساحة الحقل المروي ويكون طول الشريحة عادة بطول الحقل ، أما إذا كان الحقل طويلاً فيمكن تقسيمه إلى عدة شرائح .

-  معدل نفاذية التربة حيث أن العلاقة عكسية بين معدل النفاذية وطول الحقل أى كلما زاد معدل النفاذية  يقل طول الشريحة .

-  عمق جذور النبات ومقدرة التربة للاحتفاظ بالماء . وعلى سبيل المثال تستعمل عادة شرائح طويلة لمحاصيل ذات جذور عميقة في أراضي طينية .

-  كثافة النبات وخشونة التربة وميل الأرض .

*  عرض الشريحة :

مواصفات عرض الشريحة هى :

-  أن يحتوي علـى نوعية واحدة من التربة وعلـى درجة من التسوية والتنعيم.

-  أن تكون كمية التصرف المتاح ومدى كفايته لري المساحة المعنية خلال فترة ري مناسبة .

-  أن تناسب مقاس الآلات الزراعية المستعملة ويفضل أن يساوي عرض الشريحة لمدة أضعاف عرض الآلات الزراعية .

*  انحدار الشريحة :

يفضل أن يكون الميل في أول ونهاية الشريحة مستوياً .

1-3-4  الري بالأحواض  (Basin Irrigation) :

عند تطبيق الري بالأحواض تقسم الارض لأحواض مستوية محاطة بجسور وأكتاف على الجهات الاربعة . توجه المياه خلال مسقى مفتوح في أول الحوض وبعد ملئه يصرف الماء الزائد من فتحة بنهاية الحوض الى نظيره المجاور . تحدد مساحة الحوض حسب نوعية التربة وشكل الحقل وخبرة المزارع والمحصول المروي وتتراوح بين متر مربع لإنتاج الخضر وأكثر من هكتارين لانتاج الارز .

يستعمل الري بالأحواض لأنواع مختلفة من التربة وتؤثر نفاذية التربة  في مساحة الأحواض حيث أن التربة ذات النفاذية العالية تقسم إلى أحواض صغيرة والعكس صحيح بالنسبة لتربة قليلة النفاذية . تروي الاحواض وهى مستوية تماماً وتشكل أبعاد الحوض حسب انحسار التربة وتنشأ الأحواض على ميل أقل من 2% .

يستخدم الري بالأحواض لأغلب أنواع المحاصيل ويستحسن عدم استعماله للمحاصيل الحساسة للغرق . تنشأ جسور الأحواض بصورة مؤقتة أو مستدامة حسب نوعية المحصول حيث أن جسور احواض ري الأرز والمراعي غالباً ما تكون ثابتة ، بينما جسور أحواض ري المحاصيل الحقلية تزول تماماً مع عمليات تحضير الأرض سنوياً .

*  مواصفات الحوض :

تهيأ الجسور والأكتاف يدوياً أو ميكانيكياً بارتفاع 16-30 سم فوق سطح الارض وتكون قمة الجسر في حدود 10-20 سم فوق سطح الماء بالحوض . يتراوح عرض قاعدة الجسر بين 60-120 سم في أحواض الأرز ويصل ارتفاع الجسور إلى 40-50 سم وعرض القاعدة إلى 150-180 سم .

ينحصر الماء داخل الحوض بين الجسور ليبقى في حالة سكون وتنفذ الى داخل التربة حتى مرحلة التشبع في مداها الأقصى وبتوزيع متساوي يعتمد على الآتي :

-   خواص التربة الهايدروليكية .

-   صرف مياه الري المتاحة بالحوض .

-  مقاومة النبات والتربة لحركة الماء على سطح الأرض .

-  الاحتياجات المائية اللازمة .

1-3-5  الري بالخطوط (الاخاديد) (Furrow Irrigation) :

يستعمل  لري المحاصيل التي تزرع على السرابات (Rigers)  كالقطن والبطاطس وقصب السكر وغيرها بمسافات بين هذه السرابات حسب مواصفات فلاحة المحصول . يعطي النبات احتياجاته المائية في بحر هذه السرابات (Furrows) التي تشكل أخدوداً مستقيماً بطول الحقل وترتفع السرابة عادة إلى حوالى 15-20 سم فوق سطح الأرض .

 

يدخل الماء من القناة الحقلية من أول الخط لنهايته من خلال فتحة أو سيفون تحت تأثير ضاغط مائي يماثل ارتفاع الماء بالمسقي عن قاع هذه الخطوط . تتوقف كمية الماء المتسربة بالتربة عند أى نقطة على طول الخط على نوع التربة ومعدل نفاذيتها والزمن الذي لامست فيه الماء سطح التربة عند النقطة المعنية (Contact time)  . أما الماء الزائد عن معدل تراكم النفاذية فيصل لنهاية الخط ومنه يصب في مصرف صغير لنقله بعيداً عن الحقل المروي .

يمكن حساب سعة الخط بسهولة بايجاد مساحة مقطعة (Cross - section) وارتفاع الماء داخله باختلاف المسافة بين الخطوط كمعاملة فلاحية . وتختلف سعة المقطع حسب نوعية النبات واحتياجاته المائية .

تتناسب هذه الطريقة لري كل المحاصيل التي تزرع في خطوط وأيضاً للمحاصيل التي تتأثر بالغدق ، كما تناسب التربة ذات النسيج الناعم وجيدة النفاذية وحفظ الماء .

*  أنواع الخطوط :

تنقسم الخطوط حسب درجة الانحدار الى الآتي :

-  خطوط الميل (Graded Furrows) وتعرف بالخطوط العادية وتكون في اتجاه الميل الطبيعي للأرض حيث بكون الانحدار في حدود 0.5% كحد أدنى .

-  خطوط مستوية (Level Furrows) بانحدار خفيف جداً وتضاف المياه بكميات قليلة للتراكم على سطح التربة .

-  خطوط كنتورية (Contour Furrows) تتبع الخطوط الطبيعية للخرطة الكنتورية للحقل .

*  أطوال وأبعاد الخطوط :

تختلف أطوال الخطوط حسب نوع التربة والانحدار والتصرفات المائية وبالتالي يمكن استعمال خطوط طويلة في الأراضي الطبيعية ذات النفاذية القليلة وخطوط قصيرة للتربة الخفيفة ذات النفاذية العالية .

تحكم المسافة بين  الخطوط المعاملات الفلاحية المتبعة وتعتمد على نوع المحصول والتربة ، ويجب أن تكون هذه  المسافة متوازية والخطوط بانحدارات منتظمة.

*  الصرف بالخطوط :

تنتقل المياه الى الخطوط خلال مساقي أو مجاري مائية مفتوحة أو أنابيب . تنقل المساقي أو المجاري المزودة للخطوط بهذه المياه الصرف المطلوب كما يجب أن يكون ارتفاع منسوب الماء في هذه المساقي في حدود 15-30 سم فوق قاع هذه الخطوط . أما مخارج المياه الى الخطوط يجب أن تكون محكمة حتى يتسنى إدخال نفس كمية المياه في نفس الوقت الى كل خط ، مما يعني أن تكون كل فتحات مداخل  الماء للخط بنفس القطر وتحت تأثير نفس الضاغط الهايدروليكي .

 

حجم الصرف   (Q)  الداخل  لكل خط يجب أن يكون غير مسبب للتعرية (Non-erosive) .

يجب الا تزيد التصريفات داخل الخط عن مقدرته على حملها ، ويتحدد ذلك بمقطع الخط وميله ومعامل خشونته (كمعامل الخشونة (N) المتضمن فـي معادلـة ماننج-ستريكلر (Manning’s equation) ) التالية:

Q  =    A. N . R’. I½

حيث أن :

   Q    =   مقدرة الحمل أو الصرف .

  A     =  مساحة المقطع المائي

R       =  نصف القطر الهيدروليكي .

S       =  الانحدار .

N       = معامل ما ننج للخشونة .

*  اخاديد (خطوط) حوضية (Furrow – Basin) :

يجهز الحقل المروي حسب الوسيلة والكيفية المستعملة لإضافة مياه الري والمواصفات المطلوبة لفلاحة المحصول المعني . تختلف وسائل الري السطحي في كمية المياه المضافة للتربة بين غمر كامل كما في الري بالأحواض أو غمر جزئي كما في الري بالخطوط ، أما وسيلة الري بالأخاديد فإنها تجمع بين الاثنين فيما يعرف في السودان بنظام الانقاية (Angaya system) .

يعني الري بالأخاديد الحوضية تجهيز الأرض في خطوط بطول الحقل المروي يتبع ذلك عمل أكتاف عمودية على هذه الخطوط ليتقسم الحقل بالطول الى عدة أخاديد حوضية . تجهز هذه الاكتاف يدوياً أو ميكانيكياً لتغطي عدة أحواض حسب درجة انحدار الخطوط ، أحياناً ربما يقتضي ممارسة الري على مستوى الحقل شق هذه الاكتاف الى شقين لاستعمالها كقنوات حقلية ليوزع الماء داخل الحقل وإن الاكتاف والقنوات الحقلية تتعاقب بمنوال ثابت حتى نهاية الحقل . تستعمل القنوات الحقلية كمسقى للأرض المروية الواقعة على جانبيها بعرض الحقل المروي ، وتقتضي ممارسة الري بالأخاديد الحوضية عدم غمرها بالمياه حتى تكون أقرب  لطريقة الري بالخطوط .

يمكن تلخيص الدافع الأساسي لانتهاج طريقة الري بالأخاديد الحوضية في الآتي :

*   قلة الجهد والتكلفة المبذولة لإعداد الأخاديد الحوضية مقارنة مع الرى بالأحواض .

*   سهولة التحكم في مياه الري وانتظام توزيعها بالحقل مقارنة مع الري بالخطوط.

أما سلبيات الـري بالأخاديد الحوضية مقارنة مع طريقة الري بالخطوط فيمكن تلخيصها في الآتي :

 

*   فقدان جزء كبير من الأرض في الاكتاف والقنوات الحقلية مقارنة بالري بالخطوط     .

*  إعاقة عمليات الميكنة الزراعية وبالأخص عمليات الحصاد الآلي مما يتطلب إزالة الكتوف والقنوات الحقلية عند إدخال الآلة لحصاد هذه الحقول .

1-3-6   محاسن ومساوئ الري السطحي :

تتعدد أنواع الري السطحي وتتباين في محاسنها ومساوئها ولكن هنالك صفات وخواص ملازمة للنظام وبكل أنواعه ويمكن حصرها في الآتي :

محاسن الري السطحي :

 * إمكانية ري مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية بأقل التكاليف مما يؤدي لاستقرار كثير من الأسر ومشاريع الري الكبرى والتي تعتبر من مقومات تنمية المناطق الريفية لعدة أسباب منها :

-   زيادة إنتاج الغذاء لمقابلة متطلبات النمو السكاني .

-  خلق وظائف ووسائل عمل لزيادة دخل سكان الريف الفقراء .

-  بناء مجتمعات يسهل فيها تقديم الخدمات الضرورية لمواطن المنطقة .

-  إنعاش الاقتصاد محلياً وقومياً بزيادة الإنتاجية والمحافظة أو الحصول على العملة الأجنبية.

-  النظام بطبيعته قابل للتعديل والتحسين لري مساحات إضافية وإمتدادات جديدة لمشاريع قائمه . يتضح أحياناً أن تعديل وتحسين النظام يكون وفق خطط التوسع الرأسي بتكثيف الدورة الزراعية لزيادة المردود الاقتصادي بإدخال محاصيل زراعية جديدة .

-  استهلاك الطاقـة قليل جـداً مقارنة مع طرق الري الأخرى ، فبإستثناء الري بالمضخات فإن أنظمة الـري السطحي غيـر مستهلكة للطاقة أصلاً.

*   سهولة إدارة وتوزيع مياه الري بالحقل وذلك للأسباب الآتية :

-  إمكانية إضافة كمية من الماء لتغطي احتياجات النبات لفترة لاحقة وبالتالي دورة ري متباعدة بما يساعد في تخطيط وبرمجة توزيع مياه الري والعمليات الزراعية الأخرى بين الحقول المزروعة .

-  لا تحتاج  إضافة الماء بالحقل إلى تقنية أو تعقيدات وتعتمد كثيراً على خبرة المزارع ومهاراته المكتسبة بالممارسة ومعرفته لخواص حقله .

-  النظام صالح لري كل المحاصيل الزراعية بما في ذلك المحاصيل الشجرية (بستانية وغابية) .

 

مساوئ الري السطحي :

تتعدد مساوئ الري السطحي مقارنة بطرق الري الأخرى ، وهذه المساوئ يمكن حصرها في الآتي :

*  عرف نظام الري السطحي بكفاءته المتدنية والتي غالباً ما تكون في حدود 40-60% مما يعتبر هدراً لمياه الري .

*   يحتاج النظام إلى درجة عالية من التسطيح للارض المروية الذي يكلف الكثير من الجهد والمال بل أن انتظام وتوزيع مياه الري في الحقل يعتمد كثيراً على ذلك .

*   جزء كبير من الأرض تستقطع للقنوات والكتوف ومحابس الماء الأخرى وبالتالي تخرج عن دائرة الإنتاج الزراعي في المشروع المروي .

*   صعوبة أداء العمليات الزراعية أثناء وبعد عملية الري بالحقل مباشرة وعليه يتم تأخيرها لفترة بين الريات .

*  القنـوات والجداول الحقلية ومحابس الماء تعيـق حـركة الآلات وعمليات الميكنة الزراعيـة.

*  سطح الماء المكشوف بالقنوات والجداول والحقول وما يصاحبه من تدفقات المياه حول الحقل المروي خلق بيئة غير صحية في المنطقة المروية مما يؤدى لتفشي أمراض الملاريا والبلهارسيا وغيرها .

1-4   ضرورة ومبررات تطوير الري السطحي في الدول العربية :

هنالك العديد من الأسباب التي تدعو الى ضرورة تطوير الري السطحي في الدول العربية وتشمل الآتي  :

1-4-1  التوسع الكبير في الري السطحي في الدول العربية :

لقد سبق أن ذكر بان جملة المساحة المروية في الدول العربية تقدر بحوالى 15 مليون هكتار 85% منها تستخـدم الـري السطحي التقليدي ، وهـنا تكمن أهميـة تطـوير الري السطحي في الدول العربية، والذي يعتبر المصدر الرئيسي للحبوب التي تمثل الغذاء الرئيسي للسكان في العديد من الدول .

تشير البيانات والمعلومات المتاحة ان أكثر من نصف الدول العربية تزيد فيها نسبة الري السطحي عن 95% وأنها تزيد عن 97% في ثمانية من الدول هي جيبوتي ، سوريا ، السودان ، المغرب، مصر ، العراق  ، موريتانيا واليمن  ، علماً بأن نسبة الأراضي المروية بهذه الدول تزيد عن 79% من جملة الأراضي المروية بالدول العربية .

أما الدول التي فيها تركيز على استخدام طرق الري الحديثة فهي أساساً دول الخليج والدول ذات الموارد المائية المحدودة مع توفر الامكانات المالية لذلك نجد خمسة دول فقط تقل فيها نسبة الري السطحي عن 50% .

ان هذا السرد يوضح بجلاء مدى انتشار الري السطحي في الأراضي بالدول العربية مما يؤكد أهميته النسبية .

ان هذا الوضع قد تطلبته الأوضاع المناخية بالدول العربية وارتفاع المتطلبات المائية للزراعة نسبة للجفاف وقلة الأمطار التي تسود المنطقة بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة والعوامل المناخية الأخرى التي زادت من هذه المتطلبات المائية لري المحاصيل .

كما أن الدول العربية عامة تعتمد على الزراعة في محصلة الدخل القومي مما جعل الاعتماد عليها أكثر من غيرها من الأنشطة الأخرى .

1-4-2  ارتفاع نسبة الاستخدام الزراعي للمياه في الدول العربية :

تقدر نسبة الاستخدام الزراعي للموارد المائية في الدول العربية بحوالي 89% من جملة الاستخدامات ، وهي نسبة كبيرة مقارنة بالدول الاخرى في العالم ، حيث يبلغ المتوسط العام في العالم حوالي 70% في حين أنه ينخفض كثيراً في الدول الصناعية لصالح الاستخدامات الأخرى وخاصة الصناعة .

1-4-3   تدني كفاءة الري السطحي في الزراعة العربية :

تقاس فعالية أي عملية بنسبة ما تم تحقيقه فعلياً إلى المراد إنجازه أصلاً . الهدف الأساسي من عملية الري هو إضافة المياه إلى التربة بغرض تعويضها عما فقدته من رطوبة أساسية لنمو النبات ويتطلب ذلك ما يلي :

*   معرفة تامة بمراحل نمو النبات فوق وتحت سطح التربة.

*   معرفـة خواص التربة الفيزيائية من قوام ومسامية وعمق بالإضافة إلى خواصها الهيدروليكية.

*   قياس العوامل المناخية التي تسبب استنزاف الماء مثل ( الإشعاع الشمسي، درجة الحرارة، سرعة الرياح والرطوبة النسبية) أو إضـافته ( مثل الهطول المطري) إلى مخزون التربة من الرطوبة.

*   مراقبة مستوى سطح الماء الجوفي والذي يدخل وضعه في الاعتبار عندما يقترب من منطقة الجذور.

يمكن حساب كمية المياه التي ينبغي إضافتها للتربة وذلك باعتبار العوامل المذكورة آنفاً . وفي سبيل إضافة هذه الكمية  لكل الحقل بانتظام فإنه يتم عادة استخدام كمية أكبر من حاجة النبات، وهذه تعتبر كمية مهدورة من المياه . وهنا تكمن مشكلة كفاءة الري الحقلي .

تختلف كفاءات الري حسب المراحل المختلفة للري والتي تشمل الآتي :

كفاءة الإضافة  (Application Efficiency) :

يمكن تعريفها بأنها نسبة كمية المياه التي تصل إلى منطقة جذور النبات إلى الكمية الكلية التي أضيفت إلى الحقل. وهذه النسبة منخفضة في حالة الري السطحي حالياً ومرتفعة للري الموضعي وبينهما تقع النسبة الخاصة بالري بالرش. في الوقت الراهن لا تزيد نسبة كفاءة الإضافة للري السطحي عن 50% في أفضل أحوالها في الوطن العربي (الأردن ، سوريا) .

كفاءة النقل  (Conveyance Efficiency) :

هذه الكفاءة عبارة عن نسبة المياه التي تدخل الحقل من الكمية التي تطلق من مصدر المياه الأساسي . تتعرض القنوات الترابية المكشوفة إلى رشح من أسفلها وجوانبها وبخر سطح الماء المكشوف بها ولذلك فإن كفاءتها منخفضة . ارتفعت هذه النسبة من 20% إلى 80% في مشروع بيجان باليمن بعد استبدال القنوات الترابية بأنابيب كما ارتفعت من 65% إلى 90% بعد تحويل القنوات المكشوفة إلى أنابيب في المنطقة الشمالية الوسطى من وادي الأردن .

الكفاءة الكلية للري (Irrigation efficiency) :

عبارة عن حاصل ضرب الكفائتين السابقتين .

كفاءة التخزين (Storage Efficiency) :

وهي نسبة المياه التي تضاف لمنطقة الجذور إلى ما هو مطلوب فعلاً لمنطقة الجذور وهي قياس لمدى إيفاء حاجة النباتات من الماء.

مؤشرات قياسية أخرى :

بالرغم من أن المقاييس التالية ليست حقلية ولا تتعلق بمنظومة النقل والتوزيع إلا أن أثرها يتخطى هذه المنظومة إلى إدارة الري داخل الحقل. هذه المقاييس تؤثر على إدارة المزارع للري وتصرفه حيال فتح وإغلاق مياه الري وهي كما يلي :

الكفاية (Adequacy) :

     وهي عبارة عن نسبة كمية الماء التي تجلب للحقل إلى كمية الماء المطلوبة لذلك الحقل . من المعروف أن قنوات الري تصمم بناءاً على الاحتياجات المائية للمحاصيل مع وضع معامل سلامة وكفاءة إضافة افتراضية لمنظومة الري الحقلي حتى يمكن استيعاب أي تغييرات طفيفة في التركيبة المحصولية ، وقنوات الـري تفشل في أداء مهامـها عنـدما تتغير التـركيبة المحصـولية أو نسبـة  استخدام الأرض تغييراً كبيراً ، كما لا تستطيع القنوات حمل كميات المياه المطلوبة للتركيبة المحصولية الأصلية عندما تهمل صيانتها الدورية.

الإعتمادية (Dependability) :

 وهي  عبارة عن مقياس يتعلق  بالحصول على الماء في الوقت المناسب وبالكمية المطلوبة إذا اعتبر أن كميات المياه تكفي الطلبيات فإن الاعتمادية لا تختل إلا بسوء التوزيع في حالة مصدر المياه الدائـم ( مثل الخزان ) . أما في حالة المياه الجوفية التي تحتاج للطاقة لرفعها فإن كميات المياه الجوفيـة يمكن أن تكفي حاجـة النبات إلا أن معـوقات الحصول على مصدر الطاقة اللازمة البترولية أو الطاقة الكهربائية أو تعطل المضخة لأي أسباب أخرى يمكن أن تخفض من الاعتمادية كثيراً.

المساواة  (Equality)  :

    وهي مقياس للتوزيع العادل للمتوفر من المياه بين مستخدمي المياه على منظومة الري الموحدة دون اعتبار لمقام أو وضع اجتماعي أو موقع على المجرى المائي لأي منهم، عندما يكون الطلب على الماء عند أقصى حد غالباً ما يختل هذا المقياس خاصة بين المزارعين عند بداية القناة الحقلية وأولئك الذين على نهايتها.

عندما يكون أي من هذه المقاييس منخفضاً فإن المزارع يغرق حقله بالماء متى ما وجد سانحة لذلك ودون التقيد بجدولة للري أو احتياجات مائية محددة. إن المزارع يعتقد أنه بفعله هذا قد وفر لمحاصيلـه مياه تكفيها لفترة طويلـة ولا يعلم  فـي أغلب الأحوال أن سعة التربة التخزينيـة  محدودة وأن أي كمية زائدة عنها تعتبر هدراً لا فائدة منها. وبالرغم من خبرة المزارع التي أكتسبها إلا أنه كذلك لا يعلم أن الري عبارة عن تعويض للتربة عما فقدته من رطوبة وإعادة مستوى الرطوبة فيها إلى سعتها التخزينية وأن هذه الكمية تعتمد على معدلات استنزاف رطوبة التربة بعمليتي البخر والنتح وأن هذه الكمية تتناسب طرداً مع الفترة بين الريات .

1-5 المعوقات والمشاكل الرئيسية التي تواجه تحسين كفاءة الري السطحي في الدول العربية:

إن تدني كفاءة الري الحقلي التي أصبحت سمة من سمات قطاع الزراعة المروية في العالم العربي تتطلب حصر المعوقات الرئيسية حتى يمكن التطرق لمعالجتها وعليه يمكن وضع المعوقات الرئيسية في أطر محددة كما يلي :

المعوقات الفنية :

ويمكن حصر هذه المعوقات في :

-  ضعف الإرشاد المائي :  أصبح الماء وقضاياه موضوعاً في جلسات ومؤتمرات العلماء إلا أن ندرة هذا المورد ونتائج البحوث المتعلقة بمعالجة مشاكله في القطاع المروي  لا يتم  توصيلها لمستخدمي المياه بالدرجة الكافية وذلك لضعف قنوات التوصيل مؤسسياً وفنياً مما خلق فجوة في الوعي المائي لدى المستخدم الأول للمياه .

-  ضعف تأهيل المزارع : يعتبر المزارع المحور الأساسي في تحسين كفاءة الري لأن معظم هدر المياه يحدث في الحقل . اتخذت بعض الدول العربية سبيل التشريع للحد من  إسراف المزارع للماء إلا أن ذلك لم  يكن كافياً خاصة أن من الإسراف مالا يرى بالعين ( صرف عميق وبخر) . ينبغي تنمية الوازع الداخلي لكل مزارع بالتأهيل والتدريب واستعمال الحقول الإرشادية حبذا في أراضي المزارعين المتعاونين.

-  ملاءمة منظومة الري : تكلفة وضع ري حقلي سطحي اقل من تكلفة وضع أي منظومة ري أخرى ، كما أن الري السطحي تنخفض فيه التقنيات المتطورة، لذلك يتم اختياره تلقائياً دون اللجوء إلى عناصر أساسية أخرى يستوجب وضعها في الاعتبار عند اختيار نظام الري الحقلي ( نوعيـة التربة ، الطبوغرافية ..الخ). 

-  ندرة المؤسسات التعليمية المتخصصة : إن التأهيل المطلوب لقضايا الماء يتطلب الإلمام بمجالات عديدة مثل الري ،التربة، الاقتصاد، علم الاجتماع، المناخ..الخ.

-  ندرة مراكز البحوث المائية : بالرغم من الأهمية المطلقة للمياه إلا أن المراكز المتخصصة في بحوث المياه قليلة العدد وشحيحة العتاد.

-  عدم الأخذ بالتطورات الحديثة في تصميم وإدارة نظم الري السطحي.

درجت إدارات تصميم المشاريع المروية في الدول العربية على نقل نمط وتخطيط أقدم المشاريع المروية إلى كل منطقة يستحدث فيها مشروع جديد وذلك دون اعتبار لخصوصية المنطقة الجديدة من تربة وطبوغرافية ودون الأخذ بأساليب التصميم الحديثة . وهذا خطأ شائع يجب تداركه ، حيث لكل موقع صفاته الخاصة به ويجب الأخذ بها مع مراعاة التطورات الحديثة في التصميم .

أسباب مؤسسية :

تتعدد المؤسسات الحكومية التي يرتبط عملها بالماء  على مستوى الأقطار العربية مما يتطلب التنسيق الدائم بينها .

-  هناك نقص فـي التنسيق بيـن مراكـز البحوث الزراعيـة ، مراكـز البحـوث الهايدروليكية والجامعات والمعاهد العليا فيما يختص بالبحوث المائية.

-  غياب تنظيمات المزارعين وتعطيل دورها في إدارة المياه.

أسباب تتعلق بإدارة المياه :

-  عدم التزام المزارع بالمقننات المائية للمحاصيل المختلفة.

-  إهمال الصيانة الدورية لقنوات الري ومنشآت التحكم في المياه.

-  عدم الالتزام بنمط التخصيص (Allocation)  والذي صمم على أساس قنوات الري . فمثلاً إذا صممت قنوات الري على أساس أن يروي المزارعون ليلاً ونهاراً واكتفى المزارعون بالري نهاراً فقط فإن نصيب كل فرد من المياه سوف يكون ضئيلاً بالنهار كما أن القنوات تتعرض للكسر أثناء الليل نتيجة لعدم مقدرة تحملها لكميات المياه الواردة فيها.

-  عدم الالتزام بفروق المناسيب (Head) المقررة لقنوات الري للحصول على تدفقات معينة في جداول الحقل . تحتاج التدفقات التي تقل عن تدفق التصميم لوقت طويل حتى يكتمل ري الحقل مما يتسبب في هدر كميات كبيرة من المياه عن طريق التسرب العميق والبخر.

- عدم الالتزام بالنمط المحصولي الذي وضعت على أساسه قنوات الري . تحدد التركيبة المحصولية سعة قنوات الري  فإن تغيرت هذه التركيبة المحصولية لا يمكن لقنوات الري استيعاب التركيبة المحصولية الجديدة مالم تكن الأخيرة قد بنيت على السعة القصوى لقنوات الري.

-   التمسك بتقاليد إروائية مهدرة للمياه مثل فرض دورة توزيع جامدة لمياه الينابيع والأفلاج دون اعتبار لاحتياجات المحاصيل.

-  غياب البيانات التفصيلية فيما يختص بالتصريفات ، الاستهلاك المائي للمحاصيل المختلفة وإدارة المياه على مستوى الحقل.

-  غياب المتابعة والتغذية الراجعة والتقويم المستمر.

-  اعتماد المزارع على بعض الدلائل لري المحصول مثل تشقق التربة أو ذبول منتصف النهار أو تغير لون أوراق النبات إلى الأخضر الداكن .

-  عدم التقيد باللوائح والقوانين التي تحكم إدارة المياه.

أسباب تقنية :

-   ضعف تقنية الري في العالم العربي حيث أن معظم متطلبات الري من أجهزة تحكم وقياسات وأنابيب تستورد من خارج الوطن العربي . توجد بعض التقنيات  مثل صناعة الأنابيب في بعض البلاد العربية وهي تحتاج للرعاية الدائمة .

-  عدم الاهتمام بالتكنولوجيا الحديثة كتكنولوجيا الرصد والتقدير والتنبؤ بالموارد المائية وكذلك بعض التكنولوجيا الأخرى والتي قد تكون مفيدة في بعض الحالات لأحداث الهطول بطريقة استمطار السحب .

أسباب هيدروليكية :

تتمثل العناصر الهيدروليكية الأساسية في الري السطحي  بالميل والخشونة موضحة كالآتي :

-  يتطلب الري السطحي تسوية أو ميل الأرض المنتظم في اتجاه حركة المياه وأي منخفضات أو مناطق مرتفعة تعوق حركة المياه المنتظمة مما يتسبب في تدني كفاءة الري الحقلي .

-  خشونة السطح الذي تتحرك عليه المياه سواء كانت مجاري مائية أو حقل تؤثر على معدلات التدفق . وتزداد الخشونة بنمو الحشائش في المجاري المائية والأخاديد مما يعيق حركة الماء.

أسباب اقتصادية :

-  انخفاض تكلفة الماء مقارنة بأي مدخل انتاج آخر بالرغم من أنه المدخل الأهم الذي يتوقف عليه المحصول كماً ونوعاً مما أدى إلى الإسراف في استخدامه.

-  تدني معدلات الإنتاج لوحدة المساحة أو لوحدة الماء أدى إلى عدم الحرص على المياه.

-  انخفاض عائدات المنتجات الزراعية مع ارتفاع تكلفة الإنتاج واضمحلال دعم الخزانة العامة أدى إلى هجر المزارعين لمباشرة الري واستئجارهم لغير الملمين بعملية الري وذلك نظير أجر معلوم أو نسبة من المحصول .

-   صغر مساحة الحيازات لا يساعد على استرداد تكلفة أي تحسينات رئيسية.

-  عزوف رأس المال الخاص عن الاستثمار في الزراعة المروية وبحثه عن مشروعات ذات عائد سريع .

-   ارتفاع تكلفة البحوث الزراعية فيما يختص بوسائل النقل ، العمالة والأجهزة.

 

-  وضع البحث العلمي في مؤخرة أسبقيات التمويل.

-  انخفاض أو دعم سعر الطاقة في بعض البلاد العربية أدى إلى لجوء المزارعين إلى ضخ كميات من المياه أكبر من حاجة المحصول.

-  غياب الصيانة الدورية لبنيات الري التحتية.

-  ارتفاع تكاليف إنشاء شبكات الري الحديثة يشكل عائقاً كبيراً في التوسع باستعمالها.

-  ارتفاع تكلفة تبطين قنوات الري المكشوفة. 

1-6  الأهمية النسبية للصرف الزراعي :

إن التعريف العام للصرف الزراعي هو سحب المياه الزائدة عن حاجة النبات من التربة برغم ان هذا التعريف يضع الصرف كنقيض للري إلا أنه في الحقيقة عملية مكملة للري ويعتبر مكون أساسي لضمان حصول النبات على حاجته للمياه دون نقص مؤثر أو زيادة مخلة .

إن مشاريع  الري الكبرى في أغلب الدول العربية ذات العراقة في موضوع الري السطحي تعتبر فيها شبكة الصرف جزاً مكملاً لشبكة الري كما هو الحال في مصر والسودان والعراق وسوريا وهى الدول التي بها حوالى 70% من مساحة الأراضي المروية في العالم العربي .

هذا فاذا ما أخذنا في الاعتبار الفوائد المائية العالية التي سبق ذكرها خاصة عند تطبيق الري السطحي تتضح أهمية الصرف الزراعي الذي يقوم بدورين مهمين هما :

أ- إزالة المياه الزائدة من منطقة الجذور والتي يؤدي تراكمها الى احداث ظاهرة الغدق وهى عملية غمر لمنطقة الجذور مما يؤدي الى تعفن الجذور وربما إلى اتلافها وبالتالي انخفاض الإنتاجية أو موت النبات بالكامل .

وفي الحقيقة فإن إنخفاض الإنتاجية مربوط بعدة عوامل وفي الأساس أربعة وبنسبة :

-  المحصول المزروع .

-  التسوية .

-  مستوى الماء الأرضي .

-  مدة الغمر .

ب-الاستفادة من مياه الصرف الزراعي باعادة استخدامها ،  وتشير الدراسات الى الإرتفاع الكبير في الفواقد المائية في الري السطحي بالدول العربية .

وتوضح التجربة المجربة التالية اشكالية المياه الزائدة ومدن تأثيرها على إنتاجية المحاصيل :

 

 

 

 

       
    مربع نص: Rm-R
    R
 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وهنا تبرز العديد من المحاذير ، مياه الصرف الزراعي مياه عادمة تحتوي على العديد من الملوثات من بقايا مكونات التسميد والمبيدات الحشرية ومبيدات الحشائش ، ولهذا فان اعادة استخدام هذه المياه يتم وفق ضوابط محددة سيتم التعرض لها بالتفصيل لاحقاً .

1-7  أساليب الصرف الزراعي السائدة في الدول العربية :

تنقسـم  أساليب الصـرف الزراعي السائدة  فـي الدول العربية إلـي ثلاثة أساليب أساسية هى:

أ-   الصرف السطحي المكشوف .

ب- الصرف شبه السطحي (مغطى مكشوف) .

ج-  الصرف الشاقولي .

أ-  الصرف الزراعي السطحي المكشوف :

هذا النوع من الصرف الزراعي يعني أساساً بتجميع المياه الزائدة من الحقل سطحياً ، وعليه فإن مسار المصارف في هذه الحالة تكون دائماً على زاوية عمودية على مسار القنوات المفتوحة وتكون على خطوط مسار الانحدارات الطبيعية للأرض .

تقوم  هـذه  المصارف بتجميـع المياه الزائـدة فـي الحقل والتـي قد تشمل مصادرها ما يلي:

 

*  اضافة كميات زائدة عن حاجة النبات للأرض .

*   صرف طبيعي متوقع ومبرمج مرتبط بنوعية المحاصيل كمحصول الأرز الذي تغمر أراضيه بالمياه ثم تصرف في حالة حدوث هطول مطري مفاجئ وتكون الأرض قد تم ريها مسبقاً ولا مجال لاستقبال مزيد من المياه.

*   في حالة كسور في القنوات مما قد يؤدي إلى غمر الأراضي ويصبح من الضروري صرف هذه المياه الزائدة عنها .

يكون سير المياه في هذه المصارف بالراحة ووفق الانحدارات الطبيعية للأرض إلافي حالات معينة، فمثلاً عندما تقل الانحدارات الطبيعية عن الانحدار المطلوب لسير المياه بسهولة يتم خلق الانحدارات المطلوبة بزيادة الحفر . كما أنه في حالة شدة انحدارات الأرض الطبيعي عن المطلوب ومن أجل المحافظة على المصارف من النهر يتم انشاء مساقط على هذه المصارف   لتقليل الانحدارات والتحكم  في سير المياه عليها بالصورة المطلوبة .

هناك العديد من النظريات لتصميم هذه المصارف ولكن نسبة لصعوبة التكهن في كثير من الحالات بكميات التدفق فان هناك معادلات متعارف عليها (emperical) لتصميم هذه القنوات بصورة تسمح لها بالاستجابة لكل التوقعات الحقلية والتخلص بالسرعة المطلوبة من المياه الزائدة . في بعض الحالات وعندما تكون الأرض مسطحة للغاية فقد تصبح هناك حاجة لوجود مضخات على هذه المصارف .

ترتكز قواعد حساب شبكات الصرف الزراعي على ثلاث اعتبارات أساسية :

أولاً  :  اعتبارات التربة :

تحــدد دراسـة التـربة مختلـف الطبقـات ( الآفاق ) مــن السطـح إلــى القـاعدة غير النفاذة وكذلك المناطق المبرزة لآثار التغدق ومن ثم تحديد الخصائص الفيزيائية والهايدروديناميكية.

ثانياً :  الاعتبارات الزراعية :

لعل أهم عنصر يؤخذ في الاعتبار هو التحديد بدقة للإرتفاع الأمثل للماء الأرضي . ويوجد لكل محصول مستوى معين مرتبط أساساً بنوعية التربة وبالموسم أيضاً . إن الغمر الدائم للتربة يؤدي على المـدى البعيد إلـى تكـوين مستنقعات وفـي المقابل رطوبـة زائـدة حتى ولو كانت ظرفيـة تقلل مـن تهوية التربة وعمليات الأكسـدة ، مـن جهـة أخرى  فان صعود الماء الأرضي خلال 24 ساعة يشكل توقف شبـه كامل للنظام التجديري ، وفي الأيام المتعاقبة يكون موت النبات . وفي  العكس فان أي تصريف زائد يقلل من إمكانيات تغذية الجذور من المياه عن طريق الطبقة المائية السطحية .

ثالثاً :  الاعتبارات الهيدرولوجية :

إن تصميم شبكة الصرف الزراعى داخل الحقل يعمل على أساس ان الغمر لا يتعدى مبدئياً المدة الحرجة للغمر المحددة حسب كل محصول . وفي الحقيقة فإن طرق حساب الخصائص التقنية للشبكة تختلف حسب الاعتبارات الهيدرولوجية التالية :

-  في منطقة حيث يكون فيها فصلي الشتاء والربيع تعطي أمطاراً طويلة ومتكررة ولا تترك بين السلسات المطرية الإ فترات قصيرة لا تسمح بإزالة المياه الجاذبية ، فإن الحسابات تبني على أساس ما يعرف بالنظام الدائم لتصريف المياه وإبقاء الطبقة المائية تحت مستوى أقصى لا يمكن تجاوزه .

-  بينما في المناطق ذات الأمطار الشديدة والقصيرة والتي تسمح بفترات طويلة (في حدود أسبوع) تتم محاولة تصميم الشبكة على أساس نظام متغير ، الذي يمكنّ من تخفيض كافي في وقت معين بعد انتهاء المطر .

 

ويبين الشكلين التاليين الحالات العامة لكل النظامين :

 

 

                     
 
 
   
 
   
 
   
 
   
 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المعادلة العامة للصرف الزراعي تحت النظام المتغير .

 

            4 Ki Rθ                     1

E2  =                            * 

                 ų                         Y1 – Y0

 

                                                   [2R + (Ks/Ki) h c1] h co

Y1 – Y0 = 1.15 log10  =

                                                   [2R + (Ks/Ki) h co] h c1

حيث ان :

R      :  العمق الوهمي .

hc    :  الحمولة القصوى للمستوى المرغوب للطبقة .

Ks   :  نفاذية التربة فوق المصارف .

Ki   :  نفاذية التربة تحت المصارف .

    Θ:  الوقت اللازم لتخفيض الطبقة .

ų    :  مسامية الصرف .

h co :  الحمولة القصوى للطبقة خلال الأمطار الحرجة .

hc1  :  الحمولة القصوى المرغوبة للطبقة .

تعتبر عموماً المصارف السطحية أحد وسائل التخلص من نتائج تدني كفاءة الري السطحي وكلما زادت كفاءة الري السطحي كلما قلت الحاجة للمصارف إلا في الحالات الطارئة أو المبرمجة (للأرز مثلاً) .

تبدأ شبكة الصرف الزراعي السطحي المكشوف بالمصارف الحقلية التي تقوم بتجميع المياه الزائدة من الحقل مباشرة وتنقلها الي مصارف فرعية ثم إلى مصارف تجميع (Collector) فإلي مصارف رئيسية Main drain .

في بعض الحالات قد يحدث خلل في طلب المياه يؤدي الى ارتفاع كبير في مستوى المياه على القنوات الرئيسية ، ولذلك فإن كثيراً من القنوات  الكبيرة توجد بها مايسمى بمصارف تهريب المياه Scape drain (منفسة) حيث يتم فتح هذا المصارف في الحالات النادرة لتخفيف الضغط على القنوات الرئيسية لتجنب انهيار جسورها وما قد يصحب ذلك من اثار سالبة للغاية نسبة لضخامة هذه القنوات وما تحمله من مياه بكميات كبيرة.

ب-  الصرف شبه السطحي :

إن هذا النوع من الصرف الزراعي ينقسم الى قسمين اساسيين هما :

-  صرف مكشوف .

-  صرف مغطى .

يكون هذا النوع من الصرف داخل الحقل وهو في الأساس عملية للتحكم في منسوب المياه الجوفية شبه السطحية (تحت السطحية) داخل الحقل . وقد ظهر التقدم في هذا المجال بعد ظهور النظريات الأساسية لحركة المياه داخل التربة مع تقدم علوم الهيدروليكا والهيدرولوجيا والتي استقرت مبادئها في القرن الثامن عشر ثم ظهور قانون دارسي لحركة المياه الجوفية سنة 1856 والذي كان الاساس في كل نظريات حركة المياه الجوفية .

تتكون شبكة الصرف الحقلي ايضاً من مصارف حقلية تحمل المياه من الطبقات شبه السطحية في الحقول الى مصارف فرعية ثم الى مصارف رئيسية .

تتكون  شبكة المصارف الحقلية  المكشوفة من مجاري مائية عميقة مكشوفة تصب فيها المياه شبه السطحية الزائدة بطريقة طبيعية حسب انحدارها ، اما المصارف الحقلية المغطاة فهى عبارة عن مواسير بها  فتحات توضع تحت سطح الارض في عمق معين تحدده عوامل عديدة  . تصب هذه المصارف الحقلية في مصارف فرعية ثم عمومية فـي كثير من الاحوال تحتاج هذه الشبكات الى مضخات تسحب هذه المياه.

ج-  الصرف الشاقولي :

المفهوم العام للصرف الشاقولي هو تخفيض منسوب المياه شبه الجوفية دون منطقة الجذور ويتم استخدام هذا النوع من الصرف في الأراضي ذات الارتفاع العالي نسبياً في مستوى المياه شبه الجوفية.

ولقد استخدم الصرف الشاقولي في وادي الفرات الأسفل بسورية وكانت له نتائج جيدة ، ويعتبر هذا الأسلوب من الصرف الرأسي باعتبار أن الأساليب الأخرى من الصرف كلها أفقية . ويعتبر الصرف الشاقولي من طرق الصرف المكلفة ، حيث يتطلب شبكة من الآبار الجوفية يتم حسابها بمعادلات دقيقة، كما أن هذه الآبار تتطلب أنواعاً من المضخات الغاطسة وهذا بالضرورة يعني توفر طاقة كهربائية ، ولرفع كفاءة هذا النوع من الصرف يفضل ان يكون مرتبطاً بأجهزة تحكم أتوماتيكية لتشغيـل المضخات عنـد الحاجة ، ومن الجانب الآخر فان لهذا النوع بعض المزايا التي تشمل ما يلي:

*  تأمين تخفيض تحكم للمياه الجوفية دون منطقة الجذور مع تصفية التربة من الأملاح وهو يعتبـر الصـرف الأفضل لهذا النوع من الأراضي ذات المنسوب العالي للمياه شبه السطحية.

*  يمكن إستخدام المياه من الصرف الشاقولي في الإرواء وغسيل التربة رأسياً حيث أنها متدنية الملوحة وتعتبر صالحة للري .

*  نتيجة للصرف الشاقولي ستكون طبقة مهواة تسمح بغسيل التربة بسهولة .

*  إن المحافظة على العمق المثالي للمياه الجوفية خلال مرحلة نمو النبات يمنع إعادة التملح ويشكل ظروفاً مواتية للحصول على إنتاجية جيدة .

أما سلبيات الصرف الشاقولي تتمثل في الآتي :

*  ارتفاع الكلفة الانشائية الاستثمارية .

*  عدم تجفيف التربة بشكل متوازن حيث أن المناطق بالقرب من الآبار تجف أكثر من المناطق البعيدة من الآبار بسبب الشكل المخروط لمنسوب المياه بين الآبار والذي تكون قاعدته (أدنى نقطة) عند البئر وأقصاها في المسافة بين البئرين .

*  لدى العمل الطويل والمتواصل للصرف الشاقولي وخصوصاً في المشاريع الكبيرة والمجموعات الكثيرة للآبار فقد يؤدي ذلك إلى تملح الآبار والخزانات بسبب انجذاب المياه المالحة لها من خزانات مجاورة .

*  إن تخفيض منسوب المياه قد يؤدي إلى غسل بعض المواد العضوية الذائبة في هذه المياه مما قد يخفض من خصوبة التربة .

 يجب تصميم شبكة الصرف الشاقولي بدقة وعلى الأسس العلمية الدقيقة لتفادي هذه السلبيات وتأمين تحقيق منسوب المياه للحد المطلوب والمحدد دون زيادة أو نقصان ، وهذا بالطبع يتطلب تحريات كثيرة ومعقدة للمنطقة للوصول إلى التوازن المائي والملحي المطلوب .

1-8   ضرورة ومبررات الصرف الزراعي :

ان عملية الصرف الزراعي تصبح مطلوبة وهامة للغاية في الحالات الآتية :

أ-  عندما تكون كميات مياه الري زائدة عن الحاجة مما يؤدي انسيابها خارج الحقل وهنا يصبح تصريفها ضرورة حتمية لخلق بيئة زراعية صحيحة مواتية .

ب- في كثير من الأحيان تتسرب مياه الري الزائدة عن الحاجة الى الطبقات الأرضية العليا مما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه شبه السطحية إلى منطقة الجذور ، وهنا يصبح من الضروري تصريف هذه المياه بعيداً عن منطقة الجذور .

ج-  في بعض الحالات وخاصة في دلتا الأنهر يكون منسوب المياه شبه السطحية مرتفعاً للغاية وفي حالة ارتفاعه حتى منطقة الجذور تصير هناك حاجة للصرف لتخفيض منسوب المياه شبه السطحية عن منطقة الجذور ، ودلتا النيل بمصر من أبرز الأمثلة العربية في هذا المجال .

د-  هناك أراضي ذات ملوحة عالية ويتطلب استصلاحها عملية غسل لهذه الأملاح وفي بعض الحالات عندما تكون نفاذية التربة لا تسمح بتسرب مياه الغسل إلى المياه الجوفية العميقة فان الأمر يتطلب ايجاد وسيلة للتخلص من هذه المياه ويكمن العلاج في الصرف الزراعي بهذه الأراضي

1-9  أهمية تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية :

كما ذكر سابقاً فان 85% من المساحة المروية بالدول العربية تستخدم الري السطحي كأسلوب للري الحقلي وانه نسبة لتدني كفاءة هذا الأسلوب فان جملة الفواقد المائية تقدر بحوالي 91 مليار متر مكعب سنوياً على نطاق الدول العربية . ان هذا الفقد الكبير يعد أهم العوامل التي تدعو إلى تطوير أساليب الصرف الزراعي من أجل التوازن الرطوبي بالتربة ومن أجل الاستفادة من بعض هذا الفقد باعادة استخدام مياه الصرف الزراعي الصالح للري/للزراعة حيث يعتبر هذا الاستخدام كأحد الموارد المائية غير التقليدية الهامة في الدول العربية .

1-10  المعوقات والمشاكل التي تواجه تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية :

تشمـل المعـوقات والمشاكـل التي تواجـه تطـوير الصرف الزراعـي بالدول العربية ما يلي:

*  اتساع رقعة المساحة المروية ببعض الدول العربية حيث أن الدول العربية التي يهمها في المقام الأول تطوير الصرف الزراعي هى الدول ذات الرقعة المروية رياً سطحياً واسعاً مثل مصر والسودان والعراق وسوريا . إن هذا الاتساع الكبير في الرقعة المروية وما يصاحبها من شبكات للصرف تجعل التطوير مرتفع الكلفة ، ورغم القناعة التامة بأهمية التطوير إلا أنه يصبح في الواقع غير ممكن إلا في حدود ضعيفة للغاية .

*  اتساع المصارف بطرق الصرف تحت السطحي بالدول العربية إلا في دول محدودة مثل مصر .

*  عـدم وجــود الوسائل والآليات اللازمة لتطـوير الصرف الزراعي بأغلب الدول العربية.

*  عدم وجود البيانات الدقيقة عن الفواقد ومستوى مناسيب المياه شبه السطحية في الأراضي الزراعية المروية لتقييم الحاجة للصرف الزراعي .

*  ارتفاع تكاليف عملية الصرف الزراعي بالنسبة للمزارع العربي البسيط وخاصة في المزارع الصغيرة المنتشرة على جميع أرجاء الدول العربية .

*  تفتت جزء مقدر من الأراضي الزراعية المروية بالدول العربية لحيازات صغيرة مما يجعل عملية الصرف صعبة نسبياً .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثاني

 

مجالات تطوير

الري السطحي والصرف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثاني

 

مجالات تطوير

الري السطحي والصرف

 

 

2-1  تمهيد :

إن طرق الري السطحي التقليدية هي السائدة في غالبية البلدان العربية. وتتسم هذه الطرق بانخفاض كفاءة الري فيها والمقدرة بين %50-40 وبالتالي ترتفع نسبة الفاقد من المياه ، فهناك مشكلة كمية متمثلة بمحدودية موارد المياه ومشكلة نوعية متمثلة بتلوث الأوساط المائية وبخاصة الجوفية منها نتيجة وصول مياه الري الزائدة إلى  التكوينات الجوفية الحاملة للمياه كما هو الحال في العديد من المناطق الساحلية لبعض البلدان العربية ، ومن الضرورة بمكان الربط بين هاتين المشكلتين وذلك باستخدام مبادئ اقتصادية للحد من زيادة الطلب على المياه مع المحافظة على توفير هذه المياه بهدف زيادة الرقعة المروية . ومن هذه المبادئ وضع نظام مناسب لتعرفة المياه ، وبمعنى آخر إذا أمكن إيجاد معادلة اقتصادية ضمن مبدأ " الملوّث يدفع والمنتفع يدفع " فيمكن حل المعادلة الاقتصادية التي تربط بين تكاليف استهلاك المياه مع تكاليف طرحها في الأوساط الطبيعية، وبالتالي يمكن رفع كفاءة استخدام المياه والحد من حجم المياه العادمة الملوثة وتوفير موارد مائية إضافية لمواكبة الطلب المتزايد على الماء .

2-2  المجال التقني :

يعتبر استخدام التكنولوجيا والوسائل الفنية العلمية هو المجال الأساسي لتطوير أساليب الري السطحي والصرف القائمة بالدول العربية والتي قد يصعب تحويلها إلى ري حديث مما يؤكد أهمية العمل على تطويرها ورفع كفاءتها بأسهل الأساليب وأقل تكلفة .

ان استخدام الأساليب العلمية والفنية والتوجه نحو التقانات الحديثة المتطورة يهدف إلى تخطي التحديات والمعوقات التي تواجه استخدام خزن الري السطحي والصرف التقليدي والذين يشوبهما العديد من الاخفاقات التي تم سردها سابقاً .

تشمل الأساليب الفنية والتقنية ما يلي :

2-2-1  رفع كفاءة استخدام المياه :

يعتبر تدني كفاءة استخدام المياه بالري السطحي الصلة الأساسية والمحدد الأول لاستخدام هذا الأسلوب من الري رغم سهولة إنشاء وقلة التكلفة الاستثمارية الأولية ، وهذا ما يناسب أقل الدول العربية التي تعاني من مسائل اقتصادية كبيرة ، وقد قدرت جملة المياه المفقودة باستخدام أساليب الري السطحي بالدول العربية بحوالي 91 مليار متر مكعب ، حيث تقدر الكفاءة الكلية للري السطحي في الدول العربية بأقل من 40% ، علماً بأن الري السطحي بالدول العربية يستهلك حوالى 59% من جملة المصادر المائية بالدول العربية يمثل ذلك حوالى 76% من جملة الاستخدام الكلي للمياه بالدول العربية وهو عبارة عن 89% من الاستخدام الزراعي بهذه الدول ، حيث ان مساحة الأراضي الخاضعة للري السطحي بالدول العربية تزيد عن 85% من جملة الأراضي المروية .

تشمل أساليب رفع الكفاءة ما يلي :

2-2-1-1  رفع كفاءة سعة فقدان نقل وتوزيع المياه :

تستخدم معظم مشاريع الرى السطحي في الدول العربية القنوات الترابية المفتوحة في نقل وتوزيع مياه الري ، وهى طريقة قديمة وعقيمة في المنطقة العربية ، فقد يصاحبها فقد كبير في المياه يقدر بأكثر من 20% ويتمثل في التسرب والكسورات المتعددة على جسور القنوات وفواقد البخر-نتح الناتجة من الأعشاب التي تنمو على هذه القنوات .

كما ان نتيجة للإطماء الذي يحدث بهذة القنوات بسبب إرتفاع نسبة الطمي بالمياه تقلل سعة هذه القنوات مما يعوق حصول النبات على كفايته من المياه في الوقت المناسب وبالكميات المطلوبة مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى العطش وتعرض النبات إلى حالة الشد (Water stress) وبالتالي انخفاض شديد في الإنتاجية أو فقدها بالكامل .

كما أن الأعشاب المائية التي عادة ما تنمو في القنوات الترابية تقود إلى نفس النتيجة السابقة إذا تكاثرت وسدت مجاري القنوات المائية .

وقد شهدت العديد من المشاريع بالدول العربية توقف الري بها تماماً وهجرها أو تقليص المساحة المروية بها بسبب تدني كفاءة نقل وتوزيع المياه .

ان أساليب تطوير كفاءة النقل والتوزيع قد تشمل ما يلي :

أ-  العمل على تبطين الأقنية المائية بالأسمنت أو بالطين او بأي مواد عازلة أخرى مما يقلل من الاطماء ونمو الأعشاب وهناك معدات وآليات خاصة باعمال التبطين .

ب-  إستخدام الأنابيب البلاستيكية في نقل وتوزيع المياه تحد من مشكلة الطمي والأعشاب ، حيث ان السرعة العالية في الأنابيب لا تسمح بالأطماء بالإضافة إلى انعدام مقومات نمو الاعشاب داخل الأنابيب . وقد يعيب استخدام هذا الأسلوب ارتفاع تكلفته الانشائية مع قلة تكلفة صيانته مقارنة بالقنوات المفتوحة .

ج-  تقوية الجسور بإستخدام آليات لدك ومندلة هذه الجسور (Compaction) ، ويستخدم هذا الأسلوب في المغرب العربي وخاصة في موريتانيا رغم ضعف المساحات المروية بها ، وقد أثبت مقدرة على تقليل كمية المياه المتسربة من الجسور ، وهناك العديد من الآليات بأحجام مختلفة للقيام بهذه المهمة .

د-  استخدام الأساليب العلمية لمكافحة الأعشاب بالقنوات وتشمل الأساليب الميكانيكية ، فهناك الآليات  الخاصة لإزالة الاعشاب المائية من القنوات بسهولة كبيرة وهناك الأساليب الكيميائية باستخدام مواد كيميائية للتخلص من الأعشاب وبالطبع هذا الأسلوب يشوبه الكثير من المحاذير بسبب المشاكل البيئية التي يصطحبها وهناك الوسائل البيولوجية والتي تعتمد على تربية أنواع خاصة من الأسماك على القنوات تكون قادرة على التهام الأعشاب وتتغذى بها وهذا بالطبع  فائدة إضافية تتمثل في الأسماك التي يمكن صيدها ولكن لابد من العمل على مراقبة ذلك الأسلوب بحذر والحيلولة دون تكاثر الأسماك فوق طاقة القنوات .

2-2-1-2  تحسين التحكم في قنوات قفل وتوزيع المياه :

إن عملية التحكم في القنوات تشمل جانبين أساسيين هما :

-  التحكم في مناسيب المياه بالقنوات .

-  التحكم في التدفق داخل القنوات .

وعليه فان التحكم في مناسيب المياه بالقنوات يتطلب أولاً تطوير أساليب رصد هذه المناسيب ونقل المعلومه باسرع فرصة لمركز التحكم . وتعتمد الأساليب المتبعة على القراءة اليومية بواسطة خفراء القنوات ونقل المعلومة للمركز بأساليب تقليدية أفضلها التلفون إذا وجد ، وهناك أساليب رصد للمناسيب من البعد وإرسال المعلومة للمركز بواسطة أجهزة لاسلكية تقوم بتسجيل المعلومة وإرسالها للمركز فوراً وهناك أساليب اكثر تطويراً باستخدام الأقمار الصناعية والشهب لنقل المعلومة للمركز مما يساعد كثيراً على التحكم في القنوات . لقد أدخلت في الكثير من شبكات الري طرق رصد ونقل المعلومة من البعد ، مما ساعد في تطوير التحكم في مناسيب الأنهر والقنوات .

أما أساليب التحكم في التدفق التقليدي فهى تعتمد على مناسيب المياه خلف نقاط التحكم أى أنها تعتمد على الوارد من المياه (على العرض) ، أما الأساليب الحديثة والتي طورت في فرنسا فهي تعتمد على التحكم من خلال مناسيب الأمام اى عن طريق الطلب وهى منظمات جيدة ومتطورة تعمل اتوماتيكياً وتقوم بتنظيم التدفق للأمام حسب الطلب ، وهذا يعني تمرير كميات المياه المطلوبة دون زيادة أو نقصان .

هناك بعض شبكات الري المفتوحة التي يمكن أتمتة بعض جوانبها. أولى وسائل التحكم في هذه الشبكات يمكن أن يكون من خلال التحكم في المضخات المغذية لهذه الشبكات .

أما القنوات التي تتغذى من خزانات مائية بواسطة الراحة  (Gravity) أو الانسياب الطبيعي فيمكن التحكم في تدفقاته من خلال التحكم في منسوب المياه داخل الخزانات التي تغذي هذه القنوات ، ويتم ذلك عبر فتح أبواب مأخذ القنوات بإبقاء منسوب المياه في الخزان ثابتاً ، فكلما زاد التدفق من الأحباس العليا وارتفع منسوب المياه تنفتح أبواب مأخذ القنوات أتوماتيكياً للمحافظة على المنسوب في الخزان . يتم ذلك عبر عوامات وأوزان ثقيلة لتحريك أبواب المأخذ. إن هذه الطريقة في التحكم لا تناسب طلبات المياه المتغيرة خلال فترات زمنية بسيطة ولكنها تعتبر جيدة وتناسب التدفقات الثابتة لفترات طويلة.

 

هناك وسيلة أخرى لأتمتة القنوات المفتوحة بواسطة تثبيت المنسوب الأمامي لمأخذ القناة  (Downstream level)  ويتم ذلك أيضاً عبر عوامات وأوزان ثقيلة  (Floats & Weights)  وبهذه الطريقة يمكن أتمتة تدفقات القناة ومقابلة كاملة المتطلبات المائية حتى المتغيرة منها في كل حبس في القناة ، وتعتبر هذه الطريقة تقليدية مقارنة بالطرق الأخرى المتطورة ولكن لها العديد من المزايا مقارنة بطريقة التحكم اليدوي للقنوات ، كما أنها قد تكون أفضل من طريقة التحكم بواسطة المنسوب الخلفي للمياه   (upstream level) . تعمل القنوات المفتوحة المتحكم فيها بهذه الطريقة، مثل شبكة الأنابيب المتحكم فيها بواسطة الضغط والتي سبق التعرض لها .  ولهذا فهي يمكن أن تلبي طلبات مياه متغيرة ولكنها ليست مرنة التشغيل مثل شبكة الأنابيب . إن التحكم الآلي للتدفقات يتم كلما انخفض منسوب المياه في نقطة معينة أمام المأخذ وتمر موجة المياه عبر المأخذ وفقاً لسرعة انخفاض منسوب المياه في هذه النقطة المعينة . لهذا فقد يكون هناك تأخير في التدفق إذا تأخر وصول المياه للمأخذ مما يستوجب توسيع القنوات لاستيعاب هذه الحالات ، عندما لا يكون هناك سحب للمياه تصبح القنوات سلسلة من الخزانات ذات مستوى ثابت ، ولهذا فلابد من مراعاة ذلك عند تصميم القنوات.

إن أبواب القنوات التي يتم فيها التحكم من خلال المنسوب الأمامي تسمح بتدفق المياه في قنوات جانبية بإستخدام نظام مناسب حيث أنها تعمل حسب منسوب ثابت يضمن تدفق الكميات المطلوبة من المياه في كل القنوات الجانبية دون أن يؤثر التدفق في أي قناة جانبية على التدفق في القنوات الأخرى.

هناك طريقة أخرى متطورة للتحكم في القنوات يتم التحكم فيها بواسطة أجهزة إرسال   (Transmitters)  كهربائية توضع في مناسيب مختلفة ، وتشغيل هذا النظام يحتاج إلى أجهزة لإرسال البيانات المطلوبة عن المناسيب والبيانات الأخرى.

يتميز هذا النظام عن الأنظمة الأخرى  للتحكم في القنوات المطلوبة في التدفق لارتباطها بالتوصيل الكهربائي لجهاز الإرسال ، ولكن هذا النظام ليس بصلابة النظم الأخرى لحساسيته الشديدة وقابليته للتلف أكثر من الأجهزة الأخرى.

إن التطور المتسارع لأجهزة الكمبيوتر قد فتح الباب واسعاً لاتمتة أجهزة الري المختلفة. إن أول مميزات الحاسوب هو إمكانية حساب الاحتياجات المائية مقدماً بدقة شديدة وعمل برامج متكاملة لجدولة الري وتشغيل المعدات للإيفاء بهذه الجدولة وتأكيد التدفقات المطلوبة والمحافظة على مناسيب المياه المحددة وهذا يمكن تطبيقه في القنوات المفتوحة وشبكات الأنابيب ، كما أنه باستخدام هذه الأجهزة الحاسبة يمكن تحديد طريقة التشغيل الملائمة لمأخذ القنوات بسرعة هائلة وفي فترة زمنية قصيرة للغاية، كما يمكن وضع برامج تقوم بموجبها أجهزة الحاسوب نفسها بعملية بدء تشغيله وإيقافه وتغير نمطه ، أي التحكم الكامل في عملية التشغيل أتوماتيكيا وهذا يعتبر تقدماً مهولاً في عملية أتمتة أجهزة الري في القنوات المفتوحة ويمكن اختيار الطريقة الملائمة حسب أهمية القناة واقتصاديات المشروع المعين.

إن مميزات استخدام الحاسوب في أتمتة القنوات المفتوحة متعددة ، منها إمكانية إرسال الإشارات إلى أجهزة القنوات وتشغيلها من البعد والتعرف على التدفق ومناسيب المياه في كل نقطة تحكم. كما يمكن الإعداد المسبق لبرنامج فتح وقفل أبواب مأخذ القنوات لضمان توفير المتطلبات المائية ، كما أنه باستخدام الحاسوب قد لا تكون هناك حاجة للمحافظة على مناسيب عالية في القنوات مما يقلل من مخاطر كسر جسور القنوات وعدم تعرض الأجهزة لحمولات زائدة والتعويض عن التسرب الذي قد يحدث في القنوات ،  ولكن أهم مميزات استخدام الحاسوب للتحكم في القنوات المفتوحة هو إمكانية تشغيل الشبكة بناء على معطيات دقيقة عن مناسيب وتدفقات المياه في كل النقاط المعينة.   كما أن استعمال هذه الأجهزة  يقلل من الصيانة اللازمة للأبواب مقارنة بأساليب التحكم الكهربائية والميكانيكية.

إن إدخال أنظم التحكم الآلي في شبكات الري القديمة القائمة قد يكون معقداً بعض الشيء . هناك العديد من الدول في العالم ذات خبرة عريقة في نظم الري التقليدية السطحية ولكنها تقوم حالياً بتطوير شبكات الري إذ لم يعد من الممكن أو المقبول الاستمرار في هذه النظم التقليدية والمعتمدة على الري المستمر ليل نهار طوال الأربعة والعشرين ساعة ، وقد أصبح من الضروري تبني طرق ري أخرى أكثر ملائمة مع المحافظة على المنشآت المائية القائمة.

إن إقامة بوابات للمنشآت القائمة تعمل أتوماتيكيا حسب مناسيب المياه خلف المنشآت يحسن من أداء المنشآت ويقلل من الحاجة  للعمالة مع احتمال أن يؤدي وضع هذه الأبواب إلى فقد في فرق التوازن وهذا يتطلب بالضرورة إعادة النظر في المناسيب. إن إدخال الاتمتة في شبكات الري السطحي التقليدية القائمة عن طريق التحكم في المناسيب أمام المنشآت قد لا يكون سهلاً في كثير من الأحوال نسبة لضخامة الإنشاءات الهندسية الإضافية اللازمة لذلك وخاصة في جسور القنوات وضرورة رفع مناسيبها بالإضافة إلى أن انحدار القنوات قد لا يناسب تطبيق هذه التقانة ، كما أن رفع المناسيب قد يتعارض مع بعض المنشآت الأخرى على القناة من معايير وخلافه.

إن أهم المشاكل التي يجب الانتباه إليها عند إدخال نظم الري الآلي في الشبكات القديمة القائمة هي أن عدد ساعات التشغيل ستقل عن ساعات العمل التي بموجبها تم تصميم القنوات في الأساس مما قد يؤدي إلى عدم إمكانية إيفاءها للمتطلبات المائية ، وخاصة في ذروة الاحتياجات المائية وهذا بالطبع يتطلب زيادة سعة القنوات ولكن باستخـدام الحاسوب ، كما سيرد لاحقاً قد يكون من الممكن تجاوز هذه المشكلة.

2-2-1-3  الاتمته في المضخات :

تعتمد كثير من مشاريع الري السطحي في الدول العربية على رفع المياه من المصادر اباراً  كانت أو أنهاراً على المضخات ، وتعتبر أتمتة المضخات من أهم وسائل تطوير هذه المشاريع .

إن من أول أهداف الاتمتة في المضخات بالإضافة إلى التحكم في التدفقات هو حماية محرك المضخات الكهربائية ، ولتحقيق ذلك فقد تم تصميم جهاز لإيقاف المحرك عندما تزداد سعة التيار الكهربائي عن الحد الأقصى المسموح به دون إلحاق أي أضرار بالمحرك ، أما بالنسبة لمحركات الديزل فهناك أجهزة لإيقاف الاحتراق إذا نقصت كمية الزيوت بالمحرك أو ارتفعت درجة حرارته عن حد معين أو عندما يحدث خلل في الأجهزة الهيدروليكية منعاً لحدوث فجوات ضغط    (cavitation)  . أما في حالة وجود آبار جوفية مرتبط بعضها ببعض فيمكن بسهولة التحكم في الضخ المشترك بإيقاف البعض عندما تقل الحاجة وتشغيل العدد المناسب عند ارتفاع الطلب ، وهذا بالطبع يتم حسب حالة  الخزان المائي وسعة كل مضخة.  إن أتمتة شبكة الري في الآبار الجوفية تساعد كثيراً على الاستغلال الأمثل لهذه الموارد المائية وتؤدي إلى تخفيض كبير في استخدامات الطاقة باستخدام أفضل للآبار لتوفير كمية المياه المطلوبة.

يمكن التحكم في المضخات عن طريق الاتصالات اللاسلكية والإشارات الهوائية أو عبر التوصيلات  الكهربائية من الشبكات العامة أو باستخدام البطاريات في المناطق النائية. كما أن هناك وسيلتين أساسيتين للتحكم في المضخات ، الأولى من خلال التحكم في تشغيل المضخة وفقاً لمنسوب المياه في خزان معلى Elevated tank حيث يمثل هذا الخزان الضغط المطلوب في الأنابيب التي تنقل المـياه من المضخات .  يتم التحكم في منسوب المياه بالخزان من خــلال عوامـة أو آلة تحكم أكثر دقة تمثل الضغط الاستاتيكي (Hydrostatic Pressure  عند قاع الخزان أو عبر مقاومات كهربائية  (Electrical Resistance)  والتي تتغير مع كمية المياه. إن من أهم سمات هذه الوسيلة للتحكم في المضخات هي أنها يمكن الاعتماد عليها أكثر من غيرها من الوسائل ، كما أنها أكثر ملائمة للمضخات حيث أن تشغيل وإيقاف المضخات يتم خلال فترات زمنية معقولة وليس فجاءة مما يساعد على عدم رفع درجات حرارة المضخات التي تتأثر كثيراً بالتشغيل والإيقاف المفاجئ .

تتحسن كفاءة تشغيل المضخات تحت الأتمتة كثيراً بإدخال نظام للتحكم يشمل كل الوحدات العاملة كوحدة متكاملة وليس التحكم المفرد لكل مضخة على حده ، وهذا نظام متوفر ويخفض كثيراً من تكلفة التشغيل. إن تكلفة الخزان المعلى لا تتأثر كثيراً بحجم وعدد المضخات التي يخدمها ، لذلك فكلما زادت تغطيته لعدد أكبر من المضخات كلما قلت تكلفته للوحدة .

أما الوسيلة الأخرى لأتمتة المضخات الكهربائية فتتمثل في إيقاف وتشغيل المضخات أتوماتيكيا وفقاً للتدفقات وذلك عبر حاسب للتدفقات   (flowmeter) ، فإذا زادت التدفقات عن البرنامج المتفق عليه يتم إيقاف المضخة أتوماتيكيا بانقطاع التيار الكهربائي عنها ويتم أعادته عندما ينخفض التدفق عن مستوى معين محدد مسبقاً حسب متطلبات الري. بهذه الطريقة يمكن إرسال إشارة لكل المضخات وفق البرنامج المحدد للتدفقات . إن هذه الطريقة لأتمتة المضخات تتطلب مضخات ذات مواصفات متطابقة ومتشابهة حيث لا يمكن إدخال مضخات مختلفة في نظام واحد متكامل مع ضرورة أن يكون التدفق متوازن بينها ، ولضمان خلق الضغط الأدنى المطلوب في الشبكة عند حدوث تسرب أو فقد للمياه من الشبكة يتم تركيب مضخة صغيرة إضافية تعمل عند انخفاض الضغط وتعمل على إرجاع  الضغط للمستوى الأدنى وتعمل هذه المضخة بواسطة محبس هواء صغير يتحكم في تشغيلها .

إن أسلوب التحكم في المضخات بواسطة حاسب المياه هو أكثر اقتصاداً من الأسـلوب الأول المرتبـط بالخـزان المـعلى  ،إلا أنه يتطلب أجهزة كهربائية أكثر تعقيداً . تجدر الإشارة إلى أن الأوضاع التشغيلية التي تتعرض لها أجهزة التحكم الكهربائية الميكانيكية للمضخات قد تواجه بعض المشاكل نسبة للإيقاف والتشغيل المتكرر خاصة في فترة أقصى الاحتياجات المائية للنبات أو في حالة هطول أمطار غير متوقعة ، ولذلك لابد من تصميم هذه الأجهزة لاحتمال هذه الأوضاع التشغيلية الصعبة.

2-2-1-4  تحسين وسائل الري الحقلي :

تمثل فواقد الري الحقلي أو ما يسمى أيضاً بفواقد الاضافة الجزء الأكبر من فواقد الري السطحي حيث تقدر كفاءة الاضافة في الري السطحي بالدول العربية حوالي 40-50% وتبلغ حوالي 60% من جملة الفواقد الكلية للري السطحي ، وهى تعتبر بذلك أضعف نقطة في حلقة الري السطحي وتحتاج لمجهودات كبيرة لتقليل هذه الفولقد .

يعتمد الري السطحي التقليدي على الغمر الكلي للأرض مما يؤدي إلى إرتفاع الفواقد المائية . وإن تقليل نسبة الغمر قد يساعد كثيراً على تقليل الفواقد ، لذلك نجد انتشار أسلوب السرابات الطويلة التي لها فواقد أخرى على الإنتاج ولكنها ذات فائدة كبرى في تقليل الفواقد المائية وتحسين كفاءة الري الحقلي.

من الأساليب الأخرى لتحسين أساليب الري الحقلي ضمن أسلوب الري السطحي هو برمجة الري بحيث يتم الارواء على دفعات صغيرة وفترات قصيرة مما يساعد كثيراً على الفواقد من التبخر من سطح الماء والتسرب إلى أعماق تحت منطقة الجذور.

من الأساليب الجديدة استخدام التدفق المتقطع Surge Irrigation وهى عدم ارسال الماء دفعة واحدة ولكن على دفعات وهو شبيه بالأسلوب السابق ولكن يختلف في أنه ري مستمر . وقد قدرت كفاءة هذا الأسلوب بحوالي 75% مقارنة  مع 50% للأسلوب التقليدي ، ومن الأساليب الحديثة المتطورة في الري السطحي إستخدام الري على مسارات Border Irrigation ،  وهذه الطريقة تتطلب التحكم في تسوية الأرض حتى لا تنساب المياه بسرعة وتتراكم فـي نهاية المسار بل يجب ان تسير بسرعة مناسبة تمكن من تغلغل المياه فـي الأرض بنسبة معقولـة على طول المسار من بدايته حتى نهايته مع أقل الفواقد.

2-2-1-5  استخدام الاتصالات الحديثة :

يساعد كثيراً استخدام الاتصالات لإيصال المتطلبات المائية في رفع كفاءة استخدام المياه ، فمن خلال شبكة الاتصالات يمكن ايصال طلبات المياه من الأجزاء المختلفة من المشروع إلى التحكم دون أخطاء بشرية وتوفير المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب.

2-2-1-6  الاعتبارات العامة لأتمتة شبكات الري السطحي :

إن أهم عوامل الري هي متى يتم الري وما هي الكمية التي يتم إطلاقها في كل رية أي الزمن والكمية .

إن أول المؤثرات علـى زمـن وكميـة الـري هـو مستـوى الرطوبة في التربة ، ولهذا فهي من العوامل التـي يجب معرفتها قبل تحـديد زمـن وكميـة الرية. هناك العـديد مـن الطرق لتحديد هذه المعلومة .  أدنى وأسهل الطرق هي عبر مقاسات البخر ومقاسات رطوبة التربة  Tensisometer)    (Evaporometer &وكلا الجهازين يقوم بقياس المعلومة من التربة رأساً عبر مجسات خاصة . وانطلاقا من هذه المعلومات يتم تحديد وبرمجة الري وهذا ما يعرف بالري حسب الطلب . (Irrigation on demand ) . هناك طرق تقليدية مبنية على تجارب المزارعين ومن واقع البحوث لتحديد برامج للري حسب المواقيت الزمنية وهذه الطريقة تعرف بالطريقة المؤسسية   (Reestablished)  .

تستخدم طريقة الري حسب الطلب مع أبواب القنوات المتحكم فيها بالمناسيب الأمامية الثابتة ، وهناك أبواب يمكن التحكم فيها لتوفير كميات ثابتة من المياه.

أما التحكم في الري بالأنابيب تحت الضغط فيناسب الري حسب الطلب بشكل أفضل من القنوات المفتوحة نسبة لسرعة استجابة الطريقة للتغيرات في طلب المياه ، ولهذا فإن هناك تصور بأن الري حسب الطلب يرتبط فقط بطرق الري التي تستخدم الأنابيب مثل الري بالرش ، وهذا تصور غير صحيح إذ أنه يمكن استخدام القنوات المفتوحة في طريقة الري حسب الطلب كما سبق ذكره.

إن الفرق الأساسي بين الري حسب الطلب والري المؤسسي هو أن في الأول يكون الطلب للري من المزارعين وقد يحدث في وقت واحد مما يستوجب أن تقوم شبكة الري بتحرير كميات من المياه تزيد عن التدفق المستمر في القنوات ، وفي حالة الري المؤسسي فهناك مجال لتعديل برنامج الري بما يتناسب وسعة القنوات.

هناك عامل آخر مرتبط بالري الآلي وهو درجة الحرارة .  ففي البلاد الباردة قد يكون من الضروري إيقاف الري إذا تدنت درجة الحرارة عن حد معين لتجنب تجمد الرذاذ المتساقط ، لهذا فإن الأجهزة في هذه الحالة تكون مرتبطة بمقياس للحرارة ويتم إيقاف جهاز الري آلياً إذا دنت درجة الحرارة عن الحد المعين.

وهناك جهاز آخر مرتبط بأشعة الشمس يقوم ببدء وتشغيل جهاز الري آلياً حسب درجات الحرارة .

2-3  المجال الإداري والمؤسسي :

قادت التجربة العربية في إدارة المياه تحت ظروف الندرة والجفاف معاً إلى  استنباط أسس ومفاهيم ومبادئ قابلة للتطبيق بشكل واسع نظراً لوجود أكثر من %40 من اليابسة مناطق جافة وشبه جافة. ومن أهم هذه الأسس المستنبطة مفهوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية الذي يجمع بين المنظور الهندسي للمشكلة المائية والمنظور الاجتماعي لها (الفعاليات البشرية والنظم الاجتماعية والبيئية) والذي يعبر عن النهج التكاملي في التخطيط وإدارة الموارد المائية المتاحة والذي لقي قبولاً واسعاً في المؤسسات المائية في الوطن العربي .

2-3-1   تطور مفهوم إدارة الموارد المائية :

تطور مفهوم إدارة الموارد المائية خلال العقود الماضية. ففي عام 1977 اعتبر كنها (Cunha)  وآخرون هذا المفهوم من الأعمال والتدابير التي تحقق بمجموعها الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة، وتشمل هذه المجموعة كلاً من التخطيط المائي Water planning والتشريع المائي والبحوث المائية والتدريب والتوثيق ونظم المعلومات . أما خطة ماردل بلاتا عام 1977 الواردة في دراسة واثق رسول آغا حول استراتيجية الموارد المائية فـي منطقـة الشرق الأدنى ، فقد بلورت عدة مفاهيم حول

إدارة المـوارد المائية أهمها الارتباط العضـوي بين السياسة المائية والتخطيط والإدارة، وأفرزت أيضاً فصلاً لموضوع ترشيد استخدامات المياه وفصلاً آخر للجوانب البيئية ومكافحة التلوث. وفي العام نفسه طرح مفهوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية International water resources management في مؤتمر ماردل بلاتا . لقد ارتكز هذا المفهوم في السبعينيات على مبدأ التخطيط المركزي وبالتالي تبلورت فكرة إعداد خطط مائية وطنية Water Master plan ، وبالتالي تبلورت فكرة الإدارة المركزية للموارد المائية (Central planning & management) ، ومع نهاية الثمانينيات رأى رسول آغا(1) أن مفهوم إدارة الموارد المائية ما هـو إلاّ عملية معقدة تشمـل كـل المراحـل المتكاملة لأعمال التخطيط والتنفيذ والتشغيل وصيانة الموارد المائية، آخذة بعين الاعتبار كل المعوقات والعوامل المؤثرة والفاعلة في ذلك، وساعية لتقليل المنعكسات السلبية على البيئة، وعاملة على زيادة العوائد الاقتصادية للمجتمع ولإحداث التوازن بين الموارد المتاحة والطلب عليها" .  وتكمن أهمية هذا الرأي فـي أخذه بعين الاعتبار الآثار البيئية للموارد المائية Environmental impacts assessment، إذ من الضرورة بمكان للإدارة الرشيدة أن تسعى للحد من الآثار السلبية وزيادة الفوائد الإيجابية لعملية إدارة الموارد المائية .

ومع مطلع التسعينيات وعلى الرغم من أن الإدارة المتكاملة للموارد المائية مازالت حجر الأساس في السياسات والخطط المائية الوطنية إلاّ أن النهج التكاملي قد تبدّل بسبب صعوبة تنفيذ خطط مركزية عملاقة شاملة من الناحية العملية لأسباب اقتصادية واجتماعية وطبيعية، وبالتالي طرأ تحول وتغير على مفهوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية، إذ انتقل من الشمولية المطلقة Comprehensiveness إلى  الترابط المنطقي Coherence ، أي تحويل الاتجاه في مجالي التخطيط والإدارة من العمليات المعقدة إلى  العمليات الأكثر تبسيطاً وفعالية(2) .

2-3-2  الإدارة المتكاملة للموارد المائية :

في سبيل تحقيق المبادئ الأساسية للسياسات المائية (الاستدامة والعدالة وحماية البيئة) اقترح العاملون فـي الإدارة المتكاملـة للمـوارد المائيـة فـي ضـوء التجارب الوطنيـة للعديد من مناطق العالم عدداً من الأساليب والمناهج تختلف باختلاف الدول ومجتمعاتها، وتبلورت هذه المناهج كالتالي :

 

 (1)  وائق رسول أغا ، "استراتيجية إدارة الموارد المائية في منطقة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا لتحقيق الأمن المائي" ، ورقة قدمت إلى : اجتماع خبراء بشأن الأمن المائي في منطقة الاسكوا ، دمشق 12-16 تشرين/نوفمبر 1989 .

(2)  جان خوري ، "الإدارة المتكاملة للموارد المائية في الوطن العربي" ، ورقة قدمت إلى إجتماع  خبراء رصد مصادر المياه والقوانين والتشريعات وإدارة المصادر المشتركة للمياه الطبيعية ، الكسو ، طرابلس ، 3-6 تشرين الأول/اكتوبر 1994 .

أ-  المنهج الشمولي Holistic approach  :

يقوم هذا المنهج على تقييم وتنمية وإدارة الموارد المائية السنوية ووضع السياسات المائية القطاعية في إطار السياسة الوطنية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة نظراً لمحدودية الموارد المائية وحساسية الأوساط المائية. ويلاحظ هنا أنه على الرغم من تولد القناعة لدى المسؤولين عن القطاعات التنموية بضـرورة  تطبيق هذا المنهج إلاّ أن إدارة هذه القطاعات وتخصيص المياه (للري وللشرب وللصناعة) لديها غالباً ما يتم بصورة مستقلة مما أدى إلى  تدنّي كفاءة استثمار الموارد المتاحة وإلى تدهور الوضع المائي وبخاصة في الأحواض المائية الجوفية .

ب-  المنهج التشاركي Participatory approach :

يقوم هذا المنهج على التفاعل السليم بين واضعي السياسات المائية وعامة السكان المستفيدين من هذه السياسات وذلك بإشراك المستفيدين من المشروعات المائية في كل من عمليات تخطيط وتنفيذ هذه المشروعات . وهذا لايتم عادة إلاّ بتطوير الوضع المؤسسي والتشريعي من جهة، وبتنظيم المستفيدين أنفسهم في جمعيات أو اتحادات تعبر عن مصالحهم ورغباتهم من جهة أخرى .

ج-  المنهج الاقتصادي Economical approach :

ينادي الكثيرون من العاملين في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتعامل مع الماء على أنه "سلعة اقتصادية" وبالتالي يجب استخدام المبادئ الاقتصادية لحل المشكلات المائية كونها تسهم بشكل فعال في رفع كفاءة استخدامات المياه وتقليل الهدر. وعلى الرغم من صعوبة تحديد قيمة المياه في الدورة الهيدرولوجية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية إلاّ أنه من الضروري أيضاً معاملته الآن كالنفط "عديم القيمة وهو في باطن الأرض وذي القيمة الكبيرة فوقها " ، أي يترتب على إنتاج الماء وتحويله من مورد إلى  إمدادات تكلفة إضافية في التخزين والتوزيع والمعالجة والصيانة والتشغيل .

مع ذلك لاتزال العديد من مشاريع الري الكبرى في الوطن العربي تفتقر إلى  التقنيات الحديثة في إدارة مياه الري . ويشمل ذلك حساب المقننات المائية لكل نوع من المزروعات، وكذلك جدولة توزيع مياه الري على أسس علمية دقيقة باستخدام تقنيات الحاسب الآلي المتقدمة . ولقد لوحظ حتى في المشاريع الكبرى عدم الدقة في تقدير فتحات عشرات البوابات على القنوات وبالتالي إهدار كميات كبيرة من مياه الري وعدم توازن توزيعها. وعلاوة على ذلك فإن عدم استعمال بنك المعلومات الخاص بإدارة البيانات الخاصة بالري والمزارع سبب إرباكاً لهيئة الإدارة الخاصة بتشغيل مشاريع الري الكبرى وبالتالي تقل كفاءة توزيع المياه .

والواقع أن القطاعات الزراعية في العديد من البلدان العربية في السنوات الأخيرة كانت مخيبة للآمال نظراً لأن السياسات الكلية التي انتهجتها الحكومات والمتمثلة بسياسات التسعير والدعم قد عاقبت الزراعة من ناحية، ولأن السياسات الاستثمارية انحازت إلى  مشروعات الري الضخمة من ناحية أخرى. وعلى رغم الاستثمار الكبير في مجال الري فإن الافتقار إلى الكفاءة في إدارة المياه (بسبب التصميمات المعيبة وضعف الصيانة وسوء الاستعمال) فان النتيجة لم تكن مرضية للغاية .

2-4  المجال القانوني والتشريعي والسياسات :

إن الأسلوب المباشر لتنظيم استعمال المياه بهدف رفع كفاءة استخدامها هو التقنين حيث يمكن أن يحقق التخصيص أو ترشيد توصيل المياه أثراً إيجابياً أيضاً ، ويمكن أن تؤدي هذه التدابير إلى  زيادة العائد من موارد المياه المحدودة . وتمثل " الرقابة المباشرة"  على "الأنماط المحصولية" خياراً آخر يمكن أن يخفض ، من حيث المبدأ ، استهلاك المياه على مستوى المزرعة، غير أن تقنين الأنماط المحصولية قد يقيد قدرة المزارع على الاستجابة لقوى السوق ومن ثم تنجم عنه آثار سلبية في صافي دخل المزرعة وفي القيمة المضافة الزراعية .

وتنظيم استغلال المياه الجوفية شائع ولكنه كثيراً ما يمثل مشكلة عسيرة، إذ أن السحب على المكشوف من دون ضابط من مستودعات المياه الجوفية ليس نادراً في بلدان المنطقة ، ولا تتوفر القدرات الإدارية للمراقبة السليمة بالقدر الكافي وينبغي تعزيزها وتجهيزها بوسائل المراقبة التقانية الحديثة، إذ بلغ السحب على المكشوف نسباً خطيرة في بعض بلدان المنطقة (الأردن وليبيا وفي بعض المناطق في سوريا وبلدان أخرى) وينبغي الحد منه .

تلعب الضوابط الاقتصادية وبخاصة السياسات السعرية المائية دوراً فاعلاً في مجالات ترشيد استخدامات المياه ، والواقع أنه إذا لم تتخذ مثل هذه الضوابط في الوطن العربي فلن تعطي الوسائل التقنية السابقة أية نتائج مرجوة . وكما ذكر آنفاً لابد من تحديد هيكل تعريفة المياه القائم على معرفة تكاليف إنتاج وتوزيع المياه من جهة ، والظروف الاقتصادية والاجتماعية لمستهلكي المياه من جهة ثانية. في مجال الاستخدام الصناعي لابدّ من تطبيق مبدأ " الملوّث يدفع " المعمول به في الدول المتطورة، وفي حالة استحالة تطبيق هذا المبدأ يفضل تركيز النشاطات الصناعية في مناطق صناعية لسهولة معالجة مخلفات هذه الصناعات وتطوير ما يعرف بـ " سوق إعادة التدوير " للمياه .

2-4-1  تكلفة إتاحة المياه :

ينبغي أن يكون التدخل بالوسائل المالية وفقاً لمبدأين مقبولين هما : مبدأ دفع ثمن الاستعمال ومبدأ تغريم المتسبب في التلوث . وينظر إلى  هذين المبدأين على أنهما عادلان وأنهما يؤديان في أكثر الأحيان إلى استعمال كفء للمياه .

هناك مناهج كثيرة لوضع هيكل لوسائل التدخل المالية يؤيد أحدها فكرة أن يكون التمويل الكامل لكلفة توريد المياه على حساب المستعملين، بينما يحبذ نهج آخر التسعير بمستويات تكافؤ الكلفة الحدية للمياه . وعادة ما تكون رسوم المياه ، في الواقع العملي، أدنى من المستويات اللازمة لاستعادة التكاليف المالية ناهيك عن المحافظة على استمرار تمشيها مع زيادة التكاليف الحدية حيث توضع بمستويات لاتقترب من القيمة الحقيقية للمياه . ففي الجزائر تبلغ الكلفة الحدية الطويلة الأجل للمياه الموجهة إلى  المستهلكين الحضريين، بما في ذلك توريد توزيع المياه ، حوالي 0.52 دولار أمريكي للمتر المكعب بينما يبلغ رسم المياه في المتوسط 0.12 دولار أمريكي للمتر المكعب . والتناقض أوضح في الري إذ تبلغ رسوم المياه الحالية في المتوسط 0.02 دولار أمريكي للمتر المكعب مقابل متوسط كلفة حدية للمياه تبلغ 0.32 دولار أمريكي. وفي الأردن تقارب رسوم مياه الري في شبكات الري العامة حالياً نصف تكاليف الصيانة والتشغيل. وفي مصر يتراوح مجموع كلفة توريد وتوزيع المياه الخام بين 0.03 دولار أمريكي في المناطق الريفية و 0.25 دولار أمريكي في المناطق الحضرية الرئيسية، بينما لايزيد متوسط رسوم المياه التي يدفعها المستهلكون في المنازل على 0.03 دولار أمريكي للمتر المكعب، وينبغي أن تضاف إلى  التكاليف السالفة الذكر كلفة جمع ومعالجة مياه الصرف الصحي، التي يبلغ متوسطها، بحسب التقديرات ، ما يتراوح بين 0.12 دولار أمريكي للمتر المكعب في المغرب و 0.37 دولار أمريكي للمتر المكعب في الأردن (إعادة استعمال مياه الصرف في الري) ، ومن هنا فإن الجمهور لايدرك القيمـة الاقتصادية للمياه ، ومـع انخفاض مستويات رسـوم المياه فإنه يفتقـر إلى  الحافز على   الحفاظ على المياه ، وبالتالي فإنه لايمكن توقع أن يتحمل الجمهور مسؤولية حماية وحفظ المياه(1) .

تهدف معظم الحكومات إلى فرض رسوم على استعمال المياه من شأنها أن تغطي تكاليف صيانة وتشغيل المرافق الحضرية، وفي حالات كثيرة أيضاً جزءاً من التكاليف الرأسمالية . ولكنها كثيراً ما تفشل ، من الناحية العملية، عن تنفيذ سياساتها مما قد لا يمكنها من تغطية التكاليف . وحتى في الأردن، حيث تقترب رسوم المياه الحضرية من الكلفة الحدية الطويلة الأجل للإمدادات الجديدة من المياه، فإن الهدر غير المبرر وغيره من العيوب يستوجب تقديم دعم حكومي. وعادة ما تكون الحكومة هي المالكة والمديرة لخدمات  توريد المياه ، ويرى البعض أنه ينبغي تقديم مستوى معين من خدمات المياه والصرف بكلفة في حدود طاقة الجميع للمحافظة على معايير الصحة العامة . وعلى الرغم من صواب هـذا الرأي فإن الخدمات التي تزيد على الاحتياجات الأساسيـة ينبغي دفع رسوم مقابل كلفتها الحقيقيـة.

أما رسوم مياه الري فهي أقل بكثير عادة حتى من المستويات غير الوافية لقطاع البلديات، إذ تعزف كثيراً من الحكومات عن قبول مبدأ استعادة كلفة مياه الري وتعمد إلى  إبقاء رسوم مياه الري أدنى من مستويات استعادة الكلفة الكاملة كتعويض من انخفاض دخول المزارعين المقيدة بهدف إبقاء أسعار الأغذية منخفضة في السوق والمحافظة على فرص العمل الزراعية والحد من الهجرة المكلفة من المناطق الريفية إلى  المناطق الحضرية. غير أن "الري المجاني" يعطي المزارع "إشارة خاطئة" وبالتالي ينبغي أن تكون زيادة رسوم مياه الري عنصراً مهماً في بحث إزالة تشوهات الأسعار، أي وضع الأسعار في نصابها .

ولم يسلَّم سوى عدد قليل من البلدان بضرورة فرض رسوم " بصورة وافية" على إمدادات مياه الري . ففـي المغرب ينص قانون المياه على أن يخضـع استهلاك  المياه كله لدفع رسوم على أساس عام حتى إذا ظلت المعدلات في مجال الري ، في الواقع العملي، أدنى بكثير من المعدلات في المناطق الحضرية. وفـي معظـم البلدان لايزال الري "مجاناً " ، ففي مصر ، توفر إمدادات المياه السطحية للري مجاناً وتمول هيئات المياه من الضرائب وغيرها من الإيرادات العامة.

 

(1) Jeremy Berkoff, A strategy for managing water in the Middle East and North Africa, Directions in development (Washington, DC: World bank, (1994)

وأي زيادة ذات شأن في رسوم المياه ستؤدي إلى وفورات في استعمال المياه عن طريق تشجيع المزارعين، على سبيل المثال ، بإقامة نظم ري تحقق وفراً في المياه ، وتكييف أنماطهم المحصولية بحيث تحقق صافي عائدات أمثل .

غير أن تكلفة اتاحة المياه قد أخذت تحظى باهتمام متزايد في كثير من بلدان المنطقة مثل الأردن وسوريا ومصر وغيرها ، وتتجه كثير من البلدان حالياً، من حيث المبدأ ، إلى ضرورة زيادة رسوم المياه .

هناك مفاهيم عديدة لتحديد أفضل السبل لتحديد رسوم المياه ، وأحد المناهج المتناولة هي تسعير المياه بحيث تغطي كلفة التشغيل والصيانة لتوصيل المياه إلى  المستعمل. وثمة نهج ثان يشمل جزءاً من الاستثمارات الرأسمالية أيضاً، كما أن هناك نهجاً ثالثاً يتمثل بتسعير المياه بكلفتها الفعلية أو بكلفة ثاني أفضل استعمال في الأجل القصير مع افتراض ثبات طاقات التوريد. وثمة رأي آخر ولاسيما في ضوء ارتفاع تكاليف الوحدة الإضافية من المياه يتمثل بتسعيرها بكلفتها الحدية الطويلة الأجل التي تشمل بحكم تعريفها تكاليف الضرر البيئي أو إستنفاذ الموارد في الأجل الطويل  .

ويمكن أن تراعي أهداف سياسة التسعير واحداً أو أكثر من الاعتبارات التالية(1) :

*  توزيع الموارد المائية بكفاءة بين شتى قطاعات الاقتصاد وداخل القطاع ذاته.

*  تلبية اعتبارات الإنصاف وقدرة المستهلكين على الدفع ولاسيما الفقراء .

*  زيادة الإيرادات لتغطية الاحتياجات المالية اللازمة لتوفير الخدمة .

*  إعانة المناطق الخاصة لتشجيع التنمية السريعة .

*  مراعاة الاعتبارات السياسية لمنطقة خاصة أو قطاع فرعي من السكان .

ويشمل تسعير المياه كلفة التشغيل والصيانة والتكاليف الرأسمالية وكلفة استنفاد الموارد والضرر البيئي. وهذا يعني تقويم ثمن المياه بسعرها الكفء اجتماعياً، وهو يختلف عن تسعير المياه، مع افتراض أن تكاليف توريد الوحدة الإضافية سيبقى من دون تغيير مستقبلاً . وبموجب آلية تسعير كهذه، فإنه إذا زاد الطلب (بسبب تغير أنماط الاستهلاك أو زيادة عدد السكان كما هو الحال في كثير من البلدان العربية) فإن تكاليف التوريد سوف تزداد . ويعني هذا عملياً وضع هيكل تسعير  يختلف  باختلاف المستهلكين وأوقات التوريد (فترات الذروة مقابل فترات انخفاض الاستهلاك) ونوعية المياه المقدمة والمناطق الجغرافية .

 

 

 
 

 

(1) Mohan Munasinghe, Water supply and environmental management : Developing world applications, foreword by Donald Lauria, Studies in water policy and management (Boulder, CO :  Westview press (1992) .

 وعندما توضع الأسعار وفقاً للكلفة الحدية الطويلة الأجل في ظروف تزداد فيها تكاليف إنتاج الوحدة الإضافية من المياه ، كما هو الحال في كثير من البلدان العربية، فقد يتحقق فائض ويمكن تحويل هذا الفائض لإعانة المجموعات الخاصة مثل الفقراء وسكان المناطق المتخلفة إنمائياً .

وفي مواجهة ندرة المياه في المنطقة العربية تملي اعتبارات التنمية المستدامة أن يكون تسعير المياه على مستوى أقرب ما يمكن من الكلفة الحدية الطويلة الأجل . وكخطوة أولى ينبغي أن تحصل رسوم:

-  من أجل استعادة كلفة التشغيل والصيانة بالإضافة إلى  نسبة من التكاليف الاستثمارية.

-  توفير أداة لتحسين كفاءة استعمال المياه .

ويجري استنزاف موارد المياه الجوفية في كثير من بلدان المنطقة العربية بمعدل يثير الجزع ويمكن للحكومات من أجل منع الاستنزاف المستمر أن تلجأ إلى  تدابير من قبيل فرض الضرائب أو تخصيص حقوق المياه أو ضبط توريدها .

وترسل السياسات التي تقلل من قيمة المورد الطبيعي إشارات اقتصادية خاطئة إلى  المزارعين من زاوية الدخل الكبير الذي يخسره المجتمع. ويقدم الشكل رقم (1-2) مثالاً يبين كلفة الإفراط في الضخ في حالة " الوصول الحر إلى  المورد " حيث يمثل منحنى الطلب استعداد المزارعين للدفع مقابل الوحدة الإضافية من المياه . ويتيح معدل التغذية الطبيعية حداً أقصى من " العرض " مقداره X1 . وتمثل OD الكلفة الأولية للحصول على وحدة من المياه عن طريق الضخ . وبهذا السعر ، في حالة عدم وجود ضبط للاستعمال ، ستضخ X2 وحدة من المياه . ومع ضخ المياه بأكثر من المستوى المستديم وهو X1 (الضخ أكبر من التغذية) يبدأ مستوى المياه في الحوض في الهبوط (كما هو الحال في كثير من بلدان المنطقة) مما يؤدي إلى  ارتفاع تكاليف ضخ الكمية نفسها من المياه .

 

 

الشكل رقم (1-2)

كمية المياه المستمدة من الموارد الجوفية لكل وحدة زمنية

 

 
 

السعر

 

 

الكمية المسحوبة في وحدة الزمن

 

وفي ظل التوازن الجديد تضخ مياه أقل (X1) بكلفة أكبر، حيث يدفع المزارعون سعراً لايأخذ في الحسبان كلفة المستعمل (أو كلفة استعمال المياه على مر الأجيال) . ويتمتع المستعمل بفترة أولية من الفوائد الإضافية التي تتحقق من الحصول على X2 من المياه، كما هو مبين بالشكل (المنطقة الفاتحة اللون)، ولكن هذه الحالة لاتستمر لأنها تؤدي إلى  كلفة إضافية كما هو مبين بالمساحة المنقطة الغامقة اللون. ومن الناحية الاقتصادية سيكون الخصم الذي يحدث في تحقيق الفوائد في الفترة المبكرة أقل من الخصم في الكلفة نتيجة اتباع سياسة الوصول الحر إلى  المياه .

  ويمكن إنجاز الحل الأقل كلفة المستديم عن طريق فرض رسم مماثل للمقدار AD في الشكل المذكور على كل وحـدة مـن المياه تستمد مـن المياه الجوفية أو إنشاء سوق لحقوق سحب المياه حتى المستويـات المستديمة X1 . وفي كثير مـن البلدان يجعـل الوصـول الحـر إلى  المياه الجوفية الضخ غير اقتصادي ويؤدي إلى  تفاقم مشكلة تدهور الموارد المائية وفي حالات كثيرة إلى  التصحر .

  وتتطلب سياسة التسعير الملائم أن يتم التحقق على الأجل الطويل من قيمة استنزاف الموارد الجوفية على مر الأجيال التي تبينها العلاقة التالية بالقيمة الحدية :

حيث :

  :  هي صافي كلفة الانتفاع الحدية لاستعمال مورد المياه ،

     : هي الكلفة المباشرة الحدية لاستخراج أو تطوير المياه ،

   : هي كلفة المستعمل الحدية لاستعمال مورد المياه (اعتبارات تعاقب الأجيال) .

  : هي الكلفة الحدية المشتركة بين القطاعات المفروضة على القطاع (المورد) المشار إليه بالحرف j باستعمال المورد المشار إليه بالحرف i .

أ-   تحديد قيمة المياه وفقاً للتكلفة الحدية :

  أما أساس تحديد أسعار المياه بناءاً على تكلفتها الحدية فيمكن التعبير عنه بمنحنى بسيط يمثل العرض والطلب . والشكل رقم (2-2) يبين الحالة الراهنة في ما يتعلق بمنحنيات العرض والطلب . فعند السعر P والكمية Q  فإن جملة الفوائد الخاصة بالمستهلكين تمثلها المساحة الواقعة أسفل منحنى الطلب أو استعدادهم لدفع السعر المطلوب ، أما الشكل رقم (3-2) فيبين سعر الماء عند نقطة ناتج القيمة الحدية ويلاحظ منه التالي :

 

 

 

 

الشكل رقم (2-2)

سعر المياه عند نقطة أدنى من نقطة ناتج القيمة الحدية

 

 

 

الشكل رقم (2-3)

 سعر المياه عند نقطة أدنى من نقطة ناتج القيمة الحدية

 

 

 

الفوائد (CWP)    = 4 + 3 + 2 + 1

  تكلفة العرض   = 5 + 4 + 3

  صافي الفوائد   = 5 - 2 + 1

  ووفقاً للشكل المذكور تمثل تكلفة عرض المياه المساحة الواقعة أسفل منحنى العرض وتعبر عنها المساحة (5+4+3) . وأما صافي الفوائد أي المساحة (5-2+1) فهو يساوي الفوائد (4+3+2+1) ناقصاً التكاليف (5+4+3) .

  ويبلغ صافي الفوائد أقصى قيمة له عندما تكون الفوائد الحدية مساوية للتكلفة الحدية أو عند السعر  والكمية  حيث تكون :

  الفوائد (CWP) = 3 + 2 + 1

  تكلفة العرض  = 3

  صافي الفوائد  = 2 + 1

  وقبل الدخول في حساب وتقدير قيمة المياه لابدّ من تحديد الفارق بين الأسعار الخاصة (المالية) والأسعار الاجتماعية (الاقتصادية) . فالأسعار الخاصة هي أسعار السوق التي تتخذ لحساب قيمة الفوائد والتكاليف لسلعة من السلع . وهذه الأسعار تبتعد في كثير من الأحيان عن قيمتها الحقيقية سواء لخلل في السوق أو لأنها خارجية ، وبإزالة هـذه التشوهات يمكن حساب الأسعار الاجتماعية أو الاقتصادية.

  وعادة ما تكون الأسواق غير كافية أو غائبة تماماً بالنسبة لسلعة كالمياه وتعتمد قيمة المياه عادة على المحاسبة المالية (أي على متوسط السعر).

  هذا ويُستخدم أسلوب دالة الإنتاج للحصول على ناتج القيمة الحدية لمستلزمات بعينها، إذ غالباً ما تستخدم قطاعات من البيانات أو سلاسل زمنية لتقدير قيمة المستلزمات الداخلة في إنتاج المحاصيل. في عام 1922 استخدم معهد البنجاب للبحوث الاقتصادية نموذج دالة الإنتاج (استناداً إلى  بيانات تقريبية أو بعض المسموح عن إدارة المزارع) لحساب المساهمة النسبية لبعض اللوازم المختارة في إنتاج المحاصيل وكذلك قيمة الناتج الحدي لكل واحد من المستلزمات وكفاءة تخصيص الموارد المستخدمة. وصُنّفت قيمة الناتج الحدي بالنسبة للماء سواء في مناطق مشروع إزالة الملوحة واستصلاح الأراضي أو في غيرها بحسب حجم المزرعة .

حيث أن :

Y   : قيمة المحصول المنتج .

X1 : الأرض الزراعية مقيسة بالأفدنة

  X2 : اليد العاملة .

  X3 : قيمة البذور .

  X 4 : الأسمدة ، والعناصر الغذائية بالكيلوغرامات لكل مزرعة .

  X 5 : مياه الري مقيسة بعدد البوصات في الفدان للمزرعة .

  X 6 : قيمة الكيميائيات .

  b1 ...b6 : بارومترات يجري تقديرها .

eu : حد الخطأ .

وقدّرت قيمة الناتج الحدي للري بضرب الناتج المادي الحدي لكل واحد من المستلزمات في سعر الناتج .

لقد تبين للباحثين في المعهد المذكور أن قيمة الناتج الحدي للمياه 37 روبية باكستانية لكل فدان وهذه القيمة تزيد ثلاث مرات عن تكلفة الفرصة البديلة (10 روبية لكل فدان) . وتستند تكلفة الفرصة إلى  سعر المياه في أسواق المياه غير الرسمية (تجارة المياه الحرة) . وتعبر هذه التقديرات عن التقديرات المنخفضة السعر في أسواق المياه (وهو السعر الذي يتراوح وفقاً لتقديرات البنك الدولي بين 10 و 70 روبية لكل فدان).

ونظراً لانخفاض قيمة تكلفة الفرصة فإن كبار المزارعين قادرون على تحقيق مزيد من الربح الاقتصادي وذلك بتحسين استعمال المياه، بينما يستخدم صغار المزارعين المياه بدرجة كبيرة من الكفاءة، حيث كان منتج القيمة الحدية 10.08 روبيات ، وهي قيمة تقترب من تكلفة الفرصة. وإذا قورنت الأسعار في أسواق المياه (تكلفة الفرصة) وقيمة الناتج الحدي يتضح أنه يمكن تحقيق مكاسب اقتصادية من بيع المياه، وإذا زادت المنافسة بين أسواق المياه العاملة في ظل القانون سوف يتحسن استخدام المياه بطريقة مرشدة وعادلة .

ب-  تنسيب المتبقي من القيمة الإجمالية :

وتقوم هذه الطريقة على توزيع القيمة الكلية للناتج على جميع الموارد المستخدمة في الإنتاج، فإذا أعطيت كل المستلزمات أسعاراً سليمة باستثناء واحد فقط (وليكن المياه) فإن المتبقي من القيمة الإجمالية للمنتج يُعزى إلى  المتبقي من الموارد . وتستخدم عادة المعادلة البسيطة التالية في حساب قيمة الماء اللازم لمحصول ما :

                     NIi = GIi - Vci - Fci

حيث :

  NIi : الدخل الصافي للهكتار من المزرعة .

  GIi : الدخل الإجمالي للهكتار من المزرعة .

  Vci : التكاليف المتغيرة للهكتار في إنتاج المحصول i  .

  Fci : التكاليف الثابتة للهكتار في إنتاج المحصول i .

  وبالجمع بين البيانات المتعلقة باحتياجات المحصول من الماء يمكن حساب قيمة الماء بالنسبة لهذا المحصول كما يلي :

الدخل الصافي للمحصول i

قيمة الماء E للمحصول i =

احتياجات المحصول i للمياه

 

 

        ولدى تطبيق هذه الطريقة في باكستان على محاصيل القمح والأرز وقصب السكر والقطن وعباد الشمس تبين أن متوسط العائدات الصـافية لميـاه الري (روبية لكل 1000 م3 مياه)(1) كانت كالتالي :

 

الأسعار الاجتماعية

الأسعار الخاصة

المحصول

1853

1014

القمح

1828

583

الأرز

381  -

250

قصب السكر

4499

1486

القطن

89  -

1418

عباد الشمس

 

 

ج-  استخدام البرمجة الخطية في تحديد قيمة المياه :

  يعتبر أسلوب البرمجة الخطية طريقة مناسبة لتقدير القيمة الحدية للمياه حيث يمكن للنموذج تحديد النظام الزراعي المطلوب لزيادة الدخل إلى  أقصى حد ممكن في ظل تشغيل نموذجي للمزرعة مع اختلاف كميات الري . ومن طرق تقويم أي مورد حدي اعتبار المزرعة في حالة مثلى على المدى القصير ثم قياس كيفية تأثير زيادة كمية المياه أو نقصانها بالقدر المرغوب في العائدات كما هو موضح في الشكل رقم (4-2)(2) .

  غالباً ما تستخدم تكلفة استخراج المياه من الآبار لتعبر عن قيمة هذه المياه نظراً لأن تكلفة إنتاج الماء تمثل قيمته الحدية وأن المزارعين المستخدمين لمياه الآبار يضخون الماء منها إلى  الحد الذي تتساوى عنده قيمة الماء الحدية مع تكلفة إنتاجه . ومن الواضح أن التكلفة الاقتصادية لإنتاج الماء تكون مرتفعة في حالة آبار الديزل بالمقارنة مع آبار الكهرباء (25-5  % زيادة) ذات السرعات العالية كما هو موضح في الجدول رقم (1-2) .

 

 

 
 

 

(1)  Longmire, “Agriculture and comparative advantage in Pakistan”, (1993).

2- اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا (الاسكوا) ، سياسات الأراضي والمياه في منطقة الشرق الأدنى (نيويورك : الأمم المتحدة ، 1996) .

 

 

 

جدول رقم (1-2)

التكلفة الاقتصادية للآبار الأنبوبية (روبية /فدان)

 

آبار الديزل

الآبار الكهربائية

نسبة الاستخدام

سرعة منخفضة

سرعة عالية

308

226

184

159

369

277

231

203

293

238

210

193

10

15

20

25

 

 

المصدر :  اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) ، سياسات الأراضي والمياه في منطقة الشرق الأدنى (نيويورك : الأمم المتحدة ، 1996) .

 

 

 

الشكل رقم (4-2)

أفضل المساحات المحصولية للقطن والقمح لدى مستويين

من المياه مع ثبات العناصر الإنتاجية الأخرى

(الأرض والعمالة) على مستوى المزرعة

 

ووفقاً لهذه القيم الحدية تكون أسعار المياه مساوية تقريباً للأسعار التجارية ولن يكون بوسع المزارعين دفع هذه الأسعار إلاّ إذا ألغيت الضرائب المفروضة ضمنياً على المنتجات الزراعية. ويلاحظ هنا أنه لايمكن اعتبار تكلفة إنتاج مياه الآبار مقياساً لتحديد سعر مياه القنوات كونها مرتفعة جداً ولاتستخدم عادة إلاّ بصفة تكميلية للري بواسطة القنوات .

د-  رسوم المياه ومقدرة المزارعين على دفعها :

غالباً ما ينظر الاقتصاديون إلى  زيادة رسوم المياه كأحد الخيارات المطروحة لتقنين المياه المستخدمة في الزراعة ولرفع كفاءة استخدامها . وتتوقف قدرة المزارعين على دفع الرسوم الإضافية على المياه وفقاً لدخولهم الصافية . فمزارعو باكستان على سبيل المثال يدفعون ما يعادل %2.6 ، و%2,8 ، و%13.2 من الدخل الصافي لكل من القطن والقمح وقصب السكر على التوالي ، هنا يلاحظ الفرق الهائل بين رسوم المياه الحالية وبين الأسعار الخاصة والاجتماعية(1) المحسوبة بالطرق المختلفة المذكورة آنفاً .

والواقع أن عملية زيادة الرسوم على المياه يجب أن تقرن دائماً بحجم الضرائب التي تضعها الدولة على المحاصيل الزراعية (خاصة التصديرية منها) سواء أكانت مباشرة(2) أو غير مباشرة .  ففي حالة كبر حجم هذه الضرائب لابدّ للمزارعين واتحاداتهم من مقاومة أية رسوم إضافية على المياه نظراً لأن هذه الزيادات ستضر بمعدلات التبادل التجاري القطاعية في غير صالح القطاع الزراعي وتؤدي إلى انخفاض رغبة وقدرة المزارع في المحافظة على الموارد المائية .

من جهة أخرى ترتبط أيضاً رسوم المياه كلياً بكل من تكاليف التشغيل والصيانة. فانخفاض هذه الرسوم في باكستان أدى إلى  تقييد يد الحكومة في توفير الموارد اللازمة للتشغيل والإدارة بكفاءة. إن سوء صيانة شبكة الري يؤدي إلى  العديد من الثغرات التي تقود في النهاية إلى  انقطاع المياه وبالتالي إلى  انخفاض في غلة المحاصيل والإضرار بالمساحات المزروعة وإلى التحول لزراعة المحاصيل المنخفضة القيمة ، وإلى تقليص الاستثمارات الزراعية. لذلك نرى أنه من الضرورة بمكان رفع رسوم المياه إلى  المستوى الذي يمكن عنده أن تغطي تكاليف تشغيل مرافق الري وصيانتها وأن تدر الموارد المالية لتطوير هذه المرافق . بمعنى آخر يجب أن تراعي الزيادات في رسوم المياه مستقبلاً النقاط التالية :

-  تصحيح الأسعار مطلوب بهدف القضاء على التدخل في الأسعار بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .

-  رفـع الأسعار فـي المدى القصير لجمـع الأموال اللازمة لبناء شبكة الري وصيانتها بكفاءة.

 

 

 
 

 

1-  السعر الاجتماعي للمياه يدر بـ 237 روبية/فدان لكل المحاصيل .

2-  بلغت الرسوم المباشرة وغير المباشرة التي يدفعها المزارع في باكستان على محاصيل القمح والقطن والأرز 14% و 40% ، و 33% في موسم 1992/1993

-  التحقق من قيمة المياه بالنسبة للأجيال القادمة وعلى المدى الطويل ووفقاً للعلاقة التالية بالقيم الحدية :

حيث :

      : تكلفة الفرصة الصافية الحدية لاستنفاذ مورد الماء ،

        :  التكلفة المباشرة الحدية لاستخراج الماء أو تنميته ،

     :  تكلفة الاستخدام الحدية لاستنفاذ ماء المورد (الجانب المشترك بين الأجيال)،

     :  التكلفة الحدية المشتركة بين القطاعات والمفروضة على القطاع (المورد) باستنفاذ المورد i .

2-4-2  التشريع والقضايا المؤسسية :

تعتبر التشريعات من أهم الوسائل التي تستخدمها الإدارة المتكاملة للموارد المائية كونها تقود إلى  حماية الموارد المائية لأنها أملاك عامة . وما يتمتع به الأفراد من حقوق بخصوصها هو حـق الانتفاع بالمياه وذلك في ضوء الرخص التي تمنحها الدولة لاستثمار المياه السطحية والجوفية ووفقاً لشروط تحمي هذه الموارد من التلوث والاستنزاف وتجنب اختلاط مياه الطبقات المتباينة النوعيات .

وتدرك البلدان العربية أهمية التشريعات في حماية الموارد المائية السطحية والجوفية من التلوث، فأخذت تسن القوانين الخاصة بحماية نوعية المياه وحماية البيئة وبخاصة المياه الجوفية على رغم الصعوبات التي تواجهها السلطة المسؤولة عن إدارة الموارد المائية المتعلقة بهذه المياه من جراء التكثيف الزراعي في المناطق المروية وانتقال جزء مهم من المغذيات والملوثات إلى  الطبقات الحرة .

وفي ضوء ظروف ازدياد ندرة المياه وزيادة التكاليف الحدية لإمدادات المياه يتعين تحسين وتعزيز الوظائف التنظيمية التي تضطلع بها الحكومة في قطاع المياه. ولا غنى عن إصلاح إدارة الحكومة لقطاع المياه باعتبار أن تحسين الكفاءة هو الهدف الأسمى . وسيكون لهذا الإصلاح تأثير في الوضع المؤسسي لموارد المياه وسيكفل تعريفاً أوضح لدور القطاع الخاص . ويمكن توقع أن تكتسب إعادة توزيع موارد المياه أهمية متعاظمة خاصة في البلدان الفقيرة بالمياه ذات الدخل المتوسط والدخل المنخفض ، كما ستكتسب معالجة مياه النفايات وإعادة استعمالاتها أهمية أكثر . وستتطلب هذه العوامل وغيرها من العوامل الملحة إصلاحات مؤسسية وتشريعية لمعالجة الجوانب التنظيمية وغيرها من الوظائف التي ستظهر نتيجة للأوضاع الجديدة لموارد المياه .

2-5  المجال الاجتماعي والإرشادي والتوعية :

مازالت المشاكل ذات الطبيعة الاجتماعية تؤثر في أساليب الري وكفاءة استخدام الماء في بعض البلدان العربية، من حيث تعوّد المزارعين على نمط ري معين لأنواع معينة من المحاصيل وصعوبة تركه، مثل استعمال الري بالغمر غير المقيد أو بالخطوط الترابية غير المنتظمة ، مما ينتج عنه فقد كميات كبيرة من مياه الري .

 

وما تزال الأقسام المتخصصة "بالإرشاد المائي" للمزارعين شبه غائبة في العديد من البلدان العربية وبالتالي يبقى المزارع من دون الإرشاد الكافي والفعال لأفضل الأساليب لتحسين طرق الري داخل المزرعة واتباع المقننات المائية .

  أما في مجال " توعية الجمهور " تشجع الأطر التي تستهدف مشاركة الحائزين في صنع القرارات على تحقيق الشفافية والمحاسبة، ويمكن أن تكفل تأييد والتزام الجمهور بسياسات وبرامج المياه. ويمكن أن تؤدي المناشدات الموجهة لتوعية الجمهور من خلال برامج التعليم العامة والمبادرات المماثلة إلى  تغييرات مهمة في السلوك البشري المتصل بحفظ المياه واستعمالها. وهذه الجهود في معظمها لاتكاد تكلف شيئاً بالمقارنة مع الاستثمارات في قطاع المياه وينبغي تشجيعها ودعمها في البلدان العربية .

ونظراً لأن العديد من اختصاصيي المياه لايؤمنون بالتعريف المبسط لترشيد استعمالات المياه المتمثل بتأمين الاحتياج المائي المعقول للنبات وللمحصول فقط وإنما يريدون أن يشمل كل الإجراءات المترابطة والمتكاملة من فنية وإدارية وزراعية واقتصادية واجتماعية وتشريعية والتي تهدف بمجموعها إلى  تحقيق أكبر عائد اقتصادي من وحدة المياه وبشكل يؤمن ديمومة الموارد المائية وحماية الموارد الطبيعية الأخرى من التدهور والتصحر والاستنزاف والتلوث، لذلك فإن عملية الترشيد المتكاملة بهدف رفع كفاءة استخدام الماء ترتبط عملياً بكثير من العوامل، منها :

1-  التنظيمي للإدارات المائية ،

2-  البنى التحتية لمشاريع الري ،

3-  نظام إدارة وتشغيل المنظومة المائية،

4-  الدورات الزراعية ،

5-  مستوى المسؤولين في الإدارة المائية،

6-  البحث العلمي ونقل التقانة ،

7-  الإرشاد الزراعي المائي،

8-  العلاقة بين الدولة والمزارعين ومدى مشاركتهم في إدارة المنظومة المائية .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثالث

 

التجارب العربية والعالمية في مجال

تطوير الري السطحي والصرف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثالث

 

التجارب العربية والعالمية في مجال

تطوير الري السطحي والصرف

 

3-1  مقدمة :

لقد ارتبطت  الزراعة المروية بالحضارات على ضفاف الأنهر ، وقد عرف العالم العربي العديد من هذه الحضارات في منطقة ما بين النهرين وعلى ضفاف نهر النيل ، حيث اشتهرت الزراعة المروية ، ولقد ساد نمط الري السطحي في كل هذه الزراعات المروية ، حيث لم يكن هناك أسلوب خلافه . تشير الاحصاءات الحالية كما ذكر سابقاً بأن أسلوب الري السطحي يستخدم في حوالي 85% من الأراضي المروية العربية . وقد تعددت التجارب العربية في تطوير هذا النظام لتدارك سلبياته ، وفيما يلي سرد لبعض هذه التجارب العربية :

3-2  التجارب العربية في تطوير الري السطحي والصرف :

3-2-1  التجربة الأردنية في تطوير الري السطحي والصرف :

يعتبر الأردن من الدول الفقيرة في مصادره المائية السطحية والجوفية، وتشكل مياه الري المستخدمة في الزراعة المروية ما نسبته %70-60 من المياه المتاحة. ولذا فإن رفع كفاءة الري وحسن استغلال المياه وترشيدها أصبح من أولويات الجهات المسؤولة عن المياه والزراعة في الأردن .

بشكل عام ، إن أساليب الري المتبعة وسبل نقل المياه إلى  الحقل تلعب دوراً كبيراً في كفاءة الري وحسن استخدام المياه . وفي الأردن ، يتكون نظام الري من ثلاثة أجزاء رئيسية هي :

1-  أنظمة التوزيع الرئيسي Delivery system .

2-  أنظمة الري الحقلي Application system .

3-  أنظمة صرف المياه الزائدة Disposal system .

  تهدف أنظمة التوزيع (القناة الرئيسية : قناة الملك عبد الله ، وشبكات الري الرئيسية ) إلى  نقل المياه من المصادر المائية (السطحية والجوفية والمخزونة) عبر سدود تحويلية مقامة على الأودية الجانبية مجهزة بأجهزة قياس وبوابات وأحواض ترسيب وغيرها . وتهدف أنظمة الري الحقلي الموضعي داخل الوحدات الزراعية إلى  نقل المياه من مآخذ الوحدات الزراعية إلى  جذر النبات . وتقسم طرق الري الحقلي إلى  : الري السطحي Surface irrigation ، الري بالرش Sprinkler irrigation ، والري بالتنقيط Drip or trickle irrigation .

هذه الطرق الثلاثة هي الشائعة حالياً، إلاّ أن الري السطحي هو الأسلوب الذي مورس منذ القدم وظل سائداً في الأردن حتى نهاية السبعينات ، وحتى ذلك الحين لم يكن يمارس أياً من أساليب الري الأخرى . ومنذ مطلع الثمانينات بدأ التحول التدريجي إلى  الري بالتنقيط متسارعاً خاصة في ري الخضروات وأصبح هو السائد في الأردن، إلاّ أن أسلوب الري السطحي ما يزال يستخدم خاصة في أراضي الأودية الجانبية دائمة الجريان ، والأراضي المزروعة بالأشجار والموز في وادي الأردن. ويتطلب أسلوب الري السطحي أعمال التسوية الحقلية وتجريف الأرض لتكون شبه مستوية إذا كان منسوب مصدر المياه أخفض من أجزاء الأرض المراد ريها .

ومن أبرز سلبيات الري السطحي تدني كفاءة الري، في الوقت الذي تعاني منه الأردن من شح شديد في المياه المتاحة من مصادرها .

طرق الري السطحي في الأردن :

أولاً :  الري السطحي بالأثلام أو الخطوط : عبارة عن خطوط مستقيمة أو كنتورية ارتفاعها 25-15 سم ، وعرضها 40-20 سم ، والمسافة فيما بينها 100-50 سم وذلك حسب المحصول ، تسيل فيها المياه، ويتم زراعة الخضروات مثل البندورة والباذنجان والكوسا والزهرة والملفوف والفاصولياء والبصل والثوم وغيرها . يتوقف طول الخط على نوع التربة، ويمكن استخدام الخطوط الطويلة في الأراضي الطينية الثقيلة إذا كانت أبعاد المزرعة تساعد على ذلك كما يلي :

            نوع التربة                           طول الخط

            خفيفة                                 120 متر

            متوسطة                              250-120 متر

            ثقيلة                                  400-250 متر

ثانياً : الري السطحي بالدواليب : عبارة عن أقنية متعرجة ذات زوايا قائمة، ويتم زراعة الخضروات مثل البندورة والباذنجان والكوسا والزهرة والبصل والثوم وغيرها .

ثالثاً : الري السطحي بالأحواض : عبارة عن أحواض كبيرة مستطيلة أو مربعة الشكل ذات أكتاف، ويتم زراعة أشجار الحمضيات والموز وغيرها من الأشجار ، وكذلك المحاصيل الورقية مثل البقدونس والنعنع والجرجير والسبانخ والملوخية بالإضافة إلى  البرســيم والفصة .

كما لوحظ أن المزارعين في وادي الأردن يمارسون هذا النمط من الري : يقومون بعمل حوض كبير دائري الشكل بقطر حوالي 4 متر ، أو حوض كبير مستطيل الشكل (كل حوض يحتوي أربعة أشجار أو أكثر حسب عمر وحجم الشجرة) وتقوم شبكة قنوات ترابية بتوصيل المياه إلى  تلك الأحواض  بحيث يمتلئ الحوض ثم تأخذ الأشجار احتياجها المائي. كذلك يقوم مزارعي الموز بزراعة شجيرات الموز داخل أخاديد مستقيمة عمقها عند الزراعة حوالي 50-40 سم وعرضها حوالي 100-80 سم ، ويتم توصيل المياه من خلال شبكة أقنية ترابية، علماً بأن الاحتياجات المائية للموز في وادي الأردن مرتفعة 12-8) متر مكعب للدونم في اليوم ) . أما في حال زراعة المحاصيل الورقية فيتم تقسيم المزرعة إلى  عدد من الأحواض أبعادها (1,5 × 3 متر) وتقوم شبكة أقنية ترابية بتوصيل المياه إلى  هذه الأحواض .

* حالة الري السطحي في الأردن :

لقد بذلت الحكومة الأردنية جهوداً كبيرة في سبيل تحسين إدارة الري من المصدر ولغاية مآخذ الوحدات الزراعية وغدت كفاءة شبكة التوزيع بالأنابيب المضغوطة تزيد عن %90 لأغلب مشاريع الري، أما كفاءة نقل قناة الملك عبد الله البالغ طولها 110 كم وهي الناقل الرئيسي للمياه في وادي الأردن فأصبحت حوالي %85 بعد تنفيذ مشروع إعادة تأهيلها وتحسينها، بالإضافة إلى  تنفيذ مشروع نظام إدارة معلومات المياه ومشروع القياسات المائية الذي يتم من خلاله التحكم عن بعد بمنشآت قناة الملك عبد الله وملحقاتها، وبهذا فإن كفاءة النقل من المصدر ولغاية مآخذ الوحدات الزراعية تزيد عن %76 . إلاّ أن كفاءة التوصيل في بعض مشاريع الري متدنية نوعاً ما نظراً لقدمها وتقدر كفاءة التوصيل فيها بحدود %70-65 ، لذا فإن الحاجة تدعو إلى  إعادة تأهيلها وصيانتها لرفع كفاءة الري .

  أما على مستوى المزرعة التي تمارس فيها طرق الري المختلفة، يمكن تقدير كفاءة الري على مستوى المزرعة بحوالي %55-50 ، وليس من السهل إقناع المزارعين برفع كفاءة الري وترشيد استهلاك المياه، وليس أدل على ذلك بالقول، بأنه تم تقليل كميات المياه المسالة إلى  المزارعين خلال عام 1999 بمقدار %30 (نتيجة لشح المياه) مقارنة بعام 1998 ومع ذلك فإن الإنتاج الزراعي لم يشهد نقص يذكر .

*  حالة نظام صرف المياه الزائدة في الأردن :

من خلال نظام الصرف يتم جمع المياه الزائدة عن حاجة النبات من التربة وصرفها خارج المزرعة إلى المهارب الرئيسية (المصارف الرئيسية) وهي إما أن تكون مكشوفة أو مغطاة. وتعد منطقة وادي الأردن والأراضي الواقعة على جوانب الأودية ذات الجريان الدائم هي المنطقة الرئيسية التي يمارس فيها الري المنظم بطرقه المختلفة (الري السطحي، الري بالرش ، الري بالتنقيط) ، في حين أن المناطق المرتفعة والصحراوية تستخدم طريقة الري بالتنقيط وأغلبها يروى من المياه الجوفية ، وعليه يمكن استخلاص النقاط التالية :

الأراضي المروية في المناطق المرتفعة والصحراوية لم تعاني لغاية الآن من مشاكل صرف .

في أراضي مناطق الأودية الجانبية المروية من الجريان الدائم ، لوحظ أن هذه الأراضي لاتعاني من أي مشاكل صرف لكونها ذات انحدار يساعد على صرف المياه الزائدة من قطاع التربة.

أما في منطقة وادي الأردن، عندما تم تنفيذ مشاريع ري وادي الأردن، تم عمل مهارب سطحية مفتوحة (مصارف مكشوفة) ما بين الوحدات الزراعية على أعماق تتراوح بين (3-2) أمتار ، أي أن جميع أراضي مشاريع ري وادي الأردن مجهزة بمهارب سطحية مفتوحة . (يبلغ طولها الإجمالي 72750 متر طولي) . وكانت سلطة وادي الأردن قد نفذت شبكات مصارف جوفية (مغطاة) بأقطار تتراوح بين (10-4) انش . وبلغ طولها الإجمالي 283192 متر طولي لخدمة 32745 دونم ، ويتم مراقبة المصارف الجوفية (المغطاة) ونوعية المياه الخارجة منها دورياً. ونتيجة لري الأراضي الزراعية خلال الفترة الماضية ظهر في بعضها مشاكل صرف أو تملح أو كليهما، وهذه المشاكل تعتبر عائقاً رئيسياً للاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية، الأمر الذي يستدعي القيام بغسل الأراضي المالحة ، وقد وجد من تجارب غسيل التربة فـي وادي الأردن أنه يمكن غسيل الأراضي المالحة بكمية تتراوح ما بين (1000-300 م3) لكل دونم حسب ملوحة التربة وملوحة مياه الري، ويمكن استغلال مياه السنوات المطيرة لعملية غسيل الأراضي المالحة .

المشاكل والمعوقات التي تواجه تطوير إدارة مياه الري على مستوى المزرعة في الأردن :

أ-    عدم وضوح سياسة لإدارة الري على مستوى المزرعة كفيلة برفع كفاءة الري الحقلي .

ب-  عدم وجود جمعية مختصة لمستخدمي المياه لتقوم بإدارة مياه الري من حيث الجدولة والكمية لكافة شبكات التوزيع، بالإضافة إلى  المساعدة في تحديد النمط المحصولي لأي منطقة على أساس توفر المياه (كميتها) ، ونوعيتها ، وصلاحية الأراضي للري .

ج-   عدم توفر " إرشاد مائي " على مستوى المزرعة من قبل وزارة الزراعة، وهناك بدايات مشجعة جداً مقدمة من وزارة المياه والري/ سلطة وادي الأردن إلى  مزارعي وادي الأردن فقط .

د-   ضعف استعداد المزارعين لتقبل الإرشادات ، وانعدام تدريب المزارعين حول إدارة الري الحقلي، وضعف " التوعية المائية " .

هـ- تعاني شبكات الري على مستوى المزرعة من سوء التصميم والتنفيذ والتصنيع والتشغيل والصيانة ناشئ أساساً عن عدم وجود تشريعات خاصة تنظم تصنيع وتصميم وإدارة وتشغيل وصيانة أنظمة الري الحقلي .

و-   انخفاض أسعار مياه الري أو تكاليف ضخها قلل من أهميتها (كعامل اقتصادي هام من عوامل الإنتاج) ، مما أدى إلى  الإسراف في استعمال المياه وعدم ترشيد الاستهلاك  .

ز-  ارتفاع تكاليف أنظمة الري الحقلي الموضعي وخاصة في المزارع الصغيرة، مما ينتج عنه عدم قدرة المزارع على تحسين أساليب الري ، وهذا راجع إلى  شكوى المزارعين من انخفاض أسعار المنتوجات الزراعية .

البرامج المستقبلية في الأردن المخطط لها وأهدافها :

إن الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة المياه والري وسلطة وادي الأردن وسلطة المياه، تولي موضوع رفع كفاءة استخدام المياه والاستفادة القصوى منها بالإضافة إلى  تلبية الاحتياجات المائية للقطاعات المختلفة، جلّ اهتمامها، ومن أبرز البرامج والخطط المستقبلية في هذا المجال يمكن إيجازها كما يلي :

*  تحديث الخطط المائية الوطنية أو الخطط الوطنية لقطاع المياه Water Master plan في الأردن ليلبي الاحتياجات والتطلعات المستقبلية .

 

*  مراجعة السياسات المائية لكافة القطاعات المنزلية والصناعية والزراعية .

*  رفع كفاءة استخدام المياه بإدخال أجهزة ترشيد الاستهلاك والقيام " بالتوعية المائية " المنظمة لجميع المواطنين .

*  القيام بمشاريع استراتيجية لرفد مصادر المياه الحالية، مثل بناء سد الوحدة على نهر اليرموك.

*  تحسين أداء محطات تنقية المياه العادمة لتحسين نوعية المياه الخارجة منها، وإدخال تكنولوجيا تحلية المياه المالحة .

*  تدريب المزارعين على إدارة الري الحقلي للحصول على المردود الأمثل للمتر المكعب من المياه.

*  تشجيع المزارعين على استخدام أساليب الري الحديثة تصميماً وتنفيذاً وتشغيلاً وصيانة .

*  التوجه لزراعة محاصيل ذات استهلاك مائي منخفض ومردود اقتصادي مرتفع .

*  وقف الضخ الجائر من الأحواض المائية الجوفية .

*  العمل على إشراك القطاع الخاص والمزارعين في إدارة الري .

3-2-2  التجربة الجزائرية (القطر الجزائري) في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

إن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة تقدر بحوالي 8 ملايين هكتار ، وإن المساحة المروية في الجزائر حالياً لاتزيد عن %5,6 من مجموع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة . وتجدر الإشارة إلى  أن نسبة %97 من الأراضي الصالحة للزراعة توجد في شمال البلاد حيث الأراضي فيها خصبة وتتميز بمناخ البحر الأبيض المتوسط وبمعدلات أمطار سنوية تتغير من الشمال إلى  الجنوب ومن الغرب إلى  الشرق . وبسبب ضعف وتغيرات هطول الأمطار اللذان يكونان أهم العوائق للتنمية الزراعية في الجزائر أصبح اللجوء إلى  الري ضرورة حتمية وعلى نطاق واسع، وهذا مرتبط أساساً  بوفرة كميات المياه اللازمة .

حالة الري السطحي والصرف في الجزائر :

قدرت المساحة المروية لسنة 1998 بحوالي 500 000 هكتار أي ما يعادل %6 من المساحة الصالحة للزراعة، وتم ري حوالي  360 ألف هكتار منها بالري السطحي أي حوالي %70 ، والباقي باستخدام تقنيات الري الحديثة .

في الجزائر ، وكمثل معظم دول العالم، فإن الري السطحي التقليدي لن يستبدل فجأة حتى بأبسط طرق الري الحديثة، وسيبقى مسيطراً بنسبة كبيرة ولفترة طويلة. وتستعمل في الجزائر جميع طرق الري السطحي التي يغطي فيها الماء كامل سطح الأرض كما في طريقة الري بالانسياب (الشرائح) وطريقة الري بالغمر، أو يغطي جزء من سطح الأرض كما في حالة الري بالخطوط . ويطبق الري السطحي على جميع المزروعات المروية، ويستعمل في كل أنحاء القطر وبنسب كبيرة مقارنة مع نظم الري الحديثة. ولتطوير كفاءة الري بالجزائر ، فقد تم على مستوى معظم شبكات توزيع مياه الري (الأولية والثانوية) نقل المياه بالأنابيب تحت الضغط حتى فتحات الأخذ المتواجدة على مستوى كل حقل، ومن هذه النقطة يختار المزارع حسب محصوله نظام الري الذي يلائمه، ولهذا فأكثرهم يستعمل الري السطحي التقليدي الأقل تكلفة، حيث يبلغ استعمال هذا النمط نسبة %80-70 وبكفاءة لاتتعدى %60 . وعلى الرغم من انخفاض تكاليف تقسيم الحقل بهذه الطريقة ، إلاّ أن كفاءة إضافة مياه الري منخفضة فيها .

أما بالنسبة للصرف ، يعتبر صرف المياه من أهم معيقات التنمية الفلاحية بالجزائر، ويمكن القول بأن صرف المياه يكاد أن يكون مهملاً في الحقول، حيث لايهتم المزارع في أغلب الأحيان إلاّ بشبكات الري المتواجدة عبر حقله وذلك لأن شبكات صرف المياه مشتركة بين كل المزارعين ، ونتيجة لعدم تطور التقنيات لدى الفلاح في هذا المجال، أدى ذلك إلى  تدهور شبكات الصرف وفقدان فعاليتها إن وجدت أصلاً ! .

رغم كل السلبيات والمآخذ المذكورة سابقاً لحالة الري السطحي والصرف بالجزائر إلاّ أن التفاؤل لايزال قائماً بخصوص الري وصرف المياه الزائدة وتطوير الري السطحي، حيث أولت الدولة أهمية كبيرة لهذا الأمر ، لأنه جزء لايتجزأ من تقاليد وعادات المزارعين في الجزائر وليس من السهولة التخلي عنه ، فمن خلال المخطط الوطني للتنمية الفلاحية تم توفير كل الإمكانيات المادية اللازمة لتطوير الري بشتى أنواعه وكذا تشجيع كل هيئات وزارة الفلاحة والمزارعين للاندماج الكلي لضمان نجاح هذا المخطط ، الذي سيمكن البلاد من توسيع رقعة المساحات المروية والاستغلال العقلاني للموارد المائية باستعمال الطرق المتطورة للري .

3-2-3  التجربة السودانية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

السودان بلد واسع الأطراف متعدد المناخات والبيئات والموارد الزراعية. أما فيما يتعلق بموارده الزراعية فإن حوالي 84 مليون هكتار أي ما يعادل حوالي ثلث مساحته يمكن تصنيفها كأراضي صالحة للاستثمار الزراعي . وفي السودان يمثل القطاع الزراعي المروي جزءاً هاماً من القطاع الزراعي وتبلغ جملة المساحة المزودة بمرافق ري حوالي 2 مليون و 550 ألف هكتار ، ويستخدم في كل هذه المساحة الري السطحي بقنوات ري مفتوحة غير المبطنة في شبكة التوزيع، وتستخدم عدة طرق في الري الحقلي تشمل : السراب الطويل، الأحواض المسطحة والأحواض ذات السرابات القصيرة. أما فيما يتعلق بالصرف فتستخدم المصارف المكشوفة المسطحة . يبلغ الاستهلاك المائي للزراعة حوالي 15.810 مليون متر مكعب في العام ، منها حوالي 15.300 مليون متر مكعب من النيل وفروعه، والبقية من أنهار خارج حوض النيل والمياه الجوفية . وفي السودان يشكل الجزء الأكبر من المساحة المروية بما يسمى " بالسهول الطينية الوسطى " أو " الترب الطينية المسطحة " التي تمثل أكثر من %72 من المساحات المروية في البلاد والتي تتميز بتسطح أرضها وتربتها الطينية بطيئة التسرب (النفاذية)، وقد مكنت هذه الخصائص من استخدام الري السطحي بقنوات غير مبطنة وبكفاءة عالية للري مقارنة بالمشاريع المشابهة في أجزاء أخرى من العالم . وعليه فإن كفاءة الري الكلية في كل مشاريع الري التي تقع على السهول الطينية الوسطى تتراوح ما بين %71-63 ، أي أن فواقد مياه الري في أغلب المساحات المروية في السودان ضئيلة جداً بحيث أنها في رأي كثير من العاملين في مجال الزراعة المروية في السودان لاتشكل هماً كبيراً في الوقت الحاضر .

أولاً :  برامج تطوير الري السطحي والصرف في السودان :

في السودان ، يستخدم الري السطحي التقليدي بقنوات مكشوفة غير مبطنة في كل الأراضي المروية، ولم يتم حتى الآن استخدام طرق الري الأكثر حداثة مثل الري بالرش أو الري بالتنقيط بصورة تجارية. وكما ذكرنا سابقاً (في المقدمة)، فقد ساعدت عدة عوامل طبيعية على أن تكون كفاءة الري السطحي التقليدي بالقنوات غير المبطنة عالية نسبياً في الغالبية العظمى من المساحات المروية مقارنة بالمشاريع المشابهة في بلدان أخرى ، ولكن على الرغم من ذلك مازالت الفرص متاحة لتحسين مستوى الخدمة المقدمة للمزارعين لزيادة الإنتاجية وكذلك لزيادة المساحات المزروعة بتحسين كفاءة الري، خاصة وأن الماء (وليست الأرض) يعتبر العامل المحدد الأول لزيادة الرقعة الزراعية المروية في السودان .

ثانياً : برامج تطوير كفاءة الري في شبكات التوزيع :

في المشاريع التي تقوم على التربة الطينية المسطحة ذات التسرب البطيء تعتبر فواقد مياه الري عن طريق التسرب العميق معدومة تقريباً، وذلك بدون الحاجة إلى  تبطين قنوات الري ، لذلك فإن فواقد مياه الري في شبكة التوزيع تتمثل في التبخر الطبيعي من سطح المياه في القنوات ومن كسورات جسور القنوات ومن التبخر – نتح من الحشائش التي تنمو داخل وفي أطراف القنوات ، ويمثل التبخر الطبيعي من سطح المياه في القنوات أكبر هذه الفواقد ، ويقدر فاقد المياه من التبخر من سطح المياه في القنوات بحوالي %8 من الاستهلاك المائي لمشروع الري (Elawad, 1991) .

وبهدف رفع كفاءة الري في شبكات التوزيع ، تمت ابتداءً من العام الماضي، ولأول مرة في السودان تجربة استخدام الأنابيب البلاستيكية بدلاً من القنوات الحقلية في مشروع زاد الخير 2 ألف هكتار الذي يقع على الضفة الشرقية للنيل الأزرق على بعد حوالي 80 كيلومتر جنوب الخرطوم. وعلى الرغم من أن التجربة حديثة ولم يتم تقييمها حتى الآن لكنها على الأقل أدت إلى  توفير جزء مقدر (هام) من المساحات الزراعية التي كانت تحتلها قنوات الري الحقلي .

أما فيما يتعلق بفواقد مياه الري الناتج من البخر – نتح من الحشائش التي تنمو داخل القنوات وعلى أطرافها، فقد وجد أن الوسيلة الأكثر استخداماً والأكثر نجاحاً في الوقت الحاضر هي تجفيف القنوات فـي فترة توقف الر ي، وقـد برهنت هـذه الوسيلـة فاعليتها فـي القضاء على الحشائش في القنوات وقلة تكلفتها مقارنة مع المعالجة الكيميائية (باستخدام مبيدات الحشائش) أو المكافحة الميكانيكية.

كما تم ويتم حالياً (في المشاريع الحكومية الكبرى) تركيب نوع جديد من بوابات التحكم داخل قنوات الري الحقلية وعلى القنوات الكبرى، كما تمت معايرة عدد من المنظِمات في هذه المشاريع. وإن تركيب البوابات الجديدة ومعايرة القناطر قد ساعد كثيراً في ضبط وقياس التصريفات المارة مما كان له الأثر الإيجابي في تحسين كفاءة استخدام مياه الري وحسـن توزيعها .

ثالثاً : تطوير كفاءة الري على مستوى الحقل :

يعتبر هدر مياه الري على مستوى الحقل هو الأهم في السودان مقارنةً بشبكات النقل والتوزيع. وتعتمد الكمية المهدورة على نوع التربة (تربة طينية أو غيرها) ، طريقة الري الحقلي المستخدمة، مدى اهتمام المزارع بترشيد استخدام مياه الري، وهناك مصدر آخر من مصادر هدر مياه الري في الحقل هو الري غير الضروري بعد نضوج المحصول في نهاية الموسم (وهي ممارسة منتشرة في أوساط المزارعين خاصة في المشاريع الحكومية الكبرى في السودان). ومن المتفق عليه، أن الطريقة المثلى لمعالجة مشكلة هدر المياه المذكورة أعلاه هو اهتمام المزارعين بترشيد استخدام المياه، وهذا يتطلب بالإضافة للتوعية والإرشاد وخلق الدافع اللازم لدى المزارعين لترشيد استخدام مياه الري .

أما بالنسبة لهدر مياه الري على مستوى الحقل، نذكر على سبيل المثال : في المشاريع القائمة على التربة الطينية، تساعد خاصية بطء التسرب على عدم فقد مياه الري بالتسرب العميق ولكن في الوقت نفسه نجد أن هذه الخاصية، عند استخدام نظام الري بالأحواض، تؤدي إلى  ترك سطح مائي حر فوق التربة قد يستمر لمدة يوم أو يومين تكون المياه معرضة فيها للتبخر الحر . وقد أوضحت بعض القياسات التي تمت في حقول المزارعين في محاصيل الذرة الرفيعة والفول السوداني في مشروع الجزيرة (Ibraheem,1992) أن كمية المياه المهدورة بهذه الطريقة تصل إلى  %40 من المياه الواصلة إلى  الحقل، وأنها تعتمد على نسبة الرطوبة في التربة قبل الري إذ أنها عندما تكون نسبة الرطوبة في التربة مرتفعة قبل الري قد تصل إلى  %60 من المياه المضافة إلى  الحقل. وفي المشاريع التي تستخدم السراب الطويل، يلاحظ أيضاً هدر كميات كبيرة من المياه في صورة جريان سطحي خارج الحقل عند نهاية السراب ، وأوضحت بعض القياسات التي أجريت في مشروع سكر كنانة أن مثل هذه الفواقد تتراوح ما بين %47-30  (Abd Elwahab, 2000) وتعتمد كمية المياه المهدورة على تصميم نظام الري (طول السراب، ميل السراب ، ...) .

كما أن عدم تسطيح الأرض (تسوية الأرض) ، خاصة في المشاريع التي تستخدم الري بالأحواض ، هو الآخر يشكل أحد أسباب هدر مياه الري وعدم عدالة توزيعها، حيث عندما تكون الأرض غير مسطحة (غير مستوية ) بالشكل المناسب، يتطلب ري مساحة الحوض كله، إضافة كمية أكبر من المياه لضمان ري المناطق المرتفعة فيه، وهذا يؤدي إلى  زيادة كميات المياه التي تبقى حرة فوق سطح الأرض في المناطق المنخفضة من الحوض ، مما يزيد من نسبة الفواقد المائية. وبهذا الخصوص ، تم إجراء تجارب لتسوية الأراضي في مشروع الرهد ومشروع أبو نعامة على النيل الأزرق ، وقد ساعدت هذه العملية في زيادة كفاءة الري وحسن توزيع المياه في الحقل.

 

وفي المشاريع الكبرى القائمة أحياناً على الأراضي غير المسطحة (غير المستوية) ، حيث تستخدم أحواض كبيرة تصل مساحتها إلى  450 هكتار (مشروع القاش مثلاً) ، أوضحت الدراسات الأولية أنه يمكن تحسين كفاءة استخدام مياه الري وحسن توزيعها في الحقل باستخدام أحواض أقل مساحة أو بتحريك سطح التربة لزيادة معدل التسرب لتقليل المدة الزمنية المطلوبة لغمر الحوض ، وبالتالي تقليل التبخر من سطح مياه الحوض بما قد يصل إلى  %30 .

المعوقات والمشاكل التي تواجه برامج تطوير الري السطحي في السودان :

إن تحسين أداء الري السطحي المستخدم في كل الأراضي المروية في السودان تواجهه عدة معوقات يمكن حصر أهمها في الأطر التالية :

أ-  معوقات بحثية (عدم توفر المعلومات والدراسات) :

ويشمل ذلك المعلومات الأساسية عن أنواع التربة التي تقام عليها مشاريع الري في السودان، وخصائصها المتعلقة بالري والتي تمكن من اختيار وتصميم نظم الري المناسبة ، وتشمل أيضاً غياب المعلومات المتعلقة بتصريفات القنوات وكميات المياه المضافة .

ب- معوقات تشريعية :

عدم وجود التشريعات الرادعة التي تحد من هدر المياه والتي تشجع مستخدمي المياه على ترشيد استخدامها. فمثلاً مازالت تكلفة مياه الري يتم تحصيلها من مستخدمي المياه على أساس المساحة المزروعة بغض النظر عن كمية المياه التي يتم استخدامها (استهلاكها) أو حتى عدد الريات .

ج-  معوقات مؤسسية :

عدم اهتمام المؤسسات العاملة في مجال المياه والري بنشر " الوعي المائي " للجمهور عامة ، والمزارعين خاصة. فما زالت قضية الأهمية المطلقة للمياه (وشح المياه) وأهمية ترشيدها، موضوعاً متداولاً في أروقة المؤتمرات وبين قلة من المشتغلين بالأمر فقط ، ولايتم توصيل هذه القضية للجمهور للتفاعل معها .

عدم اهتمام المؤسسات التي يرتبط عملها بالزراعة المروية والاستخدامات الأخرى للمياه "بالإرشاد المائي" . فالإرشاد يركز كل اهتمامه على التقنيات الزراعية التي لاتشمل طرق الري وتأثيرها على كفاءة استخدام المياه .

ضعف تأهيل الكوادر الإرشادية المتوفرة في مجالات المياه والري ، والتي تكون "عادة" قادرة على اختيار نظم الري الملائمة وتحديد متى يتم الري وأي كمية من المياه يجب إضافتها لتتمكن من نقل المعلومة المناسبة للمزارع .

د-  معوقات فنية :

فيما يتعلق بإدخال أنظمة الري الحديثة (طريقة الري بالرش مثلاً) ، تقع أغلب المساحات المروية في السودان في أراضي طينية تستحيل الحركة فيها عندما تبتل، وهذه الخاصية تجعل استخدام الري بالرش (المتنقل أو الدائم الحركة) صعباً للغاية .

تروى أكثر من %90  من مساحة المشاريع المروية في السودان من النيل الأزرق والنيل الرئيسي ونهر عطبرة . وهذه الأنهار الثلاثة تتصف بنسبة تركيز عالية للطمي في مياهها في فترة الفيضان، مما ينتج عن ذلك ترسيب جزء كبير من الطمي الذي تحمله مياه الري في القنوات، حيث أوضحت القياسات أن حوالي %65 من الطمي الداخل إلى  مشروع الجزيرة يترسب في قنوات النقل، وتشكل عملية تخليص القنوات من هذا الطمي عبئاً مالياً كبيراً .

عند استخدام الأنابيب بدلاً عن القنوات المكشوفة لتقليل التبخر من سطح الماء في القنوات أو عند تبطين قنوات الري في التربة ذات التسرب العالي (النفاذية العالية) فإن التخلص من الطمي المترسب داخل الأنابيب أو في القنوات المبطنة باستخدام الآليات قد يكون مستحيلاً.

هـ-  معوقات اقتصادية :

التكلفة العالية لبعض العمليات التي تساعد على زيادة كفاءة الري مثل تبطين القنوات في التربة الرسوبية ذات التسرب العالي (النفاذية العالية) أو استخدام الأنابيب بدلاً من القنوات المفتوحة (المكشوفة) لتقليل فواقد التبخر من سطح القنوات أو كذلك تسطيح الأراضي (عمليات  التسوية).  فمشاكل ضعف الإنتاجية في القطاع الزراعي المروي في السودان عامة ، ومشاكل التسويق وعدم استقرار الأسعار، قد لاتشجع المستثمرين من القطاع الخاص على استثمار رؤوس أموال كبيرة في مرافق الري، والتي من المعلوم أنها استثمارات طويلة المدى يتحقق العائد منها خلال فترة زمنية طويلة.

ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري، الذي أدى بدوره إلى  تراكم الطمي ونمو الحشائش في قنوات الري. ويترتب على ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري، كذلك ، تدهور منظِمات المياه ، لدرجة جعلها غير قادرة على أداء دورها الذي أنشئت من أجله، وهو ضبط وقياس تصريفات المياه، الأمر الذي نتج عنه سوء توزيع مياه الري بين أجزاء المشروع وهدر كميات كبيرة من المياه في بعض الأحيان .

3-2-4 التجربة السورية (القطر السوري) في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

تبلغ مساحة القطر السوري 18517971 هكتار وتبلغ المساحة القابلة للزراعة 5986361 هكتار والمساحة المستثمرة 5521183 هكتار والمساحة المزروعة فعلاً 4803119 هكتار والمساحة المروية 1167633 هكتار (المجموعة الإحصائية الزراعية السورية لعام 1998) . وتضم سورية من الناحية الجغرافية الطبيعية أربعة مناطق هي المنطقة الساحلية، المنطقة الجبلية، المنطقة الداخلية ومنطقة البادية.

تعتبر سورية من المناطق شبه الجافة ، وتتوزع مصادر المياه فيها وفق الآتي : %61 من الأمطار ، %21 من الأنهار ، %5 من الينابيع و %3 من المياه الجوفية ، ويقدر حجم المياه المتاحة للاستثمار بحدود %35 من إجمالي الموارد المائية السنوية ويستثمر في قطاع الزراعة نحو 7 مليار متر مكعب سنوياً. ويعتبر نهر الفرات من أهم الموارد المائية في سورية حيث يشكل هذا النهر حوالي %35 من هذه الموارد ، لذلك فقد أولت الحكومة السورية أهمية خاصة لاستثمار مياه هذا النهر، فوضعت خطة طموحة لاستصلاح الأراضي المحيطة به وعلى مساحة حوالي 640 ألف هكتار تقريباً، ولكن مع تفاقم مشكلة الجفاف يوماً بعد يوم ... ونظراً لتحديد تدفق مياه نهر الفرات الواردة من تركيا إلى  الحد الأدنى من الجريان والذي لايحقق تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات المائية لري المحاصيل الزراعية بعد استصلاح كافة الأراضي المخطط لها في حال استخدام طرق الري السطحي التقليدية ، لذلك فقد أصبحت مشكلة ترشيد استعمالات المياه وحسن استخدامها وتطوير إدارتها، هي من أهم المشاكل الاقتصادية التي تتطلب إيجاد الحلول السريعة والفعالة بالاعتماد على أسس فنية واقتصادية. لذا فإن البرامج السابقة في وزارة الري تهدف إلى  دراسة آفاق تطوير نظام الري السطحي وتطبيق تقنيات الري الحديثة باستخدام : طريقة الري السطحي المطوّر  (الري بالخطوط الطويلة) ، والري بالرش ، والري بالتنقيط، وذلك بهدف تحقيق أكبر كفاءة ري وتخفيض التكاليف الزراعية وزيادة المردود الإنتاجي لوحدة المساحة .

ونظراً لاستخدام طرق الري السطحي التقليدية ذات الكفاءة المتدنية والذي قد ينتج عنه ارتفاع منسوب الماء الأرضي وتملّح الأراضي، يطبق نظام الصرف المغطى (أنابيب حقلية ماصة مصنوعة من مادة الـ P.V.C ، وتصب في المصارف المجمعة أو المجمعات ، والتي بدورها تصب في المصارف الرئيسية المكشوفة) الذي يسمح بزيادة عمق منسوب الماء الأرضي والحد من خطر التملّح نتيجة ارتفاع الأملاح بواسطة الخاصة الشعرية .

تطور المساحات المروية خلال الفترة ما بين (2000-1970) بسوريا :

تطورت المساحات المروية في القطر السوري بوتائر متباينة خلال الفترة ما بين (2000-1970) وكان ذلك انعكاساً مباشراً للسياسات الاقتصادية الحكومية وممارسة دعم الإنتاج الزراعي، ونبين فيما يلي تطور المساحات المروية :

ازدادت المساحة المروية في الفترة ما بين (2000-1970) بحدود 756 ألف هكتار خلال ثلاثين عاماً بزيادة مطلقة قدرها %267 ونسبة %167 وزيادة وسطية قدرها 24.4 ألف هكتار/سنة.

يمكن تمييز ثلاث مراحل لتطور المساحات المروية :

*  المرحلة الأولى (1986-1970) : ازدادت المساحات المروية بحدود 201.0 ألف هكتار بمعدل زيادة 11.8 ألف هكتار/ سنة وشكلت زيادة المساحات المروية خلال هذه المرحلة %26.6 من إجمالي الزيادة المحققة خلال الفترة 2000-1970 .

* المرحلة الثانية (1991-1986) : حيث ازدادت المساحة المروية بحدود 136.0 ألف هكتار بمعدل زيادة 22.7 ألف هكتار/سنة ، وشكلت زيادة المساحات المروية خلال هذه المرحلة %18.0 من إجمالي الزيادة المحققة خلال الفترة 2000-1970 .

*  المرحلة الثالثة (2000-1991) : وهي مرحلة النمو المتسارع للمساحات المروية كانعكاس لجملة السياسات والإجراءات المتخذة بهدف تحقيق "الأمن الغذائي" والاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية ، وفي كثير من الأحيان على حساب الاستخدام غير المتوازن للمياه الجوفية حيث ازدادت المساحة المروية بحدود 419 ألف هكتار بمعدل زيادة 41.9 ألف هكتار/سنة ، وشكلت زيادة المساحات المروية خلال هذه المرحلة %55.4 من إجمالي الزيادة المحققة

البرامج الجارية والنتائج المتوقعة بسوريا :

بما أن القطاع الزراعي في سورية يساهم بحوالي %32 من الدخل القومي ويستوعب %31 من القوى العاملة ، ومع تعاظم الطلب على المياه والحاجة المتزايدة للغذاء في ظل موارد مائية محدودة وظروف مناخية شبه جافة سائدة، تبرز أهمية ترشيد استعمالات المياه في كافة المجالات (الزراعة، الصناعة، الشرب والاستعمالات المنزلية) وبشكل خاص في القطاع الزراعي الذي يستهلك أكثر من %85 من إجمالي الموارد المائية المستخدمة حالياً، وذلك عبر تنفيذ إجراءات عديدة أهمها : تخفيض الفواقد المائية في شبكات الري، تحسين إدارة المياه على مستوى الحقل، الانتقال من أساليب الري التقليدية (ذات الكفاءة المنخفضة) إلى  طرق الري الحديثة (رش ، تنقيط) ذات الكفاءة المرتفعة .

البرنامج الوطني للتحول إلى  الري الحديث :

بدأت الحكومة السورية منذ أكثر من عام بتنفيذ برنامج وطني لتحويل معظم الأراضي الزراعية المروية إلى  الري الحديث وذلك خلال أربع سنوات ، واتخذ المجلس الزراعي الأعلى قرارات عديدة تسهل عملية التحول وتزيل العقبات وتعالج الصعوبات التي تعترض ذلك، حيث تم تكليف الوزارات المختصة (الري، الزراعة، الصناعة، الاقتصاد...) بما يلي :

أ -   التخطيط للمساحات المروية حسب الموارد المائية المتجددة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتحول نحو استخدام تقنيات الري المتطورة .

ب -  معالجة وضع الآبار غير المرخصة والمنع المطلق لحفر الآبار في الأحواض المغلقة .

ج -  إعداد الدراسات اللازمة لإقامة مشاريع الري الجماعي على الآبار .

د -   إعداد دراسات لإعادة تأهيل مشاريع الري السطحي القديمة .

هـ تحديد احتياجات الري الحديث وتوفير القروض لتمويل كافة متطلباته .

و -  إعداد الدراسات والتصاميم لشبكات الري الحديثة لدى الفلاحين (مجاناً) .

ز -  وضع الآليات والإجراءات اللازمة لمراقبة جودة تجهيزات الري الحديث وضرورة تحقيقها للمواصفة المطلوبة .

وغيرها كثير من القرارات التي حفزت وساعدت على التحول إلى  الري الحديث، يضاف إليها نتائج بحوث الري والتوعية الإعلامية وظهور العجز المائي في عدة مواقع، مما شجع المزارعين على التحول إلى  الري الحديث بشكل متسارع، حيث بلغت المساحة المحولة منذ شهر آب (أغسطس) 2000 حوالي 44,8 ألف هكتار، وهي تشكل نسبة %31,5 من إجمالي المساحة المروية بطرق الري الحديثة حتى نهاية 2001 والبالغة 142,6 ألف هكتار، منها 33,2 ألف هكتار بالتنقيط و 109,4 ألف هكتار بالرش، وتشكل نسبة %10,6 من المساحة الإجمالية المروية و %17,9 من المساحة المروية من المياه الجوفية، كون معظم المساحة التي تستخدم تقنيات الري الحديثة تقع على مصادر المياه الجوفية .

يتطلب تنفيذ هذا البرنامج (الذي من شأنه إحداث نقلة نوعية في طريقة التعامل مع المياه في القطاع الزراعي) جهوداً مكثفة، وكوادر متخصصة، وكميات هائلة من الأنابيب والتجهيزات، واعتمادات كبيرة .

ولضمان نجاح هذا البرنامج (حمايةً للفلاح والمستثمر والاقتصاد الوطني) ، تم اتخاذ عدد من الإجراءات الفورية ، تتعلق بآليات التنفيذ ومراقبة جودة ومواصفات التصنيع لتجهيزات الري ، وإقامة دورات تدريبية للمهندسين والمرشدين الزراعيين لتدريبهم على التصميم والتنفيذ والتشغيل الصحيح لشبكات الري، إضافة لتدريب الفلاحين من خلال العديد من الأيام الحقلية على تشغيل وصيانة هذه التقنيات لضمان الاستثمار الجيد لشبكة الري في الحقل .

كما تم وضع خطة إعلامية من خلال ندوات ولقاءات في التلفزيون العربي السوري والإذاعة وعبر مقالات في الصحف ، تؤكد على ضرورة الانتقال إلى  طرق الري الحديثة بشكل سليم، ولاتزال الحاجة أكبر لجميع هذه النشاطات ، بدءاً من تأهيل الكادر الفني من مهندسين مختصين في إدارة الموارد المائية وتصميم شبكات الري الحديثة، وانتهاءً بمتابعة أداء الشبكات في الحقل لتحقيق الجدوى الفنية والاقتصادية ونجاح البرنامج الوطني في تحقيق الغايات والنتائج المرجوة .

البرامج المستقبلية المخطط لها وأهدافها بسوريا :

إعادة تأهيل مشاريع الري الحكومية : (التي تعتمد بشكل رئيسي على المياه السطحية وتبلغ نسبتها %35 من إجمالي المساحة المروية ) :

أولاً : إعادة تأهيل شبكات الري السطحي الحكومية المنفذة وتحويلها إلى  طرق ري حديثة :

على اعتبار أن طرق الري الحديثة، " هي كل طريقة توفر الماء وتؤمن كفاءة عالية للري، وتتمتع بمردود اقتصادي مرتفع، وتتلاءم مع الظروف المناخية والبيئية والاجتماعية والإمكانيات الفنية والمالية المتاحة" . أي أنه لاتوجد طرق ري حديثة مثلى يمكن تعميمها على جميع المشاريع، بل لابد من أخذ جميع العوامل الآنفة الذكر بعين الاعتبار لدى اختيار طريقة الري المثلى في كل مشروع على حدة. ونبين فيما يلي طرق إعادة تأهيل شبكات الري السطحي الحكومية المنفذة :

1-  في حال كون الأقنية الرئيسية والثانوية المكشوفة الناقلة للماء بيتونية والمراوي الحقلية مؤلفة من فلومات Flumes  كما هو الحال في مشاريع حوض الفرات ، فيمكن عندئذ الانتقال إلى  الري الحديث (ري بالرش ، ري بالتنقيط) أو ري سطحي مطوّر ، عن طريق تجهيز شبكة الري عند كل مروى حقلي بحوض ضخ (بركة صغيرة)، يركب عليها المضخات اللازمة للري بالرش أو بالتنقيط أو الري السطحي المطوّر .

2-  أما إذا كانت الأقنية الثانوية أو المراوي الحقلية ترابية، فلابدّ عندئذ من إعادة استبدالها بفلومات Flumes بيتونية مناسبة، أو يمكن استبدال الأقنية بحيث تصبح أنبوبية مضغوطة تؤمن ضاغطاً لايقل عن 3 بار عند المأخذ المائي وذلك عن طريق إنشاء محطات لرفع الضغط في تلك الأقنية .

ثانياً : إعادة تأهيل شبكات الري السطحي الحكومية غير المنفذة أو قيد التنفيذ أو قيد الدراسة:

تم توجيه كافة شركات الدارسة سواء كانت الوطنية منها (كشركة الدراسات المائية) المتعاقد معها على دراسة مشاريع حوض الفرات الأدنى والرصافة وشرقي الرقة والبليخ في حوض الفرات إلى  ضرورة اعتماد الطرق الحديثة للري في جميع مشاريعها، كما تم توجيه كافة الشركات الأجنبية المتعاقد معها على دراسة مشروع ري سهول حلب الجنوبية والباب – تهدف إلى  ضرورة اعتماد طرق الري الحديثة .

كما تم توجيه الشركة الروسية (سوف انترفود) إلى  ضرورة الاستفادة من مياه الصرف الصحي والصناعي المعالجة لمدينة حلب في ري (20) ألف هكتار في منطقة المطخ جنوب حلب ضمن مشروع ري سهول حلب الجنوبية .

ثالثاً :  إعادة تأهيل مشاريع الري التابعة للقطاع الخاص (والتي تعتمد على المياه الجوفية وتبلغ نسبتها %65 من إجمالي المساحة المروية) :

إن التركيز سيتم على تحديث شبكات الري السطحي في مشاريع القطاع الخاص والتي تشكل %65 ، والتي تعتمد على المياه الجوفية التي أصبحت مهددة بالاستنـزاف في كل الأحواض المائية، حيث من الضروري اتباع التعليمات التالية للحفاظ على المخزون المائي الجوفي:

1-  التشدد في منح التراخيص الجديدة للآبار .

2- اتباع طرق الري الحديثة (ري بالرش ، ري بالتنقيط) .

3- عدم التوسع في زراعة المحاصيل التي تتطلب احتياجات مائية عالية .

4-  منع استعمال الآبار الواقعة في البادية لري المحاصيل الزراعية .

الرؤى المستقبلية وبرامج المدى البعيد بسوريا :

تعتبر المياه العائق الرئيسي الذي يقيد التطور الزراعي، حيث أن الموارد المائية الداخلية المتجددة للقطر السوري محدودة وتقدر بـ 10,5 بليون م3/سنة باستثناء حصة سورية من الفرات . ومن المتوقع أن يصل إجمالي الطلب على المياه في عام 2015 إلى  24.2 بليون م3/سنة، منها 21,2 بليون م3 / سنة (%87) للزراعة في حالة استمرار نظام الري السطحي التقليدي الحالي (أي الري السطحي بالغمر) حيث كفاءة الري تتراوح بين %50-40 ، ومن هنا تتضح الحاجة بأن يكون لدى سورية استراتيجية تهدف إلى  تخفيف الطلب على المياه من قبل مختلف المستثمرين وإلى زيادة الواردات المائية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال رفع كفاءة الري من (%50-40) إلى  (%70) على الأقل، وذلك بتحسين وتطوير الري السطحي الحالي وإدخال أنظمة الري الحديثة مثل (الري السطحي المطوّر والري بالرش والري بالتنقيط) ، إضافة إلى  إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي والصناعي في الزراعة .

زيادة الواردات المائية :

يمكن زيادة الواردات المائية من خلال :

أ-  استخدام مياه الصرف الزراعي في حوض الفرات الأوسط والأدنى والتي تقدر بـ 750 مليون م3 /سنة يمكن استخدام معظمها في الري ، وإجراء تجارب حول استخدام المياه المالحة في الري على عدد من المحاصيل المتحملة للملوحة، مع الإدراك بأهمية استخدام هذا المورد كرديف للموارد المائية التقليدية، ودراسة المنعكسات والتأثيرات السلبية على التربة في المدى القصير والبعيد، ووضع المعايير والاشتراطات اللازمة والحلول لتلافي المنعكسات السلبية .

ب– إعادة استخدام مياه الصرف الصحي " المعالجة " التي تزداد كميتها " طرداً " مع ازدياد عدد السكان، ويقدر هذا المصدر في عام 2015 بـ 500 مليون م3/سنة يمكن أن يكون متاحاً للمعالجة وإعادة الاستخدام .

إن استخدام المياه غير التقليدية يتطلب "إدارة خاصة" مختلفة عن إدارة مياه الري العذبة نظراً لطبيعتها الفيزيائية وتركيبها الكيميائي، ففي حالة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة تكون هناك ضرورة لتقويم أثر هذه المياه على الخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة وعلى نوعية المحاصيل والمخاطر المحتملة على الصحة البشرية والبيئة، وفي حالة المياه الواردة من " الأنشطة الصناعية " يجب مراقبة المعادن الثقيلة وتركيز الأيونات السامة في التربة والمحاصيل، للتمكن من الاستثمار الأمثل لهذه الموارد دون أي تأثيرات سلبية جانبية .

استراتيجية الدولة في سورية :

اتجهت استراتيجية الدولة في سورية نحو مفهوم ديمومة الموارد المائية المتاحة وحمايتها باتباع سياسات تعتمد على الاستغلال الأمثل والمرشد للموارد المائية في الزراعة ووضع المعايير والضوابط اللازمة لهذا الاستغلال، وذلك من خلال تطوير الكفاءة الفنية والاقتصادية لاستعمالات المياه في الزراعة، بإدخال طرق حديثة للري مناسبة للسوية التقنية للمزارع السوري ولحجم الحيازات ووضع الآليات والإجراءات لتحقيق ذلك وفق خطة مبرمجة مادياً وزمنياً .

المعوقات والمشاكل التي تواجه برامج التطوير في سوريا :

أولاً : المعوقات الفنية والبحثية :

1-  انخفاض سوية الخبرة الفنية وتدنّي مستوى المعرفة المتطورة بأساليب الري الحديثة لدى أغلب الفلاحين، مما يساهم في بعدهم عن الأخذ بالتقنيات الحديثة .

 

2-  قلة الكوادر الفنية المتخصصة في مجال بحوث الري والزراعة .

3-  قلة وضعف المعاهد ومراكز التدريب القادرة على تأهيل كادر بحثي جيد في مجال المياه والري .

4-  ارتفاع تكاليف البحث العلمي ونقص المخصصات اللازمة لذلك .

ثانياً : المعوقات التنظيمية والإدارية والمؤسسية :

1-  ضعف التنسيق بين الجهات المتعددة ، فهناك الجهات المناط بها تصميم وتنفيذ مشاريع الري والصرف، وهناك الجهات الموكل إليها موضوع تشغيل شبكات الري والصرف ، وأخيراً الجهات المستغِلة لهذه المشاريع. ويحتاج الأمر إلى  تنسيق وترابط وتكامل هذه الجهود المتسلسلة، والتي تتطلب بالضرورة خبرات ومؤهلات مختلفة حسب المراحل المختلفة .

2-  قلة الكوادر الفنية المقتدرة والمؤهلة لمتابعة مسيرة هذه العملية المعقدة، لضمان الوصول إلى  الغايات المنشودة بأفضل السبل .

3-  غياب المؤسسة البحثية القيادية والناظمة للأولويات في كافة مجالات البحث العلمي الزراعي من تصميم لشبكات الري الحديثة، وأصناف مقاومة للجفاف وغيرها ...

ثالثاً : المعوقات المالية والاقتصادية والتمويلية :

1-  إن ارتفاع تكاليف إنشاء شبكات الري الحديثة (بالرش ، بالتنقيط) ، مقارنة بقلة تكلفة إنشاء شبكات الري السطحي التقليدية، يمثل أكبر العوائق أمام تطوير طرق الري السطحي وتعزيز استخدام طرق الري الحديثة .

2- ضعف تمويل البحوث والدراسات الخاصة بتطوير طرق الري الحديثة .

رابعاً : المعوقات الاجتماعية :

قلة الوعي العام بمشكلة نقص المياه في سورية، حيث أن هذا الوضع قد أدى إلى  الإفراط في الاستخدام وعدم الاهتمام بإعادة تأهيل شبكات الري السطحي وتحويلها إلى  طرق ري حديثة .

الاستنتاجات :

إن الزراعة العربية تستهلك (%80) من مجموع المصادر المائية المتاحة حالياً وأن نظام الري السطحي التقليدي معتمد في حوالي (%85) من المساحات المزروعة، وإن فواقد هذا النظام من مياه الري (اثناء النقل والتوزيع في شبكات الري) يزيد على (%50) ، وبالتالي فكفاءة أنظمة الري تقل في معظم البلدان العربية عن (%50) . أما في حالة تحسين شبكات الري القائمة (الري السطحي التقليدي) سواء بتبطين الأقنية بالاسمنت أو عن طريق تسوية الأرض في المزرعة، أو استخدام السيفونات في عملية الري ، أو بتحسين إدارة التوزيع، أو بإدخال نظام الري السطحي المطوّر (نقل المياه بواسطة أنابيب حتى حدود الحقل)، فيمكن عندئذ رفع كفاءة الري إلى  أكثر من (%75) ، وبالتالي يمكن معه توفير %21,25 من المياه المستعملة في الزراعة حاليـاً ، وهذا بدوره يعادل %17 من مجموع المصادر المائية المتاحة حالياً .

المقترحات والتوصيات :

1- تصميم وتنفيذ جميع مشاريع الري الجديدة بحيث تكون مؤهلة لاستخدام طرق وتقنيات الري الحديثة عند وضعها في الاستثمار . واعتماد التصاميم الهندسية الملائمة لهذه المشاريع بحيث يتم وصول منظومات الري الإجمالية إلى  كفاءة لاتقل عن %80-70 (شبكات ري أنبوبية مضغوطة تعمل وفق مبدأ : حسب الطلب حيثما أمكن ) .

2- تعزيز دور البحوث المشتركة في مجال إدارة وتنمية الموارد المائية غير التقليدية وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية وبخاصة المياه الجوفية غير المتجددة وتعظيم استخدام مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي في الإنتاج الزراعي ، وتنفيذ بحوث متخصصة في استخدام المياه غير التقليدية (صرف زراعي، صرف صحي) للتوصل إلى  معايير محلية تمكن من الاستخدام الآمن لهذه المياه، وأن تكون المعايير الموضوعة من قبل منظمة الصحة العالمية هي الهدف الذي يجب الوصول إليه .

3- تعزيز البحوث المتعلقة باستنباط محاصيل زراعية تتحمل مياه الصرف الصحي والملوحة العالية (المياه الجوفية شديدة الملوحة، مياه البحر) مع ضرورة التوسع في بحوث استخدام النموذج الرياضي في التنبؤ لظاهرة الملوحة .

4- تبادل الخبرات والتدريب بين الدول العربية في مجال تقنيات تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة الملوثة للوصول إلى  أفضل التقنيات المستخدمة لرفع كفاءة الإنتاج وخفض تكاليف الإنشاء والتشغيل والصيانة وإطالة العمر الافتراضي لتلك المحطات .

3-2-5  التجربة العراقية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

نظراً لتوفر مياه سطحية تتمثل في نهري دجلة والفرات وروافدهما، فإن الزراعة في عموم القطر العراقي هي زراعة إروائية تعتمد على "الري السيحي"(1) بدون واسطة في أغلب المناطق وبواسطة في بعض المناطق المرتفعة (في المناطق المرتفعة يتم استخدام النواعير لرفع المياه إلى  مستوى أعلى والتي يتم تشغيلها إما بقوة الماء في مجرى النهر أو باستخدام الحيوانات) . وبسبب طبيعة الأرض (ذات طبوغرافية مستوية نسبياً) ، وكذلك بسبب استمرار عمليات الري طيلة حقبة تاريخية طويلة، فقد تجمعت مياه تحت سطحية مما أدى، وبسبب الحرارة المرتفعة في فصل الصيف، إلى ارتفاع هذه المياه بالخاصية الشعرية إلى السطح وتبخرها تاركة الأملاح تتجمع على السطح مما أدى إلى  تدهور مساحات كبيرة من الأراضي بسبب الملوحة، الأمر الذي أدى إلى  ضرورة إقامة أنظمة صرف لغرض إزالة الأملاح وخفض مناسيب المياه الجوفية .

 

 
 

 

1-  الري السيحي : يكون بتحويل المياه بطريقة الحادية Gravity من المصدر المائي إلى الحقل أما الري بالضخ : يكون بتحويل المياه من المصدر المائي إلى القناة الرئيسية للمشروع بواسطة عدد من المضخات، وذلك عندما يكون منسوب الماء في المصدر أقل من منسوب الأرض المطلوب إروائها .

تبلغ المساحات الصالحة للزراعة في القطر العراقي 11,1 مليون هكتار، وتبلغ مساحة الأراضي القابلة للإرواء من مجمل الأراضي الصالحة للزراعة حوالي 6 مليون هكتار . وتتباين إنتاجية هذه الأراضي تبايناً كبيراً بسبب عوامل عديدة تؤثر بنسب متفاوتة على الإنتاج الزراعي ونذكر منها : انتشار الملوحة وبدرجات متفاوتة، تدهور صفات التربة الفيزيائية، ارتفاع مناسيب المياه الجوفية، ارتفاع نسبة الجيبس في بعض المناطق المروية .

  إن تجهيز المياه إلى  الحقل أو المشروع يكون بإحدى الطرق التالية :

أ –  إيصال الماء إلى  الحقل على أساس نظام مقرر مسبقاً أو جدول للتوزيع Schedule system، حيث يعتمد على توزيع متكافئ وعادل للموارد المائية المتاحة للمستفيدين ضمن المشروع الإروائي. وتعتمد هذه الطريقة عندما تكون الموارد المائية هي العامل المحدد للزراعة .

ب– إيصال الماء إلى  الحقل على أساس التجهيز عند الطلب On demand system ، حيث يكون للمستفيد الحرية الكاملة في تجهيز الكمية التي يحتاج إليها بحسب حاجته .

وتتوزع الأراضي المروية في القطر العراقي على مشاريع إروائية متعددة تتفاوت في مساحاتها وظروفها وطبيعتها، وهذه المشاريع الإروائية تشمل على قنوات ري وصرف ، منها قنوات الري الرئيسية والفرعية وكذلك قنوات الصرف الرئيسية والفرعية وتدخل هذه المشاريع الإروائية ضمن التقسيمات الإدارية لمحافظات القطر .

أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه الزراعة المروية في العراق :

أولاً : أعمال الصيانة (إزالة الترسبات والقصب والأعشاب) لشبكات الري والصرف :

إن كافة الجداول والمصارف ومنشآتها عرضة للاندثار بدرجات متفاوتة بسبب تراكم الترسبات ونمو القصب والأعشاب بكثافة في شبكات الري والصرف مما يؤدي إلى  عرقلة التشغيل وتخفيض تصريف الشبكات المذكورة (الجداول والمصارف) وقد يصل الانخفاض إلى  حدود %25 من التصريف التصميمي أو أكثر من ذلك، وأحياناً توقف عمل شبكة الصرف الحقلي المغطى وبالتالي إعادة تملح الأراضي الزراعية. ويكون نمو القصب والأعشاب في شبكات الري المبطنة معدوماً أو أقل بكثير عما هو عليه في شبكات الري غير المبطنة .

ثانياً : صيانة أعمال التعديل والتسوية :

نظراً لأن كفاءة الإرواء في أية مساحة زراعية تعتمد على دقة استواء المساحة المذكورة، أي على دقة التعديل والتسوية لهذه المساحة ، فإن ذلك يتطلب إجراء أعمال التسوية كل موسم أو موسمين أو أكثر وذلك حسب متطلبات الدورات الزراعية، مع التقيد بالعمليات الزراعية الصحيحة، وتتم التسوية المذكورة باستعمال المعدلات Land plane الصغيرة أو الكبيرة التي تسحب بالجرارات. وإن إهمال الصيانة المبرمجة لمشروع الري والصرف يؤدي إلى  زيادة تكاليفها، بمعنى أن الصيانة ليست قليلة التكاليف، وإهمالها يؤدي إلى  ضرورة القيام بإصلاح باهظ التكاليف للمشروع نفسه .

التوجهات الرئيسية لتحسين إنتاجية الأراضي المروية بالعراق :

أ-  إدخال ونشر أنظمة الري الحديثة :

كانت الأساليب التقليدية في الإرواء وما زالت هي السائدة في العراق، إلاّ أن محدودية المياه المتوفرة للإرواء وزيادة الحاجة إلى الغذاء دفع وزارة الري لوضع خطة وبرنامج عمل لتجربة وتطبيق الأساليب الحديثة كالري بالرش والري بالتنقيط . ولرفع كفاءة الري جربت هذه الأساليب الحديثة في بعض المشاريع الإروائية في العراق وأثبتت نجاحها حيث تبين أن إعطاء بضع ريات عند شح الأمطار كفيل بإنقاذ المحاصيل الزراعية من الفشل ورفع معدلات الإنتاج .

ب-  تطوير استخدامات المياه غير التقليدية (مياه الصرف الصحي والزراعي) في الزراعة :

أساليب تطوير الري السطحي في العراق :

نتيجة للكثير من الدراسات والأبحاث التي أجريت حول تطوير أساليب الري السطحي فقد تم التوصل إلى  مجموعة من الإجراءات التي تساعد في الوصول إلى  الأهداف الموضوعة، ومن هذه الإجراءات ما يلي :

أولاً : إعداد بيانات عن قيمة الاستهلاك المائي للمحاصيل Crop water requirements وخصوصاً الرئيسية منها، وكذلك الدورات الزراعية الملائمة للتربة والمناخ . إن ذلك يساعد على معرفة الاحتياجات الإروائية الحقيقية لمشروع الري وبالتالي إعداد التصاميم الملائمة لشبكات الري الحديثة للمشروع .

ثانياً : تبطين قنوات ا لري Canal linning وخصوصاً الرئيسية منها، وإن ذلك يساعد في تقليل فواقد قنوات الري عن طريق الرشح العميق Deep percolation والتي تقدر بنسبة حوالي %15 ، وكذلك في منع نمو الأدغال المائية التي تسبب منع أو إعاقة جريان الماء بشكل ملائم في قنوات الري.

رغم الكلفة العالية لمثل هذا الإجراء ، إلاّ أن ذلك يقلل من كلفة الصيانة السنوية للمشروع وفي تقليل الآثار السيئة لنمو الأدغال المائية في قنوات الري .

ثالثاً : إجراء عمليات التعديل والتسوية للحقل بواسطة المعدات الحقلية والأجهزة الحديثة والتي تساعد في توزيع الماء بشكل متجانس ، مما يرفع من كفاءة نظام الري في توزيع المياه .

رابعاً : السيطرة على الأنهار الرئيسية والفرعية عن طريق منظومات السيطرة على مناسيب المياه Cross regulators  ، حيث يساعد ذلك في ضمان التوزيع المنظم للمياه بين الأنهار الرئيسية وكذلك بين الأنهار الفرعية ضمن المنظومة الإروائية الواحدة .

خامساً: إزالة الترسبات من قنوات الري، حيث أن تراكم الترسبات في هذه القنوات يؤدي إلى  الإقلال من جريان الماء فيها بسبب تقليل قيمة مساحة المقطع العرضي وبالتالي انخفاض تصاريف هذه القنوات بنسبة قد تصل إلى  %25 أو أكثر .

سادساً : إدخال أساليب الري الحديثة كالري بالرش والري بالتنقيط وبمساحات كبيرة للمساعدة في رفع كفاءة الإرواء وكذلك للسيطرة الكبيرة على الموارد المائية بما يساعد في زيادة رقعة الأراضي المروية.

سابعاً : صيانة مشاريع الري والمنشآت التابعة لها. وتشمل أعمال الصيانة صيانة البوابات الخاصة بالنواظم القاطعة وكذلك صيانة المنافذ الحقلية لضمان عدم التجاوز على الحصص المائية، بالإضافة إلى  صيانة محطات الضخ ، ويعتبر ذلك من أهم العوامل الضرورية لديمومة عمل منظومة الإرواء وبنفس كفاءتها التصميمية .

3-2-6  التجربة المصرية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

تعتبر مياه نهر النيل هي المصدر الأساسي والوحيد للتنمية بمصر ، وموارد النيل تمثل %97 من الموارد المائية المتاحة لمصر ، وتبلغ حصة مصر 55,5 مليار متر مكعب. ومع النمو المضطرد للسكان وتعاظم الاحتياجات الغذائية كان لزاماً على الدولة أن تعمل جاهدة على تعظيم الاستفادة بكل قطرة من المياه المتاحة عن طريق تطوير نظم الري بالأراضي القديمة والحد من فواقد النقل وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والسحب الآمن من الخزان الجوفي بالدلتا والوادي والحد من مساحات المحاصيل عالية الاستهلاك للمياه كالأرز وقصب السكر . وتهدف خطة التطوير إلى  رفع وتحسين كفاءة نقل وتوزيع المياه وتطبيق نظم التحكم الحديثة، تقليل الفاقد ورفع كفاءة الاستفادة من وحدة المياه، ترشيد استخدام المياه المتاحة وزيادة الإنتاجية الزراعية .

يعمل مشروع تطوير الري حالياً في إحدى عشرة منطقة بالمحافظات المختلفة (الشرقية، كفر الشيخ، الغربية، البحيرة، الاسكندرية، الفيوم، بني سويف ، المنيا ، أسيوط ، سوهاج ، أسوان) لتكون مناطق رائدة لأعمال مشروع تطوير الري في الأراضي القديمة بكافة محافظات الجمهورية، بزمام إجمالي قدره حوالي 395 ألف فدان .

أهداف ونتائج برامج التطوير السابقة للتطوير بمصر  :

-  أهداف قومية : توفير المياه الضائعة بسبب سوء المساقي الحالية، وهي تمثل أكثر من %10 من المياه المستخدمة في الزراعة يمكن الاستفادة منها في استصلاح واستزراع أراضي جديدة .

-  أهداف اقتصادية : يهدف مشروع تطوير الري إلى  عدالة توزيع المياه ووصول المياه إلى  الحقول في الوقت المناسب وبالكمية اللازمة لاحتياجات النبات ، مما سيؤدي إلى  زيادة المحصول بنسب تتراوح ما بين %10 و %25  علاوة على الوفر في أعمال التشغيل والري والصيانة .

أهداف اجتماعية : إن تكوين روابط مستخدمي المياه ومشاركتهم في أعمال التطوير يمثل تغييراً اجتماعياً شاملاً في قطاع عريض من الشعب المصري وهو قطاع المزارعين، لأن نظام تكوين روابط مستخدمي المياه ونظامها الداخلي سوف يؤدي إلى  مشاركة المواطنين مع السلطة التنفيذية في الأعمال التي تؤدى لهم، وبالتالي ينمو إحساس المواطن بالانتماء وملكيته للبنية الأساسية، وينمو بينهم أيضاً التعاون والتكافل بهدف زيادة الإنتاجية الزراعية لمصلحتهم.

أهداف صحية   : إن أسلوب "الري المتطور" ونقل مياه الري إلى  الحقول في مواسير (أنابيب) مغلقة أو مساقي مبطنة بالخرسانة سوف يؤدي إلى  عدم نمو الحشائش وقواقع البلهارسيا وبالتالي وقاية المزارعين من الإصابة بهذا المرض، وكذلك عدم تكاثر البعوض الناقل لمرض الملاريا .

وقد تحقق من نتائج تطبيق هذه الأساليب المطورة في المناطق التي تم تطبيقها فيها حتى الآن مجموعة من الفوائد للمزارعين نذكر منها ما يلي :

-  رفع كفاءة توزيع مياه الري في معظم المناطق بين %30 إلى  %40 .

-  تحقيق زيادة في مساحة الأراضي الزراعية على المساقي بعد تطويرها بلغت من %1,4 إلى  %2 بالنسبة لمساقي المواسير، وبين %0.3 إلى  %0,4 بالنسبة للمساقي المرفوعة المبطنة بالخرسانة .

-  التخلص نهائياً من مشاكل عدم عدالة توزيع المياه بين المزارعين على أواخر المسقى، وذلك بتوحيد الرفع من نقطة واحدة على رأس المسقى المطورة، والانعكاس المباشر لذلك على الإنتاج الزراعي لجميع المزارعين .

-  التخلص من الري الزائد والإسراف في استخدام مياه الري بإعطاء المزارعين الثقة بوجود السريان المستمر للماء في الترع الفرعية التي تم تطويرها .

-  نقل التقنية الحديثة واستخداماتها بالنسبة للمزارعين وأثر ذلك على الإنتاجية الزراعية، والوفر المحقق في كميات مياه الري المستخدمة .

نوعية الصرف بمصر :

تعتبر مشروعات الصرف من أهم مشروعات التوسع الزراعي الرأسي نظراً لما لها من عائد سريع للإنتاج الزراعي يصل إلى  حوالي %25 ، مما دفع هيئات ومنظمات دولية عديدة إلى  المشاركة في تمويل تنفيذ هذه المشروعات ، وتـم تغطية كافة الأراضي الزراعية بشبكات الصرف العام والمغطى وإحلال وتجديد الأجزاء التالفة مـن شبكات الصـرف المغطـى التي انتهى عمرها الافتراضي (30-25 سنة) .

وقد أثبتت كافة الأبحاث والدراسات العديدة على الأراضي الزراعية مدى الفوائد التي تعود على البلاد بعد إدخال نظام الصرف سواء العام أو المغطى خاصةً بعد إنشاء السد العالي واستخدام نظام الري الدائم .

وتتلخص هذه الفوائد فيما تحققه هذه المشروعات من الزيادة في الإنتاجية الزراعية والعائد الاقتصـادي المرتفـع الذي يصـل إلـى  %25-17  وكذلك التأثيـر الإيجابي في تحسين خواص التربـة الطبيعيـة والكيميائية مـن حيث خفض منسـوب الماء الأرضـي وتحسيـن معامـل التوصيل الهيدروليكي للتربة وخفض ملوحة التربة وملوحة الماء الأرضي (محلول التربة) .

وتهدف الخطط المستقبلية الاستمرار في استكمال تنفيذ مشروعات الصرف بشقيه العام والمغطى باستخدام أحدث المعدات المتطورة ومواسير (أنابيب) البلاستيك .

برامج تطوير الري السطحي بمصر :

بناءاً على ما أوضحته دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية وما أكدته المتابعة، وفي ضوء السياسة العامة للدولة ووزارة الأشغال العامـة والمـوارد المائية والتـي كان مـن نتائجها وتوصياتها ضـرورة وحتمية تطوير الري، فقد بادر قطاع التطوير بإعداد الخطة القومية المستقبلية لتطوير الري فـي الأراضي القديمـة حتى عام 2017 ، وذلك عـن طريق إعداد أربع خطط خمسية، (جدول رقم 3-1) .

المعوقات والمشاكل التي تواجه شبكة الري وبرامج التطوير :

-  نمو الحشائش المائية بالترع والمساقي مما يعوق وصول المياه إلى  نهايتها .

-  عدم كفاية المياه بنهاية بعض المساقي بسبب طول هذه المساقي .

-  سوء حالة الأعمال الصناعية بشبكة الري .

-  عدم وجود تحكم في مياه الري وكمية المياه التي يتم سحبها من قبل المزارعين أثناء عملية الري .

-  عدم تطابق مواعيد بدء الزراعة مع مواعيد إطلاق المياه بأدوار العمالة .

الحلول المقترحة لمعالجة القصور وتطوير الشبكة الحالية :

-  تحديث وتطوير منشآت ونظم الري على مختلف مستوياتها بما فيها شبكات الري الرئيسية والفـرعية والـري الحقلي ، بما يهـدف إلـى  توفيـر مياه الـري حسب الحاجـة الفعليـة للمزروعات مع منع الإسراف وتقليل الفواقد بتحسين عملية الري باستخدام التصرفات بدلاً من المناسيب، وتحويل الري من نظام المناوبات إلى  الري بنظام التيار المستمر .

-  تسهيل عمليات تشغيل وإدارة عملية توزيع المياه باستخدام نظم التحكم الحديثة وذلك عن طريق تركيب بوابات أوتوماتيكية حديثة طراز AVIS وطراز AVTO ، كما تستخدم الموزعاتDistributors لتعطي تصريفات ثابتة يمكن التحكم فيها طبقاً للاحتياجات المائية الفعلية.

 

 

الجدول رقم (3-1)

بيان بالخطط الخمسية المقترحة لتطوير الري في الأراضي

المصرية القديمة حتى عام 2017

 

 

التكلفة الكلية

(بالمليون جنيه)

متوسط تكلفة الفدان (بالجنيه)

الزمام

(بالألف فدان)

الخطة

162

1800

90

الخطة خلال عام 1997/1996

2631

2500

1046

الخطة الخمسية 2002-1997

4300

3100

1388

الخطة الخمسية 2007-2002

8537

4000

2136

الخطة الخمسية 2012-2007

10370

5000

2074

الخطة الخمسية 2017-2012

26000

 

6734

الإجمــــــالي

 

 

-  تحديث نظم الري الحقلي وشبكات المساقي، وذلك عن طريق تنفيذ عمليات تسوية الحقول بالليزر وتحويل المساقي الحالية الترابية إلى  مساقي مرفوعة مبطنة على شكل حرف J ، أو مساقي مواسير (PVC) ذات ضاغط منخفض، وتعمل المساقي المطورة على تقليل الفواقد المائية والقضاء على الحشائش وضمان وصول المياه إلى  نهاية المسقى بالكمية المناسبة في الوقت المناسب وتوفير تكاليف أعمال الصيانة، مما سيؤدي إلى  زيادة الإنتاج ورفع مستوى معيشة المزارع .

-  استخدام مختلف المصادر المائية بما فيها المياه السطحية والمياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي .

-  حل مشاكل ارتفاع المياه الجوفية وما تسببه من رفع معدلات الملوحة وانخفاض الإنتاج الزراعي.

-  إيجاد صيغة للتعاون بين إدارة الري ومستخدمي مياه الري من مزارعين وفلاحين عن طريق تكوين روابط مستخدمي مياه الري وتكوين إدارة التوجيه المائي بوزارة الأشغال العامة والموارد المائية لتدريب وتوجيه المزارعين على الاستخدام الأمثل للمياه وحل المشاكل التي تعترض المزارعين أولاً بأول .

 

 3-2-7  التجربة المغربية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

  تقدر المساحة الممكن ريها بصفة مستمرة بحوالي 1,35 مليون هكتار، وفي الوقت الراهن تقدر المساحة المروية (بصفة دائمة) بحوالي 911000 هكتار ، وبالرغم من أنها لاتمثل سوى %10 من المساحة الصالحة للزراعة فإنها تساهم بتشغيل %33 من اليد العاملة و %75 من صادرات المنتوجات الزراعية .

  يتضح من خلال ما سبق أن للري دوراً هاماً واستراتيجياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، إلاّ أن أكثر من %80 من الموارد المائية المتاحة في المغرب يتم استغلالها بشكل عام في قطاع الزراعة المروية، ويغطي نظام الري السطحي وحده حوالي %80 من المساحة المروية ، وتبين أن الري السطحي كما هو مطبق حالياً في المغرب يقوم بهدر وضياع كبير لمياه الري وخصوصاً على مستوى الحقل، حيث تصل كفاءة نظام الري في قنوات الري المحمولة إلى  %85 وفي قنوات التوزيع الترابية إلى  %85 وعلى مستوى الحقل إلى  %60 (حسب العديد من الدراسات الميدانية) ، وبالتالي فالكفاءة الإجمالية للمشروع تصل إلى  حوالي %40 (جدول رقم 3-2).

نستنتج من ذلك أن أهم ضياع في مياه الري يحصل على مستوى الحقل وأن أهم اقتصاد في مياه الري يمكن إنجازه على هذا المستوى . ونظراً لمحدودية الموارد المائية مـن جهة ، وبغيـة عقلنة استعمالها من جهة أخرى ، فإن تخفيض فواقد الماء بالإضافة إلى  تحسين استغلال شبكات النقل والتوزيع وترشيد استخدام المياه عن طريق تطوير نظام الري السطحي على مستوى الحقل يشكلان هدفاً أولوياً لتحسين كفاءة الري الحالية لمشاريع الري. 

 

الجدول (2-3)

يبين كفاءة استعمال مياه الري لبعض الدول العربية

كما ورد في إحدى نشرات FAO لسنة 1994

 

الكفاءة الكلية أو الإجمالية (%)

الكفاءة داخل الحقل أو المزرعة (%)

كفاءة الشبكة (%)

البــــلد

53

80

80.5

الأردن

30

50

60

سوريا

-

-

68

مصر

42

60

80

المغرب

22

40

55

اليمن

28

40

67

معدل البلدان النامية

 

 

المشاريع الكبرى للري السطحي بالمغرب :

  إن أكبر مشاريع الري السطحي في المغرب توجد في الدوائر السقوية التي يبلغ عددها تسعة (9) : وهي موزعة في المناطق التي توجد فيها موارد مائية لابأس بها ، وتلعب هذه الدوائر دوراً مهماً جداً في الاقتصاد الوطني .

-  الدائرة السقوية لملوية (مساحتها 335 ألف هكتار) والمصادر الرئيسية لمياه الري هي المياه السطحية.

-  الدائرة السقوية للغرب (مساحتها 616 ألف هكتار) والمصادر الرئيسية لمياه الري هي مياه واد سبو والروافد الرئيسية (بهت ، إنون ، ورغة ) .

-  الدائرة السقوية لدكالة (مساحتها 493 ألف هكتار) والمصدر الوحيد لمياه الري في المنطقة كلها هو واد أم الربيع (ثاني نهر بالمغرب من حيث كبر الحوض المائي) .

-  الدائرة السقوية للحوز (مساحتها 663 ألف هكتار) والمصادر الرئيسية لمياه الري هي حوض تانسيفت وحوض تاسوت .

-  الدائرة السقوية لتادلة (مساحتها 320 ألف هكتار) والمصدر الرئيسي لمياه الري هو نهر أم الربيع .

-  الدائرة السقوية لسوس ماسة (مساحتها واحد مليون و 200 ألف هكتار) وتتكون الموارد المائية لهذه الدائرة من مياه أودية سوس وماسة وإسلي .

-  الدائرة السقوية للوكوس (مساحتها 256 ألف هكتار) وتتكون الموارد المائية لهذه الدائرة من مياه نهر اللوكوس وروافده (أودية درادر وسوير وصغر) .

-  الدائرة السقوية لتافلالت (مساحتها 7 مليون و 750 ألف هكتار) وإن أهم المصادر المائية للمنطقة هي أودية زيزوغيس وكير والفرشة المائية .

- الدائرة السقوية لورزازات (مساحتها 5 مليون و 500 ألف هكتار) والمصدر الرئيسي لمياه الري هو سد المنصور الذهبي .

المعوقات والمشاكل التي تواجه تطور الري السطحي بالمغرب :

  تبين أن تدني كفاءة  مشاريع الري في المغرب ناتج أساساً عن ضعف كفاءة الري الحقلي والذي بدوره يعود لمعوقات فنية ومؤسسية واقتصادية نذكر أهمها فيما يلي :

أ-  نموذج التهيئة الهيدروفلاحية :

بدايةً ومنذ استقلال المغرب ، صُممت مناطق السقي الكبيرة على أساس أن تكون مساحة كل وحدة سقوية تتراوح ما بين (20 و 30 هكتار) بصبيب (30 لتر/ثانية)، وكل وحدة سقوية مقسمة إلى  شرائح مستطيلة عرضها يتراوح ما بين (80 و 120 متر) وتروى من طولها بواسطة قنوات ترابية يصل طولها إلى  400 متر ، وتقسم كل وحدة سقوية إلى  4 أو 6 حقول ، وقد كان هدف هذا النموذج من التهيئة ما يلي :

*  استغلال مشترك للقناة الترابية التي تزود الحقول بمياه الري .

*  إدخال تقنية الري " بالخطوط الطويلة " التي تعتبر ذات كفاءة جيدة .

*  اتباع أسلوب الري بالتناوب على الماء بين جميع مستعمليه وفق احتياجات المزروعات .

*  التحكم في اختيار المحاصيل المروية وفق الطلب على المنتوجات .

*  تطبيق المكننة الجماعية للضيعات (القرى) الصغيرة .

بعد مضي ثلاثين سنة ، لم يعد هذا النظام معمولاً به ، حيث تم حفر مجموعة من الأقنية الترابية بدلاً من استغلال القناة المشتركة، ولم تستعمل المكننة الثقيلة وبصفة جماعية، وحصلت استقلالية في اختيار المزروعات وعشوائية في التناوب على استغلال مياه الري، وتم استخدام الري التقليدي "بالربطة" (حقنيات ذات أحجام صغيرة حوالي 50 متر مربع) بدلاً من "الخطوط الطويلة" . كل هذا أدى إلى  تدني كفاءة الري الحقلي حيث قدرت الفواقد المائية بـ %25 على مستوى الحقل و %15 في القنوات الترابية .

ب- دورات استعمال مياه الري :

نظراً لعدم وجود تنظيم بين المزارعين فإن طريقة التناوب على الماء تطبق بعشوائية وفوضى، لذلك يجب إعادة النظر فيها . أما القنوات الترابية فقد صممت على أساس أنها ستؤمن صبيباً يساوي 30 لتر/ثانية، بسبب الفواقد عن طريق النقل والتوزيع ، وضعف ضبط تجهيزات التوزيع انخفض هذا الصبيب إلى 25 لتر/ثانية (استناداً إلى  بعض القياسات التي أنجزت في حوض تادلة).

ج- تقنيات الري السطحي :

يغطي نظام الري السطحي وحده حوالي %80 من المساحة المروية، وتعتبر طريقة الري التقليدية "الربطة" هي الأكثر شيوعاً في الدوائر السقوية للمغرب . وتعتمد هذه التقنية على الري "بخطوط قصيرة" ، ومن بين الدوافع الرئيسية التي تجعل المزارعين يلجؤون إلى  استخدام طريقة الري "بالربطة" الحالة السيئة التي توجد عليها تسوية الحقول في الدوائر السقوية التي تلاشت ولم تصمد كثيراً أمام العمليات المتكررة للحراثة في الاتجاه الطولي للحقول . وزيادة على تأثيرها السيء على تسوية الأرض ، فإن طريقة الري " بالربطة " تؤدي إلى  فواقد في الرقعة المزروعة تقدر بـ 15% ، وكذلك يتطلب استعمال الري "بالربطة" مجهوداً كبيراً وحضوراً متواصلاً أثناء عملية الري، أما تجانس توزيع الماء في الحقل فهو ضعيف جداً .

أما بالنسبة للري "بالخطوط الطويلة"، فبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت في بعض الدوائر السقوية، فإن هذه الطريقة لم تعرف التطور المرغوب فيه، وتعد مشكلة تسوية الحقول (مرة ثانية) هي عائقاً أساسياً أمام استخدام الري "بالخطوط الطويلة" .

د-  جمعيات مستعملي مياه الري :

إن الهدف من تكوين جمعيات مستعملي مياه الري هو إشراك المزارعين في عمليات تسيير وصيانة شبكات الري وتحميلهم قسطاً من المسؤولية من أجل الاستغلال العقلاني لموارد الماء والتربة والمحافظة عليها وكذلك على البنية التحتية لمشاريع الري . وبالرغم من العديد من العراقيل والصعوبات فقد تأسس عدد كبير من جمعيات مستعملي مياه الري على صعيد السقي الكبير والمتوسط والصغير، نظراً لتفهم المزارعين ضرورة المساهمة في تسيير وصيانة التجهيزات وتحمل المسؤولية في ذلك من أجل عقلنة استغلال الموارد المائية المتاحة ورفع كفاءة مشاريع الري .

المشروعات الهادفة إلى  تحسين كفاءة الري السطحي بالمغرب :

انطلاقاً من مبدأ أن الري هو خيار استراتيجي لكل تنمية اقتصادية واجتماعية بالمغرب، ومن أهمية العقار (الأرض) في كل تطور فلاحي ، فإن تدخلات الدولة في هذا القطاع ترتكز على :

أ-  البرنامج الوطني لتحسين الري الذي يهدف أساساً إلى  توسيع نطاق الري واستصلاح التجهيزات المتقادمة وتشجيع المزارعين على المشاركة في إدارة وتسيير شبكات الري من خلال إنشاء جمعيات مستخدمي مياه الري ، وكذلك تشجيع إنشاء المقاولات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في صيانة التجهيزات الهيدروفلاحية ، وهكذا فإن البرنامج الوطني للري (19932000) مكّن من توسيع المساحات المروية بحوالي 250 ألف هكتار ، كما ساعد على استصلاح أو تحديث التجهيزات الهيدروفلاحية على مساحة تناهز 200 ألف هكتار .

ب- برنامج تحسين الري الكبير الذي همه متابعة صيانة تجهيزات الري ودعم قدرات التدبير لدى المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي وعقلنة استغلال الماء على مستوى الحقل ، وحماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية وذلك عن طريق الاستغلال المحكم للمياه والرفع من فعالية استعمالها على مستوى الأحواض المائية .

ج- التهيئات العقارية التي ترمي إلى  تحسين إنتاجية الأراضي الفلاحية (الزراعية) والمحافظة عليها وتطوير الإطار القانوني والمؤسساتي للعقار الفلاحي (الزراعي) .

نوعية الصرف بالمغرب :

الصرف المستعمل في كل المشاريع المروية هو الصرف السطحي (المكشوف) ، وهو عبارة عن قنوات ترابية توجد في نهاية الحقل، وهي تجمع المياه الزائدة في آخر الخطوط . وقد كانت قنوات الصرف هذه تستعمل في أوائل الستينات والسبعينات عندما كانت المياه متوفرة بكثرة وكانت عندئذ عمليات السقي تستهلك كميات كبيرة من المياه وكانت عملية الصرف تحول الكميات الزائدة من المياه إلى  خارج المزارع أو مشروع الري لكي لاتكون عائقاً لنمو النبات .

بعض المقترحات لتحسين كفاءة الري الحقلي :

يعد تحسين كفاءة الري الحقلي هدفاً حيوياً بالنسبة للمغرب وذلك للتمكن من تحقيق استدامة مشاريع الري ، ولكن كما ذكرنا سابقاً ، فمن بين العوائق الأساسية لتحسين كفاءة الري الحقلي هناك :

-  صعوبة التعرف على احتياجات المزروعات من الماء وبرمجة الري لدى المزارعين .

-  استخدام المزارعين لتقنيات ري تقليدية بسبب الصعوبة الفعلية التي تعوق تعميم استخدام تقنيات الري الحديثة ذات القدرة العالية على توفير واقتصاد مياه الري .

ولبلوغ الهدف الحيوي المتمثل بتحقيق اقتصاد مهم في مياه الري يقترح التحسينات الاستراتيجية التالية :

أولاً :  برمجة الري والتوزيع :

إن برمجة الري تعد ضرورية لأنه في الوقت الراهن يتلقى المزارعون كميات من مياه الري غير كافية في فترات الاستهلاك القصوى والتي تعتبر حساسة بالنسبة لنمو النبات . ويضطر المزارعون (لتفادي هذه المشكلة) "عن وعي أو غير وعي" إلى  ضرورة الري بكميات تفوق بكثير المطلوب لتجنب نتائج تأخير الدور القادم من استعمال مياه شبكة الري، لذلك تعد برمجة الري أهم وسيلة تمكن من تحسين استغلال شبكات الري وتنظيم نقل وتوزيع مياه الري ، وكذلك تمكين المزارعين من ري حقولهم في أوقات متفرقة خلال فترات الاستهلاك القصوى وبكميات معقولة وبالتالي تحقيق زيادة في الإنتاجية .

ثانياً :  تحسين أساليب الري السطحي التقليدي :

تكمن أهمية الحديث عن الري السطحي في أنه مازال من أكثر أنظمة الري شيوعاً في العالم حيث أن أكثر من %80 من الأراضي المروية في العالم مازالت تروى بطريقة الري السطحي، ويعتبر هذا النظام من أكثر النظم هدراً لمياه الري على مستوى الحقل نتيجة لاستعمال أساليب تقليدية كطريقة " الري بالربطة " الأكثر شيوعاً في المغرب ، التي من مساوئها تبذير كبير في المياه وتقليص في المساحة المزروعة وبالتالي ضعف في مردودية الهكتار . إلاّ أنه بالإمكان تفادي كل هذه المساوئ ورفع كفاءة الري السطحي إلى  مستوٍ عالٍ وذلك باستعمال :

-  طرق ري سطحي ذات كفاءة جيدة .

-  تبطين وصيانة الأقنية المائية الترابية ..

-  استعمال الأنابيب الصلبة واللينة لنقل وتوزيع المياه .

-  استخدام المتاعب (السيفونات) والتسوية الدقيقة لسطح الحقل المراد ريه باستعمال أجهزة الليزر مثلاً ، مما سيمكن من توفير ما يعادل %20 من المياه المستخدمة في الري بالإضافة إلى  تحقيق زيادة في إنتاجية المحاصيل المروية .

ومن بين أساليب الري السطحي ذات الكفاءة العالية الممكن استخدامها نذكر الري بالخطوط (بالأثلام) والذي باستعماله يمكن تحقيق اقتصاد في مياه الري بما يعادل %10 والتخلص من فواقد الرقعة المزروعة التي تقدر بحوالي %15 في الري التقليدي "الربطة " وكذلك من تحسين الإنتاج الزراعي.

يناسب الري بالخطوط (بالأثلام) عدداً كبيراً من المحاصيل ويمتاز عن طرق الري السطحي الأخرى بقلة الكلفة اللازمة لإعداد الأرض ، ولاتحتاج الأثلام إلى  مواصفات خاصة كما هو الحال بالنسبة للري بالشرائح (المساكب) والأحواض ، وتروى الأثلام بإعطاء تصريف مائي مناسب من قناة الحقل إلى  بداية ثلم أو مجموعة من الأثلام بإحدى الطرق التالية :

أ–  كسر حافة القناة عند رأس الثلم إذا كانت ترابية . وهذه الطريقة لاتحقق تحكماً جيداً بالتصريف المائي، ولايمكن توزيع التصريف بشكل متساو بين الأثلام المختلفة مع أنها الأكثر شيوعاً.

ب- بنقل الماء من القناة إلى  الثلم بواسطة المثعب (السيفون) وهي طريقة جيدة وغير مكلفة ومستخدمة على نطاق واسع وبخاصة عندما تكون قناة الري الحقلية مبطنة .

ج–  باستخدام الأنابيب ذات البوابات ، وهذه الأنابيب (صلبة أو لينة ) تعوض بها قناة الحقل حيث يوجد عليها بوابات تفتح بالقدر اللازم عند بداية كل ثلم ، وتعتبر من أكثر طرق توزيع الماء على الأثلام دقةً وقدرةً على التحكم بالتصريف .

ويمكن استخدام الري "بالربطة " المحسنة عن طريق توسيع مساحة الأحواض الصغيرة المستعملة للري ( حقنيات ذات أحجام صغيرة حوالي 50 m2 تقريباً إلى  حوالي 100 m2) حيث تعد هذه العملية مؤقتة تمكن من تقليص فواقد المساحة المزروعة مقارنة مع " الربطة " التقليدية وبالتالي تحسين مردودية الهكتار إلاّ أن تجانس توزيع مياه الري سيظل ضعيفاً نسبياً .

كما أن تسوية الأراضي تعد ضرورية جداً لنجاح الري السطحي وتمكن من الحصول على توزيع متجانس لمياه الري على مستوى الحقل، إلاّ أنه في جميع الأحواض المجهزة للري في المغرب لوحظ أن تسوية الحقول لم تصمد كثيراً أمام العمليات المتكررة للحراثة في الاتجاه الطولي للحقول وإنشاء البتون (الأكتاف) لأحواض الري " بالربطة " .

ثالثاً : صيانة الأقنية الترابية :

يمكن صيانة الأقنية الترابية المستخدمة في توزيع مياه الري على الحقول إما عن طريق إعادة حفرها دون تبطينها ، وهو الحل الأول الذي لايمكننا من تقليص فواقد التسرب، أما الحل الثاني فهو صيانتها مع تبطينها، وهنا يجب مقارنة قيمة الكلفة مع كمية المياه الممكن توفيرها . وعملية التبطين يمكن إنجازها بواسطة الخرسانة أو استخدام القنوات نصف الدائرية المستخدمة في الشبكات المحمولة أو التبطين بمواد بلاستيكية التي تعد أقل ولكن كذلك أقل استدامة .

رابعاً : خلق المزيد من جمعيات مستخدمي مياه الري :

يعد خلق جمعيات مستخدمي مياه الري حلاً حيوياً وإطاراً مناسباً يمكن من توعية المزارعين حول ضرورة وأهمية الاقتصاد في مياه الري وعقلنة استغلالها وذلك بإشراكهم في عمليات تسيير وصيانة شبكات وتجهيزات الري .

المقترحات المتعلقة بتحسين كفاءة الري السطحي :

استخدام التسوية الدقيقة لسطح الحقل المراد ريه باستعمال أجهزة الليزر مثلاً ، تبطين وصيانة أقنية الري ، استخدام الأنابيب والمثاعب (السيفونات) لنقل وتوزيع المياه على مستوى الحقل. ولبلوغ هذا الهدف يجب القيام بمجهود كبير في ميدان البحث التطبيقي ، والتكوين (الإنشاء) ، والإرشاد.

3-3  التجارب العالمية في تطوير الري السطحي والصرف :

3-3-1  التجربة الفرنسية في منطقة الشرق الأوسط :

أ-  مقدمة :

أصبحت ندرة المياه في الشرق الأوسط ظاهرة واضحة وتشكل أكثر من أي وقت مضى محور القضايا المتعلقة بالتطوير والتنمية، وإذا كانت ندرة المياه هي المشكلة الأكثر خطورة، فإن ما يثير القلق أيضاً هو تدهور نوعيتها. كذلك، فالتوزيع الإقليمي للمياه هو معقّدٌ للغاية، لاسيما أن كل بلدان المنطقة تقريباً تعتمد بشكل خاص على مصادر المياه التي تأتي من البلدان المجاورة . أما محاور العمل الرئيسية لمجابهة وتخطي تلك المشكلات فهي :

1-  تعزيز مراقبة وضبط إدارة المياه من قبل الدولة .

2-  تحسين التعاون الإقليمي من أجل إدارة أفضل للموارد المائية .

3-  رفع الرسوم المفروضة على المياه للحث على الاقتصاد في استخدامها .

4-  تطوير عمليـة إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة (التي تمت معالجتها) في الري.

5-  إيجاد برامج للاستثمارات بغية تعميم معالجة مياه الصرف الصحي .

6-  تطوير حلول جديدة بغية زيادة الموارد المائية .

هذا وتتيح التقنيات الحديثة المستخدمة في الزراعة المروية فرصة تحقيق توفير كبير في الماء من الأجدر توسيع انتشارها واستخدامها في المنطقة، وتساهم البعثة الإقليمية للماء والزراعة (MREA) المعتمدة لدى السفارة الفرنسية في الأردن في الجهود التي تبذلها بلدان منطقة الشرق الأوسط في هذا الاتجاه منذ عام 1990 .

ب-   تاريخ نشاطات البعثة الإقليمية للماء والزراعة (MREA) :

نشأت " البعثة الفرنسية للزراعة " عام 1990 ، واكتسبت كفاءتها الإقليمية منذ عام 1993 وأصبحت تدعى " البعثة الإقليمية للماء والزراعة "   MREA  أي بإضافة " الماء " في عام 1996 . وقد طورت أعمالها وأبحاثها التجريبية في الأردن وفي الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وغزة) ، وعملت بالتعاون مع أقطار عربية أخرى في المنطقة (سورية، لبنان، مصر...) باذلة جهودها في نشر المعلومات العلمية والتقنية فيها .

طوّرت الـ MREA  مجموعة من الدراسات والأعمال التجريبية ميدانياً بالتعاون مع العديد من الجامعات ومؤسسات التطوير والتنمية ونظمت دورات لتأهيل التقنيين بغية تحقيق أهداف تلك الدراسات، وكانت النتائج الرئيسية كما يلي (جدول رقم 3-3) .

ج-  تحسين نظم توزيع المياه المستخدمة في الزراعة المروية :

كانت عملية نقل الماء حتى مكان استخدامه بالحقل تتم تقليدياً بواسطة الأقنية الترابية مما كان يسبب ضياع أو  فقدان نسبة كبيرة منه بسبب التسرب بشكل خاص . غير أن تكسية أو تبطين تلك الأقنية (بالحجارة أو بالخرسانة) كانت " المرحلة الأولى " التي تتلاءم مع نقل كميات كبيرة من الماء لمسافات طويلـة . أما تعميم توزيـع الماء وفـق ضغط ملائـم فـي الأنابيب فهـو ذو فوائد جمّة لأنـه يحدّ مـن ضياع الماء ويسهّل كذلك عمليـة مراقبـة استخدامـه (بواسطة العدّادات) ويحمي المياه مـن شتى أنواع التلوث، ويمكن استخدام الضغط اللازم لنقلها بغية توزيعها حتى مكان استثمارها.

د-  أفضل طريقة لري الحقول :

إن نظام الري السطحي (طريقة الري بالغمر) تجعل الماء يجري غالباً على سطح التربة أو داخل القنوات الترابية لتوصيل الماء إلى النباتات ، إذ أنه من اللحظة التي يجري فيها الماء من أحد طرفي الحقل يحتاج بعض الوقت قبل أن يبلغ الطرف الآخر ، ويرشح الماء في الأرض خلال تلك المدة الزمنية وتتناسب كمية الماء المتسرّب طرداً مع المدة التي استغرقها لذلك ، مع العلم أن مقدار الماء المتسرّب يكون أكبر في بداية جريانه . هذه الظاهرة من عدم التكافؤ في توزيع الماء إضافة إلى فقدانه في الأقنية تؤدي إلى تبديده بمعدل يتجاوز غالباً %50 من الماء عند توزيعه ، ويؤدي اتباع هذا النظام في بعض الأراضي ذات النفاذية العالية إلى خسائر كبيرة في الماء بسبب عملية الرشح العميقة (شكل رقم 1-3) .

ويؤدي اتباع هذه الطريقة، يعززها سعر الماء المنخفض ، إلى المغالاة في الري أحياناً (استخدام كميات كبيرة من الماء) ، لهذا السبب ، إذا لم تطبق على الأقل " المرحلة الثانية " المتمثلة بتبطين الأقنية الترابية وتعميم توزيع الماء على الحقل وفق ضغط ملائم في الأنابيب (أي إدخال نظام الري السطحي المطوّر : نقل المياه بواسطة أنابيب حتى حدود الحقل) وتحديد كمية مياه الري المعطاة حسب الحاجة الفعلية للمزروعات، لن يؤدّي استخدام الري السطحي (حتى الآن ومستقبلاً ) إلى أي اقتصاد وتوفير  للمياه كما هو متوقع .

 

 

 

جدول رقم (3-3)

يبين أهم النتائج العملية لدراسات البعثة الإقليمية (MREA)

 

 

الموضوع

المكان

التاريخ

زراعة القرنفل "خارج التربة" مع إعادة استخدام المياه المعالجة في البيوت البلاستيكية (توفير %33) من الماء والحصول على ضعف المحصول من الأزهار ذات النوعية الممتازة) .

استثمار البستنة بالقرب من عمان

1995

ترشيد الري التنشيومتري (باستخدام جهاز التنشيومتر لقياس شدة الرطوبة أو المحتوى الرطوبي في التربة) في بساتين التفاح  .

سورية – وزارة الزراعة

1995-1996

الاستخدام والترشيد التنشيومتري والمتغيرات الدقيقة لشدة الرطوبة أو المحتوى الرطوبي في التربة بغية القيام بالري المناسب لزراعة الخيار .

لبنان – المعهد العالي للمهندسين المختصين بالهندسة الزراعية المتوسطية (ESIAM)

1996-1995

استخدام الترشيد التنشيومتري في الري من أجل زراعة البندورة والخيار في البيوت البلاستيكية (توفير الماء بنسبة %20 إلى %50 وتحسين الإنتاج من %10 إلى %30 .

وادي الأردن

1997-1996

استخدام الترشيد التنشيومتري للري في بساتين الحمضيات (تحسين نموها نتيجة تخفيض كميات الماء المستخدمة للري).

قطاع غزة

1997

- مشروع إيجاد الطريقة المثلى للري في وادي الأردن (مشروع IOJOV)

- استخدام الإرشاد التنشيومتري في الري واللجوء إلى الري الآلي في بساتين الحمضيات (إمكانية توفير الماء إلى ما يقارب من %30) .

- دراسة إمكانية التحول من طريقة التوزيع إلى الطلب بالنسبة لشبكة الري النموذجية .

شبكة العدسية النموذجية في شمال وادي الأردن

1999-1997

استخدام الخبرة في زراعة بساتين الحمضيات .

الأردن وقطاع غزة

1999

 

 

 

 

 

الشكل رقم (1-3)

 يبين ضياع أو فقدان المياه بالرشح العميق بتطبيق نظام الري بالغمر

 

 

هـ- اختيار الزراعات وتسويقها :

إن التقييم الأمثل للماء المستخدم في الزراعة المروية لاينحصر في استخدام "أفضل أنظمة الري"، إذ أن تنافس القطاعات الأخرى من أجل هذا المورد النادر "الماء" يتطلب من الزراعة المروية أن تؤمّن للبلاد المعنية بذلك المنتجات الزراعية بأعلى نسبة ممكنة من القيمة المضافة . غير أن إنتاج الموز في وادي الأردن، على سبيل المثال ، يستهلك كميات هائلة من الماء دون أن يحقق القيمة الكافية التي يستحقها ودون أن يهيء فرصاً هامةً للعمل في حين أن هذا المنتج يتواجد بكميات كبيرة في الأسواق العالمية وبأسعار أدنى بكثير منها في السوق المحلية. بينما نجد أن الفريز المزروع في البيوت البلاستيكية، على العكس من ذلك ، يتطلب الكثير من الأيدي العاملة ويؤمّن قيمة مضافة أعلى من سابقتها بكثير ، بالإضافة إلى استخدام كميات أقل بكثير من الماء، كذلك من الممكن إنتاج الفريز في المنطقة في غير أوانه، مما يفتح له أسواق التصدير في أوروبا، مؤمّناً بذلك دخول العملات الصعبة التي تعود بالفائدة على البلاد .

ويبين هذين المثالين على أنه يجب توجيه اختيار الزراعات في اتجاه إنتاج المحاصيل الأكثر ملاءمة اجتماعياً واقتصادياً .

و- نشاطات البعثة الإقليمية للماء والزراعة (MREA) المستقبلية :

إن أهم المواضيع التي سيتم معالجتها هي إدارة أنظمة الري ، واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة (التي تمت معالجتها ) في الزراعة المروية، وتطوير الزراعات التي تتكيف مع ندرة المياه والأسواق المحلية والعالمية على السواء .

 

3-2-2 التجربة الهنغارية :

منذ نهاية الستينات وبداية السبعينات في القرن العشرين بدأت هنغاريا في تطوير الري السطحي. فقد كانت مواعين نقل مياه الري أساساً قنوات مفتوحة وجداول حقل ، ثم طورت إلى ري بالسراب الطويل ثم بدأ إدخال نظام نقل المياه بواسطة الأنابيب المطمورة .

تتسم الأراضي الزراعية في هنغاريا بانبساطها مما يجعل صعوبة الاعتماد على الري بالراحة وخاصة عند تطوير أساليب الري واستخدام الري بالرش .

المزارع في هنغاريا ذات مساحات كبيرة نسبياً تتراوح بين 3000 إلى 20000 هكتار ولهذا فإن نظام الري الآلي لم ينتشر انتشاراً واسعاً حيث اعتبر زيادة الميكنة والاعتماد على التحكم من بعد أفضل اقتصادياً .

لقد شملت الدراسات التي جرت في هنغاريا لأتمتة الري استخدام مجسات الرطوبة . وقد تم استخدام هذه التقنية في الري السطحي بالراحة والري تحت الضغط وفي شبكات القنوات المفتوحة وفي أجهزة التحكم الهيدروليكي بالمنشآت المائية وفي مجال قياس تصرفات المياه والتحكم الكلي في شبكات الري .

3-3-3  التجربة الإسبانية  :

أسبانيا من الدول العريقة ذات حضارة واسعة وتعتبر من الدول الصناعية المتقدمة رغم أنها أساساً هي دولة زراعية ولكن نسبة لعدم ملائمة طقسها لإنتاج المحاصيل في الصيف بسبب موجات الجفاف أصبح الري من المعوقات الأساسية للزراعة في أسبانيا .

لقد كانت طرق الري التقليدية هي السائدة في أسبانيا حيث تسود الأعراف والتقاليد بإتاحة الري بالتناوب للمزارعين بنظام دقيق للاستخدام الأمثل للمياه وبعدالة توزيع يحترمها كل المزارعين.

ثم ظهر في أواخر القرن العشرين نظام إدارة الري الكبرى التي تقوم بنقل وتوزيع المياه ، ولكن واجهت هذه النظم بعض المشاكل والمعوقات بسبب رفض المزارعين استلام المياه والري ليلاً.

تواجه الزراعة المروية في أسبانيا بعض المشاكل الخاصة بتوفير مياه الري للإيفاء بالمتطلبات المائية للمساحات المروية الشاسعة .  أول هذه المشاكل الحاجة إلى إصلاح نظم الري التقليدية لتتناسب مع التطورات التي تمت والإنشاءات المائية الجوفية التي تم القيام بها منذ بداية السبعينات في القرن العشرين . كما أن التصاميم القديمة لشبكات الري شكلت مشاكل لتطوير النظم التقليدية. قامت وتقوم أسبانيا بمجهودات كبيرة لحصاد مياه الأمطار والاستفادة منها في مواجـهة مشاكل الري من خلال الخزانات والسدود المنتشرة في المناطق المروية. لقد قامت أسبانيا بدراسة مستفيضة للوصول إلى أفضل المقننات المائية للمحاصيل ، وقد توصلت إلى أن 7 ألف متر مكعب / للهكتار / السنة كافية للري.  إن المساحات المروية التي تدار على أساس قطاع خاص أفضل من تلك التي تدار على أساس تعاوني ومشترك.

ويعتبر الري الآلي المتحكم فيه أحد أساليب مواجهة المشاكل في قطاع الري في أسبانيا وتطبق العديد من أساليب الري الآلي وفي مجالات متعددة وتشمل :

-  الري تحت الضغط :

من المؤكد بأن نقل المياه عبر أنابيب تحت الضغط هي أفضل بكثير من نقلها بقنوات مفتوحة . تشمل مزايا نقل المياه بالأنابيب ، التحكم في الطلب وتخفيض نسبة فواقد النقل .

إن التحكم الآلي في توزيع المياه بالأنابيب قد مكن من التوزيع الملائم للمياه حسب الطلب والتحكم في تصرفات المزارعين حيال ريهم للأراضي. يتم التحكم في سرعة فترات تشغيل المضخات التي تزود هذه الأنابيب بالمياه. نسبة لأتساع طريقة الري السطحي فقد قامت أسبانيا أيضاً بالعمل على التحكم الآلي في القنوات المفتوحة القائمة بغرض تحسين كفاءة الري الحقلي وتقليل الفواقد . تشمل الطرق التي استخدمت في أسبانيا للتحكم الآلي في القنوات المفتوحة التحكم في أبواب القناطر والهدارات والمنشآت المائية بصفة عامة للتأكد من المحافظة على منسوب المياه أمام المنشآت ثابتاً ، وعليه فيمكن لآي مستخدم للمياه من أخذ ما يحتاجه للمياه ، وهذا يتطلب انحدار بسيط في القنوات ، ونسبة لعدم إمكانية تغير انحدار القنوات الفرعية الثالثة  الحقلية ستكون أكثر مما هو مطلوب. بدأت أسبانيا منذ الستينات في إنشاء شبكات الري السطحي وفق متطلبات التحكم الآلي في القنوات المفتوحة نسبة لارتفاع تكلفة التغيير في الشبكات القائمة منذ عام 1959 .

العديد من شبكات الري قد تم إنشاءها في أسبانيا بهذه السمات المناسبة للتحكم الآلي .

لقد ادخل نظام التحكم الكهربائي في شبكات الري مع بداية السبعينات ، وقد تم وضع معدات التحكم في مخارج خزانات المياه .

3-3-4 التجربة الرومانية في تحكم الري الآلي

لقد بدأت تجارب رومانيا في التحكم الكامل في الري ضمن خطة الدولة لتطوير الري ضمن برنامج التنمية الخماسي للفترات 1966-1970 و 1970-1975 .

يشمل الري الآلي في رومانيا التحكم في شبكات الري عبر الأنابيب وذلك من خلال التحكم في محطات الضخ المرتبطة بهذه الشبكات.

لدى رومانيا تجارب حول التحكم الآلي في شبكات الري المفتوحة ، وقد وجد أن المشاكل والمعوقات التي تواجه التحكم في هذا المجال عديدة تفوق كثيراً التحكم الآلي في الأنابيب . إن التحكم في القنوات المفتوحة يمكن أن يتم كهربائياً أو ميكانيكياً حيث يتم التحكم الكهربائي من خلال مناسيب المياه وضبطها حسب متطلبات الري ، وهذا ما يسمى بالتحكم المحلي .

أما التحكم المركزي الميكانيكي فيتم بضبط التدفق في القنوات حيث يتم نقل المعلومات إلى الحاسوب الـذي يحـدد فتحات المنشآت لتمرير التدفق المطلوب . وقد تم إنشاء عتبات بارشال  Parshall flumes على العديد من القنوات للتحكم في التدفق.

3-4  التحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف بصفة عامة وسبل تخطيها :

إن تطوير وتحسين أداء الري السطحي والصرف بصفة عامة تواجهه عدة تحديات يمكن حصر أهمها في الأطر التالية :

أولاً : تحديات في المجال الإداري والمؤسسي :

-  عدم وجود جمعية مختصة لمستخدمي المياه، لتقوم بإدارة مياه الري من حيث "جدولة الري" ، بالإضافة إلى  المساعدة في تحديد " النمط المحصولي" لأي منطقة على أساس توفر المياه (كميتها)، ونوعيتها، وصلاحية الأراضي للري.

-  ضعف تأهيل الكوادر الإرشادية المتوفرة في مجالات المياه والري، والتي تكون "عادة" قادرة على اختيار نظم الري الملائمة وتحديد متى يتم الري، وأي كمية من المياه يجب إضافتها ، لتتمكن من نقل المعلومة المناسبة للمزارع .

- عدم اهتمام المؤسسات التي يرتبط عملها بالزراعة المروية والاستخدامات الأخرى للمياه "بالإرشاد المائي" . ونتيجة لذلك ، فالإرشاد يركز كل اهتمامه على التقنيات الزراعية التي لاتشمل طرق الري وتأثيرها على كفاءة استخدام المياه .

-  عدم اهتمام المؤسسات العاملة في مجال المياه والري بنشر " الوعي المائي" للجمهور عامة والمزارعين خاصة. فمازالت قضية الأهمية المطلقة للمياه (وشح المياه) وأهمية ترشيدها موضوعاً متداولاً في أروقة المؤتمرات وبين قلة من المشتغلين بالأمر فقط ، ولايتم توصيل هذه القضية للجمهور للتفاعل معها .

*  سبل تخطي التحديات في المجال الإداري والمؤسسي :

تحسين إدارة الري على مستوى المزرعة :

-  إن تعبير "إدارة" المتضمن مفهوم إدارة المياه على مستوى المزرعة أصبح أحد الأمور الهامة لمختلف متخذي القرار، حيث أن القرارات الصادرة تتخذ عادةً بعد الدراسات والتجارب الحقلية حول استخدام المياه للحصول على المردود المثالي من الإنتاج، علماً بأن العوامل الاقتصادية والاجتماعية تحدّ أحياناً من الحصول على المردود المثالي . وتشمل مكونات "نظام إدارة الري" على مستوى المزرعة ما يلي : الري ، الصرف ، أسلوب نقل المياه إلى  المزرعة ، أسلوب تخزين المياه ، أسلوب إسالة المياه والتوزيع .

-  وتعرف " إدارة الري على مستوى المزرعة " بأنها اتباع نظام للتحكم بالمياه في المزرعة ضمن أسلوب إدارة تزويد مفيد ويلبي حاجات المحاصيل للري والصرف ، مع ضمان توفر المياه الكافية ضمن منطقة الجذور واللازمة لاستمرار نمو النبات في المزرعة، وفي الوقت ذاته ضرورة إبقاء تهوية كافية في منطقة الجذور .

-  وتعني "جدولة الري الحقلي " بأنها التكهن الدقيق لإضافة المياه (في الوقت والكمية) من أجل الحصول على إنتاج وفير من المحصول، وهي تتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية :

أ –   التوقيت الصحيح لإضافة الماء .

ب –  كمية مياه الري اللازم إضافتها عند كل رية .

جـ التوزيع المتجانس للمياه المضافة .

وبشكل عام يمكن القول أن " جدولة الري " تعني الإجابة عن سؤالين هامين هما " متى وكم نروي "؟ ، نروي بحيث أن لايتأثر النبات من الجفاف، وبكمية تعادل كمية الماء التي استنزفها النبات من التربة منذ الرية السابقة . والعوامل المؤثرة على " جدولة الري " وكمية المياه المضافة " هي : قوام التربة، عمق المجموع الجذري، طريقة الري  .

أما طرق جدولة الري الحقلي فهي :

* جدولة الري بناءاً على معدل الاستهلاك المائي للنبات : هناك طرق عديدة لتقدير الاستهلاك المائي للنبات (البخر – نتح) سواء من البيانات المناخية أو بيانات التبخر، ومن هذه الطرق هي : بنمان وبلاني - كريدل والإشعاع وطريقة حوض التبخر وغيرها .

هذه الطرق تأخذ بعين الاعتبار تأثير المناخ على حاجة النبات للماء وتستخدم المعدل اليومي للقراءات المناخية لشهر كامل أو لفترات أقل . والبخر – نتح المرجعي يعبر عنه بـ (ملم لكل يوم) وهو يمثل معدل القيم خلال فترة زمنية منتقاة . وإن اختيار الطريقة اللازمة لقياس البخر – نتح تعتمد على نوع المعلومات المناخية المتوفرة وعلى الدقة اللازمة لحساب كمية الماء اللازم . ويتوفر الآن بعض برامج الكومبيوتر الجاهزة التي يمكن من خلالها حساب البخر – نتح بسهولة ومن أمثلة هذه البرامج برنامج Crop Wat .

* جدولة الري باستخدام جهاز قياس الشد الرطوبي Tensiometer : هناك علاقة وثيقة بين توفر الماء في التربة ومقدار الشد الذي يجب أن يبذله النبات من أجل استخلاصه. وفي حالة توفر المياه بشكل جيد في التربة فإن النبات المزروع فيها لايبذل جهداً كبيراً في الحصول على هذا الماء، وكلما نقص محتوى التربة من الماء تزداد بالتالي قوة مسك حبيبات التربة له مما يؤدي بالنبات لبذل جهد أكبر من أجل الحصول على الماء لتلبية احتياجاته إلى  الحد الذي عنده يبدأ النبات بالمعاناة مما يؤثر على انتاجيته. لذلك يجب إضافة مياه الري للنبات قبل وصوله إلى  حالة الإجهاد الرطوبي .

إن جهاز التنشيوميتر يقيس بطريقة مباشرة مقدار الشد الذي يجب على النبات أن يبذله لاستخلاص الماء من التربة ، أي أنه يعمل عمل الجذور ، فقراءة هذا الجهاز تعتبر دليل جيد على توفر الماء للنبات، ويمكن بالتالي معرفة المحتوى الرطوبي الذي يجب عنده أن تبدأ عملية الري من أجل عدم تعريض النبات للإجهاد .

الوحدة التي تقاس فيها هذه القراءات هي السنتيبار (cb) ومدى قياس التنشيوميتر يتراوح ما بين (صفر – 100 سنتيبار). قراءة صفر تعني أن التربة مشبعة وأن الجذور تعاني من نقص التهوية، والقراءة (من صفر – 5 سنتيبار) تدل على وجود رطوبة عالية في التربة، والقراءات (من 25-10 سنتيبار) تمثل السعة الحقلية حسب قوام التربة. وفي حالة القراءات أكثر من 25 سنتيبار يمكن أن تتعرض النباتات الحساسة وذات الجذور السطحية لنقص الماء، وتشمل أيضاً النباتات التي تنمو في تربة خشنة . أما النباتات ذات المجموع الجذري العميق فلاتعاني من نقص الماء قبل أن تصل قراءة التنشيوميتر (50-40 سنتيبار) .

كيفية جدولة الري باستخدام جهاز التنشيوميتر :

بعد تجهيز الجهاز وتثبيته في التربة بشكل جيد وعلى العمق المطلوب تبدأ عملية جدولة الري بالاعتماد على قراءات الجهاز . ومن جداول قيم الشد الرطوبي يتم عندها إضافة مياه الري للحصول على أعلى إنتاج ممكن في أراضي ذات ملوحة قليلة نسبياً، ولايوجد لها أي مشاكل صرف وبشرط أن يقع جهاز الشد الرطوبي في منطقة الجذور الفعالة .

وعند استعمال التنشيوميتر كأساس في تحديد زمن الري ، يمكن تقدير كمية المياه المطلوبة إضافتها بواسطة :

أ –    تقدير كمية المياه المستهلكة (البخر – نتح ) منذ الرية السابقة .

ب –  تحويل قيم الشد الرطوبي إلى  ما يقابلها من رطوبة التربة (إذا ما توفرت هذه المعلومات) وذلك بحساب عمق الماء المطلوب لرفع رطوبة التربة من هذا الحد إلى  السعة الحقلية.

وعلى سبيل المثال ، نتيجة ثلاث سنوات من عمل وحدة الخدمات الإرشادية للري في سلطة وادي الأردن (الأردن) مع طاقم الوحدة في مجال جدولة الري ضمن 54 مشاهدة في وحدات زراعية (عند المزارعين) يمكن القول بأنه أمكن توفير (%20-10) من كمية مياه الري في أجزاء المشاهدات نسبة إلى  ما يستخدمه المزارعين في بقية أجزاء المزرعة متوافقاً مع زيادة في الإنتاج بنسبة %7 مقارنة إلى  إنتاج بقية أجزاء المزرعة .

*  تدريب المزارعين حول إدارة الري .

*  التوعية المائية في مجال مياه الري الرامية إلى  ترشيد استخدام المياه .

*  تقـوية وتوسيع وتطوير جهات الإرشاد المائي وربطها كلياً مع وزارة الري ووزارة الزراعة.

*  مد جسور الثقة بين المؤسسات العاملة في مجال الري والمزارعين وإشراك المزارعين في إدارة مشاريع الري وإيجاد صيغة للتعاون بين إدارة الري ومستخدمي مياه الري ( من مزارعين وفلاحين) عن طريق تكوين روابط مستخدمي مياه الري وتكوين إدارة التوجيه المائي بوزارة الري أو وزارة الزراعة لتدريب وتوجيه المزارعين على الاستخدام الأمثل للمياه وحل المشاكل التي تعترض المزارعين أولاً بأول .

*  مد جسور التعاون وتبادل الخبرات العربية والدولية .

*  ضعف البحث العلمي الميداني واقتصاره على الأبحاث النظرية، وهذا يتطلب من جهات البحث العلمي والجامعات رفد كوادرها بالباحثين العلميين المختصين في مجال الري ورصد المخصصات المالية اللازمة لهذه الأبحاث.

*  في مجال تصميم شبكات الري الحقلي، فيجب سن الأنظمة المناسبة لإلزام الشركات العاملة في مجال الري اتباع الأساليب العلمية والحصول على تصديق الجهات الرسمية أو النقابات المهنية عليها ويجب أن يتولى مهندس مختص الإشراف على تنفيذها .

*  تنفيذ برامج ومشاريع نقل تكنولوجيا لتحسين كفاءة الري السطحي وذلك من خلال التطبيقات التالية على مستوى الحقل :

-  تحسين تسوية الأرض Land leveling مما يعمل على تحسين كفاءة التوزيع .

-  الري بدفعات مما يعمل على تحسين كفاءة التوزيع وكفاء ة الإضافة .

*  تطوير نظم معلوماتية للري يعتمد على معلومات المنـاخ والنبـات والتربـة ونوعيـة المياه لتحديد الاحتياجات المائية و "جدولة الري " ويجب وصول المعلومات للمزارع بأسهل الطرق.

ثانياً : تحديات في المجال الفني والتقني :

-  انخفاض الخبرة الفنية وتدنّي مستوى المعرفة المتطورة بأساليب الري لدى أغلب الفلاحين والمزارعين ، مما يساهم في بعدهم عن الأخذ بالتقنيات الحديثة التي تؤدي عادةً إلى  رفع كفاءة الري.

-  قلة الكوادر الفنية المتخصصة في مجال بحوث الري والزراعة، وقلة وضعف المعاهد ومراكز التدريب القادرة على تأهيل كادر بحثي جيد في مجال المياه والري .

-  ضعف تقنية الري في الوطن العربي، حيث أن معظم متطلبات الري من أنابيب وأجهزة قياسات وتحكم تستورد من خارج الوطن العربي، مع الإشارة إلى  وجـــود بعض التقنيات مثل صناعة الأنابيب في بعض البلدان العربية .

-  تدنّي كفاءة شبكات الري السطحي، وهذا يعود أساساً إلى  تراكم الترسبات ونمو الحشائش المائية في أقنية الري، وسوء أعمال الصيانة الدورية لهذه الأقنية. كما تعد مشكلة تسوية الحقول هي عائقاً أساسياً أمام استخدام الري السطحي المطوّر (بالخطوط الطويلة) .

-  ندرة وجود المراكز المتخصصة في بحوث المياه والري، وإن وجدت فهي شحيحة العتاد.

*  سبل تخطي التحديات في المجال الفني والتقني :

- إجراء البحوث الزراعية على مستوى الحقل في المجالات التالية :

*  الاحتياجات المائية للمحاصيل ومعدل توافر السقايات وبرمجة الري : إعداد بيانات عن قيمة الاستهلاك المائي للمحاصيل وخصوصاً الرئيسية منها وذلك بالاعتماد على المعلومات المناخية المتوفرة ، التركيب المحصولي، وتحديد الدورات الزراعية الملائمة للتربة والمناخ، وهذا يساعد على معرفة الاحتياجات المائية الحقيقية للمشروع وبالتالي إعداد التصاميم الملائمة لشبكة الري السطحي .

*  تحديد المعايير لنوعية مياه الري وظروف استخدامها في الزراعة .

*  معايير صرف واستصلاح الأراضي المتملحة وتحديد معدلات نظام الري الغاسل.

-  تحديث وتطوير منشآت ونظم الري السطحي على مختلف مستوياتها بما فيها شبكات الري الرئيسية والفرعية وشبكات المساقي (الري الحقلي) بما يهدف إلى  توفير مياه الري حسب الحاجة الفعلية للمزروعات مع منع الإسراف وتقليل الفواقد بتحسين عملية الري، وذلك عن طريق تنفيذ عمليات تسوية الحقول بالليزر أو باستعمال المعدّلات Land plane وتحويل المساقي الحالية الترابية إلى  مساقي مرفوعة مبطنة على شكل حرف J ، أو مساقي مواسير (PVC)  ذات ضاغط منخفض. وتعمل المساقي المطوّرة هذه على تقليل الفواقد المائية والقضاء على الحشائش وضمان وصول المياه إلى  نهاية المسقى بالكمية المناسبة وفي الوقت المناسب وتوفير تكاليف أعمال الصيانة، مما سيؤدي إلى  رفع كفاءة الري وزيادة الإنتاج ورفع مستوى معيشة المزارع .

-   تسهيل عمليات توزيع المياه باستخدام نظم التحكم الحديثة وذلك عن طريق تركيب بوابات أوتوماتيكية حديثة طراز AVIS وطراز AVTO ، كما يمكن استخدام الموزعات Distributors لتعطي تصريفاً (تدفقاً مائياً )  ثابتاً يمكن التحكم فيه طبقاً للاحتياجات المائية الفعلية .

-   برمجة الري والتوزيع بهدف تحسين كفاءة الري الحقلي : إن برمجة الري تعد ضرورية لأنه غالباً ما يتلقى المزارعون كميات من مياه الري غير كافية في "فترات الاستهلاك القصوى" والتي تعتبر حساسة بالنسبة لنمو النبات . ويضطر المزارعون (لتفادي هذه المشكلة)  "عن وعي أو غير وعي" إلى  ضرورة الري بكميات تفوق بكثير المطلوب لتجنب نتائج تأخير الدور القادم من استعمال مياه شبكة الري، لذلك تعد برمجة الري هي أهم وسيلة تمكن من تحسين استغلال شبكات الري وتنظيم نقل وتوزيع مياه الري ، وكذلك تمكين المزارعين من ري حقولهم في أوقات متفرقة خلال " فترات الاستهلاك القصوى" وبكميات معقولة وبالتالي تحقيق زيادة في الإنتاجية .

-  إدخال تقنية الري " بالخطوط الطويلة " التي تعتبر ذات كفاءة جيدة .

-  الالتزام بالنمط المحصولي الذي وضعت على أساسه قنوات الري .

-  إقامة نظام صرف لتجنب الملوحة والغدق وخاصة للمحافظة على التربة من إعادة التملح بعد استصلاحها .

-8 إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية لأي مشروع ري سطحي قبل تنفيذه .

ثالثاً : تحديات في المجال المالي والاقتصادي والتمويلي :

التكلفة العالية لبعض العمليات التي تساعد على زيادة كفاءة الري السطحي مثل تبطين القنوات الترابية أو استخدام الأنابيب بدلاً من القنوات الترابية المكشوفة لتقليل فواقد التبخر من سطح القنوات أو كذلك تسطيح الأراضي (عمليات التسوية). فمشاكل ضعف الإنتاجية في القطاع الزراعي أحياناً، ومشاكل التسويق وانخفاض أسعار المنتوجات الزراعية وعدم استقرار الأسعار أحياناً أخرى، قد لاتشجع المستثمرين من القطاع الخاص على استثمار رؤوس أموال كبيرة في مرافق الري، والتي من المعلوم أنها استثمارات طويلة المدى يتحقق العائد منها خلال فترة زمنية طويلة .

ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري السطحي، الذي يؤدي إلى  تراكم الطمي والترسبات ونمو الحشائش في قنوات الري . ويترتب على ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري السطحي، كذلك ، تدهور منظِّمات المياه، لدرجة يجعلها غير قادرة على أداء دورها الذي أنشئت من أجله، وهو ضبط وقياس تصريفات مياه الري، الأمر الذي ينتج عنه سوء توزيع مياه الري بين أجزاء المشروع وهدر كميات كبيرة من المياه في بعض الأحيان، مما يقلل بالتالي من كفاءة الري .

انخفاض أسعار مياه الري أو تكاليف ضخها يقلل من أهميتها (كعامل اقتصادي هام من عوامل الإنتاج) ، مما يؤدي إلى  الإسراف في استعمال المياه وعدم ترشيد الاستهلاك .

ارتفاع تكاليف البحث العلمي بشكل عام وضعف تمويل البحوث والدراسات الخاصة بتطوير الري .

*  سبل تخطي التحديات في المجال المالي والاقتصادي والتمويلي :

-  العمل على تحسين العائد المالي والاقتصادي للمشاريع الزراعية الحكومية والخاصة، من خلال إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التسويقية .

-  العمل على إقناع الجهات المانحة والمموِّلة بأهمية الاستثمار في هذا المجال، من خلال التركيز على أهمية استخدام الموارد المائية والزراعية بكفاءة ، الأمر الذي سيحسن العائد الزراعي، وما لهذا الأمر من أهمية في تحقيق الأمن الغذائي والاجتماعي والسياسي .

- العمل على تقديم ضمانات كافية للجهات المموِّلة تكفل التزام المزارعين التقيد بشروط القروض للغايات الممنوحة، إضافة إلى  الالتزام بطرق وفاء هذه الالتزامات النقدية .

رابعاً : تحديات في المجال الاجتماعي والإرشادي والتوعية :

قلة الوعي العام بمشكلة نقص المياه في الوطن العربي، حيث أن هذا الوضع قد أدى إلى  الإفراط في استخدام المياه وعدم الاهتمام بإعادة تأهيل شبكات الري السطحي، وكذلك ضعف استعداد المزارعين لتقبل الإرشادات ، وانعدام تدريب المزارعين حول إدارة الري الحقلي، وضعف " التوعية المائية " .

ضعف آلية الإرشاد عامةً والمائي خاصةً، أو عدم توفر " إرشاد مائي " على مستوى المزرعة نهائياً ، مما يؤدي إلى  العديد من الممارسات الخاطئة ، ومنها مثلاً ، عدم التقيد بالقوانين والتشريعات المائية .

* سبل تخطي التحديات في المجال الاجتماعي والإرشادي والتوعية :

تكوين جمعيات مستخدمي المياه ، والهدف منها هو تشجيع المزارعين وحثهم على تفهم وضرورة المساهمة أو المشاركة في عمليات إدارة وتسيير وصيانة تجهيزات شبكات الري السطحي وتحملهم قسطاً من المسؤولية من أجل الاستغلال العقلاني للموارد المائية المتاحة لرفع كفاءة مشاريع الري والمحافظة عليها وعلى البنية التحتية لهذه المشاريع، وكذلك تشجيع المزارعين على إنشاء المقاولات الصغيرة والمتوسطة ، المتخصصة في صيانة أقنية الري وغيرها من التجهيزات .

  وبصفة عامة ، يمكن القول بأن تخطي التحديات المشار إليها سابقاً :

-    يتطلب وجود وزيادة التنسيق بين الجهات المتعددة ، فهناك الجهات المناط بها تصميم وتنفيذ مشاريع الري والصرف، وهناك الجهات الموكل لها موضوع تشغيل شبكات الري والصرف، وأخيراً الجهات المستغِلة لهذه المشاريع. ويحتاج الأمر إلى  تنسيق وترابط وتكامل هذه الجهود المتسلسلة، والتي تتطلب بالضرورة خبرات ومؤهلات مختلفة حسب المراحل المختلفة.

-   يتطلب وجود وزيادة الكوادر الفنية المقتدرة والمؤهلة لمتابعة مسيرة هذه العملية المعقدة، لضمان الوصول إلى  الغايات المنشودة بأفضل السبل .

-    يتطلب وجود وحضور المؤسسة البحثية القيادية والناظمة للأولويات في كافة مجالات البحث العلمي الزراعي من تصميم لشبكات الري الحديثة، وأصناف مقاومة للجفاف وغيرها.

-   يتطلب إعادة تنظيم البنى المؤسسية والقانونية والتشريعية للجهات المسؤولة عن إدارة الموارد المائية واستخداماتها، بحيث يتم " تحديد المسؤوليات " بشكل واضح فيما بينها .

الخلاصة :

من خلال التجارب العربية السابقة في مجال تطوير طرق الري السطحي والصرف ، وغيرها من البحوث المتعلقة بالمياه واستعمالاتها في الوطن العربي، يمكن تسليط الضوء على الوضع الحالي للري السطحي في الوطن العربي والمشاكل والتحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف في الوطن العربي بصفة عامة وسبل تخطيها :

أولاً : الوضع الحالي للري السطحي في الوطن العربي والمشاكل والتحديات التي تواجه تطويره بصفة عامة :

1- انخفاض كفاءة الري السطحي : إن طرق الري السطحي التقليدية هي السائدة في غالبية الأقطار العربية، وتتسم هذه الطرق بانخفاض كفاءة الري فيها والمقدرة بين %50-40 ، ويعود ذلك أساساً إلى فقد كميات كبيرة من مياه الري بالتسرب من القنوات الترابية "غير المبطنة" إلى المزارع .

- مشاكل إدارة مياه الري : لاتزال العديد من مشاريع الري (حتى المشاريع الكبرى منها) في الوطن العربي تفتقر إلى التقنيات الحديثة في إدارة مياه الري، ويشمل ذلك حساب المقننات المائية لكل نوع من المزروعات، وكذلك جدولة توزيع مياه الري على أسس علمية دقيقة باستخدام تقنيات الحاسب الآلي المتقدمة. وعلاوة على ذلك فإن عدم استعمال بنك المعلومات الخاص بإدارة البيانات الخاصة بالري والمزارع تسبب إرباكاً لهيئة الإدارة الخاصة (إن وُجدت) بتشغيل مشاريع الري الكبرى وبالتالي تقل كفاءة توزيع المياه وإهدار كميات كبيرة من مياه الري أيضاً .

-  مشاكل تدريب العاملين بالري والمزارعين : مازالت مقدرة مستخدمي مياه الري في العديد من مشاريع الري في الوطن العربي بحاجة إلى زيادة التأهيل الفني على استخدام التقنيات الحديثة لأعمال تشغيل القنوات أو قطاعات مشروع الري المختلفة وبرمجة وتوزيع مياه الري. كما أن المزارعين بحاجة إلى تفهم طرق تحسين الري السطحي داخل المزرعة نفسها، وأن الكثير من المزارعين مايزالون يجهلون القيمة الحقيقية للثروة المائية والمردود الفردي والجماعي أو الناتج الوطني من توفير موارد المياه .

-  المشاكل التنظيمية والاجتماعية والاقتصادية : تعاني بعض مشاريع الري صعوبات تنظيمية في الهيكل الإداري والفني اللازم للإدارة الفعالة لمشروع الري وتوزيع المياه وصيانة منشآت الري والمحافظة على الثروة المائية. أيضاً ، مازالت المشاكل ذات الطبيعة الاجتماعية تؤثر في أساليب الري في بعض البلدان العربية من حيث تعوّد المزارعين على نمط ري معين لأنواع معينة من المحاصيل وصعوبة تركه مثل استعمال الري بالغمر غير المقيد أو بالخطوط الترابية غير المنتظمة مما ينتج عنه فقد كميات كبيرة من مياه الري.

-  ما تزال الأقسام المتخصصة " بالإرشاد المائي " للمزارعين شبه غائبة في العديد من الأقطار العربية ، وبالتالي، بغياب الإرشاد الكافي والفعال، يبقى المزارع بعيداً عن التعرف على أفضل الأساليب لتحسين طرق الري السطحي داخل المزرعة وكذلك اتباع المقننات المائية التي ترفع من كفاءة استخدام المياه .

- التكلفة العالية لبعض العمليات التي تساعد على زيادة كفاءة الري السطحي مثل تبطين القنوات الترابية أو استخدام الأنابيب بدلاً من القنوات الترابية المكشوفة أو تسطيح الأراضي (عمليات التسوية) ، وضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري السطحي .

- انخفاض أسعار مياه الري مما يقلل من أهميتها (كعامل اقتصادي هام من عوامل الإنتاج) ، ويؤدي بالتالي إلى  الإسراف في استعمال المياه وعدم ترشيد الاستهلاك .

- ارتفاع تكاليف البحث العلمي بشكل عام وضعف تمويل البحوث والدراسات الخاصة بتطوير الري .

ثانياً : أهم سبل تخطي التحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف في الوطن العربي:

-   تحسين إدارة الري على مستوى المزرعة، وتدريب المزارعين حول إدارة الري .

-  تقوية وتوسيع وتطوير جهات الإرشاد المائي وربطها كلياً مع وزارتي الري والزراعة .

-  مد جسور الثقة بين المؤسسات العاملة في مجال الري والمزارعين عن طريق تكوين روابط مستخدمي مياه الري .

-  مد جسور التعاون وتبادل الخبرات العربية والدولية .

-  دعم البحث العلمي الميداني، وهذا يتطلب من جهات البحث العلمي رفد كوادرها بالباحثين العلميين المتخصصين في مجال الري ورصد المخصصات المالية اللازمة لهذه الأبحاث .

-  تطوير نظم معلوماتية للري تعتمد على معلومات المناخ والنبات والتربة ونوعية المياه لتحديد الاحتياجات المائية للمحاصيل و " جدولة الري " ، مع وجوب وصول المعلومات للمزارع بأسهل الطرق .

- إجراء بحوث زراعية على مستوى الحقل تتضمن المجالات التالية :

أ –  الاحتياجات المائية للمحاصيل .

ب – تحديد المعايير النوعية لمياه الري وظروف استخدامها في الزراعة .

ج – تحديد معايير صرف واستصلاح الأراضي المتملّحة وتحديد معدلات نظام الري الغاسل للأملاح الزائدة في التربة .

-  تسهيل عمليات توزيع المياه باستخدام نظم التحكم الحديثة وذلك عن طريق تركيب بوابات أوتوماتيكية حديثة طراز AVIS وطراز AVTO ، واستخدام الموزعات Distributors لتعطي تصريفات ثابتة يمكن التحكم فيها طبقاً للاحتياجات المائية الفعلية للمشروع .

-  برمجة الري والتوزيع بهدف تحسين كفاءة الري الحقلي .

-  إدخال تقنية الري بالخطوط المستوية Level Furrow التي تعتبر ذات كفاءة جيدة وترصيص الخطوط من أجل تقليل الفاقد في مياه الري إلى أقصى درجة ممكنة .

-  الالتزام " بالنمط المحصولي" الذي وضعت على أساسه قنوات الري .

-  إقامة شبكات الصرف العام والمغطى ، لما لها من عائد سريع للإنتاج الزراعي يصل إلى %25-17  ، وكذلك التأثير الإيجابي في تحسين خواص التربة الطبيعية والكيميائية ، من حيث خفض منسوب الماء الأرضي، وخفض ملوحة التربة, وتحسين معامل التوصيل الهيدروليكي، والمحافظة على التربة من إعادة التملح بعد استصلاحها .

13-إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية لأي مشروع ري سطحي قبل تنفيذه .

-  العمل على تحسين العائد المالي والاقتصادي للمشاريع الزراعية الحكومية والخاصة، من خلال إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التسويقية .

-  إعادة تنظيم البنى المؤسسية والقانونية والتشريعية للجهات المسؤولة عن إدارة الموارد المائية واستخداماتها ، بحيث يتم " تحديد المسؤوليات " بشكل واضح فيما بينها .

ثالثاً : مدى استعمال طرق الري السطحي المطوّرة في الوطن العربي :

هناك عدة عوامل تحدّ من انتشار تقنيات الري الحديثة (الري بالرش والتنقيط ) في الوطن العربي وعلى الأخص العوامل المتعلقة بتكاليف الأجهزة المرتفعة وتكاليف الطاقة . لذا فإن الري السطحي في معظم الأقطار العربية لن يستبدل فجأة حتى بأبسط طرق الري الحديثة وسيبقى مسيطراً بنسبة كبيرة ولفترة طويلة، وإن المجال واسع لتحسين وتطوير طرق الري السطحي في معظم الأقطار العربية وخاصة التي تتوفر فيها موارد المياه مثل السودان وسوريا والعراق، وذلك للتخلص من هدر المياه ورفع كفاءة استخدامها . ويبدو أنه يمكن الاتجاه إلى طرق الري السطحي المطوّرة مثل الخطوط المستوية Level Furrow  وترصيص الخطوط من أجل تقليل الفاقد في مياه الري .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الرابع

الرؤية العربية المستقبلية لتطوير

الري السطحي والصرف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الرابع

 

الرؤية العربية المستقبلية لتطوير

الري السطحي والصرف

 

4-1  خلفية :

يقع الوطن العربي في الإقليم الجاف و شبة الجاف من العالم ، وتتميز معظم أقطاره بمحدودية موارده المائية حيث يعتمد في معظمه على هطول الأمطار المتذبذبة من عام لآخر، و تستخدم الموارد المائية للأغراض المنـزلية و الصناعية والـزراعية ، حيث تبلغ نسبة الإستخدام الزراعي للموارد المائية في الدول العربية بحوالي 89 % من إجمالي إستخدامات المياه ، و هذه النسبة عالية جداً إذا ما قورنت بدول العالم الأخرى إذ يبلغ المتوسط العالمي العام بحوالي 70 % في حين ينخفض كثيراً في الدول الصناعية لصالح الإستخدامات الأخرى.

يسود نظام الري السطحي في الدول العربية ، إذ يروي نحو 15 مليون هكتار تمثل ما نسبته 85% من إجمالي الأراضي المروية في مناطق إستقرار و تجمعات سكانية وضعت الأساس لنهضة إقتصاديـة وعمرانـية ، ويستهلك نظام الري السطحي في جميع الدول العربية ما مجموعه حوالي  146 مليار متر مكعب من المياه  سنوياً ، ووفقاً للدراسات التي أجريت في العديد من الأقطار العربية  فإن كفاءة الري السطحي لا تزيد عن 40 % ، أي ما يربوا على 91  مليار متر مكعب مياه سنوياً تذهب هدراً، منها حوالي 54 مليار متر مكعب كفواقد نقل و حوالي 37 مليار متر مكعب كفواقد في الحقل ، وتعتبر هذه الفواقد نتيجة الممارسات الحالية لإدارة أسلوب الري السطحي ، وفي واقع الأمر فإن سلبيات الري السطحي لا تتوقف عند هدر المياه ولكنه يمتد ليصيب الأرض الزراعية ، الأمر الذي يصبح فيه إنشاء نظام فعال لصرف المياه الزائدة من التربة أمـراً حتمياً.

من هنا فإن تطوير وتحسين أسلوب الري السطحي ورفع كفاءته سوف يوفر كميات مياه كبيرة جداً على مستوى العالم العربي ، وعلى سبيل المثال لو تم رفع كفاءة الري السطحي بشكل عام بنسبة 5 % فإن ذلك يعني توفير ما مقداره حوالي 7 مليار متر مكعب سنوياً حيث يمكن بهذه الكمية ري مساحات من الأراضي لم تكن مروية أصلاً وبالتـالي زيادة الإنتاج الزراعي ، وبخصوص تطوير وتنفيذ مصارف المياه الزائدة من الأراضي الزراعية، فإن ذلك يعني ديمومة الحفاظ عليها  رفع القدرة الإنتاجية لها .

بدأت الدول العربية تدرك أهمية سبل تطوير و تحسين و رفع كفاءة أسلوب الري السطحي الذي يستهلك كميات هائلة من المياه كما ذكر سابقاً ، لذا فإن للأقطار العربية رؤىً أساسية مستقبلية تتمحور حول سبل تطوير وتحسين ورفع كفاءة أسلوب الري السطحي ، وحسن إستغلال المياه ضمن خطط وسياسات واضحة مع الأخذ بعين الإعتبار القضايا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والبيئية . 

وفي هذا المجال فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية ترمي من دراسة سبل تطوير و تحسين أسلوب الري السطحي وصرف المياه الزائدة في الأراضي الزراعية إلى زيادة كفاءة الري ورفع وتحسين الإنتاج الزراعي في الوطن العربي لكون الموارد الطبيعية ( المياه ، الأرض ) محدودة ، وهناك ضرورة ملحة للإستخدام الأمثل لها .

4-2  أهمية الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف :

الماء مورد نفيس و ذو أهمية جوهرية للتطور الإجتماعي و الإقتصادي المستدام في الوطن العربي ، وتتطلب المياه تخطيطاً دقيقاً يرتكز الى بيانات بعيدة المدى حول موارد المياه المتاحة من سطحية وجوفية بما فيها الطبقات المائية العميقة والمياه المالحة و المياه العادمة المعالجة بطريقة ملائمة، ويجب أن تستعمل هذه الموارد المائية  المحدودة بطريقة منصفة مع الأخذ بعين الإعتبار أولوية الإستخدام المنـزلي المعقول ، والتطور الإجتماعي الإقتصادي المنجــز وغيرها من الإستعمالات كالزراعة والصناعة والسياحة.

إن تأمين التزويد المائي الموثوق بالكمية و النوعية الملائمين و المكان و الزمان المناسبين هو أكبر التحديات التي تواجهها أقطار العالم العربي حاضراً ، لذا يجب أن يرتكز تخطيط و صياغة سياسة التزويد المائي و إستخدام موارد المياه الى معطيات شاملة وموثوقة بما فيها معطيات عن كمية ونوعية المياه وإستخدامها، أما الموارد المائية غير التقليدية الأخرى وخاصة المياه المالحة فيجب تقييمها عندما تصبح تحلية المياه ذات جدوى إقتصادية أكبر.

ويجب إجراء تطوير الطاقة القصوى للمياه السطحية و الجوفية إلى المدى الذي تسمح به إعتبارات الجدوى الإقتصادية والآثار الإجتماعية و البيئية .

تشير الدراسات العالمية لإستخدامات المياه إلى أن الوطن العربي يستهلك حوالي 89% من إجمالي الإستخدامات للري مقارنة بحوالي 70% للعالم قاطبة وحوالي 34% في أوروبا و 47% في أمريكا الشمالية أما نسبة إستخدام المياه للزراعة في القارتين الأسيوية والإفريقية فيقدر بنحو 86% الأمر الذي يشابه الوضع في العالم العربي ، وتشير الإحصاءات أيضاً إلى أن الأراضي المروية في الدول العربية تقدر بنحو 15%  من إجمالي الأراضي المزروعة أي أقل من المتوسط العالمي بنحو 20%، وهي تمثل نحو 5.2 % من إجمالي الأراضي المروية في العالم .

    بناءاً على كل ما سبق فإن :

 

هناك ضرورات ملحة إقتصادية و إجتماعية وتنموية وبيئية عاجلة لتطوير وتحسين الري السطحي والصرف .

 

   

 

 

حالياً هناك عجز في الموازنة المائية في بعض الدول العربية مثل الأردن وفلسطين ، وتشير الدراسات إلى أن العديد من الدول العربية الأخرى ستعاني في العقدين القادمين شحاً بالمياه إذا إستمرت المعطيات والممارسات الحالية ، و من الممكن أن لا تساعد الأوضاع الإقتصادية في إقليم الخليج العربي بتحلية مياه البحر مستقبلاً ، الأمر الذي يستدعي كافة الأقطار العربية أن تباشر بتحديث التشريعات والقوانين المتعلقة بقطاع المياه ووضع الخطط الإستراتيجية و إتباع السياسات المائية الكفيلة بالإستخدام المرشد والأمثل للموارد المائية الحالية .

توجد صعوبات جمـة لإستبدال نظام الري السطحي المستعمل حالياً في الدول العربية بنظم أخرى أكثر كفاءة وترشيداً في إستخدام المياه مثل أنظمة الري بالرش أو التنقيط ، و بناءاً عليه يصبح الخيار هو زيادة كفاءة إستخدام المياه في أنظمة الري السطحي القائمة ، إذ إن أنظمة الري السطحي بطبيعتها قابلة للتحسين والتعديل والتطوير في شبكات الري الحالية ، ومن هنا لا بد من صياغة وتبني إستراتيجيات وخطط وسياسات مائية خاصة بالري السطحي و الصرف.

من الضروري أن تشدد الإستراتيجية المائية القطرية الخاصة بالري السطحي والصرف على تحسين إدارة الموارد مع التأكيد على إستدامة الإستعمالات المائية الراهنة والمستقبلية في محاولة لإيجاد حلول لمشاكل عديدة تهدد مستقبل موارد الزراعة المروية من أرض ومياه ، وعلاوة على ذلك ، يجب أن تولي الدول العربية تحقيق أعلى درجة كفاءة عملية في نقل المياه و توزيعها ونشرها وإستعمالها مع تبني آليات التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز قدرات إدارة المياه . ويستهدف الإستعمال المتفاعل لمورد المياه تعظيم تدفقه القابل للإستخدام وتعظيم المنفعة الصافية لوحدة تدفق المياه ، كما يستهدف الكلفة الدنيا للتشغيل و الصيانة ،  ويجب مراقبة و تصنيف فعالية أداء نظام الري السطحي والصرف وإدارتها وإدخال التحسينات على الأداء مع الأخذ بعين الإعتبار إقتصاديات المورد . مع ضرورة قياس كلفة الإنتاج لمشاريع الزراعة المروية وما تحتاج إليه من مياه.

4-3 أهداف استراتيجية تطوير و تحسين أداء الري السطحي والصرف في الدول العربية :

بناءاً على ما تقدم فإن أهداف استراتيجية تطوير و تحسين أسلوب الري السطحي والصرف في الدول العربية تتمثل فيما يلي:

1-  توفير المياه و تقليل الفاقد منها وذلك برفع كفاءة النقل في القنوات وزيادة كفاءة الري السطحي الحقلي كون بعض الأقطار العربية تعاني حاضراً وأغلبها سيعاني مستقبلاً شحاً بمواردها المائية المتاحة، وإمكانية إستخدام المياه التي يمكن توفيرها لأغراض أخرى أو ري أراضي جديدة .

2-  الإستفادة القصوى من المياه المتاحة و حسن إستخدام المياه بتزويد المزارع حسب الإحتياجات المائية للمحاصيل وحسب التربة وطور النبات والمناخ والوصول الى جدولة الري، وبتحسين توزيع المياه بالتساوي داخل المزرعة عبر تسوية الأراضي بصورة تكفل ذلك.

3-  زيادة العائد الإقتصادي للمتر المكعب من المياه ، و زيادة إنتاج وحدة المساحة كماً ونوعاً.

4-  المحافظة على إنتاجية الأراضي الزراعية بتوسيع خدمة الأراضي بنظام صرف المياه الزائدة منها وتحسين أداء القائم منها.

5-  زيادة الإستفادة من المياه الأمر الذي يؤدي الى زيادة الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاجية لتلبية الطلب على السلع الزراعية.

6-  تقليل تكاليف التشغيل والصيانة والإستفادة القصوى من البنية التحتية لمشاريع الري .

7-  تحسين الوضع الصحي للمواطنين حيث أن ركود وتجمع المياه على سطح التربة جراء الري أو الصرف يصبح موطناً لتكاثر القواقع و الحشرات التي تسبب الأمراض للإنسان.

8-  تحسين الوضع الإقتصادي والإجتماعي والبيئي .

4-4  محاور الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف :

4-4-1  رفع كفاءة القنوات الناقلة للمياه من المصدر الى المزرعة :

وذلك بتقليل تسرب ورشح المياه الى أعماق التربة وتقليل نمو الأعشاب فيها حيث تستهلك كميات كبيرة من المياه وتقليل التبخـر من تلك القنوات ، وتقـدر كميـة المياه المفقودة مـن القنوات الناقلة في الدول العربية بحوالي 50 مليار متر مكعب سنوياً، ويمكن رفع كفاءة القنوات الناقلة  بالأساليب التالية:

*  نقل المياه بواسطة أنابيب مفتوحة أو مغلقة من المصدر إلى المزرعة.

*  إعادة تأهيل قنوات الري الناقلة الإسمنتية بإصلاح عيوبها و كسورها و إزالة الترسبات و الأعشاب منها و تعديل ميلها إذا لزم الأمر، وإعادة تأهيل القنوات الترابية بتغليفها بمواد غيرمنفذة مثل الإسمنت (الباطون ) أو الإسفلت أو البلاستيك لمنع تسرب ورشح المياه في التربة.

*  تقليل المساحة السطحية (المعرضة لأشعة الشمس) للقنوات بهدف تقليل التبخر من سطوحها ما أمكن وذلك بتعميقها وتعديل ميلها لتفي بالغرض من ذلك.

4-4-2  رفع كفاءة الري السطحي الحقلي :

 تقدر كمية المياه المفقودة على المستوى الحقلي في الدول العربية بحوالي 37 مليار متر مكعب سنوياً جراء الممارسات الحالية داخل الحقول ، و يتم رفع كفاءة الري الحقلي كما يلي :

*  القيام بأعمال التسوية  Leveling  اللازمة للأراضي لضمان التوزيع المتساوي للمياه فيها وتجنب غدق وركود و تجمع المياه على بعض أجزاء الحقل وقلة المياه على الجزء الآخر.

*  تزويد الأراضي  بالإحتياجات المائية الكلية (فقط) للمحاصيل المزروعة وحسب عمرها وتكرارها تبعاً لصفات التربة وعدم السماح بتجاوز تلك الكميات تحت أي ظرف كان ، أما الإحتياجات الغسيلية للتربة فيمكن أن تتم في فصل الشتاء أو حسب الظروف.

*  إستيفاء رسوم عن كميات إستهلاك المياه (السطحية والجوفية) وبصورة تصاعدية كأحد أساليب رفع كفاءة الري.

*  تقديم أفضل الخدمات والإرشاد المائي والتوعية للمزارعين .

*  إيجاد التشريعات والقوانين والأنظمة اللازمة وإتباع خطط وسياسات من شأنها رفع كفاءة الري السطحي.

*  فرض العقوبات المالية وغيرها على المخالفين لتجاوز الكميات المزودة والإستخدامات غير الشرعية للمياه والعابثين بمنشآت مشروع الري تبعاً للأنظمة والقوانين.

4-4-3  إنشاء وإعادة تأهيل مصارف المياه الزائدة المغطاة أو المفتوحة:

 إن سلبيات الري السطحي لا تتوقف عند هدر المياه في القنوات الناقلة أو على المستوى الحقلي، ولكنه يمتد ليصيب الأرض الزراعية ، حيث أشارت الدراسات إلى أن حوالي 40 مليون هكتار في الدول العربية تعاني تأثراً بالملوحة ، وهي بحاجة إلى غسيل تربتها الأمر الذي يصبح فيه إنشاء نظام فعال لصرف المياه الزائدة من التربة أمراً حتمياً.

ومن الممكن تطوير الصرف كما يلي :

*  إنشاء وتنفيذ مصارف مياه مفتوحة أو مغطاة للأراضي التي تعاني مشاكل ملوحة وإرتفاع منسوب مياه ولم ينفذ فيها مصارف من قبل ضمن أولويات إقتصادية وإجتماعية وبيئية .

*  الصيانة الدورية المنظمة للشبكات الحالية لصرف المياه الزائدة من الأراضي ومخارجها وتسليكها لتحسين أدائها وإزالة الإعشاب النامية فيها.

*  إنشاء آبار (حفر) مراقبة  Observation Wells  في الأراضي المخدومة بشبكة صرف زراعي والأراضي غير المخدومة بهدف مراقبة مستويات المياه الأرضية ، ومعرفة أداء شبكة الصرف إن وجدت، علماً بأن عمق تلك الآبار لا يتجاوز ثلاثة أمتار ، والبعد بين البئر والآخر يعتمد على صفات التربة.

*  شبكات الصرف الزراعي تتطلب التصميم والتنفيذ الصحيحين لتجنب التأثير السلبي على البيئة والإنسان جراء تكاثر الحشرات التي تسبب الأمراض، لذا لا بد من إعادة تصميم وتنفيذ للمصارف التي تعاني من المشاكل الفنية. 

*  القياس الدوري لتدفق المياه الخارجة من شبكة الصرف الزراعي و إجراء التحاليل المخبرية الدورية لتلك المياه من أجل معرفة كمية و نوعية المياه لدراسة إمكانية إعادة إستخدامها في الزراعة بالإضافة الى دلالتها كمؤشر على غزارة الري السطحي .

4-5  الموجهات والخطوط العريضة للرؤية العربية لاستراتيجية تطوير الري السطحي والصرف :

ان من أهم الملامح والموجهات لرؤية الدول العربية لتطوير الري السطحي والصرف تتمثل في الخطوط العريضة الآتية :

4-5-1  تكامل الاستراتيجية :

 وضع خطط إستراتيجية متكاملة واضحة المعالم قابلة للتطبيق لقطاع الري والصرف ووضع خطة رئيسيةMaster Plan  جديدة أو تحديث الخطة إذا كانت موجودة لتلبية الإحتياجات و التطلعات المستقبلية ، وإتباع سياسات متوازنة مائية لكافة القطاعات المنـزلية والصناعية و الزراعية بالإضافة الى الري السطحي والصرف .

4-5-2  تعظيم العائد الاقتصادي للمياه :

  إن زيادة تعظيم العائد الاقتصادي للمياه (المردود الإقتصادي) لوحدة حجم مياه الري والمحافظة على الأراضي الزراعية بصرف المياه الزائدة منها يتم بإتباع أساليب علمية وتطبيقية  تأخذ بعين الإعتبار الموارد الطبيعية (الأرض والمياه) و البشرية متلائماً مع الظروف الإقتصادية والإجتماعية والبيئية مع التركيز على التوعية المائية المنظمة للمزارعين في مجال الري السطحي والصرف .

4-5-3  المشاركة الشعبية :

 إن مشاركة المزارعين في إدارة مشاريع الري و إنشاء جمعيات مستخدمي المياه، و مشاركة القطاع الخاص في المشاريع وعقود إدارة التشغيل و الصيانة لشبكات الري أينما كان ذلك ممكناً تمثل منطلقاً هاماً نحو التطوير .

الخلاصة هى الحد من الري السطحي وعليه :

 

 

عند دراسة وتخطيط وتنفيذ مشاريع الري الجديدة يجب أن تأخذ بعين الإعتبار إستخدام وتطبيق أساليب الري الحديثة، و يجب أن تتوقف مشاريع الري السطحي الجديدة

 

 

 

 

4-6  مكونات الاستراتيجية العـربية المقترحة لتطوير الري السطحي والصرف :

لقد كانت الموارد المائية على مدى التاريخ  - وما زالت  - المحرك الرئيسي للأنشطة الإقتصادية و الإجتماعية، إعتمد عليها في قيام الحضارات وتطورها كحضارة وادي النيل وحضارة بلاد ما بين النهريــن، و كانت الموارد المائية سواء على المستوى القبائلي أو العشائري أو على مستوى الدول ( المياه المشتركة ) هي قاعدة العيش و الإقتصاد وعلى مدى توفرهما وكفايتهما إعتمدت علاقتهما .

وتعتبر الموارد المائية القاعدة الأساسية للتطور الزراعي و بالتالي الأمن الغذائي، ومع أنها متجددة فإن تطويرها وإستغلالها الأمثل في الإنتاج الزراعي هو أحد مقومات الإستمرار و التقدم ، وفي الدول العربية فإن قطاع المياه يعتبر من أهم القطاعات الخدمية والإنتاجية لأنه يمس حياة جميع المواطنين .

لا يخفى على أحد الأهمية الإستراتيجية للمياه في الري و الصرف ، إذ بدون المياه لا توجد زراعة مرويـة ، والزراعة المروية ذات علاقة وثيقة بالأمن الغذائي ، وتكون الشعوب آمنة غذائياً عندما تحصل بشكل طبيعي سواء من خلال الإنتاج أو القدرة الشرائية على غذاء كاف لحياة صحية منتجة ، ولكون الإحتياجات و الإستهلاك المائي عالي في الري السطحي و لإرتباطه العضوي مع النشاطات الإقتصادية والمعيشية والإجتماعية والبيئية فإن ذلك يضفي عليه أهمية إستراتيجية قصوى.

إن الدول العربية التي تزخر بالخبرات الزراعية المتميزة في كافة المجالات وعليها أن تبادر إلى تبني خطـة إستراتيجية للري والصرف و إتباع سياسات زراعية مائية لتحقيق الأهداف المرجوة ، ويجب أن تكـون تلك الخطط والسياسات جزءاً من خطة إستراتيجية وسياسة زراعية مائية عربية موحدة .

 

 
 

يجب على كل دولة عربية وضع خطة إستراتيجية متكاملة واضحة المعالم قابلة للتطبيق لقطاعي الري والصرف ، ووضع خطة رئيسية Master Plan  جديدة أو تحديث الخطة إذا كانت موجودة لقطاع المياه ليلبي الإحتياجات و التطلعات المستقبلية، وإتباع سياسات متوازنة مائية لكافة القطاعات المنـزلية والصناعية والزراعية .

 

 

 

 

 

من الضروري أن تحقق الخطط الاستراتيجية للدول العربية الغايات والأهداف المبينة سابقاً، بالإضافة الى توجه الحكومات العربية الى رفع كفاءة أداء مؤسساتها وميل سياساتها نحو الخصخصة لابد من وضع خطة إستراتيجية لقطاع الري والصرف واضحة وقابلة للتطبيق ، يشتق منها خطط خمسية دورية يجري تحديثها كلما كان ذلك ضرورياً ، هذه الخطة تكون جزءاً من خطط قطاعات المياه الأخرى وتلازمها خطة إستثمارية موازية .

يقوم مختصين بالتخطيط الإستراتيجي وفنيين مختصين بنشاطات الري والصرف بالإضافة الى مختصين بمجالات مثل الإقتصاد و القانون وعلم المجتمع وغيرها بوضع وصياغة تلك الخطة.

إن التخطيط المستقبلي لقطاع المياه و خاصة مشاريع الري يتطلب بالضرورة توفر معلومات صحيحة ودقيقة حول جميع الموارد الطبيعية و القضايا الإقتصادية والإجتماعية و السياسية و البيئية وغيرها من الأمور الهامة ، و يجب أن تكون المعلومات المدخلة و المستعملة صحيحة و دقيقة لتكون النتيجة مخرجات صحيحة ودقيقة أيضاً ، يتم الحصول على هذه المعلومات من بنك قطري متكامل للمعلومات ولابد من تطوير هذا البنك ليصبح جزءاً من منظومة قومية للمعلومات المائية .

تتضمن الخطة الإستراتيجية تحديد كافة القضايا الإستراتيجية الرئيسية بتقييم شامل لكافة الخدمات والأنشطة و التي تشكل تحديات أو فرص قطاع الري السطحي والصرف ، وتشمل دراسة المؤسسات العاملة والمؤثرة فيه وكافة المعنيين Stakeholders  ( مزارعين و مستخدمي المياه ، مؤسسات أخرى، شركات القطاع الخاص ……. الخ ) و مواطن الضعف والقوة في البيئتين الداخلية و الخارجية  ومن ثم ترتيب هذه القضايا حسب الأولوية بالإضافة الى التحقق من التوجهات الحكومية في هذا القطاع، ويشمل أيضاً دراسات متخصصة قانونية ومؤسسية وتحليل مالي ومشاركة القطاع الخاص ومراقبة الأداء و التنفيذ .

يتم وضع المهمة  Mission   لتعكس السياسات الحكومية العامة فيما يتعلق بالتوجهات المستقبلية والتي قد تؤدي الى قيام شكل مؤسسي جديد ذات هوية جديدة ، والرؤية   Vision   لتعكس الوضع المستقبلي الجديد، و وضع الأهداف الإستراتيجية والمرحلية و يتم ترجمتها إلى مشاريع مستقبلية  وتكاليف مالية تتولى الجهة المعنية بالتعاون مع الحكومة بتوفير التمويل اللازم لها وفترات تنفيذ زمنية محددة .

وفيما يلي بعض المجالات العامة لخطة إستراتيجية قطرية في قطاع الري والصرف مع الإدراك التام لخصوصية كل دولة عربية :

أولاً : في مجال تنمية الموارد المائية

-  الإستغلال الأقصى للمياه السطحية الى الحد التي تسمح به إعتبارات الجدوى الإقتصادية و الآثار الإجتماعية و البيئية و الحقوق المائية للمياه السطحية، ولا بد من تقييم موارد المياه السطحية دورياً.

-  الإستغلال الأمثل للمياه الجوفية الى المدى الذي تسمح به إعتبارات الجدوى الإقتصادية و الضخ الآمن للأحواض الجوفية المائية المتجددة و غير المتجددة ، والإعتبارات البيئية للمحافظة على نوعية المياه الجوفية وإستدامة إستخدامها .

-  جمع ومعالجة المياه العادمة وفق المعايير التي تمكن من إعادة إستخدامها في الزراعة المطلقة وفي أغراض غير منـزلية أخرى بما في ذلك تغذية المياه الجوفية ، و لا بد من إعتماد التقنيات الحديثة الملائمة لمعالجة المياه العادمة مع الأخذ بعين الإعتبار الإقتصاد في الطاقة ونوعية المياه الخارجة لإستعمالها في الزراعـة المطلقة.

-  ولما كان الوطن العربي يحتوي على كميات كبيرة من المياه الحدية و المياه المسوس، فلا بد من عمل أبحاث علمية تطبيقية عليها و دراسة إدخالها في الزراعة المروية .

-  لا بد من إرتكاز معيار الأولوية لتنفيذ مشاريع الري الجديدة ولتخصيص المياه الإضافية الى إعتبارات إقتصادية و إجتماعية وبيئية .

ثانياً :  في مجال إدارة الموارد المائية :

-  تهدف إدارة الموارد بإستمرار الى تحقيق أعلى درجة كفاءة ممكنة في نقل المياه وتوزيعها ونشرها وإستعمالها، و لا بد من إتباع أسلوب مزدوج لإدارة الطلب و إدارة التـزويد وتبني آليات تكنولوجية حديثة لتعزيز قدرات إدارة مورد مياه الري.

-  إعطاء الأولوية في إستدامة إستعمال الموارد المطورة لأغراض الزراعة المروية، و إيلاء عناية خاصة بمنع التلوث وتردي النوعية والإستنـزاف .

-  وقف الضخ الجائر من الأحواض الجوفية المتجدد منها وغير المتجدد و تقليله الى معدل الإستخراج المستدام، والسيطرة التامة على حفر الآبار الجوفية ومنع حفر الآبار الجوفية العشوائي .

-  لا بد من وضع نظام ديناميكي للعرض و الطلب و تحديثه دوماً ،ويجب تقليل تكاليف التشغيل و الصيانة .

-  لابد من التركيز على تنظيم العائد الصافي لمورد مياه الري بزراعة محاصيل ذات المردود الاقتصادي العالي .

-  إن تطوير الموارد البشرية يجب أن تكون على سلم الأولويات بتنظيم برامج التعليم المستمر والتدريب الميداني ، ويجب تقليص التوظيف الزائد عن الحاجة الى مستويات دنيا.

ثالثاً : في مجال التشريعات والتنظيم المؤسسي :

-  لا بد من إعادة النظر بالقوانين والأنظمة المعمول بها دورياً لتفي بالمستجدات للظروف والزمن المتغير، وإعادة النظر بالترتيبات المؤسسية وإعادة هيكلتها بما يتلائم والإحتياجات اللازمة.

-  تحديث التشريعات والقوانين والأنظمة كلما كان ذلك ضرورياً لتفي بالمستجدات ، بما في ذلك قوانين تحسين الإدارة .

-  إشراك المزارعين في إدارة مشاريع الري ، و تكوين جمعيات مستخدمي المياه مع الأخذ بعين الإعتبار القضايا الإجتماعية ووضع التشريع اللازم لمشاركتهم . 

- التأكيد علـى التعاون والتنسيق بين الجهات الرسمية المعنية لتتكامل الأدوار.

-  فسح المجال أمام إستثمارات القطاع الخاص وتسهيل مهامه وإشراكه في إدارة مورد المياه كلما كان ذلك ضرورياً من خلال إيجاد التشريعات اللازمة لذلك.

رابعاً : وفي مجال توعـية المزارعين :

-  تواجه تحديات قطاع الري السطحي لا من خلال إدارة المياه فحسب وإنما من خلال المزارعين أيضاً، وهنا لا بد من تحديد الأدوار بهدف المحافظة على المياه.

-  توعية جمهور المزارعين مستخدمي أسلوب الري السطحي من خلال الحملات الإعلامية والوسائل المختلفة بالتعريف بالأسلوب الأمثل للتعامل مع الري السطحي و بقيمة المياه وحسن إستخدامها و رفع العائد الإقتصادي . وغيره .

-  تدريب المزارعين عملياً حول كيفية التعامل العلمي مع أسلوب الري السطحي والصرف .

-  إيجاد الحوافز المادية والمعنوية للمزارعين المتميزين .

-  نشر الحقائق حول المياه و أسلوب الري السطحي و تكاليفه وإعتماد الشفافية أسلوباً للتعامل مع المزارعين والمستخدمين.

خامساً :  في مجال مشاركة القطاع الخاص :

-  يجب توسيع دور القطاع الخاص من خلال الإستثمار في البنية التحتية لمشاريع الري ، وفي عقود إدارة مورد مياه الري وعقود الإمتياز وغيرها من أشكال المشاركة حيثما كان ذلك ممكناً .

-  النظر في مفهوم طرق إنشاء مشاريع الري الجديدة وتشغيلها من قبل القطاع الخاص ، ولا بد من تقييم آثارها على المزارعين وتخفيف سلبياتها عنهم .

-  تشجيع القطاع الخاص في إقامة المزارع المروية المتكاملة مع التأكيد على المزايا الإقتصادية والإجتماعية فيما يتعلق بالإستثمارات الخاصة.

سادساً :  في مجال التمويل :

-  لا بد من إستعادة كلفة تشغيل وصيانة مشاريع الري من المستفيدين مع الأخذ بعين الإعتبار تقليل تكاليفها.

-  تفعيل دور مؤسسات تمويل الزراعة المروية وبالأخص تمويل تطوير الري السطحي والصرف .

سابعاً : في مجال البحث العلمي :

-  يجب بذل الجهود القطرية لتشجيع و تعزيز البحث العلمي المتعلق بأسلوب الري السطحي الذي يهدف الى تحسين إدارته وتطوير كفاءته والوفاء بالإحتياجات المائية للمحاصيل وتقليل التبخر وغيره .

-  يجب إنشاء مختبرات تحليل المياه و التربة والنبات ورفدها بالكوادر الفنية لإسداء النصح والإرشاد للمزارعين ، ولا بد أن تكون تكاليف التحليل في متناول المزارعين .

-  تشجيع التواصل بين المؤسسات العربية لتبادل الخبرات والمعرفة ، ولا بد من مد جسور التعاون مع المؤسسات الأجنبية والدولية لمواكبة التطور والتحسين ونقل التكنولوجيا.

ثامناً :  في مجال رفع الكفاءة :

تدرك الدول العربية بأن التحدي الذي يواجهها هو الحصول على أفضل إنتاج زراعي بإستخدام أقل كمية مياه من وحدة المساحة وبأهمية ترشيد و تحسين إستخدام المياه المتاحة ، وهي تجمع في رؤيتها بأهمية رفع كفاءة أسلوب الري السطحي وضرورة الإستخدام الأمثل للمياه وحظر هدرها بالإضافة الى أهمية المحافظة على إنتاجية الأراضي الزراعية المروية بشبكة صرف فعالة.

إن زيادة المردود الإقتصادي لوحدة حجم تدفق المياه لا يأتي إلا بالإدارة الناجعة لموارد المياه والأرض والإنسان وبإدارة علمية لزراعة المحصول المناسب ذو الإنتاج العالي كماً ونوعاً ليحصد ناضجاً في الوقت المناسب ، وهذا يتطلب دراسة حاجات الأسواق المحلية والخارجية ولا بد من الإستفادة القصوى من الميزة النسبية للإنتاج في كل دولة عربية ومواجهة التنافس مـع المنتجين الآخرين .

إن ذلك يتحقق بإتباع الأساليب العلمية التطبيقية ووسائل إرشادية فعالة وزيادة الوعي بأهمية موارد المياه والأرض كثروة قومية و أن المحافظة عليهما و حسن  إستخدامهما أمر تفرضه الظروف المعيشية والتنموية، وفي هذا المقام فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية تدعو الجامعات العربية للمبادرة والتطوع بعمل مشاريع ريادية للتطبيقات العلمية الحديثة في مجال الري السطحي و الصرف وتقديم النصح والإرشاد للمزارعين ومد جسور التعاون مع خدمات إرشاد الري في المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية .

أن مكونات الإرشاد المائي في الزراعة المروية يختلف عن غيره نظراً لتعدد و تداخل مدخلاته مثل ظروف التربة و النبات و المياه و المناخ و مكونات مشروع الري بالإضافة إلى جوهره و هم المزارعين ، حيث أن البرامج الإرشادية المائية تأخذ بعين الإعتبار هذه الخصوصية و تكفل الأسلوب الملائم والناجع من قبل مرشدين مختصين لديهم القدرة الفنية و العلمية و العملية و لهم خصائص متميزة بوسائل الإتصال وبناء جسور الثقة مع المزارعين.

هناك وحدات تعنى بتقديم الخدمات الإرشادية للري  Irrigation Advisory Services  في بعض الدول العربية ، ومن الضروري تعزيز قدرات هذه الوحدات ودعمها بالكوادر الفنية المؤهلة و الأدوات و الأجهزة اللازمة ليتسنى لها القيام بمهامها الموكلة بها خير قيام، و لا بد من إنشاء هذه الوحدات في الدول التي تفتقر إليها .

ولعل رؤية الدول العربية في هذا الأمر بأن مثل هذه الخدمات ضرورة ملحة خاصة لمستخدمي أسلوب الري السطحي ، ويظهر ذلك مما تقدمه من خدمات مجانية للمستفيدين تهدف لرفع كفاءة الري وحسن إستخدام المياه و إدخال أجهزة ترشيد الإستهلاك و القيام بحملات توعية للمزارعين في مجال الري السطحي والصرف ، أما مجالات الخدمات التي تقدم فهي كما يلي :

*  تصميم و تقييم شبكات الري السطحي داخل المزارع ، وإسداء النصح والإرشاد لإدخال التعديلات المناسبة عليها.

*  تدريب المزارعين على إدارة الري السطحي داخل المزرعة ( تشغيل وصيانة).

*  القيام بحملات توعية وتثقيف لمستخدمي المياه في الري السطحي ، إذ أن هؤلاء بشكل عام يعوزهم التفهم و الإكتراث بقيمة المياه ومدى شح مواردها ، كما أن أية تغييرات مهمة في كيفية الحفاظ على المياه وحمايتها تتطلب دعم المزارعين و مشاركتهم. 

وتؤمن الدول العربية بأن برامج التوعية هي الطريقة الناجحة للوصول الى المزارعين وعامة الناس بهدف تعديل السلوك غير المرغوب فيه وتعزيز الجهود الإيجابية ، ومن خلال برامج التوعية التي تشجع الحفاظ على مورد المياه المحدود وحمايتها و التقيد بأنظمة وقوانين المياه تستطيع الحكومة تحقيق الأهداف المرجوة.

*  جدولة الري على مستوى المزرعة من خلال مشاريع ريادية ومشاهدات في حقول المزارعين ، و تعني جدولة الري معرفة الوقت المناسب و كمية المياه اللازمة للري ، وتجنب الري الغزير غير المبرر وتسرب المياه الى أعماق التربة ، لهذه العملية مزايا عديدة أهمها توفير المياه وتوفير الأسمدة وتقليل أمراض النبات الناجمة عن زيادة رطوبة التربة وزيادة الإنتاج كماً ونوعاً .

*  المساعدة بتنفيذ خطط مشاركة المزارعين في إدارة مشاريع الري ، وبتكوين جمعيات مستخدمي المياه.

 

*  إسداء النصح والإرشاد للمزارعين لزراعة محاصيل ذات استهلاك مائي قليل ومردود اقتصادي مرتفع .

*  إسداء النصح و الإرشاد حول استخدام المياه الحدية في الزراعة المروية .

*  إسداء التوعية والإرشاد فيما يتعلق بأهمية صرف المياه الزائدة من الأراضي للمحافظة على الأراضي وأهمية صيانة الشبكات القائمة و التخلص من المياه الراكدة في شبكات الري و الصرف وما له من مزايا للتخلص من الحشرات و مسببات الأمراض للإنسان.

*  القيام بأية أمور أخرى لها علاقة بموضوع الإرشاد و التوعية المائية للري السطحي والصرف.

    يوجد عدة عوائق تواجه الإرشاد المائي في القطاع العام ومن أهمها عدم توفر العدد الكافي من الكوادر البشرية المؤهلة و ذات الخبرة الغنية و الدراية في مجال الري السطحي و الصرف، وصعوبة توفر وسائل النقل  (إذ أن كل مرشد ري يتطلب تزويده بوسيلة نقل خاصة به و أجهزة و معدات ملائمة تساعده في عمله) أو محدوديتها وعدم المقدرة على متابعة التطورات التكنولوجية السريعة ، و المرشد المائي يجب أن يتحلى بأسلوب مرن للتعامل مع المزارعين و ضرورة أن يحوز على ثقتهم.

تاسعاً :  في مجال المشاركة الشعبية .

   تتم إدارة مشاريع الري في الدول العربية من قبل الأجهزة الحكومية المسؤولة عن هذا القطاع وخاصة فيما يتعلق بتشغيل وصيانة مشروع الري ( شبكات الري والصرف وملحقاتها) وتوزيع المياه على الأراضي الزراعية ، ولقد تسبب هذا النهج الى بروز العديد من المظاهر السلبية منها تهميش وعدم وجود دور للمزارعين مالكي الأراضي وحقوق المياه، بشكل عام لا يوجد للمزارعين أي دور في إدارة مشاريع الري خارج مزارعهم رغم قدرتهم على ذلك.

  الهدف الإستراتيجي من إشراك المزارعين في إدارة مشاريع الري هو توفير المياه وتقليل النفقات وإستدامة المشاريع والحصول على أقصى إنتاج زراعي ممكن من خلال تكوين جمعيات مستخدمي مياه الري وبوضع برامج قابلة للتطبيق لإشراك المزارعين في إدارة الري والصرف مثل المشاركة بوضع برامج الري وفي أعمال تشغيل و صيانة مشاريع الري وصولاً للأهداف التالية :

*  ملائمة المزارعين لأوضاع مزارعهم من خلال معرفة الموازنة المائية ومدى توفر أو شح المياه .

*  تلبية حاجات المزارعين مـن المياه للكمية المطلوبة (فقط) في الوقت المناسب.

*  تخفيض تكاليف تشغيل مشاريع الري من خلال مشاركتهم بأعمال توزيع ونشر المياه فيما بينهم.

 

*  تخفيض تكاليف صيانة مشاريع الري وتقليل العبث والاعتداءات على منشآت المشاريع كنتيجة مباشرة لشعور المزارعين  المتزايد بأن المشروع ملكاً لهم ويتوجب المحافظة التامة عليه.

*  معرفة المزارعين لنوعية مياه الري و ملائمة أوضاعهم تبعاً لذلك.

*  زيادة المعرفة العلمية الزراعية للمزارعين و إدراكهم أهمية علاقة التربة والماء و النبات.

*  زيادة كفاءة الجهاز الحكومي للتشغيل و الصيانة من خلال الشعور بالمتابعة والمسؤولية والمنافسة وبأن هذا الجهاز وقع عليه مراقبة أكثر.

*  تسوية الخلافات و المواضيع الأخرى دون تدخل الدولة ما أمكن .

*  إمكانية الربط بين مختلف الفعاليات الزراعية مثل الري والتسويق .

دور جمعيات مستخدمي مياه الري :

   في ظل توجهات برامج الإصلاح الإقتصادي المتعلقة بخصخصة بعض النشاطات و الخدمات عملاً بمبدأ مشاركة الفئات المستفيدة و مستخدمي المياه في عملية ترشيدها و إستخدامها و بما يحقق إعطاء دور لهذا القطاع الحيوي في إدارة وتشغيل و صيانة مشاريع الري و الصرف يتم إنشاء جمعيات مستخدمي المياه يوكل  إليها كل أو بعض مهام التشغيل و الصيانة .  

   جمعيات مستخدمي المياه في الزراعة المروية هي جمعيات غير حكومية من المزارعين ولها دور في الأعمال المشتركة في شبكات الري وشبكات صرف المياه الزائدة ، وفي إدارة مشاريع الري (تشغيل وصيانة ) وحماية المياه من التلوث ومنشآت المشروع من العبث ونشاطات أخرى.

إن تكوين جمعيات مستخدمي المياه يبرز أهمية حاجة مجموعة المزارعين لممارسة حقوقهم في إستخدام المياه بشكل كفؤ وتركيز جهودهم و وسائلهم للأعمال المشتركة نحو الإستفادة القصوى من مصادر المياه والمحافظة على إنتاجية أفضل لأراضيهم.

  هناك أهمية على الدور الذي ستلعبه تنظيمات مستخدمي المياه في إستغلال وتشغيل و صيانة نظام الري السطحي والصرف و رفع كفاءة إدارة المياه والترشيد والحفاظ على الموارد المائية المخصصة للزراعة المروية بالإضافة الى تقليل تكاليف التشغيل و الصيانة وبما ينعكس على إقتصاديات المزرعة .

 ولابد من التأكيد على الخصوصية القطرية فيما يتعلق بمشاركة المزارعين في إدارة مشاريع الري ضمن إطار المشاركة الشعبية في التنمية المستدامة ، وفي هذا السبيل يوصى بما يلي :

*  إيجاد الأطر القانونية والتشريعية لقيام جمعيات مستخدمي المياه ، وأهمية تضمين تلك القوانين والتشريعات نصوصاً واضحة لإعطائها صفة الشخصية الإعتبارية التي تمنحها الصلاحيات الكفيلة للقيام بمهامها.

 

*  التأكيد على ضرورة تقديم الدعم المالي والمادي الكافيين من الحكومة والمنظمات غير الحكومية الى جمعيات مستخدمي المياه خاصة في بداية أعمالها ، وتشجيعها على الوصول تدريجياً الى مرحلة التمويل الذاتي والإستقلال المالي .

*  إعداد خطة لنقل مهام إدارة تشغيل و صيانة مشروع الري الى المستفيدين تدريجياً .

*  تحديد و توزيع الأدوار و المهام بين الأجهزة الحكومية و جمعيات مستخدمي المياه وفق شروط مرجعية ضمن إطار تعاقدي يحدد الحقوق والواجبات على أن يتم تقييمه و تطويره وتعديله بصفة دورية بما يحقق المصلحة العامة .

*  إعداد فئات من المزارعين فنياً وإدارياً من خلال برامج تدريبية فنية خاصة في مجال الإدارة والتشغيل والصيانة والمحاسبة.

*  التأكيد على دور الحكومة بتقديم الحوافز لقيام و تطوير جمعيات مستخدمي المياه ، و في تأمين الدعم المؤسسي لها .

*  تشجيع وفسح المجال أمام القطاع الخاص لإنشاء ورش فنية متخصصة في اعمال صيانة الآلات و المعدات و توفير قطع الغيار و المعدات التي تتطلبها صيانة و تشغيل أنظمة الري السطحي و الصرف.

*  قيام أجهزة الإرشاد المائي بزيادة و تعميق الوعي بالقضايا المتعلقة بإستعمال المياه على أسس تطبيقية علمية وتقديم المساعدة الى جمعيات مستخدمي المياه.

*   توثيق الروابط بين مؤسسات البحث العلمي و الإرشاد المائي من ناحية وجمعيات مستخدمي المياه من ناحية أخرى لمعالجة المشاكل و المعوقات التي تواجه تحسين كفاءة الري السطحي  والصرف.

*   بناء قاعدة للمعلومات الفنية الخاصة بالري السطحي و الصرف و علاقتها بالتربة و النبات.

*   تبادل الخبرات و الزيارات الإستطلاعية بين الأقطار العربية.

برنامج تدريب المزارعين :

المزارعين هم محور و جوهر الموضوع ، و هم الذين يمارسون أسلوب الري السطحي في مزارعهم ، فالقرارات التي تتخذ على أي مستوى قيادي لا قيمة لها إذا لم يتم تطبيقها على أرض الواقع من قبل المزارعين ، من هنا يزيد الإهتمام بجمهور المزارعين والعناية بهم وتقديم أفضل الخدمات لهم فهم مواطنين منتجين ويبذلون الجهد الكبير لإنتاج الغذاء.

ومن المفيد تبني برامج قطرية لتدريب و تثقيف وتوعية المزارعين حول الأسلوب الأمثل لإدارة الـري السطحـي متضمناً أسلوب نقل وتخزين ونشر المياه في المزرعة بالإضافة الى الكمية والوقت المناسبين للري وغيرها من القضايا ذات العلاقة.

 

إن وضع حوافز مادية أو معنوية للمزارعين الذين يطبقون الأسلوب الأفضل لإدارة الري السطحي في مزارعهم  وعمل برامج تحفيزية مثل جائزة المزارع المثالي في إدارة مزرعته يعتبر من الأساليب المفيدة في توفير المياه و رفع كفاءة الري السطحي .

عاشراً :  في مجال السياسات :

  إن نصوص السياسة المائية للري السطحي و الصرف الواجب وضعها تفصل الأهداف بعيدة المدى التي ترد في الإستراتيجية ، هذه السياسة لا تشمل قضايا الزراعة المروية ،  و يجب أن تتناول بالتفصيل شؤون المياه من حيث تطوير مواردها لإستخدامها في الزراعة و إدارة هذه الموارد وضرورة نقل التكنولوجيا و قضايا نوعية المياه و كفاءة الري و إسترداد الكلفة و قضايا أخرى. ، ويجب أن تنسجم هذه السياسة مع إستراتيجية المياه وتتطابق أهدافها بعيدة المدى.

 

 
 

 يجب أن تتضمن السياسات المائية للري السطحي و الصرف بنوداً تنص على التعاون الوثيق بين الأقطار العربية في كافة مجالات التعاون و نقل الخبرات التي من شأنها زيادة كفاءة إدارة الري والصرف

 

 

 

 

أن هذه السياسات تتغير بمرور الزمن و تتغير العوامل المؤثرة فيها بينما تعبر الإستراتيجية عن الأهداف بعيدة المدى ، و من المؤمل أن تفي هذه السياسات بالغرض المستوفى منها لخمس سنوات قادمة أو يزيد و ذلك مع بعض التعديلات كلما كان ذلك ممكناً .

سياسة مياه الري تتناول شؤونها من حيث تطوير مواردها لاستخدامها في الزراعة و إدارة هذه الموارد وضرورة نقل التكنولوجيا وقضايا نوعية المياه والكفاءة واسترداد الكلفة ، ويجب أن تتضمن إعادة تخصيص حصص مياه الري ، و تغيير أسلوب التخصيص المتبع الى أسلوب يأخذ بعين الإعتبار عوامل المناخ و المحصول وعمره وخواص التربة ، بمعنى آخر  .

 

 
 

 إعادة تخصيص حصص المياه للمزرعة تبعاً للإحتياجات المائية الكلية للنبات والمساحة المزروعة وخواص التربة

 

 

 

 

وتتضمن أيضاً سياسة تحديد كميات المياه التي تسحب من الأنهار أو تضخ من الأحواض المائية الجوفية بحيث لا تتجاوز كميـة المياه المخصصة ومثل هـذا التحديد ينبغي أن يفرض في كافة الأقطار.

المجالات العامة للسياسة المائية :

وفيما يلي بعض المجالات العامة للسياسة المائية القطرية في قطاع الري والصرف مع الإدراك التام بخصوصية كل دولة عربية :

 

 

في مجال دور الزراعة المروية :

تمثل الزراعة المروية بنهج أسلوب الري السطحي في الدول العربية مهنة الأجداد حيث تمثل شبكات ومرافق الري دليلاً على ذلك ،  وتساهم في إنتاج الغذاء وتوفير فرص العمل الزراعي المباشر وغير المباشر وفي الخدمات المساندة لها، كما أنها تحسن البيئة وتساعد في الحد من التصحر.

في مجال إستدامة الزراعة المروية :

*  يجب توفير فرص إستدامة مناطق الزراعة المروية الحالية ، و يجب عدم السماح بتحويل المياه المخصصة لها إلى الإستخدامات الأخرى دون توفير مصـادر بديلة صالحـة للإستخدامات الزراعية دون قيود صحية أو كيماوية.

*  يجب أن لا يكون هناك تساهل في إستدامة الزراعة المروية إلا في حال تهديدها إستخدام المياه الجوفية فقط، و يمكن أن يكون الإستنـزاف الجائر للخزانات الجوفية سبباً يبرر هذا التساهل .

*  يجب حماية مصادر المياه من التلوث الذي يضر بنوعية المياه أو يهدد السلامة العامة والبيئة أو يعرض الصحة الحيوانية للخطر ، وفي هذا المجال يجب تبني وتشجيع طرق المكافحة الحيوية بدلاً من إستخدام المبيدات الحشرية.

*  يجب التنسيق الوثيق بين المؤسسات ذات العلاقة بمياه الري والزراعة بالبحث والتطوير بهدف تحسين كفاءة الري السطحي داخل المزارع وتعظيم الإنتاج لوحدة المساحة لكل وحدة تدفق من مياه الري.

*  يجب الأخذ بعين الإعتبار تقديم الفائض من المياه السطحية خلال فترة الشتاء للمزارعين دون مقابل من أجل غسيل التربة.

*  يجب تركيب شبكات صرف للمياه الزائدة في المناطق المروية حيث أن الصرف الطبيعي غير كافي لأداء المهمة ، ويجب التخلص من مياه الصرف بطريقة سليمة بيئياً ، ويجب إيلاء صيانة مثل هذه الشبكات عناية مماثلة للعناية التي تولى لشبكات الري.

في مجال تطوير الموارد وإستخدامها :

*  نظراً لشح المياه من مصادرها لا بد من الإستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة وفقاً لمعايير يمكن معها إعادة إستخدامها في أغراض الزراعة المطلقة .

*  يجب تعظيم إستخدام مياه الأمطار لإنتاج المحاصيل وإستخدام الري التكميلي لتعظيم الإنتاج، بما في ذلك الكثافة المحصولية.

*  يجب متابعة إستخدام المياه المالحة في الري بعناية ، ومراقبة ملوحة التربة الناجمة عن ذلك بشكل يحد من تراكم الأملاح ، بالإضافة الى إدارة الأراضي بما تستحقه من عناية بوصفها مورداً غير متجدداً .

في مجال رفع كفاءة الري :

*  سيكون تحقيق الكفاءة القصوى للري السطحي غاية دائمة، ويجب بذل أقصى الجهود لتحقيق هذه الغاية والمحافظة عليها.

*  يجب أن يتم نقل المياه عبر أقنية إسمنتية أو أنابيب لتقليل الفاقد ما أمكن .

*  يجب تحسين تشغيل وصيانة شبكات الري حسب التصميم الذي نفذت على أساسه هذه الشبكات.

*  يجب برمجة و إجراء الصيانة الدورية لمنشآت مشروع الري والصرف، ويجب توفير وتدريب الموارد البشرية اللازمة للقيام بالإدارة والصيانة الضروريتين الى أقصى قدر ممكن.

*  يجب أن يكون هناك برنامج تدريب على القيام بعمليات الري السطحي وجدولة الري هدفاً ثابتاً و دائماً.

في مجال إدارة مياه المـزرعة :

 

 
 

يجب تقديم خدمات إرشادية للـري السطحي و الصرف بدءاً من مصدر المياه وإنتهاءاً بجذر النبات.  

 

 

 

 

*  تحديد الإحتياجات المائية للمحاصيل من خلال تجارب ميدانية في مختلف المناطق مع الأخذ بعين الإعتبار نوعية المياه.

*  تشجيع المزارعين على إتباع أسلوب جدولة الري في مزارعهم لتحديد الموعد المناسب للري وكمية المياه الواجب إضافتها ومدته بما يناسب إحتياجات المحاصيل من المياه .

*  تشجيع الري الليلي و خاصة في أشهر الجفاف من أجل تقليل التبخر.

*  السعي لتدريب المزارعين على الأساليب العلمية لنقل و توزيع  ونشر المياه في الري السطحي بالإضافة الى كيفية التعامل مع أنواع وصفات الترب الزراعية .

*  إعداد برنامج متكامل لتوعية المزارعين وإجراء حملات إعلامية حول مدى توفر مياه الري وإستخدامها بشكل معقول وإقتصادي وحول الآثار المترتبة على نوعية تلك المياه.

في مجال نوعية مياه الري :

*  مراقبة نوعية مياه الري من خلال أخذ عينات من مصادر المياه و من شبكات النقل والتوزيع، و يجب تنبيه المزارعين لأي تردي في نوعية المياه ليتسنى لهم التخطيط لإستخدام المياه في ري محاصيل مناسبة.

*  عندما تكون المياه ذات النوعية الحدية (مياه الصرف الزراعي أو المياه المالحة أو المعالجة) مصدراً من مصادر مياه الري يجب توخي الحيطة والحذر إلى أقصى درجة ممكنة و تحسين نوعيتها لإستعمالها في الزراعة المطلقة ، و يمكن تحقيق ذلك بخلطها بمياه من مصادر نوعيتها أجود ، ويجب إعلام المزارعين بنوعية مياه الري ليكون إختيارهم للمحاصيل مبنياً على المعرفة والمعلومات.

*  يجب توفير خدمة فحوصات المياه والتربة للمزارعين من خلال مختبرات تنشأ لهذه الغاية في المناطـق التـي تفتقر إليها علـى أن تكـون تكاليف التحاليل فـي متناول المزارعين ، ورفد هذه المختبرات بكوادر فنية قادرة على تفسير نتائج التحليل تلك وإسداء النصح والإرشاد .

في مجال الإدارة :

*  يجب قياس كمية تدفق مياه الري عند دخولها للمزرعة وإعتماد هذه الكمية.

*  العمل على إنشاء مناطق ريادية لإختبار مدى قابلية أسلوب الإدارة المبنية على إشراك المزارعين فيها، و بموجبها يتولى المزارعون مسؤولية توزيع المياه الى مزارعهم .

*  يجب قياس كمية المياه المستخرجة من الآبار الجوفية ، و يجب مراقبة الضخ من وقت لآخر لمطابقته لشروط الإستخراج الآمن .

*  منع حفر الآبار الجوفية دون ترخيص مسبق ، و يجب التعامل مع الآبار الجوفية المحفورة دون ترخيص بالأخذ بعين الإعتبار الآثار الإجتماعية والإقتصادية و البيئية و السياسية.

في مجال تسعيرة المياه :

*  ينبغي تغطية كلفة التشغيل و الصيانة من خلال تحصيل أسعار متدرجة لوحدة تدفق المياه تبعاً لكميات وأوقات الإستخدام و نوعية المياه مع الأخذ بعين الإعتبار القضايا الإجتماعية والإقتصادية و السياسية ، ويجب إيلاء العناية اللازمة لحقوق المياه.

*  إن الزراعة تخدم المجتمع من خلال إستخدام العمالة وتوزيع السكان وتوفير الغذاء الذي لولاه  لتوجب إستيراده ، لهذا يجب أن تلقى الدعم من المجتمع على شكل إعفاءات من الضرائب مثلاً.

في مجال العلاقة مع البيئة :

*  يجب تشجيع إزالة الأعشاب غير المرغوب فيها أو إستخدام مبيدات الأعشاب الصالحة بيئياً للحد من النتح و التبخر من تلك الأعشاب مما يحقق وفراً بمياه الري ، كما يمكن تحقيق وفورات مماثلة في الأغذية التي تمتصها تلك النباتات.

*  يجب توخي العناية القصوى عند إستخدام المياه المعالجة ، إذ يجب أن تكون مقبولة  بيئياً يمكن للعاملين في الزراعة التعامل معها بشكل آمن ، و يجب أن يكون هذا المصدر  آمناً للحياة البرية و الحيوانات الأليفة في المزرعة.

 

في مجال التشريعات والترتيبات المؤسسية :

*  يجب مراجعة التشريعات و الترتيبات المؤسسية المتعلقة بتطوير و إدارة الري السطحي والصرف دورياً، وتجسير الفجوات وتحديث الترتيبات المؤسسية مع ما يوازيها من تشريع بشكل دوري.

*  يجب أن يتم تحديد دور الحكومة بشكل دقيق بهدف الوصول الى دور تنظيمي و رقابي مع مـرور الزمن ، ويجب إدخال المستفيدين و القطاع الخاص في إدارة الري السطحي ودعمـه.

*  يجب تشجيع دور القطاع الخاص في تطوير الري السطحي والصرف وجذب إستثماراته ، كما تجب العناية بمراقبة إستخدام المورد في هذا المجال والإشراف عليه .

في مجال البحث والتطوير :

*  يجب تبني و تشجيع البحوث التطبيقية في مواضيع الري السطحي والصرف بالإضافة الى إقتصاديات المياه وإدارة الموارد والإحتياجات المائية للمحاصيل وإستعمال المياه المالحة وتقنيات الري والعمليات الزراعية وتخزين الرطوبة وما شابهها.

*  يجب أن يتم تطوير التعاون مع المراكز المتخصصة داخل القطر وخارجه .

الحادي عشر : في مجال إعادة هيكلة مؤسسات قطاع الري :

إن أداء قطاع الري السطحي و الصرف شأنه شأن أي قطاع آخر ، فهو يعتمد على قوة مؤسساته، لذا فمن الحكمة دعم إعادة الهيكلية المؤسسية وتأمين مشاركة القطاع الخاص بالتشريعات الملائمة ، والتطبيق الفعال للقانون.

ولقد أصبح من الضروري إعادة تنظيم المؤسسات المائية بهدف زيادة الكفاءة وتحسين الأداء وتقديم أفضل الخدمات للمستفيدين ( المزارعين ) ، و في هذا السياق يجب أن يتم إجراء تقييم دقيق مجرد للوضع المؤسسي و مقيداته و تبني برنامج تنفيذي للإصلاح .

تتولى وزارات المياه و الري مسؤولية قطاع المياه في غالبية الدول العربية وفي بعضها إضيفت إليها مسؤولية الثروة السمكية ، و الآخر القوى الكهربائية أو مسؤولية الزراعة  وهكذا ، على أية حال فإن هناك بعضاً من الضبابية في صلاحيات الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بمياه الري و الزراعة وغيرها أو تداخلاً في تلك الصلاحيات.

إن المنظمة العربية للتنمية الزراعية توصي بإيجاد مرجعية واحدة تجمع في مسؤولياتها وهيكلها الإداري كل مسؤوليات المؤسسات المعنية بقطاع المياه والري ، خاصة فيما يتعلق بمصادر المياه وتطويرها وأولويات التوزيع المائي في الأوقات التي يشتد الطلب فيها على المياه ، بالإضافة الى تشغيل وصيانة مشاريع الري وكذلك الحاجة لوضع سياسة مائية متزنة تأخذ بعين الإعتبار تطوير كافة مصادر المياه من خلال مشاريع مائية للأغراض المختلفة بموجب خطة قطرية طويلة الأجل تحد من الازدواجية ، وكذلك وضع الاستراتيجيات والبرامج الخاصة بتنفيذ السياسة المائية التي تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الحاضرة والمستقبلية على ضوء ما تشهده الدول العربية من نمو وتطور في مختلف المجالات.

التكامل والتعاون والتنسيق بين وزارات المياه والري و الزراعة القطرية وغيرها ذات العلاقة بالمياه والزراعة هدف يجب السعي إليه منعاً للإزدواجية والضبابية والتنافس السلبي الذي يؤدي الى تراجع قطاع المياه والزراعة و الذي ينعكس سلباً على المزارعين والإقتصاد الوطني ، من هنا فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية توصي بإيجاد مجلس أعلى للمياه و الزراعة يمكن أن تسند إليه مهام عدة منها إيجاد صيغ التعاون و التنسيق والتكامل في موضوع الري و الزراعة يضم في عضويته ممثلين (من شريحة متخذي القرار) عن كافة الجهات ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بالري السطحي و الصرف و الزراعة (المروية) ، وفيما يلي مقترح و على سبيل المثال لا الحصر.

مقترح للإدارة العليا للمياه و الزراعة

 

                                     
   

رئيس لجنة المياه و الزراعة في مجلس الأمة (البرلمان)

 

ممثلين عن وزارة الزراعة

( زراعة مروية )

   

ممثلين عن وزارة المياه و الري

( ري و صرف )

 
 
   
   
   
 
 
 
   
 
   

ممثلين عن هيئة الإقراض الزراعي / مؤسسة تمويل الري

     

أحد قضاة المحكمة العليا

 

ممثلين عن الجمعيات التعاونية الزراعية

(مياه و زراعة)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ولأغراض إشراك القطاع الخاص في إدارة الري السطحي والصرف الواردة ضمن خطة الإستراتيجية والسياسات المنبثقة عنها بهدف تطوير الري السطحي والصرف وإعادة الهيكلة وخصخصة المؤسسات العامة  إن كان ذلك مجدياً من النواحي الإجتماعية و الإقتصادية ويتماشى مع القوانين المعمول بها وحسب ظروف كل قطر عربي ، ويجب أن يتم ذلك بعد إجراء الدراسات المستفيضة من كافة النواحي .

ويتوقع من مشاركة القطاع الخاص أن يحقق الأهداف المبينة البند خامساً المذكورة آنفاً وذلك من خلال ما يلي :

*  تحسين إدارة وتشغيل وصيانة مشروع الري والصرف .

*  تحسين مستوى الخدمات المقدمة الى المزارعين.

*  تحسين تغطية التكاليف .

*  تحسين الموقف إزاء الممولين والمستثمرين .

ومن الممكن إتباع أي من الأساليب التالية لمشاركة القطاع الخاص في إدارة الري السطحي والصرف :

نقل ملكية المؤسسة أو مشروع الري الى شركة والتي أعيدت هيكلتها لغرض إكمال خصخصتها من القطاع العام الى القطاع الخاص .

أ-   نقل الأسهم أو السندات المملوكة للحكومة بالبيع الكلي أو الجزئي.

ب-  نقل إدارة مشروع الري أو جزء منه من القطاع العام الى القطاع الخاص تبعاً للإتفاقيات حيث يعهد الى القطاع الخاص إدارة تشغيل و صيانة تلك المشاريع، وبهذا الأسلوب يتم إبرام عقد لإدارة شبكات مشروع الري ، أما المصادر المائية وإدارتها فتبقى بحوزة القطاع العام.

ج-  تبني أحد الخيارات التالية لتأسيس مشاريع ري إستثمارية جديدة تبعاً للإتفاقيات المبرمة لهذه الغاية بين القطاعين العام والخاص لهذه الأغراض :

د- (البناء التشغيل نقل الملكية) حيث يبني القطاع الخاص مشروع الري و يستغله ويشغله لمدة معينة ثم ينقله الى القطاع العام بعد إنتهاء تلك المدة.

*  (البناء  نقل الملكية  التشغيل) حيث يبني القطاع الخاص المشروع وينقل ملكيته الى القطاع العام بينما يحتفظ بحق إستغلاله وتشغيله لمدة معينة.

*  (البناء الملكية التشغيل) يبني القطاع الخاص المشروع ويمتلكه ويستغله ويشغله لحسابه الخاص.

*  (البناء الملكية التشغيل نقل الملكية) يبني القطاع الخاص المشروع ويمتلكه ويستغله ويشغله ومن ثم ينقل ملكيته الى القطاع العام .

د-   منح القطاع الخاص  حق بناء مشروع معين مع حق إحتكاري لإستغلاله تبعاً لترخيص أو إتفاقية موقعة مع الحكومة لهذه الغاية .

هـ-  أي أسلوب آخر تقره الحكومة .

وفي هذا المقام ومن أجل مشاركة القطاع الخاص في مجال الري السطحي والصرف فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية توصى بضرورة السير قدماً بإجراء الدراسات الفنية و الإقتصادية والإجتماعية وغيرها بهدف إشراك القطاع الخاص القطري أو العربي في الري السطحي ، والإستفادة من خبرات الدول العربية التي قطعت شوطاً في إشراك القطاع الخاص في الفعاليات الإقتصادية .

4-7  أساليب إستقطاب التمويل اللازم لتنفيذ البرامج القطرية و المتطلبات القومية المشتركة من الإستراتيجية :

إن خيارات زيادة التزويد المائي محدودة ، وتكاليف التطوير تتنامى ، وتشمل هذه الخيارات (المشاريع المستقبلية) إعادة تأهيل مشاريع الري ورفع كفاءة شبكات التزويد من خلال تحسين الكفاءة والإنتاجية والقدرة التنافسية و تطبيق أحدث مفاهيم الإدارة والأدوات والتقنيات ، و يتطلب تطوير وتنفيذ الخيارات في المستقبل إستثمارات ضخمة من القطاعين العام و الخاص ، و لا بد أن تحظى عملية وضع أولويات الإستثمار بأهمية متزايدة وتطوير معايير لأولويات الإستثمار .

لقد إستثمر القطاع العام في الدول العربية منذ فترة طويلة جداً في مشاريع الري ، وقد شكلت إستثمارات قطاع المياه جزءاً كبيراً من ديون بعض الدول العربية الخارجية ، وعلى الرغم من إستمرار إستثمار القطاع العام ، إلا أن إستثمارات القطاع الخاص ستكون منشودة ، ويتوجب خلق المناخ المناسب لجذب القطاع الخاص للإستثمار ضمن الأولويات التي تحددها جهات قطاع الري السطحي حيثما كان ذلك ممكناً .

وفي هذا المجال من الضروري إفساح المجال أمام القطاع الخاص للإستثمار في رفع كفاءة الري السطحي و في زيادة فعالية نظام صرف المياه الزائدة و ذلك من خلال إيجاد التشريع المناسب لجذب الإستثمار و ضمان الحكومة للعوائد الإقتصادية حيث يفضل توجيه الإستثمارات نحو ما ذكر في البند 4-2 سابقاً .

ومن ناحية أخرى يجب عدم إغفال فسح المجال أمام المزارعين (المستفيدين) أنفسهم للإستثمار في مجال الري السطحي و الصرف، إذ لا بد من وجود شريحة منهم تستطيع الإستثمار في هذا المجال، و إذا توفر ذلك فيجب إعطائهم الأولوية .

أن توجه الإستثمارات في الري السطحي و الري تكون كالتالي :

4-7-1  الإستثمار في رفع كفاءة القنوات الناقلة للمياه من المصدر الى المزرعة :

بهدف بتقليل تسرب ورشح المياه الى أعماق التربة و تقليل نمو الأعشاب حيث تستهلك كميات كبيرة من المياه وتقليل التبخر من تلك القنوات ، ويمكن رفع كفاءة القنوات الناقلة كما يلي:

*  إستبدال القنوات المفتوحة بأنابيب مفتوحة أو مغلقة من المصدر إلى المزرعة.

*  إعادة تأهيل قنوات الري الناقلة الإسمنتية بإصلاح عيوبها وكسورها وإزالة الترسبات والأعشاب وتعديل ميلها إذا لزم الأمر، و تغليف القنوات الترابية بواسطة مواد غير منفذة مثل الإسمنت (الباطون) أو الإسفلت أو البلاستيك لمنع تسرب و رشح المياه في التربة.         

*  تقليل المساحة السطحية للقنوات بهدف تقليل التبخر من سطوحها ما أمكن وذلك بتعميقها وتعديل ميلها لتفي بالغرض من ذلك.

4-7-2  الإستثمار في رفع كفاءة الري السطحي الحقلي :

يمكن رفع كفاءة الري الحقلي كما يلي :

*  القيام بأعمال التسوية  Leveling  اللازمة للأراضي لضمان التوزيع المتساوي للمياه وتجنب غدق المياه على بعض أجزاء الحقل و قلة المياه على الجزء الآخر. 

*  تقديم القروض الميسرة للمزارعين التي من شأنها تحسين شبكة الري السطحي ونقل وتخزين المياه داخل المزرعة. 

4-7-3 الإستثمار في إنشاء و إعادة تأهيل مصارف المياه الزائدة المغطاة أو المفتوحة:

والتي يمكن أن توجه إلى ما يلي :

*  إنشاء و تنفيذ مصارف مياه مفتوحة أو مغطاة للأراضي التي تعاني مشاكل ملوحة و إرتفاع منسوب مياه ولم ينفذ فيها مصارف مـن قبل حسب الأولويات الإقتصادية والإجتماعية والبيئية.

*  صيانة الشبكات الحالية لصرف المياه الزائدة من الأراضي و مخارجها و تسليكها لتحسين أدائها .

4-7-4  تمويل سبل مشاريع الري السطحي والصرف :

إن الدعوة إلى تحسين أسلوب الري السطحي على مستوى المزرعة يتطلب تمويلاً و قروضاً سهلة و ميسرة و طويلة الأمد تقدم الى المزارعين من خلال المؤسسات المصرفية الزراعية أو مؤسسة إقراض المزارعين لتحسين إدارة الري السطحي ،  بحيث يتم تمويل تنفيذ برنامج لتحسين إدارة الري السطحي داخل المزرعة كما ذكر سابقاً مثل عمل التسوية LEVELING  اللازمة للمزرعة بواسطة آليات يتم إستئجارها لهذه الغاية ، وتمويل شراء بعض المستلزمات مثل أنابيب نقل المياه أو رقائق البلاستيك لتغليف الأقنية وغيرها.

توجد في عدد من الأقطار العربية مصارف متخصصة للقطاع الزراعي ، و هذه تطبق سياسة إئتمانية خاصة بها تختلف عن السياسة الإئتمانية التي تحكم المصارف التجارية ، تقدم هذه المصارف قروض ميسرة للقطاع الزراعي مع إعطاء فترة سماح وفق أقساط مريحة، وفي أقطار أخرى تضع ضوابط معينة للإقراض ، وغيرها تقوم بفرض سياسة إئتمانية لجميع المصارف المتخصصة والتجارية. يقترح بأن تسعى هذه الأقطار لتبني سياسة إئتمانية جديدة للقطاع الزراعي ليتسنى للمزارعين الحصول على القروض الميسرة وفق أقساط مريحة .

ويمكن التمويل الجماعي لتجمعات و تعاونيات المزارعين وجمعيات مستخدمي المياه من أجل تحسين الري السطحي مثل عمل تسوية جماعية للأراضي أو إعادة تأهيل أو تبطين قنوات نقل المياه بواسطة الإسمنت أو الأنابيب التي تخدم مجموعة مزارعين أو غير ذلك من أساليب من شأنها تحسين الري السطحي.

من ناحية أخرى ومن أجل المحافظة على المياه والأرض العربية كأحد أهم الموارد الطبيعية حيث لا يخفى على أحد الأهمية القصوى لهذه الموارد ، فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية تثمن وقفة الصناديق وجهات التمويل العربية وتدعوها إلى المزيد من تقديم المنح المالية المجزية و الإستثمار وتقديم القروض المالية الميسرة الى الأقطار العربية التي بحاجة لهذه الأموال لتطوير وتحسين الري السطحي والصرف ، ذلك لأن هناك متطلبات قومية مشتركة لحسن إستخدام والحفاظ على المياه العربية وديمومة عطاء وإنتاج الأرض العربية ، وعدم فسح المجال أمام الصناديق الأجنبية لتمويل والإستثمار في الري السطحي والصرف بسبب الشروط التي تضعها تلك الصناديق على الدول العربية.

إن أمر الأرض والمياه العربية والإنسان العربي هي مسؤولية قومية مشتركة لجميع الأقطار العربية تتطلب من الجميع التوجه نحو تحسين أداء الري السطحي والصرف و الإستفادة القصوى من المياه المتاحة للحصول على أقصى إنتاج زراعي ممكن يمهد لحياة كريمة لمواطنيه .  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجــع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

 

1-  الأشرم ، محمود (2001) – اقتصاديات المياه في الوطن العربي والعالم، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، آب /أغسطس 2001 .

2-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة السياسات العامة لاستخدام موارد المياه في الزراعة، 1994 .

3-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة تعزيز دور تنظيمات مستخدمي المياه في الزراعة العربية ، 1999 .

4-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة أساليب وسياسات استرداد تكلفة إتاحة مياه الري في الدول العربية ، 1999 .

5-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة تعزيز استخدام الري الآلي لتحسين كفاءة الري الحقلي في الدول العربية ، 2001 .

6- عمر العوض – موقف تطوير الري السطحي والصرف في السودان .

7 -  المويلحي، نبيل (2002) – موقف تطوير الري السطحي والصرف في جمهورية مصر العربية.

8- البعثة الإقليمية للماء والزراعة (2000) MREA – السفارة الفرنسية في الأردن ، عمان : أهمية المياه المستخدمة للزراعة في الشرق الأوسط : جهود للمساعدة التقنية الفرنسية في المنطقة، مجلة أخبار علمية، آب 2000  .

9-  سدر ، نايف سعد (2002) – دراسة حول تطور الري السطحي والصرف الجوفي في المملكة الأردنية الهاشمية .

10-  سفر ، طلعت أحمد (2002) – تقرير علمي قطري حول تقويم أداء طرق الري السطحي والصرف في مشروع مسكنة غرب ) 50000 هكتار) في الجمهورية العربية السورية : سبل تطوير طرق الري السطحي والصرف ورفع كفاءة الري وتقليل الفواقد المائية وزيادة العوائد وتحسين الاقتصاديات .

11-  سليمان ، عامر داود (2002) – تقرير عن تطوير الري السطحي والصرف في جمهورية العراق .

12-  محمد ، كسيرة (2002) – حالة تطوير الري السطحي في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .

13-  مومن ، محمد (2002) – تطوير الري السطحي والصرف في المملكة المغربية .

14-  أسعد الكنج 1996 الصرف والاستصلاح الزراعي .

15-  محمد حسن عامر 1996 تاريخ الصرف الزراعي في مصر .

16- FAO (1995) – Irrigation in Africa in Figures, Water Reports (7), Rome (1995) .

17- MARTIN Gilles (1997) – Irrigation Tensiométrique (Jordanie), Rev. Nouvelles Scientifiques (CEDUST) – Jullit 1997 .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الملخص الانجليزي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

The Methods for the Promotion of

Surface Irrigation and  Drainage

in the Arab Countries

 

Summary

 

This study is one of AOAD’s activities in its working plan of year 2002, as part of its programme in the field of natural resources and environment.

The main target of this study is to promote activities in the Arab countries aiming to achieve rational efficient use of water, and reduction of the extent of surface irrigation which represent one of main constraints facing Arab water resources.

Surface irrigation is used in about 85% of irrigated areas in the Arab countries.  Most of it has been established long time ago when surface irrigation was the main prevailing irrigation method,  while  some schemes have been established more recently because of its low cost compared to other modern irrigation systems.

Low water use efficiency is one of the main features of surface irrigation.  It was estimated in previous AOAD’s studies that total annual water losses by  surface irrigation in the Arab countries amount to about 91 billion cubic meters.  In addition to that most of  irrigated land in the Arab countries faces drainage problems.

For these reasons, the general trend in Arab countries is towards modern irrigation systems.  But there are financial, social and technical problems in converting all existing surface irrigation to the modern irrigation systems, due to its large extent and due to the farmers limited financial and technical ability to deal with these modern systems.

It is obvious that the best option is the promotion and modernization of these traditional surface irrigation and drainage systems.

 

Accordingly, there is a real need for such study to explore all possible means and methods to promote the existing traditional surface irrigation methods and improve their water use efficiency.

The specific objectives of the study are :

- Evaluation of prevailing surface irrigation methods in the Arab countries.

- Establishing a data base about surface irrigation and  drainage   in Arab countries.

- Identifying methods for promoting Arab surface irrigation and drainage.

- Exchange of knowledge and experiences among the Arab countries regarding surface irrigation and drainage.

-  Fostering common Arab work in this field.

To enrich the study through fresh up todate information, AOAD has identified the following seven Arab countries of known experiences in surface irrigation :  Jordan, Algeria, Sudan, Syria, Iraq, Egypt and Morocco.

Experienced, qualified local experts were selected by AOAD to prepare country  case studies about surface irrigation in each of these countries.

An Arab study team was entrusted with preparing this regional study on the issue.

This study is composed of four chapters, chapter one explained the water resources and specially rainfall in the Arab countries and the ability to sustain rainfed agriculture.  The total annual volume of rainfall in the Arab area is about 2782  milliards cubic meter,  but only 18% of the Arab land receives more than 300 mm annual rain, and as such able to sustain rainfed cultivation.  For that reason irrigation became inevitable in the most of the Arab countries for the production of food and fiber crops and for general economy of the countries.

The relative importance of irrigation in the Arab countries ranges from 100% as in Djibouti, where there is no rainfed agriculture to 4.7% in Somalia where rainfed agriculture  previous.  The relative importance of irrigated is about 22% for the Arab countries in general.  The total cultivated area in the Arab countries is about 68.6 million hectares out of which 15 million hectares are irrigated

It is evident that irrigation has very high relative importance in most of the Arab countries as it has high crop yield compared with rainfed cultivation.

Chapter one also explained the different methods of surface irrigation being used in the Arab countries which include :

-  Flood irrigation.

-   Furrow irrigation.

-  Basin irrigation.

-  Border irrigation .

The chapter identified the advantages and dis-advantages of surface irrigation.  The advantages include, low investment costs, long rich experienced gained in the area, high labour need solving some of the employment problems, easiness to modification and promotion, suitability for all crop production, and simple management.

The disadvantages of surface irrigation include, low water use efficiency, need for leveling of land, use of substantial part of the land for canalization and small dikes, its creation of negative environmental condition in the area.

The main rational behind the promotion of these system is the high percentage of agricultural water use with low efficiency.  The constraints facing such promotion include, lack of adequate extension specially regarding awarness about the water situation, the unability of farmers to cope with any major changes in the system, inadequate education and research, and the many various government agencies concerned with such activity of promotion.

Technical constraints include, lack of adequate data and proper technological know-how.  Economic coustraints include, low returns from surface irrigation projects, small land holdings, high cost of promotion, and lack of development funds.

Chapter one also explained the relative high importance of promoting and drainage in order to increase productivity per unit of land, and water.   Drainage has dual advantage, getting ride of excess water and providing additional water for irrigation when drained water is reused for irrigation.

Chapter one also identified the different drainage systems used in the Arab countries. It include, surface drainage, subsoil drainage, ground water drainage (Shagouli).

The constraints facing the promotion of drainage system in the Arab countries are the same  as that facing surface irrigation.

Chapter two explained the general methods for the promotion of the surface irrigation and drainage.  The main themes of promotion are economy and efficiency.

Technical promotion in the conveyance stage include, use of pipe canalization, compaction of canal banks, use of modern efficient means for canal desalting and weeding, use of modern  communication system, use of automation where possible specially through control of demand rather than supply, control of  discharge through automation of pumping and use of remote control.

On farm stage promotion may include, use of long furrow, wide border system, surge discharge.

Promotion could also be through improving management, specially integrated water management,

Promotion through policies and legislation include, water cost recovery and policies for better use of water.

Promotion may also be through social approach.  Extension and awareness programme may be very effective methods of promotion. This could be achieved through the advanced method of training, and cultural programmes.

 

Chapter three included the experience of the promotion of surface irrigation and drainage in some Arab countries.  It included Jordan, Algeria, Sudan, Syria, Iraq, Morocco.

These are the Arab countries with large experience on surface irrigation and drainage.

The chapter also included the French experience in the Middle East regarding the promotion of surface irrigation.  It covered Jordan, Syria and Palestine.

Some other experiences from Spain, Hungery Romania were also included.

Chapter four explored the Arab vision of the possible promotion of surface irrigation.  The main base lines of an Arab strategy for promotion were identified which can be briefed in the following points :

-  There is a real need for the promotion of surface irrigation and drainage.

- Modern irrigation methods must be used in any new irrigation development

- Each Arab country must have its own country strategy.  These strategies may form comprehensive Arab strategy.

-  Country policies must confirm the need for Arab cooperation on the issue and the share of Arab experience in all agricultural issues.

-  Irrigation water must be based on actual crop needs and according to climate and  soil.

-   Extension and public awareness is most needed.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الملخص الفرنسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Etude des méthodes de développement de

lirrigation gravitaire et du drainage

dans les pays arabes

 

 

Résumé

 

 

L’étude des méthodes de développement de l’irrigation gravitaire et du drainage constitue une des activités de l’Organisation Arabe pour le Développement Agricole, inscrite dans le cadre de son plan d’action pour l’année 2002 dans le domaine des ressources naturelles et de l’environnement. L’objectif de cette étude reste la mise en évidence des enjeux de l’agriculture arabe où l’utilisation à une vaste échelle de l’irrigation gravitaire y est prépondérante, et constitue un grand défi  pour ce secteur important pour l’économie arabe.

Le système d’irrigation gravitaire s’étend sur près de 85%  des terres irriguées dans le monde arabe, et la création des projets d’irrigation gravitaire remonte à plusieurs années dans le temps, tout comme certains projets qui ont été réalisés récemment à cause des coûts d’investissement relativement bas comparativement aux systèmes modernes d’irrigation.

Les méthodes d’irrigation traditionnelles  se caractérisent par une faible efficience d’utilisation des eaux, et par conséquent, des pertes énormes, évaluées dans des études précédentes à près de 91 milliards de mètres cube par an à l’échelle des pays arabes. D’autre part, la plupart des terres irriguées par ce système connaissent des problèmes de drainage agricole, ce qui réduit leur productivité.

Pour contrecarrer cette problématique, les pays arabes se sont orientés beaucoup plus vers les techniques modernes d’irrigation, caractérisées par une efficience d’utilisation des eaux plus élevée, mais certaines difficultés d’ordre financier, technique ou social empêchent ce changement en égard à l’étendue de la superficie, au morcellement des terres et le niveau de conscientisation de l’agriculteur qui reste réticent aux techniques modernes. De ce fait, le choix inévitable, à moyen et même à long terme consiste à élever l’efficience de ces systèmes traditionnels à travers leur développement et leur amélioration.

L’importance de cette étude réside dans la mise en évidence des possibilités de développement de ces méthodes traditionnelles vers une meilleure rationalité d’utilisation des eaux –sources très rares dans la région arabe- conduisant à une meilleure rentabilité des projets. C’est la raison pour laquelle l’OADA a jugé utile d’inclure dans son programme d’action 2002 cette étude prospective sur les méthodes de développement de l’irrigation gravitaire et du drainage dans les pays arabes. Les objectifs assignés à cette étude sont les suivants :

* Evaluation des méthodes d’irrigation et de drainage existantes dans la région arabe.

* Création d’une base de données récente et précise sur l’irrigation gravitaire et le drainage dans les Pays arabes.

* Détermination des méthodes et des domaines de développement de l’irrigation gravitaire et du Drainage.

* Diffusion des connaissances, des expertises et des expériences arabes et internationales réussies dans le domaine de développement de ces techniques.

* Renforcement de la coopération et de la coordination arabes dans ce domaine.

Pour étoffer l’étude par des données et des programmes récents, l’OADA a choisi sept pays ayant une expérience prouvée dans le domaine de l’irrigation gravitaire et du drainage (Jordanie, Algérie, Soudan, Syrie, Irak, Egypte et Maroc) et a confié les études de cas à des experts locaux et qui ont constitué la base de cette étude prospective régionale.

Constituée de quatre chapitres dont le premier met en évidence l’importance qui devrait être accordée au développement de l’irrigation gravitaire et du drainage. Il est évident que dans la région arabe, les  précipitations météoriques connaissent des nuances très marquées et une variabilité très importante d’une saison à une autre. Le volume des quantités précipitées est de l’ordre de 2283 milliards de mètres cube par an en moyenne, alors que la superficie agricole utile conduite en pluvial ne dépasse pas les 18% de l’ensemble de la superficie totale, et c’est cette tranche, qui reçoit plus de 300mm par an, et qui assure la perrénité de l’agriculture pluviale, et constitue, en même temps, les zones essentielles de production d’aliments pour les pays arabes. Le chapitre a développé également l’importance relative de l’agriculture irriguée dans le monde arabe, et a mis en relief les grandes nuances sur cet aspect (100 %  d’agriculture irriguée à Djibouti  et près de 4.7%  uniquement en Somalie). En termes de chiffres, la part de l’importance relative de l’agriculture irriguée dans le monde arabe est de l’ordre de 22%, car la superficie agricole utile représente environ 69 millions d’hectares dont 15 millions d’hectares en irrigué.

Le chapitre a relaté les modes courants d’irrigation gravitaire dans les pays arabes et a défini le système gravitaire comme étant la submersion totale ou partielle  des sols pour satisfaire les besoins en eau des plantes. Les différents modes les plus répandus dans le monde arabe sont lq submersion par les eaux des crues, tel est le cas de l’Egypte, l’Irak et le Soudan ; l’irrigation par bassins, par sillons et par infiltration à la raie.

Le chapitre a relaté les avantages de l’irrigation gravitaire et qui peuvent se résumer au coût très réduit d’investissement, l’expérience et les connaissances héritées depuis très longtemps, mais surtout, la facilité de modification, de développement et de gestion et sa convenance particulière à toutes les spéculations. Les inconvénients du système d’irrigation gravitaire concernent, tout particulièrement, la faiblesse de l’efficience d’utilisation des eaux d’irrigation, mais aussi la nécessité de planage des terres ainsi que les pertes de terres à travers les canaux d’irrigation et de drainage, tout comme la création d’un de environnement propice aux maladies.

Après avoir défini les justifications et la nécessité de développer ce système, eu égard à son extension sur la plupart des terres irriguées et sa faible efficience d’utilisation des eaux, le chapitre a mis en évidence les contraintes qui empêchent ce développement et qui concernent, tout particulièrement la faiblesse des activités de vulgarisation et de sensibilisation, l’incapacité de l’agriculteur arabe à assimiler l’évolution vers d’autres systèmes plus performants, l’absence de recherche ainsi que la multitude d’instances ayant en charge la responsabilité de développer l’irrigation dans les pays arabes. Les contraintes d’ordre technique se rapportent essentiellement à l’absence de programmes de développement de ce système basés sur des recherches opérationnelles afin d’adapter les meilleurs modes possibles, ainsi que le manque de données et d’informations sur toutes les formes de pertes et leurs causes. Les contraintes économiques se résument, en premier lieu, à la baisse du coût de la mise à la disposition de l’agriculteur des eaux d’irrigation, et la plupart des pays arabes soutiennent ce coût, en plus du morcellement des terres et l’absence de financement pour les programmes de développement.

D’autre part, le chapitre a mis en relief la double importance du drainage agricole traduite essentiellement par l’élimination des eaux excédentaires et nuisibles pour les plantes, mais aussi la possibilité de les utiliser selon des normes connues ou préalablement établis. Les méthodes de drainage en usage dans le monde arabe englobent le drainage par fossés ouverts, le drainage enterré, alors que le drainage vertical ayant pour principe le pompage des eaux à partir d’un réseau de puits pour rabaisser le niveau de la nappe au niveau voulu n’est pas très répandu dans les pays arabes. Les contraintes au développement du drainage agricole sont similaires à celles énoncées précédemment pour le développement de l’irrigation gravitaire.

Le deuxième chapitre disserte sur les possibilités de développement de l’irrigation gravitaire et du drainage d’une manière générale, et qui ne peut y aboutir sans le lien inéluctable entre le critère  économique et l’importance de réduire la demande sur l’eau en augmentant l’efficience d’utilisation. L’itinéraire technique de développement englobe la phase de transport et de distribution des eaux, où dans la plupart des pays arabes la pratique de l’irrigation gravitaire par canaux à ciel ouvert est la plus répandue et qui est la plus déficiente. L’utilisation des tuyaux pour assurer le transport de l’eau est la première phase de développement, tout comme le compactage des cavaliers et l’utilisation de moyens plus adéquats pour l’entretien et la maintenance des canaux. Le contrôle du réseau de transport et de distribution est un des éléments essentiels de développement des techniques d’irrigation gravitaire, en utilisant les systèmes de communication modernes ou des mécanismes de commande selon l’offre et non selon la demande comme c’est dans la plupart des cas à l’heure actuelle. Il y a également les systèmes de commande automatique qui contrôle le débit des pompes selon la demande à l’aide du contrôle à distance par les moyens de télécommunication modernes.

Au niveau de l’irrigation à la parcelle, les possibilités de développement peuvent inclure la diminution du niveau de submersion en utilisant les systèmes d’irrigation par infiltration par sillons ou à la raie avec un pilotage des irrigations basé sur les fréquences des arrosages et l’utilisation des débits discontinus. Le développement sur le plan administratif et institutionnel englobe le concept de gestion d’une manière générale avec comme composantes la gestion intégrée des eaux, l’approche participative et globale. Les aspects juridiques, législatifs et politiques nécessaires pour le développement de l’irrigation gravitaire et le drainage consistent à mettre en évidence une tarification appropriée pour les eaux, en plus des politiques de rationalisation de l’usage des eaux d’irrigation. Sur le plan de la vulgarisation et de la sensibilisation, le facteur humain est un des paramètres les plus importants pour la valorisation et la rationalisation des eaux. Il y a absolument nécessité de sensibiliser l’agriculteur à la rareté de la ressource et les problème q’elle rencontre, et comment les surmonter en élevant l’efficience d’usage, à travers des cycles de formation et des programmes éducatifs et culturels.

Le troisième chapitre relate les expériences des pays arabes dans le domaine du développement de l’irrigation gravitaire et du drainage, notamment le Maroc, le Soudan l’Egypte, l’Algérie, la Jordanie la Syrie et l’Irak, pays qui ont un poids relativement élevé dans le domaine. Les modèles de développement de ces pays ont été développés, tout comme les problèmes et les contraintes rencontrés et qui sont similaires, et concernent, tout particulièrement, le manque de recherche, l’absence ou l’inadaptation des lois et règlements régissant l’usage de l’eau, la multitude d’institutions publiques oeuvrant dans le domaine du développement, la faiblesse des circuits de perfectionnement et la promotion des cadres techniques, le morcellement des terres agricoles et bien entendu la régression des revenus agricoles d’une manière générale. Le chapitre met en relief également l’expérience française dans le Moyen Orient durant la période 1990-1999, et qui a porté essentiellement sur le renforcement du contrôle de la gestion de l’eau d’irrigation, le recueil et l’analyse des données, l’amélioration du niveau de coopération sous régional dans ce domaine, l’augmentation du prix de l’eau, la promotion de l’usage des eaux non conventionnelles (eaux usées et eaux de drainage) tout en assurant des programmes de financement et d’investissement. L’expérience française a été testée  en Jordanie, en  Syrie et dans le Secteur de Ghaza en Palestine. Certaines expériences internationales ont été également développées, notamment celles de l’Espagne, la Hongrie et la Roumanie.

Enfin, le quatrième chapitre développe les principaux caractères d’une vision pour développer l’irrigation gravitaire et le drainage agricole. Les principaux axes d’intervention de cette vision arabe commune se résument à la promotion des ressources en eau et leur gestion, les lois et les règlements des eaux, les systèmes institutionnels, la sensibilisation, la participation de plus en plus dynamique du secteur privé, le financement et l’investissement, la recherche scientifique la participation active des bénéficiaires à toutes les phases du projet, particulièrement la maintenance et le fonctionnement,et enfin l’élévation de l’efficience de l’usage.

Le chapitre a conclu par certaines recommandations qui sont les suivantes :

* Il y a des obligations économiques, sociales, environnementales et urgentes pour développer l’irrigation gravitaire et le drainage dans les pays arabes.

*  Lors de l’étude, de la planification et l’exécution des projets d’irrigation modernes, il est nécessaire de limiter l’extension des projets d’irrigation gravitaire traditionnelle.

* Il est primordial pour chaque pays arabe de mettre en œuvre une stratégie intégrée, claire et exécutable pour les secteur de l’irrigation et le drainage, et qui peut, dans une certaine mesure, constituer un noyau pour une stratégie arabe globale.

* Les politiques des eaux, de l’irrigation gravitaire et du drainage doivent inclure des orientations insistant sur la coopération étroite entre les pays arabes et l’échange des expertises pour promouvoir l’efficience de gestion de l’irrigation gravitaire et du drainage.

* Il est impératif d’allouer les eaux d’irrigation selon les besoins réels des plantes en conformité avec le climat, la superficie irriguée et les caractéristiques physico-chimiques du sol.

* Il est utile d’assurer un service de vulgarisation performant sur l’irrigation gravitaire.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فريق الدراسـة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فريق الدراسة

 

 

 

 

أ- خبراء المنظمة :

مشرفاً

-  الدكتور عبد الوهاب بلوم

مدير إدارة الموارد الطبيعية والبيئة

المنظمة العربية للتنمية الزراعية

رئيساً

-  المهندس عصام مصطفى

خبير بإدارة الموارد الطبيعية والبيئة

المنظمة العربية للتنمية الزراعية

عضواً

-  الدكتور المصطفى الضرفاوي

خبير بإدارة الموارد الطبيعية والبيئة

المنظمة العربية للتنمية الزراعية

عضواً

-  المهندس خليل عبد الحميد سليمان أبو عفيفة

مساعد خبير بإدارة الموارد الطبيعية والبيئة

المنظمة العربية للتنمية الزراعية

 

 

 

ب- خبراء من خارج المنظمة :

عضواً

-  الدكتور طلعت سفر

جامعة حلب

الجمهورية العربية السورية

عضواً

-  المهندس نايف سعد سدر

سلطة وادي الأردن

المملكة الأردنية الهاشمية

 

 

 

 

 

دراسة سبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية

تقـديم

 

 

إن ما تمثله الموارد المائية من أهمية محورية للزراعة العربية ، وبخاصة على ضوء الندرة النسبية لهذه الموارد ، إنما يدعو إلى توجيه الاهتمام المناسب للتحليل والدراسة والبحث في كافة القضايا والجوانب التي من شأنها أن تساهم في تنمية وصيانة تلك الموارد ، وتحقيق أقصى مستويات  ممكنة  من الترشيد وكفاءة الاستخدام .

         إن من أعظم التحديات التي تواجه المنطقة العربية هو وقوعها في أكثر مناطق العالم جفافاً،  مما أدى إلى تدني مصادرها المائية ، فبكل المقاييس العالمية تعتبر المنطقة العربية الأقل نصيباً من المياه . من جهة أخرى فإن هذا المناخ قد فرض واقعاً حتمياً يتمثل في تدني نسبة الأراضي التي يمكن استزراعها بالأمطار ، وبالرغم من أن جملة هطول الأمطار على المنطقة العربية تقدر بحوالي 2282 مليار متر مكعب سنوياً إلا أن 18% فقط من الأراضي العربية والتي تزيد فيها معدلات الهطول عن 300 ملم هى المؤهلة لزراعات مطرية ، مما يعني حتمية الري بباقي الأراضي لضمان زراعة مستقرة.

        لقد قامت المنظمة العربية للتنمية الزراعية خلال السنوات الماضية بدراسات وأنشطة مختلفة  في مجال حسن وترشيد استخدام المياه في الزراعة المروية شملت تعزيز استخدام طرق الري الحديثة وتطوير الري الحقلي واستخدام الرصد الجوي الزراعي في رفع كفاءة الاستخدام . 

         من خلال هذه الدراسة  تواصل المنظمة جهودها في هذا المجال بتسليط الضوء على موقف الري السطحي والصرف بالدول العربية ، حيث أن ما نسبته 85% من الأراضي المروية تستخدم هذا النظام الذي يتسم بتدني كفاءته ، وقد أوضحت الدراسات السابقة للمنظمة بأن كفاءة الري السطحي الكلية بالدول العربية هى أقل من 40% مما يعني فواقد مائية سنوية تقدر بحوالي 91 مليار متر مكعب.

         إن معظم مشاريع الري القائمة حالياً في الوطن العربي قد شيدت في حقبة زمنية لم يتم فيها التقدير المناسب لندرة المياه ، كما أن هذه المشاريع لم تشهد التطور والتحديث وإعادة التأهيل اللازمة لمواكبة التقنيات الحديثة ومواجهة ما يكتنفها من تحديات ومشاكل ومعوقات بسبب ندرة المياه .

ولهذه الأسباب مجتمعة فقد برز اتجاه قوي في الدول العربية  بتحويل الري السطحي إلى ري حديث ، إلا أنه نسبة لإتساع هـذا الاسلوب وارتفـاع تكلفة التمويل وتفتت مساحات الحيازات الزراعية فقـد تكـون هناك صعوبات فنية واقتصادية واجتماعية للقيام بالتحويل الكامل من  نظام  الري السطحي إلى طرق الري  الحديثة ، لهذا فقد ارتأت المنظمة العربية للتنمية الزراعية أن تقوم بإعداد دراسة سبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية .

أوضحت الدراسة أن هناك امكانيات حقيقية ومتاحة للتطوير ورفع كفاءة استخدام المياه بإدخال الأساليب الحديثة والمتطورة في نقل وتوزيع المياه ورصد ومتابعة والتحكم في عمليات الري الحقلي ، إضافة إلى إمكانية أتمتة جوانب عديدة من شبكة الري والصرف .

لقد إستعانت المنظمة في إعداد هذه الدراسة بنخبة من الخبراء العرب المتميزين منهم من كلف بإعداد دراسات حالات الري لبعض الدول ومنهم من أنيطت بهم إعداد هذه الدراسة الشاملة .

والمنظمة تقدر وتشيد بهذه الجهود العربية لخدمة قضية عربية ملحة ، وترجو أن تكون هذه الدراسة مساهمة منها في مجال تطوير هذا القطاع الهام في الدول العربية .

 

والله الموفق .

 

 

                                                                               الدكتور سالم اللوزي

                                                                                     المدير العام

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحتـويات

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحتويات

 

                                                                                      رقم الصفحة

تقديم

1

المحتويات

4

ملخص الدراسة

7

 

 

الباب الأول  :  الأهمية النسبية لتطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية :

 

13

1-1  الأهمية النسبية للري في الدول العربية

13

1-2  الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية

15

1-3  أساليب الري السطحي المستخدمة في الدول العربية

15

1-4  ضرورة ومبررات تطوير الري السطحي في الدول العربية

25

1-5  المعوقات والمشاكل الرئيسية التي تواجه تحسين كفاءة الري السطحي في الدول العربية

 

28

1-6  الأهمية النسبية للصرف الزراعي

31

1-7  أساليب الصرف الزراعي السائدة في الدول العربية

32

1-8  ضرورة ومبررات الصرف الزراعي

33

1-9  أهمية تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية

38

1-10 المعوقات والمشاكل التي تواجه تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية

38

 

 

الباب الثاني :  مجالات تطوير الري السطحي والصرف :

41

2-1  تمهيد

41

2-2  المجال التقني

41

2-3  المجال الإداري والمؤسسي

48

2-4  المجال القانوني والتشريعي والسياسات

51

2-5  المجال الاجتماعي والارشادي والتوعية

62

 

 

الباب الثالث :  التجارب العربية والعالمية في مجال تطوير الري السطحي والصرف :

 

65

3-1  مقدمة

65

3-2  التجارب العربية في تطوير الري السطحي والصرف

65

3-3  التجارب العالمية في تطوير الري السطحي والصرف

94

3-4  التحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف بصفة عامة وسبل تخطيها

100

 

 

الباب الرابع : الرؤية العربية المستقبلية لتطوير الري السطحي والصرف :

111

4-1  خلفية

111

4-2  أهمية الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف

112

 

 

 

4-3  أهداف استراتيجية تطوير وتحسين اداء الري السطحي والصرف في الدول العربية

 

113

4-4  محاور الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف

114

4-5  الموجهات والخطوط العريضة للرؤية العربية لاستراتيجية تطوير الري السطحي والصرف

 

115

4-6  مكونات الاستراتيجية العربية المقترحة لتطوير الري السطحي والصرف

116

4-7  أساليب استقطاب التمويل اللازم لتنفيذ البرامج القطرية والمتطلبات القومية المشتركة من الاستراتيجية

 

132

 

 

المراجع

136

الملخص الانجليزي

139

الملخص الفرنسي

145

فريق الدراسة

152

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملخص الدراسـة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملخص الدراسة

 

 

 

تكوّن دراسة سبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية إحدى أنشطة المنظمة العربية للتنمية الزراعية ضمن خطة عملها لعام 2002 في مجال الموارد الطبيعية والبيئة .

تهدف هذه الدراسة إلى مواجهة التحديات التي تجابه الزراعة العربية ، حيث يعتبر الاستخدام الواسع للري السطحي فـي الزراعة المروية العربية تحدياً كبيراً لهذا القطاع الهام في الاقتصاد العربي.

يتمدد الري السطحي على ما يربو من 85% من الأراضي المروية بالوطن العربي ويرجع انشاء بعض مشاريع الري السطحي إلى سنوات عديدة خلت ، حيث كانت هذه السبل هى الأفضل ، كما أنشئ بعضها حديثاً بسبب انخفاض تكاليف انشاءها مقارنة بالطرق الحديثة للري .

تتسم هذه الطرق التقليدية للري بتدني كفاءة استخدام المياه وبالتالي فهناك فواقد مائية كبيرة قدرت في دراسات سابقة للمنظمة بحوالي 91 مليار متر مكعب سنوياً على نطاق الدول العربية ، كما ان العديد من هذه الأراضي المروية تواجه مشاكل صرف زراعي تحد من انتاجيتها .

ولمواجهة هذه المشكلة فقد تزايدت توجهات الدول العربية نحو استخدام طرق الري الحديثة ذات الكفاءة الأعلى في استخدام المياه وخاصة  في المشاريع الجديدة . ولكن هناك صعوبات مالية وفنية واجتماعية في تحويل الري السطحي بالدول العربية إلى ري حديث نسبة لإتساع الرقعة المروية وتفتت الحيازات ومستوى المزارع الذهني والمادي الذي قد لا يستوعب بسهولة طرق الري الحديثة .

لذلك فان الخيار الآخر هو العمل على رفع كفاءة هذه الطرق بادخال ما يمكن من تطوير وتحسين في مجال الري والصرف .

ومن هذا المنطلق تأتي أهمية اعداد دراسة لاستعراض سبل تطوير هذه النظم التقليدية دون الحاجة لاستبدالها إلى ري حديث من أجل ترشيد استخدام المياه ، هذه المادة النادرة في المنطقة العربية، والعمـل على زيادة العوائـد وتحسين اقتصاديات المشاريع التي تستخدم الري السطحي بالدول العربية.

ولهذا فقد ارتأت المنظمة العربية للتنمية الزراعية تضمين خطة عملها لعام 2002 اعداد دراسة استطلاعية حول سبل تطوير الري السطحي والصرف علها تكون مرشداً للدول العربية في هذا المجال، وقد حددت أهداف هذه الدراسة على النحو التالي :

-  تقييم طرق الري السطحي والصرف السائدة في المنطقة العربية .

-  إنشاء قاعدة معلومات حديثة ودقيقة عن الري السطحي والصرف بالدول العربية .

-  تحديد سبل ومجالات تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية .

-  نشر الخبرات والمعارف والتجارب العربية والعالمية الناجحة في مجال تطوير الري السطحي والصرف لتعميم الفائدة بين الدول العربية .

-  تعزيز التعاون والتنسيق العربي في مجال تطوير الري السطحي والصرف .

ومن أجل اثراء الدراسة بتوفير معلومات وبيانات وبرامج حديثة لتطوير الري السطحي في الدول العربية فقد اختارت المنظمة سبعة دول ذات تجربة عريضة في مجال الري السطحي ، وهى الأردن الجزائر السودان سوريا العراق مصر المغرب ، وكلفت خبراء من ذوي المعرفة والدراية والخبرة من هذه الدول لاعداد دراسة حالات لتطوير سبل الري السطحي بها . كما تم تكليف فريق عربي لاعداد هذه الدراسة الاستطلاعية الشاملة لسبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية.

تقع هذه الدراسة في أربعة أبواب حيث أهتم الباب الأول بأهمية تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية .

وقد تم توضيح التفاوت الكبير في معدلات الهطول المطري في المنطقة العربية والتذبذب من موسم إلى موسم ، مما يقلل من الاعتماد عليها ، وخلص إلى أن من جملة حجم الهطول المطري على الدول العربية والذي يبلغ حوالى 2283 مليار متر مكعب في السنة ، بينما المساحة الصالحة للزراعة المطرية لا تتعدى 18% من جملة مساحة الدول العربية ، وهى الاراضي ذات معدلات هطول تزيد عن 300 ملم في السنة وهى المؤهلة لاستدامة الزراعة المطرية والمناطق الأساسية لانتاج الغذاء في الدول العربية .

ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الري في الدول العربية لتأمين الغذاء والكساء وتوفير قاعدة اقتصادية قوية .

استعرض الباب أيضاً الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية وأوضح أنها تتفاوت بين 100% في دول مثل جيبوتي حيث لا توجد زراعات مطرية إلى حوالي 4.7% في دول مثل الصومال حيث الاعتماد الأكبر على الزراعة المطرية . وتشير التحليلات بأن متوسط الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية هىفي حدود  22.0% إذ أن جملة الأراضي المزروعة فيها تبلغ حوالي 69 مليون هكتار منها 15 مليون هكتار مروية .

ان هذا السرد حول ضرورة الري بالاضافة إلى الإنتاجية العالية للزراعة المروية مقارنة بالزراعة المطرية وثبات هذه الإنتاجية يوضح بجلاء الأهمية النسبية الكبرى للزراعة المروية العربية .

كما تطرق الباب لأساليب الري السطحي السائدة في الدول العربية وبين أن التعريف العام للري السطحي هو الاغمار الكلي أو الجزئي للأرض بالمياه لتوفير حاجة المحاصيل الزراعية ، وانطلاقاً من هذا  المفهوم فان أساليب الري السطحي في الدول العربية شملت ما يلي :

*  الري الفيضي  :  وهـو الأكثر انتشاراً في مصر والسودان والعراق وخاصة عند مصبات الأنهر الموسمية حيث يغمر الفيضان السهول المنخفضة والتي يتم زراعتها بعد انحسار الفيضان .

*  الري بالشرائح :  وهو تقسيم الأراضى إلى شرائح مسطحة او منحدر يكون انحداره منتظماً أو شرائح توجه فيها المياه للجزء الأعلى من الشريحة  ثم تنحدر على باقي الأرض حسب الانحدار الطبيعي للأرض .

* الري بالأحواض :  وهو الأكثر انتشاراً في العالم العربي حيث توزع الأرض على أحواض تملأ بالماء ، ولذلك فلابد أن يكون كل حوض مستوي القاع تماماً.

*  الري بالخطوط (الاخاديد) : وهو الأسلوب الذي أصبح الآن أكثر انتشاراً لفوائده العديدة وأهمـها ارتفاع كفاءة استخدام المياه مقارنة بالأساليب الأخـرى.

استعرض الباب بعد ذلك محاسن ومساوئ الري  السطحي حيث تنحصر محاسنه في قلة التكلفة الانشائية وتوفير الخبرة والمعرفة المتوارثة عنه في الدول العربية والحاجة للعمالة مما يوفر فرص عمل واسعة وقابليته للتعديل والتطوير وسهولة إدارته  وصلاحيته لكل أنواع المحاصيل الحقلية والبستانية والغابية .

أما مساوئ الري السطحي فهى تتلخص أساساً في تدني كفاءة استخدامه للمياه والحاجة لدرجة عالية من التسوية والتسطيح واقتطاع جزء مقدر من الأرض لإنشاء القنوات والكتوف ومحابس المياه الحقلية وخلقه لبيئة غير مواتيه حول المشاريع مما قد يساعد على انتشار الأمراض .

وقد أوضح الباب الأول مبررات تطوير الري السطحي في الدول العربية والتي تشمل التوسع الكبير للري السطحي من حيث المساحة وارتفاع استخدام المياه بالزراعة وتدني الكفاءة . أما المعوقات التي تواجه تطوير الري السطحي في الدول العربية فهى ضعف الارشاد والتوعية بتدني كفاءة هذا الاسلوب من الري وضعف تأهيل المزارع العربي ليستوعب التغير وعدم ملائمة أسلوب الري السطحي للتحويل إلى ري حديث وندرة المؤسسات التعليمية وقلة البحوث وتعدد المؤسسات والجهات المسؤولة عن تطوير الري في الدول العربية .

تشمل أهم المعوقات الفنية عدم الإلمام بأساليب  تطوير الري في الدول العربية وخاصة من المزارعين وقلة المعلومات والرصد حول الفواقد المائية وأسبابها .

أما الأسباب الاقتصادية فأهمها انخفاض تكلفة اتاحة المياه للمزارع  حيث تدعم اغلب الدول هذه التكلفة ، وهناك تدني في العوائد من مشاريع الري مما يعيق توفير اعتمادات التطوير ، بالإضافة إلى تفتت وصغر الحيازات الذي يعد من عوائق التطوير إلى جانب ارتفاع تكاليفه وعدم وجود التمويل له .

من جهة أخرى فقد أوضح الباب أهمية الصرف الزراعي المزدوجة ، فهى تخلص الأرض من المياه الزائدة ، مما يرفع الإنتاجية كما أنها توفر مياه اضافية يمكن استخدامها في الري مرة أخرى بأسلوب علمي يأخذ في الاعتبار عدم تلوث هذه المياه .

تشمل أساليب الصرف المتبعة في الدول العربية الصرف السطحي المكشوف بواسطة شبكة صرف سطحية  تبدأ من الحقل حتى المصرف الرئيسي ، وهذا الأسلوب يعني بصرف مياه الري الزائدة سطحياً . أما الصرف شبه السطحي فيتم عبر شبكة أنابيب مغطاة أو مكشوفة لسحب المياه شبه السطحية من الحقل . أما الصرف الشاقولي والذي يعتبر الأقل انتشاراً في الدول العربية فهو عبارة عن شبكة أبار شبه سطحية تضخ منها المياه لتخفيض منسوب المياه بالحقل للحد المطلوب. وتبرز أهمية الصرف الزراعي في ارتفاع انتاجية الأرض بعد الصرف .

أما المعوقات التي تواجه تطوير الصرف الزراعي فهى  تماثل المعوقات التي تواجه تطوير الري السطحي في كثير من النواحي بالإضافة إلى عدم وجود الآليات اللازمة لتطوير الصرف الزراعي في الدول العربية .

شمل الباب الثاني استعراضاً لمجالات تطوير الري السطحي والصرف بصفة عامة ، وقد أوضح ان التطوير يجب أن يتسم بالربط بين المسألة الاقتصادية وأهمية الحد من الطلب على المياه برفع كفاءة الاستخدام وأساليب أخرى .

وقد بين الباب أن المجال التقني للتطوير يشمل مرحلة نقل وتوزيع المياه حيث يسود أسلوب القنوات المفتوحة في العالم العربي وهى معروفة بمشاكلها العديدة وتدني كفاءتها ، وأن استخدام الأنابيب يعتبر أول أساليب التطوير في هذا المجال ، بالاضافة إلى مندلة جسور القنوات واستخدام أساليب حديثة لصيانتها ونظافتها من الإطماء والأعشاب المائية . كما ان التحكم في شبكة النقل والتوزيع يعد من مجالات التطوير الحديثة الهامة ، ويمكن ان يتم ذلك باستخدام أساليب الاتصالات الحديثة او استخدام منظمات للتحكم حسب الطلب وليس حسب العرض كما هو الحال الآن ، وهناك وسائل أتمتة تدفق المضخات حسب الطلب والتحكم فيها بواسطة الاتصالات الحديثة عن بعد .

أما في مرحلة الري الحقلي فإن التطوير قد يشمل العمل على تخفيض منسوب الغمر باستخدام السرابات الطويلة والري بالشرائح ، كما أن برمجة الري على دفعات واستخدام التدفق المنقطع قد يكون أحد أساليب التطوير .

وقد يشمل التطور في المجال الإداري والمؤسسي تطوير مفهوم الإدارة بصفة عامـة واستخـدام الإدارة المتكاملة للمياه والمناهج الشمولية والتشاركية والاقتصاديـة .

وبالنسبة للمجال القانوني والتشريعي والسياسات لتطوير الري السطحي والصرف فيشمل وضع تعريفة لإتاحة المياه ، وقد حدد الباب الوسائل الحديثة لتحديد تكلفة إتاحة المياه للموارد المائية المختلفة ووفقاً للسياسات المتعددة للدول المعنية ، إضافة إلى سياسات حسن استخدام المياه .

أما المجال الاجتماعي والارشادي والتوعية فيشمل الارشاد والتوعية المائية بالمعوقات والمشاكل التي تواجه الموارد المائية وأهمية العمل على تخطيها برفع كفاءة استخدام المياه وارشاد الجمهور بالوسائل الممكنة لرفع كفاءة الاستخدام ، ويتم ذلك بالطرق الحديثة من دورات زراعية وبرامج تعليمية وتثقيفية .

استعرض الباب الثالث تجارب الدول العربية في مجال تطوير الري السطحي والتي شملت تجارب المغرب والسودان ، ومصر والجزائر والأردن والعراق ، وهى الدول ذات الوزن النسبي العالي في مجال الري السطحي في الدول العربية ، وتم توضيح بعض النماذج للتطوير بهذه الدول والمشاكل والمعوقات التي تواجه  التطوير وهى متشابهة في كثير من الأحوال متمثلة أساساً في نقص البحوث وعدم وجود التشريعات اللازمة وتعدد المؤسسات العامة في مجال التطوير وضعف وتأهيل الكوادر وتفتت المساحات المروية والتكلفة العالية للتطوير مع تدني عوائد الزراعة بصفة عامة .

وقد تم عرض التجربة الفرنسية في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة (1990-1999) في تطوير الري السطحي ، والتي شملت تعزيز مراقبة ضبط إدارة المياه ورصد البيانات وتحسين مستوى التعاون الاقليمي في هذا المجال مع زيادة رسوم المياه وتطوير استخدام الصرف الصحي والزراعي وإيجاد برامج للتمويل والاستثمار . وقد شملت التجربة كل من الأردن وسوريا وقطاع غزة .

وخلص الباب إلى استعراض بعض التجارب العالمية مثل اسبانيا وهنغاريا ورومانيا في مجال تطوير الري السطحي والصرف .

أهتم الباب الرابع بوضع الملامح الرئيسية للنظرة المستقبلية لتطوير الري السطحي بالدول العربية وأهم الخطوط العريضة لاستراتيجية عربية في مجالات  تنمية الموارد المائية وإدارتها والتشريعات المائية والنظم المؤسسية والتوعية المائية ومشاركة القطاع الخاص والتمويل والاستثمار والبحث العلمي والمشاركة الشعبية ورفع كفاءة الاستخدام .

وخلص الباب إلى الآتي :

-  هنالك ضرورات اقتصادية واجتماعية وتنموية وبيئية عاجلة لتطوير وتحسين الري السطحي في الدول العربية .

-  عند دراسة وتخطيط وتنفيذ مشاريع الري الجديدة يجب الأخذ بعين الاعتبار استخدام أساليب الري الحديثة والحد من التوسع في مشاريع الري السطحي التقليدية .

-  على كل دولة عربية وضع استراتيجية متكاملة واضحة المعالم قابلة للتطبيق لقطاعي الري والصرف لتكون نواة لاستراتيجية عربية شاملة .

-  من المفيد أن  تتضمن السياسات المائية والري السطحي والصرف في الدول بنوداً تنص على التعاون الوثيق بين الأقطار العربية ونقل الخبرات والتي من شأنها زيادة كفاءة إدارة الري والصرف .

-  العمل على تخصيص المياه في الزراعة حسب الاحتياجات الفعلية العلمية للمحاصيل وفقاً للمناخ والمساحة المروية وخواص التربة .

-  العمل على تقديم خدمات ارشادية حول الري السطحي بدءاً من مصادر المياه وانتهاءاً بجذور النبات .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الأول

 

الأهمية النسبية لتطوير الري السطحي

والصرف في الدول العربية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الأول

 

الأهمية النسبية لتطوير الري السطحي

والصرف في الدول العربية

 

 

  1-1 الأهمية النسبية للري في الدول العربية :

ان التعريف العام للري هو "إضافة المياه للتربة لزيادة نسبة الرطوبة فيها بما يوفي بمتطلبات المحاصيل المزروعة واستقرارها" ، وعليه وبناءاً على هذا التعريف فإن كمية مياه الري المضافة تعتمد اعتماداً كلياً على مستوى الهطول المطري في المنطقة المعنية بالإضافة إلى العوامل المناخية الأخرى . فالموازنة المائية في منطقة زراعية معينة هى عبارة عن الفرق بين الهطول المطري والمتطلبات المائية للمحاصيل والتي تتمثل في عامل البخر-نتح الكامن وهو عبارة عن المحصلة النهائية للعوامل المناخية المختلفة ، إلا ان الموازنة المائية بالمفهوم العلمي الدقيق تشمل عوامل أخرى أهمها التربة ونوعيتها ومدى امكانيتها في الحفاظ على الرطوبة ، بالاضافة إلى طبوغرافية الموقع .

ان الموازنة المائية في غالبية الدول العربية سالبة اى ان الهطول المطري المطري يقل كثيراً عن البخر-نتح الكامن، ويوضح  الجدول رقم (1-1) معدلات الهطول المطري في الدول العربية .

تتميز الأمطار فـي المنطقة العربية بالتذبذب حيث تتفاوت كميتها وكثافتها من عام لعام ومن موسم لموسم ، كما أن توزيعها الجغرافي متفاوت من بلد إلى آخر. ويبين الجدول رقم (1-1) أيضاً أن جملة الهطول المطري على المنطقة العربية تبلغ في المتوسط العام حوالى 2283 مليار متر مكعب سنوياً ولكن توزيعها غير متوازن .  تقدر المساحة التي تقل جملة الأمطار السنوية بها عن 100 ملم بحوالي 67% من مساحة الأراضي الاجمالية للدول العربية ، وتعتبر هذه الأراضي بطبيعة الحال غير مؤهلة لأى نوع مـن أنـواع الزراعة المطريـة وانما تصلح للرعـي مـع امكانية قيام مشاريع لحصاد المياه لتوفيرها للانسان والحيوان والمحافظة على الغطاء النباتي ومكافحة انجراف التربة. أما المساحة التي يتراوح فيها معدل الهطول المطري ما بين 100-300 ملم سنوياً فتقدر بحوالي 15% من أراضي الدول العربية ، ورغم ان جملة السقوط على هذه الأراضي يبلغ 436 مليار متر مكعب، بما يعادل 19% من جملة الهطول السنوي الكلي للدول العربية ، إلا أنها غير صالحة لزراعة مطرية مستقرة، إلا في حدود ضيقة لبعض المحاصيل سريعة النضج أو المقاومة للجفاف ، وتعتبر بذلك مناطق رعي طبيعية جيدة وتصلح لمشاريع حصاد المياه . أما مساحة الأراضي التي تعتبر مؤهلة لزراعات مطرية مستقرة فهى لا تتعدى نسبة 18% من مساحة الدول العربية ، وهى المناطق التي تزيد معدلات الهطول المطري السنوي بها عن 300 ملم . وتعتبر هذه المناطق هى المناطق الأساسية لإنتاج المحاصيل الغذائية الرئيسية في الدول العربية وهى بالتالي أكثر مناطق النشاط الزراعي التقليدي في الدول العربية .

 

 

جدول رقم (1-1)

معدل الهطول المطري في الوطن العربي بالمليار متر مكعب

 

 

القطر/الاقليم

معدل أقل من 100 ملم/سنة

معدل

100-300 ملم/سنة

معدل أكثر من 300 ملم/سنة

إجمالي الهطول بالمليار متر مكعب سنوياً (م م3)

الأردن

4.0

2.7

1.8

8.5

سوريا

0.6

25.4

26.8

52.7

العراق

4.7

54.5

40.7

99.9

فلسطين

001

1.2

6.8

8.0

لبنان

-

0.1

9.1

9.2

المشرق العربي

9.4

83.9

85.2

178.3

الامارات

1.1

1.3

-

2.4

البحرين

0.1

-

-

0.1

السعودية

89.5

24.7

12.7

126.8

عمان

5.4

7.6

1.9

15.0

قطر

0.1

-

-

0.1

الكويت

-

-

-

-

اليمن

7.0

30.8

29.4

67.2

شبه الجزيرة العربية

103.2

64.4

44.0

211.6

جيبوتي

0.9

2.6

0.5

4.0

السودان

41.7

76.5

976.2

1094.4

الصومال

6.6

38.7

145.3

190.6

مصر

11.1

4.1

-

15.3

الاقليم الأوسط

60.3

121.9

1122.0

1304.3

تونس

4.1

11.6

24.1

39.8

الجزائر

67.9

30.1

94.5

192.5

ليبيا

28.4

16.2

4.4

49.0

المغرب

29.2

34.1

86.7

150.0

موريتانيا

29.2

73.5

54.5

157.2

المغرب العربي

158.8

165.5

264.2

588.5

إجمالي الوطن العربي

331.7

435.7

1515.4

2282.7

 

المصدر :  دراسة السياسات العامة لاستخدام موارد المياه في الزراعة العربية (1994) .

 

 

 

 

من هذا السرد يتضح أن حوالى 82% من الأراضي العربية غير مؤهلة لزراعات مطرية مستقرة وبالتالي فان الزراعة في هذه الأراضي لابد ان تعتمد على الري الصناعي ، كما ان أي زراعات مكثفة في بقية الأراضي ذات الهطول المطري الذي يزيد عن 300 مليمتر في السنة غير ممكنة نظراً لانحصار موسم الأمطار في جزء يسير من السنة ، وأن المتطلبات المائية للمحاصيل المكثفة تفوق معدلات الهطول في موسم الأمطار في كثير من هذه الأراضي ، وهذا يوضح بجلاء الأهمية النسبية العالية للري في الدول العربية .

1-2  الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية :

يلعب القطاع المروي في الدول العربية دوراً هاماً للغاية ، حيث يعتمد إنتاج الحبوب في أغلب الدول العربية على هذا القطاع الرائد والهام . وتتبع أهمية هذا القطاع من الموقف المناخي بالدول العربية كما ذكر سابقاً ، حيث أن 18% فقط من الأراضي العربية تزيد من معدلات الهطول المطري فيها عن 300 ، وعليه فبقية الأراضي لا يمكن انتاج محاصيل إلا من خلال الري الصناعي .

تشير المعلومات والبيانات المتاحة والموضحة بالجدول رقم (1-2) بأن الأهمية النسبية للري بالدول العربية تتفاوت من أقل من 5% في الصومال  إلى 100% في جيبوتي والبحرين ، حيث لا توجد زراعة مطرية في حين أنها تزيد عن 50% في سبعة دول مما يوضح الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية

1-3  أساليب الري السطحي المستخدمة في الدول العربية :

ان التعريف العام للري السطحي هو "الغمر الكلي أو الجزئي للأرض بالمياه لتوفير حاجة المحاصيل الزراعية" . وتعتمد نسبة الغمر على الأسلوب المتبع في الري السطحي كما سيرد لاحقاً .

1-3-1  كيفية الري :

تتفاوت نسبة الغمر على حسب نوع الري السطحي كما يلي :

أ-  غمر كلي كما في الري الفيضي والري بالشرائح والري بالأحواض .

ب-غمر جزئي كما في الري بالخطوط (الأخاديد) .

تحدد الفترة الزمنية التي يقضيها الماء على سطح التربة كمية الماء المتسربة لداخل التربة حسب معدل نفاذيتها وسعتها التخزينية . تؤدي إطالة الفترة الزمنية لبقاء الماء على سطح التربة لنفاذ كمية مياه تفوق سعة التربة التخزينية وينتج عنه تسرب الماء لأبعد جزء من التربة المستنفذ بواسطة جذور النبات مما يعتبر هدر لمياه الري.

يقتضي تجهيز الارض للري السطحي تقسيمها الى وحدات مساحة تأخذ في الاعتبار نوعية وتجانس التربة والانحدار ومعدل الصرف وذلك سعياً لإضافة ري متساوي (uniform) بقدر الإمكان . اعتماداً على معدل نفاذية التربة وحجم الصرف الداخل للمساحة المروية تتم عملية ري التربة وفق ثلاثة مراحل زمنية كما يلي :

 

 

 

جدول رقم (1-2)

الأهمية النسبية للزراعة المروية على المستوى

القطري والقومي في الدول العربية لعام 1996

 

                                                                                                      المساحة : ألف هكتار

 

 

الدولة

 

الرقعة المزروعة

 

المساحة المروية

الأهمية النسبية للزراعة المروية على المستوى القطري %

الأهمية النسبية للزراعة على المستوى القومي %

 

مساهمة

الزراعة في

الناتج المحلي

 

مساهمة الزراعة في استقطاب العمالة

 

نسبة

الاكتفاء

الذاتي

من الحبوب

%

 

 

المساحة المزروعة 

 

المساحة المروية

الأردن

381.73

77.00

20.0

0.56

0.52

5.5

5.1

4.9

الامارات

1251.1

67.0

53.5

0.18

0.45

2.7

7.8

0.08

البحرين

5.36

5.3

100

0.01

0.04

1.6

2.3

-

تونس

5400.55

355.0

6.6

7.86

2.41

15.5

30.4

61.9

الجزائر

8081.00

500.0

6.2

11.76

3.39

11.4

25

54.9

جيبوتي

0.674

0.674

100

0.001

0.005

2.6

-

-

السعودية

4294.09

1600.0

37.3

6.25

10.86

6.6

147

70.2

السودان

16871.82

1950.0

11.5

24.56

13.24

35.4

77.4

92.7

سوريا

6121.00

1247.0

20.4

8.91

8.46

28.1

22.4

105.3

الصومال

1059.59

50.0

4.7

1.54

0.34

-

67.0

45.6

العراق

6721.00

3600.0

53.6

9.78

24.43

31.0

26.5

54.5

عمان

106.00

61.6

58.1

0.15

0.42

-

20.0

5.3

فلسطين

185.51

12.0

6.5

0.27

0.08

3.0

14.1

-

قطر

17.97

8.8

49.1

0.03

0.06

1.0

-

4.0

الكويت

8.37

4.8

57.3

0.01

0.03

0.4

2.8

0.2

لبنان

462.96

87.5

18.9

0.67

0.59

7.8

6.4

10.1

ليبيا

2365.99

395.0

16.7

3.44

2.68

7.7

20.5

14.6

مصر

4149.49

3280.0

79

6.04

22.26

16.7

31.0

68.2

المغرب

10028.30

1364.0

10

14.60

6.81

20.4

32.9

78.2

موريتانيا

547.10

47.0

8.6

0.80

0.32

26.4

60.5

51.1

اليمن

1755.3

383.0

21.8

2.56

2.6

17.2

52.8

24.4

الجملة

68688.63

15095.74

22.5

100

100

13.3

34.8

53

 

المصدر : المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة أساليب سياسات استرداد تكلفة اتاحة مياه الري في الدول العربية ، 1999 .

 

 

 

 

أ-  فترة تقدم الماء داخل الوحدة وتبدأ من مدخل الري وحتى وصول الماء لنهاية الوحدة المروية.

ب- فترة بلل أو ترطيب التربة وتعرف بالفترة الرئيسية للري حيث أن الماء يلامس كل مساحة الوحدة المروية وبالتالي يصبح نافذاً بكل المساحة . تستمر هذه الفترة حتى قفل الماء (الصرف) الداخل للحقل .

ج- فترة انحسار الماء وتعني الفترة الزمنية بين إيقاف الصرف وحتى تساوي سطح الماء على طول الوحدة المروية .

يختلف الزمن الكلي اللازم لنفاذ الماء بالتربة حسب طول الوحدة مما يؤدي إلى اختلاف وتباين في كمية المياه النافذة بالتربة ، ويكون كبيراً في أول الحقل ويقل كلما تقدم الماء صوب النهاية . في بعض الأحيان وعندما تكون الأرض  اكثر انحداراً وحسب مقدار التصرف الداخل للحقل تتجمع المياه في نهاية الوحدة وتبقى على السطح لفترة أطول مما ينتج عنه تسرب لأعماق التربة في نهاية  الحقل أو جريان سطحي لخارجه ، وهذا يعني هدراً للمياه وتقليلاً لكفاءة الري الحقلي.

يصعب على مستوى الحقل تساوي الزمن الكلي لنفاذ الماء بالتربة ولكن يمكن تقليل الفارق الزمني على طول الحقل المروي بالآتي :

-  اختيار اطوال حقلية توفق بين إمكانية تحسين توزيع مياه الري دون اعاقة للعمليات الزراعية الأخرى (Optimum length of run) .

-  إدخال معدل صرف عال حتى يتمكن الماء من الوصول لنهاية الوحدة بسرعة لا تؤدي لتباين كبير فـي كمية مياه الري . الصرف المعني يجب أن يأخذ فـي الاعتبار قابلية التربة للتعرية.

-  قفل التدفق قبل وصول الماء لنهاية الحقل تجنباً لتراكمه في النهاية وتفادياً للجريان السطحي (Cutback concept)  .

1-3-2  الري الفيضي Flood Irrigation :

تعتبر الأنهار والاودية والخيران مصارف طبيعية لنقل تجمع مياه الأمطار من الهضاب والمرتفعات الى مصباتها في البحار والبحيرات والمنخفضات الأخرى . إن تجمع مياه الأمطار في ذروتها قد تفوق سعة هذه المجاري فتفيض وتغمر الأراضي الزراعية في المنخفضات المجاورة أو تلك التي على مشارف مصباتها في الأنهار المستدامة  ذات  المجرى المتواصل  من  المنبع  الى  المصب كنهر النيل في السودان ومصر ونهرى دجلة والفرات بسوريا والعراق . أما بالنسبة للأنهار الموسمية فإن مجاريها ربما تنتهي بأراض منخفضة ومنبسطة بمساحة كبيرة تستوعب مياه فيضانها فتنتشر على سطح التربة قبل الوصول إلى مصب مائي ، وتبقى هذه الأراضي مغمورة بالمياه فتتشبع بالرطوبة بالقدر الذي يمكن من إنتاج المحاصيل الزراعية .

في بعض المناطق وعندما تبدأ مياه الفيضان  بالرجوع الى المجرى الطبيعي للنهر يتم قفل مداخلها لتبقى بالمنخفضات أطول فترة ممكنة وذلك لزيادة كمية الماء النافذة بالتربة . توجه  مياه  الفيضان  عبر  مداخل  معلومة بالأراضي المنخفضة وقفل هذه المداخل عند نهاية فترة الفيضان ، وتعتبر هذه صورة متقدمة للري الفيضي التقليدي .

عقب  الفيضان  ورجوع الماء للمجرى الرئيسي للنهر يترسب الغرين والطمى في المنخفضات وعلى سهول مجراه فتصبح الأرض على درجة عالية من الرطوبة والخصوبة مما يمكنها من الإيفاء باحتياجات النبات المائية والغذائية . هذه الأراضي نسبة لغمرها سنوياً بمياه الفيضان وخصوبتها المتجددة تعطي إنتاجاً وفيراً بأقل تكلفة مقارنة بأراضي المرتفعات التي لا تغمرها مياه الفيضان . إن المحاصيل الزراعية التي تزرع في هذه المناطق غالباً ما تكون محاصيل ذات موسم زراعي قصير وغير حساسة لنقص مياه التربة بعد استنفاذها في نهاية الموسم الزراعي .

إستناداً الى خواص مجرى النهر وطبوغرافية التربة المجاورة يمكن تقسيم الارض المروية بالري الفيضي واستخداماتها الى أربعة اقسام كما يلي :

-  في نهاية الفيضان وانحسار المياه الى مجراها الطبيعي في الانهار ذات المجرى العريض الضحل تترك ساحلاً بمساحات تتفاوت حسب مقطع النهر وحجم مياه الفيضان ،  هذا الساحل وبحكم أنه على درجة عالية من الرطوبة والخصوبة يمكن زراعته بالمحصول المناسب فيما يعرف في بعض البلدان العربية بزراعـة الجروف وعادة  هذه  الأراضي صالحة لمحاصيل ذات قيمة نقدية عالية .

-  المنخفضات المحاذية والمجاورة لمجاري الأنهار تغمرها مياه الفيضان عبر مداخل طبيعية أو صناعية اعتماداً على بقاء الماء على سطح التربة وتكون بذلك بيئة صالحة لإنتاج محصول زراعي بأقل تكلفة ممكنة .

-   الأراضي  التـي  تغمرها  مياه  الفيضان  في المنخفضات التي على مشارف  مصبات  الأنهـار  المستدامة  أو تلك  التي ينتهي بها مجرى الأنهار الموسمية فيما تسمى بأراضي الدلتا معروفة بخصوبتها وإنتاجيتها العالية .

-  مجاري الأنهار الموسمية والأودية ، تتخللها بعض المنخفضات مما يؤدي الى تكوين البرك والمستنقعات  بنهاية فترة الفيضان فيها . نسبة لقلة ترسيب الغرين والطمي من المياه السارية بهذه المجارى ونسبة لما تسببه من تعرية فإن التربة فيها تكون أقل خصوبة من تلك التي تم غمرها بمياه الفيضان . هذه الأراضي تستخدم لإنتاج العلف وكمرعى للحيوان .

لقد عرف الانسان الري الفيضي على ضفاف الانهار وفي الوديان الطبيعية منذ القدم ، وقد  أتسم استعمال  النظام  بالزراعات  التقليدية  لمحصول  زراعي واحد طوال العام ، وفي سبيل تعظيم الاستفادة من هذا النظام يمكن القيام ببعض الأعمال ومن ذلك :

 

-  السعي لتوجيه مياه الفيضان للمنخفضات المجاورة بكميات معلومة عبر مداخل محكمة الفتح والقفل ومتابعة الفيضان وحجزها عند تراجعه وذلك لضمان بقاء الماء على سطح التربة  لأطول فترة ممكنة .

-  الري الفيضي بصورته الحالية يقصر الاستفادة من الأرض لإنتاج محصول زراعي واحـد في السنـة وتبقى الأرض بوراً لبقية العام .  يمكـن إستغلال الارض بالصورة المثلى باستعمال ري تكميلي وفقاً للاعتبارات الآتية :

أ-  ترسب الطمي وغسل التربة سنوياً بمياه الفيضان يجعلها على درجة عالية من الخصوبة لإنتاج أكثر من محصول خلال العام .

ب- وجود هذه الأراضي على مقربة من مجاري الأنهار يجعل جلب مياه الري لها في فترة الجفاف ممكناً . في الحالات التي تكون فيها أراضي المنخفضات بعيدة عن مجاري الأنهار ، يمكن ريها من المياه الجوفيه التي غالباً ما تكون متوفرة وعلى أعماق غير بعيدة.

ج-  بالري التكميلي يمكن اضافة رية أو ريتين للمحصول في أوقات نضجه وبالتالي تزيد الانتاجية كماً ونوعاً . وفي بعض السنوات وعندما يكون الفيضان دون المستوى المتعارف عليه فإن الري التكميلي يكون وسيلة تأمين ولزيادة الإنتاجية .

1-3-3  الري بالشرائح (Border irrigation) :

يوصف الري بالشرائح على أنه وسيلة اغمار محكم لسطح الأرض حيث يقسم الحقل إلى شرائح بعرض واطوال معلومة ومحددة سلفاً ، اعتماداً على نوعية وانحسار التربة بالحقل تقام بينها اكتاف صغيرة بعلو 25 سم عن سطح الماء بالشريحة وذلك لتوجيه مسار المياه داخل الشريحة . تدخل المياه للشريحة على شكل طبقة يسهل انسيابها ونفاذيتها داخل التربة وتكون منطقة التوزيع بطول الشريحة وهذا يناسب التربة متوسطة التجانس (Medium textured soils) وذات النفاذية المعتدلة .

ويمكن تقسيم الشرائح حسب مستوى التسطيح والانحدار الى ما يلي :

أ-  شريحة مسطحة (Level border) :

يقارب الانحدار في اتجاه المياه الصفر ويكون الانسياب لداخل الشريحة بقوة الدفع الذاتي لطبقة المياه الداخلة . وبما أن الشريحة مقفولة بالاطراف والنهاية فتحتفظ بالمياه على شكل بركة حتى تتسرب لباطن التربة . ومن المفيد أن يكون مقدار التصرف الداخل للشريحة يمكن من تغطية كل الشريحة في وقت مناسب.

هنالك تعارف على ري مثل هذه الشرائح خلال فترة تعادل (4/1) الزمن المطلوب لنفاذية هذه المياه لداخل التربة .

 

ب-  شريحة بانحدار منتظم (Graded Border) :

فـي هذا الأسلوب ، تروي  الأرض  بطريقة  انتظام  التقدم والانحسار (Balanced advance and recession method) حيث أن الشريحة تنحدر في اتجاه المياه وكل شريحة تروي بتوجيه المياه للجزء الاعلى منها . وبما أن الشريحة مقفولة من الاطراف فقط ومفتوحة النهاية فعندما يقارب تقدم المياه نهاية الشريحة يوقف الري تفادياً للجريان السطحي . تعتمد كفاءة وتساوي الري بالشرائح على معدل وكمية التصرف الداخل للشريحة .

ج-  شريحة موجهة (Guided Border) :

توجه المياه بمعدلات وكميات كبيرة (Flushes) للجزء الأعلى من الشريحة المنحدرة وتترك حتى تتسرب كمية معقولة منها . عندما يقارب تقدم المياه نهاية الشريحة يخفض التصرف لتفادي الجريان السطحي ، وتستعمل في التربة ذات الانحدارات الكبيرة والنفاذية القليلة .

يمكن تحديد مواصفات الشريحة المناسبة للمشروع المعني فيما يلي :

*  طول الشريحة :

يعتمد طول الشريحة على الآتي :

-   شكل ومساحة الحقل المروي ويكون طول الشريحة عادة بطول الحقل ، أما إذا كان الحقل طويلاً فيمكن تقسيمه إلى عدة شرائح .

-  معدل نفاذية التربة حيث أن العلاقة عكسية بين معدل النفاذية وطول الحقل أى كلما زاد معدل النفاذية  يقل طول الشريحة .

-  عمق جذور النبات ومقدرة التربة للاحتفاظ بالماء . وعلى سبيل المثال تستعمل عادة شرائح طويلة لمحاصيل ذات جذور عميقة في أراضي طينية .

-  كثافة النبات وخشونة التربة وميل الأرض .

*  عرض الشريحة :

مواصفات عرض الشريحة هى :

-  أن يحتوي علـى نوعية واحدة من التربة وعلـى درجة من التسوية والتنعيم.

-  أن تكون كمية التصرف المتاح ومدى كفايته لري المساحة المعنية خلال فترة ري مناسبة .

-  أن تناسب مقاس الآلات الزراعية المستعملة ويفضل أن يساوي عرض الشريحة لمدة أضعاف عرض الآلات الزراعية .

*  انحدار الشريحة :

يفضل أن يكون الميل في أول ونهاية الشريحة مستوياً .

1-3-4  الري بالأحواض  (Basin Irrigation) :

عند تطبيق الري بالأحواض تقسم الارض لأحواض مستوية محاطة بجسور وأكتاف على الجهات الاربعة . توجه المياه خلال مسقى مفتوح في أول الحوض وبعد ملئه يصرف الماء الزائد من فتحة بنهاية الحوض الى نظيره المجاور . تحدد مساحة الحوض حسب نوعية التربة وشكل الحقل وخبرة المزارع والمحصول المروي وتتراوح بين متر مربع لإنتاج الخضر وأكثر من هكتارين لانتاج الارز .

يستعمل الري بالأحواض لأنواع مختلفة من التربة وتؤثر نفاذية التربة  في مساحة الأحواض حيث أن التربة ذات النفاذية العالية تقسم إلى أحواض صغيرة والعكس صحيح بالنسبة لتربة قليلة النفاذية . تروي الاحواض وهى مستوية تماماً وتشكل أبعاد الحوض حسب انحسار التربة وتنشأ الأحواض على ميل أقل من 2% .

يستخدم الري بالأحواض لأغلب أنواع المحاصيل ويستحسن عدم استعماله للمحاصيل الحساسة للغرق . تنشأ جسور الأحواض بصورة مؤقتة أو مستدامة حسب نوعية المحصول حيث أن جسور احواض ري الأرز والمراعي غالباً ما تكون ثابتة ، بينما جسور أحواض ري المحاصيل الحقلية تزول تماماً مع عمليات تحضير الأرض سنوياً .

*  مواصفات الحوض :

تهيأ الجسور والأكتاف يدوياً أو ميكانيكياً بارتفاع 16-30 سم فوق سطح الارض وتكون قمة الجسر في حدود 10-20 سم فوق سطح الماء بالحوض . يتراوح عرض قاعدة الجسر بين 60-120 سم في أحواض الأرز ويصل ارتفاع الجسور إلى 40-50 سم وعرض القاعدة إلى 150-180 سم .

ينحصر الماء داخل الحوض بين الجسور ليبقى في حالة سكون وتنفذ الى داخل التربة حتى مرحلة التشبع في مداها الأقصى وبتوزيع متساوي يعتمد على الآتي :

-   خواص التربة الهايدروليكية .

-   صرف مياه الري المتاحة بالحوض .

-  مقاومة النبات والتربة لحركة الماء على سطح الأرض .

-  الاحتياجات المائية اللازمة .

1-3-5  الري بالخطوط (الاخاديد) (Furrow Irrigation) :

يستعمل  لري المحاصيل التي تزرع على السرابات (Rigers)  كالقطن والبطاطس وقصب السكر وغيرها بمسافات بين هذه السرابات حسب مواصفات فلاحة المحصول . يعطي النبات احتياجاته المائية في بحر هذه السرابات (Furrows) التي تشكل أخدوداً مستقيماً بطول الحقل وترتفع السرابة عادة إلى حوالى 15-20 سم فوق سطح الأرض .

 

يدخل الماء من القناة الحقلية من أول الخط لنهايته من خلال فتحة أو سيفون تحت تأثير ضاغط مائي يماثل ارتفاع الماء بالمسقي عن قاع هذه الخطوط . تتوقف كمية الماء المتسربة بالتربة عند أى نقطة على طول الخط على نوع التربة ومعدل نفاذيتها والزمن الذي لامست فيه الماء سطح التربة عند النقطة المعنية (Contact time)  . أما الماء الزائد عن معدل تراكم النفاذية فيصل لنهاية الخط ومنه يصب في مصرف صغير لنقله بعيداً عن الحقل المروي .

يمكن حساب سعة الخط بسهولة بايجاد مساحة مقطعة (Cross - section) وارتفاع الماء داخله باختلاف المسافة بين الخطوط كمعاملة فلاحية . وتختلف سعة المقطع حسب نوعية النبات واحتياجاته المائية .

تتناسب هذه الطريقة لري كل المحاصيل التي تزرع في خطوط وأيضاً للمحاصيل التي تتأثر بالغدق ، كما تناسب التربة ذات النسيج الناعم وجيدة النفاذية وحفظ الماء .

*  أنواع الخطوط :

تنقسم الخطوط حسب درجة الانحدار الى الآتي :

-  خطوط الميل (Graded Furrows) وتعرف بالخطوط العادية وتكون في اتجاه الميل الطبيعي للأرض حيث بكون الانحدار في حدود 0.5% كحد أدنى .

-  خطوط مستوية (Level Furrows) بانحدار خفيف جداً وتضاف المياه بكميات قليلة للتراكم على سطح التربة .

-  خطوط كنتورية (Contour Furrows) تتبع الخطوط الطبيعية للخرطة الكنتورية للحقل .

*  أطوال وأبعاد الخطوط :

تختلف أطوال الخطوط حسب نوع التربة والانحدار والتصرفات المائية وبالتالي يمكن استعمال خطوط طويلة في الأراضي الطبيعية ذات النفاذية القليلة وخطوط قصيرة للتربة الخفيفة ذات النفاذية العالية .

تحكم المسافة بين  الخطوط المعاملات الفلاحية المتبعة وتعتمد على نوع المحصول والتربة ، ويجب أن تكون هذه  المسافة متوازية والخطوط بانحدارات منتظمة.

*  الصرف بالخطوط :

تنتقل المياه الى الخطوط خلال مساقي أو مجاري مائية مفتوحة أو أنابيب . تنقل المساقي أو المجاري المزودة للخطوط بهذه المياه الصرف المطلوب كما يجب أن يكون ارتفاع منسوب الماء في هذه المساقي في حدود 15-30 سم فوق قاع هذه الخطوط . أما مخارج المياه الى الخطوط يجب أن تكون محكمة حتى يتسنى إدخال نفس كمية المياه في نفس الوقت الى كل خط ، مما يعني أن تكون كل فتحات مداخل  الماء للخط بنفس القطر وتحت تأثير نفس الضاغط الهايدروليكي .

 

حجم الصرف   (Q)  الداخل  لكل خط يجب أن يكون غير مسبب للتعرية (Non-erosive) .

يجب الا تزيد التصريفات داخل الخط عن مقدرته على حملها ، ويتحدد ذلك بمقطع الخط وميله ومعامل خشونته (كمعامل الخشونة (N) المتضمن فـي معادلـة ماننج-ستريكلر (Manning’s equation) ) التالية:

Q  =    A. N . R’. I½

حيث أن :

   Q    =   مقدرة الحمل أو الصرف .

  A     =  مساحة المقطع المائي

R       =  نصف القطر الهيدروليكي .

S       =  الانحدار .

N       = معامل ما ننج للخشونة .

*  اخاديد (خطوط) حوضية (Furrow – Basin) :

يجهز الحقل المروي حسب الوسيلة والكيفية المستعملة لإضافة مياه الري والمواصفات المطلوبة لفلاحة المحصول المعني . تختلف وسائل الري السطحي في كمية المياه المضافة للتربة بين غمر كامل كما في الري بالأحواض أو غمر جزئي كما في الري بالخطوط ، أما وسيلة الري بالأخاديد فإنها تجمع بين الاثنين فيما يعرف في السودان بنظام الانقاية (Angaya system) .

يعني الري بالأخاديد الحوضية تجهيز الأرض في خطوط بطول الحقل المروي يتبع ذلك عمل أكتاف عمودية على هذه الخطوط ليتقسم الحقل بالطول الى عدة أخاديد حوضية . تجهز هذه الاكتاف يدوياً أو ميكانيكياً لتغطي عدة أحواض حسب درجة انحدار الخطوط ، أحياناً ربما يقتضي ممارسة الري على مستوى الحقل شق هذه الاكتاف الى شقين لاستعمالها كقنوات حقلية ليوزع الماء داخل الحقل وإن الاكتاف والقنوات الحقلية تتعاقب بمنوال ثابت حتى نهاية الحقل . تستعمل القنوات الحقلية كمسقى للأرض المروية الواقعة على جانبيها بعرض الحقل المروي ، وتقتضي ممارسة الري بالأخاديد الحوضية عدم غمرها بالمياه حتى تكون أقرب  لطريقة الري بالخطوط .

يمكن تلخيص الدافع الأساسي لانتهاج طريقة الري بالأخاديد الحوضية في الآتي :

*   قلة الجهد والتكلفة المبذولة لإعداد الأخاديد الحوضية مقارنة مع الرى بالأحواض .

*   سهولة التحكم في مياه الري وانتظام توزيعها بالحقل مقارنة مع الري بالخطوط.

أما سلبيات الـري بالأخاديد الحوضية مقارنة مع طريقة الري بالخطوط فيمكن تلخيصها في الآتي :

 

*   فقدان جزء كبير من الأرض في الاكتاف والقنوات الحقلية مقارنة بالري بالخطوط     .

*  إعاقة عمليات الميكنة الزراعية وبالأخص عمليات الحصاد الآلي مما يتطلب إزالة الكتوف والقنوات الحقلية عند إدخال الآلة لحصاد هذه الحقول .

1-3-6   محاسن ومساوئ الري السطحي :

تتعدد أنواع الري السطحي وتتباين في محاسنها ومساوئها ولكن هنالك صفات وخواص ملازمة للنظام وبكل أنواعه ويمكن حصرها في الآتي :

محاسن الري السطحي :

 * إمكانية ري مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية بأقل التكاليف مما يؤدي لاستقرار كثير من الأسر ومشاريع الري الكبرى والتي تعتبر من مقومات تنمية المناطق الريفية لعدة أسباب منها :

-   زيادة إنتاج الغذاء لمقابلة متطلبات النمو السكاني .

-  خلق وظائف ووسائل عمل لزيادة دخل سكان الريف الفقراء .

-  بناء مجتمعات يسهل فيها تقديم الخدمات الضرورية لمواطن المنطقة .

-  إنعاش الاقتصاد محلياً وقومياً بزيادة الإنتاجية والمحافظة أو الحصول على العملة الأجنبية.

-  النظام بطبيعته قابل للتعديل والتحسين لري مساحات إضافية وإمتدادات جديدة لمشاريع قائمه . يتضح أحياناً أن تعديل وتحسين النظام يكون وفق خطط التوسع الرأسي بتكثيف الدورة الزراعية لزيادة المردود الاقتصادي بإدخال محاصيل زراعية جديدة .

-  استهلاك الطاقـة قليل جـداً مقارنة مع طرق الري الأخرى ، فبإستثناء الري بالمضخات فإن أنظمة الـري السطحي غيـر مستهلكة للطاقة أصلاً.

*   سهولة إدارة وتوزيع مياه الري بالحقل وذلك للأسباب الآتية :

-  إمكانية إضافة كمية من الماء لتغطي احتياجات النبات لفترة لاحقة وبالتالي دورة ري متباعدة بما يساعد في تخطيط وبرمجة توزيع مياه الري والعمليات الزراعية الأخرى بين الحقول المزروعة .

-  لا تحتاج  إضافة الماء بالحقل إلى تقنية أو تعقيدات وتعتمد كثيراً على خبرة المزارع ومهاراته المكتسبة بالممارسة ومعرفته لخواص حقله .

-  النظام صالح لري كل المحاصيل الزراعية بما في ذلك المحاصيل الشجرية (بستانية وغابية) .

 

مساوئ الري السطحي :

تتعدد مساوئ الري السطحي مقارنة بطرق الري الأخرى ، وهذه المساوئ يمكن حصرها في الآتي :

*  عرف نظام الري السطحي بكفاءته المتدنية والتي غالباً ما تكون في حدود 40-60% مما يعتبر هدراً لمياه الري .

*   يحتاج النظام إلى درجة عالية من التسطيح للارض المروية الذي يكلف الكثير من الجهد والمال بل أن انتظام وتوزيع مياه الري في الحقل يعتمد كثيراً على ذلك .

*   جزء كبير من الأرض تستقطع للقنوات والكتوف ومحابس الماء الأخرى وبالتالي تخرج عن دائرة الإنتاج الزراعي في المشروع المروي .

*   صعوبة أداء العمليات الزراعية أثناء وبعد عملية الري بالحقل مباشرة وعليه يتم تأخيرها لفترة بين الريات .

*  القنـوات والجداول الحقلية ومحابس الماء تعيـق حـركة الآلات وعمليات الميكنة الزراعيـة.

*  سطح الماء المكشوف بالقنوات والجداول والحقول وما يصاحبه من تدفقات المياه حول الحقل المروي خلق بيئة غير صحية في المنطقة المروية مما يؤدى لتفشي أمراض الملاريا والبلهارسيا وغيرها .

1-4   ضرورة ومبررات تطوير الري السطحي في الدول العربية :

هنالك العديد من الأسباب التي تدعو الى ضرورة تطوير الري السطحي في الدول العربية وتشمل الآتي  :

1-4-1  التوسع الكبير في الري السطحي في الدول العربية :

لقد سبق أن ذكر بان جملة المساحة المروية في الدول العربية تقدر بحوالى 15 مليون هكتار 85% منها تستخـدم الـري السطحي التقليدي ، وهـنا تكمن أهميـة تطـوير الري السطحي في الدول العربية، والذي يعتبر المصدر الرئيسي للحبوب التي تمثل الغذاء الرئيسي للسكان في العديد من الدول .

تشير البيانات والمعلومات المتاحة ان أكثر من نصف الدول العربية تزيد فيها نسبة الري السطحي عن 95% وأنها تزيد عن 97% في ثمانية من الدول هي جيبوتي ، سوريا ، السودان ، المغرب، مصر ، العراق  ، موريتانيا واليمن  ، علماً بأن نسبة الأراضي المروية بهذه الدول تزيد عن 79% من جملة الأراضي المروية بالدول العربية .

أما الدول التي فيها تركيز على استخدام طرق الري الحديثة فهي أساساً دول الخليج والدول ذات الموارد المائية المحدودة مع توفر الامكانات المالية لذلك نجد خمسة دول فقط تقل فيها نسبة الري السطحي عن 50% .

ان هذا السرد يوضح بجلاء مدى انتشار الري السطحي في الأراضي بالدول العربية مما يؤكد أهميته النسبية .

ان هذا الوضع قد تطلبته الأوضاع المناخية بالدول العربية وارتفاع المتطلبات المائية للزراعة نسبة للجفاف وقلة الأمطار التي تسود المنطقة بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة والعوامل المناخية الأخرى التي زادت من هذه المتطلبات المائية لري المحاصيل .

كما أن الدول العربية عامة تعتمد على الزراعة في محصلة الدخل القومي مما جعل الاعتماد عليها أكثر من غيرها من الأنشطة الأخرى .

1-4-2  ارتفاع نسبة الاستخدام الزراعي للمياه في الدول العربية :

تقدر نسبة الاستخدام الزراعي للموارد المائية في الدول العربية بحوالي 89% من جملة الاستخدامات ، وهي نسبة كبيرة مقارنة بالدول الاخرى في العالم ، حيث يبلغ المتوسط العام في العالم حوالي 70% في حين أنه ينخفض كثيراً في الدول الصناعية لصالح الاستخدامات الأخرى وخاصة الصناعة .

1-4-3   تدني كفاءة الري السطحي في الزراعة العربية :

تقاس فعالية أي عملية بنسبة ما تم تحقيقه فعلياً إلى المراد إنجازه أصلاً . الهدف الأساسي من عملية الري هو إضافة المياه إلى التربة بغرض تعويضها عما فقدته من رطوبة أساسية لنمو النبات ويتطلب ذلك ما يلي :

*   معرفة تامة بمراحل نمو النبات فوق وتحت سطح التربة.

*   معرفـة خواص التربة الفيزيائية من قوام ومسامية وعمق بالإضافة إلى خواصها الهيدروليكية.

*   قياس العوامل المناخية التي تسبب استنزاف الماء مثل ( الإشعاع الشمسي، درجة الحرارة، سرعة الرياح والرطوبة النسبية) أو إضـافته ( مثل الهطول المطري) إلى مخزون التربة من الرطوبة.

*   مراقبة مستوى سطح الماء الجوفي والذي يدخل وضعه في الاعتبار عندما يقترب من منطقة الجذور.

يمكن حساب كمية المياه التي ينبغي إضافتها للتربة وذلك باعتبار العوامل المذكورة آنفاً . وفي سبيل إضافة هذه الكمية  لكل الحقل بانتظام فإنه يتم عادة استخدام كمية أكبر من حاجة النبات، وهذه تعتبر كمية مهدورة من المياه . وهنا تكمن مشكلة كفاءة الري الحقلي .

تختلف كفاءات الري حسب المراحل المختلفة للري والتي تشمل الآتي :

كفاءة الإضافة  (Application Efficiency) :

يمكن تعريفها بأنها نسبة كمية المياه التي تصل إلى منطقة جذور النبات إلى الكمية الكلية التي أضيفت إلى الحقل. وهذه النسبة منخفضة في حالة الري السطحي حالياً ومرتفعة للري الموضعي وبينهما تقع النسبة الخاصة بالري بالرش. في الوقت الراهن لا تزيد نسبة كفاءة الإضافة للري السطحي عن 50% في أفضل أحوالها في الوطن العربي (الأردن ، سوريا) .

كفاءة النقل  (Conveyance Efficiency) :

هذه الكفاءة عبارة عن نسبة المياه التي تدخل الحقل من الكمية التي تطلق من مصدر المياه الأساسي . تتعرض القنوات الترابية المكشوفة إلى رشح من أسفلها وجوانبها وبخر سطح الماء المكشوف بها ولذلك فإن كفاءتها منخفضة . ارتفعت هذه النسبة من 20% إلى 80% في مشروع بيجان باليمن بعد استبدال القنوات الترابية بأنابيب كما ارتفعت من 65% إلى 90% بعد تحويل القنوات المكشوفة إلى أنابيب في المنطقة الشمالية الوسطى من وادي الأردن .

الكفاءة الكلية للري (Irrigation efficiency) :

عبارة عن حاصل ضرب الكفائتين السابقتين .

كفاءة التخزين (Storage Efficiency) :

وهي نسبة المياه التي تضاف لمنطقة الجذور إلى ما هو مطلوب فعلاً لمنطقة الجذور وهي قياس لمدى إيفاء حاجة النباتات من الماء.

مؤشرات قياسية أخرى :

بالرغم من أن المقاييس التالية ليست حقلية ولا تتعلق بمنظومة النقل والتوزيع إلا أن أثرها يتخطى هذه المنظومة إلى إدارة الري داخل الحقل. هذه المقاييس تؤثر على إدارة المزارع للري وتصرفه حيال فتح وإغلاق مياه الري وهي كما يلي :

الكفاية (Adequacy) :

     وهي عبارة عن نسبة كمية الماء التي تجلب للحقل إلى كمية الماء المطلوبة لذلك الحقل . من المعروف أن قنوات الري تصمم بناءاً على الاحتياجات المائية للمحاصيل مع وضع معامل سلامة وكفاءة إضافة افتراضية لمنظومة الري الحقلي حتى يمكن استيعاب أي تغييرات طفيفة في التركيبة المحصولية ، وقنوات الـري تفشل في أداء مهامـها عنـدما تتغير التـركيبة المحصـولية أو نسبـة  استخدام الأرض تغييراً كبيراً ، كما لا تستطيع القنوات حمل كميات المياه المطلوبة للتركيبة المحصولية الأصلية عندما تهمل صيانتها الدورية.

الإعتمادية (Dependability) :

 وهي  عبارة عن مقياس يتعلق  بالحصول على الماء في الوقت المناسب وبالكمية المطلوبة إذا اعتبر أن كميات المياه تكفي الطلبيات فإن الاعتمادية لا تختل إلا بسوء التوزيع في حالة مصدر المياه الدائـم ( مثل الخزان ) . أما في حالة المياه الجوفية التي تحتاج للطاقة لرفعها فإن كميات المياه الجوفيـة يمكن أن تكفي حاجـة النبات إلا أن معـوقات الحصول على مصدر الطاقة اللازمة البترولية أو الطاقة الكهربائية أو تعطل المضخة لأي أسباب أخرى يمكن أن تخفض من الاعتمادية كثيراً.

المساواة  (Equality)  :

    وهي مقياس للتوزيع العادل للمتوفر من المياه بين مستخدمي المياه على منظومة الري الموحدة دون اعتبار لمقام أو وضع اجتماعي أو موقع على المجرى المائي لأي منهم، عندما يكون الطلب على الماء عند أقصى حد غالباً ما يختل هذا المقياس خاصة بين المزارعين عند بداية القناة الحقلية وأولئك الذين على نهايتها.

عندما يكون أي من هذه المقاييس منخفضاً فإن المزارع يغرق حقله بالماء متى ما وجد سانحة لذلك ودون التقيد بجدولة للري أو احتياجات مائية محددة. إن المزارع يعتقد أنه بفعله هذا قد وفر لمحاصيلـه مياه تكفيها لفترة طويلـة ولا يعلم  فـي أغلب الأحوال أن سعة التربة التخزينيـة  محدودة وأن أي كمية زائدة عنها تعتبر هدراً لا فائدة منها. وبالرغم من خبرة المزارع التي أكتسبها إلا أنه كذلك لا يعلم أن الري عبارة عن تعويض للتربة عما فقدته من رطوبة وإعادة مستوى الرطوبة فيها إلى سعتها التخزينية وأن هذه الكمية تعتمد على معدلات استنزاف رطوبة التربة بعمليتي البخر والنتح وأن هذه الكمية تتناسب طرداً مع الفترة بين الريات .

1-5 المعوقات والمشاكل الرئيسية التي تواجه تحسين كفاءة الري السطحي في الدول العربية:

إن تدني كفاءة الري الحقلي التي أصبحت سمة من سمات قطاع الزراعة المروية في العالم العربي تتطلب حصر المعوقات الرئيسية حتى يمكن التطرق لمعالجتها وعليه يمكن وضع المعوقات الرئيسية في أطر محددة كما يلي :

المعوقات الفنية :

ويمكن حصر هذه المعوقات في :

-  ضعف الإرشاد المائي :  أصبح الماء وقضاياه موضوعاً في جلسات ومؤتمرات العلماء إلا أن ندرة هذا المورد ونتائج البحوث المتعلقة بمعالجة مشاكله في القطاع المروي  لا يتم  توصيلها لمستخدمي المياه بالدرجة الكافية وذلك لضعف قنوات التوصيل مؤسسياً وفنياً مما خلق فجوة في الوعي المائي لدى المستخدم الأول للمياه .

-  ضعف تأهيل المزارع : يعتبر المزارع المحور الأساسي في تحسين كفاءة الري لأن معظم هدر المياه يحدث في الحقل . اتخذت بعض الدول العربية سبيل التشريع للحد من  إسراف المزارع للماء إلا أن ذلك لم  يكن كافياً خاصة أن من الإسراف مالا يرى بالعين ( صرف عميق وبخر) . ينبغي تنمية الوازع الداخلي لكل مزارع بالتأهيل والتدريب واستعمال الحقول الإرشادية حبذا في أراضي المزارعين المتعاونين.

-  ملاءمة منظومة الري : تكلفة وضع ري حقلي سطحي اقل من تكلفة وضع أي منظومة ري أخرى ، كما أن الري السطحي تنخفض فيه التقنيات المتطورة، لذلك يتم اختياره تلقائياً دون اللجوء إلى عناصر أساسية أخرى يستوجب وضعها في الاعتبار عند اختيار نظام الري الحقلي ( نوعيـة التربة ، الطبوغرافية ..الخ). 

-  ندرة المؤسسات التعليمية المتخصصة : إن التأهيل المطلوب لقضايا الماء يتطلب الإلمام بمجالات عديدة مثل الري ،التربة، الاقتصاد، علم الاجتماع، المناخ..الخ.

-  ندرة مراكز البحوث المائية : بالرغم من الأهمية المطلقة للمياه إلا أن المراكز المتخصصة في بحوث المياه قليلة العدد وشحيحة العتاد.

-  عدم الأخذ بالتطورات الحديثة في تصميم وإدارة نظم الري السطحي.

درجت إدارات تصميم المشاريع المروية في الدول العربية على نقل نمط وتخطيط أقدم المشاريع المروية إلى كل منطقة يستحدث فيها مشروع جديد وذلك دون اعتبار لخصوصية المنطقة الجديدة من تربة وطبوغرافية ودون الأخذ بأساليب التصميم الحديثة . وهذا خطأ شائع يجب تداركه ، حيث لكل موقع صفاته الخاصة به ويجب الأخذ بها مع مراعاة التطورات الحديثة في التصميم .

أسباب مؤسسية :

تتعدد المؤسسات الحكومية التي يرتبط عملها بالماء  على مستوى الأقطار العربية مما يتطلب التنسيق الدائم بينها .

-  هناك نقص فـي التنسيق بيـن مراكـز البحوث الزراعيـة ، مراكـز البحـوث الهايدروليكية والجامعات والمعاهد العليا فيما يختص بالبحوث المائية.

-  غياب تنظيمات المزارعين وتعطيل دورها في إدارة المياه.

أسباب تتعلق بإدارة المياه :

-  عدم التزام المزارع بالمقننات المائية للمحاصيل المختلفة.

-  إهمال الصيانة الدورية لقنوات الري ومنشآت التحكم في المياه.

-  عدم الالتزام بنمط التخصيص (Allocation)  والذي صمم على أساس قنوات الري . فمثلاً إذا صممت قنوات الري على أساس أن يروي المزارعون ليلاً ونهاراً واكتفى المزارعون بالري نهاراً فقط فإن نصيب كل فرد من المياه سوف يكون ضئيلاً بالنهار كما أن القنوات تتعرض للكسر أثناء الليل نتيجة لعدم مقدرة تحملها لكميات المياه الواردة فيها.

-  عدم الالتزام بفروق المناسيب (Head) المقررة لقنوات الري للحصول على تدفقات معينة في جداول الحقل . تحتاج التدفقات التي تقل عن تدفق التصميم لوقت طويل حتى يكتمل ري الحقل مما يتسبب في هدر كميات كبيرة من المياه عن طريق التسرب العميق والبخر.

- عدم الالتزام بالنمط المحصولي الذي وضعت على أساسه قنوات الري . تحدد التركيبة المحصولية سعة قنوات الري  فإن تغيرت هذه التركيبة المحصولية لا يمكن لقنوات الري استيعاب التركيبة المحصولية الجديدة مالم تكن الأخيرة قد بنيت على السعة القصوى لقنوات الري.

-   التمسك بتقاليد إروائية مهدرة للمياه مثل فرض دورة توزيع جامدة لمياه الينابيع والأفلاج دون اعتبار لاحتياجات المحاصيل.

-  غياب البيانات التفصيلية فيما يختص بالتصريفات ، الاستهلاك المائي للمحاصيل المختلفة وإدارة المياه على مستوى الحقل.

-  غياب المتابعة والتغذية الراجعة والتقويم المستمر.

-  اعتماد المزارع على بعض الدلائل لري المحصول مثل تشقق التربة أو ذبول منتصف النهار أو تغير لون أوراق النبات إلى الأخضر الداكن .

-  عدم التقيد باللوائح والقوانين التي تحكم إدارة المياه.

أسباب تقنية :

-   ضعف تقنية الري في العالم العربي حيث أن معظم متطلبات الري من أجهزة تحكم وقياسات وأنابيب تستورد من خارج الوطن العربي . توجد بعض التقنيات  مثل صناعة الأنابيب في بعض البلاد العربية وهي تحتاج للرعاية الدائمة .

-  عدم الاهتمام بالتكنولوجيا الحديثة كتكنولوجيا الرصد والتقدير والتنبؤ بالموارد المائية وكذلك بعض التكنولوجيا الأخرى والتي قد تكون مفيدة في بعض الحالات لأحداث الهطول بطريقة استمطار السحب .

أسباب هيدروليكية :

تتمثل العناصر الهيدروليكية الأساسية في الري السطحي  بالميل والخشونة موضحة كالآتي :

-  يتطلب الري السطحي تسوية أو ميل الأرض المنتظم في اتجاه حركة المياه وأي منخفضات أو مناطق مرتفعة تعوق حركة المياه المنتظمة مما يتسبب في تدني كفاءة الري الحقلي .

-  خشونة السطح الذي تتحرك عليه المياه سواء كانت مجاري مائية أو حقل تؤثر على معدلات التدفق . وتزداد الخشونة بنمو الحشائش في المجاري المائية والأخاديد مما يعيق حركة الماء.

أسباب اقتصادية :

-  انخفاض تكلفة الماء مقارنة بأي مدخل انتاج آخر بالرغم من أنه المدخل الأهم الذي يتوقف عليه المحصول كماً ونوعاً مما أدى إلى الإسراف في استخدامه.

-  تدني معدلات الإنتاج لوحدة المساحة أو لوحدة الماء أدى إلى عدم الحرص على المياه.

-  انخفاض عائدات المنتجات الزراعية مع ارتفاع تكلفة الإنتاج واضمحلال دعم الخزانة العامة أدى إلى هجر المزارعين لمباشرة الري واستئجارهم لغير الملمين بعملية الري وذلك نظير أجر معلوم أو نسبة من المحصول .

-   صغر مساحة الحيازات لا يساعد على استرداد تكلفة أي تحسينات رئيسية.

-  عزوف رأس المال الخاص عن الاستثمار في الزراعة المروية وبحثه عن مشروعات ذات عائد سريع .

-   ارتفاع تكلفة البحوث الزراعية فيما يختص بوسائل النقل ، العمالة والأجهزة.

 

-  وضع البحث العلمي في مؤخرة أسبقيات التمويل.

-  انخفاض أو دعم سعر الطاقة في بعض البلاد العربية أدى إلى لجوء المزارعين إلى ضخ كميات من المياه أكبر من حاجة المحصول.

-  غياب الصيانة الدورية لبنيات الري التحتية.

-  ارتفاع تكاليف إنشاء شبكات الري الحديثة يشكل عائقاً كبيراً في التوسع باستعمالها.

-  ارتفاع تكلفة تبطين قنوات الري المكشوفة. 

1-6  الأهمية النسبية للصرف الزراعي :

إن التعريف العام للصرف الزراعي هو سحب المياه الزائدة عن حاجة النبات من التربة برغم ان هذا التعريف يضع الصرف كنقيض للري إلا أنه في الحقيقة عملية مكملة للري ويعتبر مكون أساسي لضمان حصول النبات على حاجته للمياه دون نقص مؤثر أو زيادة مخلة .

إن مشاريع  الري الكبرى في أغلب الدول العربية ذات العراقة في موضوع الري السطحي تعتبر فيها شبكة الصرف جزاً مكملاً لشبكة الري كما هو الحال في مصر والسودان والعراق وسوريا وهى الدول التي بها حوالى 70% من مساحة الأراضي المروية في العالم العربي .

هذا فاذا ما أخذنا في الاعتبار الفوائد المائية العالية التي سبق ذكرها خاصة عند تطبيق الري السطحي تتضح أهمية الصرف الزراعي الذي يقوم بدورين مهمين هما :

أ- إزالة المياه الزائدة من منطقة الجذور والتي يؤدي تراكمها الى احداث ظاهرة الغدق وهى عملية غمر لمنطقة الجذور مما يؤدي الى تعفن الجذور وربما إلى اتلافها وبالتالي انخفاض الإنتاجية أو موت النبات بالكامل .

وفي الحقيقة فإن إنخفاض الإنتاجية مربوط بعدة عوامل وفي الأساس أربعة وبنسبة :

-  المحصول المزروع .

-  التسوية .

-  مستوى الماء الأرضي .

-  مدة الغمر .

ب-الاستفادة من مياه الصرف الزراعي باعادة استخدامها ،  وتشير الدراسات الى الإرتفاع الكبير في الفواقد المائية في الري السطحي بالدول العربية .

وتوضح التجربة المجربة التالية اشكالية المياه الزائدة ومدن تأثيرها على إنتاجية المحاصيل :

 

 

 

 

       
    مربع نص: Rm-R
    R
 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وهنا تبرز العديد من المحاذير ، مياه الصرف الزراعي مياه عادمة تحتوي على العديد من الملوثات من بقايا مكونات التسميد والمبيدات الحشرية ومبيدات الحشائش ، ولهذا فان اعادة استخدام هذه المياه يتم وفق ضوابط محددة سيتم التعرض لها بالتفصيل لاحقاً .

1-7  أساليب الصرف الزراعي السائدة في الدول العربية :

تنقسـم  أساليب الصـرف الزراعي السائدة  فـي الدول العربية إلـي ثلاثة أساليب أساسية هى:

أ-   الصرف السطحي المكشوف .

ب- الصرف شبه السطحي (مغطى مكشوف) .

ج-  الصرف الشاقولي .

أ-  الصرف الزراعي السطحي المكشوف :

هذا النوع من الصرف الزراعي يعني أساساً بتجميع المياه الزائدة من الحقل سطحياً ، وعليه فإن مسار المصارف في هذه الحالة تكون دائماً على زاوية عمودية على مسار القنوات المفتوحة وتكون على خطوط مسار الانحدارات الطبيعية للأرض .

تقوم  هـذه  المصارف بتجميـع المياه الزائـدة فـي الحقل والتـي قد تشمل مصادرها ما يلي:

 

*  اضافة كميات زائدة عن حاجة النبات للأرض .

*   صرف طبيعي متوقع ومبرمج مرتبط بنوعية المحاصيل كمحصول الأرز الذي تغمر أراضيه بالمياه ثم تصرف في حالة حدوث هطول مطري مفاجئ وتكون الأرض قد تم ريها مسبقاً ولا مجال لاستقبال مزيد من المياه.

*   في حالة كسور في القنوات مما قد يؤدي إلى غمر الأراضي ويصبح من الضروري صرف هذه المياه الزائدة عنها .

يكون سير المياه في هذه المصارف بالراحة ووفق الانحدارات الطبيعية للأرض إلافي حالات معينة، فمثلاً عندما تقل الانحدارات الطبيعية عن الانحدار المطلوب لسير المياه بسهولة يتم خلق الانحدارات المطلوبة بزيادة الحفر . كما أنه في حالة شدة انحدارات الأرض الطبيعي عن المطلوب ومن أجل المحافظة على المصارف من النهر يتم انشاء مساقط على هذه المصارف   لتقليل الانحدارات والتحكم  في سير المياه عليها بالصورة المطلوبة .

هناك العديد من النظريات لتصميم هذه المصارف ولكن نسبة لصعوبة التكهن في كثير من الحالات بكميات التدفق فان هناك معادلات متعارف عليها (emperical) لتصميم هذه القنوات بصورة تسمح لها بالاستجابة لكل التوقعات الحقلية والتخلص بالسرعة المطلوبة من المياه الزائدة . في بعض الحالات وعندما تكون الأرض مسطحة للغاية فقد تصبح هناك حاجة لوجود مضخات على هذه المصارف .

ترتكز قواعد حساب شبكات الصرف الزراعي على ثلاث اعتبارات أساسية :

أولاً  :  اعتبارات التربة :

تحــدد دراسـة التـربة مختلـف الطبقـات ( الآفاق ) مــن السطـح إلــى القـاعدة غير النفاذة وكذلك المناطق المبرزة لآثار التغدق ومن ثم تحديد الخصائص الفيزيائية والهايدروديناميكية.

ثانياً :  الاعتبارات الزراعية :

لعل أهم عنصر يؤخذ في الاعتبار هو التحديد بدقة للإرتفاع الأمثل للماء الأرضي . ويوجد لكل محصول مستوى معين مرتبط أساساً بنوعية التربة وبالموسم أيضاً . إن الغمر الدائم للتربة يؤدي على المـدى البعيد إلـى تكـوين مستنقعات وفـي المقابل رطوبـة زائـدة حتى ولو كانت ظرفيـة تقلل مـن تهوية التربة وعمليات الأكسـدة ، مـن جهـة أخرى  فان صعود الماء الأرضي خلال 24 ساعة يشكل توقف شبـه كامل للنظام التجديري ، وفي الأيام المتعاقبة يكون موت النبات . وفي  العكس فان أي تصريف زائد يقلل من إمكانيات تغذية الجذور من المياه عن طريق الطبقة المائية السطحية .

ثالثاً :  الاعتبارات الهيدرولوجية :

إن تصميم شبكة الصرف الزراعى داخل الحقل يعمل على أساس ان الغمر لا يتعدى مبدئياً المدة الحرجة للغمر المحددة حسب كل محصول . وفي الحقيقة فإن طرق حساب الخصائص التقنية للشبكة تختلف حسب الاعتبارات الهيدرولوجية التالية :

-  في منطقة حيث يكون فيها فصلي الشتاء والربيع تعطي أمطاراً طويلة ومتكررة ولا تترك بين السلسات المطرية الإ فترات قصيرة لا تسمح بإزالة المياه الجاذبية ، فإن الحسابات تبني على أساس ما يعرف بالنظام الدائم لتصريف المياه وإبقاء الطبقة المائية تحت مستوى أقصى لا يمكن تجاوزه .

-  بينما في المناطق ذات الأمطار الشديدة والقصيرة والتي تسمح بفترات طويلة (في حدود أسبوع) تتم محاولة تصميم الشبكة على أساس نظام متغير ، الذي يمكنّ من تخفيض كافي في وقت معين بعد انتهاء المطر .

 

ويبين الشكلين التاليين الحالات العامة لكل النظامين :

 

 

                     
 
 
   
 
   
 
   
 
   
 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المعادلة العامة للصرف الزراعي تحت النظام المتغير .

 

            4 Ki Rθ                     1

E2  =                            * 

                 ų                         Y1 – Y0

 

                                                   [2R + (Ks/Ki) h c1] h co

Y1 – Y0 = 1.15 log10  =

                                                   [2R + (Ks/Ki) h co] h c1

حيث ان :

R      :  العمق الوهمي .

hc    :  الحمولة القصوى للمستوى المرغوب للطبقة .

Ks   :  نفاذية التربة فوق المصارف .

Ki   :  نفاذية التربة تحت المصارف .

    Θ:  الوقت اللازم لتخفيض الطبقة .

ų    :  مسامية الصرف .

h co :  الحمولة القصوى للطبقة خلال الأمطار الحرجة .

hc1  :  الحمولة القصوى المرغوبة للطبقة .

تعتبر عموماً المصارف السطحية أحد وسائل التخلص من نتائج تدني كفاءة الري السطحي وكلما زادت كفاءة الري السطحي كلما قلت الحاجة للمصارف إلا في الحالات الطارئة أو المبرمجة (للأرز مثلاً) .

تبدأ شبكة الصرف الزراعي السطحي المكشوف بالمصارف الحقلية التي تقوم بتجميع المياه الزائدة من الحقل مباشرة وتنقلها الي مصارف فرعية ثم إلى مصارف تجميع (Collector) فإلي مصارف رئيسية Main drain .

في بعض الحالات قد يحدث خلل في طلب المياه يؤدي الى ارتفاع كبير في مستوى المياه على القنوات الرئيسية ، ولذلك فإن كثيراً من القنوات  الكبيرة توجد بها مايسمى بمصارف تهريب المياه Scape drain (منفسة) حيث يتم فتح هذا المصارف في الحالات النادرة لتخفيف الضغط على القنوات الرئيسية لتجنب انهيار جسورها وما قد يصحب ذلك من اثار سالبة للغاية نسبة لضخامة هذه القنوات وما تحمله من مياه بكميات كبيرة.

ب-  الصرف شبه السطحي :

إن هذا النوع من الصرف الزراعي ينقسم الى قسمين اساسيين هما :

-  صرف مكشوف .

-  صرف مغطى .

يكون هذا النوع من الصرف داخل الحقل وهو في الأساس عملية للتحكم في منسوب المياه الجوفية شبه السطحية (تحت السطحية) داخل الحقل . وقد ظهر التقدم في هذا المجال بعد ظهور النظريات الأساسية لحركة المياه داخل التربة مع تقدم علوم الهيدروليكا والهيدرولوجيا والتي استقرت مبادئها في القرن الثامن عشر ثم ظهور قانون دارسي لحركة المياه الجوفية سنة 1856 والذي كان الاساس في كل نظريات حركة المياه الجوفية .

تتكون شبكة الصرف الحقلي ايضاً من مصارف حقلية تحمل المياه من الطبقات شبه السطحية في الحقول الى مصارف فرعية ثم الى مصارف رئيسية .

تتكون  شبكة المصارف الحقلية  المكشوفة من مجاري مائية عميقة مكشوفة تصب فيها المياه شبه السطحية الزائدة بطريقة طبيعية حسب انحدارها ، اما المصارف الحقلية المغطاة فهى عبارة عن مواسير بها  فتحات توضع تحت سطح الارض في عمق معين تحدده عوامل عديدة  . تصب هذه المصارف الحقلية في مصارف فرعية ثم عمومية فـي كثير من الاحوال تحتاج هذه الشبكات الى مضخات تسحب هذه المياه.

ج-  الصرف الشاقولي :

المفهوم العام للصرف الشاقولي هو تخفيض منسوب المياه شبه الجوفية دون منطقة الجذور ويتم استخدام هذا النوع من الصرف في الأراضي ذات الارتفاع العالي نسبياً في مستوى المياه شبه الجوفية.

ولقد استخدم الصرف الشاقولي في وادي الفرات الأسفل بسورية وكانت له نتائج جيدة ، ويعتبر هذا الأسلوب من الصرف الرأسي باعتبار أن الأساليب الأخرى من الصرف كلها أفقية . ويعتبر الصرف الشاقولي من طرق الصرف المكلفة ، حيث يتطلب شبكة من الآبار الجوفية يتم حسابها بمعادلات دقيقة، كما أن هذه الآبار تتطلب أنواعاً من المضخات الغاطسة وهذا بالضرورة يعني توفر طاقة كهربائية ، ولرفع كفاءة هذا النوع من الصرف يفضل ان يكون مرتبطاً بأجهزة تحكم أتوماتيكية لتشغيـل المضخات عنـد الحاجة ، ومن الجانب الآخر فان لهذا النوع بعض المزايا التي تشمل ما يلي:

*  تأمين تخفيض تحكم للمياه الجوفية دون منطقة الجذور مع تصفية التربة من الأملاح وهو يعتبـر الصـرف الأفضل لهذا النوع من الأراضي ذات المنسوب العالي للمياه شبه السطحية.

*  يمكن إستخدام المياه من الصرف الشاقولي في الإرواء وغسيل التربة رأسياً حيث أنها متدنية الملوحة وتعتبر صالحة للري .

*  نتيجة للصرف الشاقولي ستكون طبقة مهواة تسمح بغسيل التربة بسهولة .

*  إن المحافظة على العمق المثالي للمياه الجوفية خلال مرحلة نمو النبات يمنع إعادة التملح ويشكل ظروفاً مواتية للحصول على إنتاجية جيدة .

أما سلبيات الصرف الشاقولي تتمثل في الآتي :

*  ارتفاع الكلفة الانشائية الاستثمارية .

*  عدم تجفيف التربة بشكل متوازن حيث أن المناطق بالقرب من الآبار تجف أكثر من المناطق البعيدة من الآبار بسبب الشكل المخروط لمنسوب المياه بين الآبار والذي تكون قاعدته (أدنى نقطة) عند البئر وأقصاها في المسافة بين البئرين .

*  لدى العمل الطويل والمتواصل للصرف الشاقولي وخصوصاً في المشاريع الكبيرة والمجموعات الكثيرة للآبار فقد يؤدي ذلك إلى تملح الآبار والخزانات بسبب انجذاب المياه المالحة لها من خزانات مجاورة .

*  إن تخفيض منسوب المياه قد يؤدي إلى غسل بعض المواد العضوية الذائبة في هذه المياه مما قد يخفض من خصوبة التربة .

 يجب تصميم شبكة الصرف الشاقولي بدقة وعلى الأسس العلمية الدقيقة لتفادي هذه السلبيات وتأمين تحقيق منسوب المياه للحد المطلوب والمحدد دون زيادة أو نقصان ، وهذا بالطبع يتطلب تحريات كثيرة ومعقدة للمنطقة للوصول إلى التوازن المائي والملحي المطلوب .

1-8   ضرورة ومبررات الصرف الزراعي :

ان عملية الصرف الزراعي تصبح مطلوبة وهامة للغاية في الحالات الآتية :

أ-  عندما تكون كميات مياه الري زائدة عن الحاجة مما يؤدي انسيابها خارج الحقل وهنا يصبح تصريفها ضرورة حتمية لخلق بيئة زراعية صحيحة مواتية .

ب- في كثير من الأحيان تتسرب مياه الري الزائدة عن الحاجة الى الطبقات الأرضية العليا مما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه شبه السطحية إلى منطقة الجذور ، وهنا يصبح من الضروري تصريف هذه المياه بعيداً عن منطقة الجذور .

ج-  في بعض الحالات وخاصة في دلتا الأنهر يكون منسوب المياه شبه السطحية مرتفعاً للغاية وفي حالة ارتفاعه حتى منطقة الجذور تصير هناك حاجة للصرف لتخفيض منسوب المياه شبه السطحية عن منطقة الجذور ، ودلتا النيل بمصر من أبرز الأمثلة العربية في هذا المجال .

د-  هناك أراضي ذات ملوحة عالية ويتطلب استصلاحها عملية غسل لهذه الأملاح وفي بعض الحالات عندما تكون نفاذية التربة لا تسمح بتسرب مياه الغسل إلى المياه الجوفية العميقة فان الأمر يتطلب ايجاد وسيلة للتخلص من هذه المياه ويكمن العلاج في الصرف الزراعي بهذه الأراضي

1-9  أهمية تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية :

كما ذكر سابقاً فان 85% من المساحة المروية بالدول العربية تستخدم الري السطحي كأسلوب للري الحقلي وانه نسبة لتدني كفاءة هذا الأسلوب فان جملة الفواقد المائية تقدر بحوالي 91 مليار متر مكعب سنوياً على نطاق الدول العربية . ان هذا الفقد الكبير يعد أهم العوامل التي تدعو إلى تطوير أساليب الصرف الزراعي من أجل التوازن الرطوبي بالتربة ومن أجل الاستفادة من بعض هذا الفقد باعادة استخدام مياه الصرف الزراعي الصالح للري/للزراعة حيث يعتبر هذا الاستخدام كأحد الموارد المائية غير التقليدية الهامة في الدول العربية .

1-10  المعوقات والمشاكل التي تواجه تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية :

تشمـل المعـوقات والمشاكـل التي تواجـه تطـوير الصرف الزراعـي بالدول العربية ما يلي:

*  اتساع رقعة المساحة المروية ببعض الدول العربية حيث أن الدول العربية التي يهمها في المقام الأول تطوير الصرف الزراعي هى الدول ذات الرقعة المروية رياً سطحياً واسعاً مثل مصر والسودان والعراق وسوريا . إن هذا الاتساع الكبير في الرقعة المروية وما يصاحبها من شبكات للصرف تجعل التطوير مرتفع الكلفة ، ورغم القناعة التامة بأهمية التطوير إلا أنه يصبح في الواقع غير ممكن إلا في حدود ضعيفة للغاية .

*  اتساع المصارف بطرق الصرف تحت السطحي بالدول العربية إلا في دول محدودة مثل مصر .

*  عـدم وجــود الوسائل والآليات اللازمة لتطـوير الصرف الزراعي بأغلب الدول العربية.

*  عدم وجود البيانات الدقيقة عن الفواقد ومستوى مناسيب المياه شبه السطحية في الأراضي الزراعية المروية لتقييم الحاجة للصرف الزراعي .

*  ارتفاع تكاليف عملية الصرف الزراعي بالنسبة للمزارع العربي البسيط وخاصة في المزارع الصغيرة المنتشرة على جميع أرجاء الدول العربية .

*  تفتت جزء مقدر من الأراضي الزراعية المروية بالدول العربية لحيازات صغيرة مما يجعل عملية الصرف صعبة نسبياً .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثاني

 

مجالات تطوير

الري السطحي والصرف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثاني

 

مجالات تطوير

الري السطحي والصرف

 

 

2-1  تمهيد :

إن طرق الري السطحي التقليدية هي السائدة في غالبية البلدان العربية. وتتسم هذه الطرق بانخفاض كفاءة الري فيها والمقدرة بين %50-40 وبالتالي ترتفع نسبة الفاقد من المياه ، فهناك مشكلة كمية متمثلة بمحدودية موارد المياه ومشكلة نوعية متمثلة بتلوث الأوساط المائية وبخاصة الجوفية منها نتيجة وصول مياه الري الزائدة إلى  التكوينات الجوفية الحاملة للمياه كما هو الحال في العديد من المناطق الساحلية لبعض البلدان العربية ، ومن الضرورة بمكان الربط بين هاتين المشكلتين وذلك باستخدام مبادئ اقتصادية للحد من زيادة الطلب على المياه مع المحافظة على توفير هذه المياه بهدف زيادة الرقعة المروية . ومن هذه المبادئ وضع نظام مناسب لتعرفة المياه ، وبمعنى آخر إذا أمكن إيجاد معادلة اقتصادية ضمن مبدأ " الملوّث يدفع والمنتفع يدفع " فيمكن حل المعادلة الاقتصادية التي تربط بين تكاليف استهلاك المياه مع تكاليف طرحها في الأوساط الطبيعية، وبالتالي يمكن رفع كفاءة استخدام المياه والحد من حجم المياه العادمة الملوثة وتوفير موارد مائية إضافية لمواكبة الطلب المتزايد على الماء .

2-2  المجال التقني :

يعتبر استخدام التكنولوجيا والوسائل الفنية العلمية هو المجال الأساسي لتطوير أساليب الري السطحي والصرف القائمة بالدول العربية والتي قد يصعب تحويلها إلى ري حديث مما يؤكد أهمية العمل على تطويرها ورفع كفاءتها بأسهل الأساليب وأقل تكلفة .

ان استخدام الأساليب العلمية والفنية والتوجه نحو التقانات الحديثة المتطورة يهدف إلى تخطي التحديات والمعوقات التي تواجه استخدام خزن الري السطحي والصرف التقليدي والذين يشوبهما العديد من الاخفاقات التي تم سردها سابقاً .

تشمل الأساليب الفنية والتقنية ما يلي :

2-2-1  رفع كفاءة استخدام المياه :

يعتبر تدني كفاءة استخدام المياه بالري السطحي الصلة الأساسية والمحدد الأول لاستخدام هذا الأسلوب من الري رغم سهولة إنشاء وقلة التكلفة الاستثمارية الأولية ، وهذا ما يناسب أقل الدول العربية التي تعاني من مسائل اقتصادية كبيرة ، وقد قدرت جملة المياه المفقودة باستخدام أساليب الري السطحي بالدول العربية بحوالي 91 مليار متر مكعب ، حيث تقدر الكفاءة الكلية للري السطحي في الدول العربية بأقل من 40% ، علماً بأن الري السطحي بالدول العربية يستهلك حوالى 59% من جملة المصادر المائية بالدول العربية يمثل ذلك حوالى 76% من جملة الاستخدام الكلي للمياه بالدول العربية وهو عبارة عن 89% من الاستخدام الزراعي بهذه الدول ، حيث ان مساحة الأراضي الخاضعة للري السطحي بالدول العربية تزيد عن 85% من جملة الأراضي المروية .

تشمل أساليب رفع الكفاءة ما يلي :

2-2-1-1  رفع كفاءة سعة فقدان نقل وتوزيع المياه :

تستخدم معظم مشاريع الرى السطحي في الدول العربية القنوات الترابية المفتوحة في نقل وتوزيع مياه الري ، وهى طريقة قديمة وعقيمة في المنطقة العربية ، فقد يصاحبها فقد كبير في المياه يقدر بأكثر من 20% ويتمثل في التسرب والكسورات المتعددة على جسور القنوات وفواقد البخر-نتح الناتجة من الأعشاب التي تنمو على هذه القنوات .

كما ان نتيجة للإطماء الذي يحدث بهذة القنوات بسبب إرتفاع نسبة الطمي بالمياه تقلل سعة هذه القنوات مما يعوق حصول النبات على كفايته من المياه في الوقت المناسب وبالكميات المطلوبة مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى العطش وتعرض النبات إلى حالة الشد (Water stress) وبالتالي انخفاض شديد في الإنتاجية أو فقدها بالكامل .

كما أن الأعشاب المائية التي عادة ما تنمو في القنوات الترابية تقود إلى نفس النتيجة السابقة إذا تكاثرت وسدت مجاري القنوات المائية .

وقد شهدت العديد من المشاريع بالدول العربية توقف الري بها تماماً وهجرها أو تقليص المساحة المروية بها بسبب تدني كفاءة نقل وتوزيع المياه .

ان أساليب تطوير كفاءة النقل والتوزيع قد تشمل ما يلي :

أ-  العمل على تبطين الأقنية المائية بالأسمنت أو بالطين او بأي مواد عازلة أخرى مما يقلل من الاطماء ونمو الأعشاب وهناك معدات وآليات خاصة باعمال التبطين .

ب-  إستخدام الأنابيب البلاستيكية في نقل وتوزيع المياه تحد من مشكلة الطمي والأعشاب ، حيث ان السرعة العالية في الأنابيب لا تسمح بالأطماء بالإضافة إلى انعدام مقومات نمو الاعشاب داخل الأنابيب . وقد يعيب استخدام هذا الأسلوب ارتفاع تكلفته الانشائية مع قلة تكلفة صيانته مقارنة بالقنوات المفتوحة .

ج-  تقوية الجسور بإستخدام آليات لدك ومندلة هذه الجسور (Compaction) ، ويستخدم هذا الأسلوب في المغرب العربي وخاصة في موريتانيا رغم ضعف المساحات المروية بها ، وقد أثبت مقدرة على تقليل كمية المياه المتسربة من الجسور ، وهناك العديد من الآليات بأحجام مختلفة للقيام بهذه المهمة .

د-  استخدام الأساليب العلمية لمكافحة الأعشاب بالقنوات وتشمل الأساليب الميكانيكية ، فهناك الآليات  الخاصة لإزالة الاعشاب المائية من القنوات بسهولة كبيرة وهناك الأساليب الكيميائية باستخدام مواد كيميائية للتخلص من الأعشاب وبالطبع هذا الأسلوب يشوبه الكثير من المحاذير بسبب المشاكل البيئية التي يصطحبها وهناك الوسائل البيولوجية والتي تعتمد على تربية أنواع خاصة من الأسماك على القنوات تكون قادرة على التهام الأعشاب وتتغذى بها وهذا بالطبع  فائدة إضافية تتمثل في الأسماك التي يمكن صيدها ولكن لابد من العمل على مراقبة ذلك الأسلوب بحذر والحيلولة دون تكاثر الأسماك فوق طاقة القنوات .

2-2-1-2  تحسين التحكم في قنوات قفل وتوزيع المياه :

إن عملية التحكم في القنوات تشمل جانبين أساسيين هما :

-  التحكم في مناسيب المياه بالقنوات .

-  التحكم في التدفق داخل القنوات .

وعليه فان التحكم في مناسيب المياه بالقنوات يتطلب أولاً تطوير أساليب رصد هذه المناسيب ونقل المعلومه باسرع فرصة لمركز التحكم . وتعتمد الأساليب المتبعة على القراءة اليومية بواسطة خفراء القنوات ونقل المعلومة للمركز بأساليب تقليدية أفضلها التلفون إذا وجد ، وهناك أساليب رصد للمناسيب من البعد وإرسال المعلومة للمركز بواسطة أجهزة لاسلكية تقوم بتسجيل المعلومة وإرسالها للمركز فوراً وهناك أساليب اكثر تطويراً باستخدام الأقمار الصناعية والشهب لنقل المعلومة للمركز مما يساعد كثيراً على التحكم في القنوات . لقد أدخلت في الكثير من شبكات الري طرق رصد ونقل المعلومة من البعد ، مما ساعد في تطوير التحكم في مناسيب الأنهر والقنوات .

أما أساليب التحكم في التدفق التقليدي فهى تعتمد على مناسيب المياه خلف نقاط التحكم أى أنها تعتمد على الوارد من المياه (على العرض) ، أما الأساليب الحديثة والتي طورت في فرنسا فهي تعتمد على التحكم من خلال مناسيب الأمام اى عن طريق الطلب وهى منظمات جيدة ومتطورة تعمل اتوماتيكياً وتقوم بتنظيم التدفق للأمام حسب الطلب ، وهذا يعني تمرير كميات المياه المطلوبة دون زيادة أو نقصان .

هناك بعض شبكات الري المفتوحة التي يمكن أتمتة بعض جوانبها. أولى وسائل التحكم في هذه الشبكات يمكن أن يكون من خلال التحكم في المضخات المغذية لهذه الشبكات .

أما القنوات التي تتغذى من خزانات مائية بواسطة الراحة  (Gravity) أو الانسياب الطبيعي فيمكن التحكم في تدفقاته من خلال التحكم في منسوب المياه داخل الخزانات التي تغذي هذه القنوات ، ويتم ذلك عبر فتح أبواب مأخذ القنوات بإبقاء منسوب المياه في الخزان ثابتاً ، فكلما زاد التدفق من الأحباس العليا وارتفع منسوب المياه تنفتح أبواب مأخذ القنوات أتوماتيكياً للمحافظة على المنسوب في الخزان . يتم ذلك عبر عوامات وأوزان ثقيلة لتحريك أبواب المأخذ. إن هذه الطريقة في التحكم لا تناسب طلبات المياه المتغيرة خلال فترات زمنية بسيطة ولكنها تعتبر جيدة وتناسب التدفقات الثابتة لفترات طويلة.

 

هناك وسيلة أخرى لأتمتة القنوات المفتوحة بواسطة تثبيت المنسوب الأمامي لمأخذ القناة  (Downstream level)  ويتم ذلك أيضاً عبر عوامات وأوزان ثقيلة  (Floats & Weights)  وبهذه الطريقة يمكن أتمتة تدفقات القناة ومقابلة كاملة المتطلبات المائية حتى المتغيرة منها في كل حبس في القناة ، وتعتبر هذه الطريقة تقليدية مقارنة بالطرق الأخرى المتطورة ولكن لها العديد من المزايا مقارنة بطريقة التحكم اليدوي للقنوات ، كما أنها قد تكون أفضل من طريقة التحكم بواسطة المنسوب الخلفي للمياه   (upstream level) . تعمل القنوات المفتوحة المتحكم فيها بهذه الطريقة، مثل شبكة الأنابيب المتحكم فيها بواسطة الضغط والتي سبق التعرض لها .  ولهذا فهي يمكن أن تلبي طلبات مياه متغيرة ولكنها ليست مرنة التشغيل مثل شبكة الأنابيب . إن التحكم الآلي للتدفقات يتم كلما انخفض منسوب المياه في نقطة معينة أمام المأخذ وتمر موجة المياه عبر المأخذ وفقاً لسرعة انخفاض منسوب المياه في هذه النقطة المعينة . لهذا فقد يكون هناك تأخير في التدفق إذا تأخر وصول المياه للمأخذ مما يستوجب توسيع القنوات لاستيعاب هذه الحالات ، عندما لا يكون هناك سحب للمياه تصبح القنوات سلسلة من الخزانات ذات مستوى ثابت ، ولهذا فلابد من مراعاة ذلك عند تصميم القنوات.

إن أبواب القنوات التي يتم فيها التحكم من خلال المنسوب الأمامي تسمح بتدفق المياه في قنوات جانبية بإستخدام نظام مناسب حيث أنها تعمل حسب منسوب ثابت يضمن تدفق الكميات المطلوبة من المياه في كل القنوات الجانبية دون أن يؤثر التدفق في أي قناة جانبية على التدفق في القنوات الأخرى.

هناك طريقة أخرى متطورة للتحكم في القنوات يتم التحكم فيها بواسطة أجهزة إرسال   (Transmitters)  كهربائية توضع في مناسيب مختلفة ، وتشغيل هذا النظام يحتاج إلى أجهزة لإرسال البيانات المطلوبة عن المناسيب والبيانات الأخرى.

يتميز هذا النظام عن الأنظمة الأخرى  للتحكم في القنوات المطلوبة في التدفق لارتباطها بالتوصيل الكهربائي لجهاز الإرسال ، ولكن هذا النظام ليس بصلابة النظم الأخرى لحساسيته الشديدة وقابليته للتلف أكثر من الأجهزة الأخرى.

إن التطور المتسارع لأجهزة الكمبيوتر قد فتح الباب واسعاً لاتمتة أجهزة الري المختلفة. إن أول مميزات الحاسوب هو إمكانية حساب الاحتياجات المائية مقدماً بدقة شديدة وعمل برامج متكاملة لجدولة الري وتشغيل المعدات للإيفاء بهذه الجدولة وتأكيد التدفقات المطلوبة والمحافظة على مناسيب المياه المحددة وهذا يمكن تطبيقه في القنوات المفتوحة وشبكات الأنابيب ، كما أنه باستخدام هذه الأجهزة الحاسبة يمكن تحديد طريقة التشغيل الملائمة لمأخذ القنوات بسرعة هائلة وفي فترة زمنية قصيرة للغاية، كما يمكن وضع برامج تقوم بموجبها أجهزة الحاسوب نفسها بعملية بدء تشغيله وإيقافه وتغير نمطه ، أي التحكم الكامل في عملية التشغيل أتوماتيكيا وهذا يعتبر تقدماً مهولاً في عملية أتمتة أجهزة الري في القنوات المفتوحة ويمكن اختيار الطريقة الملائمة حسب أهمية القناة واقتصاديات المشروع المعين.

إن مميزات استخدام الحاسوب في أتمتة القنوات المفتوحة متعددة ، منها إمكانية إرسال الإشارات إلى أجهزة القنوات وتشغيلها من البعد والتعرف على التدفق ومناسيب المياه في كل نقطة تحكم. كما يمكن الإعداد المسبق لبرنامج فتح وقفل أبواب مأخذ القنوات لضمان توفير المتطلبات المائية ، كما أنه باستخدام الحاسوب قد لا تكون هناك حاجة للمحافظة على مناسيب عالية في القنوات مما يقلل من مخاطر كسر جسور القنوات وعدم تعرض الأجهزة لحمولات زائدة والتعويض عن التسرب الذي قد يحدث في القنوات ،  ولكن أهم مميزات استخدام الحاسوب للتحكم في القنوات المفتوحة هو إمكانية تشغيل الشبكة بناء على معطيات دقيقة عن مناسيب وتدفقات المياه في كل النقاط المعينة.   كما أن استعمال هذه الأجهزة  يقلل من الصيانة اللازمة للأبواب مقارنة بأساليب التحكم الكهربائية والميكانيكية.

إن إدخال أنظم التحكم الآلي في شبكات الري القديمة القائمة قد يكون معقداً بعض الشيء . هناك العديد من الدول في العالم ذات خبرة عريقة في نظم الري التقليدية السطحية ولكنها تقوم حالياً بتطوير شبكات الري إذ لم يعد من الممكن أو المقبول الاستمرار في هذه النظم التقليدية والمعتمدة على الري المستمر ليل نهار طوال الأربعة والعشرين ساعة ، وقد أصبح من الضروري تبني طرق ري أخرى أكثر ملائمة مع المحافظة على المنشآت المائية القائمة.

إن إقامة بوابات للمنشآت القائمة تعمل أتوماتيكيا حسب مناسيب المياه خلف المنشآت يحسن من أداء المنشآت ويقلل من الحاجة  للعمالة مع احتمال أن يؤدي وضع هذه الأبواب إلى فقد في فرق التوازن وهذا يتطلب بالضرورة إعادة النظر في المناسيب. إن إدخال الاتمتة في شبكات الري السطحي التقليدية القائمة عن طريق التحكم في المناسيب أمام المنشآت قد لا يكون سهلاً في كثير من الأحوال نسبة لضخامة الإنشاءات الهندسية الإضافية اللازمة لذلك وخاصة في جسور القنوات وضرورة رفع مناسيبها بالإضافة إلى أن انحدار القنوات قد لا يناسب تطبيق هذه التقانة ، كما أن رفع المناسيب قد يتعارض مع بعض المنشآت الأخرى على القناة من معايير وخلافه.

إن أهم المشاكل التي يجب الانتباه إليها عند إدخال نظم الري الآلي في الشبكات القديمة القائمة هي أن عدد ساعات التشغيل ستقل عن ساعات العمل التي بموجبها تم تصميم القنوات في الأساس مما قد يؤدي إلى عدم إمكانية إيفاءها للمتطلبات المائية ، وخاصة في ذروة الاحتياجات المائية وهذا بالطبع يتطلب زيادة سعة القنوات ولكن باستخـدام الحاسوب ، كما سيرد لاحقاً قد يكون من الممكن تجاوز هذه المشكلة.

2-2-1-3  الاتمته في المضخات :

تعتمد كثير من مشاريع الري السطحي في الدول العربية على رفع المياه من المصادر اباراً  كانت أو أنهاراً على المضخات ، وتعتبر أتمتة المضخات من أهم وسائل تطوير هذه المشاريع .

إن من أول أهداف الاتمتة في المضخات بالإضافة إلى التحكم في التدفقات هو حماية محرك المضخات الكهربائية ، ولتحقيق ذلك فقد تم تصميم جهاز لإيقاف المحرك عندما تزداد سعة التيار الكهربائي عن الحد الأقصى المسموح به دون إلحاق أي أضرار بالمحرك ، أما بالنسبة لمحركات الديزل فهناك أجهزة لإيقاف الاحتراق إذا نقصت كمية الزيوت بالمحرك أو ارتفعت درجة حرارته عن حد معين أو عندما يحدث خلل في الأجهزة الهيدروليكية منعاً لحدوث فجوات ضغط    (cavitation)  . أما في حالة وجود آبار جوفية مرتبط بعضها ببعض فيمكن بسهولة التحكم في الضخ المشترك بإيقاف البعض عندما تقل الحاجة وتشغيل العدد المناسب عند ارتفاع الطلب ، وهذا بالطبع يتم حسب حالة  الخزان المائي وسعة كل مضخة.  إن أتمتة شبكة الري في الآبار الجوفية تساعد كثيراً على الاستغلال الأمثل لهذه الموارد المائية وتؤدي إلى تخفيض كبير في استخدامات الطاقة باستخدام أفضل للآبار لتوفير كمية المياه المطلوبة.

يمكن التحكم في المضخات عن طريق الاتصالات اللاسلكية والإشارات الهوائية أو عبر التوصيلات  الكهربائية من الشبكات العامة أو باستخدام البطاريات في المناطق النائية. كما أن هناك وسيلتين أساسيتين للتحكم في المضخات ، الأولى من خلال التحكم في تشغيل المضخة وفقاً لمنسوب المياه في خزان معلى Elevated tank حيث يمثل هذا الخزان الضغط المطلوب في الأنابيب التي تنقل المـياه من المضخات .  يتم التحكم في منسوب المياه بالخزان من خــلال عوامـة أو آلة تحكم أكثر دقة تمثل الضغط الاستاتيكي (Hydrostatic Pressure  عند قاع الخزان أو عبر مقاومات كهربائية  (Electrical Resistance)  والتي تتغير مع كمية المياه. إن من أهم سمات هذه الوسيلة للتحكم في المضخات هي أنها يمكن الاعتماد عليها أكثر من غيرها من الوسائل ، كما أنها أكثر ملائمة للمضخات حيث أن تشغيل وإيقاف المضخات يتم خلال فترات زمنية معقولة وليس فجاءة مما يساعد على عدم رفع درجات حرارة المضخات التي تتأثر كثيراً بالتشغيل والإيقاف المفاجئ .

تتحسن كفاءة تشغيل المضخات تحت الأتمتة كثيراً بإدخال نظام للتحكم يشمل كل الوحدات العاملة كوحدة متكاملة وليس التحكم المفرد لكل مضخة على حده ، وهذا نظام متوفر ويخفض كثيراً من تكلفة التشغيل. إن تكلفة الخزان المعلى لا تتأثر كثيراً بحجم وعدد المضخات التي يخدمها ، لذلك فكلما زادت تغطيته لعدد أكبر من المضخات كلما قلت تكلفته للوحدة .

أما الوسيلة الأخرى لأتمتة المضخات الكهربائية فتتمثل في إيقاف وتشغيل المضخات أتوماتيكيا وفقاً للتدفقات وذلك عبر حاسب للتدفقات   (flowmeter) ، فإذا زادت التدفقات عن البرنامج المتفق عليه يتم إيقاف المضخة أتوماتيكيا بانقطاع التيار الكهربائي عنها ويتم أعادته عندما ينخفض التدفق عن مستوى معين محدد مسبقاً حسب متطلبات الري. بهذه الطريقة يمكن إرسال إشارة لكل المضخات وفق البرنامج المحدد للتدفقات . إن هذه الطريقة لأتمتة المضخات تتطلب مضخات ذات مواصفات متطابقة ومتشابهة حيث لا يمكن إدخال مضخات مختلفة في نظام واحد متكامل مع ضرورة أن يكون التدفق متوازن بينها ، ولضمان خلق الضغط الأدنى المطلوب في الشبكة عند حدوث تسرب أو فقد للمياه من الشبكة يتم تركيب مضخة صغيرة إضافية تعمل عند انخفاض الضغط وتعمل على إرجاع  الضغط للمستوى الأدنى وتعمل هذه المضخة بواسطة محبس هواء صغير يتحكم في تشغيلها .

إن أسلوب التحكم في المضخات بواسطة حاسب المياه هو أكثر اقتصاداً من الأسـلوب الأول المرتبـط بالخـزان المـعلى  ،إلا أنه يتطلب أجهزة كهربائية أكثر تعقيداً . تجدر الإشارة إلى أن الأوضاع التشغيلية التي تتعرض لها أجهزة التحكم الكهربائية الميكانيكية للمضخات قد تواجه بعض المشاكل نسبة للإيقاف والتشغيل المتكرر خاصة في فترة أقصى الاحتياجات المائية للنبات أو في حالة هطول أمطار غير متوقعة ، ولذلك لابد من تصميم هذه الأجهزة لاحتمال هذه الأوضاع التشغيلية الصعبة.

2-2-1-4  تحسين وسائل الري الحقلي :

تمثل فواقد الري الحقلي أو ما يسمى أيضاً بفواقد الاضافة الجزء الأكبر من فواقد الري السطحي حيث تقدر كفاءة الاضافة في الري السطحي بالدول العربية حوالي 40-50% وتبلغ حوالي 60% من جملة الفواقد الكلية للري السطحي ، وهى تعتبر بذلك أضعف نقطة في حلقة الري السطحي وتحتاج لمجهودات كبيرة لتقليل هذه الفولقد .

يعتمد الري السطحي التقليدي على الغمر الكلي للأرض مما يؤدي إلى إرتفاع الفواقد المائية . وإن تقليل نسبة الغمر قد يساعد كثيراً على تقليل الفواقد ، لذلك نجد انتشار أسلوب السرابات الطويلة التي لها فواقد أخرى على الإنتاج ولكنها ذات فائدة كبرى في تقليل الفواقد المائية وتحسين كفاءة الري الحقلي.

من الأساليب الأخرى لتحسين أساليب الري الحقلي ضمن أسلوب الري السطحي هو برمجة الري بحيث يتم الارواء على دفعات صغيرة وفترات قصيرة مما يساعد كثيراً على الفواقد من التبخر من سطح الماء والتسرب إلى أعماق تحت منطقة الجذور.

من الأساليب الجديدة استخدام التدفق المتقطع Surge Irrigation وهى عدم ارسال الماء دفعة واحدة ولكن على دفعات وهو شبيه بالأسلوب السابق ولكن يختلف في أنه ري مستمر . وقد قدرت كفاءة هذا الأسلوب بحوالي 75% مقارنة  مع 50% للأسلوب التقليدي ، ومن الأساليب الحديثة المتطورة في الري السطحي إستخدام الري على مسارات Border Irrigation ،  وهذه الطريقة تتطلب التحكم في تسوية الأرض حتى لا تنساب المياه بسرعة وتتراكم فـي نهاية المسار بل يجب ان تسير بسرعة مناسبة تمكن من تغلغل المياه فـي الأرض بنسبة معقولـة على طول المسار من بدايته حتى نهايته مع أقل الفواقد.

2-2-1-5  استخدام الاتصالات الحديثة :

يساعد كثيراً استخدام الاتصالات لإيصال المتطلبات المائية في رفع كفاءة استخدام المياه ، فمن خلال شبكة الاتصالات يمكن ايصال طلبات المياه من الأجزاء المختلفة من المشروع إلى التحكم دون أخطاء بشرية وتوفير المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب.

2-2-1-6  الاعتبارات العامة لأتمتة شبكات الري السطحي :

إن أهم عوامل الري هي متى يتم الري وما هي الكمية التي يتم إطلاقها في كل رية أي الزمن والكمية .

إن أول المؤثرات علـى زمـن وكميـة الـري هـو مستـوى الرطوبة في التربة ، ولهذا فهي من العوامل التـي يجب معرفتها قبل تحـديد زمـن وكميـة الرية. هناك العـديد مـن الطرق لتحديد هذه المعلومة .  أدنى وأسهل الطرق هي عبر مقاسات البخر ومقاسات رطوبة التربة  Tensisometer)    (Evaporometer &وكلا الجهازين يقوم بقياس المعلومة من التربة رأساً عبر مجسات خاصة . وانطلاقا من هذه المعلومات يتم تحديد وبرمجة الري وهذا ما يعرف بالري حسب الطلب . (Irrigation on demand ) . هناك طرق تقليدية مبنية على تجارب المزارعين ومن واقع البحوث لتحديد برامج للري حسب المواقيت الزمنية وهذه الطريقة تعرف بالطريقة المؤسسية   (Reestablished)  .

تستخدم طريقة الري حسب الطلب مع أبواب القنوات المتحكم فيها بالمناسيب الأمامية الثابتة ، وهناك أبواب يمكن التحكم فيها لتوفير كميات ثابتة من المياه.

أما التحكم في الري بالأنابيب تحت الضغط فيناسب الري حسب الطلب بشكل أفضل من القنوات المفتوحة نسبة لسرعة استجابة الطريقة للتغيرات في طلب المياه ، ولهذا فإن هناك تصور بأن الري حسب الطلب يرتبط فقط بطرق الري التي تستخدم الأنابيب مثل الري بالرش ، وهذا تصور غير صحيح إذ أنه يمكن استخدام القنوات المفتوحة في طريقة الري حسب الطلب كما سبق ذكره.

إن الفرق الأساسي بين الري حسب الطلب والري المؤسسي هو أن في الأول يكون الطلب للري من المزارعين وقد يحدث في وقت واحد مما يستوجب أن تقوم شبكة الري بتحرير كميات من المياه تزيد عن التدفق المستمر في القنوات ، وفي حالة الري المؤسسي فهناك مجال لتعديل برنامج الري بما يتناسب وسعة القنوات.

هناك عامل آخر مرتبط بالري الآلي وهو درجة الحرارة .  ففي البلاد الباردة قد يكون من الضروري إيقاف الري إذا تدنت درجة الحرارة عن حد معين لتجنب تجمد الرذاذ المتساقط ، لهذا فإن الأجهزة في هذه الحالة تكون مرتبطة بمقياس للحرارة ويتم إيقاف جهاز الري آلياً إذا دنت درجة الحرارة عن الحد المعين.

وهناك جهاز آخر مرتبط بأشعة الشمس يقوم ببدء وتشغيل جهاز الري آلياً حسب درجات الحرارة .

2-3  المجال الإداري والمؤسسي :

قادت التجربة العربية في إدارة المياه تحت ظروف الندرة والجفاف معاً إلى  استنباط أسس ومفاهيم ومبادئ قابلة للتطبيق بشكل واسع نظراً لوجود أكثر من %40 من اليابسة مناطق جافة وشبه جافة. ومن أهم هذه الأسس المستنبطة مفهوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية الذي يجمع بين المنظور الهندسي للمشكلة المائية والمنظور الاجتماعي لها (الفعاليات البشرية والنظم الاجتماعية والبيئية) والذي يعبر عن النهج التكاملي في التخطيط وإدارة الموارد المائية المتاحة والذي لقي قبولاً واسعاً في المؤسسات المائية في الوطن العربي .

2-3-1   تطور مفهوم إدارة الموارد المائية :

تطور مفهوم إدارة الموارد المائية خلال العقود الماضية. ففي عام 1977 اعتبر كنها (Cunha)  وآخرون هذا المفهوم من الأعمال والتدابير التي تحقق بمجموعها الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة، وتشمل هذه المجموعة كلاً من التخطيط المائي Water planning والتشريع المائي والبحوث المائية والتدريب والتوثيق ونظم المعلومات . أما خطة ماردل بلاتا عام 1977 الواردة في دراسة واثق رسول آغا حول استراتيجية الموارد المائية فـي منطقـة الشرق الأدنى ، فقد بلورت عدة مفاهيم حول

إدارة المـوارد المائية أهمها الارتباط العضـوي بين السياسة المائية والتخطيط والإدارة، وأفرزت أيضاً فصلاً لموضوع ترشيد استخدامات المياه وفصلاً آخر للجوانب البيئية ومكافحة التلوث. وفي العام نفسه طرح مفهوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية International water resources management في مؤتمر ماردل بلاتا . لقد ارتكز هذا المفهوم في السبعينيات على مبدأ التخطيط المركزي وبالتالي تبلورت فكرة إعداد خطط مائية وطنية Water Master plan ، وبالتالي تبلورت فكرة الإدارة المركزية للموارد المائية (Central planning & management) ، ومع نهاية الثمانينيات رأى رسول آغا(1) أن مفهوم إدارة الموارد المائية ما هـو إلاّ عملية معقدة تشمـل كـل المراحـل المتكاملة لأعمال التخطيط والتنفيذ والتشغيل وصيانة الموارد المائية، آخذة بعين الاعتبار كل المعوقات والعوامل المؤثرة والفاعلة في ذلك، وساعية لتقليل المنعكسات السلبية على البيئة، وعاملة على زيادة العوائد الاقتصادية للمجتمع ولإحداث التوازن بين الموارد المتاحة والطلب عليها" .  وتكمن أهمية هذا الرأي فـي أخذه بعين الاعتبار الآثار البيئية للموارد المائية Environmental impacts assessment، إذ من الضرورة بمكان للإدارة الرشيدة أن تسعى للحد من الآثار السلبية وزيادة الفوائد الإيجابية لعملية إدارة الموارد المائية .

ومع مطلع التسعينيات وعلى الرغم من أن الإدارة المتكاملة للموارد المائية مازالت حجر الأساس في السياسات والخطط المائية الوطنية إلاّ أن النهج التكاملي قد تبدّل بسبب صعوبة تنفيذ خطط مركزية عملاقة شاملة من الناحية العملية لأسباب اقتصادية واجتماعية وطبيعية، وبالتالي طرأ تحول وتغير على مفهوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية، إذ انتقل من الشمولية المطلقة Comprehensiveness إلى  الترابط المنطقي Coherence ، أي تحويل الاتجاه في مجالي التخطيط والإدارة من العمليات المعقدة إلى  العمليات الأكثر تبسيطاً وفعالية(2) .

2-3-2  الإدارة المتكاملة للموارد المائية :

في سبيل تحقيق المبادئ الأساسية للسياسات المائية (الاستدامة والعدالة وحماية البيئة) اقترح العاملون فـي الإدارة المتكاملـة للمـوارد المائيـة فـي ضـوء التجارب الوطنيـة للعديد من مناطق العالم عدداً من الأساليب والمناهج تختلف باختلاف الدول ومجتمعاتها، وتبلورت هذه المناهج كالتالي :

 

 (1)  وائق رسول أغا ، "استراتيجية إدارة الموارد المائية في منطقة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا لتحقيق الأمن المائي" ، ورقة قدمت إلى : اجتماع خبراء بشأن الأمن المائي في منطقة الاسكوا ، دمشق 12-16 تشرين/نوفمبر 1989 .

(2)  جان خوري ، "الإدارة المتكاملة للموارد المائية في الوطن العربي" ، ورقة قدمت إلى إجتماع  خبراء رصد مصادر المياه والقوانين والتشريعات وإدارة المصادر المشتركة للمياه الطبيعية ، الكسو ، طرابلس ، 3-6 تشرين الأول/اكتوبر 1994 .

أ-  المنهج الشمولي Holistic approach  :

يقوم هذا المنهج على تقييم وتنمية وإدارة الموارد المائية السنوية ووضع السياسات المائية القطاعية في إطار السياسة الوطنية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة نظراً لمحدودية الموارد المائية وحساسية الأوساط المائية. ويلاحظ هنا أنه على الرغم من تولد القناعة لدى المسؤولين عن القطاعات التنموية بضـرورة  تطبيق هذا المنهج إلاّ أن إدارة هذه القطاعات وتخصيص المياه (للري وللشرب وللصناعة) لديها غالباً ما يتم بصورة مستقلة مما أدى إلى  تدنّي كفاءة استثمار الموارد المتاحة وإلى تدهور الوضع المائي وبخاصة في الأحواض المائية الجوفية .

ب-  المنهج التشاركي Participatory approach :

يقوم هذا المنهج على التفاعل السليم بين واضعي السياسات المائية وعامة السكان المستفيدين من هذه السياسات وذلك بإشراك المستفيدين من المشروعات المائية في كل من عمليات تخطيط وتنفيذ هذه المشروعات . وهذا لايتم عادة إلاّ بتطوير الوضع المؤسسي والتشريعي من جهة، وبتنظيم المستفيدين أنفسهم في جمعيات أو اتحادات تعبر عن مصالحهم ورغباتهم من جهة أخرى .

ج-  المنهج الاقتصادي Economical approach :

ينادي الكثيرون من العاملين في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتعامل مع الماء على أنه "سلعة اقتصادية" وبالتالي يجب استخدام المبادئ الاقتصادية لحل المشكلات المائية كونها تسهم بشكل فعال في رفع كفاءة استخدامات المياه وتقليل الهدر. وعلى الرغم من صعوبة تحديد قيمة المياه في الدورة الهيدرولوجية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية إلاّ أنه من الضروري أيضاً معاملته الآن كالنفط "عديم القيمة وهو في باطن الأرض وذي القيمة الكبيرة فوقها " ، أي يترتب على إنتاج الماء وتحويله من مورد إلى  إمدادات تكلفة إضافية في التخزين والتوزيع والمعالجة والصيانة والتشغيل .

مع ذلك لاتزال العديد من مشاريع الري الكبرى في الوطن العربي تفتقر إلى  التقنيات الحديثة في إدارة مياه الري . ويشمل ذلك حساب المقننات المائية لكل نوع من المزروعات، وكذلك جدولة توزيع مياه الري على أسس علمية دقيقة باستخدام تقنيات الحاسب الآلي المتقدمة . ولقد لوحظ حتى في المشاريع الكبرى عدم الدقة في تقدير فتحات عشرات البوابات على القنوات وبالتالي إهدار كميات كبيرة من مياه الري وعدم توازن توزيعها. وعلاوة على ذلك فإن عدم استعمال بنك المعلومات الخاص بإدارة البيانات الخاصة بالري والمزارع سبب إرباكاً لهيئة الإدارة الخاصة بتشغيل مشاريع الري الكبرى وبالتالي تقل كفاءة توزيع المياه .

والواقع أن القطاعات الزراعية في العديد من البلدان العربية في السنوات الأخيرة كانت مخيبة للآمال نظراً لأن السياسات الكلية التي انتهجتها الحكومات والمتمثلة بسياسات التسعير والدعم قد عاقبت الزراعة من ناحية، ولأن السياسات الاستثمارية انحازت إلى  مشروعات الري الضخمة من ناحية أخرى. وعلى رغم الاستثمار الكبير في مجال الري فإن الافتقار إلى الكفاءة في إدارة المياه (بسبب التصميمات المعيبة وضعف الصيانة وسوء الاستعمال) فان النتيجة لم تكن مرضية للغاية .

2-4  المجال القانوني والتشريعي والسياسات :

إن الأسلوب المباشر لتنظيم استعمال المياه بهدف رفع كفاءة استخدامها هو التقنين حيث يمكن أن يحقق التخصيص أو ترشيد توصيل المياه أثراً إيجابياً أيضاً ، ويمكن أن تؤدي هذه التدابير إلى  زيادة العائد من موارد المياه المحدودة . وتمثل " الرقابة المباشرة"  على "الأنماط المحصولية" خياراً آخر يمكن أن يخفض ، من حيث المبدأ ، استهلاك المياه على مستوى المزرعة، غير أن تقنين الأنماط المحصولية قد يقيد قدرة المزارع على الاستجابة لقوى السوق ومن ثم تنجم عنه آثار سلبية في صافي دخل المزرعة وفي القيمة المضافة الزراعية .

وتنظيم استغلال المياه الجوفية شائع ولكنه كثيراً ما يمثل مشكلة عسيرة، إذ أن السحب على المكشوف من دون ضابط من مستودعات المياه الجوفية ليس نادراً في بلدان المنطقة ، ولا تتوفر القدرات الإدارية للمراقبة السليمة بالقدر الكافي وينبغي تعزيزها وتجهيزها بوسائل المراقبة التقانية الحديثة، إذ بلغ السحب على المكشوف نسباً خطيرة في بعض بلدان المنطقة (الأردن وليبيا وفي بعض المناطق في سوريا وبلدان أخرى) وينبغي الحد منه .

تلعب الضوابط الاقتصادية وبخاصة السياسات السعرية المائية دوراً فاعلاً في مجالات ترشيد استخدامات المياه ، والواقع أنه إذا لم تتخذ مثل هذه الضوابط في الوطن العربي فلن تعطي الوسائل التقنية السابقة أية نتائج مرجوة . وكما ذكر آنفاً لابد من تحديد هيكل تعريفة المياه القائم على معرفة تكاليف إنتاج وتوزيع المياه من جهة ، والظروف الاقتصادية والاجتماعية لمستهلكي المياه من جهة ثانية. في مجال الاستخدام الصناعي لابدّ من تطبيق مبدأ " الملوّث يدفع " المعمول به في الدول المتطورة، وفي حالة استحالة تطبيق هذا المبدأ يفضل تركيز النشاطات الصناعية في مناطق صناعية لسهولة معالجة مخلفات هذه الصناعات وتطوير ما يعرف بـ " سوق إعادة التدوير " للمياه .

2-4-1  تكلفة إتاحة المياه :

ينبغي أن يكون التدخل بالوسائل المالية وفقاً لمبدأين مقبولين هما : مبدأ دفع ثمن الاستعمال ومبدأ تغريم المتسبب في التلوث . وينظر إلى  هذين المبدأين على أنهما عادلان وأنهما يؤديان في أكثر الأحيان إلى استعمال كفء للمياه .

هناك مناهج كثيرة لوضع هيكل لوسائل التدخل المالية يؤيد أحدها فكرة أن يكون التمويل الكامل لكلفة توريد المياه على حساب المستعملين، بينما يحبذ نهج آخر التسعير بمستويات تكافؤ الكلفة الحدية للمياه . وعادة ما تكون رسوم المياه ، في الواقع العملي، أدنى من المستويات اللازمة لاستعادة التكاليف المالية ناهيك عن المحافظة على استمرار تمشيها مع زيادة التكاليف الحدية حيث توضع بمستويات لاتقترب من القيمة الحقيقية للمياه . ففي الجزائر تبلغ الكلفة الحدية الطويلة الأجل للمياه الموجهة إلى  المستهلكين الحضريين، بما في ذلك توريد توزيع المياه ، حوالي 0.52 دولار أمريكي للمتر المكعب بينما يبلغ رسم المياه في المتوسط 0.12 دولار أمريكي للمتر المكعب . والتناقض أوضح في الري إذ تبلغ رسوم المياه الحالية في المتوسط 0.02 دولار أمريكي للمتر المكعب مقابل متوسط كلفة حدية للمياه تبلغ 0.32 دولار أمريكي. وفي الأردن تقارب رسوم مياه الري في شبكات الري العامة حالياً نصف تكاليف الصيانة والتشغيل. وفي مصر يتراوح مجموع كلفة توريد وتوزيع المياه الخام بين 0.03 دولار أمريكي في المناطق الريفية و 0.25 دولار أمريكي في المناطق الحضرية الرئيسية، بينما لايزيد متوسط رسوم المياه التي يدفعها المستهلكون في المنازل على 0.03 دولار أمريكي للمتر المكعب، وينبغي أن تضاف إلى  التكاليف السالفة الذكر كلفة جمع ومعالجة مياه الصرف الصحي، التي يبلغ متوسطها، بحسب التقديرات ، ما يتراوح بين 0.12 دولار أمريكي للمتر المكعب في المغرب و 0.37 دولار أمريكي للمتر المكعب في الأردن (إعادة استعمال مياه الصرف في الري) ، ومن هنا فإن الجمهور لايدرك القيمـة الاقتصادية للمياه ، ومـع انخفاض مستويات رسـوم المياه فإنه يفتقـر إلى  الحافز على   الحفاظ على المياه ، وبالتالي فإنه لايمكن توقع أن يتحمل الجمهور مسؤولية حماية وحفظ المياه(1) .

تهدف معظم الحكومات إلى فرض رسوم على استعمال المياه من شأنها أن تغطي تكاليف صيانة وتشغيل المرافق الحضرية، وفي حالات كثيرة أيضاً جزءاً من التكاليف الرأسمالية . ولكنها كثيراً ما تفشل ، من الناحية العملية، عن تنفيذ سياساتها مما قد لا يمكنها من تغطية التكاليف . وحتى في الأردن، حيث تقترب رسوم المياه الحضرية من الكلفة الحدية الطويلة الأجل للإمدادات الجديدة من المياه، فإن الهدر غير المبرر وغيره من العيوب يستوجب تقديم دعم حكومي. وعادة ما تكون الحكومة هي المالكة والمديرة لخدمات  توريد المياه ، ويرى البعض أنه ينبغي تقديم مستوى معين من خدمات المياه والصرف بكلفة في حدود طاقة الجميع للمحافظة على معايير الصحة العامة . وعلى الرغم من صواب هـذا الرأي فإن الخدمات التي تزيد على الاحتياجات الأساسيـة ينبغي دفع رسوم مقابل كلفتها الحقيقيـة.

أما رسوم مياه الري فهي أقل بكثير عادة حتى من المستويات غير الوافية لقطاع البلديات، إذ تعزف كثيراً من الحكومات عن قبول مبدأ استعادة كلفة مياه الري وتعمد إلى  إبقاء رسوم مياه الري أدنى من مستويات استعادة الكلفة الكاملة كتعويض من انخفاض دخول المزارعين المقيدة بهدف إبقاء أسعار الأغذية منخفضة في السوق والمحافظة على فرص العمل الزراعية والحد من الهجرة المكلفة من المناطق الريفية إلى  المناطق الحضرية. غير أن "الري المجاني" يعطي المزارع "إشارة خاطئة" وبالتالي ينبغي أن تكون زيادة رسوم مياه الري عنصراً مهماً في بحث إزالة تشوهات الأسعار، أي وضع الأسعار في نصابها .

ولم يسلَّم سوى عدد قليل من البلدان بضرورة فرض رسوم " بصورة وافية" على إمدادات مياه الري . ففـي المغرب ينص قانون المياه على أن يخضـع استهلاك  المياه كله لدفع رسوم على أساس عام حتى إذا ظلت المعدلات في مجال الري ، في الواقع العملي، أدنى بكثير من المعدلات في المناطق الحضرية. وفـي معظـم البلدان لايزال الري "مجاناً " ، ففي مصر ، توفر إمدادات المياه السطحية للري مجاناً وتمول هيئات المياه من الضرائب وغيرها من الإيرادات العامة.

 

(1) Jeremy Berkoff, A strategy for managing water in the Middle East and North Africa, Directions in development (Washington, DC: World bank, (1994)

وأي زيادة ذات شأن في رسوم المياه ستؤدي إلى وفورات في استعمال المياه عن طريق تشجيع المزارعين، على سبيل المثال ، بإقامة نظم ري تحقق وفراً في المياه ، وتكييف أنماطهم المحصولية بحيث تحقق صافي عائدات أمثل .

غير أن تكلفة اتاحة المياه قد أخذت تحظى باهتمام متزايد في كثير من بلدان المنطقة مثل الأردن وسوريا ومصر وغيرها ، وتتجه كثير من البلدان حالياً، من حيث المبدأ ، إلى ضرورة زيادة رسوم المياه .

هناك مفاهيم عديدة لتحديد أفضل السبل لتحديد رسوم المياه ، وأحد المناهج المتناولة هي تسعير المياه بحيث تغطي كلفة التشغيل والصيانة لتوصيل المياه إلى  المستعمل. وثمة نهج ثان يشمل جزءاً من الاستثمارات الرأسمالية أيضاً، كما أن هناك نهجاً ثالثاً يتمثل بتسعير المياه بكلفتها الفعلية أو بكلفة ثاني أفضل استعمال في الأجل القصير مع افتراض ثبات طاقات التوريد. وثمة رأي آخر ولاسيما في ضوء ارتفاع تكاليف الوحدة الإضافية من المياه يتمثل بتسعيرها بكلفتها الحدية الطويلة الأجل التي تشمل بحكم تعريفها تكاليف الضرر البيئي أو إستنفاذ الموارد في الأجل الطويل  .

ويمكن أن تراعي أهداف سياسة التسعير واحداً أو أكثر من الاعتبارات التالية(1) :

*  توزيع الموارد المائية بكفاءة بين شتى قطاعات الاقتصاد وداخل القطاع ذاته.

*  تلبية اعتبارات الإنصاف وقدرة المستهلكين على الدفع ولاسيما الفقراء .

*  زيادة الإيرادات لتغطية الاحتياجات المالية اللازمة لتوفير الخدمة .

*  إعانة المناطق الخاصة لتشجيع التنمية السريعة .

*  مراعاة الاعتبارات السياسية لمنطقة خاصة أو قطاع فرعي من السكان .

ويشمل تسعير المياه كلفة التشغيل والصيانة والتكاليف الرأسمالية وكلفة استنفاد الموارد والضرر البيئي. وهذا يعني تقويم ثمن المياه بسعرها الكفء اجتماعياً، وهو يختلف عن تسعير المياه، مع افتراض أن تكاليف توريد الوحدة الإضافية سيبقى من دون تغيير مستقبلاً . وبموجب آلية تسعير كهذه، فإنه إذا زاد الطلب (بسبب تغير أنماط الاستهلاك أو زيادة عدد السكان كما هو الحال في كثير من البلدان العربية) فإن تكاليف التوريد سوف تزداد . ويعني هذا عملياً وضع هيكل تسعير  يختلف  باختلاف المستهلكين وأوقات التوريد (فترات الذروة مقابل فترات انخفاض الاستهلاك) ونوعية المياه المقدمة والمناطق الجغرافية .

 

 

 
 

 

(1) Mohan Munasinghe, Water supply and environmental management : Developing world applications, foreword by Donald Lauria, Studies in water policy and management (Boulder, CO :  Westview press (1992) .

 وعندما توضع الأسعار وفقاً للكلفة الحدية الطويلة الأجل في ظروف تزداد فيها تكاليف إنتاج الوحدة الإضافية من المياه ، كما هو الحال في كثير من البلدان العربية، فقد يتحقق فائض ويمكن تحويل هذا الفائض لإعانة المجموعات الخاصة مثل الفقراء وسكان المناطق المتخلفة إنمائياً .

وفي مواجهة ندرة المياه في المنطقة العربية تملي اعتبارات التنمية المستدامة أن يكون تسعير المياه على مستوى أقرب ما يمكن من الكلفة الحدية الطويلة الأجل . وكخطوة أولى ينبغي أن تحصل رسوم:

-  من أجل استعادة كلفة التشغيل والصيانة بالإضافة إلى  نسبة من التكاليف الاستثمارية.

-  توفير أداة لتحسين كفاءة استعمال المياه .

ويجري استنزاف موارد المياه الجوفية في كثير من بلدان المنطقة العربية بمعدل يثير الجزع ويمكن للحكومات من أجل منع الاستنزاف المستمر أن تلجأ إلى  تدابير من قبيل فرض الضرائب أو تخصيص حقوق المياه أو ضبط توريدها .

وترسل السياسات التي تقلل من قيمة المورد الطبيعي إشارات اقتصادية خاطئة إلى  المزارعين من زاوية الدخل الكبير الذي يخسره المجتمع. ويقدم الشكل رقم (1-2) مثالاً يبين كلفة الإفراط في الضخ في حالة " الوصول الحر إلى  المورد " حيث يمثل منحنى الطلب استعداد المزارعين للدفع مقابل الوحدة الإضافية من المياه . ويتيح معدل التغذية الطبيعية حداً أقصى من " العرض " مقداره X1 . وتمثل OD الكلفة الأولية للحصول على وحدة من المياه عن طريق الضخ . وبهذا السعر ، في حالة عدم وجود ضبط للاستعمال ، ستضخ X2 وحدة من المياه . ومع ضخ المياه بأكثر من المستوى المستديم وهو X1 (الضخ أكبر من التغذية) يبدأ مستوى المياه في الحوض في الهبوط (كما هو الحال في كثير من بلدان المنطقة) مما يؤدي إلى  ارتفاع تكاليف ضخ الكمية نفسها من المياه .

 

 

الشكل رقم (1-2)

كمية المياه المستمدة من الموارد الجوفية لكل وحدة زمنية

 

 
 

السعر

 

 

الكمية المسحوبة في وحدة الزمن

 

وفي ظل التوازن الجديد تضخ مياه أقل (X1) بكلفة أكبر، حيث يدفع المزارعون سعراً لايأخذ في الحسبان كلفة المستعمل (أو كلفة استعمال المياه على مر الأجيال) . ويتمتع المستعمل بفترة أولية من الفوائد الإضافية التي تتحقق من الحصول على X2 من المياه، كما هو مبين بالشكل (المنطقة الفاتحة اللون)، ولكن هذه الحالة لاتستمر لأنها تؤدي إلى  كلفة إضافية كما هو مبين بالمساحة المنقطة الغامقة اللون. ومن الناحية الاقتصادية سيكون الخصم الذي يحدث في تحقيق الفوائد في الفترة المبكرة أقل من الخصم في الكلفة نتيجة اتباع سياسة الوصول الحر إلى  المياه .

  ويمكن إنجاز الحل الأقل كلفة المستديم عن طريق فرض رسم مماثل للمقدار AD في الشكل المذكور على كل وحـدة مـن المياه تستمد مـن المياه الجوفية أو إنشاء سوق لحقوق سحب المياه حتى المستويـات المستديمة X1 . وفي كثير مـن البلدان يجعـل الوصـول الحـر إلى  المياه الجوفية الضخ غير اقتصادي ويؤدي إلى  تفاقم مشكلة تدهور الموارد المائية وفي حالات كثيرة إلى  التصحر .

  وتتطلب سياسة التسعير الملائم أن يتم التحقق على الأجل الطويل من قيمة استنزاف الموارد الجوفية على مر الأجيال التي تبينها العلاقة التالية بالقيمة الحدية :

حيث :

  :  هي صافي كلفة الانتفاع الحدية لاستعمال مورد المياه ،

     : هي الكلفة المباشرة الحدية لاستخراج أو تطوير المياه ،

   : هي كلفة المستعمل الحدية لاستعمال مورد المياه (اعتبارات تعاقب الأجيال) .

  : هي الكلفة الحدية المشتركة بين القطاعات المفروضة على القطاع (المورد) المشار إليه بالحرف j باستعمال المورد المشار إليه بالحرف i .

أ-   تحديد قيمة المياه وفقاً للتكلفة الحدية :

  أما أساس تحديد أسعار المياه بناءاً على تكلفتها الحدية فيمكن التعبير عنه بمنحنى بسيط يمثل العرض والطلب . والشكل رقم (2-2) يبين الحالة الراهنة في ما يتعلق بمنحنيات العرض والطلب . فعند السعر P والكمية Q  فإن جملة الفوائد الخاصة بالمستهلكين تمثلها المساحة الواقعة أسفل منحنى الطلب أو استعدادهم لدفع السعر المطلوب ، أما الشكل رقم (3-2) فيبين سعر الماء عند نقطة ناتج القيمة الحدية ويلاحظ منه التالي :

 

 

 

 

الشكل رقم (2-2)

سعر المياه عند نقطة أدنى من نقطة ناتج القيمة الحدية

 

 

 

الشكل رقم (2-3)

 سعر المياه عند نقطة أدنى من نقطة ناتج القيمة الحدية

 

 

 

الفوائد (CWP)    = 4 + 3 + 2 + 1

  تكلفة العرض   = 5 + 4 + 3

  صافي الفوائد   = 5 - 2 + 1

  ووفقاً للشكل المذكور تمثل تكلفة عرض المياه المساحة الواقعة أسفل منحنى العرض وتعبر عنها المساحة (5+4+3) . وأما صافي الفوائد أي المساحة (5-2+1) فهو يساوي الفوائد (4+3+2+1) ناقصاً التكاليف (5+4+3) .

  ويبلغ صافي الفوائد أقصى قيمة له عندما تكون الفوائد الحدية مساوية للتكلفة الحدية أو عند السعر  والكمية  حيث تكون :

  الفوائد (CWP) = 3 + 2 + 1

  تكلفة العرض  = 3

  صافي الفوائد  = 2 + 1

  وقبل الدخول في حساب وتقدير قيمة المياه لابدّ من تحديد الفارق بين الأسعار الخاصة (المالية) والأسعار الاجتماعية (الاقتصادية) . فالأسعار الخاصة هي أسعار السوق التي تتخذ لحساب قيمة الفوائد والتكاليف لسلعة من السلع . وهذه الأسعار تبتعد في كثير من الأحيان عن قيمتها الحقيقية سواء لخلل في السوق أو لأنها خارجية ، وبإزالة هـذه التشوهات يمكن حساب الأسعار الاجتماعية أو الاقتصادية.

  وعادة ما تكون الأسواق غير كافية أو غائبة تماماً بالنسبة لسلعة كالمياه وتعتمد قيمة المياه عادة على المحاسبة المالية (أي على متوسط السعر).

  هذا ويُستخدم أسلوب دالة الإنتاج للحصول على ناتج القيمة الحدية لمستلزمات بعينها، إذ غالباً ما تستخدم قطاعات من البيانات أو سلاسل زمنية لتقدير قيمة المستلزمات الداخلة في إنتاج المحاصيل. في عام 1922 استخدم معهد البنجاب للبحوث الاقتصادية نموذج دالة الإنتاج (استناداً إلى  بيانات تقريبية أو بعض المسموح عن إدارة المزارع) لحساب المساهمة النسبية لبعض اللوازم المختارة في إنتاج المحاصيل وكذلك قيمة الناتج الحدي لكل واحد من المستلزمات وكفاءة تخصيص الموارد المستخدمة. وصُنّفت قيمة الناتج الحدي بالنسبة للماء سواء في مناطق مشروع إزالة الملوحة واستصلاح الأراضي أو في غيرها بحسب حجم المزرعة .

حيث أن :

Y   : قيمة المحصول المنتج .

X1 : الأرض الزراعية مقيسة بالأفدنة

  X2 : اليد العاملة .

  X3 : قيمة البذور .

  X 4 : الأسمدة ، والعناصر الغذائية بالكيلوغرامات لكل مزرعة .

  X 5 : مياه الري مقيسة بعدد البوصات في الفدان للمزرعة .

  X 6 : قيمة الكيميائيات .

  b1 ...b6 : بارومترات يجري تقديرها .

eu : حد الخطأ .

وقدّرت قيمة الناتج الحدي للري بضرب الناتج المادي الحدي لكل واحد من المستلزمات في سعر الناتج .

لقد تبين للباحثين في المعهد المذكور أن قيمة الناتج الحدي للمياه 37 روبية باكستانية لكل فدان وهذه القيمة تزيد ثلاث مرات عن تكلفة الفرصة البديلة (10 روبية لكل فدان) . وتستند تكلفة الفرصة إلى  سعر المياه في أسواق المياه غير الرسمية (تجارة المياه الحرة) . وتعبر هذه التقديرات عن التقديرات المنخفضة السعر في أسواق المياه (وهو السعر الذي يتراوح وفقاً لتقديرات البنك الدولي بين 10 و 70 روبية لكل فدان).

ونظراً لانخفاض قيمة تكلفة الفرصة فإن كبار المزارعين قادرون على تحقيق مزيد من الربح الاقتصادي وذلك بتحسين استعمال المياه، بينما يستخدم صغار المزارعين المياه بدرجة كبيرة من الكفاءة، حيث كان منتج القيمة الحدية 10.08 روبيات ، وهي قيمة تقترب من تكلفة الفرصة. وإذا قورنت الأسعار في أسواق المياه (تكلفة الفرصة) وقيمة الناتج الحدي يتضح أنه يمكن تحقيق مكاسب اقتصادية من بيع المياه، وإذا زادت المنافسة بين أسواق المياه العاملة في ظل القانون سوف يتحسن استخدام المياه بطريقة مرشدة وعادلة .

ب-  تنسيب المتبقي من القيمة الإجمالية :

وتقوم هذه الطريقة على توزيع القيمة الكلية للناتج على جميع الموارد المستخدمة في الإنتاج، فإذا أعطيت كل المستلزمات أسعاراً سليمة باستثناء واحد فقط (وليكن المياه) فإن المتبقي من القيمة الإجمالية للمنتج يُعزى إلى  المتبقي من الموارد . وتستخدم عادة المعادلة البسيطة التالية في حساب قيمة الماء اللازم لمحصول ما :

                     NIi = GIi - Vci - Fci

حيث :

  NIi : الدخل الصافي للهكتار من المزرعة .

  GIi : الدخل الإجمالي للهكتار من المزرعة .

  Vci : التكاليف المتغيرة للهكتار في إنتاج المحصول i  .

  Fci : التكاليف الثابتة للهكتار في إنتاج المحصول i .

  وبالجمع بين البيانات المتعلقة باحتياجات المحصول من الماء يمكن حساب قيمة الماء بالنسبة لهذا المحصول كما يلي :

الدخل الصافي للمحصول i

قيمة الماء E للمحصول i =

احتياجات المحصول i للمياه

 

 

        ولدى تطبيق هذه الطريقة في باكستان على محاصيل القمح والأرز وقصب السكر والقطن وعباد الشمس تبين أن متوسط العائدات الصـافية لميـاه الري (روبية لكل 1000 م3 مياه)(1) كانت كالتالي :

 

الأسعار الاجتماعية

الأسعار الخاصة

المحصول

1853

1014

القمح

1828

583

الأرز

381  -

250

قصب السكر

4499

1486

القطن

89  -

1418

عباد الشمس

 

 

ج-  استخدام البرمجة الخطية في تحديد قيمة المياه :

  يعتبر أسلوب البرمجة الخطية طريقة مناسبة لتقدير القيمة الحدية للمياه حيث يمكن للنموذج تحديد النظام الزراعي المطلوب لزيادة الدخل إلى  أقصى حد ممكن في ظل تشغيل نموذجي للمزرعة مع اختلاف كميات الري . ومن طرق تقويم أي مورد حدي اعتبار المزرعة في حالة مثلى على المدى القصير ثم قياس كيفية تأثير زيادة كمية المياه أو نقصانها بالقدر المرغوب في العائدات كما هو موضح في الشكل رقم (4-2)(2) .

  غالباً ما تستخدم تكلفة استخراج المياه من الآبار لتعبر عن قيمة هذه المياه نظراً لأن تكلفة إنتاج الماء تمثل قيمته الحدية وأن المزارعين المستخدمين لمياه الآبار يضخون الماء منها إلى  الحد الذي تتساوى عنده قيمة الماء الحدية مع تكلفة إنتاجه . ومن الواضح أن التكلفة الاقتصادية لإنتاج الماء تكون مرتفعة في حالة آبار الديزل بالمقارنة مع آبار الكهرباء (25-5  % زيادة) ذات السرعات العالية كما هو موضح في الجدول رقم (1-2) .

 

 

 
 

 

(1)  Longmire, “Agriculture and comparative advantage in Pakistan”, (1993).

2- اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا (الاسكوا) ، سياسات الأراضي والمياه في منطقة الشرق الأدنى (نيويورك : الأمم المتحدة ، 1996) .

 

 

 

جدول رقم (1-2)

التكلفة الاقتصادية للآبار الأنبوبية (روبية /فدان)

 

آبار الديزل

الآبار الكهربائية

نسبة الاستخدام

سرعة منخفضة

سرعة عالية

308

226

184

159

369

277

231

203

293

238

210

193

10

15

20

25

 

 

المصدر :  اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) ، سياسات الأراضي والمياه في منطقة الشرق الأدنى (نيويورك : الأمم المتحدة ، 1996) .

 

 

 

الشكل رقم (4-2)

أفضل المساحات المحصولية للقطن والقمح لدى مستويين

من المياه مع ثبات العناصر الإنتاجية الأخرى

(الأرض والعمالة) على مستوى المزرعة

 

ووفقاً لهذه القيم الحدية تكون أسعار المياه مساوية تقريباً للأسعار التجارية ولن يكون بوسع المزارعين دفع هذه الأسعار إلاّ إذا ألغيت الضرائب المفروضة ضمنياً على المنتجات الزراعية. ويلاحظ هنا أنه لايمكن اعتبار تكلفة إنتاج مياه الآبار مقياساً لتحديد سعر مياه القنوات كونها مرتفعة جداً ولاتستخدم عادة إلاّ بصفة تكميلية للري بواسطة القنوات .

د-  رسوم المياه ومقدرة المزارعين على دفعها :

غالباً ما ينظر الاقتصاديون إلى  زيادة رسوم المياه كأحد الخيارات المطروحة لتقنين المياه المستخدمة في الزراعة ولرفع كفاءة استخدامها . وتتوقف قدرة المزارعين على دفع الرسوم الإضافية على المياه وفقاً لدخولهم الصافية . فمزارعو باكستان على سبيل المثال يدفعون ما يعادل %2.6 ، و%2,8 ، و%13.2 من الدخل الصافي لكل من القطن والقمح وقصب السكر على التوالي ، هنا يلاحظ الفرق الهائل بين رسوم المياه الحالية وبين الأسعار الخاصة والاجتماعية(1) المحسوبة بالطرق المختلفة المذكورة آنفاً .

والواقع أن عملية زيادة الرسوم على المياه يجب أن تقرن دائماً بحجم الضرائب التي تضعها الدولة على المحاصيل الزراعية (خاصة التصديرية منها) سواء أكانت مباشرة(2) أو غير مباشرة .  ففي حالة كبر حجم هذه الضرائب لابدّ للمزارعين واتحاداتهم من مقاومة أية رسوم إضافية على المياه نظراً لأن هذه الزيادات ستضر بمعدلات التبادل التجاري القطاعية في غير صالح القطاع الزراعي وتؤدي إلى انخفاض رغبة وقدرة المزارع في المحافظة على الموارد المائية .

من جهة أخرى ترتبط أيضاً رسوم المياه كلياً بكل من تكاليف التشغيل والصيانة. فانخفاض هذه الرسوم في باكستان أدى إلى  تقييد يد الحكومة في توفير الموارد اللازمة للتشغيل والإدارة بكفاءة. إن سوء صيانة شبكة الري يؤدي إلى  العديد من الثغرات التي تقود في النهاية إلى  انقطاع المياه وبالتالي إلى  انخفاض في غلة المحاصيل والإضرار بالمساحات المزروعة وإلى التحول لزراعة المحاصيل المنخفضة القيمة ، وإلى تقليص الاستثمارات الزراعية. لذلك نرى أنه من الضرورة بمكان رفع رسوم المياه إلى  المستوى الذي يمكن عنده أن تغطي تكاليف تشغيل مرافق الري وصيانتها وأن تدر الموارد المالية لتطوير هذه المرافق . بمعنى آخر يجب أن تراعي الزيادات في رسوم المياه مستقبلاً النقاط التالية :

-  تصحيح الأسعار مطلوب بهدف القضاء على التدخل في الأسعار بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .

-  رفـع الأسعار فـي المدى القصير لجمـع الأموال اللازمة لبناء شبكة الري وصيانتها بكفاءة.

 

 

 
 

 

1-  السعر الاجتماعي للمياه يدر بـ 237 روبية/فدان لكل المحاصيل .

2-  بلغت الرسوم المباشرة وغير المباشرة التي يدفعها المزارع في باكستان على محاصيل القمح والقطن والأرز 14% و 40% ، و 33% في موسم 1992/1993

-  التحقق من قيمة المياه بالنسبة للأجيال القادمة وعلى المدى الطويل ووفقاً للعلاقة التالية بالقيم الحدية :

حيث :

      : تكلفة الفرصة الصافية الحدية لاستنفاذ مورد الماء ،

        :  التكلفة المباشرة الحدية لاستخراج الماء أو تنميته ،

     :  تكلفة الاستخدام الحدية لاستنفاذ ماء المورد (الجانب المشترك بين الأجيال)،

     :  التكلفة الحدية المشتركة بين القطاعات والمفروضة على القطاع (المورد) باستنفاذ المورد i .

2-4-2  التشريع والقضايا المؤسسية :

تعتبر التشريعات من أهم الوسائل التي تستخدمها الإدارة المتكاملة للموارد المائية كونها تقود إلى  حماية الموارد المائية لأنها أملاك عامة . وما يتمتع به الأفراد من حقوق بخصوصها هو حـق الانتفاع بالمياه وذلك في ضوء الرخص التي تمنحها الدولة لاستثمار المياه السطحية والجوفية ووفقاً لشروط تحمي هذه الموارد من التلوث والاستنزاف وتجنب اختلاط مياه الطبقات المتباينة النوعيات .

وتدرك البلدان العربية أهمية التشريعات في حماية الموارد المائية السطحية والجوفية من التلوث، فأخذت تسن القوانين الخاصة بحماية نوعية المياه وحماية البيئة وبخاصة المياه الجوفية على رغم الصعوبات التي تواجهها السلطة المسؤولة عن إدارة الموارد المائية المتعلقة بهذه المياه من جراء التكثيف الزراعي في المناطق المروية وانتقال جزء مهم من المغذيات والملوثات إلى  الطبقات الحرة .

وفي ضوء ظروف ازدياد ندرة المياه وزيادة التكاليف الحدية لإمدادات المياه يتعين تحسين وتعزيز الوظائف التنظيمية التي تضطلع بها الحكومة في قطاع المياه. ولا غنى عن إصلاح إدارة الحكومة لقطاع المياه باعتبار أن تحسين الكفاءة هو الهدف الأسمى . وسيكون لهذا الإصلاح تأثير في الوضع المؤسسي لموارد المياه وسيكفل تعريفاً أوضح لدور القطاع الخاص . ويمكن توقع أن تكتسب إعادة توزيع موارد المياه أهمية متعاظمة خاصة في البلدان الفقيرة بالمياه ذات الدخل المتوسط والدخل المنخفض ، كما ستكتسب معالجة مياه النفايات وإعادة استعمالاتها أهمية أكثر . وستتطلب هذه العوامل وغيرها من العوامل الملحة إصلاحات مؤسسية وتشريعية لمعالجة الجوانب التنظيمية وغيرها من الوظائف التي ستظهر نتيجة للأوضاع الجديدة لموارد المياه .

2-5  المجال الاجتماعي والإرشادي والتوعية :

مازالت المشاكل ذات الطبيعة الاجتماعية تؤثر في أساليب الري وكفاءة استخدام الماء في بعض البلدان العربية، من حيث تعوّد المزارعين على نمط ري معين لأنواع معينة من المحاصيل وصعوبة تركه، مثل استعمال الري بالغمر غير المقيد أو بالخطوط الترابية غير المنتظمة ، مما ينتج عنه فقد كميات كبيرة من مياه الري .

 

وما تزال الأقسام المتخصصة "بالإرشاد المائي" للمزارعين شبه غائبة في العديد من البلدان العربية وبالتالي يبقى المزارع من دون الإرشاد الكافي والفعال لأفضل الأساليب لتحسين طرق الري داخل المزرعة واتباع المقننات المائية .

  أما في مجال " توعية الجمهور " تشجع الأطر التي تستهدف مشاركة الحائزين في صنع القرارات على تحقيق الشفافية والمحاسبة، ويمكن أن تكفل تأييد والتزام الجمهور بسياسات وبرامج المياه. ويمكن أن تؤدي المناشدات الموجهة لتوعية الجمهور من خلال برامج التعليم العامة والمبادرات المماثلة إلى  تغييرات مهمة في السلوك البشري المتصل بحفظ المياه واستعمالها. وهذه الجهود في معظمها لاتكاد تكلف شيئاً بالمقارنة مع الاستثمارات في قطاع المياه وينبغي تشجيعها ودعمها في البلدان العربية .

ونظراً لأن العديد من اختصاصيي المياه لايؤمنون بالتعريف المبسط لترشيد استعمالات المياه المتمثل بتأمين الاحتياج المائي المعقول للنبات وللمحصول فقط وإنما يريدون أن يشمل كل الإجراءات المترابطة والمتكاملة من فنية وإدارية وزراعية واقتصادية واجتماعية وتشريعية والتي تهدف بمجموعها إلى  تحقيق أكبر عائد اقتصادي من وحدة المياه وبشكل يؤمن ديمومة الموارد المائية وحماية الموارد الطبيعية الأخرى من التدهور والتصحر والاستنزاف والتلوث، لذلك فإن عملية الترشيد المتكاملة بهدف رفع كفاءة استخدام الماء ترتبط عملياً بكثير من العوامل، منها :

1-  التنظيمي للإدارات المائية ،

2-  البنى التحتية لمشاريع الري ،

3-  نظام إدارة وتشغيل المنظومة المائية،

4-  الدورات الزراعية ،

5-  مستوى المسؤولين في الإدارة المائية،

6-  البحث العلمي ونقل التقانة ،

7-  الإرشاد الزراعي المائي،

8-  العلاقة بين الدولة والمزارعين ومدى مشاركتهم في إدارة المنظومة المائية .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثالث

 

التجارب العربية والعالمية في مجال

تطوير الري السطحي والصرف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثالث

 

التجارب العربية والعالمية في مجال

تطوير الري السطحي والصرف

 

3-1  مقدمة :

لقد ارتبطت  الزراعة المروية بالحضارات على ضفاف الأنهر ، وقد عرف العالم العربي العديد من هذه الحضارات في منطقة ما بين النهرين وعلى ضفاف نهر النيل ، حيث اشتهرت الزراعة المروية ، ولقد ساد نمط الري السطحي في كل هذه الزراعات المروية ، حيث لم يكن هناك أسلوب خلافه . تشير الاحصاءات الحالية كما ذكر سابقاً بأن أسلوب الري السطحي يستخدم في حوالي 85% من الأراضي المروية العربية . وقد تعددت التجارب العربية في تطوير هذا النظام لتدارك سلبياته ، وفيما يلي سرد لبعض هذه التجارب العربية :

3-2  التجارب العربية في تطوير الري السطحي والصرف :

3-2-1  التجربة الأردنية في تطوير الري السطحي والصرف :

يعتبر الأردن من الدول الفقيرة في مصادره المائية السطحية والجوفية، وتشكل مياه الري المستخدمة في الزراعة المروية ما نسبته %70-60 من المياه المتاحة. ولذا فإن رفع كفاءة الري وحسن استغلال المياه وترشيدها أصبح من أولويات الجهات المسؤولة عن المياه والزراعة في الأردن .

بشكل عام ، إن أساليب الري المتبعة وسبل نقل المياه إلى  الحقل تلعب دوراً كبيراً في كفاءة الري وحسن استخدام المياه . وفي الأردن ، يتكون نظام الري من ثلاثة أجزاء رئيسية هي :

1-  أنظمة التوزيع الرئيسي Delivery system .

2-  أنظمة الري الحقلي Application system .

3-  أنظمة صرف المياه الزائدة Disposal system .

  تهدف أنظمة التوزيع (القناة الرئيسية : قناة الملك عبد الله ، وشبكات الري الرئيسية ) إلى  نقل المياه من المصادر المائية (السطحية والجوفية والمخزونة) عبر سدود تحويلية مقامة على الأودية الجانبية مجهزة بأجهزة قياس وبوابات وأحواض ترسيب وغيرها . وتهدف أنظمة الري الحقلي الموضعي داخل الوحدات الزراعية إلى  نقل المياه من مآخذ الوحدات الزراعية إلى  جذر النبات . وتقسم طرق الري الحقلي إلى  : الري السطحي Surface irrigation ، الري بالرش Sprinkler irrigation ، والري بالتنقيط Drip or trickle irrigation .

هذه الطرق الثلاثة هي الشائعة حالياً، إلاّ أن الري السطحي هو الأسلوب الذي مورس منذ القدم وظل سائداً في الأردن حتى نهاية السبعينات ، وحتى ذلك الحين لم يكن يمارس أياً من أساليب الري الأخرى . ومنذ مطلع الثمانينات بدأ التحول التدريجي إلى  الري بالتنقيط متسارعاً خاصة في ري الخضروات وأصبح هو السائد في الأردن، إلاّ أن أسلوب الري السطحي ما يزال يستخدم خاصة في أراضي الأودية الجانبية دائمة الجريان ، والأراضي المزروعة بالأشجار والموز في وادي الأردن. ويتطلب أسلوب الري السطحي أعمال التسوية الحقلية وتجريف الأرض لتكون شبه مستوية إذا كان منسوب مصدر المياه أخفض من أجزاء الأرض المراد ريها .

ومن أبرز سلبيات الري السطحي تدني كفاءة الري، في الوقت الذي تعاني منه الأردن من شح شديد في المياه المتاحة من مصادرها .

طرق الري السطحي في الأردن :

أولاً :  الري السطحي بالأثلام أو الخطوط : عبارة عن خطوط مستقيمة أو كنتورية ارتفاعها 25-15 سم ، وعرضها 40-20 سم ، والمسافة فيما بينها 100-50 سم وذلك حسب المحصول ، تسيل فيها المياه، ويتم زراعة الخضروات مثل البندورة والباذنجان والكوسا والزهرة والملفوف والفاصولياء والبصل والثوم وغيرها . يتوقف طول الخط على نوع التربة، ويمكن استخدام الخطوط الطويلة في الأراضي الطينية الثقيلة إذا كانت أبعاد المزرعة تساعد على ذلك كما يلي :

            نوع التربة                           طول الخط

            خفيفة                                 120 متر

            متوسطة                              250-120 متر

            ثقيلة                                  400-250 متر

ثانياً : الري السطحي بالدواليب : عبارة عن أقنية متعرجة ذات زوايا قائمة، ويتم زراعة الخضروات مثل البندورة والباذنجان والكوسا والزهرة والبصل والثوم وغيرها .

ثالثاً : الري السطحي بالأحواض : عبارة عن أحواض كبيرة مستطيلة أو مربعة الشكل ذات أكتاف، ويتم زراعة أشجار الحمضيات والموز وغيرها من الأشجار ، وكذلك المحاصيل الورقية مثل البقدونس والنعنع والجرجير والسبانخ والملوخية بالإضافة إلى  البرســيم والفصة .

كما لوحظ أن المزارعين في وادي الأردن يمارسون هذا النمط من الري : يقومون بعمل حوض كبير دائري الشكل بقطر حوالي 4 متر ، أو حوض كبير مستطيل الشكل (كل حوض يحتوي أربعة أشجار أو أكثر حسب عمر وحجم الشجرة) وتقوم شبكة قنوات ترابية بتوصيل المياه إلى  تلك الأحواض  بحيث يمتلئ الحوض ثم تأخذ الأشجار احتياجها المائي. كذلك يقوم مزارعي الموز بزراعة شجيرات الموز داخل أخاديد مستقيمة عمقها عند الزراعة حوالي 50-40 سم وعرضها حوالي 100-80 سم ، ويتم توصيل المياه من خلال شبكة أقنية ترابية، علماً بأن الاحتياجات المائية للموز في وادي الأردن مرتفعة 12-8) متر مكعب للدونم في اليوم ) . أما في حال زراعة المحاصيل الورقية فيتم تقسيم المزرعة إلى  عدد من الأحواض أبعادها (1,5 × 3 متر) وتقوم شبكة أقنية ترابية بتوصيل المياه إلى  هذه الأحواض .

* حالة الري السطحي في الأردن :

لقد بذلت الحكومة الأردنية جهوداً كبيرة في سبيل تحسين إدارة الري من المصدر ولغاية مآخذ الوحدات الزراعية وغدت كفاءة شبكة التوزيع بالأنابيب المضغوطة تزيد عن %90 لأغلب مشاريع الري، أما كفاءة نقل قناة الملك عبد الله البالغ طولها 110 كم وهي الناقل الرئيسي للمياه في وادي الأردن فأصبحت حوالي %85 بعد تنفيذ مشروع إعادة تأهيلها وتحسينها، بالإضافة إلى  تنفيذ مشروع نظام إدارة معلومات المياه ومشروع القياسات المائية الذي يتم من خلاله التحكم عن بعد بمنشآت قناة الملك عبد الله وملحقاتها، وبهذا فإن كفاءة النقل من المصدر ولغاية مآخذ الوحدات الزراعية تزيد عن %76 . إلاّ أن كفاءة التوصيل في بعض مشاريع الري متدنية نوعاً ما نظراً لقدمها وتقدر كفاءة التوصيل فيها بحدود %70-65 ، لذا فإن الحاجة تدعو إلى  إعادة تأهيلها وصيانتها لرفع كفاءة الري .

  أما على مستوى المزرعة التي تمارس فيها طرق الري المختلفة، يمكن تقدير كفاءة الري على مستوى المزرعة بحوالي %55-50 ، وليس من السهل إقناع المزارعين برفع كفاءة الري وترشيد استهلاك المياه، وليس أدل على ذلك بالقول، بأنه تم تقليل كميات المياه المسالة إلى  المزارعين خلال عام 1999 بمقدار %30 (نتيجة لشح المياه) مقارنة بعام 1998 ومع ذلك فإن الإنتاج الزراعي لم يشهد نقص يذكر .

*  حالة نظام صرف المياه الزائدة في الأردن :

من خلال نظام الصرف يتم جمع المياه الزائدة عن حاجة النبات من التربة وصرفها خارج المزرعة إلى المهارب الرئيسية (المصارف الرئيسية) وهي إما أن تكون مكشوفة أو مغطاة. وتعد منطقة وادي الأردن والأراضي الواقعة على جوانب الأودية ذات الجريان الدائم هي المنطقة الرئيسية التي يمارس فيها الري المنظم بطرقه المختلفة (الري السطحي، الري بالرش ، الري بالتنقيط) ، في حين أن المناطق المرتفعة والصحراوية تستخدم طريقة الري بالتنقيط وأغلبها يروى من المياه الجوفية ، وعليه يمكن استخلاص النقاط التالية :

الأراضي المروية في المناطق المرتفعة والصحراوية لم تعاني لغاية الآن من مشاكل صرف .

في أراضي مناطق الأودية الجانبية المروية من الجريان الدائم ، لوحظ أن هذه الأراضي لاتعاني من أي مشاكل صرف لكونها ذات انحدار يساعد على صرف المياه الزائدة من قطاع التربة.

أما في منطقة وادي الأردن، عندما تم تنفيذ مشاريع ري وادي الأردن، تم عمل مهارب سطحية مفتوحة (مصارف مكشوفة) ما بين الوحدات الزراعية على أعماق تتراوح بين (3-2) أمتار ، أي أن جميع أراضي مشاريع ري وادي الأردن مجهزة بمهارب سطحية مفتوحة . (يبلغ طولها الإجمالي 72750 متر طولي) . وكانت سلطة وادي الأردن قد نفذت شبكات مصارف جوفية (مغطاة) بأقطار تتراوح بين (10-4) انش . وبلغ طولها الإجمالي 283192 متر طولي لخدمة 32745 دونم ، ويتم مراقبة المصارف الجوفية (المغطاة) ونوعية المياه الخارجة منها دورياً. ونتيجة لري الأراضي الزراعية خلال الفترة الماضية ظهر في بعضها مشاكل صرف أو تملح أو كليهما، وهذه المشاكل تعتبر عائقاً رئيسياً للاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية، الأمر الذي يستدعي القيام بغسل الأراضي المالحة ، وقد وجد من تجارب غسيل التربة فـي وادي الأردن أنه يمكن غسيل الأراضي المالحة بكمية تتراوح ما بين (1000-300 م3) لكل دونم حسب ملوحة التربة وملوحة مياه الري، ويمكن استغلال مياه السنوات المطيرة لعملية غسيل الأراضي المالحة .

المشاكل والمعوقات التي تواجه تطوير إدارة مياه الري على مستوى المزرعة في الأردن :

أ-    عدم وضوح سياسة لإدارة الري على مستوى المزرعة كفيلة برفع كفاءة الري الحقلي .

ب-  عدم وجود جمعية مختصة لمستخدمي المياه لتقوم بإدارة مياه الري من حيث الجدولة والكمية لكافة شبكات التوزيع، بالإضافة إلى  المساعدة في تحديد النمط المحصولي لأي منطقة على أساس توفر المياه (كميتها) ، ونوعيتها ، وصلاحية الأراضي للري .

ج-   عدم توفر " إرشاد مائي " على مستوى المزرعة من قبل وزارة الزراعة، وهناك بدايات مشجعة جداً مقدمة من وزارة المياه والري/ سلطة وادي الأردن إلى  مزارعي وادي الأردن فقط .

د-   ضعف استعداد المزارعين لتقبل الإرشادات ، وانعدام تدريب المزارعين حول إدارة الري الحقلي، وضعف " التوعية المائية " .

هـ- تعاني شبكات الري على مستوى المزرعة من سوء التصميم والتنفيذ والتصنيع والتشغيل والصيانة ناشئ أساساً عن عدم وجود تشريعات خاصة تنظم تصنيع وتصميم وإدارة وتشغيل وصيانة أنظمة الري الحقلي .

و-   انخفاض أسعار مياه الري أو تكاليف ضخها قلل من أهميتها (كعامل اقتصادي هام من عوامل الإنتاج) ، مما أدى إلى  الإسراف في استعمال المياه وعدم ترشيد الاستهلاك  .

ز-  ارتفاع تكاليف أنظمة الري الحقلي الموضعي وخاصة في المزارع الصغيرة، مما ينتج عنه عدم قدرة المزارع على تحسين أساليب الري ، وهذا راجع إلى  شكوى المزارعين من انخفاض أسعار المنتوجات الزراعية .

البرامج المستقبلية في الأردن المخطط لها وأهدافها :

إن الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة المياه والري وسلطة وادي الأردن وسلطة المياه، تولي موضوع رفع كفاءة استخدام المياه والاستفادة القصوى منها بالإضافة إلى  تلبية الاحتياجات المائية للقطاعات المختلفة، جلّ اهتمامها، ومن أبرز البرامج والخطط المستقبلية في هذا المجال يمكن إيجازها كما يلي :

*  تحديث الخطط المائية الوطنية أو الخطط الوطنية لقطاع المياه Water Master plan في الأردن ليلبي الاحتياجات والتطلعات المستقبلية .

 

*  مراجعة السياسات المائية لكافة القطاعات المنزلية والصناعية والزراعية .

*  رفع كفاءة استخدام المياه بإدخال أجهزة ترشيد الاستهلاك والقيام " بالتوعية المائية " المنظمة لجميع المواطنين .

*  القيام بمشاريع استراتيجية لرفد مصادر المياه الحالية، مثل بناء سد الوحدة على نهر اليرموك.

*  تحسين أداء محطات تنقية المياه العادمة لتحسين نوعية المياه الخارجة منها، وإدخال تكنولوجيا تحلية المياه المالحة .

*  تدريب المزارعين على إدارة الري الحقلي للحصول على المردود الأمثل للمتر المكعب من المياه.

*  تشجيع المزارعين على استخدام أساليب الري الحديثة تصميماً وتنفيذاً وتشغيلاً وصيانة .

*  التوجه لزراعة محاصيل ذات استهلاك مائي منخفض ومردود اقتصادي مرتفع .

*  وقف الضخ الجائر من الأحواض المائية الجوفية .

*  العمل على إشراك القطاع الخاص والمزارعين في إدارة الري .

3-2-2  التجربة الجزائرية (القطر الجزائري) في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

إن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة تقدر بحوالي 8 ملايين هكتار ، وإن المساحة المروية في الجزائر حالياً لاتزيد عن %5,6 من مجموع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة . وتجدر الإشارة إلى  أن نسبة %97 من الأراضي الصالحة للزراعة توجد في شمال البلاد حيث الأراضي فيها خصبة وتتميز بمناخ البحر الأبيض المتوسط وبمعدلات أمطار سنوية تتغير من الشمال إلى  الجنوب ومن الغرب إلى  الشرق . وبسبب ضعف وتغيرات هطول الأمطار اللذان يكونان أهم العوائق للتنمية الزراعية في الجزائر أصبح اللجوء إلى  الري ضرورة حتمية وعلى نطاق واسع، وهذا مرتبط أساساً  بوفرة كميات المياه اللازمة .

حالة الري السطحي والصرف في الجزائر :

قدرت المساحة المروية لسنة 1998 بحوالي 500 000 هكتار أي ما يعادل %6 من المساحة الصالحة للزراعة، وتم ري حوالي  360 ألف هكتار منها بالري السطحي أي حوالي %70 ، والباقي باستخدام تقنيات الري الحديثة .

في الجزائر ، وكمثل معظم دول العالم، فإن الري السطحي التقليدي لن يستبدل فجأة حتى بأبسط طرق الري الحديثة، وسيبقى مسيطراً بنسبة كبيرة ولفترة طويلة. وتستعمل في الجزائر جميع طرق الري السطحي التي يغطي فيها الماء كامل سطح الأرض كما في طريقة الري بالانسياب (الشرائح) وطريقة الري بالغمر، أو يغطي جزء من سطح الأرض كما في حالة الري بالخطوط . ويطبق الري السطحي على جميع المزروعات المروية، ويستعمل في كل أنحاء القطر وبنسب كبيرة مقارنة مع نظم الري الحديثة. ولتطوير كفاءة الري بالجزائر ، فقد تم على مستوى معظم شبكات توزيع مياه الري (الأولية والثانوية) نقل المياه بالأنابيب تحت الضغط حتى فتحات الأخذ المتواجدة على مستوى كل حقل، ومن هذه النقطة يختار المزارع حسب محصوله نظام الري الذي يلائمه، ولهذا فأكثرهم يستعمل الري السطحي التقليدي الأقل تكلفة، حيث يبلغ استعمال هذا النمط نسبة %80-70 وبكفاءة لاتتعدى %60 . وعلى الرغم من انخفاض تكاليف تقسيم الحقل بهذه الطريقة ، إلاّ أن كفاءة إضافة مياه الري منخفضة فيها .

أما بالنسبة للصرف ، يعتبر صرف المياه من أهم معيقات التنمية الفلاحية بالجزائر، ويمكن القول بأن صرف المياه يكاد أن يكون مهملاً في الحقول، حيث لايهتم المزارع في أغلب الأحيان إلاّ بشبكات الري المتواجدة عبر حقله وذلك لأن شبكات صرف المياه مشتركة بين كل المزارعين ، ونتيجة لعدم تطور التقنيات لدى الفلاح في هذا المجال، أدى ذلك إلى  تدهور شبكات الصرف وفقدان فعاليتها إن وجدت أصلاً ! .

رغم كل السلبيات والمآخذ المذكورة سابقاً لحالة الري السطحي والصرف بالجزائر إلاّ أن التفاؤل لايزال قائماً بخصوص الري وصرف المياه الزائدة وتطوير الري السطحي، حيث أولت الدولة أهمية كبيرة لهذا الأمر ، لأنه جزء لايتجزأ من تقاليد وعادات المزارعين في الجزائر وليس من السهولة التخلي عنه ، فمن خلال المخطط الوطني للتنمية الفلاحية تم توفير كل الإمكانيات المادية اللازمة لتطوير الري بشتى أنواعه وكذا تشجيع كل هيئات وزارة الفلاحة والمزارعين للاندماج الكلي لضمان نجاح هذا المخطط ، الذي سيمكن البلاد من توسيع رقعة المساحات المروية والاستغلال العقلاني للموارد المائية باستعمال الطرق المتطورة للري .

3-2-3  التجربة السودانية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

السودان بلد واسع الأطراف متعدد المناخات والبيئات والموارد الزراعية. أما فيما يتعلق بموارده الزراعية فإن حوالي 84 مليون هكتار أي ما يعادل حوالي ثلث مساحته يمكن تصنيفها كأراضي صالحة للاستثمار الزراعي . وفي السودان يمثل القطاع الزراعي المروي جزءاً هاماً من القطاع الزراعي وتبلغ جملة المساحة المزودة بمرافق ري حوالي 2 مليون و 550 ألف هكتار ، ويستخدم في كل هذه المساحة الري السطحي بقنوات ري مفتوحة غير المبطنة في شبكة التوزيع، وتستخدم عدة طرق في الري الحقلي تشمل : السراب الطويل، الأحواض المسطحة والأحواض ذات السرابات القصيرة. أما فيما يتعلق بالصرف فتستخدم المصارف المكشوفة المسطحة . يبلغ الاستهلاك المائي للزراعة حوالي 15.810 مليون متر مكعب في العام ، منها حوالي 15.300 مليون متر مكعب من النيل وفروعه، والبقية من أنهار خارج حوض النيل والمياه الجوفية . وفي السودان يشكل الجزء الأكبر من المساحة المروية بما يسمى " بالسهول الطينية الوسطى " أو " الترب الطينية المسطحة " التي تمثل أكثر من %72 من المساحات المروية في البلاد والتي تتميز بتسطح أرضها وتربتها الطينية بطيئة التسرب (النفاذية)، وقد مكنت هذه الخصائص من استخدام الري السطحي بقنوات غير مبطنة وبكفاءة عالية للري مقارنة بالمشاريع المشابهة في أجزاء أخرى من العالم . وعليه فإن كفاءة الري الكلية في كل مشاريع الري التي تقع على السهول الطينية الوسطى تتراوح ما بين %71-63 ، أي أن فواقد مياه الري في أغلب المساحات المروية في السودان ضئيلة جداً بحيث أنها في رأي كثير من العاملين في مجال الزراعة المروية في السودان لاتشكل هماً كبيراً في الوقت الحاضر .

أولاً :  برامج تطوير الري السطحي والصرف في السودان :

في السودان ، يستخدم الري السطحي التقليدي بقنوات مكشوفة غير مبطنة في كل الأراضي المروية، ولم يتم حتى الآن استخدام طرق الري الأكثر حداثة مثل الري بالرش أو الري بالتنقيط بصورة تجارية. وكما ذكرنا سابقاً (في المقدمة)، فقد ساعدت عدة عوامل طبيعية على أن تكون كفاءة الري السطحي التقليدي بالقنوات غير المبطنة عالية نسبياً في الغالبية العظمى من المساحات المروية مقارنة بالمشاريع المشابهة في بلدان أخرى ، ولكن على الرغم من ذلك مازالت الفرص متاحة لتحسين مستوى الخدمة المقدمة للمزارعين لزيادة الإنتاجية وكذلك لزيادة المساحات المزروعة بتحسين كفاءة الري، خاصة وأن الماء (وليست الأرض) يعتبر العامل المحدد الأول لزيادة الرقعة الزراعية المروية في السودان .

ثانياً : برامج تطوير كفاءة الري في شبكات التوزيع :

في المشاريع التي تقوم على التربة الطينية المسطحة ذات التسرب البطيء تعتبر فواقد مياه الري عن طريق التسرب العميق معدومة تقريباً، وذلك بدون الحاجة إلى  تبطين قنوات الري ، لذلك فإن فواقد مياه الري في شبكة التوزيع تتمثل في التبخر الطبيعي من سطح المياه في القنوات ومن كسورات جسور القنوات ومن التبخر – نتح من الحشائش التي تنمو داخل وفي أطراف القنوات ، ويمثل التبخر الطبيعي من سطح المياه في القنوات أكبر هذه الفواقد ، ويقدر فاقد المياه من التبخر من سطح المياه في القنوات بحوالي %8 من الاستهلاك المائي لمشروع الري (Elawad, 1991) .

وبهدف رفع كفاءة الري في شبكات التوزيع ، تمت ابتداءً من العام الماضي، ولأول مرة في السودان تجربة استخدام الأنابيب البلاستيكية بدلاً من القنوات الحقلية في مشروع زاد الخير 2 ألف هكتار الذي يقع على الضفة الشرقية للنيل الأزرق على بعد حوالي 80 كيلومتر جنوب الخرطوم. وعلى الرغم من أن التجربة حديثة ولم يتم تقييمها حتى الآن لكنها على الأقل أدت إلى  توفير جزء مقدر (هام) من المساحات الزراعية التي كانت تحتلها قنوات الري الحقلي .

أما فيما يتعلق بفواقد مياه الري الناتج من البخر – نتح من الحشائش التي تنمو داخل القنوات وعلى أطرافها، فقد وجد أن الوسيلة الأكثر استخداماً والأكثر نجاحاً في الوقت الحاضر هي تجفيف القنوات فـي فترة توقف الر ي، وقـد برهنت هـذه الوسيلـة فاعليتها فـي القضاء على الحشائش في القنوات وقلة تكلفتها مقارنة مع المعالجة الكيميائية (باستخدام مبيدات الحشائش) أو المكافحة الميكانيكية.

كما تم ويتم حالياً (في المشاريع الحكومية الكبرى) تركيب نوع جديد من بوابات التحكم داخل قنوات الري الحقلية وعلى القنوات الكبرى، كما تمت معايرة عدد من المنظِمات في هذه المشاريع. وإن تركيب البوابات الجديدة ومعايرة القناطر قد ساعد كثيراً في ضبط وقياس التصريفات المارة مما كان له الأثر الإيجابي في تحسين كفاءة استخدام مياه الري وحسـن توزيعها .

ثالثاً : تطوير كفاءة الري على مستوى الحقل :

يعتبر هدر مياه الري على مستوى الحقل هو الأهم في السودان مقارنةً بشبكات النقل والتوزيع. وتعتمد الكمية المهدورة على نوع التربة (تربة طينية أو غيرها) ، طريقة الري الحقلي المستخدمة، مدى اهتمام المزارع بترشيد استخدام مياه الري، وهناك مصدر آخر من مصادر هدر مياه الري في الحقل هو الري غير الضروري بعد نضوج المحصول في نهاية الموسم (وهي ممارسة منتشرة في أوساط المزارعين خاصة في المشاريع الحكومية الكبرى في السودان). ومن المتفق عليه، أن الطريقة المثلى لمعالجة مشكلة هدر المياه المذكورة أعلاه هو اهتمام المزارعين بترشيد استخدام المياه، وهذا يتطلب بالإضافة للتوعية والإرشاد وخلق الدافع اللازم لدى المزارعين لترشيد استخدام مياه الري .

أما بالنسبة لهدر مياه الري على مستوى الحقل، نذكر على سبيل المثال : في المشاريع القائمة على التربة الطينية، تساعد خاصية بطء التسرب على عدم فقد مياه الري بالتسرب العميق ولكن في الوقت نفسه نجد أن هذه الخاصية، عند استخدام نظام الري بالأحواض، تؤدي إلى  ترك سطح مائي حر فوق التربة قد يستمر لمدة يوم أو يومين تكون المياه معرضة فيها للتبخر الحر . وقد أوضحت بعض القياسات التي تمت في حقول المزارعين في محاصيل الذرة الرفيعة والفول السوداني في مشروع الجزيرة (Ibraheem,1992) أن كمية المياه المهدورة بهذه الطريقة تصل إلى  %40 من المياه الواصلة إلى  الحقل، وأنها تعتمد على نسبة الرطوبة في التربة قبل الري إذ أنها عندما تكون نسبة الرطوبة في التربة مرتفعة قبل الري قد تصل إلى  %60 من المياه المضافة إلى  الحقل. وفي المشاريع التي تستخدم السراب الطويل، يلاحظ أيضاً هدر كميات كبيرة من المياه في صورة جريان سطحي خارج الحقل عند نهاية السراب ، وأوضحت بعض القياسات التي أجريت في مشروع سكر كنانة أن مثل هذه الفواقد تتراوح ما بين %47-30  (Abd Elwahab, 2000) وتعتمد كمية المياه المهدورة على تصميم نظام الري (طول السراب، ميل السراب ، ...) .

كما أن عدم تسطيح الأرض (تسوية الأرض) ، خاصة في المشاريع التي تستخدم الري بالأحواض ، هو الآخر يشكل أحد أسباب هدر مياه الري وعدم عدالة توزيعها، حيث عندما تكون الأرض غير مسطحة (غير مستوية ) بالشكل المناسب، يتطلب ري مساحة الحوض كله، إضافة كمية أكبر من المياه لضمان ري المناطق المرتفعة فيه، وهذا يؤدي إلى  زيادة كميات المياه التي تبقى حرة فوق سطح الأرض في المناطق المنخفضة من الحوض ، مما يزيد من نسبة الفواقد المائية. وبهذا الخصوص ، تم إجراء تجارب لتسوية الأراضي في مشروع الرهد ومشروع أبو نعامة على النيل الأزرق ، وقد ساعدت هذه العملية في زيادة كفاءة الري وحسن توزيع المياه في الحقل.

 

وفي المشاريع الكبرى القائمة أحياناً على الأراضي غير المسطحة (غير المستوية) ، حيث تستخدم أحواض كبيرة تصل مساحتها إلى  450 هكتار (مشروع القاش مثلاً) ، أوضحت الدراسات الأولية أنه يمكن تحسين كفاءة استخدام مياه الري وحسن توزيعها في الحقل باستخدام أحواض أقل مساحة أو بتحريك سطح التربة لزيادة معدل التسرب لتقليل المدة الزمنية المطلوبة لغمر الحوض ، وبالتالي تقليل التبخر من سطح مياه الحوض بما قد يصل إلى  %30 .

المعوقات والمشاكل التي تواجه برامج تطوير الري السطحي في السودان :

إن تحسين أداء الري السطحي المستخدم في كل الأراضي المروية في السودان تواجهه عدة معوقات يمكن حصر أهمها في الأطر التالية :

أ-  معوقات بحثية (عدم توفر المعلومات والدراسات) :

ويشمل ذلك المعلومات الأساسية عن أنواع التربة التي تقام عليها مشاريع الري في السودان، وخصائصها المتعلقة بالري والتي تمكن من اختيار وتصميم نظم الري المناسبة ، وتشمل أيضاً غياب المعلومات المتعلقة بتصريفات القنوات وكميات المياه المضافة .

ب- معوقات تشريعية :

عدم وجود التشريعات الرادعة التي تحد من هدر المياه والتي تشجع مستخدمي المياه على ترشيد استخدامها. فمثلاً مازالت تكلفة مياه الري يتم تحصيلها من مستخدمي المياه على أساس المساحة المزروعة بغض النظر عن كمية المياه التي يتم استخدامها (استهلاكها) أو حتى عدد الريات .

ج-  معوقات مؤسسية :

عدم اهتمام المؤسسات العاملة في مجال المياه والري بنشر " الوعي المائي " للجمهور عامة ، والمزارعين خاصة. فما زالت قضية الأهمية المطلقة للمياه (وشح المياه) وأهمية ترشيدها، موضوعاً متداولاً في أروقة المؤتمرات وبين قلة من المشتغلين بالأمر فقط ، ولايتم توصيل هذه القضية للجمهور للتفاعل معها .

عدم اهتمام المؤسسات التي يرتبط عملها بالزراعة المروية والاستخدامات الأخرى للمياه "بالإرشاد المائي" . فالإرشاد يركز كل اهتمامه على التقنيات الزراعية التي لاتشمل طرق الري وتأثيرها على كفاءة استخدام المياه .

ضعف تأهيل الكوادر الإرشادية المتوفرة في مجالات المياه والري ، والتي تكون "عادة" قادرة على اختيار نظم الري الملائمة وتحديد متى يتم الري وأي كمية من المياه يجب إضافتها لتتمكن من نقل المعلومة المناسبة للمزارع .

د-  معوقات فنية :

فيما يتعلق بإدخال أنظمة الري الحديثة (طريقة الري بالرش مثلاً) ، تقع أغلب المساحات المروية في السودان في أراضي طينية تستحيل الحركة فيها عندما تبتل، وهذه الخاصية تجعل استخدام الري بالرش (المتنقل أو الدائم الحركة) صعباً للغاية .

تروى أكثر من %90  من مساحة المشاريع المروية في السودان من النيل الأزرق والنيل الرئيسي ونهر عطبرة . وهذه الأنهار الثلاثة تتصف بنسبة تركيز عالية للطمي في مياهها في فترة الفيضان، مما ينتج عن ذلك ترسيب جزء كبير من الطمي الذي تحمله مياه الري في القنوات، حيث أوضحت القياسات أن حوالي %65 من الطمي الداخل إلى  مشروع الجزيرة يترسب في قنوات النقل، وتشكل عملية تخليص القنوات من هذا الطمي عبئاً مالياً كبيراً .

عند استخدام الأنابيب بدلاً عن القنوات المكشوفة لتقليل التبخر من سطح الماء في القنوات أو عند تبطين قنوات الري في التربة ذات التسرب العالي (النفاذية العالية) فإن التخلص من الطمي المترسب داخل الأنابيب أو في القنوات المبطنة باستخدام الآليات قد يكون مستحيلاً.

هـ-  معوقات اقتصادية :

التكلفة العالية لبعض العمليات التي تساعد على زيادة كفاءة الري مثل تبطين القنوات في التربة الرسوبية ذات التسرب العالي (النفاذية العالية) أو استخدام الأنابيب بدلاً من القنوات المفتوحة (المكشوفة) لتقليل فواقد التبخر من سطح القنوات أو كذلك تسطيح الأراضي (عمليات  التسوية).  فمشاكل ضعف الإنتاجية في القطاع الزراعي المروي في السودان عامة ، ومشاكل التسويق وعدم استقرار الأسعار، قد لاتشجع المستثمرين من القطاع الخاص على استثمار رؤوس أموال كبيرة في مرافق الري، والتي من المعلوم أنها استثمارات طويلة المدى يتحقق العائد منها خلال فترة زمنية طويلة.

ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري، الذي أدى بدوره إلى  تراكم الطمي ونمو الحشائش في قنوات الري. ويترتب على ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري، كذلك ، تدهور منظِمات المياه ، لدرجة جعلها غير قادرة على أداء دورها الذي أنشئت من أجله، وهو ضبط وقياس تصريفات المياه، الأمر الذي نتج عنه سوء توزيع مياه الري بين أجزاء المشروع وهدر كميات كبيرة من المياه في بعض الأحيان .

3-2-4 التجربة السورية (القطر السوري) في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

تبلغ مساحة القطر السوري 18517971 هكتار وتبلغ المساحة القابلة للزراعة 5986361 هكتار والمساحة المستثمرة 5521183 هكتار والمساحة المزروعة فعلاً 4803119 هكتار والمساحة المروية 1167633 هكتار (المجموعة الإحصائية الزراعية السورية لعام 1998) . وتضم سورية من الناحية الجغرافية الطبيعية أربعة مناطق هي المنطقة الساحلية، المنطقة الجبلية، المنطقة الداخلية ومنطقة البادية.

تعتبر سورية من المناطق شبه الجافة ، وتتوزع مصادر المياه فيها وفق الآتي : %61 من الأمطار ، %21 من الأنهار ، %5 من الينابيع و %3 من المياه الجوفية ، ويقدر حجم المياه المتاحة للاستثمار بحدود %35 من إجمالي الموارد المائية السنوية ويستثمر في قطاع الزراعة نحو 7 مليار متر مكعب سنوياً. ويعتبر نهر الفرات من أهم الموارد المائية في سورية حيث يشكل هذا النهر حوالي %35 من هذه الموارد ، لذلك فقد أولت الحكومة السورية أهمية خاصة لاستثمار مياه هذا النهر، فوضعت خطة طموحة لاستصلاح الأراضي المحيطة به وعلى مساحة حوالي 640 ألف هكتار تقريباً، ولكن مع تفاقم مشكلة الجفاف يوماً بعد يوم ... ونظراً لتحديد تدفق مياه نهر الفرات الواردة من تركيا إلى  الحد الأدنى من الجريان والذي لايحقق تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات المائية لري المحاصيل الزراعية بعد استصلاح كافة الأراضي المخطط لها في حال استخدام طرق الري السطحي التقليدية ، لذلك فقد أصبحت مشكلة ترشيد استعمالات المياه وحسن استخدامها وتطوير إدارتها، هي من أهم المشاكل الاقتصادية التي تتطلب إيجاد الحلول السريعة والفعالة بالاعتماد على أسس فنية واقتصادية. لذا فإن البرامج السابقة في وزارة الري تهدف إلى  دراسة آفاق تطوير نظام الري السطحي وتطبيق تقنيات الري الحديثة باستخدام : طريقة الري السطحي المطوّر  (الري بالخطوط الطويلة) ، والري بالرش ، والري بالتنقيط، وذلك بهدف تحقيق أكبر كفاءة ري وتخفيض التكاليف الزراعية وزيادة المردود الإنتاجي لوحدة المساحة .

ونظراً لاستخدام طرق الري السطحي التقليدية ذات الكفاءة المتدنية والذي قد ينتج عنه ارتفاع منسوب الماء الأرضي وتملّح الأراضي، يطبق نظام الصرف المغطى (أنابيب حقلية ماصة مصنوعة من مادة الـ P.V.C ، وتصب في المصارف المجمعة أو المجمعات ، والتي بدورها تصب في المصارف الرئيسية المكشوفة) الذي يسمح بزيادة عمق منسوب الماء الأرضي والحد من خطر التملّح نتيجة ارتفاع الأملاح بواسطة الخاصة الشعرية .

تطور المساحات المروية خلال الفترة ما بين (2000-1970) بسوريا :

تطورت المساحات المروية في القطر السوري بوتائر متباينة خلال الفترة ما بين (2000-1970) وكان ذلك انعكاساً مباشراً للسياسات الاقتصادية الحكومية وممارسة دعم الإنتاج الزراعي، ونبين فيما يلي تطور المساحات المروية :

ازدادت المساحة المروية في الفترة ما بين (2000-1970) بحدود 756 ألف هكتار خلال ثلاثين عاماً بزيادة مطلقة قدرها %267 ونسبة %167 وزيادة وسطية قدرها 24.4 ألف هكتار/سنة.

يمكن تمييز ثلاث مراحل لتطور المساحات المروية :

*  المرحلة الأولى (1986-1970) : ازدادت المساحات المروية بحدود 201.0 ألف هكتار بمعدل زيادة 11.8 ألف هكتار/ سنة وشكلت زيادة المساحات المروية خلال هذه المرحلة %26.6 من إجمالي الزيادة المحققة خلال الفترة 2000-1970 .

* المرحلة الثانية (1991-1986) : حيث ازدادت المساحة المروية بحدود 136.0 ألف هكتار بمعدل زيادة 22.7 ألف هكتار/سنة ، وشكلت زيادة المساحات المروية خلال هذه المرحلة %18.0 من إجمالي الزيادة المحققة خلال الفترة 2000-1970 .

*  المرحلة الثالثة (2000-1991) : وهي مرحلة النمو المتسارع للمساحات المروية كانعكاس لجملة السياسات والإجراءات المتخذة بهدف تحقيق "الأمن الغذائي" والاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية ، وفي كثير من الأحيان على حساب الاستخدام غير المتوازن للمياه الجوفية حيث ازدادت المساحة المروية بحدود 419 ألف هكتار بمعدل زيادة 41.9 ألف هكتار/سنة ، وشكلت زيادة المساحات المروية خلال هذه المرحلة %55.4 من إجمالي الزيادة المحققة

البرامج الجارية والنتائج المتوقعة بسوريا :

بما أن القطاع الزراعي في سورية يساهم بحوالي %32 من الدخل القومي ويستوعب %31 من القوى العاملة ، ومع تعاظم الطلب على المياه والحاجة المتزايدة للغذاء في ظل موارد مائية محدودة وظروف مناخية شبه جافة سائدة، تبرز أهمية ترشيد استعمالات المياه في كافة المجالات (الزراعة، الصناعة، الشرب والاستعمالات المنزلية) وبشكل خاص في القطاع الزراعي الذي يستهلك أكثر من %85 من إجمالي الموارد المائية المستخدمة حالياً، وذلك عبر تنفيذ إجراءات عديدة أهمها : تخفيض الفواقد المائية في شبكات الري، تحسين إدارة المياه على مستوى الحقل، الانتقال من أساليب الري التقليدية (ذات الكفاءة المنخفضة) إلى  طرق الري الحديثة (رش ، تنقيط) ذات الكفاءة المرتفعة .

البرنامج الوطني للتحول إلى  الري الحديث :

بدأت الحكومة السورية منذ أكثر من عام بتنفيذ برنامج وطني لتحويل معظم الأراضي الزراعية المروية إلى  الري الحديث وذلك خلال أربع سنوات ، واتخذ المجلس الزراعي الأعلى قرارات عديدة تسهل عملية التحول وتزيل العقبات وتعالج الصعوبات التي تعترض ذلك، حيث تم تكليف الوزارات المختصة (الري، الزراعة، الصناعة، الاقتصاد...) بما يلي :

أ -   التخطيط للمساحات المروية حسب الموارد المائية المتجددة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتحول نحو استخدام تقنيات الري المتطورة .

ب -  معالجة وضع الآبار غير المرخصة والمنع المطلق لحفر الآبار في الأحواض المغلقة .

ج -  إعداد الدراسات اللازمة لإقامة مشاريع الري الجماعي على الآبار .

د -   إعداد دراسات لإعادة تأهيل مشاريع الري السطحي القديمة .

هـ تحديد احتياجات الري الحديث وتوفير القروض لتمويل كافة متطلباته .

و -  إعداد الدراسات والتصاميم لشبكات الري الحديثة لدى الفلاحين (مجاناً) .

ز -  وضع الآليات والإجراءات اللازمة لمراقبة جودة تجهيزات الري الحديث وضرورة تحقيقها للمواصفة المطلوبة .

وغيرها كثير من القرارات التي حفزت وساعدت على التحول إلى  الري الحديث، يضاف إليها نتائج بحوث الري والتوعية الإعلامية وظهور العجز المائي في عدة مواقع، مما شجع المزارعين على التحول إلى  الري الحديث بشكل متسارع، حيث بلغت المساحة المحولة منذ شهر آب (أغسطس) 2000 حوالي 44,8 ألف هكتار، وهي تشكل نسبة %31,5 من إجمالي المساحة المروية بطرق الري الحديثة حتى نهاية 2001 والبالغة 142,6 ألف هكتار، منها 33,2 ألف هكتار بالتنقيط و 109,4 ألف هكتار بالرش، وتشكل نسبة %10,6 من المساحة الإجمالية المروية و %17,9 من المساحة المروية من المياه الجوفية، كون معظم المساحة التي تستخدم تقنيات الري الحديثة تقع على مصادر المياه الجوفية .

يتطلب تنفيذ هذا البرنامج (الذي من شأنه إحداث نقلة نوعية في طريقة التعامل مع المياه في القطاع الزراعي) جهوداً مكثفة، وكوادر متخصصة، وكميات هائلة من الأنابيب والتجهيزات، واعتمادات كبيرة .

ولضمان نجاح هذا البرنامج (حمايةً للفلاح والمستثمر والاقتصاد الوطني) ، تم اتخاذ عدد من الإجراءات الفورية ، تتعلق بآليات التنفيذ ومراقبة جودة ومواصفات التصنيع لتجهيزات الري ، وإقامة دورات تدريبية للمهندسين والمرشدين الزراعيين لتدريبهم على التصميم والتنفيذ والتشغيل الصحيح لشبكات الري، إضافة لتدريب الفلاحين من خلال العديد من الأيام الحقلية على تشغيل وصيانة هذه التقنيات لضمان الاستثمار الجيد لشبكة الري في الحقل .

كما تم وضع خطة إعلامية من خلال ندوات ولقاءات في التلفزيون العربي السوري والإذاعة وعبر مقالات في الصحف ، تؤكد على ضرورة الانتقال إلى  طرق الري الحديثة بشكل سليم، ولاتزال الحاجة أكبر لجميع هذه النشاطات ، بدءاً من تأهيل الكادر الفني من مهندسين مختصين في إدارة الموارد المائية وتصميم شبكات الري الحديثة، وانتهاءً بمتابعة أداء الشبكات في الحقل لتحقيق الجدوى الفنية والاقتصادية ونجاح البرنامج الوطني في تحقيق الغايات والنتائج المرجوة .

البرامج المستقبلية المخطط لها وأهدافها بسوريا :

إعادة تأهيل مشاريع الري الحكومية : (التي تعتمد بشكل رئيسي على المياه السطحية وتبلغ نسبتها %35 من إجمالي المساحة المروية ) :

أولاً : إعادة تأهيل شبكات الري السطحي الحكومية المنفذة وتحويلها إلى  طرق ري حديثة :

على اعتبار أن طرق الري الحديثة، " هي كل طريقة توفر الماء وتؤمن كفاءة عالية للري، وتتمتع بمردود اقتصادي مرتفع، وتتلاءم مع الظروف المناخية والبيئية والاجتماعية والإمكانيات الفنية والمالية المتاحة" . أي أنه لاتوجد طرق ري حديثة مثلى يمكن تعميمها على جميع المشاريع، بل لابد من أخذ جميع العوامل الآنفة الذكر بعين الاعتبار لدى اختيار طريقة الري المثلى في كل مشروع على حدة. ونبين فيما يلي طرق إعادة تأهيل شبكات الري السطحي الحكومية المنفذة :

1-  في حال كون الأقنية الرئيسية والثانوية المكشوفة الناقلة للماء بيتونية والمراوي الحقلية مؤلفة من فلومات Flumes  كما هو الحال في مشاريع حوض الفرات ، فيمكن عندئذ الانتقال إلى  الري الحديث (ري بالرش ، ري بالتنقيط) أو ري سطحي مطوّر ، عن طريق تجهيز شبكة الري عند كل مروى حقلي بحوض ضخ (بركة صغيرة)، يركب عليها المضخات اللازمة للري بالرش أو بالتنقيط أو الري السطحي المطوّر .

2-  أما إذا كانت الأقنية الثانوية أو المراوي الحقلية ترابية، فلابدّ عندئذ من إعادة استبدالها بفلومات Flumes بيتونية مناسبة، أو يمكن استبدال الأقنية بحيث تصبح أنبوبية مضغوطة تؤمن ضاغطاً لايقل عن 3 بار عند المأخذ المائي وذلك عن طريق إنشاء محطات لرفع الضغط في تلك الأقنية .

ثانياً : إعادة تأهيل شبكات الري السطحي الحكومية غير المنفذة أو قيد التنفيذ أو قيد الدراسة:

تم توجيه كافة شركات الدارسة سواء كانت الوطنية منها (كشركة الدراسات المائية) المتعاقد معها على دراسة مشاريع حوض الفرات الأدنى والرصافة وشرقي الرقة والبليخ في حوض الفرات إلى  ضرورة اعتماد الطرق الحديثة للري في جميع مشاريعها، كما تم توجيه كافة الشركات الأجنبية المتعاقد معها على دراسة مشروع ري سهول حلب الجنوبية والباب – تهدف إلى  ضرورة اعتماد طرق الري الحديثة .

كما تم توجيه الشركة الروسية (سوف انترفود) إلى  ضرورة الاستفادة من مياه الصرف الصحي والصناعي المعالجة لمدينة حلب في ري (20) ألف هكتار في منطقة المطخ جنوب حلب ضمن مشروع ري سهول حلب الجنوبية .

ثالثاً :  إعادة تأهيل مشاريع الري التابعة للقطاع الخاص (والتي تعتمد على المياه الجوفية وتبلغ نسبتها %65 من إجمالي المساحة المروية) :

إن التركيز سيتم على تحديث شبكات الري السطحي في مشاريع القطاع الخاص والتي تشكل %65 ، والتي تعتمد على المياه الجوفية التي أصبحت مهددة بالاستنـزاف في كل الأحواض المائية، حيث من الضروري اتباع التعليمات التالية للحفاظ على المخزون المائي الجوفي:

1-  التشدد في منح التراخيص الجديدة للآبار .

2- اتباع طرق الري الحديثة (ري بالرش ، ري بالتنقيط) .

3- عدم التوسع في زراعة المحاصيل التي تتطلب احتياجات مائية عالية .

4-  منع استعمال الآبار الواقعة في البادية لري المحاصيل الزراعية .

الرؤى المستقبلية وبرامج المدى البعيد بسوريا :

تعتبر المياه العائق الرئيسي الذي يقيد التطور الزراعي، حيث أن الموارد المائية الداخلية المتجددة للقطر السوري محدودة وتقدر بـ 10,5 بليون م3/سنة باستثناء حصة سورية من الفرات . ومن المتوقع أن يصل إجمالي الطلب على المياه في عام 2015 إلى  24.2 بليون م3/سنة، منها 21,2 بليون م3 / سنة (%87) للزراعة في حالة استمرار نظام الري السطحي التقليدي الحالي (أي الري السطحي بالغمر) حيث كفاءة الري تتراوح بين %50-40 ، ومن هنا تتضح الحاجة بأن يكون لدى سورية استراتيجية تهدف إلى  تخفيف الطلب على المياه من قبل مختلف المستثمرين وإلى زيادة الواردات المائية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال رفع كفاءة الري من (%50-40) إلى  (%70) على الأقل، وذلك بتحسين وتطوير الري السطحي الحالي وإدخال أنظمة الري الحديثة مثل (الري السطحي المطوّر والري بالرش والري بالتنقيط) ، إضافة إلى  إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي والصناعي في الزراعة .

زيادة الواردات المائية :

يمكن زيادة الواردات المائية من خلال :

أ-  استخدام مياه الصرف الزراعي في حوض الفرات الأوسط والأدنى والتي تقدر بـ 750 مليون م3 /سنة يمكن استخدام معظمها في الري ، وإجراء تجارب حول استخدام المياه المالحة في الري على عدد من المحاصيل المتحملة للملوحة، مع الإدراك بأهمية استخدام هذا المورد كرديف للموارد المائية التقليدية، ودراسة المنعكسات والتأثيرات السلبية على التربة في المدى القصير والبعيد، ووضع المعايير والاشتراطات اللازمة والحلول لتلافي المنعكسات السلبية .

ب– إعادة استخدام مياه الصرف الصحي " المعالجة " التي تزداد كميتها " طرداً " مع ازدياد عدد السكان، ويقدر هذا المصدر في عام 2015 بـ 500 مليون م3/سنة يمكن أن يكون متاحاً للمعالجة وإعادة الاستخدام .

إن استخدام المياه غير التقليدية يتطلب "إدارة خاصة" مختلفة عن إدارة مياه الري العذبة نظراً لطبيعتها الفيزيائية وتركيبها الكيميائي، ففي حالة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة تكون هناك ضرورة لتقويم أثر هذه المياه على الخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة وعلى نوعية المحاصيل والمخاطر المحتملة على الصحة البشرية والبيئة، وفي حالة المياه الواردة من " الأنشطة الصناعية " يجب مراقبة المعادن الثقيلة وتركيز الأيونات السامة في التربة والمحاصيل، للتمكن من الاستثمار الأمثل لهذه الموارد دون أي تأثيرات سلبية جانبية .

استراتيجية الدولة في سورية :

اتجهت استراتيجية الدولة في سورية نحو مفهوم ديمومة الموارد المائية المتاحة وحمايتها باتباع سياسات تعتمد على الاستغلال الأمثل والمرشد للموارد المائية في الزراعة ووضع المعايير والضوابط اللازمة لهذا الاستغلال، وذلك من خلال تطوير الكفاءة الفنية والاقتصادية لاستعمالات المياه في الزراعة، بإدخال طرق حديثة للري مناسبة للسوية التقنية للمزارع السوري ولحجم الحيازات ووضع الآليات والإجراءات لتحقيق ذلك وفق خطة مبرمجة مادياً وزمنياً .

المعوقات والمشاكل التي تواجه برامج التطوير في سوريا :

أولاً : المعوقات الفنية والبحثية :

1-  انخفاض سوية الخبرة الفنية وتدنّي مستوى المعرفة المتطورة بأساليب الري الحديثة لدى أغلب الفلاحين، مما يساهم في بعدهم عن الأخذ بالتقنيات الحديثة .

 

2-  قلة الكوادر الفنية المتخصصة في مجال بحوث الري والزراعة .

3-  قلة وضعف المعاهد ومراكز التدريب القادرة على تأهيل كادر بحثي جيد في مجال المياه والري .

4-  ارتفاع تكاليف البحث العلمي ونقص المخصصات اللازمة لذلك .

ثانياً : المعوقات التنظيمية والإدارية والمؤسسية :

1-  ضعف التنسيق بين الجهات المتعددة ، فهناك الجهات المناط بها تصميم وتنفيذ مشاريع الري والصرف، وهناك الجهات الموكل إليها موضوع تشغيل شبكات الري والصرف ، وأخيراً الجهات المستغِلة لهذه المشاريع. ويحتاج الأمر إلى  تنسيق وترابط وتكامل هذه الجهود المتسلسلة، والتي تتطلب بالضرورة خبرات ومؤهلات مختلفة حسب المراحل المختلفة .

2-  قلة الكوادر الفنية المقتدرة والمؤهلة لمتابعة مسيرة هذه العملية المعقدة، لضمان الوصول إلى  الغايات المنشودة بأفضل السبل .

3-  غياب المؤسسة البحثية القيادية والناظمة للأولويات في كافة مجالات البحث العلمي الزراعي من تصميم لشبكات الري الحديثة، وأصناف مقاومة للجفاف وغيرها ...

ثالثاً : المعوقات المالية والاقتصادية والتمويلية :

1-  إن ارتفاع تكاليف إنشاء شبكات الري الحديثة (بالرش ، بالتنقيط) ، مقارنة بقلة تكلفة إنشاء شبكات الري السطحي التقليدية، يمثل أكبر العوائق أمام تطوير طرق الري السطحي وتعزيز استخدام طرق الري الحديثة .

2- ضعف تمويل البحوث والدراسات الخاصة بتطوير طرق الري الحديثة .

رابعاً : المعوقات الاجتماعية :

قلة الوعي العام بمشكلة نقص المياه في سورية، حيث أن هذا الوضع قد أدى إلى  الإفراط في الاستخدام وعدم الاهتمام بإعادة تأهيل شبكات الري السطحي وتحويلها إلى  طرق ري حديثة .

الاستنتاجات :

إن الزراعة العربية تستهلك (%80) من مجموع المصادر المائية المتاحة حالياً وأن نظام الري السطحي التقليدي معتمد في حوالي (%85) من المساحات المزروعة، وإن فواقد هذا النظام من مياه الري (اثناء النقل والتوزيع في شبكات الري) يزيد على (%50) ، وبالتالي فكفاءة أنظمة الري تقل في معظم البلدان العربية عن (%50) . أما في حالة تحسين شبكات الري القائمة (الري السطحي التقليدي) سواء بتبطين الأقنية بالاسمنت أو عن طريق تسوية الأرض في المزرعة، أو استخدام السيفونات في عملية الري ، أو بتحسين إدارة التوزيع، أو بإدخال نظام الري السطحي المطوّر (نقل المياه بواسطة أنابيب حتى حدود الحقل)، فيمكن عندئذ رفع كفاءة الري إلى  أكثر من (%75) ، وبالتالي يمكن معه توفير %21,25 من المياه المستعملة في الزراعة حاليـاً ، وهذا بدوره يعادل %17 من مجموع المصادر المائية المتاحة حالياً .

المقترحات والتوصيات :

1- تصميم وتنفيذ جميع مشاريع الري الجديدة بحيث تكون مؤهلة لاستخدام طرق وتقنيات الري الحديثة عند وضعها في الاستثمار . واعتماد التصاميم الهندسية الملائمة لهذه المشاريع بحيث يتم وصول منظومات الري الإجمالية إلى  كفاءة لاتقل عن %80-70 (شبكات ري أنبوبية مضغوطة تعمل وفق مبدأ : حسب الطلب حيثما أمكن ) .

2- تعزيز دور البحوث المشتركة في مجال إدارة وتنمية الموارد المائية غير التقليدية وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية وبخاصة المياه الجوفية غير المتجددة وتعظيم استخدام مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي في الإنتاج الزراعي ، وتنفيذ بحوث متخصصة في استخدام المياه غير التقليدية (صرف زراعي، صرف صحي) للتوصل إلى  معايير محلية تمكن من الاستخدام الآمن لهذه المياه، وأن تكون المعايير الموضوعة من قبل منظمة الصحة العالمية هي الهدف الذي يجب الوصول إليه .

3- تعزيز البحوث المتعلقة باستنباط محاصيل زراعية تتحمل مياه الصرف الصحي والملوحة العالية (المياه الجوفية شديدة الملوحة، مياه البحر) مع ضرورة التوسع في بحوث استخدام النموذج الرياضي في التنبؤ لظاهرة الملوحة .

4- تبادل الخبرات والتدريب بين الدول العربية في مجال تقنيات تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة الملوثة للوصول إلى  أفضل التقنيات المستخدمة لرفع كفاءة الإنتاج وخفض تكاليف الإنشاء والتشغيل والصيانة وإطالة العمر الافتراضي لتلك المحطات .

3-2-5  التجربة العراقية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

نظراً لتوفر مياه سطحية تتمثل في نهري دجلة والفرات وروافدهما، فإن الزراعة في عموم القطر العراقي هي زراعة إروائية تعتمد على "الري السيحي"(1) بدون واسطة في أغلب المناطق وبواسطة في بعض المناطق المرتفعة (في المناطق المرتفعة يتم استخدام النواعير لرفع المياه إلى  مستوى أعلى والتي يتم تشغيلها إما بقوة الماء في مجرى النهر أو باستخدام الحيوانات) . وبسبب طبيعة الأرض (ذات طبوغرافية مستوية نسبياً) ، وكذلك بسبب استمرار عمليات الري طيلة حقبة تاريخية طويلة، فقد تجمعت مياه تحت سطحية مما أدى، وبسبب الحرارة المرتفعة في فصل الصيف، إلى ارتفاع هذه المياه بالخاصية الشعرية إلى السطح وتبخرها تاركة الأملاح تتجمع على السطح مما أدى إلى  تدهور مساحات كبيرة من الأراضي بسبب الملوحة، الأمر الذي أدى إلى  ضرورة إقامة أنظمة صرف لغرض إزالة الأملاح وخفض مناسيب المياه الجوفية .

 

 
 

 

1-  الري السيحي : يكون بتحويل المياه بطريقة الحادية Gravity من المصدر المائي إلى الحقل أما الري بالضخ : يكون بتحويل المياه من المصدر المائي إلى القناة الرئيسية للمشروع بواسطة عدد من المضخات، وذلك عندما يكون منسوب الماء في المصدر أقل من منسوب الأرض المطلوب إروائها .

تبلغ المساحات الصالحة للزراعة في القطر العراقي 11,1 مليون هكتار، وتبلغ مساحة الأراضي القابلة للإرواء من مجمل الأراضي الصالحة للزراعة حوالي 6 مليون هكتار . وتتباين إنتاجية هذه الأراضي تبايناً كبيراً بسبب عوامل عديدة تؤثر بنسب متفاوتة على الإنتاج الزراعي ونذكر منها : انتشار الملوحة وبدرجات متفاوتة، تدهور صفات التربة الفيزيائية، ارتفاع مناسيب المياه الجوفية، ارتفاع نسبة الجيبس في بعض المناطق المروية .

  إن تجهيز المياه إلى  الحقل أو المشروع يكون بإحدى الطرق التالية :

أ –  إيصال الماء إلى  الحقل على أساس نظام مقرر مسبقاً أو جدول للتوزيع Schedule system، حيث يعتمد على توزيع متكافئ وعادل للموارد المائية المتاحة للمستفيدين ضمن المشروع الإروائي. وتعتمد هذه الطريقة عندما تكون الموارد المائية هي العامل المحدد للزراعة .

ب– إيصال الماء إلى  الحقل على أساس التجهيز عند الطلب On demand system ، حيث يكون للمستفيد الحرية الكاملة في تجهيز الكمية التي يحتاج إليها بحسب حاجته .

وتتوزع الأراضي المروية في القطر العراقي على مشاريع إروائية متعددة تتفاوت في مساحاتها وظروفها وطبيعتها، وهذه المشاريع الإروائية تشمل على قنوات ري وصرف ، منها قنوات الري الرئيسية والفرعية وكذلك قنوات الصرف الرئيسية والفرعية وتدخل هذه المشاريع الإروائية ضمن التقسيمات الإدارية لمحافظات القطر .

أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه الزراعة المروية في العراق :

أولاً : أعمال الصيانة (إزالة الترسبات والقصب والأعشاب) لشبكات الري والصرف :

إن كافة الجداول والمصارف ومنشآتها عرضة للاندثار بدرجات متفاوتة بسبب تراكم الترسبات ونمو القصب والأعشاب بكثافة في شبكات الري والصرف مما يؤدي إلى  عرقلة التشغيل وتخفيض تصريف الشبكات المذكورة (الجداول والمصارف) وقد يصل الانخفاض إلى  حدود %25 من التصريف التصميمي أو أكثر من ذلك، وأحياناً توقف عمل شبكة الصرف الحقلي المغطى وبالتالي إعادة تملح الأراضي الزراعية. ويكون نمو القصب والأعشاب في شبكات الري المبطنة معدوماً أو أقل بكثير عما هو عليه في شبكات الري غير المبطنة .

ثانياً : صيانة أعمال التعديل والتسوية :

نظراً لأن كفاءة الإرواء في أية مساحة زراعية تعتمد على دقة استواء المساحة المذكورة، أي على دقة التعديل والتسوية لهذه المساحة ، فإن ذلك يتطلب إجراء أعمال التسوية كل موسم أو موسمين أو أكثر وذلك حسب متطلبات الدورات الزراعية، مع التقيد بالعمليات الزراعية الصحيحة، وتتم التسوية المذكورة باستعمال المعدلات Land plane الصغيرة أو الكبيرة التي تسحب بالجرارات. وإن إهمال الصيانة المبرمجة لمشروع الري والصرف يؤدي إلى  زيادة تكاليفها، بمعنى أن الصيانة ليست قليلة التكاليف، وإهمالها يؤدي إلى  ضرورة القيام بإصلاح باهظ التكاليف للمشروع نفسه .

التوجهات الرئيسية لتحسين إنتاجية الأراضي المروية بالعراق :

أ-  إدخال ونشر أنظمة الري الحديثة :

كانت الأساليب التقليدية في الإرواء وما زالت هي السائدة في العراق، إلاّ أن محدودية المياه المتوفرة للإرواء وزيادة الحاجة إلى الغذاء دفع وزارة الري لوضع خطة وبرنامج عمل لتجربة وتطبيق الأساليب الحديثة كالري بالرش والري بالتنقيط . ولرفع كفاءة الري جربت هذه الأساليب الحديثة في بعض المشاريع الإروائية في العراق وأثبتت نجاحها حيث تبين أن إعطاء بضع ريات عند شح الأمطار كفيل بإنقاذ المحاصيل الزراعية من الفشل ورفع معدلات الإنتاج .

ب-  تطوير استخدامات المياه غير التقليدية (مياه الصرف الصحي والزراعي) في الزراعة :

أساليب تطوير الري السطحي في العراق :

نتيجة للكثير من الدراسات والأبحاث التي أجريت حول تطوير أساليب الري السطحي فقد تم التوصل إلى  مجموعة من الإجراءات التي تساعد في الوصول إلى  الأهداف الموضوعة، ومن هذه الإجراءات ما يلي :

أولاً : إعداد بيانات عن قيمة الاستهلاك المائي للمحاصيل Crop water requirements وخصوصاً الرئيسية منها، وكذلك الدورات الزراعية الملائمة للتربة والمناخ . إن ذلك يساعد على معرفة الاحتياجات الإروائية الحقيقية لمشروع الري وبالتالي إعداد التصاميم الملائمة لشبكات الري الحديثة للمشروع .

ثانياً : تبطين قنوات ا لري Canal linning وخصوصاً الرئيسية منها، وإن ذلك يساعد في تقليل فواقد قنوات الري عن طريق الرشح العميق Deep percolation والتي تقدر بنسبة حوالي %15 ، وكذلك في منع نمو الأدغال المائية التي تسبب منع أو إعاقة جريان الماء بشكل ملائم في قنوات الري.

رغم الكلفة العالية لمثل هذا الإجراء ، إلاّ أن ذلك يقلل من كلفة الصيانة السنوية للمشروع وفي تقليل الآثار السيئة لنمو الأدغال المائية في قنوات الري .

ثالثاً : إجراء عمليات التعديل والتسوية للحقل بواسطة المعدات الحقلية والأجهزة الحديثة والتي تساعد في توزيع الماء بشكل متجانس ، مما يرفع من كفاءة نظام الري في توزيع المياه .

رابعاً : السيطرة على الأنهار الرئيسية والفرعية عن طريق منظومات السيطرة على مناسيب المياه Cross regulators  ، حيث يساعد ذلك في ضمان التوزيع المنظم للمياه بين الأنهار الرئيسية وكذلك بين الأنهار الفرعية ضمن المنظومة الإروائية الواحدة .

خامساً: إزالة الترسبات من قنوات الري، حيث أن تراكم الترسبات في هذه القنوات يؤدي إلى  الإقلال من جريان الماء فيها بسبب تقليل قيمة مساحة المقطع العرضي وبالتالي انخفاض تصاريف هذه القنوات بنسبة قد تصل إلى  %25 أو أكثر .

سادساً : إدخال أساليب الري الحديثة كالري بالرش والري بالتنقيط وبمساحات كبيرة للمساعدة في رفع كفاءة الإرواء وكذلك للسيطرة الكبيرة على الموارد المائية بما يساعد في زيادة رقعة الأراضي المروية.

سابعاً : صيانة مشاريع الري والمنشآت التابعة لها. وتشمل أعمال الصيانة صيانة البوابات الخاصة بالنواظم القاطعة وكذلك صيانة المنافذ الحقلية لضمان عدم التجاوز على الحصص المائية، بالإضافة إلى  صيانة محطات الضخ ، ويعتبر ذلك من أهم العوامل الضرورية لديمومة عمل منظومة الإرواء وبنفس كفاءتها التصميمية .

3-2-6  التجربة المصرية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

تعتبر مياه نهر النيل هي المصدر الأساسي والوحيد للتنمية بمصر ، وموارد النيل تمثل %97 من الموارد المائية المتاحة لمصر ، وتبلغ حصة مصر 55,5 مليار متر مكعب. ومع النمو المضطرد للسكان وتعاظم الاحتياجات الغذائية كان لزاماً على الدولة أن تعمل جاهدة على تعظيم الاستفادة بكل قطرة من المياه المتاحة عن طريق تطوير نظم الري بالأراضي القديمة والحد من فواقد النقل وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والسحب الآمن من الخزان الجوفي بالدلتا والوادي والحد من مساحات المحاصيل عالية الاستهلاك للمياه كالأرز وقصب السكر . وتهدف خطة التطوير إلى  رفع وتحسين كفاءة نقل وتوزيع المياه وتطبيق نظم التحكم الحديثة، تقليل الفاقد ورفع كفاءة الاستفادة من وحدة المياه، ترشيد استخدام المياه المتاحة وزيادة الإنتاجية الزراعية .

يعمل مشروع تطوير الري حالياً في إحدى عشرة منطقة بالمحافظات المختلفة (الشرقية، كفر الشيخ، الغربية، البحيرة، الاسكندرية، الفيوم، بني سويف ، المنيا ، أسيوط ، سوهاج ، أسوان) لتكون مناطق رائدة لأعمال مشروع تطوير الري في الأراضي القديمة بكافة محافظات الجمهورية، بزمام إجمالي قدره حوالي 395 ألف فدان .

أهداف ونتائج برامج التطوير السابقة للتطوير بمصر  :

-  أهداف قومية : توفير المياه الضائعة بسبب سوء المساقي الحالية، وهي تمثل أكثر من %10 من المياه المستخدمة في الزراعة يمكن الاستفادة منها في استصلاح واستزراع أراضي جديدة .

-  أهداف اقتصادية : يهدف مشروع تطوير الري إلى  عدالة توزيع المياه ووصول المياه إلى  الحقول في الوقت المناسب وبالكمية اللازمة لاحتياجات النبات ، مما سيؤدي إلى  زيادة المحصول بنسب تتراوح ما بين %10 و %25  علاوة على الوفر في أعمال التشغيل والري والصيانة .

أهداف اجتماعية : إن تكوين روابط مستخدمي المياه ومشاركتهم في أعمال التطوير يمثل تغييراً اجتماعياً شاملاً في قطاع عريض من الشعب المصري وهو قطاع المزارعين، لأن نظام تكوين روابط مستخدمي المياه ونظامها الداخلي سوف يؤدي إلى  مشاركة المواطنين مع السلطة التنفيذية في الأعمال التي تؤدى لهم، وبالتالي ينمو إحساس المواطن بالانتماء وملكيته للبنية الأساسية، وينمو بينهم أيضاً التعاون والتكافل بهدف زيادة الإنتاجية الزراعية لمصلحتهم.

أهداف صحية   : إن أسلوب "الري المتطور" ونقل مياه الري إلى  الحقول في مواسير (أنابيب) مغلقة أو مساقي مبطنة بالخرسانة سوف يؤدي إلى  عدم نمو الحشائش وقواقع البلهارسيا وبالتالي وقاية المزارعين من الإصابة بهذا المرض، وكذلك عدم تكاثر البعوض الناقل لمرض الملاريا .

وقد تحقق من نتائج تطبيق هذه الأساليب المطورة في المناطق التي تم تطبيقها فيها حتى الآن مجموعة من الفوائد للمزارعين نذكر منها ما يلي :

-  رفع كفاءة توزيع مياه الري في معظم المناطق بين %30 إلى  %40 .

-  تحقيق زيادة في مساحة الأراضي الزراعية على المساقي بعد تطويرها بلغت من %1,4 إلى  %2 بالنسبة لمساقي المواسير، وبين %0.3 إلى  %0,4 بالنسبة للمساقي المرفوعة المبطنة بالخرسانة .

-  التخلص نهائياً من مشاكل عدم عدالة توزيع المياه بين المزارعين على أواخر المسقى، وذلك بتوحيد الرفع من نقطة واحدة على رأس المسقى المطورة، والانعكاس المباشر لذلك على الإنتاج الزراعي لجميع المزارعين .

-  التخلص من الري الزائد والإسراف في استخدام مياه الري بإعطاء المزارعين الثقة بوجود السريان المستمر للماء في الترع الفرعية التي تم تطويرها .

-  نقل التقنية الحديثة واستخداماتها بالنسبة للمزارعين وأثر ذلك على الإنتاجية الزراعية، والوفر المحقق في كميات مياه الري المستخدمة .

نوعية الصرف بمصر :

تعتبر مشروعات الصرف من أهم مشروعات التوسع الزراعي الرأسي نظراً لما لها من عائد سريع للإنتاج الزراعي يصل إلى  حوالي %25 ، مما دفع هيئات ومنظمات دولية عديدة إلى  المشاركة في تمويل تنفيذ هذه المشروعات ، وتـم تغطية كافة الأراضي الزراعية بشبكات الصرف العام والمغطى وإحلال وتجديد الأجزاء التالفة مـن شبكات الصـرف المغطـى التي انتهى عمرها الافتراضي (30-25 سنة) .

وقد أثبتت كافة الأبحاث والدراسات العديدة على الأراضي الزراعية مدى الفوائد التي تعود على البلاد بعد إدخال نظام الصرف سواء العام أو المغطى خاصةً بعد إنشاء السد العالي واستخدام نظام الري الدائم .

وتتلخص هذه الفوائد فيما تحققه هذه المشروعات من الزيادة في الإنتاجية الزراعية والعائد الاقتصـادي المرتفـع الذي يصـل إلـى  %25-17  وكذلك التأثيـر الإيجابي في تحسين خواص التربـة الطبيعيـة والكيميائية مـن حيث خفض منسـوب الماء الأرضـي وتحسيـن معامـل التوصيل الهيدروليكي للتربة وخفض ملوحة التربة وملوحة الماء الأرضي (محلول التربة) .

وتهدف الخطط المستقبلية الاستمرار في استكمال تنفيذ مشروعات الصرف بشقيه العام والمغطى باستخدام أحدث المعدات المتطورة ومواسير (أنابيب) البلاستيك .

برامج تطوير الري السطحي بمصر :

بناءاً على ما أوضحته دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية وما أكدته المتابعة، وفي ضوء السياسة العامة للدولة ووزارة الأشغال العامـة والمـوارد المائية والتـي كان مـن نتائجها وتوصياتها ضـرورة وحتمية تطوير الري، فقد بادر قطاع التطوير بإعداد الخطة القومية المستقبلية لتطوير الري فـي الأراضي القديمـة حتى عام 2017 ، وذلك عـن طريق إعداد أربع خطط خمسية، (جدول رقم 3-1) .

المعوقات والمشاكل التي تواجه شبكة الري وبرامج التطوير :

-  نمو الحشائش المائية بالترع والمساقي مما يعوق وصول المياه إلى  نهايتها .

-  عدم كفاية المياه بنهاية بعض المساقي بسبب طول هذه المساقي .

-  سوء حالة الأعمال الصناعية بشبكة الري .

-  عدم وجود تحكم في مياه الري وكمية المياه التي يتم سحبها من قبل المزارعين أثناء عملية الري .

-  عدم تطابق مواعيد بدء الزراعة مع مواعيد إطلاق المياه بأدوار العمالة .

الحلول المقترحة لمعالجة القصور وتطوير الشبكة الحالية :

-  تحديث وتطوير منشآت ونظم الري على مختلف مستوياتها بما فيها شبكات الري الرئيسية والفـرعية والـري الحقلي ، بما يهـدف إلـى  توفيـر مياه الـري حسب الحاجـة الفعليـة للمزروعات مع منع الإسراف وتقليل الفواقد بتحسين عملية الري باستخدام التصرفات بدلاً من المناسيب، وتحويل الري من نظام المناوبات إلى  الري بنظام التيار المستمر .

-  تسهيل عمليات تشغيل وإدارة عملية توزيع المياه باستخدام نظم التحكم الحديثة وذلك عن طريق تركيب بوابات أوتوماتيكية حديثة طراز AVIS وطراز AVTO ، كما تستخدم الموزعاتDistributors لتعطي تصريفات ثابتة يمكن التحكم فيها طبقاً للاحتياجات المائية الفعلية.

 

 

الجدول رقم (3-1)

بيان بالخطط الخمسية المقترحة لتطوير الري في الأراضي

المصرية القديمة حتى عام 2017

 

 

التكلفة الكلية

(بالمليون جنيه)

متوسط تكلفة الفدان (بالجنيه)

الزمام

(بالألف فدان)

الخطة

162

1800

90

الخطة خلال عام 1997/1996

2631

2500

1046

الخطة الخمسية 2002-1997

4300

3100

1388

الخطة الخمسية 2007-2002

8537

4000

2136

الخطة الخمسية 2012-2007

10370

5000

2074

الخطة الخمسية 2017-2012

26000

 

6734

الإجمــــــالي

 

 

-  تحديث نظم الري الحقلي وشبكات المساقي، وذلك عن طريق تنفيذ عمليات تسوية الحقول بالليزر وتحويل المساقي الحالية الترابية إلى  مساقي مرفوعة مبطنة على شكل حرف J ، أو مساقي مواسير (PVC) ذات ضاغط منخفض، وتعمل المساقي المطورة على تقليل الفواقد المائية والقضاء على الحشائش وضمان وصول المياه إلى  نهاية المسقى بالكمية المناسبة في الوقت المناسب وتوفير تكاليف أعمال الصيانة، مما سيؤدي إلى  زيادة الإنتاج ورفع مستوى معيشة المزارع .

-  استخدام مختلف المصادر المائية بما فيها المياه السطحية والمياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي .

-  حل مشاكل ارتفاع المياه الجوفية وما تسببه من رفع معدلات الملوحة وانخفاض الإنتاج الزراعي.

-  إيجاد صيغة للتعاون بين إدارة الري ومستخدمي مياه الري من مزارعين وفلاحين عن طريق تكوين روابط مستخدمي مياه الري وتكوين إدارة التوجيه المائي بوزارة الأشغال العامة والموارد المائية لتدريب وتوجيه المزارعين على الاستخدام الأمثل للمياه وحل المشاكل التي تعترض المزارعين أولاً بأول .

 

 3-2-7  التجربة المغربية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

  تقدر المساحة الممكن ريها بصفة مستمرة بحوالي 1,35 مليون هكتار، وفي الوقت الراهن تقدر المساحة المروية (بصفة دائمة) بحوالي 911000 هكتار ، وبالرغم من أنها لاتمثل سوى %10 من المساحة الصالحة للزراعة فإنها تساهم بتشغيل %33 من اليد العاملة و %75 من صادرات المنتوجات الزراعية .

  يتضح من خلال ما سبق أن للري دوراً هاماً واستراتيجياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، إلاّ أن أكثر من %80 من الموارد المائية المتاحة في المغرب يتم استغلالها بشكل عام في قطاع الزراعة المروية، ويغطي نظام الري السطحي وحده حوالي %80 من المساحة المروية ، وتبين أن الري السطحي كما هو مطبق حالياً في المغرب يقوم بهدر وضياع كبير لمياه الري وخصوصاً على مستوى الحقل، حيث تصل كفاءة نظام الري في قنوات الري المحمولة إلى  %85 وفي قنوات التوزيع الترابية إلى  %85 وعلى مستوى الحقل إلى  %60 (حسب العديد من الدراسات الميدانية) ، وبالتالي فالكفاءة الإجمالية للمشروع تصل إلى  حوالي %40 (جدول رقم 3-2).

نستنتج من ذلك أن أهم ضياع في مياه الري يحصل على مستوى الحقل وأن أهم اقتصاد في مياه الري يمكن إنجازه على هذا المستوى . ونظراً لمحدودية الموارد المائية مـن جهة ، وبغيـة عقلنة استعمالها من جهة أخرى ، فإن تخفيض فواقد الماء بالإضافة إلى  تحسين استغلال شبكات النقل والتوزيع وترشيد استخدام المياه عن طريق تطوير نظام الري السطحي على مستوى الحقل يشكلان هدفاً أولوياً لتحسين كفاءة الري الحالية لمشاريع الري. 

 

الجدول (2-3)

يبين كفاءة استعمال مياه الري لبعض الدول العربية

كما ورد في إحدى نشرات FAO لسنة 1994

 

الكفاءة الكلية أو الإجمالية (%)

الكفاءة داخل الحقل أو المزرعة (%)

كفاءة الشبكة (%)

البــــلد

53

80

80.5

الأردن

30

50

60

سوريا

-

-

68

مصر

42

60

80

المغرب

22

40

55

اليمن

28

40

67

معدل البلدان النامية

 

 

المشاريع الكبرى للري السطحي بالمغرب :

  إن أكبر مشاريع الري السطحي في المغرب توجد في الدوائر السقوية التي يبلغ عددها تسعة (9) : وهي موزعة في المناطق التي توجد فيها موارد مائية لابأس بها ، وتلعب هذه الدوائر دوراً مهماً جداً في الاقتصاد الوطني .

-  الدائرة السقوية لملوية (مساحتها 335 ألف هكتار) والمصادر الرئيسية لمياه الري هي المياه السطحية.

-  الدائرة السقوية للغرب (مساحتها 616 ألف هكتار) والمصادر الرئيسية لمياه الري هي مياه واد سبو والروافد الرئيسية (بهت ، إنون ، ورغة ) .

-  الدائرة السقوية لدكالة (مساحتها 493 ألف هكتار) والمصدر الوحيد لمياه الري في المنطقة كلها هو واد أم الربيع (ثاني نهر بالمغرب من حيث كبر الحوض المائي) .

-  الدائرة السقوية للحوز (مساحتها 663 ألف هكتار) والمصادر الرئيسية لمياه الري هي حوض تانسيفت وحوض تاسوت .

-  الدائرة السقوية لتادلة (مساحتها 320 ألف هكتار) والمصدر الرئيسي لمياه الري هو نهر أم الربيع .

-  الدائرة السقوية لسوس ماسة (مساحتها واحد مليون و 200 ألف هكتار) وتتكون الموارد المائية لهذه الدائرة من مياه أودية سوس وماسة وإسلي .

-  الدائرة السقوية للوكوس (مساحتها 256 ألف هكتار) وتتكون الموارد المائية لهذه الدائرة من مياه نهر اللوكوس وروافده (أودية درادر وسوير وصغر) .

-  الدائرة السقوية لتافلالت (مساحتها 7 مليون و 750 ألف هكتار) وإن أهم المصادر المائية للمنطقة هي أودية زيزوغيس وكير والفرشة المائية .

- الدائرة السقوية لورزازات (مساحتها 5 مليون و 500 ألف هكتار) والمصدر الرئيسي لمياه الري هو سد المنصور الذهبي .

المعوقات والمشاكل التي تواجه تطور الري السطحي بالمغرب :

  تبين أن تدني كفاءة  مشاريع الري في المغرب ناتج أساساً عن ضعف كفاءة الري الحقلي والذي بدوره يعود لمعوقات فنية ومؤسسية واقتصادية نذكر أهمها فيما يلي :

أ-  نموذج التهيئة الهيدروفلاحية :

بدايةً ومنذ استقلال المغرب ، صُممت مناطق السقي الكبيرة على أساس أن تكون مساحة كل وحدة سقوية تتراوح ما بين (20 و 30 هكتار) بصبيب (30 لتر/ثانية)، وكل وحدة سقوية مقسمة إلى  شرائح مستطيلة عرضها يتراوح ما بين (80 و 120 متر) وتروى من طولها بواسطة قنوات ترابية يصل طولها إلى  400 متر ، وتقسم كل وحدة سقوية إلى  4 أو 6 حقول ، وقد كان هدف هذا النموذج من التهيئة ما يلي :

*  استغلال مشترك للقناة الترابية التي تزود الحقول بمياه الري .

*  إدخال تقنية الري " بالخطوط الطويلة " التي تعتبر ذات كفاءة جيدة .

*  اتباع أسلوب الري بالتناوب على الماء بين جميع مستعمليه وفق احتياجات المزروعات .

*  التحكم في اختيار المحاصيل المروية وفق الطلب على المنتوجات .

*  تطبيق المكننة الجماعية للضيعات (القرى) الصغيرة .

بعد مضي ثلاثين سنة ، لم يعد هذا النظام معمولاً به ، حيث تم حفر مجموعة من الأقنية الترابية بدلاً من استغلال القناة المشتركة، ولم تستعمل المكننة الثقيلة وبصفة جماعية، وحصلت استقلالية في اختيار المزروعات وعشوائية في التناوب على استغلال مياه الري، وتم استخدام الري التقليدي "بالربطة" (حقنيات ذات أحجام صغيرة حوالي 50 متر مربع) بدلاً من "الخطوط الطويلة" . كل هذا أدى إلى  تدني كفاءة الري الحقلي حيث قدرت الفواقد المائية بـ %25 على مستوى الحقل و %15 في القنوات الترابية .

ب- دورات استعمال مياه الري :

نظراً لعدم وجود تنظيم بين المزارعين فإن طريقة التناوب على الماء تطبق بعشوائية وفوضى، لذلك يجب إعادة النظر فيها . أما القنوات الترابية فقد صممت على أساس أنها ستؤمن صبيباً يساوي 30 لتر/ثانية، بسبب الفواقد عن طريق النقل والتوزيع ، وضعف ضبط تجهيزات التوزيع انخفض هذا الصبيب إلى 25 لتر/ثانية (استناداً إلى  بعض القياسات التي أنجزت في حوض تادلة).

ج- تقنيات الري السطحي :

يغطي نظام الري السطحي وحده حوالي %80 من المساحة المروية، وتعتبر طريقة الري التقليدية "الربطة" هي الأكثر شيوعاً في الدوائر السقوية للمغرب . وتعتمد هذه التقنية على الري "بخطوط قصيرة" ، ومن بين الدوافع الرئيسية التي تجعل المزارعين يلجؤون إلى  استخدام طريقة الري "بالربطة" الحالة السيئة التي توجد عليها تسوية الحقول في الدوائر السقوية التي تلاشت ولم تصمد كثيراً أمام العمليات المتكررة للحراثة في الاتجاه الطولي للحقول . وزيادة على تأثيرها السيء على تسوية الأرض ، فإن طريقة الري " بالربطة " تؤدي إلى  فواقد في الرقعة المزروعة تقدر بـ 15% ، وكذلك يتطلب استعمال الري "بالربطة" مجهوداً كبيراً وحضوراً متواصلاً أثناء عملية الري، أما تجانس توزيع الماء في الحقل فهو ضعيف جداً .

أما بالنسبة للري "بالخطوط الطويلة"، فبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت في بعض الدوائر السقوية، فإن هذه الطريقة لم تعرف التطور المرغوب فيه، وتعد مشكلة تسوية الحقول (مرة ثانية) هي عائقاً أساسياً أمام استخدام الري "بالخطوط الطويلة" .

د-  جمعيات مستعملي مياه الري :

إن الهدف من تكوين جمعيات مستعملي مياه الري هو إشراك المزارعين في عمليات تسيير وصيانة شبكات الري وتحميلهم قسطاً من المسؤولية من أجل الاستغلال العقلاني لموارد الماء والتربة والمحافظة عليها وكذلك على البنية التحتية لمشاريع الري . وبالرغم من العديد من العراقيل والصعوبات فقد تأسس عدد كبير من جمعيات مستعملي مياه الري على صعيد السقي الكبير والمتوسط والصغير، نظراً لتفهم المزارعين ضرورة المساهمة في تسيير وصيانة التجهيزات وتحمل المسؤولية في ذلك من أجل عقلنة استغلال الموارد المائية المتاحة ورفع كفاءة مشاريع الري .

المشروعات الهادفة إلى  تحسين كفاءة الري السطحي بالمغرب :

انطلاقاً من مبدأ أن الري هو خيار استراتيجي لكل تنمية اقتصادية واجتماعية بالمغرب، ومن أهمية العقار (الأرض) في كل تطور فلاحي ، فإن تدخلات الدولة في هذا القطاع ترتكز على :

أ-  البرنامج الوطني لتحسين الري الذي يهدف أساساً إلى  توسيع نطاق الري واستصلاح التجهيزات المتقادمة وتشجيع المزارعين على المشاركة في إدارة وتسيير شبكات الري من خلال إنشاء جمعيات مستخدمي مياه الري ، وكذلك تشجيع إنشاء المقاولات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في صيانة التجهيزات الهيدروفلاحية ، وهكذا فإن البرنامج الوطني للري (19932000) مكّن من توسيع المساحات المروية بحوالي 250 ألف هكتار ، كما ساعد على استصلاح أو تحديث التجهيزات الهيدروفلاحية على مساحة تناهز 200 ألف هكتار .

ب- برنامج تحسين الري الكبير الذي همه متابعة صيانة تجهيزات الري ودعم قدرات التدبير لدى المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي وعقلنة استغلال الماء على مستوى الحقل ، وحماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية وذلك عن طريق الاستغلال المحكم للمياه والرفع من فعالية استعمالها على مستوى الأحواض المائية .

ج- التهيئات العقارية التي ترمي إلى  تحسين إنتاجية الأراضي الفلاحية (الزراعية) والمحافظة عليها وتطوير الإطار القانوني والمؤسساتي للعقار الفلاحي (الزراعي) .

نوعية الصرف بالمغرب :

الصرف المستعمل في كل المشاريع المروية هو الصرف السطحي (المكشوف) ، وهو عبارة عن قنوات ترابية توجد في نهاية الحقل، وهي تجمع المياه الزائدة في آخر الخطوط . وقد كانت قنوات الصرف هذه تستعمل في أوائل الستينات والسبعينات عندما كانت المياه متوفرة بكثرة وكانت عندئذ عمليات السقي تستهلك كميات كبيرة من المياه وكانت عملية الصرف تحول الكميات الزائدة من المياه إلى  خارج المزارع أو مشروع الري لكي لاتكون عائقاً لنمو النبات .

بعض المقترحات لتحسين كفاءة الري الحقلي :

يعد تحسين كفاءة الري الحقلي هدفاً حيوياً بالنسبة للمغرب وذلك للتمكن من تحقيق استدامة مشاريع الري ، ولكن كما ذكرنا سابقاً ، فمن بين العوائق الأساسية لتحسين كفاءة الري الحقلي هناك :

-  صعوبة التعرف على احتياجات المزروعات من الماء وبرمجة الري لدى المزارعين .

-  استخدام المزارعين لتقنيات ري تقليدية بسبب الصعوبة الفعلية التي تعوق تعميم استخدام تقنيات الري الحديثة ذات القدرة العالية على توفير واقتصاد مياه الري .

ولبلوغ الهدف الحيوي المتمثل بتحقيق اقتصاد مهم في مياه الري يقترح التحسينات الاستراتيجية التالية :

أولاً :  برمجة الري والتوزيع :

إن برمجة الري تعد ضرورية لأنه في الوقت الراهن يتلقى المزارعون كميات من مياه الري غير كافية في فترات الاستهلاك القصوى والتي تعتبر حساسة بالنسبة لنمو النبات . ويضطر المزارعون (لتفادي هذه المشكلة) "عن وعي أو غير وعي" إلى  ضرورة الري بكميات تفوق بكثير المطلوب لتجنب نتائج تأخير الدور القادم من استعمال مياه شبكة الري، لذلك تعد برمجة الري أهم وسيلة تمكن من تحسين استغلال شبكات الري وتنظيم نقل وتوزيع مياه الري ، وكذلك تمكين المزارعين من ري حقولهم في أوقات متفرقة خلال فترات الاستهلاك القصوى وبكميات معقولة وبالتالي تحقيق زيادة في الإنتاجية .

ثانياً :  تحسين أساليب الري السطحي التقليدي :

تكمن أهمية الحديث عن الري السطحي في أنه مازال من أكثر أنظمة الري شيوعاً في العالم حيث أن أكثر من %80 من الأراضي المروية في العالم مازالت تروى بطريقة الري السطحي، ويعتبر هذا النظام من أكثر النظم هدراً لمياه الري على مستوى الحقل نتيجة لاستعمال أساليب تقليدية كطريقة " الري بالربطة " الأكثر شيوعاً في المغرب ، التي من مساوئها تبذير كبير في المياه وتقليص في المساحة المزروعة وبالتالي ضعف في مردودية الهكتار . إلاّ أنه بالإمكان تفادي كل هذه المساوئ ورفع كفاءة الري السطحي إلى  مستوٍ عالٍ وذلك باستعمال :

-  طرق ري سطحي ذات كفاءة جيدة .

-  تبطين وصيانة الأقنية المائية الترابية ..

-  استعمال الأنابيب الصلبة واللينة لنقل وتوزيع المياه .

-  استخدام المتاعب (السيفونات) والتسوية الدقيقة لسطح الحقل المراد ريه باستعمال أجهزة الليزر مثلاً ، مما سيمكن من توفير ما يعادل %20 من المياه المستخدمة في الري بالإضافة إلى  تحقيق زيادة في إنتاجية المحاصيل المروية .

ومن بين أساليب الري السطحي ذات الكفاءة العالية الممكن استخدامها نذكر الري بالخطوط (بالأثلام) والذي باستعماله يمكن تحقيق اقتصاد في مياه الري بما يعادل %10 والتخلص من فواقد الرقعة المزروعة التي تقدر بحوالي %15 في الري التقليدي "الربطة " وكذلك من تحسين الإنتاج الزراعي.

يناسب الري بالخطوط (بالأثلام) عدداً كبيراً من المحاصيل ويمتاز عن طرق الري السطحي الأخرى بقلة الكلفة اللازمة لإعداد الأرض ، ولاتحتاج الأثلام إلى  مواصفات خاصة كما هو الحال بالنسبة للري بالشرائح (المساكب) والأحواض ، وتروى الأثلام بإعطاء تصريف مائي مناسب من قناة الحقل إلى  بداية ثلم أو مجموعة من الأثلام بإحدى الطرق التالية :

أ–  كسر حافة القناة عند رأس الثلم إذا كانت ترابية . وهذه الطريقة لاتحقق تحكماً جيداً بالتصريف المائي، ولايمكن توزيع التصريف بشكل متساو بين الأثلام المختلفة مع أنها الأكثر شيوعاً.

ب- بنقل الماء من القناة إلى  الثلم بواسطة المثعب (السيفون) وهي طريقة جيدة وغير مكلفة ومستخدمة على نطاق واسع وبخاصة عندما تكون قناة الري الحقلية مبطنة .

ج–  باستخدام الأنابيب ذات البوابات ، وهذه الأنابيب (صلبة أو لينة ) تعوض بها قناة الحقل حيث يوجد عليها بوابات تفتح بالقدر اللازم عند بداية كل ثلم ، وتعتبر من أكثر طرق توزيع الماء على الأثلام دقةً وقدرةً على التحكم بالتصريف .

ويمكن استخدام الري "بالربطة " المحسنة عن طريق توسيع مساحة الأحواض الصغيرة المستعملة للري ( حقنيات ذات أحجام صغيرة حوالي 50 m2 تقريباً إلى  حوالي 100 m2) حيث تعد هذه العملية مؤقتة تمكن من تقليص فواقد المساحة المزروعة مقارنة مع " الربطة " التقليدية وبالتالي تحسين مردودية الهكتار إلاّ أن تجانس توزيع مياه الري سيظل ضعيفاً نسبياً .

كما أن تسوية الأراضي تعد ضرورية جداً لنجاح الري السطحي وتمكن من الحصول على توزيع متجانس لمياه الري على مستوى الحقل، إلاّ أنه في جميع الأحواض المجهزة للري في المغرب لوحظ أن تسوية الحقول لم تصمد كثيراً أمام العمليات المتكررة للحراثة في الاتجاه الطولي للحقول وإنشاء البتون (الأكتاف) لأحواض الري " بالربطة " .

ثالثاً : صيانة الأقنية الترابية :

يمكن صيانة الأقنية الترابية المستخدمة في توزيع مياه الري على الحقول إما عن طريق إعادة حفرها دون تبطينها ، وهو الحل الأول الذي لايمكننا من تقليص فواقد التسرب، أما الحل الثاني فهو صيانتها مع تبطينها، وهنا يجب مقارنة قيمة الكلفة مع كمية المياه الممكن توفيرها . وعملية التبطين يمكن إنجازها بواسطة الخرسانة أو استخدام القنوات نصف الدائرية المستخدمة في الشبكات المحمولة أو التبطين بمواد بلاستيكية التي تعد أقل ولكن كذلك أقل استدامة .

رابعاً : خلق المزيد من جمعيات مستخدمي مياه الري :

يعد خلق جمعيات مستخدمي مياه الري حلاً حيوياً وإطاراً مناسباً يمكن من توعية المزارعين حول ضرورة وأهمية الاقتصاد في مياه الري وعقلنة استغلالها وذلك بإشراكهم في عمليات تسيير وصيانة شبكات وتجهيزات الري .

المقترحات المتعلقة بتحسين كفاءة الري السطحي :

استخدام التسوية الدقيقة لسطح الحقل المراد ريه باستعمال أجهزة الليزر مثلاً ، تبطين وصيانة أقنية الري ، استخدام الأنابيب والمثاعب (السيفونات) لنقل وتوزيع المياه على مستوى الحقل. ولبلوغ هذا الهدف يجب القيام بمجهود كبير في ميدان البحث التطبيقي ، والتكوين (الإنشاء) ، والإرشاد.

3-3  التجارب العالمية في تطوير الري السطحي والصرف :

3-3-1  التجربة الفرنسية في منطقة الشرق الأوسط :

أ-  مقدمة :

أصبحت ندرة المياه في الشرق الأوسط ظاهرة واضحة وتشكل أكثر من أي وقت مضى محور القضايا المتعلقة بالتطوير والتنمية، وإذا كانت ندرة المياه هي المشكلة الأكثر خطورة، فإن ما يثير القلق أيضاً هو تدهور نوعيتها. كذلك، فالتوزيع الإقليمي للمياه هو معقّدٌ للغاية، لاسيما أن كل بلدان المنطقة تقريباً تعتمد بشكل خاص على مصادر المياه التي تأتي من البلدان المجاورة . أما محاور العمل الرئيسية لمجابهة وتخطي تلك المشكلات فهي :

1-  تعزيز مراقبة وضبط إدارة المياه من قبل الدولة .

2-  تحسين التعاون الإقليمي من أجل إدارة أفضل للموارد المائية .

3-  رفع الرسوم المفروضة على المياه للحث على الاقتصاد في استخدامها .

4-  تطوير عمليـة إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة (التي تمت معالجتها) في الري.

5-  إيجاد برامج للاستثمارات بغية تعميم معالجة مياه الصرف الصحي .

6-  تطوير حلول جديدة بغية زيادة الموارد المائية .

هذا وتتيح التقنيات الحديثة المستخدمة في الزراعة المروية فرصة تحقيق توفير كبير في الماء من الأجدر توسيع انتشارها واستخدامها في المنطقة، وتساهم البعثة الإقليمية للماء والزراعة (MREA) المعتمدة لدى السفارة الفرنسية في الأردن في الجهود التي تبذلها بلدان منطقة الشرق الأوسط في هذا الاتجاه منذ عام 1990 .

ب-   تاريخ نشاطات البعثة الإقليمية للماء والزراعة (MREA) :

نشأت " البعثة الفرنسية للزراعة " عام 1990 ، واكتسبت كفاءتها الإقليمية منذ عام 1993 وأصبحت تدعى " البعثة الإقليمية للماء والزراعة "   MREA  أي بإضافة " الماء " في عام 1996 . وقد طورت أعمالها وأبحاثها التجريبية في الأردن وفي الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وغزة) ، وعملت بالتعاون مع أقطار عربية أخرى في المنطقة (سورية، لبنان، مصر...) باذلة جهودها في نشر المعلومات العلمية والتقنية فيها .

طوّرت الـ MREA  مجموعة من الدراسات والأعمال التجريبية ميدانياً بالتعاون مع العديد من الجامعات ومؤسسات التطوير والتنمية ونظمت دورات لتأهيل التقنيين بغية تحقيق أهداف تلك الدراسات، وكانت النتائج الرئيسية كما يلي (جدول رقم 3-3) .

ج-  تحسين نظم توزيع المياه المستخدمة في الزراعة المروية :

كانت عملية نقل الماء حتى مكان استخدامه بالحقل تتم تقليدياً بواسطة الأقنية الترابية مما كان يسبب ضياع أو  فقدان نسبة كبيرة منه بسبب التسرب بشكل خاص . غير أن تكسية أو تبطين تلك الأقنية (بالحجارة أو بالخرسانة) كانت " المرحلة الأولى " التي تتلاءم مع نقل كميات كبيرة من الماء لمسافات طويلـة . أما تعميم توزيـع الماء وفـق ضغط ملائـم فـي الأنابيب فهـو ذو فوائد جمّة لأنـه يحدّ مـن ضياع الماء ويسهّل كذلك عمليـة مراقبـة استخدامـه (بواسطة العدّادات) ويحمي المياه مـن شتى أنواع التلوث، ويمكن استخدام الضغط اللازم لنقلها بغية توزيعها حتى مكان استثمارها.

د-  أفضل طريقة لري الحقول :

إن نظام الري السطحي (طريقة الري بالغمر) تجعل الماء يجري غالباً على سطح التربة أو داخل القنوات الترابية لتوصيل الماء إلى النباتات ، إذ أنه من اللحظة التي يجري فيها الماء من أحد طرفي الحقل يحتاج بعض الوقت قبل أن يبلغ الطرف الآخر ، ويرشح الماء في الأرض خلال تلك المدة الزمنية وتتناسب كمية الماء المتسرّب طرداً مع المدة التي استغرقها لذلك ، مع العلم أن مقدار الماء المتسرّب يكون أكبر في بداية جريانه . هذه الظاهرة من عدم التكافؤ في توزيع الماء إضافة إلى فقدانه في الأقنية تؤدي إلى تبديده بمعدل يتجاوز غالباً %50 من الماء عند توزيعه ، ويؤدي اتباع هذا النظام في بعض الأراضي ذات النفاذية العالية إلى خسائر كبيرة في الماء بسبب عملية الرشح العميقة (شكل رقم 1-3) .

ويؤدي اتباع هذه الطريقة، يعززها سعر الماء المنخفض ، إلى المغالاة في الري أحياناً (استخدام كميات كبيرة من الماء) ، لهذا السبب ، إذا لم تطبق على الأقل " المرحلة الثانية " المتمثلة بتبطين الأقنية الترابية وتعميم توزيع الماء على الحقل وفق ضغط ملائم في الأنابيب (أي إدخال نظام الري السطحي المطوّر : نقل المياه بواسطة أنابيب حتى حدود الحقل) وتحديد كمية مياه الري المعطاة حسب الحاجة الفعلية للمزروعات، لن يؤدّي استخدام الري السطحي (حتى الآن ومستقبلاً ) إلى أي اقتصاد وتوفير  للمياه كما هو متوقع .

 

 

 

جدول رقم (3-3)

يبين أهم النتائج العملية لدراسات البعثة الإقليمية (MREA)

 

 

الموضوع

المكان

التاريخ

زراعة القرنفل "خارج التربة" مع إعادة استخدام المياه المعالجة في البيوت البلاستيكية (توفير %33) من الماء والحصول على ضعف المحصول من الأزهار ذات النوعية الممتازة) .

استثمار البستنة بالقرب من عمان

1995

ترشيد الري التنشيومتري (باستخدام جهاز التنشيومتر لقياس شدة الرطوبة أو المحتوى الرطوبي في التربة) في بساتين التفاح  .

سورية – وزارة الزراعة

1995-1996

الاستخدام والترشيد التنشيومتري والمتغيرات الدقيقة لشدة الرطوبة أو المحتوى الرطوبي في التربة بغية القيام بالري المناسب لزراعة الخيار .

لبنان – المعهد العالي للمهندسين المختصين بالهندسة الزراعية المتوسطية (ESIAM)

1996-1995

استخدام الترشيد التنشيومتري في الري من أجل زراعة البندورة والخيار في البيوت البلاستيكية (توفير الماء بنسبة %20 إلى %50 وتحسين الإنتاج من %10 إلى %30 .

وادي الأردن

1997-1996

استخدام الترشيد التنشيومتري للري في بساتين الحمضيات (تحسين نموها نتيجة تخفيض كميات الماء المستخدمة للري).

قطاع غزة

1997

- مشروع إيجاد الطريقة المثلى للري في وادي الأردن (مشروع IOJOV)

- استخدام الإرشاد التنشيومتري في الري واللجوء إلى الري الآلي في بساتين الحمضيات (إمكانية توفير الماء إلى ما يقارب من %30) .

- دراسة إمكانية التحول من طريقة التوزيع إلى الطلب بالنسبة لشبكة الري النموذجية .

شبكة العدسية النموذجية في شمال وادي الأردن

1999-1997

استخدام الخبرة في زراعة بساتين الحمضيات .

الأردن وقطاع غزة

1999

 

 

 

 

 

الشكل رقم (1-3)

 يبين ضياع أو فقدان المياه بالرشح العميق بتطبيق نظام الري بالغمر

 

 

هـ- اختيار الزراعات وتسويقها :

إن التقييم الأمثل للماء المستخدم في الزراعة المروية لاينحصر في استخدام "أفضل أنظمة الري"، إذ أن تنافس القطاعات الأخرى من أجل هذا المورد النادر "الماء" يتطلب من الزراعة المروية أن تؤمّن للبلاد المعنية بذلك المنتجات الزراعية بأعلى نسبة ممكنة من القيمة المضافة . غير أن إنتاج الموز في وادي الأردن، على سبيل المثال ، يستهلك كميات هائلة من الماء دون أن يحقق القيمة الكافية التي يستحقها ودون أن يهيء فرصاً هامةً للعمل في حين أن هذا المنتج يتواجد بكميات كبيرة في الأسواق العالمية وبأسعار أدنى بكثير منها في السوق المحلية. بينما نجد أن الفريز المزروع في البيوت البلاستيكية، على العكس من ذلك ، يتطلب الكثير من الأيدي العاملة ويؤمّن قيمة مضافة أعلى من سابقتها بكثير ، بالإضافة إلى استخدام كميات أقل بكثير من الماء، كذلك من الممكن إنتاج الفريز في المنطقة في غير أوانه، مما يفتح له أسواق التصدير في أوروبا، مؤمّناً بذلك دخول العملات الصعبة التي تعود بالفائدة على البلاد .

ويبين هذين المثالين على أنه يجب توجيه اختيار الزراعات في اتجاه إنتاج المحاصيل الأكثر ملاءمة اجتماعياً واقتصادياً .

و- نشاطات البعثة الإقليمية للماء والزراعة (MREA) المستقبلية :

إن أهم المواضيع التي سيتم معالجتها هي إدارة أنظمة الري ، واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة (التي تمت معالجتها ) في الزراعة المروية، وتطوير الزراعات التي تتكيف مع ندرة المياه والأسواق المحلية والعالمية على السواء .

 

3-2-2 التجربة الهنغارية :

منذ نهاية الستينات وبداية السبعينات في القرن العشرين بدأت هنغاريا في تطوير الري السطحي. فقد كانت مواعين نقل مياه الري أساساً قنوات مفتوحة وجداول حقل ، ثم طورت إلى ري بالسراب الطويل ثم بدأ إدخال نظام نقل المياه بواسطة الأنابيب المطمورة .

تتسم الأراضي الزراعية في هنغاريا بانبساطها مما يجعل صعوبة الاعتماد على الري بالراحة وخاصة عند تطوير أساليب الري واستخدام الري بالرش .

المزارع في هنغاريا ذات مساحات كبيرة نسبياً تتراوح بين 3000 إلى 20000 هكتار ولهذا فإن نظام الري الآلي لم ينتشر انتشاراً واسعاً حيث اعتبر زيادة الميكنة والاعتماد على التحكم من بعد أفضل اقتصادياً .

لقد شملت الدراسات التي جرت في هنغاريا لأتمتة الري استخدام مجسات الرطوبة . وقد تم استخدام هذه التقنية في الري السطحي بالراحة والري تحت الضغط وفي شبكات القنوات المفتوحة وفي أجهزة التحكم الهيدروليكي بالمنشآت المائية وفي مجال قياس تصرفات المياه والتحكم الكلي في شبكات الري .

3-3-3  التجربة الإسبانية  :

أسبانيا من الدول العريقة ذات حضارة واسعة وتعتبر من الدول الصناعية المتقدمة رغم أنها أساساً هي دولة زراعية ولكن نسبة لعدم ملائمة طقسها لإنتاج المحاصيل في الصيف بسبب موجات الجفاف أصبح الري من المعوقات الأساسية للزراعة في أسبانيا .

لقد كانت طرق الري التقليدية هي السائدة في أسبانيا حيث تسود الأعراف والتقاليد بإتاحة الري بالتناوب للمزارعين بنظام دقيق للاستخدام الأمثل للمياه وبعدالة توزيع يحترمها كل المزارعين.

ثم ظهر في أواخر القرن العشرين نظام إدارة الري الكبرى التي تقوم بنقل وتوزيع المياه ، ولكن واجهت هذه النظم بعض المشاكل والمعوقات بسبب رفض المزارعين استلام المياه والري ليلاً.

تواجه الزراعة المروية في أسبانيا بعض المشاكل الخاصة بتوفير مياه الري للإيفاء بالمتطلبات المائية للمساحات المروية الشاسعة .  أول هذه المشاكل الحاجة إلى إصلاح نظم الري التقليدية لتتناسب مع التطورات التي تمت والإنشاءات المائية الجوفية التي تم القيام بها منذ بداية السبعينات في القرن العشرين . كما أن التصاميم القديمة لشبكات الري شكلت مشاكل لتطوير النظم التقليدية. قامت وتقوم أسبانيا بمجهودات كبيرة لحصاد مياه الأمطار والاستفادة منها في مواجـهة مشاكل الري من خلال الخزانات والسدود المنتشرة في المناطق المروية. لقد قامت أسبانيا بدراسة مستفيضة للوصول إلى أفضل المقننات المائية للمحاصيل ، وقد توصلت إلى أن 7 ألف متر مكعب / للهكتار / السنة كافية للري.  إن المساحات المروية التي تدار على أساس قطاع خاص أفضل من تلك التي تدار على أساس تعاوني ومشترك.

ويعتبر الري الآلي المتحكم فيه أحد أساليب مواجهة المشاكل في قطاع الري في أسبانيا وتطبق العديد من أساليب الري الآلي وفي مجالات متعددة وتشمل :

-  الري تحت الضغط :

من المؤكد بأن نقل المياه عبر أنابيب تحت الضغط هي أفضل بكثير من نقلها بقنوات مفتوحة . تشمل مزايا نقل المياه بالأنابيب ، التحكم في الطلب وتخفيض نسبة فواقد النقل .

إن التحكم الآلي في توزيع المياه بالأنابيب قد مكن من التوزيع الملائم للمياه حسب الطلب والتحكم في تصرفات المزارعين حيال ريهم للأراضي. يتم التحكم في سرعة فترات تشغيل المضخات التي تزود هذه الأنابيب بالمياه. نسبة لأتساع طريقة الري السطحي فقد قامت أسبانيا أيضاً بالعمل على التحكم الآلي في القنوات المفتوحة القائمة بغرض تحسين كفاءة الري الحقلي وتقليل الفواقد . تشمل الطرق التي استخدمت في أسبانيا للتحكم الآلي في القنوات المفتوحة التحكم في أبواب القناطر والهدارات والمنشآت المائية بصفة عامة للتأكد من المحافظة على منسوب المياه أمام المنشآت ثابتاً ، وعليه فيمكن لآي مستخدم للمياه من أخذ ما يحتاجه للمياه ، وهذا يتطلب انحدار بسيط في القنوات ، ونسبة لعدم إمكانية تغير انحدار القنوات الفرعية الثالثة  الحقلية ستكون أكثر مما هو مطلوب. بدأت أسبانيا منذ الستينات في إنشاء شبكات الري السطحي وفق متطلبات التحكم الآلي في القنوات المفتوحة نسبة لارتفاع تكلفة التغيير في الشبكات القائمة منذ عام 1959 .

العديد من شبكات الري قد تم إنشاءها في أسبانيا بهذه السمات المناسبة للتحكم الآلي .

لقد ادخل نظام التحكم الكهربائي في شبكات الري مع بداية السبعينات ، وقد تم وضع معدات التحكم في مخارج خزانات المياه .

3-3-4 التجربة الرومانية في تحكم الري الآلي

لقد بدأت تجارب رومانيا في التحكم الكامل في الري ضمن خطة الدولة لتطوير الري ضمن برنامج التنمية الخماسي للفترات 1966-1970 و 1970-1975 .

يشمل الري الآلي في رومانيا التحكم في شبكات الري عبر الأنابيب وذلك من خلال التحكم في محطات الضخ المرتبطة بهذه الشبكات.

لدى رومانيا تجارب حول التحكم الآلي في شبكات الري المفتوحة ، وقد وجد أن المشاكل والمعوقات التي تواجه التحكم في هذا المجال عديدة تفوق كثيراً التحكم الآلي في الأنابيب . إن التحكم في القنوات المفتوحة يمكن أن يتم كهربائياً أو ميكانيكياً حيث يتم التحكم الكهربائي من خلال مناسيب المياه وضبطها حسب متطلبات الري ، وهذا ما يسمى بالتحكم المحلي .

أما التحكم المركزي الميكانيكي فيتم بضبط التدفق في القنوات حيث يتم نقل المعلومات إلى الحاسوب الـذي يحـدد فتحات المنشآت لتمرير التدفق المطلوب . وقد تم إنشاء عتبات بارشال  Parshall flumes على العديد من القنوات للتحكم في التدفق.

3-4  التحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف بصفة عامة وسبل تخطيها :

إن تطوير وتحسين أداء الري السطحي والصرف بصفة عامة تواجهه عدة تحديات يمكن حصر أهمها في الأطر التالية :

أولاً : تحديات في المجال الإداري والمؤسسي :

-  عدم وجود جمعية مختصة لمستخدمي المياه، لتقوم بإدارة مياه الري من حيث "جدولة الري" ، بالإضافة إلى  المساعدة في تحديد " النمط المحصولي" لأي منطقة على أساس توفر المياه (كميتها)، ونوعيتها، وصلاحية الأراضي للري.

-  ضعف تأهيل الكوادر الإرشادية المتوفرة في مجالات المياه والري، والتي تكون "عادة" قادرة على اختيار نظم الري الملائمة وتحديد متى يتم الري، وأي كمية من المياه يجب إضافتها ، لتتمكن من نقل المعلومة المناسبة للمزارع .

- عدم اهتمام المؤسسات التي يرتبط عملها بالزراعة المروية والاستخدامات الأخرى للمياه "بالإرشاد المائي" . ونتيجة لذلك ، فالإرشاد يركز كل اهتمامه على التقنيات الزراعية التي لاتشمل طرق الري وتأثيرها على كفاءة استخدام المياه .

-  عدم اهتمام المؤسسات العاملة في مجال المياه والري بنشر " الوعي المائي" للجمهور عامة والمزارعين خاصة. فمازالت قضية الأهمية المطلقة للمياه (وشح المياه) وأهمية ترشيدها موضوعاً متداولاً في أروقة المؤتمرات وبين قلة من المشتغلين بالأمر فقط ، ولايتم توصيل هذه القضية للجمهور للتفاعل معها .

*  سبل تخطي التحديات في المجال الإداري والمؤسسي :

تحسين إدارة الري على مستوى المزرعة :

-  إن تعبير "إدارة" المتضمن مفهوم إدارة المياه على مستوى المزرعة أصبح أحد الأمور الهامة لمختلف متخذي القرار، حيث أن القرارات الصادرة تتخذ عادةً بعد الدراسات والتجارب الحقلية حول استخدام المياه للحصول على المردود المثالي من الإنتاج، علماً بأن العوامل الاقتصادية والاجتماعية تحدّ أحياناً من الحصول على المردود المثالي . وتشمل مكونات "نظام إدارة الري" على مستوى المزرعة ما يلي : الري ، الصرف ، أسلوب نقل المياه إلى  المزرعة ، أسلوب تخزين المياه ، أسلوب إسالة المياه والتوزيع .

-  وتعرف " إدارة الري على مستوى المزرعة " بأنها اتباع نظام للتحكم بالمياه في المزرعة ضمن أسلوب إدارة تزويد مفيد ويلبي حاجات المحاصيل للري والصرف ، مع ضمان توفر المياه الكافية ضمن منطقة الجذور واللازمة لاستمرار نمو النبات في المزرعة، وفي الوقت ذاته ضرورة إبقاء تهوية كافية في منطقة الجذور .

-  وتعني "جدولة الري الحقلي " بأنها التكهن الدقيق لإضافة المياه (في الوقت والكمية) من أجل الحصول على إنتاج وفير من المحصول، وهي تتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية :

أ –   التوقيت الصحيح لإضافة الماء .

ب –  كمية مياه الري اللازم إضافتها عند كل رية .

جـ التوزيع المتجانس للمياه المضافة .

وبشكل عام يمكن القول أن " جدولة الري " تعني الإجابة عن سؤالين هامين هما " متى وكم نروي "؟ ، نروي بحيث أن لايتأثر النبات من الجفاف، وبكمية تعادل كمية الماء التي استنزفها النبات من التربة منذ الرية السابقة . والعوامل المؤثرة على " جدولة الري " وكمية المياه المضافة " هي : قوام التربة، عمق المجموع الجذري، طريقة الري  .

أما طرق جدولة الري الحقلي فهي :

* جدولة الري بناءاً على معدل الاستهلاك المائي للنبات : هناك طرق عديدة لتقدير الاستهلاك المائي للنبات (البخر – نتح) سواء من البيانات المناخية أو بيانات التبخر، ومن هذه الطرق هي : بنمان وبلاني - كريدل والإشعاع وطريقة حوض التبخر وغيرها .

هذه الطرق تأخذ بعين الاعتبار تأثير المناخ على حاجة النبات للماء وتستخدم المعدل اليومي للقراءات المناخية لشهر كامل أو لفترات أقل . والبخر – نتح المرجعي يعبر عنه بـ (ملم لكل يوم) وهو يمثل معدل القيم خلال فترة زمنية منتقاة . وإن اختيار الطريقة اللازمة لقياس البخر – نتح تعتمد على نوع المعلومات المناخية المتوفرة وعلى الدقة اللازمة لحساب كمية الماء اللازم . ويتوفر الآن بعض برامج الكومبيوتر الجاهزة التي يمكن من خلالها حساب البخر – نتح بسهولة ومن أمثلة هذه البرامج برنامج Crop Wat .

* جدولة الري باستخدام جهاز قياس الشد الرطوبي Tensiometer : هناك علاقة وثيقة بين توفر الماء في التربة ومقدار الشد الذي يجب أن يبذله النبات من أجل استخلاصه. وفي حالة توفر المياه بشكل جيد في التربة فإن النبات المزروع فيها لايبذل جهداً كبيراً في الحصول على هذا الماء، وكلما نقص محتوى التربة من الماء تزداد بالتالي قوة مسك حبيبات التربة له مما يؤدي بالنبات لبذل جهد أكبر من أجل الحصول على الماء لتلبية احتياجاته إلى  الحد الذي عنده يبدأ النبات بالمعاناة مما يؤثر على انتاجيته. لذلك يجب إضافة مياه الري للنبات قبل وصوله إلى  حالة الإجهاد الرطوبي .

إن جهاز التنشيوميتر يقيس بطريقة مباشرة مقدار الشد الذي يجب على النبات أن يبذله لاستخلاص الماء من التربة ، أي أنه يعمل عمل الجذور ، فقراءة هذا الجهاز تعتبر دليل جيد على توفر الماء للنبات، ويمكن بالتالي معرفة المحتوى الرطوبي الذي يجب عنده أن تبدأ عملية الري من أجل عدم تعريض النبات للإجهاد .

الوحدة التي تقاس فيها هذه القراءات هي السنتيبار (cb) ومدى قياس التنشيوميتر يتراوح ما بين (صفر – 100 سنتيبار). قراءة صفر تعني أن التربة مشبعة وأن الجذور تعاني من نقص التهوية، والقراءة (من صفر – 5 سنتيبار) تدل على وجود رطوبة عالية في التربة، والقراءات (من 25-10 سنتيبار) تمثل السعة الحقلية حسب قوام التربة. وفي حالة القراءات أكثر من 25 سنتيبار يمكن أن تتعرض النباتات الحساسة وذات الجذور السطحية لنقص الماء، وتشمل أيضاً النباتات التي تنمو في تربة خشنة . أما النباتات ذات المجموع الجذري العميق فلاتعاني من نقص الماء قبل أن تصل قراءة التنشيوميتر (50-40 سنتيبار) .

كيفية جدولة الري باستخدام جهاز التنشيوميتر :

بعد تجهيز الجهاز وتثبيته في التربة بشكل جيد وعلى العمق المطلوب تبدأ عملية جدولة الري بالاعتماد على قراءات الجهاز . ومن جداول قيم الشد الرطوبي يتم عندها إضافة مياه الري للحصول على أعلى إنتاج ممكن في أراضي ذات ملوحة قليلة نسبياً، ولايوجد لها أي مشاكل صرف وبشرط أن يقع جهاز الشد الرطوبي في منطقة الجذور الفعالة .

وعند استعمال التنشيوميتر كأساس في تحديد زمن الري ، يمكن تقدير كمية المياه المطلوبة إضافتها بواسطة :

أ –    تقدير كمية المياه المستهلكة (البخر – نتح ) منذ الرية السابقة .

ب –  تحويل قيم الشد الرطوبي إلى  ما يقابلها من رطوبة التربة (إذا ما توفرت هذه المعلومات) وذلك بحساب عمق الماء المطلوب لرفع رطوبة التربة من هذا الحد إلى  السعة الحقلية.

وعلى سبيل المثال ، نتيجة ثلاث سنوات من عمل وحدة الخدمات الإرشادية للري في سلطة وادي الأردن (الأردن) مع طاقم الوحدة في مجال جدولة الري ضمن 54 مشاهدة في وحدات زراعية (عند المزارعين) يمكن القول بأنه أمكن توفير (%20-10) من كمية مياه الري في أجزاء المشاهدات نسبة إلى  ما يستخدمه المزارعين في بقية أجزاء المزرعة متوافقاً مع زيادة في الإنتاج بنسبة %7 مقارنة إلى  إنتاج بقية أجزاء المزرعة .

*  تدريب المزارعين حول إدارة الري .

*  التوعية المائية في مجال مياه الري الرامية إلى  ترشيد استخدام المياه .

*  تقـوية وتوسيع وتطوير جهات الإرشاد المائي وربطها كلياً مع وزارة الري ووزارة الزراعة.

*  مد جسور الثقة بين المؤسسات العاملة في مجال الري والمزارعين وإشراك المزارعين في إدارة مشاريع الري وإيجاد صيغة للتعاون بين إدارة الري ومستخدمي مياه الري ( من مزارعين وفلاحين) عن طريق تكوين روابط مستخدمي مياه الري وتكوين إدارة التوجيه المائي بوزارة الري أو وزارة الزراعة لتدريب وتوجيه المزارعين على الاستخدام الأمثل للمياه وحل المشاكل التي تعترض المزارعين أولاً بأول .

*  مد جسور التعاون وتبادل الخبرات العربية والدولية .

*  ضعف البحث العلمي الميداني واقتصاره على الأبحاث النظرية، وهذا يتطلب من جهات البحث العلمي والجامعات رفد كوادرها بالباحثين العلميين المختصين في مجال الري ورصد المخصصات المالية اللازمة لهذه الأبحاث.

*  في مجال تصميم شبكات الري الحقلي، فيجب سن الأنظمة المناسبة لإلزام الشركات العاملة في مجال الري اتباع الأساليب العلمية والحصول على تصديق الجهات الرسمية أو النقابات المهنية عليها ويجب أن يتولى مهندس مختص الإشراف على تنفيذها .

*  تنفيذ برامج ومشاريع نقل تكنولوجيا لتحسين كفاءة الري السطحي وذلك من خلال التطبيقات التالية على مستوى الحقل :

-  تحسين تسوية الأرض Land leveling مما يعمل على تحسين كفاءة التوزيع .

-  الري بدفعات مما يعمل على تحسين كفاءة التوزيع وكفاء ة الإضافة .

*  تطوير نظم معلوماتية للري يعتمد على معلومات المنـاخ والنبـات والتربـة ونوعيـة المياه لتحديد الاحتياجات المائية و "جدولة الري " ويجب وصول المعلومات للمزارع بأسهل الطرق.

ثانياً : تحديات في المجال الفني والتقني :

-  انخفاض الخبرة الفنية وتدنّي مستوى المعرفة المتطورة بأساليب الري لدى أغلب الفلاحين والمزارعين ، مما يساهم في بعدهم عن الأخذ بالتقنيات الحديثة التي تؤدي عادةً إلى  رفع كفاءة الري.

-  قلة الكوادر الفنية المتخصصة في مجال بحوث الري والزراعة، وقلة وضعف المعاهد ومراكز التدريب القادرة على تأهيل كادر بحثي جيد في مجال المياه والري .

-  ضعف تقنية الري في الوطن العربي، حيث أن معظم متطلبات الري من أنابيب وأجهزة قياسات وتحكم تستورد من خارج الوطن العربي، مع الإشارة إلى  وجـــود بعض التقنيات مثل صناعة الأنابيب في بعض البلدان العربية .

-  تدنّي كفاءة شبكات الري السطحي، وهذا يعود أساساً إلى  تراكم الترسبات ونمو الحشائش المائية في أقنية الري، وسوء أعمال الصيانة الدورية لهذه الأقنية. كما تعد مشكلة تسوية الحقول هي عائقاً أساسياً أمام استخدام الري السطحي المطوّر (بالخطوط الطويلة) .

-  ندرة وجود المراكز المتخصصة في بحوث المياه والري، وإن وجدت فهي شحيحة العتاد.

*  سبل تخطي التحديات في المجال الفني والتقني :

- إجراء البحوث الزراعية على مستوى الحقل في المجالات التالية :

*  الاحتياجات المائية للمحاصيل ومعدل توافر السقايات وبرمجة الري : إعداد بيانات عن قيمة الاستهلاك المائي للمحاصيل وخصوصاً الرئيسية منها وذلك بالاعتماد على المعلومات المناخية المتوفرة ، التركيب المحصولي، وتحديد الدورات الزراعية الملائمة للتربة والمناخ، وهذا يساعد على معرفة الاحتياجات المائية الحقيقية للمشروع وبالتالي إعداد التصاميم الملائمة لشبكة الري السطحي .

*  تحديد المعايير لنوعية مياه الري وظروف استخدامها في الزراعة .

*  معايير صرف واستصلاح الأراضي المتملحة وتحديد معدلات نظام الري الغاسل.

-  تحديث وتطوير منشآت ونظم الري السطحي على مختلف مستوياتها بما فيها شبكات الري الرئيسية والفرعية وشبكات المساقي (الري الحقلي) بما يهدف إلى  توفير مياه الري حسب الحاجة الفعلية للمزروعات مع منع الإسراف وتقليل الفواقد بتحسين عملية الري، وذلك عن طريق تنفيذ عمليات تسوية الحقول بالليزر أو باستعمال المعدّلات Land plane وتحويل المساقي الحالية الترابية إلى  مساقي مرفوعة مبطنة على شكل حرف J ، أو مساقي مواسير (PVC)  ذات ضاغط منخفض. وتعمل المساقي المطوّرة هذه على تقليل الفواقد المائية والقضاء على الحشائش وضمان وصول المياه إلى  نهاية المسقى بالكمية المناسبة وفي الوقت المناسب وتوفير تكاليف أعمال الصيانة، مما سيؤدي إلى  رفع كفاءة الري وزيادة الإنتاج ورفع مستوى معيشة المزارع .

-   تسهيل عمليات توزيع المياه باستخدام نظم التحكم الحديثة وذلك عن طريق تركيب بوابات أوتوماتيكية حديثة طراز AVIS وطراز AVTO ، كما يمكن استخدام الموزعات Distributors لتعطي تصريفاً (تدفقاً مائياً )  ثابتاً يمكن التحكم فيه طبقاً للاحتياجات المائية الفعلية .

-   برمجة الري والتوزيع بهدف تحسين كفاءة الري الحقلي : إن برمجة الري تعد ضرورية لأنه غالباً ما يتلقى المزارعون كميات من مياه الري غير كافية في "فترات الاستهلاك القصوى" والتي تعتبر حساسة بالنسبة لنمو النبات . ويضطر المزارعون (لتفادي هذه المشكلة)  "عن وعي أو غير وعي" إلى  ضرورة الري بكميات تفوق بكثير المطلوب لتجنب نتائج تأخير الدور القادم من استعمال مياه شبكة الري، لذلك تعد برمجة الري هي أهم وسيلة تمكن من تحسين استغلال شبكات الري وتنظيم نقل وتوزيع مياه الري ، وكذلك تمكين المزارعين من ري حقولهم في أوقات متفرقة خلال " فترات الاستهلاك القصوى" وبكميات معقولة وبالتالي تحقيق زيادة في الإنتاجية .

-  إدخال تقنية الري " بالخطوط الطويلة " التي تعتبر ذات كفاءة جيدة .

-  الالتزام بالنمط المحصولي الذي وضعت على أساسه قنوات الري .

-  إقامة نظام صرف لتجنب الملوحة والغدق وخاصة للمحافظة على التربة من إعادة التملح بعد استصلاحها .

-8 إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية لأي مشروع ري سطحي قبل تنفيذه .

ثالثاً : تحديات في المجال المالي والاقتصادي والتمويلي :

التكلفة العالية لبعض العمليات التي تساعد على زيادة كفاءة الري السطحي مثل تبطين القنوات الترابية أو استخدام الأنابيب بدلاً من القنوات الترابية المكشوفة لتقليل فواقد التبخر من سطح القنوات أو كذلك تسطيح الأراضي (عمليات التسوية). فمشاكل ضعف الإنتاجية في القطاع الزراعي أحياناً، ومشاكل التسويق وانخفاض أسعار المنتوجات الزراعية وعدم استقرار الأسعار أحياناً أخرى، قد لاتشجع المستثمرين من القطاع الخاص على استثمار رؤوس أموال كبيرة في مرافق الري، والتي من المعلوم أنها استثمارات طويلة المدى يتحقق العائد منها خلال فترة زمنية طويلة .

ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري السطحي، الذي يؤدي إلى  تراكم الطمي والترسبات ونمو الحشائش في قنوات الري . ويترتب على ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري السطحي، كذلك ، تدهور منظِّمات المياه، لدرجة يجعلها غير قادرة على أداء دورها الذي أنشئت من أجله، وهو ضبط وقياس تصريفات مياه الري، الأمر الذي ينتج عنه سوء توزيع مياه الري بين أجزاء المشروع وهدر كميات كبيرة من المياه في بعض الأحيان، مما يقلل بالتالي من كفاءة الري .

انخفاض أسعار مياه الري أو تكاليف ضخها يقلل من أهميتها (كعامل اقتصادي هام من عوامل الإنتاج) ، مما يؤدي إلى  الإسراف في استعمال المياه وعدم ترشيد الاستهلاك .

ارتفاع تكاليف البحث العلمي بشكل عام وضعف تمويل البحوث والدراسات الخاصة بتطوير الري .

*  سبل تخطي التحديات في المجال المالي والاقتصادي والتمويلي :

-  العمل على تحسين العائد المالي والاقتصادي للمشاريع الزراعية الحكومية والخاصة، من خلال إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التسويقية .

-  العمل على إقناع الجهات المانحة والمموِّلة بأهمية الاستثمار في هذا المجال، من خلال التركيز على أهمية استخدام الموارد المائية والزراعية بكفاءة ، الأمر الذي سيحسن العائد الزراعي، وما لهذا الأمر من أهمية في تحقيق الأمن الغذائي والاجتماعي والسياسي .

- العمل على تقديم ضمانات كافية للجهات المموِّلة تكفل التزام المزارعين التقيد بشروط القروض للغايات الممنوحة، إضافة إلى  الالتزام بطرق وفاء هذه الالتزامات النقدية .

رابعاً : تحديات في المجال الاجتماعي والإرشادي والتوعية :

قلة الوعي العام بمشكلة نقص المياه في الوطن العربي، حيث أن هذا الوضع قد أدى إلى  الإفراط في استخدام المياه وعدم الاهتمام بإعادة تأهيل شبكات الري السطحي، وكذلك ضعف استعداد المزارعين لتقبل الإرشادات ، وانعدام تدريب المزارعين حول إدارة الري الحقلي، وضعف " التوعية المائية " .

ضعف آلية الإرشاد عامةً والمائي خاصةً، أو عدم توفر " إرشاد مائي " على مستوى المزرعة نهائياً ، مما يؤدي إلى  العديد من الممارسات الخاطئة ، ومنها مثلاً ، عدم التقيد بالقوانين والتشريعات المائية .

* سبل تخطي التحديات في المجال الاجتماعي والإرشادي والتوعية :

تكوين جمعيات مستخدمي المياه ، والهدف منها هو تشجيع المزارعين وحثهم على تفهم وضرورة المساهمة أو المشاركة في عمليات إدارة وتسيير وصيانة تجهيزات شبكات الري السطحي وتحملهم قسطاً من المسؤولية من أجل الاستغلال العقلاني للموارد المائية المتاحة لرفع كفاءة مشاريع الري والمحافظة عليها وعلى البنية التحتية لهذه المشاريع، وكذلك تشجيع المزارعين على إنشاء المقاولات الصغيرة والمتوسطة ، المتخصصة في صيانة أقنية الري وغيرها من التجهيزات .

  وبصفة عامة ، يمكن القول بأن تخطي التحديات المشار إليها سابقاً :

-    يتطلب وجود وزيادة التنسيق بين الجهات المتعددة ، فهناك الجهات المناط بها تصميم وتنفيذ مشاريع الري والصرف، وهناك الجهات الموكل لها موضوع تشغيل شبكات الري والصرف، وأخيراً الجهات المستغِلة لهذه المشاريع. ويحتاج الأمر إلى  تنسيق وترابط وتكامل هذه الجهود المتسلسلة، والتي تتطلب بالضرورة خبرات ومؤهلات مختلفة حسب المراحل المختلفة.

-   يتطلب وجود وزيادة الكوادر الفنية المقتدرة والمؤهلة لمتابعة مسيرة هذه العملية المعقدة، لضمان الوصول إلى  الغايات المنشودة بأفضل السبل .

-    يتطلب وجود وحضور المؤسسة البحثية القيادية والناظمة للأولويات في كافة مجالات البحث العلمي الزراعي من تصميم لشبكات الري الحديثة، وأصناف مقاومة للجفاف وغيرها.

-   يتطلب إعادة تنظيم البنى المؤسسية والقانونية والتشريعية للجهات المسؤولة عن إدارة الموارد المائية واستخداماتها، بحيث يتم " تحديد المسؤوليات " بشكل واضح فيما بينها .

الخلاصة :

من خلال التجارب العربية السابقة في مجال تطوير طرق الري السطحي والصرف ، وغيرها من البحوث المتعلقة بالمياه واستعمالاتها في الوطن العربي، يمكن تسليط الضوء على الوضع الحالي للري السطحي في الوطن العربي والمشاكل والتحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف في الوطن العربي بصفة عامة وسبل تخطيها :

أولاً : الوضع الحالي للري السطحي في الوطن العربي والمشاكل والتحديات التي تواجه تطويره بصفة عامة :

1- انخفاض كفاءة الري السطحي : إن طرق الري السطحي التقليدية هي السائدة في غالبية الأقطار العربية، وتتسم هذه الطرق بانخفاض كفاءة الري فيها والمقدرة بين %50-40 ، ويعود ذلك أساساً إلى فقد كميات كبيرة من مياه الري بالتسرب من القنوات الترابية "غير المبطنة" إلى المزارع .

- مشاكل إدارة مياه الري : لاتزال العديد من مشاريع الري (حتى المشاريع الكبرى منها) في الوطن العربي تفتقر إلى التقنيات الحديثة في إدارة مياه الري، ويشمل ذلك حساب المقننات المائية لكل نوع من المزروعات، وكذلك جدولة توزيع مياه الري على أسس علمية دقيقة باستخدام تقنيات الحاسب الآلي المتقدمة. وعلاوة على ذلك فإن عدم استعمال بنك المعلومات الخاص بإدارة البيانات الخاصة بالري والمزارع تسبب إرباكاً لهيئة الإدارة الخاصة (إن وُجدت) بتشغيل مشاريع الري الكبرى وبالتالي تقل كفاءة توزيع المياه وإهدار كميات كبيرة من مياه الري أيضاً .

-  مشاكل تدريب العاملين بالري والمزارعين : مازالت مقدرة مستخدمي مياه الري في العديد من مشاريع الري في الوطن العربي بحاجة إلى زيادة التأهيل الفني على استخدام التقنيات الحديثة لأعمال تشغيل القنوات أو قطاعات مشروع الري المختلفة وبرمجة وتوزيع مياه الري. كما أن المزارعين بحاجة إلى تفهم طرق تحسين الري السطحي داخل المزرعة نفسها، وأن الكثير من المزارعين مايزالون يجهلون القيمة الحقيقية للثروة المائية والمردود الفردي والجماعي أو الناتج الوطني من توفير موارد المياه .

-  المشاكل التنظيمية والاجتماعية والاقتصادية : تعاني بعض مشاريع الري صعوبات تنظيمية في الهيكل الإداري والفني اللازم للإدارة الفعالة لمشروع الري وتوزيع المياه وصيانة منشآت الري والمحافظة على الثروة المائية. أيضاً ، مازالت المشاكل ذات الطبيعة الاجتماعية تؤثر في أساليب الري في بعض البلدان العربية من حيث تعوّد المزارعين على نمط ري معين لأنواع معينة من المحاصيل وصعوبة تركه مثل استعمال الري بالغمر غير المقيد أو بالخطوط الترابية غير المنتظمة مما ينتج عنه فقد كميات كبيرة من مياه الري.

-  ما تزال الأقسام المتخصصة " بالإرشاد المائي " للمزارعين شبه غائبة في العديد من الأقطار العربية ، وبالتالي، بغياب الإرشاد الكافي والفعال، يبقى المزارع بعيداً عن التعرف على أفضل الأساليب لتحسين طرق الري السطحي داخل المزرعة وكذلك اتباع المقننات المائية التي ترفع من كفاءة استخدام المياه .

- التكلفة العالية لبعض العمليات التي تساعد على زيادة كفاءة الري السطحي مثل تبطين القنوات الترابية أو استخدام الأنابيب بدلاً من القنوات الترابية المكشوفة أو تسطيح الأراضي (عمليات التسوية) ، وضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري السطحي .

- انخفاض أسعار مياه الري مما يقلل من أهميتها (كعامل اقتصادي هام من عوامل الإنتاج) ، ويؤدي بالتالي إلى  الإسراف في استعمال المياه وعدم ترشيد الاستهلاك .

- ارتفاع تكاليف البحث العلمي بشكل عام وضعف تمويل البحوث والدراسات الخاصة بتطوير الري .

ثانياً : أهم سبل تخطي التحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف في الوطن العربي:

-   تحسين إدارة الري على مستوى المزرعة، وتدريب المزارعين حول إدارة الري .

-  تقوية وتوسيع وتطوير جهات الإرشاد المائي وربطها كلياً مع وزارتي الري والزراعة .

-  مد جسور الثقة بين المؤسسات العاملة في مجال الري والمزارعين عن طريق تكوين روابط مستخدمي مياه الري .

-  مد جسور التعاون وتبادل الخبرات العربية والدولية .

-  دعم البحث العلمي الميداني، وهذا يتطلب من جهات البحث العلمي رفد كوادرها بالباحثين العلميين المتخصصين في مجال الري ورصد المخصصات المالية اللازمة لهذه الأبحاث .

-  تطوير نظم معلوماتية للري تعتمد على معلومات المناخ والنبات والتربة ونوعية المياه لتحديد الاحتياجات المائية للمحاصيل و " جدولة الري " ، مع وجوب وصول المعلومات للمزارع بأسهل الطرق .

- إجراء بحوث زراعية على مستوى الحقل تتضمن المجالات التالية :

أ –  الاحتياجات المائية للمحاصيل .

ب – تحديد المعايير النوعية لمياه الري وظروف استخدامها في الزراعة .

ج – تحديد معايير صرف واستصلاح الأراضي المتملّحة وتحديد معدلات نظام الري الغاسل للأملاح الزائدة في التربة .

-  تسهيل عمليات توزيع المياه باستخدام نظم التحكم الحديثة وذلك عن طريق تركيب بوابات أوتوماتيكية حديثة طراز AVIS وطراز AVTO ، واستخدام الموزعات Distributors لتعطي تصريفات ثابتة يمكن التحكم فيها طبقاً للاحتياجات المائية الفعلية للمشروع .

-  برمجة الري والتوزيع بهدف تحسين كفاءة الري الحقلي .

-  إدخال تقنية الري بالخطوط المستوية Level Furrow التي تعتبر ذات كفاءة جيدة وترصيص الخطوط من أجل تقليل الفاقد في مياه الري إلى أقصى درجة ممكنة .

-  الالتزام " بالنمط المحصولي" الذي وضعت على أساسه قنوات الري .

-  إقامة شبكات الصرف العام والمغطى ، لما لها من عائد سريع للإنتاج الزراعي يصل إلى %25-17  ، وكذلك التأثير الإيجابي في تحسين خواص التربة الطبيعية والكيميائية ، من حيث خفض منسوب الماء الأرضي، وخفض ملوحة التربة, وتحسين معامل التوصيل الهيدروليكي، والمحافظة على التربة من إعادة التملح بعد استصلاحها .

13-إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية لأي مشروع ري سطحي قبل تنفيذه .

-  العمل على تحسين العائد المالي والاقتصادي للمشاريع الزراعية الحكومية والخاصة، من خلال إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التسويقية .

-  إعادة تنظيم البنى المؤسسية والقانونية والتشريعية للجهات المسؤولة عن إدارة الموارد المائية واستخداماتها ، بحيث يتم " تحديد المسؤوليات " بشكل واضح فيما بينها .

ثالثاً : مدى استعمال طرق الري السطحي المطوّرة في الوطن العربي :

هناك عدة عوامل تحدّ من انتشار تقنيات الري الحديثة (الري بالرش والتنقيط ) في الوطن العربي وعلى الأخص العوامل المتعلقة بتكاليف الأجهزة المرتفعة وتكاليف الطاقة . لذا فإن الري السطحي في معظم الأقطار العربية لن يستبدل فجأة حتى بأبسط طرق الري الحديثة وسيبقى مسيطراً بنسبة كبيرة ولفترة طويلة، وإن المجال واسع لتحسين وتطوير طرق الري السطحي في معظم الأقطار العربية وخاصة التي تتوفر فيها موارد المياه مثل السودان وسوريا والعراق، وذلك للتخلص من هدر المياه ورفع كفاءة استخدامها . ويبدو أنه يمكن الاتجاه إلى طرق الري السطحي المطوّرة مثل الخطوط المستوية Level Furrow  وترصيص الخطوط من أجل تقليل الفاقد في مياه الري .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الرابع

الرؤية العربية المستقبلية لتطوير

الري السطحي والصرف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الرابع

 

الرؤية العربية المستقبلية لتطوير

الري السطحي والصرف

 

4-1  خلفية :

يقع الوطن العربي في الإقليم الجاف و شبة الجاف من العالم ، وتتميز معظم أقطاره بمحدودية موارده المائية حيث يعتمد في معظمه على هطول الأمطار المتذبذبة من عام لآخر، و تستخدم الموارد المائية للأغراض المنـزلية و الصناعية والـزراعية ، حيث تبلغ نسبة الإستخدام الزراعي للموارد المائية في الدول العربية بحوالي 89 % من إجمالي إستخدامات المياه ، و هذه النسبة عالية جداً إذا ما قورنت بدول العالم الأخرى إذ يبلغ المتوسط العالمي العام بحوالي 70 % في حين ينخفض كثيراً في الدول الصناعية لصالح الإستخدامات الأخرى.

يسود نظام الري السطحي في الدول العربية ، إذ يروي نحو 15 مليون هكتار تمثل ما نسبته 85% من إجمالي الأراضي المروية في مناطق إستقرار و تجمعات سكانية وضعت الأساس لنهضة إقتصاديـة وعمرانـية ، ويستهلك نظام الري السطحي في جميع الدول العربية ما مجموعه حوالي  146 مليار متر مكعب من المياه  سنوياً ، ووفقاً للدراسات التي أجريت في العديد من الأقطار العربية  فإن كفاءة الري السطحي لا تزيد عن 40 % ، أي ما يربوا على 91  مليار متر مكعب مياه سنوياً تذهب هدراً، منها حوالي 54 مليار متر مكعب كفواقد نقل و حوالي 37 مليار متر مكعب كفواقد في الحقل ، وتعتبر هذه الفواقد نتيجة الممارسات الحالية لإدارة أسلوب الري السطحي ، وفي واقع الأمر فإن سلبيات الري السطحي لا تتوقف عند هدر المياه ولكنه يمتد ليصيب الأرض الزراعية ، الأمر الذي يصبح فيه إنشاء نظام فعال لصرف المياه الزائدة من التربة أمـراً حتمياً.

من هنا فإن تطوير وتحسين أسلوب الري السطحي ورفع كفاءته سوف يوفر كميات مياه كبيرة جداً على مستوى العالم العربي ، وعلى سبيل المثال لو تم رفع كفاءة الري السطحي بشكل عام بنسبة 5 % فإن ذلك يعني توفير ما مقداره حوالي 7 مليار متر مكعب سنوياً حيث يمكن بهذه الكمية ري مساحات من الأراضي لم تكن مروية أصلاً وبالتـالي زيادة الإنتاج الزراعي ، وبخصوص تطوير وتنفيذ مصارف المياه الزائدة من الأراضي الزراعية، فإن ذلك يعني ديمومة الحفاظ عليها  رفع القدرة الإنتاجية لها .

بدأت الدول العربية تدرك أهمية سبل تطوير و تحسين و رفع كفاءة أسلوب الري السطحي الذي يستهلك كميات هائلة من المياه كما ذكر سابقاً ، لذا فإن للأقطار العربية رؤىً أساسية مستقبلية تتمحور حول سبل تطوير وتحسين ورفع كفاءة أسلوب الري السطحي ، وحسن إستغلال المياه ضمن خطط وسياسات واضحة مع الأخذ بعين الإعتبار القضايا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والبيئية . 

وفي هذا المجال فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية ترمي من دراسة سبل تطوير و تحسين أسلوب الري السطحي وصرف المياه الزائدة في الأراضي الزراعية إلى زيادة كفاءة الري ورفع وتحسين الإنتاج الزراعي في الوطن العربي لكون الموارد الطبيعية ( المياه ، الأرض ) محدودة ، وهناك ضرورة ملحة للإستخدام الأمثل لها .

4-2  أهمية الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف :

الماء مورد نفيس و ذو أهمية جوهرية للتطور الإجتماعي و الإقتصادي المستدام في الوطن العربي ، وتتطلب المياه تخطيطاً دقيقاً يرتكز الى بيانات بعيدة المدى حول موارد المياه المتاحة من سطحية وجوفية بما فيها الطبقات المائية العميقة والمياه المالحة و المياه العادمة المعالجة بطريقة ملائمة، ويجب أن تستعمل هذه الموارد المائية  المحدودة بطريقة منصفة مع الأخذ بعين الإعتبار أولوية الإستخدام المنـزلي المعقول ، والتطور الإجتماعي الإقتصادي المنجــز وغيرها من الإستعمالات كالزراعة والصناعة والسياحة.

إن تأمين التزويد المائي الموثوق بالكمية و النوعية الملائمين و المكان و الزمان المناسبين هو أكبر التحديات التي تواجهها أقطار العالم العربي حاضراً ، لذا يجب أن يرتكز تخطيط و صياغة سياسة التزويد المائي و إستخدام موارد المياه الى معطيات شاملة وموثوقة بما فيها معطيات عن كمية ونوعية المياه وإستخدامها، أما الموارد المائية غير التقليدية الأخرى وخاصة المياه المالحة فيجب تقييمها عندما تصبح تحلية المياه ذات جدوى إقتصادية أكبر.

ويجب إجراء تطوير الطاقة القصوى للمياه السطحية و الجوفية إلى المدى الذي تسمح به إعتبارات الجدوى الإقتصادية والآثار الإجتماعية و البيئية .

تشير الدراسات العالمية لإستخدامات المياه إلى أن الوطن العربي يستهلك حوالي 89% من إجمالي الإستخدامات للري مقارنة بحوالي 70% للعالم قاطبة وحوالي 34% في أوروبا و 47% في أمريكا الشمالية أما نسبة إستخدام المياه للزراعة في القارتين الأسيوية والإفريقية فيقدر بنحو 86% الأمر الذي يشابه الوضع في العالم العربي ، وتشير الإحصاءات أيضاً إلى أن الأراضي المروية في الدول العربية تقدر بنحو 15%  من إجمالي الأراضي المزروعة أي أقل من المتوسط العالمي بنحو 20%، وهي تمثل نحو 5.2 % من إجمالي الأراضي المروية في العالم .

    بناءاً على كل ما سبق فإن :

 

هناك ضرورات ملحة إقتصادية و إجتماعية وتنموية وبيئية عاجلة لتطوير وتحسين الري السطحي والصرف .

 

   

 

 

حالياً هناك عجز في الموازنة المائية في بعض الدول العربية مثل الأردن وفلسطين ، وتشير الدراسات إلى أن العديد من الدول العربية الأخرى ستعاني في العقدين القادمين شحاً بالمياه إذا إستمرت المعطيات والممارسات الحالية ، و من الممكن أن لا تساعد الأوضاع الإقتصادية في إقليم الخليج العربي بتحلية مياه البحر مستقبلاً ، الأمر الذي يستدعي كافة الأقطار العربية أن تباشر بتحديث التشريعات والقوانين المتعلقة بقطاع المياه ووضع الخطط الإستراتيجية و إتباع السياسات المائية الكفيلة بالإستخدام المرشد والأمثل للموارد المائية الحالية .

توجد صعوبات جمـة لإستبدال نظام الري السطحي المستعمل حالياً في الدول العربية بنظم أخرى أكثر كفاءة وترشيداً في إستخدام المياه مثل أنظمة الري بالرش أو التنقيط ، و بناءاً عليه يصبح الخيار هو زيادة كفاءة إستخدام المياه في أنظمة الري السطحي القائمة ، إذ إن أنظمة الري السطحي بطبيعتها قابلة للتحسين والتعديل والتطوير في شبكات الري الحالية ، ومن هنا لا بد من صياغة وتبني إستراتيجيات وخطط وسياسات مائية خاصة بالري السطحي و الصرف.

من الضروري أن تشدد الإستراتيجية المائية القطرية الخاصة بالري السطحي والصرف على تحسين إدارة الموارد مع التأكيد على إستدامة الإستعمالات المائية الراهنة والمستقبلية في محاولة لإيجاد حلول لمشاكل عديدة تهدد مستقبل موارد الزراعة المروية من أرض ومياه ، وعلاوة على ذلك ، يجب أن تولي الدول العربية تحقيق أعلى درجة كفاءة عملية في نقل المياه و توزيعها ونشرها وإستعمالها مع تبني آليات التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز قدرات إدارة المياه . ويستهدف الإستعمال المتفاعل لمورد المياه تعظيم تدفقه القابل للإستخدام وتعظيم المنفعة الصافية لوحدة تدفق المياه ، كما يستهدف الكلفة الدنيا للتشغيل و الصيانة ،  ويجب مراقبة و تصنيف فعالية أداء نظام الري السطحي والصرف وإدارتها وإدخال التحسينات على الأداء مع الأخذ بعين الإعتبار إقتصاديات المورد . مع ضرورة قياس كلفة الإنتاج لمشاريع الزراعة المروية وما تحتاج إليه من مياه.

4-3 أهداف استراتيجية تطوير و تحسين أداء الري السطحي والصرف في الدول العربية :

بناءاً على ما تقدم فإن أهداف استراتيجية تطوير و تحسين أسلوب الري السطحي والصرف في الدول العربية تتمثل فيما يلي:

1-  توفير المياه و تقليل الفاقد منها وذلك برفع كفاءة النقل في القنوات وزيادة كفاءة الري السطحي الحقلي كون بعض الأقطار العربية تعاني حاضراً وأغلبها سيعاني مستقبلاً شحاً بمواردها المائية المتاحة، وإمكانية إستخدام المياه التي يمكن توفيرها لأغراض أخرى أو ري أراضي جديدة .

2-  الإستفادة القصوى من المياه المتاحة و حسن إستخدام المياه بتزويد المزارع حسب الإحتياجات المائية للمحاصيل وحسب التربة وطور النبات والمناخ والوصول الى جدولة الري، وبتحسين توزيع المياه بالتساوي داخل المزرعة عبر تسوية الأراضي بصورة تكفل ذلك.

3-  زيادة العائد الإقتصادي للمتر المكعب من المياه ، و زيادة إنتاج وحدة المساحة كماً ونوعاً.

4-  المحافظة على إنتاجية الأراضي الزراعية بتوسيع خدمة الأراضي بنظام صرف المياه الزائدة منها وتحسين أداء القائم منها.

5-  زيادة الإستفادة من المياه الأمر الذي يؤدي الى زيادة الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاجية لتلبية الطلب على السلع الزراعية.

6-  تقليل تكاليف التشغيل والصيانة والإستفادة القصوى من البنية التحتية لمشاريع الري .

7-  تحسين الوضع الصحي للمواطنين حيث أن ركود وتجمع المياه على سطح التربة جراء الري أو الصرف يصبح موطناً لتكاثر القواقع و الحشرات التي تسبب الأمراض للإنسان.

8-  تحسين الوضع الإقتصادي والإجتماعي والبيئي .

4-4  محاور الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف :

4-4-1  رفع كفاءة القنوات الناقلة للمياه من المصدر الى المزرعة :

وذلك بتقليل تسرب ورشح المياه الى أعماق التربة وتقليل نمو الأعشاب فيها حيث تستهلك كميات كبيرة من المياه وتقليل التبخـر من تلك القنوات ، وتقـدر كميـة المياه المفقودة مـن القنوات الناقلة في الدول العربية بحوالي 50 مليار متر مكعب سنوياً، ويمكن رفع كفاءة القنوات الناقلة  بالأساليب التالية:

*  نقل المياه بواسطة أنابيب مفتوحة أو مغلقة من المصدر إلى المزرعة.

*  إعادة تأهيل قنوات الري الناقلة الإسمنتية بإصلاح عيوبها و كسورها و إزالة الترسبات و الأعشاب منها و تعديل ميلها إذا لزم الأمر، وإعادة تأهيل القنوات الترابية بتغليفها بمواد غيرمنفذة مثل الإسمنت (الباطون ) أو الإسفلت أو البلاستيك لمنع تسرب ورشح المياه في التربة.

*  تقليل المساحة السطحية (المعرضة لأشعة الشمس) للقنوات بهدف تقليل التبخر من سطوحها ما أمكن وذلك بتعميقها وتعديل ميلها لتفي بالغرض من ذلك.

4-4-2  رفع كفاءة الري السطحي الحقلي :

 تقدر كمية المياه المفقودة على المستوى الحقلي في الدول العربية بحوالي 37 مليار متر مكعب سنوياً جراء الممارسات الحالية داخل الحقول ، و يتم رفع كفاءة الري الحقلي كما يلي :

*  القيام بأعمال التسوية  Leveling  اللازمة للأراضي لضمان التوزيع المتساوي للمياه فيها وتجنب غدق وركود و تجمع المياه على بعض أجزاء الحقل وقلة المياه على الجزء الآخر.

*  تزويد الأراضي  بالإحتياجات المائية الكلية (فقط) للمحاصيل المزروعة وحسب عمرها وتكرارها تبعاً لصفات التربة وعدم السماح بتجاوز تلك الكميات تحت أي ظرف كان ، أما الإحتياجات الغسيلية للتربة فيمكن أن تتم في فصل الشتاء أو حسب الظروف.

*  إستيفاء رسوم عن كميات إستهلاك المياه (السطحية والجوفية) وبصورة تصاعدية كأحد أساليب رفع كفاءة الري.

*  تقديم أفضل الخدمات والإرشاد المائي والتوعية للمزارعين .

*  إيجاد التشريعات والقوانين والأنظمة اللازمة وإتباع خطط وسياسات من شأنها رفع كفاءة الري السطحي.

*  فرض العقوبات المالية وغيرها على المخالفين لتجاوز الكميات المزودة والإستخدامات غير الشرعية للمياه والعابثين بمنشآت مشروع الري تبعاً للأنظمة والقوانين.

4-4-3  إنشاء وإعادة تأهيل مصارف المياه الزائدة المغطاة أو المفتوحة:

 إن سلبيات الري السطحي لا تتوقف عند هدر المياه في القنوات الناقلة أو على المستوى الحقلي، ولكنه يمتد ليصيب الأرض الزراعية ، حيث أشارت الدراسات إلى أن حوالي 40 مليون هكتار في الدول العربية تعاني تأثراً بالملوحة ، وهي بحاجة إلى غسيل تربتها الأمر الذي يصبح فيه إنشاء نظام فعال لصرف المياه الزائدة من التربة أمراً حتمياً.

ومن الممكن تطوير الصرف كما يلي :

*  إنشاء وتنفيذ مصارف مياه مفتوحة أو مغطاة للأراضي التي تعاني مشاكل ملوحة وإرتفاع منسوب مياه ولم ينفذ فيها مصارف من قبل ضمن أولويات إقتصادية وإجتماعية وبيئية .

*  الصيانة الدورية المنظمة للشبكات الحالية لصرف المياه الزائدة من الأراضي ومخارجها وتسليكها لتحسين أدائها وإزالة الإعشاب النامية فيها.

*  إنشاء آبار (حفر) مراقبة  Observation Wells  في الأراضي المخدومة بشبكة صرف زراعي والأراضي غير المخدومة بهدف مراقبة مستويات المياه الأرضية ، ومعرفة أداء شبكة الصرف إن وجدت، علماً بأن عمق تلك الآبار لا يتجاوز ثلاثة أمتار ، والبعد بين البئر والآخر يعتمد على صفات التربة.

*  شبكات الصرف الزراعي تتطلب التصميم والتنفيذ الصحيحين لتجنب التأثير السلبي على البيئة والإنسان جراء تكاثر الحشرات التي تسبب الأمراض، لذا لا بد من إعادة تصميم وتنفيذ للمصارف التي تعاني من المشاكل الفنية. 

*  القياس الدوري لتدفق المياه الخارجة من شبكة الصرف الزراعي و إجراء التحاليل المخبرية الدورية لتلك المياه من أجل معرفة كمية و نوعية المياه لدراسة إمكانية إعادة إستخدامها في الزراعة بالإضافة الى دلالتها كمؤشر على غزارة الري السطحي .

4-5  الموجهات والخطوط العريضة للرؤية العربية لاستراتيجية تطوير الري السطحي والصرف :

ان من أهم الملامح والموجهات لرؤية الدول العربية لتطوير الري السطحي والصرف تتمثل في الخطوط العريضة الآتية :

4-5-1  تكامل الاستراتيجية :

 وضع خطط إستراتيجية متكاملة واضحة المعالم قابلة للتطبيق لقطاع الري والصرف ووضع خطة رئيسيةMaster Plan  جديدة أو تحديث الخطة إذا كانت موجودة لتلبية الإحتياجات و التطلعات المستقبلية ، وإتباع سياسات متوازنة مائية لكافة القطاعات المنـزلية والصناعية و الزراعية بالإضافة الى الري السطحي والصرف .

4-5-2  تعظيم العائد الاقتصادي للمياه :

  إن زيادة تعظيم العائد الاقتصادي للمياه (المردود الإقتصادي) لوحدة حجم مياه الري والمحافظة على الأراضي الزراعية بصرف المياه الزائدة منها يتم بإتباع أساليب علمية وتطبيقية  تأخذ بعين الإعتبار الموارد الطبيعية (الأرض والمياه) و البشرية متلائماً مع الظروف الإقتصادية والإجتماعية والبيئية مع التركيز على التوعية المائية المنظمة للمزارعين في مجال الري السطحي والصرف .

4-5-3  المشاركة الشعبية :

 إن مشاركة المزارعين في إدارة مشاريع الري و إنشاء جمعيات مستخدمي المياه، و مشاركة القطاع الخاص في المشاريع وعقود إدارة التشغيل و الصيانة لشبكات الري أينما كان ذلك ممكناً تمثل منطلقاً هاماً نحو التطوير .

الخلاصة هى الحد من الري السطحي وعليه :

 

 

عند دراسة وتخطيط وتنفيذ مشاريع الري الجديدة يجب أن تأخذ بعين الإعتبار إستخدام وتطبيق أساليب الري الحديثة، و يجب أن تتوقف مشاريع الري السطحي الجديدة

 

 

 

 

4-6  مكونات الاستراتيجية العـربية المقترحة لتطوير الري السطحي والصرف :

لقد كانت الموارد المائية على مدى التاريخ  - وما زالت  - المحرك الرئيسي للأنشطة الإقتصادية و الإجتماعية، إعتمد عليها في قيام الحضارات وتطورها كحضارة وادي النيل وحضارة بلاد ما بين النهريــن، و كانت الموارد المائية سواء على المستوى القبائلي أو العشائري أو على مستوى الدول ( المياه المشتركة ) هي قاعدة العيش و الإقتصاد وعلى مدى توفرهما وكفايتهما إعتمدت علاقتهما .

وتعتبر الموارد المائية القاعدة الأساسية للتطور الزراعي و بالتالي الأمن الغذائي، ومع أنها متجددة فإن تطويرها وإستغلالها الأمثل في الإنتاج الزراعي هو أحد مقومات الإستمرار و التقدم ، وفي الدول العربية فإن قطاع المياه يعتبر من أهم القطاعات الخدمية والإنتاجية لأنه يمس حياة جميع المواطنين .

لا يخفى على أحد الأهمية الإستراتيجية للمياه في الري و الصرف ، إذ بدون المياه لا توجد زراعة مرويـة ، والزراعة المروية ذات علاقة وثيقة بالأمن الغذائي ، وتكون الشعوب آمنة غذائياً عندما تحصل بشكل طبيعي سواء من خلال الإنتاج أو القدرة الشرائية على غذاء كاف لحياة صحية منتجة ، ولكون الإحتياجات و الإستهلاك المائي عالي في الري السطحي و لإرتباطه العضوي مع النشاطات الإقتصادية والمعيشية والإجتماعية والبيئية فإن ذلك يضفي عليه أهمية إستراتيجية قصوى.

إن الدول العربية التي تزخر بالخبرات الزراعية المتميزة في كافة المجالات وعليها أن تبادر إلى تبني خطـة إستراتيجية للري والصرف و إتباع سياسات زراعية مائية لتحقيق الأهداف المرجوة ، ويجب أن تكـون تلك الخطط والسياسات جزءاً من خطة إستراتيجية وسياسة زراعية مائية عربية موحدة .

 

 
 

يجب على كل دولة عربية وضع خطة إستراتيجية متكاملة واضحة المعالم قابلة للتطبيق لقطاعي الري والصرف ، ووضع خطة رئيسية Master Plan  جديدة أو تحديث الخطة إذا كانت موجودة لقطاع المياه ليلبي الإحتياجات و التطلعات المستقبلية، وإتباع سياسات متوازنة مائية لكافة القطاعات المنـزلية والصناعية والزراعية .

 

 

 

 

 

من الضروري أن تحقق الخطط الاستراتيجية للدول العربية الغايات والأهداف المبينة سابقاً، بالإضافة الى توجه الحكومات العربية الى رفع كفاءة أداء مؤسساتها وميل سياساتها نحو الخصخصة لابد من وضع خطة إستراتيجية لقطاع الري والصرف واضحة وقابلة للتطبيق ، يشتق منها خطط خمسية دورية يجري تحديثها كلما كان ذلك ضرورياً ، هذه الخطة تكون جزءاً من خطط قطاعات المياه الأخرى وتلازمها خطة إستثمارية موازية .

يقوم مختصين بالتخطيط الإستراتيجي وفنيين مختصين بنشاطات الري والصرف بالإضافة الى مختصين بمجالات مثل الإقتصاد و القانون وعلم المجتمع وغيرها بوضع وصياغة تلك الخطة.

إن التخطيط المستقبلي لقطاع المياه و خاصة مشاريع الري يتطلب بالضرورة توفر معلومات صحيحة ودقيقة حول جميع الموارد الطبيعية و القضايا الإقتصادية والإجتماعية و السياسية و البيئية وغيرها من الأمور الهامة ، و يجب أن تكون المعلومات المدخلة و المستعملة صحيحة و دقيقة لتكون النتيجة مخرجات صحيحة ودقيقة أيضاً ، يتم الحصول على هذه المعلومات من بنك قطري متكامل للمعلومات ولابد من تطوير هذا البنك ليصبح جزءاً من منظومة قومية للمعلومات المائية .

تتضمن الخطة الإستراتيجية تحديد كافة القضايا الإستراتيجية الرئيسية بتقييم شامل لكافة الخدمات والأنشطة و التي تشكل تحديات أو فرص قطاع الري السطحي والصرف ، وتشمل دراسة المؤسسات العاملة والمؤثرة فيه وكافة المعنيين Stakeholders  ( مزارعين و مستخدمي المياه ، مؤسسات أخرى، شركات القطاع الخاص ……. الخ ) و مواطن الضعف والقوة في البيئتين الداخلية و الخارجية  ومن ثم ترتيب هذه القضايا حسب الأولوية بالإضافة الى التحقق من التوجهات الحكومية في هذا القطاع، ويشمل أيضاً دراسات متخصصة قانونية ومؤسسية وتحليل مالي ومشاركة القطاع الخاص ومراقبة الأداء و التنفيذ .

يتم وضع المهمة  Mission   لتعكس السياسات الحكومية العامة فيما يتعلق بالتوجهات المستقبلية والتي قد تؤدي الى قيام شكل مؤسسي جديد ذات هوية جديدة ، والرؤية   Vision   لتعكس الوضع المستقبلي الجديد، و وضع الأهداف الإستراتيجية والمرحلية و يتم ترجمتها إلى مشاريع مستقبلية  وتكاليف مالية تتولى الجهة المعنية بالتعاون مع الحكومة بتوفير التمويل اللازم لها وفترات تنفيذ زمنية محددة .

وفيما يلي بعض المجالات العامة لخطة إستراتيجية قطرية في قطاع الري والصرف مع الإدراك التام لخصوصية كل دولة عربية :

أولاً : في مجال تنمية الموارد المائية

-  الإستغلال الأقصى للمياه السطحية الى الحد التي تسمح به إعتبارات الجدوى الإقتصادية و الآثار الإجتماعية و البيئية و الحقوق المائية للمياه السطحية، ولا بد من تقييم موارد المياه السطحية دورياً.

-  الإستغلال الأمثل للمياه الجوفية الى المدى الذي تسمح به إعتبارات الجدوى الإقتصادية و الضخ الآمن للأحواض الجوفية المائية المتجددة و غير المتجددة ، والإعتبارات البيئية للمحافظة على نوعية المياه الجوفية وإستدامة إستخدامها .

-  جمع ومعالجة المياه العادمة وفق المعايير التي تمكن من إعادة إستخدامها في الزراعة المطلقة وفي أغراض غير منـزلية أخرى بما في ذلك تغذية المياه الجوفية ، و لا بد من إعتماد التقنيات الحديثة الملائمة لمعالجة المياه العادمة مع الأخذ بعين الإعتبار الإقتصاد في الطاقة ونوعية المياه الخارجة لإستعمالها في الزراعـة المطلقة.

-  ولما كان الوطن العربي يحتوي على كميات كبيرة من المياه الحدية و المياه المسوس، فلا بد من عمل أبحاث علمية تطبيقية عليها و دراسة إدخالها في الزراعة المروية .

-  لا بد من إرتكاز معيار الأولوية لتنفيذ مشاريع الري الجديدة ولتخصيص المياه الإضافية الى إعتبارات إقتصادية و إجتماعية وبيئية .

ثانياً :  في مجال إدارة الموارد المائية :

-  تهدف إدارة الموارد بإستمرار الى تحقيق أعلى درجة كفاءة ممكنة في نقل المياه وتوزيعها ونشرها وإستعمالها، و لا بد من إتباع أسلوب مزدوج لإدارة الطلب و إدارة التـزويد وتبني آليات تكنولوجية حديثة لتعزيز قدرات إدارة مورد مياه الري.

-  إعطاء الأولوية في إستدامة إستعمال الموارد المطورة لأغراض الزراعة المروية، و إيلاء عناية خاصة بمنع التلوث وتردي النوعية والإستنـزاف .

-  وقف الضخ الجائر من الأحواض الجوفية المتجدد منها وغير المتجدد و تقليله الى معدل الإستخراج المستدام، والسيطرة التامة على حفر الآبار الجوفية ومنع حفر الآبار الجوفية العشوائي .

-  لا بد من وضع نظام ديناميكي للعرض و الطلب و تحديثه دوماً ،ويجب تقليل تكاليف التشغيل و الصيانة .

-  لابد من التركيز على تنظيم العائد الصافي لمورد مياه الري بزراعة محاصيل ذات المردود الاقتصادي العالي .

-  إن تطوير الموارد البشرية يجب أن تكون على سلم الأولويات بتنظيم برامج التعليم المستمر والتدريب الميداني ، ويجب تقليص التوظيف الزائد عن الحاجة الى مستويات دنيا.

ثالثاً : في مجال التشريعات والتنظيم المؤسسي :

-  لا بد من إعادة النظر بالقوانين والأنظمة المعمول بها دورياً لتفي بالمستجدات للظروف والزمن المتغير، وإعادة النظر بالترتيبات المؤسسية وإعادة هيكلتها بما يتلائم والإحتياجات اللازمة.

-  تحديث التشريعات والقوانين والأنظمة كلما كان ذلك ضرورياً لتفي بالمستجدات ، بما في ذلك قوانين تحسين الإدارة .

-  إشراك المزارعين في إدارة مشاريع الري ، و تكوين جمعيات مستخدمي المياه مع الأخذ بعين الإعتبار القضايا الإجتماعية ووضع التشريع اللازم لمشاركتهم . 

- التأكيد علـى التعاون والتنسيق بين الجهات الرسمية المعنية لتتكامل الأدوار.

-  فسح المجال أمام إستثمارات القطاع الخاص وتسهيل مهامه وإشراكه في إدارة مورد المياه كلما كان ذلك ضرورياً من خلال إيجاد التشريعات اللازمة لذلك.

رابعاً : وفي مجال توعـية المزارعين :

-  تواجه تحديات قطاع الري السطحي لا من خلال إدارة المياه فحسب وإنما من خلال المزارعين أيضاً، وهنا لا بد من تحديد الأدوار بهدف المحافظة على المياه.

-  توعية جمهور المزارعين مستخدمي أسلوب الري السطحي من خلال الحملات الإعلامية والوسائل المختلفة بالتعريف بالأسلوب الأمثل للتعامل مع الري السطحي و بقيمة المياه وحسن إستخدامها و رفع العائد الإقتصادي . وغيره .

-  تدريب المزارعين عملياً حول كيفية التعامل العلمي مع أسلوب الري السطحي والصرف .

-  إيجاد الحوافز المادية والمعنوية للمزارعين المتميزين .

-  نشر الحقائق حول المياه و أسلوب الري السطحي و تكاليفه وإعتماد الشفافية أسلوباً للتعامل مع المزارعين والمستخدمين.

خامساً :  في مجال مشاركة القطاع الخاص :

-  يجب توسيع دور القطاع الخاص من خلال الإستثمار في البنية التحتية لمشاريع الري ، وفي عقود إدارة مورد مياه الري وعقود الإمتياز وغيرها من أشكال المشاركة حيثما كان ذلك ممكناً .

-  النظر في مفهوم طرق إنشاء مشاريع الري الجديدة وتشغيلها من قبل القطاع الخاص ، ولا بد من تقييم آثارها على المزارعين وتخفيف سلبياتها عنهم .

-  تشجيع القطاع الخاص في إقامة المزارع المروية المتكاملة مع التأكيد على المزايا الإقتصادية والإجتماعية فيما يتعلق بالإستثمارات الخاصة.

سادساً :  في مجال التمويل :

-  لا بد من إستعادة كلفة تشغيل وصيانة مشاريع الري من المستفيدين مع الأخذ بعين الإعتبار تقليل تكاليفها.

-  تفعيل دور مؤسسات تمويل الزراعة المروية وبالأخص تمويل تطوير الري السطحي والصرف .

سابعاً : في مجال البحث العلمي :

-  يجب بذل الجهود القطرية لتشجيع و تعزيز البحث العلمي المتعلق بأسلوب الري السطحي الذي يهدف الى تحسين إدارته وتطوير كفاءته والوفاء بالإحتياجات المائية للمحاصيل وتقليل التبخر وغيره .

-  يجب إنشاء مختبرات تحليل المياه و التربة والنبات ورفدها بالكوادر الفنية لإسداء النصح والإرشاد للمزارعين ، ولا بد أن تكون تكاليف التحليل في متناول المزارعين .

-  تشجيع التواصل بين المؤسسات العربية لتبادل الخبرات والمعرفة ، ولا بد من مد جسور التعاون مع المؤسسات الأجنبية والدولية لمواكبة التطور والتحسين ونقل التكنولوجيا.

ثامناً :  في مجال رفع الكفاءة :

تدرك الدول العربية بأن التحدي الذي يواجهها هو الحصول على أفضل إنتاج زراعي بإستخدام أقل كمية مياه من وحدة المساحة وبأهمية ترشيد و تحسين إستخدام المياه المتاحة ، وهي تجمع في رؤيتها بأهمية رفع كفاءة أسلوب الري السطحي وضرورة الإستخدام الأمثل للمياه وحظر هدرها بالإضافة الى أهمية المحافظة على إنتاجية الأراضي الزراعية المروية بشبكة صرف فعالة.

إن زيادة المردود الإقتصادي لوحدة حجم تدفق المياه لا يأتي إلا بالإدارة الناجعة لموارد المياه والأرض والإنسان وبإدارة علمية لزراعة المحصول المناسب ذو الإنتاج العالي كماً ونوعاً ليحصد ناضجاً في الوقت المناسب ، وهذا يتطلب دراسة حاجات الأسواق المحلية والخارجية ولا بد من الإستفادة القصوى من الميزة النسبية للإنتاج في كل دولة عربية ومواجهة التنافس مـع المنتجين الآخرين .

إن ذلك يتحقق بإتباع الأساليب العلمية التطبيقية ووسائل إرشادية فعالة وزيادة الوعي بأهمية موارد المياه والأرض كثروة قومية و أن المحافظة عليهما و حسن  إستخدامهما أمر تفرضه الظروف المعيشية والتنموية، وفي هذا المقام فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية تدعو الجامعات العربية للمبادرة والتطوع بعمل مشاريع ريادية للتطبيقات العلمية الحديثة في مجال الري السطحي و الصرف وتقديم النصح والإرشاد للمزارعين ومد جسور التعاون مع خدمات إرشاد الري في المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية .

أن مكونات الإرشاد المائي في الزراعة المروية يختلف عن غيره نظراً لتعدد و تداخل مدخلاته مثل ظروف التربة و النبات و المياه و المناخ و مكونات مشروع الري بالإضافة إلى جوهره و هم المزارعين ، حيث أن البرامج الإرشادية المائية تأخذ بعين الإعتبار هذه الخصوصية و تكفل الأسلوب الملائم والناجع من قبل مرشدين مختصين لديهم القدرة الفنية و العلمية و العملية و لهم خصائص متميزة بوسائل الإتصال وبناء جسور الثقة مع المزارعين.

هناك وحدات تعنى بتقديم الخدمات الإرشادية للري  Irrigation Advisory Services  في بعض الدول العربية ، ومن الضروري تعزيز قدرات هذه الوحدات ودعمها بالكوادر الفنية المؤهلة و الأدوات و الأجهزة اللازمة ليتسنى لها القيام بمهامها الموكلة بها خير قيام، و لا بد من إنشاء هذه الوحدات في الدول التي تفتقر إليها .

ولعل رؤية الدول العربية في هذا الأمر بأن مثل هذه الخدمات ضرورة ملحة خاصة لمستخدمي أسلوب الري السطحي ، ويظهر ذلك مما تقدمه من خدمات مجانية للمستفيدين تهدف لرفع كفاءة الري وحسن إستخدام المياه و إدخال أجهزة ترشيد الإستهلاك و القيام بحملات توعية للمزارعين في مجال الري السطحي والصرف ، أما مجالات الخدمات التي تقدم فهي كما يلي :

*  تصميم و تقييم شبكات الري السطحي داخل المزارع ، وإسداء النصح والإرشاد لإدخال التعديلات المناسبة عليها.

*  تدريب المزارعين على إدارة الري السطحي داخل المزرعة ( تشغيل وصيانة).

*  القيام بحملات توعية وتثقيف لمستخدمي المياه في الري السطحي ، إذ أن هؤلاء بشكل عام يعوزهم التفهم و الإكتراث بقيمة المياه ومدى شح مواردها ، كما أن أية تغييرات مهمة في كيفية الحفاظ على المياه وحمايتها تتطلب دعم المزارعين و مشاركتهم. 

وتؤمن الدول العربية بأن برامج التوعية هي الطريقة الناجحة للوصول الى المزارعين وعامة الناس بهدف تعديل السلوك غير المرغوب فيه وتعزيز الجهود الإيجابية ، ومن خلال برامج التوعية التي تشجع الحفاظ على مورد المياه المحدود وحمايتها و التقيد بأنظمة وقوانين المياه تستطيع الحكومة تحقيق الأهداف المرجوة.

*  جدولة الري على مستوى المزرعة من خلال مشاريع ريادية ومشاهدات في حقول المزارعين ، و تعني جدولة الري معرفة الوقت المناسب و كمية المياه اللازمة للري ، وتجنب الري الغزير غير المبرر وتسرب المياه الى أعماق التربة ، لهذه العملية مزايا عديدة أهمها توفير المياه وتوفير الأسمدة وتقليل أمراض النبات الناجمة عن زيادة رطوبة التربة وزيادة الإنتاج كماً ونوعاً .

*  المساعدة بتنفيذ خطط مشاركة المزارعين في إدارة مشاريع الري ، وبتكوين جمعيات مستخدمي المياه.

 

*  إسداء النصح والإرشاد للمزارعين لزراعة محاصيل ذات استهلاك مائي قليل ومردود اقتصادي مرتفع .

*  إسداء النصح و الإرشاد حول استخدام المياه الحدية في الزراعة المروية .

*  إسداء التوعية والإرشاد فيما يتعلق بأهمية صرف المياه الزائدة من الأراضي للمحافظة على الأراضي وأهمية صيانة الشبكات القائمة و التخلص من المياه الراكدة في شبكات الري و الصرف وما له من مزايا للتخلص من الحشرات و مسببات الأمراض للإنسان.

*  القيام بأية أمور أخرى لها علاقة بموضوع الإرشاد و التوعية المائية للري السطحي والصرف.

    يوجد عدة عوائق تواجه الإرشاد المائي في القطاع العام ومن أهمها عدم توفر العدد الكافي من الكوادر البشرية المؤهلة و ذات الخبرة الغنية و الدراية في مجال الري السطحي و الصرف، وصعوبة توفر وسائل النقل  (إذ أن كل مرشد ري يتطلب تزويده بوسيلة نقل خاصة به و أجهزة و معدات ملائمة تساعده في عمله) أو محدوديتها وعدم المقدرة على متابعة التطورات التكنولوجية السريعة ، و المرشد المائي يجب أن يتحلى بأسلوب مرن للتعامل مع المزارعين و ضرورة أن يحوز على ثقتهم.

تاسعاً :  في مجال المشاركة الشعبية .

   تتم إدارة مشاريع الري في الدول العربية من قبل الأجهزة الحكومية المسؤولة عن هذا القطاع وخاصة فيما يتعلق بتشغيل وصيانة مشروع الري ( شبكات الري والصرف وملحقاتها) وتوزيع المياه على الأراضي الزراعية ، ولقد تسبب هذا النهج الى بروز العديد من المظاهر السلبية منها تهميش وعدم وجود دور للمزارعين مالكي الأراضي وحقوق المياه، بشكل عام لا يوجد للمزارعين أي دور في إدارة مشاريع الري خارج مزارعهم رغم قدرتهم على ذلك.

  الهدف الإستراتيجي من إشراك المزارعين في إدارة مشاريع الري هو توفير المياه وتقليل النفقات وإستدامة المشاريع والحصول على أقصى إنتاج زراعي ممكن من خلال تكوين جمعيات مستخدمي مياه الري وبوضع برامج قابلة للتطبيق لإشراك المزارعين في إدارة الري والصرف مثل المشاركة بوضع برامج الري وفي أعمال تشغيل و صيانة مشاريع الري وصولاً للأهداف التالية :

*  ملائمة المزارعين لأوضاع مزارعهم من خلال معرفة الموازنة المائية ومدى توفر أو شح المياه .

*  تلبية حاجات المزارعين مـن المياه للكمية المطلوبة (فقط) في الوقت المناسب.

*  تخفيض تكاليف تشغيل مشاريع الري من خلال مشاركتهم بأعمال توزيع ونشر المياه فيما بينهم.

 

*  تخفيض تكاليف صيانة مشاريع الري وتقليل العبث والاعتداءات على منشآت المشاريع كنتيجة مباشرة لشعور المزارعين  المتزايد بأن المشروع ملكاً لهم ويتوجب المحافظة التامة عليه.

*  معرفة المزارعين لنوعية مياه الري و ملائمة أوضاعهم تبعاً لذلك.

*  زيادة المعرفة العلمية الزراعية للمزارعين و إدراكهم أهمية علاقة التربة والماء و النبات.

*  زيادة كفاءة الجهاز الحكومي للتشغيل و الصيانة من خلال الشعور بالمتابعة والمسؤولية والمنافسة وبأن هذا الجهاز وقع عليه مراقبة أكثر.

*  تسوية الخلافات و المواضيع الأخرى دون تدخل الدولة ما أمكن .

*  إمكانية الربط بين مختلف الفعاليات الزراعية مثل الري والتسويق .

دور جمعيات مستخدمي مياه الري :

   في ظل توجهات برامج الإصلاح الإقتصادي المتعلقة بخصخصة بعض النشاطات و الخدمات عملاً بمبدأ مشاركة الفئات المستفيدة و مستخدمي المياه في عملية ترشيدها و إستخدامها و بما يحقق إعطاء دور لهذا القطاع الحيوي في إدارة وتشغيل و صيانة مشاريع الري و الصرف يتم إنشاء جمعيات مستخدمي المياه يوكل  إليها كل أو بعض مهام التشغيل و الصيانة .  

   جمعيات مستخدمي المياه في الزراعة المروية هي جمعيات غير حكومية من المزارعين ولها دور في الأعمال المشتركة في شبكات الري وشبكات صرف المياه الزائدة ، وفي إدارة مشاريع الري (تشغيل وصيانة ) وحماية المياه من التلوث ومنشآت المشروع من العبث ونشاطات أخرى.

إن تكوين جمعيات مستخدمي المياه يبرز أهمية حاجة مجموعة المزارعين لممارسة حقوقهم في إستخدام المياه بشكل كفؤ وتركيز جهودهم و وسائلهم للأعمال المشتركة نحو الإستفادة القصوى من مصادر المياه والمحافظة على إنتاجية أفضل لأراضيهم.

  هناك أهمية على الدور الذي ستلعبه تنظيمات مستخدمي المياه في إستغلال وتشغيل و صيانة نظام الري السطحي والصرف و رفع كفاءة إدارة المياه والترشيد والحفاظ على الموارد المائية المخصصة للزراعة المروية بالإضافة الى تقليل تكاليف التشغيل و الصيانة وبما ينعكس على إقتصاديات المزرعة .

 ولابد من التأكيد على الخصوصية القطرية فيما يتعلق بمشاركة المزارعين في إدارة مشاريع الري ضمن إطار المشاركة الشعبية في التنمية المستدامة ، وفي هذا السبيل يوصى بما يلي :

*  إيجاد الأطر القانونية والتشريعية لقيام جمعيات مستخدمي المياه ، وأهمية تضمين تلك القوانين والتشريعات نصوصاً واضحة لإعطائها صفة الشخصية الإعتبارية التي تمنحها الصلاحيات الكفيلة للقيام بمهامها.

 

*  التأكيد على ضرورة تقديم الدعم المالي والمادي الكافيين من الحكومة والمنظمات غير الحكومية الى جمعيات مستخدمي المياه خاصة في بداية أعمالها ، وتشجيعها على الوصول تدريجياً الى مرحلة التمويل الذاتي والإستقلال المالي .

*  إعداد خطة لنقل مهام إدارة تشغيل و صيانة مشروع الري الى المستفيدين تدريجياً .

*  تحديد و توزيع الأدوار و المهام بين الأجهزة الحكومية و جمعيات مستخدمي المياه وفق شروط مرجعية ضمن إطار تعاقدي يحدد الحقوق والواجبات على أن يتم تقييمه و تطويره وتعديله بصفة دورية بما يحقق المصلحة العامة .

*  إعداد فئات من المزارعين فنياً وإدارياً من خلال برامج تدريبية فنية خاصة في مجال الإدارة والتشغيل والصيانة والمحاسبة.

*  التأكيد على دور الحكومة بتقديم الحوافز لقيام و تطوير جمعيات مستخدمي المياه ، و في تأمين الدعم المؤسسي لها .

*  تشجيع وفسح المجال أمام القطاع الخاص لإنشاء ورش فنية متخصصة في اعمال صيانة الآلات و المعدات و توفير قطع الغيار و المعدات التي تتطلبها صيانة و تشغيل أنظمة الري السطحي و الصرف.

*  قيام أجهزة الإرشاد المائي بزيادة و تعميق الوعي بالقضايا المتعلقة بإستعمال المياه على أسس تطبيقية علمية وتقديم المساعدة الى جمعيات مستخدمي المياه.

*   توثيق الروابط بين مؤسسات البحث العلمي و الإرشاد المائي من ناحية وجمعيات مستخدمي المياه من ناحية أخرى لمعالجة المشاكل و المعوقات التي تواجه تحسين كفاءة الري السطحي  والصرف.

*   بناء قاعدة للمعلومات الفنية الخاصة بالري السطحي و الصرف و علاقتها بالتربة و النبات.

*   تبادل الخبرات و الزيارات الإستطلاعية بين الأقطار العربية.

برنامج تدريب المزارعين :

المزارعين هم محور و جوهر الموضوع ، و هم الذين يمارسون أسلوب الري السطحي في مزارعهم ، فالقرارات التي تتخذ على أي مستوى قيادي لا قيمة لها إذا لم يتم تطبيقها على أرض الواقع من قبل المزارعين ، من هنا يزيد الإهتمام بجمهور المزارعين والعناية بهم وتقديم أفضل الخدمات لهم فهم مواطنين منتجين ويبذلون الجهد الكبير لإنتاج الغذاء.

ومن المفيد تبني برامج قطرية لتدريب و تثقيف وتوعية المزارعين حول الأسلوب الأمثل لإدارة الـري السطحـي متضمناً أسلوب نقل وتخزين ونشر المياه في المزرعة بالإضافة الى الكمية والوقت المناسبين للري وغيرها من القضايا ذات العلاقة.

 

إن وضع حوافز مادية أو معنوية للمزارعين الذين يطبقون الأسلوب الأفضل لإدارة الري السطحي في مزارعهم  وعمل برامج تحفيزية مثل جائزة المزارع المثالي في إدارة مزرعته يعتبر من الأساليب المفيدة في توفير المياه و رفع كفاءة الري السطحي .

عاشراً :  في مجال السياسات :

  إن نصوص السياسة المائية للري السطحي و الصرف الواجب وضعها تفصل الأهداف بعيدة المدى التي ترد في الإستراتيجية ، هذه السياسة لا تشمل قضايا الزراعة المروية ،  و يجب أن تتناول بالتفصيل شؤون المياه من حيث تطوير مواردها لإستخدامها في الزراعة و إدارة هذه الموارد وضرورة نقل التكنولوجيا و قضايا نوعية المياه و كفاءة الري و إسترداد الكلفة و قضايا أخرى. ، ويجب أن تنسجم هذه السياسة مع إستراتيجية المياه وتتطابق أهدافها بعيدة المدى.

 

 
 

 يجب أن تتضمن السياسات المائية للري السطحي و الصرف بنوداً تنص على التعاون الوثيق بين الأقطار العربية في كافة مجالات التعاون و نقل الخبرات التي من شأنها زيادة كفاءة إدارة الري والصرف

 

 

 

 

أن هذه السياسات تتغير بمرور الزمن و تتغير العوامل المؤثرة فيها بينما تعبر الإستراتيجية عن الأهداف بعيدة المدى ، و من المؤمل أن تفي هذه السياسات بالغرض المستوفى منها لخمس سنوات قادمة أو يزيد و ذلك مع بعض التعديلات كلما كان ذلك ممكناً .

سياسة مياه الري تتناول شؤونها من حيث تطوير مواردها لاستخدامها في الزراعة و إدارة هذه الموارد وضرورة نقل التكنولوجيا وقضايا نوعية المياه والكفاءة واسترداد الكلفة ، ويجب أن تتضمن إعادة تخصيص حصص مياه الري ، و تغيير أسلوب التخصيص المتبع الى أسلوب يأخذ بعين الإعتبار عوامل المناخ و المحصول وعمره وخواص التربة ، بمعنى آخر  .

 

 
 

 إعادة تخصيص حصص المياه للمزرعة تبعاً للإحتياجات المائية الكلية للنبات والمساحة المزروعة وخواص التربة

 

 

 

 

وتتضمن أيضاً سياسة تحديد كميات المياه التي تسحب من الأنهار أو تضخ من الأحواض المائية الجوفية بحيث لا تتجاوز كميـة المياه المخصصة ومثل هـذا التحديد ينبغي أن يفرض في كافة الأقطار.

المجالات العامة للسياسة المائية :

وفيما يلي بعض المجالات العامة للسياسة المائية القطرية في قطاع الري والصرف مع الإدراك التام بخصوصية كل دولة عربية :

 

 

في مجال دور الزراعة المروية :

تمثل الزراعة المروية بنهج أسلوب الري السطحي في الدول العربية مهنة الأجداد حيث تمثل شبكات ومرافق الري دليلاً على ذلك ،  وتساهم في إنتاج الغذاء وتوفير فرص العمل الزراعي المباشر وغير المباشر وفي الخدمات المساندة لها، كما أنها تحسن البيئة وتساعد في الحد من التصحر.

في مجال إستدامة الزراعة المروية :

*  يجب توفير فرص إستدامة مناطق الزراعة المروية الحالية ، و يجب عدم السماح بتحويل المياه المخصصة لها إلى الإستخدامات الأخرى دون توفير مصـادر بديلة صالحـة للإستخدامات الزراعية دون قيود صحية أو كيماوية.

*  يجب أن لا يكون هناك تساهل في إستدامة الزراعة المروية إلا في حال تهديدها إستخدام المياه الجوفية فقط، و يمكن أن يكون الإستنـزاف الجائر للخزانات الجوفية سبباً يبرر هذا التساهل .

*  يجب حماية مصادر المياه من التلوث الذي يضر بنوعية المياه أو يهدد السلامة العامة والبيئة أو يعرض الصحة الحيوانية للخطر ، وفي هذا المجال يجب تبني وتشجيع طرق المكافحة الحيوية بدلاً من إستخدام المبيدات الحشرية.

*  يجب التنسيق الوثيق بين المؤسسات ذات العلاقة بمياه الري والزراعة بالبحث والتطوير بهدف تحسين كفاءة الري السطحي داخل المزارع وتعظيم الإنتاج لوحدة المساحة لكل وحدة تدفق من مياه الري.

*  يجب الأخذ بعين الإعتبار تقديم الفائض من المياه السطحية خلال فترة الشتاء للمزارعين دون مقابل من أجل غسيل التربة.

*  يجب تركيب شبكات صرف للمياه الزائدة في المناطق المروية حيث أن الصرف الطبيعي غير كافي لأداء المهمة ، ويجب التخلص من مياه الصرف بطريقة سليمة بيئياً ، ويجب إيلاء صيانة مثل هذه الشبكات عناية مماثلة للعناية التي تولى لشبكات الري.

في مجال تطوير الموارد وإستخدامها :

*  نظراً لشح المياه من مصادرها لا بد من الإستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة وفقاً لمعايير يمكن معها إعادة إستخدامها في أغراض الزراعة المطلقة .

*  يجب تعظيم إستخدام مياه الأمطار لإنتاج المحاصيل وإستخدام الري التكميلي لتعظيم الإنتاج، بما في ذلك الكثافة المحصولية.

*  يجب متابعة إستخدام المياه المالحة في الري بعناية ، ومراقبة ملوحة التربة الناجمة عن ذلك بشكل يحد من تراكم الأملاح ، بالإضافة الى إدارة الأراضي بما تستحقه من عناية بوصفها مورداً غير متجدداً .

في مجال رفع كفاءة الري :

*  سيكون تحقيق الكفاءة القصوى للري السطحي غاية دائمة، ويجب بذل أقصى الجهود لتحقيق هذه الغاية والمحافظة عليها.

*  يجب أن يتم نقل المياه عبر أقنية إسمنتية أو أنابيب لتقليل الفاقد ما أمكن .

*  يجب تحسين تشغيل وصيانة شبكات الري حسب التصميم الذي نفذت على أساسه هذه الشبكات.

*  يجب برمجة و إجراء الصيانة الدورية لمنشآت مشروع الري والصرف، ويجب توفير وتدريب الموارد البشرية اللازمة للقيام بالإدارة والصيانة الضروريتين الى أقصى قدر ممكن.

*  يجب أن يكون هناك برنامج تدريب على القيام بعمليات الري السطحي وجدولة الري هدفاً ثابتاً و دائماً.

في مجال إدارة مياه المـزرعة :

 

 
 

يجب تقديم خدمات إرشادية للـري السطحي و الصرف بدءاً من مصدر المياه وإنتهاءاً بجذر النبات.  

 

 

 

 

*  تحديد الإحتياجات المائية للمحاصيل من خلال تجارب ميدانية في مختلف المناطق مع الأخذ بعين الإعتبار نوعية المياه.

*  تشجيع المزارعين على إتباع أسلوب جدولة الري في مزارعهم لتحديد الموعد المناسب للري وكمية المياه الواجب إضافتها ومدته بما يناسب إحتياجات المحاصيل من المياه .

*  تشجيع الري الليلي و خاصة في أشهر الجفاف من أجل تقليل التبخر.

*  السعي لتدريب المزارعين على الأساليب العلمية لنقل و توزيع  ونشر المياه في الري السطحي بالإضافة الى كيفية التعامل مع أنواع وصفات الترب الزراعية .

*  إعداد برنامج متكامل لتوعية المزارعين وإجراء حملات إعلامية حول مدى توفر مياه الري وإستخدامها بشكل معقول وإقتصادي وحول الآثار المترتبة على نوعية تلك المياه.

في مجال نوعية مياه الري :

*  مراقبة نوعية مياه الري من خلال أخذ عينات من مصادر المياه و من شبكات النقل والتوزيع، و يجب تنبيه المزارعين لأي تردي في نوعية المياه ليتسنى لهم التخطيط لإستخدام المياه في ري محاصيل مناسبة.

*  عندما تكون المياه ذات النوعية الحدية (مياه الصرف الزراعي أو المياه المالحة أو المعالجة) مصدراً من مصادر مياه الري يجب توخي الحيطة والحذر إلى أقصى درجة ممكنة و تحسين نوعيتها لإستعمالها في الزراعة المطلقة ، و يمكن تحقيق ذلك بخلطها بمياه من مصادر نوعيتها أجود ، ويجب إعلام المزارعين بنوعية مياه الري ليكون إختيارهم للمحاصيل مبنياً على المعرفة والمعلومات.

*  يجب توفير خدمة فحوصات المياه والتربة للمزارعين من خلال مختبرات تنشأ لهذه الغاية في المناطـق التـي تفتقر إليها علـى أن تكـون تكاليف التحاليل فـي متناول المزارعين ، ورفد هذه المختبرات بكوادر فنية قادرة على تفسير نتائج التحليل تلك وإسداء النصح والإرشاد .

في مجال الإدارة :

*  يجب قياس كمية تدفق مياه الري عند دخولها للمزرعة وإعتماد هذه الكمية.

*  العمل على إنشاء مناطق ريادية لإختبار مدى قابلية أسلوب الإدارة المبنية على إشراك المزارعين فيها، و بموجبها يتولى المزارعون مسؤولية توزيع المياه الى مزارعهم .

*  يجب قياس كمية المياه المستخرجة من الآبار الجوفية ، و يجب مراقبة الضخ من وقت لآخر لمطابقته لشروط الإستخراج الآمن .

*  منع حفر الآبار الجوفية دون ترخيص مسبق ، و يجب التعامل مع الآبار الجوفية المحفورة دون ترخيص بالأخذ بعين الإعتبار الآثار الإجتماعية والإقتصادية و البيئية و السياسية.

في مجال تسعيرة المياه :

*  ينبغي تغطية كلفة التشغيل و الصيانة من خلال تحصيل أسعار متدرجة لوحدة تدفق المياه تبعاً لكميات وأوقات الإستخدام و نوعية المياه مع الأخذ بعين الإعتبار القضايا الإجتماعية والإقتصادية و السياسية ، ويجب إيلاء العناية اللازمة لحقوق المياه.

*  إن الزراعة تخدم المجتمع من خلال إستخدام العمالة وتوزيع السكان وتوفير الغذاء الذي لولاه  لتوجب إستيراده ، لهذا يجب أن تلقى الدعم من المجتمع على شكل إعفاءات من الضرائب مثلاً.

في مجال العلاقة مع البيئة :

*  يجب تشجيع إزالة الأعشاب غير المرغوب فيها أو إستخدام مبيدات الأعشاب الصالحة بيئياً للحد من النتح و التبخر من تلك الأعشاب مما يحقق وفراً بمياه الري ، كما يمكن تحقيق وفورات مماثلة في الأغذية التي تمتصها تلك النباتات.

*  يجب توخي العناية القصوى عند إستخدام المياه المعالجة ، إذ يجب أن تكون مقبولة  بيئياً يمكن للعاملين في الزراعة التعامل معها بشكل آمن ، و يجب أن يكون هذا المصدر  آمناً للحياة البرية و الحيوانات الأليفة في المزرعة.

 

في مجال التشريعات والترتيبات المؤسسية :

*  يجب مراجعة التشريعات و الترتيبات المؤسسية المتعلقة بتطوير و إدارة الري السطحي والصرف دورياً، وتجسير الفجوات وتحديث الترتيبات المؤسسية مع ما يوازيها من تشريع بشكل دوري.

*  يجب أن يتم تحديد دور الحكومة بشكل دقيق بهدف الوصول الى دور تنظيمي و رقابي مع مـرور الزمن ، ويجب إدخال المستفيدين و القطاع الخاص في إدارة الري السطحي ودعمـه.

*  يجب تشجيع دور القطاع الخاص في تطوير الري السطحي والصرف وجذب إستثماراته ، كما تجب العناية بمراقبة إستخدام المورد في هذا المجال والإشراف عليه .

في مجال البحث والتطوير :

*  يجب تبني و تشجيع البحوث التطبيقية في مواضيع الري السطحي والصرف بالإضافة الى إقتصاديات المياه وإدارة الموارد والإحتياجات المائية للمحاصيل وإستعمال المياه المالحة وتقنيات الري والعمليات الزراعية وتخزين الرطوبة وما شابهها.

*  يجب أن يتم تطوير التعاون مع المراكز المتخصصة داخل القطر وخارجه .

الحادي عشر : في مجال إعادة هيكلة مؤسسات قطاع الري :

إن أداء قطاع الري السطحي و الصرف شأنه شأن أي قطاع آخر ، فهو يعتمد على قوة مؤسساته، لذا فمن الحكمة دعم إعادة الهيكلية المؤسسية وتأمين مشاركة القطاع الخاص بالتشريعات الملائمة ، والتطبيق الفعال للقانون.

ولقد أصبح من الضروري إعادة تنظيم المؤسسات المائية بهدف زيادة الكفاءة وتحسين الأداء وتقديم أفضل الخدمات للمستفيدين ( المزارعين ) ، و في هذا السياق يجب أن يتم إجراء تقييم دقيق مجرد للوضع المؤسسي و مقيداته و تبني برنامج تنفيذي للإصلاح .

تتولى وزارات المياه و الري مسؤولية قطاع المياه في غالبية الدول العربية وفي بعضها إضيفت إليها مسؤولية الثروة السمكية ، و الآخر القوى الكهربائية أو مسؤولية الزراعة  وهكذا ، على أية حال فإن هناك بعضاً من الضبابية في صلاحيات الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بمياه الري و الزراعة وغيرها أو تداخلاً في تلك الصلاحيات.

إن المنظمة العربية للتنمية الزراعية توصي بإيجاد مرجعية واحدة تجمع في مسؤولياتها وهيكلها الإداري كل مسؤوليات المؤسسات المعنية بقطاع المياه والري ، خاصة فيما يتعلق بمصادر المياه وتطويرها وأولويات التوزيع المائي في الأوقات التي يشتد الطلب فيها على المياه ، بالإضافة الى تشغيل وصيانة مشاريع الري وكذلك الحاجة لوضع سياسة مائية متزنة تأخذ بعين الإعتبار تطوير كافة مصادر المياه من خلال مشاريع مائية للأغراض المختلفة بموجب خطة قطرية طويلة الأجل تحد من الازدواجية ، وكذلك وضع الاستراتيجيات والبرامج الخاصة بتنفيذ السياسة المائية التي تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الحاضرة والمستقبلية على ضوء ما تشهده الدول العربية من نمو وتطور في مختلف المجالات.

التكامل والتعاون والتنسيق بين وزارات المياه والري و الزراعة القطرية وغيرها ذات العلاقة بالمياه والزراعة هدف يجب السعي إليه منعاً للإزدواجية والضبابية والتنافس السلبي الذي يؤدي الى تراجع قطاع المياه والزراعة و الذي ينعكس سلباً على المزارعين والإقتصاد الوطني ، من هنا فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية توصي بإيجاد مجلس أعلى للمياه و الزراعة يمكن أن تسند إليه مهام عدة منها إيجاد صيغ التعاون و التنسيق والتكامل في موضوع الري و الزراعة يضم في عضويته ممثلين (من شريحة متخذي القرار) عن كافة الجهات ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بالري السطحي و الصرف و الزراعة (المروية) ، وفيما يلي مقترح و على سبيل المثال لا الحصر.

مقترح للإدارة العليا للمياه و الزراعة

 

                                     
   

رئيس لجنة المياه و الزراعة في مجلس الأمة (البرلمان)

 

ممثلين عن وزارة الزراعة

( زراعة مروية )

   

ممثلين عن وزارة المياه و الري

( ري و صرف )

 
 
   
   
   
 
 
 
   
 
   

ممثلين عن هيئة الإقراض الزراعي / مؤسسة تمويل الري

     

أحد قضاة المحكمة العليا

 

ممثلين عن الجمعيات التعاونية الزراعية

(مياه و زراعة)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ولأغراض إشراك القطاع الخاص في إدارة الري السطحي والصرف الواردة ضمن خطة الإستراتيجية والسياسات المنبثقة عنها بهدف تطوير الري السطحي والصرف وإعادة الهيكلة وخصخصة المؤسسات العامة  إن كان ذلك مجدياً من النواحي الإجتماعية و الإقتصادية ويتماشى مع القوانين المعمول بها وحسب ظروف كل قطر عربي ، ويجب أن يتم ذلك بعد إجراء الدراسات المستفيضة من كافة النواحي .

ويتوقع من مشاركة القطاع الخاص أن يحقق الأهداف المبينة البند خامساً المذكورة آنفاً وذلك من خلال ما يلي :

*  تحسين إدارة وتشغيل وصيانة مشروع الري والصرف .

*  تحسين مستوى الخدمات المقدمة الى المزارعين.

*  تحسين تغطية التكاليف .

*  تحسين الموقف إزاء الممولين والمستثمرين .

ومن الممكن إتباع أي من الأساليب التالية لمشاركة القطاع الخاص في إدارة الري السطحي والصرف :

نقل ملكية المؤسسة أو مشروع الري الى شركة والتي أعيدت هيكلتها لغرض إكمال خصخصتها من القطاع العام الى القطاع الخاص .

أ-   نقل الأسهم أو السندات المملوكة للحكومة بالبيع الكلي أو الجزئي.

ب-  نقل إدارة مشروع الري أو جزء منه من القطاع العام الى القطاع الخاص تبعاً للإتفاقيات حيث يعهد الى القطاع الخاص إدارة تشغيل و صيانة تلك المشاريع، وبهذا الأسلوب يتم إبرام عقد لإدارة شبكات مشروع الري ، أما المصادر المائية وإدارتها فتبقى بحوزة القطاع العام.

ج-  تبني أحد الخيارات التالية لتأسيس مشاريع ري إستثمارية جديدة تبعاً للإتفاقيات المبرمة لهذه الغاية بين القطاعين العام والخاص لهذه الأغراض :

د- (البناء التشغيل نقل الملكية) حيث يبني القطاع الخاص مشروع الري و يستغله ويشغله لمدة معينة ثم ينقله الى القطاع العام بعد إنتهاء تلك المدة.

*  (البناء  نقل الملكية  التشغيل) حيث يبني القطاع الخاص المشروع وينقل ملكيته الى القطاع العام بينما يحتفظ بحق إستغلاله وتشغيله لمدة معينة.

*  (البناء الملكية التشغيل) يبني القطاع الخاص المشروع ويمتلكه ويستغله ويشغله لحسابه الخاص.

*  (البناء الملكية التشغيل نقل الملكية) يبني القطاع الخاص المشروع ويمتلكه ويستغله ويشغله ومن ثم ينقل ملكيته الى القطاع العام .

د-   منح القطاع الخاص  حق بناء مشروع معين مع حق إحتكاري لإستغلاله تبعاً لترخيص أو إتفاقية موقعة مع الحكومة لهذه الغاية .

هـ-  أي أسلوب آخر تقره الحكومة .

وفي هذا المقام ومن أجل مشاركة القطاع الخاص في مجال الري السطحي والصرف فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية توصى بضرورة السير قدماً بإجراء الدراسات الفنية و الإقتصادية والإجتماعية وغيرها بهدف إشراك القطاع الخاص القطري أو العربي في الري السطحي ، والإستفادة من خبرات الدول العربية التي قطعت شوطاً في إشراك القطاع الخاص في الفعاليات الإقتصادية .

4-7  أساليب إستقطاب التمويل اللازم لتنفيذ البرامج القطرية و المتطلبات القومية المشتركة من الإستراتيجية :

إن خيارات زيادة التزويد المائي محدودة ، وتكاليف التطوير تتنامى ، وتشمل هذه الخيارات (المشاريع المستقبلية) إعادة تأهيل مشاريع الري ورفع كفاءة شبكات التزويد من خلال تحسين الكفاءة والإنتاجية والقدرة التنافسية و تطبيق أحدث مفاهيم الإدارة والأدوات والتقنيات ، و يتطلب تطوير وتنفيذ الخيارات في المستقبل إستثمارات ضخمة من القطاعين العام و الخاص ، و لا بد أن تحظى عملية وضع أولويات الإستثمار بأهمية متزايدة وتطوير معايير لأولويات الإستثمار .

لقد إستثمر القطاع العام في الدول العربية منذ فترة طويلة جداً في مشاريع الري ، وقد شكلت إستثمارات قطاع المياه جزءاً كبيراً من ديون بعض الدول العربية الخارجية ، وعلى الرغم من إستمرار إستثمار القطاع العام ، إلا أن إستثمارات القطاع الخاص ستكون منشودة ، ويتوجب خلق المناخ المناسب لجذب القطاع الخاص للإستثمار ضمن الأولويات التي تحددها جهات قطاع الري السطحي حيثما كان ذلك ممكناً .

وفي هذا المجال من الضروري إفساح المجال أمام القطاع الخاص للإستثمار في رفع كفاءة الري السطحي و في زيادة فعالية نظام صرف المياه الزائدة و ذلك من خلال إيجاد التشريع المناسب لجذب الإستثمار و ضمان الحكومة للعوائد الإقتصادية حيث يفضل توجيه الإستثمارات نحو ما ذكر في البند 4-2 سابقاً .

ومن ناحية أخرى يجب عدم إغفال فسح المجال أمام المزارعين (المستفيدين) أنفسهم للإستثمار في مجال الري السطحي و الصرف، إذ لا بد من وجود شريحة منهم تستطيع الإستثمار في هذا المجال، و إذا توفر ذلك فيجب إعطائهم الأولوية .

أن توجه الإستثمارات في الري السطحي و الري تكون كالتالي :

4-7-1  الإستثمار في رفع كفاءة القنوات الناقلة للمياه من المصدر الى المزرعة :

بهدف بتقليل تسرب ورشح المياه الى أعماق التربة و تقليل نمو الأعشاب حيث تستهلك كميات كبيرة من المياه وتقليل التبخر من تلك القنوات ، ويمكن رفع كفاءة القنوات الناقلة كما يلي:

*  إستبدال القنوات المفتوحة بأنابيب مفتوحة أو مغلقة من المصدر إلى المزرعة.

*  إعادة تأهيل قنوات الري الناقلة الإسمنتية بإصلاح عيوبها وكسورها وإزالة الترسبات والأعشاب وتعديل ميلها إذا لزم الأمر، و تغليف القنوات الترابية بواسطة مواد غير منفذة مثل الإسمنت (الباطون) أو الإسفلت أو البلاستيك لمنع تسرب و رشح المياه في التربة.         

*  تقليل المساحة السطحية للقنوات بهدف تقليل التبخر من سطوحها ما أمكن وذلك بتعميقها وتعديل ميلها لتفي بالغرض من ذلك.

4-7-2  الإستثمار في رفع كفاءة الري السطحي الحقلي :

يمكن رفع كفاءة الري الحقلي كما يلي :

*  القيام بأعمال التسوية  Leveling  اللازمة للأراضي لضمان التوزيع المتساوي للمياه وتجنب غدق المياه على بعض أجزاء الحقل و قلة المياه على الجزء الآخر. 

*  تقديم القروض الميسرة للمزارعين التي من شأنها تحسين شبكة الري السطحي ونقل وتخزين المياه داخل المزرعة. 

4-7-3 الإستثمار في إنشاء و إعادة تأهيل مصارف المياه الزائدة المغطاة أو المفتوحة:

والتي يمكن أن توجه إلى ما يلي :

*  إنشاء و تنفيذ مصارف مياه مفتوحة أو مغطاة للأراضي التي تعاني مشاكل ملوحة و إرتفاع منسوب مياه ولم ينفذ فيها مصارف مـن قبل حسب الأولويات الإقتصادية والإجتماعية والبيئية.

*  صيانة الشبكات الحالية لصرف المياه الزائدة من الأراضي و مخارجها و تسليكها لتحسين أدائها .

4-7-4  تمويل سبل مشاريع الري السطحي والصرف :

إن الدعوة إلى تحسين أسلوب الري السطحي على مستوى المزرعة يتطلب تمويلاً و قروضاً سهلة و ميسرة و طويلة الأمد تقدم الى المزارعين من خلال المؤسسات المصرفية الزراعية أو مؤسسة إقراض المزارعين لتحسين إدارة الري السطحي ،  بحيث يتم تمويل تنفيذ برنامج لتحسين إدارة الري السطحي داخل المزرعة كما ذكر سابقاً مثل عمل التسوية LEVELING  اللازمة للمزرعة بواسطة آليات يتم إستئجارها لهذه الغاية ، وتمويل شراء بعض المستلزمات مثل أنابيب نقل المياه أو رقائق البلاستيك لتغليف الأقنية وغيرها.

توجد في عدد من الأقطار العربية مصارف متخصصة للقطاع الزراعي ، و هذه تطبق سياسة إئتمانية خاصة بها تختلف عن السياسة الإئتمانية التي تحكم المصارف التجارية ، تقدم هذه المصارف قروض ميسرة للقطاع الزراعي مع إعطاء فترة سماح وفق أقساط مريحة، وفي أقطار أخرى تضع ضوابط معينة للإقراض ، وغيرها تقوم بفرض سياسة إئتمانية لجميع المصارف المتخصصة والتجارية. يقترح بأن تسعى هذه الأقطار لتبني سياسة إئتمانية جديدة للقطاع الزراعي ليتسنى للمزارعين الحصول على القروض الميسرة وفق أقساط مريحة .

ويمكن التمويل الجماعي لتجمعات و تعاونيات المزارعين وجمعيات مستخدمي المياه من أجل تحسين الري السطحي مثل عمل تسوية جماعية للأراضي أو إعادة تأهيل أو تبطين قنوات نقل المياه بواسطة الإسمنت أو الأنابيب التي تخدم مجموعة مزارعين أو غير ذلك من أساليب من شأنها تحسين الري السطحي.

من ناحية أخرى ومن أجل المحافظة على المياه والأرض العربية كأحد أهم الموارد الطبيعية حيث لا يخفى على أحد الأهمية القصوى لهذه الموارد ، فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية تثمن وقفة الصناديق وجهات التمويل العربية وتدعوها إلى المزيد من تقديم المنح المالية المجزية و الإستثمار وتقديم القروض المالية الميسرة الى الأقطار العربية التي بحاجة لهذه الأموال لتطوير وتحسين الري السطحي والصرف ، ذلك لأن هناك متطلبات قومية مشتركة لحسن إستخدام والحفاظ على المياه العربية وديمومة عطاء وإنتاج الأرض العربية ، وعدم فسح المجال أمام الصناديق الأجنبية لتمويل والإستثمار في الري السطحي والصرف بسبب الشروط التي تضعها تلك الصناديق على الدول العربية.

إن أمر الأرض والمياه العربية والإنسان العربي هي مسؤولية قومية مشتركة لجميع الأقطار العربية تتطلب من الجميع التوجه نحو تحسين أداء الري السطحي والصرف و الإستفادة القصوى من المياه المتاحة للحصول على أقصى إنتاج زراعي ممكن يمهد لحياة كريمة لمواطنيه .  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجــع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

 

1-  الأشرم ، محمود (2001) – اقتصاديات المياه في الوطن العربي والعالم، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، آب /أغسطس 2001 .

2-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة السياسات العامة لاستخدام موارد المياه في الزراعة، 1994 .

3-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة تعزيز دور تنظيمات مستخدمي المياه في الزراعة العربية ، 1999 .

4-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة أساليب وسياسات استرداد تكلفة إتاحة مياه الري في الدول العربية ، 1999 .

5-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة تعزيز استخدام الري الآلي لتحسين كفاءة الري الحقلي في الدول العربية ، 2001 .

6- عمر العوض – موقف تطوير الري السطحي والصرف في السودان .

7 -  المويلحي، نبيل (2002) – موقف تطوير الري السطحي والصرف في جمهورية مصر العربية.

8- البعثة الإقليمية للماء والزراعة (2000) MREA – السفارة الفرنسية في الأردن ، عمان : أهمية المياه المستخدمة للزراعة في الشرق الأوسط : جهود للمساعدة التقنية الفرنسية في المنطقة، مجلة أخبار علمية، آب 2000  .

9-  سدر ، نايف سعد (2002) – دراسة حول تطور الري السطحي والصرف الجوفي في المملكة الأردنية الهاشمية .

10-  سفر ، طلعت أحمد (2002) – تقرير علمي قطري حول تقويم أداء طرق الري السطحي والصرف في مشروع مسكنة غرب ) 50000 هكتار) في الجمهورية العربية السورية : سبل تطوير طرق الري السطحي والصرف ورفع كفاءة الري وتقليل الفواقد المائية وزيادة العوائد وتحسين الاقتصاديات .

11-  سليمان ، عامر داود (2002) – تقرير عن تطوير الري السطحي والصرف في جمهورية العراق .

12-  محمد ، كسيرة (2002) – حالة تطوير الري السطحي في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .

13-  مومن ، محمد (2002) – تطوير الري السطحي والصرف في المملكة المغربية .

14-  أسعد الكنج 1996 الصرف والاستصلاح الزراعي .

15-  محمد حسن عامر 1996 تاريخ الصرف الزراعي في مصر .

16- FAO (1995) – Irrigation in Africa in Figures, Water Reports (7), Rome (1995) .

17- MARTIN Gilles (1997) – Irrigation Tensiométrique (Jordanie), Rev. Nouvelles Scientifiques (CEDUST) – Jullit 1997 .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الملخص الانجليزي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

The Methods for the Promotion of

Surface Irrigation and  Drainage

in the Arab Countries

 

Summary

 

This study is one of AOAD’s activities in its working plan of year 2002, as part of its programme in the field of natural resources and environment.

The main target of this study is to promote activities in the Arab countries aiming to achieve rational efficient use of water, and reduction of the extent of surface irrigation which represent one of main constraints facing Arab water resources.

Surface irrigation is used in about 85% of irrigated areas in the Arab countries.  Most of it has been established long time ago when surface irrigation was the main prevailing irrigation method,  while  some schemes have been established more recently because of its low cost compared to other modern irrigation systems.

Low water use efficiency is one of the main features of surface irrigation.  It was estimated in previous AOAD’s studies that total annual water losses by  surface irrigation in the Arab countries amount to about 91 billion cubic meters.  In addition to that most of  irrigated land in the Arab countries faces drainage problems.

For these reasons, the general trend in Arab countries is towards modern irrigation systems.  But there are financial, social and technical problems in converting all existing surface irrigation to the modern irrigation systems, due to its large extent and due to the farmers limited financial and technical ability to deal with these modern systems.

It is obvious that the best option is the promotion and modernization of these traditional surface irrigation and drainage systems.

 

Accordingly, there is a real need for such study to explore all possible means and methods to promote the existing traditional surface irrigation methods and improve their water use efficiency.

The specific objectives of the study are :

- Evaluation of prevailing surface irrigation methods in the Arab countries.

- Establishing a data base about surface irrigation and  drainage   in Arab countries.

- Identifying methods for promoting Arab surface irrigation and drainage.

- Exchange of knowledge and experiences among the Arab countries regarding surface irrigation and drainage.

-  Fostering common Arab work in this field.

To enrich the study through fresh up todate information, AOAD has identified the following seven Arab countries of known experiences in surface irrigation :  Jordan, Algeria, Sudan, Syria, Iraq, Egypt and Morocco.

Experienced, qualified local experts were selected by AOAD to prepare country  case studies about surface irrigation in each of these countries.

An Arab study team was entrusted with preparing this regional study on the issue.

This study is composed of four chapters, chapter one explained the water resources and specially rainfall in the Arab countries and the ability to sustain rainfed agriculture.  The total annual volume of rainfall in the Arab area is about 2782  milliards cubic meter,  but only 18% of the Arab land receives more than 300 mm annual rain, and as such able to sustain rainfed cultivation.  For that reason irrigation became inevitable in the most of the Arab countries for the production of food and fiber crops and for general economy of the countries.

The relative importance of irrigation in the Arab countries ranges from 100% as in Djibouti, where there is no rainfed agriculture to 4.7% in Somalia where rainfed agriculture  previous.  The relative importance of irrigated is about 22% for the Arab countries in general.  The total cultivated area in the Arab countries is about 68.6 million hectares out of which 15 million hectares are irrigated

It is evident that irrigation has very high relative importance in most of the Arab countries as it has high crop yield compared with rainfed cultivation.

Chapter one also explained the different methods of surface irrigation being used in the Arab countries which include :

-  Flood irrigation.

-   Furrow irrigation.

-  Basin irrigation.

-  Border irrigation .

The chapter identified the advantages and dis-advantages of surface irrigation.  The advantages include, low investment costs, long rich experienced gained in the area, high labour need solving some of the employment problems, easiness to modification and promotion, suitability for all crop production, and simple management.

The disadvantages of surface irrigation include, low water use efficiency, need for leveling of land, use of substantial part of the land for canalization and small dikes, its creation of negative environmental condition in the area.

The main rational behind the promotion of these system is the high percentage of agricultural water use with low efficiency.  The constraints facing such promotion include, lack of adequate extension specially regarding awarness about the water situation, the unability of farmers to cope with any major changes in the system, inadequate education and research, and the many various government agencies concerned with such activity of promotion.

Technical constraints include, lack of adequate data and proper technological know-how.  Economic coustraints include, low returns from surface irrigation projects, small land holdings, high cost of promotion, and lack of development funds.

Chapter one also explained the relative high importance of promoting and drainage in order to increase productivity per unit of land, and water.   Drainage has dual advantage, getting ride of excess water and providing additional water for irrigation when drained water is reused for irrigation.

Chapter one also identified the different drainage systems used in the Arab countries. It include, surface drainage, subsoil drainage, ground water drainage (Shagouli).

The constraints facing the promotion of drainage system in the Arab countries are the same  as that facing surface irrigation.

Chapter two explained the general methods for the promotion of the surface irrigation and drainage.  The main themes of promotion are economy and efficiency.

Technical promotion in the conveyance stage include, use of pipe canalization, compaction of canal banks, use of modern efficient means for canal desalting and weeding, use of modern  communication system, use of automation where possible specially through control of demand rather than supply, control of  discharge through automation of pumping and use of remote control.

On farm stage promotion may include, use of long furrow, wide border system, surge discharge.

Promotion could also be through improving management, specially integrated water management,

Promotion through policies and legislation include, water cost recovery and policies for better use of water.

Promotion may also be through social approach.  Extension and awareness programme may be very effective methods of promotion. This could be achieved through the advanced method of training, and cultural programmes.

 

Chapter three included the experience of the promotion of surface irrigation and drainage in some Arab countries.  It included Jordan, Algeria, Sudan, Syria, Iraq, Morocco.

These are the Arab countries with large experience on surface irrigation and drainage.

The chapter also included the French experience in the Middle East regarding the promotion of surface irrigation.  It covered Jordan, Syria and Palestine.

Some other experiences from Spain, Hungery Romania were also included.

Chapter four explored the Arab vision of the possible promotion of surface irrigation.  The main base lines of an Arab strategy for promotion were identified which can be briefed in the following points :

-  There is a real need for the promotion of surface irrigation and drainage.

- Modern irrigation methods must be used in any new irrigation development

- Each Arab country must have its own country strategy.  These strategies may form comprehensive Arab strategy.

-  Country policies must confirm the need for Arab cooperation on the issue and the share of Arab experience in all agricultural issues.

-  Irrigation water must be based on actual crop needs and according to climate and  soil.

-   Extension and public awareness is most needed.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الملخص الفرنسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Etude des méthodes de développement de

lirrigation gravitaire et du drainage

dans les pays arabes

 

 

Résumé

 

 

L’étude des méthodes de développement de l’irrigation gravitaire et du drainage constitue une des activités de l’Organisation Arabe pour le Développement Agricole, inscrite dans le cadre de son plan d’action pour l’année 2002 dans le domaine des ressources naturelles et de l’environnement. L’objectif de cette étude reste la mise en évidence des enjeux de l’agriculture arabe où l’utilisation à une vaste échelle de l’irrigation gravitaire y est prépondérante, et constitue un grand défi  pour ce secteur important pour l’économie arabe.

Le système d’irrigation gravitaire s’étend sur près de 85%  des terres irriguées dans le monde arabe, et la création des projets d’irrigation gravitaire remonte à plusieurs années dans le temps, tout comme certains projets qui ont été réalisés récemment à cause des coûts d’investissement relativement bas comparativement aux systèmes modernes d’irrigation.

Les méthodes d’irrigation traditionnelles  se caractérisent par une faible efficience d’utilisation des eaux, et par conséquent, des pertes énormes, évaluées dans des études précédentes à près de 91 milliards de mètres cube par an à l’échelle des pays arabes. D’autre part, la plupart des terres irriguées par ce système connaissent des problèmes de drainage agricole, ce qui réduit leur productivité.

Pour contrecarrer cette problématique, les pays arabes se sont orientés beaucoup plus vers les techniques modernes d’irrigation, caractérisées par une efficience d’utilisation des eaux plus élevée, mais certaines difficultés d’ordre financier, technique ou social empêchent ce changement en égard à l’étendue de la superficie, au morcellement des terres et le niveau de conscientisation de l’agriculteur qui reste réticent aux techniques modernes. De ce fait, le choix inévitable, à moyen et même à long terme consiste à élever l’efficience de ces systèmes traditionnels à travers leur développement et leur amélioration.

L’importance de cette étude réside dans la mise en évidence des possibilités de développement de ces méthodes traditionnelles vers une meilleure rationalité d’utilisation des eaux –sources très rares dans la région arabe- conduisant à une meilleure rentabilité des projets. C’est la raison pour laquelle l’OADA a jugé utile d’inclure dans son programme d’action 2002 cette étude prospective sur les méthodes de développement de l’irrigation gravitaire et du drainage dans les pays arabes. Les objectifs assignés à cette étude sont les suivants :

* Evaluation des méthodes d’irrigation et de drainage existantes dans la région arabe.

* Création d’une base de données récente et précise sur l’irrigation gravitaire et le drainage dans les Pays arabes.

* Détermination des méthodes et des domaines de développement de l’irrigation gravitaire et du Drainage.

* Diffusion des connaissances, des expertises et des expériences arabes et internationales réussies dans le domaine de développement de ces techniques.

* Renforcement de la coopération et de la coordination arabes dans ce domaine.

Pour étoffer l’étude par des données et des programmes récents, l’OADA a choisi sept pays ayant une expérience prouvée dans le domaine de l’irrigation gravitaire et du drainage (Jordanie, Algérie, Soudan, Syrie, Irak, Egypte et Maroc) et a confié les études de cas à des experts locaux et qui ont constitué la base de cette étude prospective régionale.

Constituée de quatre chapitres dont le premier met en évidence l’importance qui devrait être accordée au développement de l’irrigation gravitaire et du drainage. Il est évident que dans la région arabe, les  précipitations météoriques connaissent des nuances très marquées et une variabilité très importante d’une saison à une autre. Le volume des quantités précipitées est de l’ordre de 2283 milliards de mètres cube par an en moyenne, alors que la superficie agricole utile conduite en pluvial ne dépasse pas les 18% de l’ensemble de la superficie totale, et c’est cette tranche, qui reçoit plus de 300mm par an, et qui assure la perrénité de l’agriculture pluviale, et constitue, en même temps, les zones essentielles de production d’aliments pour les pays arabes. Le chapitre a développé également l’importance relative de l’agriculture irriguée dans le monde arabe, et a mis en relief les grandes nuances sur cet aspect (100 %  d’agriculture irriguée à Djibouti  et près de 4.7%  uniquement en Somalie). En termes de chiffres, la part de l’importance relative de l’agriculture irriguée dans le monde arabe est de l’ordre de 22%, car la superficie agricole utile représente environ 69 millions d’hectares dont 15 millions d’hectares en irrigué.

Le chapitre a relaté les modes courants d’irrigation gravitaire dans les pays arabes et a défini le système gravitaire comme étant la submersion totale ou partielle  des sols pour satisfaire les besoins en eau des plantes. Les différents modes les plus répandus dans le monde arabe sont lq submersion par les eaux des crues, tel est le cas de l’Egypte, l’Irak et le Soudan ; l’irrigation par bassins, par sillons et par infiltration à la raie.

Le chapitre a relaté les avantages de l’irrigation gravitaire et qui peuvent se résumer au coût très réduit d’investissement, l’expérience et les connaissances héritées depuis très longtemps, mais surtout, la facilité de modification, de développement et de gestion et sa convenance particulière à toutes les spéculations. Les inconvénients du système d’irrigation gravitaire concernent, tout particulièrement, la faiblesse de l’efficience d’utilisation des eaux d’irrigation, mais aussi la nécessité de planage des terres ainsi que les pertes de terres à travers les canaux d’irrigation et de drainage, tout comme la création d’un de environnement propice aux maladies.

Après avoir défini les justifications et la nécessité de développer ce système, eu égard à son extension sur la plupart des terres irriguées et sa faible efficience d’utilisation des eaux, le chapitre a mis en évidence les contraintes qui empêchent ce développement et qui concernent, tout particulièrement la faiblesse des activités de vulgarisation et de sensibilisation, l’incapacité de l’agriculteur arabe à assimiler l’évolution vers d’autres systèmes plus performants, l’absence de recherche ainsi que la multitude d’instances ayant en charge la responsabilité de développer l’irrigation dans les pays arabes. Les contraintes d’ordre technique se rapportent essentiellement à l’absence de programmes de développement de ce système basés sur des recherches opérationnelles afin d’adapter les meilleurs modes possibles, ainsi que le manque de données et d’informations sur toutes les formes de pertes et leurs causes. Les contraintes économiques se résument, en premier lieu, à la baisse du coût de la mise à la disposition de l’agriculteur des eaux d’irrigation, et la plupart des pays arabes soutiennent ce coût, en plus du morcellement des terres et l’absence de financement pour les programmes de développement.

D’autre part, le chapitre a mis en relief la double importance du drainage agricole traduite essentiellement par l’élimination des eaux excédentaires et nuisibles pour les plantes, mais aussi la possibilité de les utiliser selon des normes connues ou préalablement établis. Les méthodes de drainage en usage dans le monde arabe englobent le drainage par fossés ouverts, le drainage enterré, alors que le drainage vertical ayant pour principe le pompage des eaux à partir d’un réseau de puits pour rabaisser le niveau de la nappe au niveau voulu n’est pas très répandu dans les pays arabes. Les contraintes au développement du drainage agricole sont similaires à celles énoncées précédemment pour le développement de l’irrigation gravitaire.

Le deuxième chapitre disserte sur les possibilités de développement de l’irrigation gravitaire et du drainage d’une manière générale, et qui ne peut y aboutir sans le lien inéluctable entre le critère  économique et l’importance de réduire la demande sur l’eau en augmentant l’efficience d’utilisation. L’itinéraire technique de développement englobe la phase de transport et de distribution des eaux, où dans la plupart des pays arabes la pratique de l’irrigation gravitaire par canaux à ciel ouvert est la plus répandue et qui est la plus déficiente. L’utilisation des tuyaux pour assurer le transport de l’eau est la première phase de développement, tout comme le compactage des cavaliers et l’utilisation de moyens plus adéquats pour l’entretien et la maintenance des canaux. Le contrôle du réseau de transport et de distribution est un des éléments essentiels de développement des techniques d’irrigation gravitaire, en utilisant les systèmes de communication modernes ou des mécanismes de commande selon l’offre et non selon la demande comme c’est dans la plupart des cas à l’heure actuelle. Il y a également les systèmes de commande automatique qui contrôle le débit des pompes selon la demande à l’aide du contrôle à distance par les moyens de télécommunication modernes.

Au niveau de l’irrigation à la parcelle, les possibilités de développement peuvent inclure la diminution du niveau de submersion en utilisant les systèmes d’irrigation par infiltration par sillons ou à la raie avec un pilotage des irrigations basé sur les fréquences des arrosages et l’utilisation des débits discontinus. Le développement sur le plan administratif et institutionnel englobe le concept de gestion d’une manière générale avec comme composantes la gestion intégrée des eaux, l’approche participative et globale. Les aspects juridiques, législatifs et politiques nécessaires pour le développement de l’irrigation gravitaire et le drainage consistent à mettre en évidence une tarification appropriée pour les eaux, en plus des politiques de rationalisation de l’usage des eaux d’irrigation. Sur le plan de la vulgarisation et de la sensibilisation, le facteur humain est un des paramètres les plus importants pour la valorisation et la rationalisation des eaux. Il y a absolument nécessité de sensibiliser l’agriculteur à la rareté de la ressource et les problème q’elle rencontre, et comment les surmonter en élevant l’efficience d’usage, à travers des cycles de formation et des programmes éducatifs et culturels.

Le troisième chapitre relate les expériences des pays arabes dans le domaine du développement de l’irrigation gravitaire et du drainage, notamment le Maroc, le Soudan l’Egypte, l’Algérie, la Jordanie la Syrie et l’Irak, pays qui ont un poids relativement élevé dans le domaine. Les modèles de développement de ces pays ont été développés, tout comme les problèmes et les contraintes rencontrés et qui sont similaires, et concernent, tout particulièrement, le manque de recherche, l’absence ou l’inadaptation des lois et règlements régissant l’usage de l’eau, la multitude d’institutions publiques oeuvrant dans le domaine du développement, la faiblesse des circuits de perfectionnement et la promotion des cadres techniques, le morcellement des terres agricoles et bien entendu la régression des revenus agricoles d’une manière générale. Le chapitre met en relief également l’expérience française dans le Moyen Orient durant la période 1990-1999, et qui a porté essentiellement sur le renforcement du contrôle de la gestion de l’eau d’irrigation, le recueil et l’analyse des données, l’amélioration du niveau de coopération sous régional dans ce domaine, l’augmentation du prix de l’eau, la promotion de l’usage des eaux non conventionnelles (eaux usées et eaux de drainage) tout en assurant des programmes de financement et d’investissement. L’expérience française a été testée  en Jordanie, en  Syrie et dans le Secteur de Ghaza en Palestine. Certaines expériences internationales ont été également développées, notamment celles de l’Espagne, la Hongrie et la Roumanie.

Enfin, le quatrième chapitre développe les principaux caractères d’une vision pour développer l’irrigation gravitaire et le drainage agricole. Les principaux axes d’intervention de cette vision arabe commune se résument à la promotion des ressources en eau et leur gestion, les lois et les règlements des eaux, les systèmes institutionnels, la sensibilisation, la participation de plus en plus dynamique du secteur privé, le financement et l’investissement, la recherche scientifique la participation active des bénéficiaires à toutes les phases du projet, particulièrement la maintenance et le fonctionnement,et enfin l’élévation de l’efficience de l’usage.

Le chapitre a conclu par certaines recommandations qui sont les suivantes :

* Il y a des obligations économiques, sociales, environnementales et urgentes pour développer l’irrigation gravitaire et le drainage dans les pays arabes.

*  Lors de l’étude, de la planification et l’exécution des projets d’irrigation modernes, il est nécessaire de limiter l’extension des projets d’irrigation gravitaire traditionnelle.

* Il est primordial pour chaque pays arabe de mettre en œuvre une stratégie intégrée, claire et exécutable pour les secteur de l’irrigation et le drainage, et qui peut, dans une certaine mesure, constituer un noyau pour une stratégie arabe globale.

* Les politiques des eaux, de l’irrigation gravitaire et du drainage doivent inclure des orientations insistant sur la coopération étroite entre les pays arabes et l’échange des expertises pour promouvoir l’efficience de gestion de l’irrigation gravitaire et du drainage.

* Il est impératif d’allouer les eaux d’irrigation selon les besoins réels des plantes en conformité avec le climat, la superficie irriguée et les caractéristiques physico-chimiques du sol.

* Il est utile d’assurer un service de vulgarisation performant sur l’irrigation gravitaire.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فريق الدراسـة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فريق الدراسة

 

 

 

 

أ- خبراء المنظمة :

مشرفاً

-  الدكتور عبد الوهاب بلوم

مدير إدارة الموارد الطبيعية والبيئة

المنظمة العربية للتنمية الزراعية

رئيساً

-  المهندس عصام مصطفى

خبير بإدارة الموارد الطبيعية والبيئة

المنظمة العربية للتنمية الزراعية

عضواً

-  الدكتور المصطفى الضرفاوي

خبير بإدارة الموارد الطبيعية والبيئة

المنظمة العربية للتنمية الزراعية

عضواً

-  المهندس خليل عبد الحميد سليمان أبو عفيفة

مساعد خبير بإدارة الموارد الطبيعية والبيئة

المنظمة العربية للتنمية الزراعية

 

 

 

ب- خبراء من خارج المنظمة :

عضواً

-  الدكتور طلعت سفر

جامعة حلب

الجمهورية العربية السورية

عضواً

-  المهندس نايف سعد سدر

سلطة وادي الأردن

المملكة الأردنية الهاشمية

 

 

 

 

تقـديم

 

 

إن ما تمثله الموارد المائية من أهمية محورية للزراعة العربية ، وبخاصة على ضوء الندرة النسبية لهذه الموارد ، إنما يدعو إلى توجيه الاهتمام المناسب للتحليل والدراسة والبحث في كافة القضايا والجوانب التي من شأنها أن تساهم في تنمية وصيانة تلك الموارد ، وتحقيق أقصى مستويات  ممكنة  من الترشيد وكفاءة الاستخدام .

         إن من أعظم التحديات التي تواجه المنطقة العربية هو وقوعها في أكثر مناطق العالم جفافاً،  مما أدى إلى تدني مصادرها المائية ، فبكل المقاييس العالمية تعتبر المنطقة العربية الأقل نصيباً من المياه . من جهة أخرى فإن هذا المناخ قد فرض واقعاً حتمياً يتمثل في تدني نسبة الأراضي التي يمكن استزراعها بالأمطار ، وبالرغم من أن جملة هطول الأمطار على المنطقة العربية تقدر بحوالي 2282 مليار متر مكعب سنوياً إلا أن 18% فقط من الأراضي العربية والتي تزيد فيها معدلات الهطول عن 300 ملم هى المؤهلة لزراعات مطرية ، مما يعني حتمية الري بباقي الأراضي لضمان زراعة مستقرة.

        لقد قامت المنظمة العربية للتنمية الزراعية خلال السنوات الماضية بدراسات وأنشطة مختلفة  في مجال حسن وترشيد استخدام المياه في الزراعة المروية شملت تعزيز استخدام طرق الري الحديثة وتطوير الري الحقلي واستخدام الرصد الجوي الزراعي في رفع كفاءة الاستخدام . 

         من خلال هذه الدراسة  تواصل المنظمة جهودها في هذا المجال بتسليط الضوء على موقف الري السطحي والصرف بالدول العربية ، حيث أن ما نسبته 85% من الأراضي المروية تستخدم هذا النظام الذي يتسم بتدني كفاءته ، وقد أوضحت الدراسات السابقة للمنظمة بأن كفاءة الري السطحي الكلية بالدول العربية هى أقل من 40% مما يعني فواقد مائية سنوية تقدر بحوالي 91 مليار متر مكعب.

         إن معظم مشاريع الري القائمة حالياً في الوطن العربي قد شيدت في حقبة زمنية لم يتم فيها التقدير المناسب لندرة المياه ، كما أن هذه المشاريع لم تشهد التطور والتحديث وإعادة التأهيل اللازمة لمواكبة التقنيات الحديثة ومواجهة ما يكتنفها من تحديات ومشاكل ومعوقات بسبب ندرة المياه .

ولهذه الأسباب مجتمعة فقد برز اتجاه قوي في الدول العربية  بتحويل الري السطحي إلى ري حديث ، إلا أنه نسبة لإتساع هـذا الاسلوب وارتفـاع تكلفة التمويل وتفتت مساحات الحيازات الزراعية فقـد تكـون هناك صعوبات فنية واقتصادية واجتماعية للقيام بالتحويل الكامل من  نظام  الري السطحي إلى طرق الري  الحديثة ، لهذا فقد ارتأت المنظمة العربية للتنمية الزراعية أن تقوم بإعداد دراسة سبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية .

أوضحت الدراسة أن هناك امكانيات حقيقية ومتاحة للتطوير ورفع كفاءة استخدام المياه بإدخال الأساليب الحديثة والمتطورة في نقل وتوزيع المياه ورصد ومتابعة والتحكم في عمليات الري الحقلي ، إضافة إلى إمكانية أتمتة جوانب عديدة من شبكة الري والصرف .

لقد إستعانت المنظمة في إعداد هذه الدراسة بنخبة من الخبراء العرب المتميزين منهم من كلف بإعداد دراسات حالات الري لبعض الدول ومنهم من أنيطت بهم إعداد هذه الدراسة الشاملة .

والمنظمة تقدر وتشيد بهذه الجهود العربية لخدمة قضية عربية ملحة ، وترجو أن تكون هذه الدراسة مساهمة منها في مجال تطوير هذا القطاع الهام في الدول العربية .

 

والله الموفق .

 

 

                                                                               الدكتور سالم اللوزي

                                                                                     المدير العام

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحتـويات

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحتويات

 

                                                                                      رقم الصفحة

تقديم

1

المحتويات

4

ملخص الدراسة

7

 

 

الباب الأول  :  الأهمية النسبية لتطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية :

 

13

1-1  الأهمية النسبية للري في الدول العربية

13

1-2  الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية

15

1-3  أساليب الري السطحي المستخدمة في الدول العربية

15

1-4  ضرورة ومبررات تطوير الري السطحي في الدول العربية

25

1-5  المعوقات والمشاكل الرئيسية التي تواجه تحسين كفاءة الري السطحي في الدول العربية

 

28

1-6  الأهمية النسبية للصرف الزراعي

31

1-7  أساليب الصرف الزراعي السائدة في الدول العربية

32

1-8  ضرورة ومبررات الصرف الزراعي

33

1-9  أهمية تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية

38

1-10 المعوقات والمشاكل التي تواجه تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية

38

 

 

الباب الثاني :  مجالات تطوير الري السطحي والصرف :

41

2-1  تمهيد

41

2-2  المجال التقني

41

2-3  المجال الإداري والمؤسسي

48

2-4  المجال القانوني والتشريعي والسياسات

51

2-5  المجال الاجتماعي والارشادي والتوعية

62

 

 

الباب الثالث :  التجارب العربية والعالمية في مجال تطوير الري السطحي والصرف :

 

65

3-1  مقدمة

65

3-2  التجارب العربية في تطوير الري السطحي والصرف

65

3-3  التجارب العالمية في تطوير الري السطحي والصرف

94

3-4  التحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف بصفة عامة وسبل تخطيها

100

 

 

الباب الرابع : الرؤية العربية المستقبلية لتطوير الري السطحي والصرف :

111

4-1  خلفية

111

4-2  أهمية الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف

112

 

 

 

4-3  أهداف استراتيجية تطوير وتحسين اداء الري السطحي والصرف في الدول العربية

 

113

4-4  محاور الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف

114

4-5  الموجهات والخطوط العريضة للرؤية العربية لاستراتيجية تطوير الري السطحي والصرف

 

115

4-6  مكونات الاستراتيجية العربية المقترحة لتطوير الري السطحي والصرف

116

4-7  أساليب استقطاب التمويل اللازم لتنفيذ البرامج القطرية والمتطلبات القومية المشتركة من الاستراتيجية

 

132

 

 

المراجع

136

الملخص الانجليزي

139

الملخص الفرنسي

145

فريق الدراسة

152

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملخص الدراسـة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملخص الدراسة

 

 

 

تكوّن دراسة سبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية إحدى أنشطة المنظمة العربية للتنمية الزراعية ضمن خطة عملها لعام 2002 في مجال الموارد الطبيعية والبيئة .

تهدف هذه الدراسة إلى مواجهة التحديات التي تجابه الزراعة العربية ، حيث يعتبر الاستخدام الواسع للري السطحي فـي الزراعة المروية العربية تحدياً كبيراً لهذا القطاع الهام في الاقتصاد العربي.

يتمدد الري السطحي على ما يربو من 85% من الأراضي المروية بالوطن العربي ويرجع انشاء بعض مشاريع الري السطحي إلى سنوات عديدة خلت ، حيث كانت هذه السبل هى الأفضل ، كما أنشئ بعضها حديثاً بسبب انخفاض تكاليف انشاءها مقارنة بالطرق الحديثة للري .

تتسم هذه الطرق التقليدية للري بتدني كفاءة استخدام المياه وبالتالي فهناك فواقد مائية كبيرة قدرت في دراسات سابقة للمنظمة بحوالي 91 مليار متر مكعب سنوياً على نطاق الدول العربية ، كما ان العديد من هذه الأراضي المروية تواجه مشاكل صرف زراعي تحد من انتاجيتها .

ولمواجهة هذه المشكلة فقد تزايدت توجهات الدول العربية نحو استخدام طرق الري الحديثة ذات الكفاءة الأعلى في استخدام المياه وخاصة  في المشاريع الجديدة . ولكن هناك صعوبات مالية وفنية واجتماعية في تحويل الري السطحي بالدول العربية إلى ري حديث نسبة لإتساع الرقعة المروية وتفتت الحيازات ومستوى المزارع الذهني والمادي الذي قد لا يستوعب بسهولة طرق الري الحديثة .

لذلك فان الخيار الآخر هو العمل على رفع كفاءة هذه الطرق بادخال ما يمكن من تطوير وتحسين في مجال الري والصرف .

ومن هذا المنطلق تأتي أهمية اعداد دراسة لاستعراض سبل تطوير هذه النظم التقليدية دون الحاجة لاستبدالها إلى ري حديث من أجل ترشيد استخدام المياه ، هذه المادة النادرة في المنطقة العربية، والعمـل على زيادة العوائـد وتحسين اقتصاديات المشاريع التي تستخدم الري السطحي بالدول العربية.

ولهذا فقد ارتأت المنظمة العربية للتنمية الزراعية تضمين خطة عملها لعام 2002 اعداد دراسة استطلاعية حول سبل تطوير الري السطحي والصرف علها تكون مرشداً للدول العربية في هذا المجال، وقد حددت أهداف هذه الدراسة على النحو التالي :

-  تقييم طرق الري السطحي والصرف السائدة في المنطقة العربية .

-  إنشاء قاعدة معلومات حديثة ودقيقة عن الري السطحي والصرف بالدول العربية .

-  تحديد سبل ومجالات تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية .

-  نشر الخبرات والمعارف والتجارب العربية والعالمية الناجحة في مجال تطوير الري السطحي والصرف لتعميم الفائدة بين الدول العربية .

-  تعزيز التعاون والتنسيق العربي في مجال تطوير الري السطحي والصرف .

ومن أجل اثراء الدراسة بتوفير معلومات وبيانات وبرامج حديثة لتطوير الري السطحي في الدول العربية فقد اختارت المنظمة سبعة دول ذات تجربة عريضة في مجال الري السطحي ، وهى الأردن الجزائر السودان سوريا العراق مصر المغرب ، وكلفت خبراء من ذوي المعرفة والدراية والخبرة من هذه الدول لاعداد دراسة حالات لتطوير سبل الري السطحي بها . كما تم تكليف فريق عربي لاعداد هذه الدراسة الاستطلاعية الشاملة لسبل تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية.

تقع هذه الدراسة في أربعة أبواب حيث أهتم الباب الأول بأهمية تطوير الري السطحي والصرف في الدول العربية .

وقد تم توضيح التفاوت الكبير في معدلات الهطول المطري في المنطقة العربية والتذبذب من موسم إلى موسم ، مما يقلل من الاعتماد عليها ، وخلص إلى أن من جملة حجم الهطول المطري على الدول العربية والذي يبلغ حوالى 2283 مليار متر مكعب في السنة ، بينما المساحة الصالحة للزراعة المطرية لا تتعدى 18% من جملة مساحة الدول العربية ، وهى الاراضي ذات معدلات هطول تزيد عن 300 ملم في السنة وهى المؤهلة لاستدامة الزراعة المطرية والمناطق الأساسية لانتاج الغذاء في الدول العربية .

ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الري في الدول العربية لتأمين الغذاء والكساء وتوفير قاعدة اقتصادية قوية .

استعرض الباب أيضاً الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية وأوضح أنها تتفاوت بين 100% في دول مثل جيبوتي حيث لا توجد زراعات مطرية إلى حوالي 4.7% في دول مثل الصومال حيث الاعتماد الأكبر على الزراعة المطرية . وتشير التحليلات بأن متوسط الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية هىفي حدود  22.0% إذ أن جملة الأراضي المزروعة فيها تبلغ حوالي 69 مليون هكتار منها 15 مليون هكتار مروية .

ان هذا السرد حول ضرورة الري بالاضافة إلى الإنتاجية العالية للزراعة المروية مقارنة بالزراعة المطرية وثبات هذه الإنتاجية يوضح بجلاء الأهمية النسبية الكبرى للزراعة المروية العربية .

كما تطرق الباب لأساليب الري السطحي السائدة في الدول العربية وبين أن التعريف العام للري السطحي هو الاغمار الكلي أو الجزئي للأرض بالمياه لتوفير حاجة المحاصيل الزراعية ، وانطلاقاً من هذا  المفهوم فان أساليب الري السطحي في الدول العربية شملت ما يلي :

*  الري الفيضي  :  وهـو الأكثر انتشاراً في مصر والسودان والعراق وخاصة عند مصبات الأنهر الموسمية حيث يغمر الفيضان السهول المنخفضة والتي يتم زراعتها بعد انحسار الفيضان .

*  الري بالشرائح :  وهو تقسيم الأراضى إلى شرائح مسطحة او منحدر يكون انحداره منتظماً أو شرائح توجه فيها المياه للجزء الأعلى من الشريحة  ثم تنحدر على باقي الأرض حسب الانحدار الطبيعي للأرض .

* الري بالأحواض :  وهو الأكثر انتشاراً في العالم العربي حيث توزع الأرض على أحواض تملأ بالماء ، ولذلك فلابد أن يكون كل حوض مستوي القاع تماماً.

*  الري بالخطوط (الاخاديد) : وهو الأسلوب الذي أصبح الآن أكثر انتشاراً لفوائده العديدة وأهمـها ارتفاع كفاءة استخدام المياه مقارنة بالأساليب الأخـرى.

استعرض الباب بعد ذلك محاسن ومساوئ الري  السطحي حيث تنحصر محاسنه في قلة التكلفة الانشائية وتوفير الخبرة والمعرفة المتوارثة عنه في الدول العربية والحاجة للعمالة مما يوفر فرص عمل واسعة وقابليته للتعديل والتطوير وسهولة إدارته  وصلاحيته لكل أنواع المحاصيل الحقلية والبستانية والغابية .

أما مساوئ الري السطحي فهى تتلخص أساساً في تدني كفاءة استخدامه للمياه والحاجة لدرجة عالية من التسوية والتسطيح واقتطاع جزء مقدر من الأرض لإنشاء القنوات والكتوف ومحابس المياه الحقلية وخلقه لبيئة غير مواتيه حول المشاريع مما قد يساعد على انتشار الأمراض .

وقد أوضح الباب الأول مبررات تطوير الري السطحي في الدول العربية والتي تشمل التوسع الكبير للري السطحي من حيث المساحة وارتفاع استخدام المياه بالزراعة وتدني الكفاءة . أما المعوقات التي تواجه تطوير الري السطحي في الدول العربية فهى ضعف الارشاد والتوعية بتدني كفاءة هذا الاسلوب من الري وضعف تأهيل المزارع العربي ليستوعب التغير وعدم ملائمة أسلوب الري السطحي للتحويل إلى ري حديث وندرة المؤسسات التعليمية وقلة البحوث وتعدد المؤسسات والجهات المسؤولة عن تطوير الري في الدول العربية .

تشمل أهم المعوقات الفنية عدم الإلمام بأساليب  تطوير الري في الدول العربية وخاصة من المزارعين وقلة المعلومات والرصد حول الفواقد المائية وأسبابها .

أما الأسباب الاقتصادية فأهمها انخفاض تكلفة اتاحة المياه للمزارع  حيث تدعم اغلب الدول هذه التكلفة ، وهناك تدني في العوائد من مشاريع الري مما يعيق توفير اعتمادات التطوير ، بالإضافة إلى تفتت وصغر الحيازات الذي يعد من عوائق التطوير إلى جانب ارتفاع تكاليفه وعدم وجود التمويل له .

من جهة أخرى فقد أوضح الباب أهمية الصرف الزراعي المزدوجة ، فهى تخلص الأرض من المياه الزائدة ، مما يرفع الإنتاجية كما أنها توفر مياه اضافية يمكن استخدامها في الري مرة أخرى بأسلوب علمي يأخذ في الاعتبار عدم تلوث هذه المياه .

تشمل أساليب الصرف المتبعة في الدول العربية الصرف السطحي المكشوف بواسطة شبكة صرف سطحية  تبدأ من الحقل حتى المصرف الرئيسي ، وهذا الأسلوب يعني بصرف مياه الري الزائدة سطحياً . أما الصرف شبه السطحي فيتم عبر شبكة أنابيب مغطاة أو مكشوفة لسحب المياه شبه السطحية من الحقل . أما الصرف الشاقولي والذي يعتبر الأقل انتشاراً في الدول العربية فهو عبارة عن شبكة أبار شبه سطحية تضخ منها المياه لتخفيض منسوب المياه بالحقل للحد المطلوب. وتبرز أهمية الصرف الزراعي في ارتفاع انتاجية الأرض بعد الصرف .

أما المعوقات التي تواجه تطوير الصرف الزراعي فهى  تماثل المعوقات التي تواجه تطوير الري السطحي في كثير من النواحي بالإضافة إلى عدم وجود الآليات اللازمة لتطوير الصرف الزراعي في الدول العربية .

شمل الباب الثاني استعراضاً لمجالات تطوير الري السطحي والصرف بصفة عامة ، وقد أوضح ان التطوير يجب أن يتسم بالربط بين المسألة الاقتصادية وأهمية الحد من الطلب على المياه برفع كفاءة الاستخدام وأساليب أخرى .

وقد بين الباب أن المجال التقني للتطوير يشمل مرحلة نقل وتوزيع المياه حيث يسود أسلوب القنوات المفتوحة في العالم العربي وهى معروفة بمشاكلها العديدة وتدني كفاءتها ، وأن استخدام الأنابيب يعتبر أول أساليب التطوير في هذا المجال ، بالاضافة إلى مندلة جسور القنوات واستخدام أساليب حديثة لصيانتها ونظافتها من الإطماء والأعشاب المائية . كما ان التحكم في شبكة النقل والتوزيع يعد من مجالات التطوير الحديثة الهامة ، ويمكن ان يتم ذلك باستخدام أساليب الاتصالات الحديثة او استخدام منظمات للتحكم حسب الطلب وليس حسب العرض كما هو الحال الآن ، وهناك وسائل أتمتة تدفق المضخات حسب الطلب والتحكم فيها بواسطة الاتصالات الحديثة عن بعد .

أما في مرحلة الري الحقلي فإن التطوير قد يشمل العمل على تخفيض منسوب الغمر باستخدام السرابات الطويلة والري بالشرائح ، كما أن برمجة الري على دفعات واستخدام التدفق المنقطع قد يكون أحد أساليب التطوير .

وقد يشمل التطور في المجال الإداري والمؤسسي تطوير مفهوم الإدارة بصفة عامـة واستخـدام الإدارة المتكاملة للمياه والمناهج الشمولية والتشاركية والاقتصاديـة .

وبالنسبة للمجال القانوني والتشريعي والسياسات لتطوير الري السطحي والصرف فيشمل وضع تعريفة لإتاحة المياه ، وقد حدد الباب الوسائل الحديثة لتحديد تكلفة إتاحة المياه للموارد المائية المختلفة ووفقاً للسياسات المتعددة للدول المعنية ، إضافة إلى سياسات حسن استخدام المياه .

أما المجال الاجتماعي والارشادي والتوعية فيشمل الارشاد والتوعية المائية بالمعوقات والمشاكل التي تواجه الموارد المائية وأهمية العمل على تخطيها برفع كفاءة استخدام المياه وارشاد الجمهور بالوسائل الممكنة لرفع كفاءة الاستخدام ، ويتم ذلك بالطرق الحديثة من دورات زراعية وبرامج تعليمية وتثقيفية .

استعرض الباب الثالث تجارب الدول العربية في مجال تطوير الري السطحي والتي شملت تجارب المغرب والسودان ، ومصر والجزائر والأردن والعراق ، وهى الدول ذات الوزن النسبي العالي في مجال الري السطحي في الدول العربية ، وتم توضيح بعض النماذج للتطوير بهذه الدول والمشاكل والمعوقات التي تواجه  التطوير وهى متشابهة في كثير من الأحوال متمثلة أساساً في نقص البحوث وعدم وجود التشريعات اللازمة وتعدد المؤسسات العامة في مجال التطوير وضعف وتأهيل الكوادر وتفتت المساحات المروية والتكلفة العالية للتطوير مع تدني عوائد الزراعة بصفة عامة .

وقد تم عرض التجربة الفرنسية في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة (1990-1999) في تطوير الري السطحي ، والتي شملت تعزيز مراقبة ضبط إدارة المياه ورصد البيانات وتحسين مستوى التعاون الاقليمي في هذا المجال مع زيادة رسوم المياه وتطوير استخدام الصرف الصحي والزراعي وإيجاد برامج للتمويل والاستثمار . وقد شملت التجربة كل من الأردن وسوريا وقطاع غزة .

وخلص الباب إلى استعراض بعض التجارب العالمية مثل اسبانيا وهنغاريا ورومانيا في مجال تطوير الري السطحي والصرف .

أهتم الباب الرابع بوضع الملامح الرئيسية للنظرة المستقبلية لتطوير الري السطحي بالدول العربية وأهم الخطوط العريضة لاستراتيجية عربية في مجالات  تنمية الموارد المائية وإدارتها والتشريعات المائية والنظم المؤسسية والتوعية المائية ومشاركة القطاع الخاص والتمويل والاستثمار والبحث العلمي والمشاركة الشعبية ورفع كفاءة الاستخدام .

وخلص الباب إلى الآتي :

-  هنالك ضرورات اقتصادية واجتماعية وتنموية وبيئية عاجلة لتطوير وتحسين الري السطحي في الدول العربية .

-  عند دراسة وتخطيط وتنفيذ مشاريع الري الجديدة يجب الأخذ بعين الاعتبار استخدام أساليب الري الحديثة والحد من التوسع في مشاريع الري السطحي التقليدية .

-  على كل دولة عربية وضع استراتيجية متكاملة واضحة المعالم قابلة للتطبيق لقطاعي الري والصرف لتكون نواة لاستراتيجية عربية شاملة .

-  من المفيد أن  تتضمن السياسات المائية والري السطحي والصرف في الدول بنوداً تنص على التعاون الوثيق بين الأقطار العربية ونقل الخبرات والتي من شأنها زيادة كفاءة إدارة الري والصرف .

-  العمل على تخصيص المياه في الزراعة حسب الاحتياجات الفعلية العلمية للمحاصيل وفقاً للمناخ والمساحة المروية وخواص التربة .

-  العمل على تقديم خدمات ارشادية حول الري السطحي بدءاً من مصادر المياه وانتهاءاً بجذور النبات .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الأول

 

الأهمية النسبية لتطوير الري السطحي

والصرف في الدول العربية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الأول

 

الأهمية النسبية لتطوير الري السطحي

والصرف في الدول العربية

 

 

  1-1 الأهمية النسبية للري في الدول العربية :

ان التعريف العام للري هو "إضافة المياه للتربة لزيادة نسبة الرطوبة فيها بما يوفي بمتطلبات المحاصيل المزروعة واستقرارها" ، وعليه وبناءاً على هذا التعريف فإن كمية مياه الري المضافة تعتمد اعتماداً كلياً على مستوى الهطول المطري في المنطقة المعنية بالإضافة إلى العوامل المناخية الأخرى . فالموازنة المائية في منطقة زراعية معينة هى عبارة عن الفرق بين الهطول المطري والمتطلبات المائية للمحاصيل والتي تتمثل في عامل البخر-نتح الكامن وهو عبارة عن المحصلة النهائية للعوامل المناخية المختلفة ، إلا ان الموازنة المائية بالمفهوم العلمي الدقيق تشمل عوامل أخرى أهمها التربة ونوعيتها ومدى امكانيتها في الحفاظ على الرطوبة ، بالاضافة إلى طبوغرافية الموقع .

ان الموازنة المائية في غالبية الدول العربية سالبة اى ان الهطول المطري المطري يقل كثيراً عن البخر-نتح الكامن، ويوضح  الجدول رقم (1-1) معدلات الهطول المطري في الدول العربية .

تتميز الأمطار فـي المنطقة العربية بالتذبذب حيث تتفاوت كميتها وكثافتها من عام لعام ومن موسم لموسم ، كما أن توزيعها الجغرافي متفاوت من بلد إلى آخر. ويبين الجدول رقم (1-1) أيضاً أن جملة الهطول المطري على المنطقة العربية تبلغ في المتوسط العام حوالى 2283 مليار متر مكعب سنوياً ولكن توزيعها غير متوازن .  تقدر المساحة التي تقل جملة الأمطار السنوية بها عن 100 ملم بحوالي 67% من مساحة الأراضي الاجمالية للدول العربية ، وتعتبر هذه الأراضي بطبيعة الحال غير مؤهلة لأى نوع مـن أنـواع الزراعة المطريـة وانما تصلح للرعـي مـع امكانية قيام مشاريع لحصاد المياه لتوفيرها للانسان والحيوان والمحافظة على الغطاء النباتي ومكافحة انجراف التربة. أما المساحة التي يتراوح فيها معدل الهطول المطري ما بين 100-300 ملم سنوياً فتقدر بحوالي 15% من أراضي الدول العربية ، ورغم ان جملة السقوط على هذه الأراضي يبلغ 436 مليار متر مكعب، بما يعادل 19% من جملة الهطول السنوي الكلي للدول العربية ، إلا أنها غير صالحة لزراعة مطرية مستقرة، إلا في حدود ضيقة لبعض المحاصيل سريعة النضج أو المقاومة للجفاف ، وتعتبر بذلك مناطق رعي طبيعية جيدة وتصلح لمشاريع حصاد المياه . أما مساحة الأراضي التي تعتبر مؤهلة لزراعات مطرية مستقرة فهى لا تتعدى نسبة 18% من مساحة الدول العربية ، وهى المناطق التي تزيد معدلات الهطول المطري السنوي بها عن 300 ملم . وتعتبر هذه المناطق هى المناطق الأساسية لإنتاج المحاصيل الغذائية الرئيسية في الدول العربية وهى بالتالي أكثر مناطق النشاط الزراعي التقليدي في الدول العربية .

 

 

جدول رقم (1-1)

معدل الهطول المطري في الوطن العربي بالمليار متر مكعب

 

 

القطر/الاقليم

معدل أقل من 100 ملم/سنة

معدل

100-300 ملم/سنة

معدل أكثر من 300 ملم/سنة

إجمالي الهطول بالمليار متر مكعب سنوياً (م م3)

الأردن

4.0

2.7

1.8

8.5

سوريا

0.6

25.4

26.8

52.7

العراق

4.7

54.5

40.7

99.9

فلسطين

001

1.2

6.8

8.0

لبنان

-

0.1

9.1

9.2

المشرق العربي

9.4

83.9

85.2

178.3

الامارات

1.1

1.3

-

2.4

البحرين

0.1

-

-

0.1

السعودية

89.5

24.7

12.7

126.8

عمان

5.4

7.6

1.9

15.0

قطر

0.1

-

-

0.1

الكويت

-

-

-

-

اليمن

7.0

30.8

29.4

67.2

شبه الجزيرة العربية

103.2

64.4

44.0

211.6

جيبوتي

0.9

2.6

0.5

4.0

السودان

41.7

76.5

976.2

1094.4

الصومال

6.6

38.7

145.3

190.6

مصر

11.1

4.1

-

15.3

الاقليم الأوسط

60.3

121.9

1122.0

1304.3

تونس

4.1

11.6

24.1

39.8

الجزائر

67.9

30.1

94.5

192.5

ليبيا

28.4

16.2

4.4

49.0

المغرب

29.2

34.1

86.7

150.0

موريتانيا

29.2

73.5

54.5

157.2

المغرب العربي

158.8

165.5

264.2

588.5

إجمالي الوطن العربي

331.7

435.7

1515.4

2282.7

 

المصدر :  دراسة السياسات العامة لاستخدام موارد المياه في الزراعة العربية (1994) .

 

 

 

 

من هذا السرد يتضح أن حوالى 82% من الأراضي العربية غير مؤهلة لزراعات مطرية مستقرة وبالتالي فان الزراعة في هذه الأراضي لابد ان تعتمد على الري الصناعي ، كما ان أي زراعات مكثفة في بقية الأراضي ذات الهطول المطري الذي يزيد عن 300 مليمتر في السنة غير ممكنة نظراً لانحصار موسم الأمطار في جزء يسير من السنة ، وأن المتطلبات المائية للمحاصيل المكثفة تفوق معدلات الهطول في موسم الأمطار في كثير من هذه الأراضي ، وهذا يوضح بجلاء الأهمية النسبية العالية للري في الدول العربية .

1-2  الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية :

يلعب القطاع المروي في الدول العربية دوراً هاماً للغاية ، حيث يعتمد إنتاج الحبوب في أغلب الدول العربية على هذا القطاع الرائد والهام . وتتبع أهمية هذا القطاع من الموقف المناخي بالدول العربية كما ذكر سابقاً ، حيث أن 18% فقط من الأراضي العربية تزيد من معدلات الهطول المطري فيها عن 300 ، وعليه فبقية الأراضي لا يمكن انتاج محاصيل إلا من خلال الري الصناعي .

تشير المعلومات والبيانات المتاحة والموضحة بالجدول رقم (1-2) بأن الأهمية النسبية للري بالدول العربية تتفاوت من أقل من 5% في الصومال  إلى 100% في جيبوتي والبحرين ، حيث لا توجد زراعة مطرية في حين أنها تزيد عن 50% في سبعة دول مما يوضح الأهمية النسبية للزراعة المروية في الدول العربية

1-3  أساليب الري السطحي المستخدمة في الدول العربية :

ان التعريف العام للري السطحي هو "الغمر الكلي أو الجزئي للأرض بالمياه لتوفير حاجة المحاصيل الزراعية" . وتعتمد نسبة الغمر على الأسلوب المتبع في الري السطحي كما سيرد لاحقاً .

1-3-1  كيفية الري :

تتفاوت نسبة الغمر على حسب نوع الري السطحي كما يلي :

أ-  غمر كلي كما في الري الفيضي والري بالشرائح والري بالأحواض .

ب-غمر جزئي كما في الري بالخطوط (الأخاديد) .

تحدد الفترة الزمنية التي يقضيها الماء على سطح التربة كمية الماء المتسربة لداخل التربة حسب معدل نفاذيتها وسعتها التخزينية . تؤدي إطالة الفترة الزمنية لبقاء الماء على سطح التربة لنفاذ كمية مياه تفوق سعة التربة التخزينية وينتج عنه تسرب الماء لأبعد جزء من التربة المستنفذ بواسطة جذور النبات مما يعتبر هدر لمياه الري.

يقتضي تجهيز الارض للري السطحي تقسيمها الى وحدات مساحة تأخذ في الاعتبار نوعية وتجانس التربة والانحدار ومعدل الصرف وذلك سعياً لإضافة ري متساوي (uniform) بقدر الإمكان . اعتماداً على معدل نفاذية التربة وحجم الصرف الداخل للمساحة المروية تتم عملية ري التربة وفق ثلاثة مراحل زمنية كما يلي :

 

 

 

جدول رقم (1-2)

الأهمية النسبية للزراعة المروية على المستوى

القطري والقومي في الدول العربية لعام 1996

 

                                                                                                      المساحة : ألف هكتار

 

 

الدولة

 

الرقعة المزروعة

 

المساحة المروية

الأهمية النسبية للزراعة المروية على المستوى القطري %

الأهمية النسبية للزراعة على المستوى القومي %

 

مساهمة

الزراعة في

الناتج المحلي

 

مساهمة الزراعة في استقطاب العمالة

 

نسبة

الاكتفاء

الذاتي

من الحبوب

%

 

 

المساحة المزروعة 

 

المساحة المروية

الأردن

381.73

77.00

20.0

0.56

0.52

5.5

5.1

4.9

الامارات

1251.1

67.0

53.5

0.18

0.45

2.7

7.8

0.08

البحرين

5.36

5.3

100

0.01

0.04

1.6

2.3

-

تونس

5400.55

355.0

6.6

7.86

2.41

15.5

30.4

61.9

الجزائر

8081.00

500.0

6.2

11.76

3.39

11.4

25

54.9

جيبوتي

0.674

0.674

100

0.001

0.005

2.6

-

-

السعودية

4294.09

1600.0

37.3

6.25

10.86

6.6

147

70.2

السودان

16871.82

1950.0

11.5

24.56

13.24

35.4

77.4

92.7

سوريا

6121.00

1247.0

20.4

8.91

8.46

28.1

22.4

105.3

الصومال

1059.59

50.0

4.7

1.54

0.34

-

67.0

45.6

العراق

6721.00

3600.0

53.6

9.78

24.43

31.0

26.5

54.5

عمان

106.00

61.6

58.1

0.15

0.42

-

20.0

5.3

فلسطين

185.51

12.0

6.5

0.27

0.08

3.0

14.1

-

قطر

17.97

8.8

49.1

0.03

0.06

1.0

-

4.0

الكويت

8.37

4.8

57.3

0.01

0.03

0.4

2.8

0.2

لبنان

462.96

87.5

18.9

0.67

0.59

7.8

6.4

10.1

ليبيا

2365.99

395.0

16.7

3.44

2.68

7.7

20.5

14.6

مصر

4149.49

3280.0

79

6.04

22.26

16.7

31.0

68.2

المغرب

10028.30

1364.0

10

14.60

6.81

20.4

32.9

78.2

موريتانيا

547.10

47.0

8.6

0.80

0.32

26.4

60.5

51.1

اليمن

1755.3

383.0

21.8

2.56

2.6

17.2

52.8

24.4

الجملة

68688.63

15095.74

22.5

100

100

13.3

34.8

53

 

المصدر : المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة أساليب سياسات استرداد تكلفة اتاحة مياه الري في الدول العربية ، 1999 .

 

 

 

 

أ-  فترة تقدم الماء داخل الوحدة وتبدأ من مدخل الري وحتى وصول الماء لنهاية الوحدة المروية.

ب- فترة بلل أو ترطيب التربة وتعرف بالفترة الرئيسية للري حيث أن الماء يلامس كل مساحة الوحدة المروية وبالتالي يصبح نافذاً بكل المساحة . تستمر هذه الفترة حتى قفل الماء (الصرف) الداخل للحقل .

ج- فترة انحسار الماء وتعني الفترة الزمنية بين إيقاف الصرف وحتى تساوي سطح الماء على طول الوحدة المروية .

يختلف الزمن الكلي اللازم لنفاذ الماء بالتربة حسب طول الوحدة مما يؤدي إلى اختلاف وتباين في كمية المياه النافذة بالتربة ، ويكون كبيراً في أول الحقل ويقل كلما تقدم الماء صوب النهاية . في بعض الأحيان وعندما تكون الأرض  اكثر انحداراً وحسب مقدار التصرف الداخل للحقل تتجمع المياه في نهاية الوحدة وتبقى على السطح لفترة أطول مما ينتج عنه تسرب لأعماق التربة في نهاية  الحقل أو جريان سطحي لخارجه ، وهذا يعني هدراً للمياه وتقليلاً لكفاءة الري الحقلي.

يصعب على مستوى الحقل تساوي الزمن الكلي لنفاذ الماء بالتربة ولكن يمكن تقليل الفارق الزمني على طول الحقل المروي بالآتي :

-  اختيار اطوال حقلية توفق بين إمكانية تحسين توزيع مياه الري دون اعاقة للعمليات الزراعية الأخرى (Optimum length of run) .

-  إدخال معدل صرف عال حتى يتمكن الماء من الوصول لنهاية الوحدة بسرعة لا تؤدي لتباين كبير فـي كمية مياه الري . الصرف المعني يجب أن يأخذ فـي الاعتبار قابلية التربة للتعرية.

-  قفل التدفق قبل وصول الماء لنهاية الحقل تجنباً لتراكمه في النهاية وتفادياً للجريان السطحي (Cutback concept)  .

1-3-2  الري الفيضي Flood Irrigation :

تعتبر الأنهار والاودية والخيران مصارف طبيعية لنقل تجمع مياه الأمطار من الهضاب والمرتفعات الى مصباتها في البحار والبحيرات والمنخفضات الأخرى . إن تجمع مياه الأمطار في ذروتها قد تفوق سعة هذه المجاري فتفيض وتغمر الأراضي الزراعية في المنخفضات المجاورة أو تلك التي على مشارف مصباتها في الأنهار المستدامة  ذات  المجرى المتواصل  من  المنبع  الى  المصب كنهر النيل في السودان ومصر ونهرى دجلة والفرات بسوريا والعراق . أما بالنسبة للأنهار الموسمية فإن مجاريها ربما تنتهي بأراض منخفضة ومنبسطة بمساحة كبيرة تستوعب مياه فيضانها فتنتشر على سطح التربة قبل الوصول إلى مصب مائي ، وتبقى هذه الأراضي مغمورة بالمياه فتتشبع بالرطوبة بالقدر الذي يمكن من إنتاج المحاصيل الزراعية .

في بعض المناطق وعندما تبدأ مياه الفيضان  بالرجوع الى المجرى الطبيعي للنهر يتم قفل مداخلها لتبقى بالمنخفضات أطول فترة ممكنة وذلك لزيادة كمية الماء النافذة بالتربة . توجه  مياه  الفيضان  عبر  مداخل  معلومة بالأراضي المنخفضة وقفل هذه المداخل عند نهاية فترة الفيضان ، وتعتبر هذه صورة متقدمة للري الفيضي التقليدي .

عقب  الفيضان  ورجوع الماء للمجرى الرئيسي للنهر يترسب الغرين والطمى في المنخفضات وعلى سهول مجراه فتصبح الأرض على درجة عالية من الرطوبة والخصوبة مما يمكنها من الإيفاء باحتياجات النبات المائية والغذائية . هذه الأراضي نسبة لغمرها سنوياً بمياه الفيضان وخصوبتها المتجددة تعطي إنتاجاً وفيراً بأقل تكلفة مقارنة بأراضي المرتفعات التي لا تغمرها مياه الفيضان . إن المحاصيل الزراعية التي تزرع في هذه المناطق غالباً ما تكون محاصيل ذات موسم زراعي قصير وغير حساسة لنقص مياه التربة بعد استنفاذها في نهاية الموسم الزراعي .

إستناداً الى خواص مجرى النهر وطبوغرافية التربة المجاورة يمكن تقسيم الارض المروية بالري الفيضي واستخداماتها الى أربعة اقسام كما يلي :

-  في نهاية الفيضان وانحسار المياه الى مجراها الطبيعي في الانهار ذات المجرى العريض الضحل تترك ساحلاً بمساحات تتفاوت حسب مقطع النهر وحجم مياه الفيضان ،  هذا الساحل وبحكم أنه على درجة عالية من الرطوبة والخصوبة يمكن زراعته بالمحصول المناسب فيما يعرف في بعض البلدان العربية بزراعـة الجروف وعادة  هذه  الأراضي صالحة لمحاصيل ذات قيمة نقدية عالية .

-  المنخفضات المحاذية والمجاورة لمجاري الأنهار تغمرها مياه الفيضان عبر مداخل طبيعية أو صناعية اعتماداً على بقاء الماء على سطح التربة وتكون بذلك بيئة صالحة لإنتاج محصول زراعي بأقل تكلفة ممكنة .

-   الأراضي  التـي  تغمرها  مياه  الفيضان  في المنخفضات التي على مشارف  مصبات  الأنهـار  المستدامة  أو تلك  التي ينتهي بها مجرى الأنهار الموسمية فيما تسمى بأراضي الدلتا معروفة بخصوبتها وإنتاجيتها العالية .

-  مجاري الأنهار الموسمية والأودية ، تتخللها بعض المنخفضات مما يؤدي الى تكوين البرك والمستنقعات  بنهاية فترة الفيضان فيها . نسبة لقلة ترسيب الغرين والطمي من المياه السارية بهذه المجارى ونسبة لما تسببه من تعرية فإن التربة فيها تكون أقل خصوبة من تلك التي تم غمرها بمياه الفيضان . هذه الأراضي تستخدم لإنتاج العلف وكمرعى للحيوان .

لقد عرف الانسان الري الفيضي على ضفاف الانهار وفي الوديان الطبيعية منذ القدم ، وقد  أتسم استعمال  النظام  بالزراعات  التقليدية  لمحصول  زراعي واحد طوال العام ، وفي سبيل تعظيم الاستفادة من هذا النظام يمكن القيام ببعض الأعمال ومن ذلك :

 

-  السعي لتوجيه مياه الفيضان للمنخفضات المجاورة بكميات معلومة عبر مداخل محكمة الفتح والقفل ومتابعة الفيضان وحجزها عند تراجعه وذلك لضمان بقاء الماء على سطح التربة  لأطول فترة ممكنة .

-  الري الفيضي بصورته الحالية يقصر الاستفادة من الأرض لإنتاج محصول زراعي واحـد في السنـة وتبقى الأرض بوراً لبقية العام .  يمكـن إستغلال الارض بالصورة المثلى باستعمال ري تكميلي وفقاً للاعتبارات الآتية :

أ-  ترسب الطمي وغسل التربة سنوياً بمياه الفيضان يجعلها على درجة عالية من الخصوبة لإنتاج أكثر من محصول خلال العام .

ب- وجود هذه الأراضي على مقربة من مجاري الأنهار يجعل جلب مياه الري لها في فترة الجفاف ممكناً . في الحالات التي تكون فيها أراضي المنخفضات بعيدة عن مجاري الأنهار ، يمكن ريها من المياه الجوفيه التي غالباً ما تكون متوفرة وعلى أعماق غير بعيدة.

ج-  بالري التكميلي يمكن اضافة رية أو ريتين للمحصول في أوقات نضجه وبالتالي تزيد الانتاجية كماً ونوعاً . وفي بعض السنوات وعندما يكون الفيضان دون المستوى المتعارف عليه فإن الري التكميلي يكون وسيلة تأمين ولزيادة الإنتاجية .

1-3-3  الري بالشرائح (Border irrigation) :

يوصف الري بالشرائح على أنه وسيلة اغمار محكم لسطح الأرض حيث يقسم الحقل إلى شرائح بعرض واطوال معلومة ومحددة سلفاً ، اعتماداً على نوعية وانحسار التربة بالحقل تقام بينها اكتاف صغيرة بعلو 25 سم عن سطح الماء بالشريحة وذلك لتوجيه مسار المياه داخل الشريحة . تدخل المياه للشريحة على شكل طبقة يسهل انسيابها ونفاذيتها داخل التربة وتكون منطقة التوزيع بطول الشريحة وهذا يناسب التربة متوسطة التجانس (Medium textured soils) وذات النفاذية المعتدلة .

ويمكن تقسيم الشرائح حسب مستوى التسطيح والانحدار الى ما يلي :

أ-  شريحة مسطحة (Level border) :

يقارب الانحدار في اتجاه المياه الصفر ويكون الانسياب لداخل الشريحة بقوة الدفع الذاتي لطبقة المياه الداخلة . وبما أن الشريحة مقفولة بالاطراف والنهاية فتحتفظ بالمياه على شكل بركة حتى تتسرب لباطن التربة . ومن المفيد أن يكون مقدار التصرف الداخل للشريحة يمكن من تغطية كل الشريحة في وقت مناسب.

هنالك تعارف على ري مثل هذه الشرائح خلال فترة تعادل (4/1) الزمن المطلوب لنفاذية هذه المياه لداخل التربة .

 

ب-  شريحة بانحدار منتظم (Graded Border) :

فـي هذا الأسلوب ، تروي  الأرض  بطريقة  انتظام  التقدم والانحسار (Balanced advance and recession method) حيث أن الشريحة تنحدر في اتجاه المياه وكل شريحة تروي بتوجيه المياه للجزء الاعلى منها . وبما أن الشريحة مقفولة من الاطراف فقط ومفتوحة النهاية فعندما يقارب تقدم المياه نهاية الشريحة يوقف الري تفادياً للجريان السطحي . تعتمد كفاءة وتساوي الري بالشرائح على معدل وكمية التصرف الداخل للشريحة .

ج-  شريحة موجهة (Guided Border) :

توجه المياه بمعدلات وكميات كبيرة (Flushes) للجزء الأعلى من الشريحة المنحدرة وتترك حتى تتسرب كمية معقولة منها . عندما يقارب تقدم المياه نهاية الشريحة يخفض التصرف لتفادي الجريان السطحي ، وتستعمل في التربة ذات الانحدارات الكبيرة والنفاذية القليلة .

يمكن تحديد مواصفات الشريحة المناسبة للمشروع المعني فيما يلي :

*  طول الشريحة :

يعتمد طول الشريحة على الآتي :

-   شكل ومساحة الحقل المروي ويكون طول الشريحة عادة بطول الحقل ، أما إذا كان الحقل طويلاً فيمكن تقسيمه إلى عدة شرائح .

-  معدل نفاذية التربة حيث أن العلاقة عكسية بين معدل النفاذية وطول الحقل أى كلما زاد معدل النفاذية  يقل طول الشريحة .

-  عمق جذور النبات ومقدرة التربة للاحتفاظ بالماء . وعلى سبيل المثال تستعمل عادة شرائح طويلة لمحاصيل ذات جذور عميقة في أراضي طينية .

-  كثافة النبات وخشونة التربة وميل الأرض .

*  عرض الشريحة :

مواصفات عرض الشريحة هى :

-  أن يحتوي علـى نوعية واحدة من التربة وعلـى درجة من التسوية والتنعيم.

-  أن تكون كمية التصرف المتاح ومدى كفايته لري المساحة المعنية خلال فترة ري مناسبة .

-  أن تناسب مقاس الآلات الزراعية المستعملة ويفضل أن يساوي عرض الشريحة لمدة أضعاف عرض الآلات الزراعية .

*  انحدار الشريحة :

يفضل أن يكون الميل في أول ونهاية الشريحة مستوياً .

1-3-4  الري بالأحواض  (Basin Irrigation) :

عند تطبيق الري بالأحواض تقسم الارض لأحواض مستوية محاطة بجسور وأكتاف على الجهات الاربعة . توجه المياه خلال مسقى مفتوح في أول الحوض وبعد ملئه يصرف الماء الزائد من فتحة بنهاية الحوض الى نظيره المجاور . تحدد مساحة الحوض حسب نوعية التربة وشكل الحقل وخبرة المزارع والمحصول المروي وتتراوح بين متر مربع لإنتاج الخضر وأكثر من هكتارين لانتاج الارز .

يستعمل الري بالأحواض لأنواع مختلفة من التربة وتؤثر نفاذية التربة  في مساحة الأحواض حيث أن التربة ذات النفاذية العالية تقسم إلى أحواض صغيرة والعكس صحيح بالنسبة لتربة قليلة النفاذية . تروي الاحواض وهى مستوية تماماً وتشكل أبعاد الحوض حسب انحسار التربة وتنشأ الأحواض على ميل أقل من 2% .

يستخدم الري بالأحواض لأغلب أنواع المحاصيل ويستحسن عدم استعماله للمحاصيل الحساسة للغرق . تنشأ جسور الأحواض بصورة مؤقتة أو مستدامة حسب نوعية المحصول حيث أن جسور احواض ري الأرز والمراعي غالباً ما تكون ثابتة ، بينما جسور أحواض ري المحاصيل الحقلية تزول تماماً مع عمليات تحضير الأرض سنوياً .

*  مواصفات الحوض :

تهيأ الجسور والأكتاف يدوياً أو ميكانيكياً بارتفاع 16-30 سم فوق سطح الارض وتكون قمة الجسر في حدود 10-20 سم فوق سطح الماء بالحوض . يتراوح عرض قاعدة الجسر بين 60-120 سم في أحواض الأرز ويصل ارتفاع الجسور إلى 40-50 سم وعرض القاعدة إلى 150-180 سم .

ينحصر الماء داخل الحوض بين الجسور ليبقى في حالة سكون وتنفذ الى داخل التربة حتى مرحلة التشبع في مداها الأقصى وبتوزيع متساوي يعتمد على الآتي :

-   خواص التربة الهايدروليكية .

-   صرف مياه الري المتاحة بالحوض .

-  مقاومة النبات والتربة لحركة الماء على سطح الأرض .

-  الاحتياجات المائية اللازمة .

1-3-5  الري بالخطوط (الاخاديد) (Furrow Irrigation) :

يستعمل  لري المحاصيل التي تزرع على السرابات (Rigers)  كالقطن والبطاطس وقصب السكر وغيرها بمسافات بين هذه السرابات حسب مواصفات فلاحة المحصول . يعطي النبات احتياجاته المائية في بحر هذه السرابات (Furrows) التي تشكل أخدوداً مستقيماً بطول الحقل وترتفع السرابة عادة إلى حوالى 15-20 سم فوق سطح الأرض .

 

يدخل الماء من القناة الحقلية من أول الخط لنهايته من خلال فتحة أو سيفون تحت تأثير ضاغط مائي يماثل ارتفاع الماء بالمسقي عن قاع هذه الخطوط . تتوقف كمية الماء المتسربة بالتربة عند أى نقطة على طول الخط على نوع التربة ومعدل نفاذيتها والزمن الذي لامست فيه الماء سطح التربة عند النقطة المعنية (Contact time)  . أما الماء الزائد عن معدل تراكم النفاذية فيصل لنهاية الخط ومنه يصب في مصرف صغير لنقله بعيداً عن الحقل المروي .

يمكن حساب سعة الخط بسهولة بايجاد مساحة مقطعة (Cross - section) وارتفاع الماء داخله باختلاف المسافة بين الخطوط كمعاملة فلاحية . وتختلف سعة المقطع حسب نوعية النبات واحتياجاته المائية .

تتناسب هذه الطريقة لري كل المحاصيل التي تزرع في خطوط وأيضاً للمحاصيل التي تتأثر بالغدق ، كما تناسب التربة ذات النسيج الناعم وجيدة النفاذية وحفظ الماء .

*  أنواع الخطوط :

تنقسم الخطوط حسب درجة الانحدار الى الآتي :

-  خطوط الميل (Graded Furrows) وتعرف بالخطوط العادية وتكون في اتجاه الميل الطبيعي للأرض حيث بكون الانحدار في حدود 0.5% كحد أدنى .

-  خطوط مستوية (Level Furrows) بانحدار خفيف جداً وتضاف المياه بكميات قليلة للتراكم على سطح التربة .

-  خطوط كنتورية (Contour Furrows) تتبع الخطوط الطبيعية للخرطة الكنتورية للحقل .

*  أطوال وأبعاد الخطوط :

تختلف أطوال الخطوط حسب نوع التربة والانحدار والتصرفات المائية وبالتالي يمكن استعمال خطوط طويلة في الأراضي الطبيعية ذات النفاذية القليلة وخطوط قصيرة للتربة الخفيفة ذات النفاذية العالية .

تحكم المسافة بين  الخطوط المعاملات الفلاحية المتبعة وتعتمد على نوع المحصول والتربة ، ويجب أن تكون هذه  المسافة متوازية والخطوط بانحدارات منتظمة.

*  الصرف بالخطوط :

تنتقل المياه الى الخطوط خلال مساقي أو مجاري مائية مفتوحة أو أنابيب . تنقل المساقي أو المجاري المزودة للخطوط بهذه المياه الصرف المطلوب كما يجب أن يكون ارتفاع منسوب الماء في هذه المساقي في حدود 15-30 سم فوق قاع هذه الخطوط . أما مخارج المياه الى الخطوط يجب أن تكون محكمة حتى يتسنى إدخال نفس كمية المياه في نفس الوقت الى كل خط ، مما يعني أن تكون كل فتحات مداخل  الماء للخط بنفس القطر وتحت تأثير نفس الضاغط الهايدروليكي .

 

حجم الصرف   (Q)  الداخل  لكل خط يجب أن يكون غير مسبب للتعرية (Non-erosive) .

يجب الا تزيد التصريفات داخل الخط عن مقدرته على حملها ، ويتحدد ذلك بمقطع الخط وميله ومعامل خشونته (كمعامل الخشونة (N) المتضمن فـي معادلـة ماننج-ستريكلر (Manning’s equation) ) التالية:

Q  =    A. N . R’. I½

حيث أن :

   Q    =   مقدرة الحمل أو الصرف .

  A     =  مساحة المقطع المائي

R       =  نصف القطر الهيدروليكي .

S       =  الانحدار .

N       = معامل ما ننج للخشونة .

*  اخاديد (خطوط) حوضية (Furrow – Basin) :

يجهز الحقل المروي حسب الوسيلة والكيفية المستعملة لإضافة مياه الري والمواصفات المطلوبة لفلاحة المحصول المعني . تختلف وسائل الري السطحي في كمية المياه المضافة للتربة بين غمر كامل كما في الري بالأحواض أو غمر جزئي كما في الري بالخطوط ، أما وسيلة الري بالأخاديد فإنها تجمع بين الاثنين فيما يعرف في السودان بنظام الانقاية (Angaya system) .

يعني الري بالأخاديد الحوضية تجهيز الأرض في خطوط بطول الحقل المروي يتبع ذلك عمل أكتاف عمودية على هذه الخطوط ليتقسم الحقل بالطول الى عدة أخاديد حوضية . تجهز هذه الاكتاف يدوياً أو ميكانيكياً لتغطي عدة أحواض حسب درجة انحدار الخطوط ، أحياناً ربما يقتضي ممارسة الري على مستوى الحقل شق هذه الاكتاف الى شقين لاستعمالها كقنوات حقلية ليوزع الماء داخل الحقل وإن الاكتاف والقنوات الحقلية تتعاقب بمنوال ثابت حتى نهاية الحقل . تستعمل القنوات الحقلية كمسقى للأرض المروية الواقعة على جانبيها بعرض الحقل المروي ، وتقتضي ممارسة الري بالأخاديد الحوضية عدم غمرها بالمياه حتى تكون أقرب  لطريقة الري بالخطوط .

يمكن تلخيص الدافع الأساسي لانتهاج طريقة الري بالأخاديد الحوضية في الآتي :

*   قلة الجهد والتكلفة المبذولة لإعداد الأخاديد الحوضية مقارنة مع الرى بالأحواض .

*   سهولة التحكم في مياه الري وانتظام توزيعها بالحقل مقارنة مع الري بالخطوط.

أما سلبيات الـري بالأخاديد الحوضية مقارنة مع طريقة الري بالخطوط فيمكن تلخيصها في الآتي :

 

*   فقدان جزء كبير من الأرض في الاكتاف والقنوات الحقلية مقارنة بالري بالخطوط     .

*  إعاقة عمليات الميكنة الزراعية وبالأخص عمليات الحصاد الآلي مما يتطلب إزالة الكتوف والقنوات الحقلية عند إدخال الآلة لحصاد هذه الحقول .

1-3-6   محاسن ومساوئ الري السطحي :

تتعدد أنواع الري السطحي وتتباين في محاسنها ومساوئها ولكن هنالك صفات وخواص ملازمة للنظام وبكل أنواعه ويمكن حصرها في الآتي :

محاسن الري السطحي :

 * إمكانية ري مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية بأقل التكاليف مما يؤدي لاستقرار كثير من الأسر ومشاريع الري الكبرى والتي تعتبر من مقومات تنمية المناطق الريفية لعدة أسباب منها :

-   زيادة إنتاج الغذاء لمقابلة متطلبات النمو السكاني .

-  خلق وظائف ووسائل عمل لزيادة دخل سكان الريف الفقراء .

-  بناء مجتمعات يسهل فيها تقديم الخدمات الضرورية لمواطن المنطقة .

-  إنعاش الاقتصاد محلياً وقومياً بزيادة الإنتاجية والمحافظة أو الحصول على العملة الأجنبية.

-  النظام بطبيعته قابل للتعديل والتحسين لري مساحات إضافية وإمتدادات جديدة لمشاريع قائمه . يتضح أحياناً أن تعديل وتحسين النظام يكون وفق خطط التوسع الرأسي بتكثيف الدورة الزراعية لزيادة المردود الاقتصادي بإدخال محاصيل زراعية جديدة .

-  استهلاك الطاقـة قليل جـداً مقارنة مع طرق الري الأخرى ، فبإستثناء الري بالمضخات فإن أنظمة الـري السطحي غيـر مستهلكة للطاقة أصلاً.

*   سهولة إدارة وتوزيع مياه الري بالحقل وذلك للأسباب الآتية :

-  إمكانية إضافة كمية من الماء لتغطي احتياجات النبات لفترة لاحقة وبالتالي دورة ري متباعدة بما يساعد في تخطيط وبرمجة توزيع مياه الري والعمليات الزراعية الأخرى بين الحقول المزروعة .

-  لا تحتاج  إضافة الماء بالحقل إلى تقنية أو تعقيدات وتعتمد كثيراً على خبرة المزارع ومهاراته المكتسبة بالممارسة ومعرفته لخواص حقله .

-  النظام صالح لري كل المحاصيل الزراعية بما في ذلك المحاصيل الشجرية (بستانية وغابية) .

 

مساوئ الري السطحي :

تتعدد مساوئ الري السطحي مقارنة بطرق الري الأخرى ، وهذه المساوئ يمكن حصرها في الآتي :

*  عرف نظام الري السطحي بكفاءته المتدنية والتي غالباً ما تكون في حدود 40-60% مما يعتبر هدراً لمياه الري .

*   يحتاج النظام إلى درجة عالية من التسطيح للارض المروية الذي يكلف الكثير من الجهد والمال بل أن انتظام وتوزيع مياه الري في الحقل يعتمد كثيراً على ذلك .

*   جزء كبير من الأرض تستقطع للقنوات والكتوف ومحابس الماء الأخرى وبالتالي تخرج عن دائرة الإنتاج الزراعي في المشروع المروي .

*   صعوبة أداء العمليات الزراعية أثناء وبعد عملية الري بالحقل مباشرة وعليه يتم تأخيرها لفترة بين الريات .

*  القنـوات والجداول الحقلية ومحابس الماء تعيـق حـركة الآلات وعمليات الميكنة الزراعيـة.

*  سطح الماء المكشوف بالقنوات والجداول والحقول وما يصاحبه من تدفقات المياه حول الحقل المروي خلق بيئة غير صحية في المنطقة المروية مما يؤدى لتفشي أمراض الملاريا والبلهارسيا وغيرها .

1-4   ضرورة ومبررات تطوير الري السطحي في الدول العربية :

هنالك العديد من الأسباب التي تدعو الى ضرورة تطوير الري السطحي في الدول العربية وتشمل الآتي  :

1-4-1  التوسع الكبير في الري السطحي في الدول العربية :

لقد سبق أن ذكر بان جملة المساحة المروية في الدول العربية تقدر بحوالى 15 مليون هكتار 85% منها تستخـدم الـري السطحي التقليدي ، وهـنا تكمن أهميـة تطـوير الري السطحي في الدول العربية، والذي يعتبر المصدر الرئيسي للحبوب التي تمثل الغذاء الرئيسي للسكان في العديد من الدول .

تشير البيانات والمعلومات المتاحة ان أكثر من نصف الدول العربية تزيد فيها نسبة الري السطحي عن 95% وأنها تزيد عن 97% في ثمانية من الدول هي جيبوتي ، سوريا ، السودان ، المغرب، مصر ، العراق  ، موريتانيا واليمن  ، علماً بأن نسبة الأراضي المروية بهذه الدول تزيد عن 79% من جملة الأراضي المروية بالدول العربية .

أما الدول التي فيها تركيز على استخدام طرق الري الحديثة فهي أساساً دول الخليج والدول ذات الموارد المائية المحدودة مع توفر الامكانات المالية لذلك نجد خمسة دول فقط تقل فيها نسبة الري السطحي عن 50% .

ان هذا السرد يوضح بجلاء مدى انتشار الري السطحي في الأراضي بالدول العربية مما يؤكد أهميته النسبية .

ان هذا الوضع قد تطلبته الأوضاع المناخية بالدول العربية وارتفاع المتطلبات المائية للزراعة نسبة للجفاف وقلة الأمطار التي تسود المنطقة بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة والعوامل المناخية الأخرى التي زادت من هذه المتطلبات المائية لري المحاصيل .

كما أن الدول العربية عامة تعتمد على الزراعة في محصلة الدخل القومي مما جعل الاعتماد عليها أكثر من غيرها من الأنشطة الأخرى .

1-4-2  ارتفاع نسبة الاستخدام الزراعي للمياه في الدول العربية :

تقدر نسبة الاستخدام الزراعي للموارد المائية في الدول العربية بحوالي 89% من جملة الاستخدامات ، وهي نسبة كبيرة مقارنة بالدول الاخرى في العالم ، حيث يبلغ المتوسط العام في العالم حوالي 70% في حين أنه ينخفض كثيراً في الدول الصناعية لصالح الاستخدامات الأخرى وخاصة الصناعة .

1-4-3   تدني كفاءة الري السطحي في الزراعة العربية :

تقاس فعالية أي عملية بنسبة ما تم تحقيقه فعلياً إلى المراد إنجازه أصلاً . الهدف الأساسي من عملية الري هو إضافة المياه إلى التربة بغرض تعويضها عما فقدته من رطوبة أساسية لنمو النبات ويتطلب ذلك ما يلي :

*   معرفة تامة بمراحل نمو النبات فوق وتحت سطح التربة.

*   معرفـة خواص التربة الفيزيائية من قوام ومسامية وعمق بالإضافة إلى خواصها الهيدروليكية.

*   قياس العوامل المناخية التي تسبب استنزاف الماء مثل ( الإشعاع الشمسي، درجة الحرارة، سرعة الرياح والرطوبة النسبية) أو إضـافته ( مثل الهطول المطري) إلى مخزون التربة من الرطوبة.

*   مراقبة مستوى سطح الماء الجوفي والذي يدخل وضعه في الاعتبار عندما يقترب من منطقة الجذور.

يمكن حساب كمية المياه التي ينبغي إضافتها للتربة وذلك باعتبار العوامل المذكورة آنفاً . وفي سبيل إضافة هذه الكمية  لكل الحقل بانتظام فإنه يتم عادة استخدام كمية أكبر من حاجة النبات، وهذه تعتبر كمية مهدورة من المياه . وهنا تكمن مشكلة كفاءة الري الحقلي .

تختلف كفاءات الري حسب المراحل المختلفة للري والتي تشمل الآتي :

كفاءة الإضافة  (Application Efficiency) :

يمكن تعريفها بأنها نسبة كمية المياه التي تصل إلى منطقة جذور النبات إلى الكمية الكلية التي أضيفت إلى الحقل. وهذه النسبة منخفضة في حالة الري السطحي حالياً ومرتفعة للري الموضعي وبينهما تقع النسبة الخاصة بالري بالرش. في الوقت الراهن لا تزيد نسبة كفاءة الإضافة للري السطحي عن 50% في أفضل أحوالها في الوطن العربي (الأردن ، سوريا) .

كفاءة النقل  (Conveyance Efficiency) :

هذه الكفاءة عبارة عن نسبة المياه التي تدخل الحقل من الكمية التي تطلق من مصدر المياه الأساسي . تتعرض القنوات الترابية المكشوفة إلى رشح من أسفلها وجوانبها وبخر سطح الماء المكشوف بها ولذلك فإن كفاءتها منخفضة . ارتفعت هذه النسبة من 20% إلى 80% في مشروع بيجان باليمن بعد استبدال القنوات الترابية بأنابيب كما ارتفعت من 65% إلى 90% بعد تحويل القنوات المكشوفة إلى أنابيب في المنطقة الشمالية الوسطى من وادي الأردن .

الكفاءة الكلية للري (Irrigation efficiency) :

عبارة عن حاصل ضرب الكفائتين السابقتين .

كفاءة التخزين (Storage Efficiency) :

وهي نسبة المياه التي تضاف لمنطقة الجذور إلى ما هو مطلوب فعلاً لمنطقة الجذور وهي قياس لمدى إيفاء حاجة النباتات من الماء.

مؤشرات قياسية أخرى :

بالرغم من أن المقاييس التالية ليست حقلية ولا تتعلق بمنظومة النقل والتوزيع إلا أن أثرها يتخطى هذه المنظومة إلى إدارة الري داخل الحقل. هذه المقاييس تؤثر على إدارة المزارع للري وتصرفه حيال فتح وإغلاق مياه الري وهي كما يلي :

الكفاية (Adequacy) :

     وهي عبارة عن نسبة كمية الماء التي تجلب للحقل إلى كمية الماء المطلوبة لذلك الحقل . من المعروف أن قنوات الري تصمم بناءاً على الاحتياجات المائية للمحاصيل مع وضع معامل سلامة وكفاءة إضافة افتراضية لمنظومة الري الحقلي حتى يمكن استيعاب أي تغييرات طفيفة في التركيبة المحصولية ، وقنوات الـري تفشل في أداء مهامـها عنـدما تتغير التـركيبة المحصـولية أو نسبـة  استخدام الأرض تغييراً كبيراً ، كما لا تستطيع القنوات حمل كميات المياه المطلوبة للتركيبة المحصولية الأصلية عندما تهمل صيانتها الدورية.

الإعتمادية (Dependability) :

 وهي  عبارة عن مقياس يتعلق  بالحصول على الماء في الوقت المناسب وبالكمية المطلوبة إذا اعتبر أن كميات المياه تكفي الطلبيات فإن الاعتمادية لا تختل إلا بسوء التوزيع في حالة مصدر المياه الدائـم ( مثل الخزان ) . أما في حالة المياه الجوفية التي تحتاج للطاقة لرفعها فإن كميات المياه الجوفيـة يمكن أن تكفي حاجـة النبات إلا أن معـوقات الحصول على مصدر الطاقة اللازمة البترولية أو الطاقة الكهربائية أو تعطل المضخة لأي أسباب أخرى يمكن أن تخفض من الاعتمادية كثيراً.

المساواة  (Equality)  :

    وهي مقياس للتوزيع العادل للمتوفر من المياه بين مستخدمي المياه على منظومة الري الموحدة دون اعتبار لمقام أو وضع اجتماعي أو موقع على المجرى المائي لأي منهم، عندما يكون الطلب على الماء عند أقصى حد غالباً ما يختل هذا المقياس خاصة بين المزارعين عند بداية القناة الحقلية وأولئك الذين على نهايتها.

عندما يكون أي من هذه المقاييس منخفضاً فإن المزارع يغرق حقله بالماء متى ما وجد سانحة لذلك ودون التقيد بجدولة للري أو احتياجات مائية محددة. إن المزارع يعتقد أنه بفعله هذا قد وفر لمحاصيلـه مياه تكفيها لفترة طويلـة ولا يعلم  فـي أغلب الأحوال أن سعة التربة التخزينيـة  محدودة وأن أي كمية زائدة عنها تعتبر هدراً لا فائدة منها. وبالرغم من خبرة المزارع التي أكتسبها إلا أنه كذلك لا يعلم أن الري عبارة عن تعويض للتربة عما فقدته من رطوبة وإعادة مستوى الرطوبة فيها إلى سعتها التخزينية وأن هذه الكمية تعتمد على معدلات استنزاف رطوبة التربة بعمليتي البخر والنتح وأن هذه الكمية تتناسب طرداً مع الفترة بين الريات .

1-5 المعوقات والمشاكل الرئيسية التي تواجه تحسين كفاءة الري السطحي في الدول العربية:

إن تدني كفاءة الري الحقلي التي أصبحت سمة من سمات قطاع الزراعة المروية في العالم العربي تتطلب حصر المعوقات الرئيسية حتى يمكن التطرق لمعالجتها وعليه يمكن وضع المعوقات الرئيسية في أطر محددة كما يلي :

المعوقات الفنية :

ويمكن حصر هذه المعوقات في :

-  ضعف الإرشاد المائي :  أصبح الماء وقضاياه موضوعاً في جلسات ومؤتمرات العلماء إلا أن ندرة هذا المورد ونتائج البحوث المتعلقة بمعالجة مشاكله في القطاع المروي  لا يتم  توصيلها لمستخدمي المياه بالدرجة الكافية وذلك لضعف قنوات التوصيل مؤسسياً وفنياً مما خلق فجوة في الوعي المائي لدى المستخدم الأول للمياه .

-  ضعف تأهيل المزارع : يعتبر المزارع المحور الأساسي في تحسين كفاءة الري لأن معظم هدر المياه يحدث في الحقل . اتخذت بعض الدول العربية سبيل التشريع للحد من  إسراف المزارع للماء إلا أن ذلك لم  يكن كافياً خاصة أن من الإسراف مالا يرى بالعين ( صرف عميق وبخر) . ينبغي تنمية الوازع الداخلي لكل مزارع بالتأهيل والتدريب واستعمال الحقول الإرشادية حبذا في أراضي المزارعين المتعاونين.

-  ملاءمة منظومة الري : تكلفة وضع ري حقلي سطحي اقل من تكلفة وضع أي منظومة ري أخرى ، كما أن الري السطحي تنخفض فيه التقنيات المتطورة، لذلك يتم اختياره تلقائياً دون اللجوء إلى عناصر أساسية أخرى يستوجب وضعها في الاعتبار عند اختيار نظام الري الحقلي ( نوعيـة التربة ، الطبوغرافية ..الخ). 

-  ندرة المؤسسات التعليمية المتخصصة : إن التأهيل المطلوب لقضايا الماء يتطلب الإلمام بمجالات عديدة مثل الري ،التربة، الاقتصاد، علم الاجتماع، المناخ..الخ.

-  ندرة مراكز البحوث المائية : بالرغم من الأهمية المطلقة للمياه إلا أن المراكز المتخصصة في بحوث المياه قليلة العدد وشحيحة العتاد.

-  عدم الأخذ بالتطورات الحديثة في تصميم وإدارة نظم الري السطحي.

درجت إدارات تصميم المشاريع المروية في الدول العربية على نقل نمط وتخطيط أقدم المشاريع المروية إلى كل منطقة يستحدث فيها مشروع جديد وذلك دون اعتبار لخصوصية المنطقة الجديدة من تربة وطبوغرافية ودون الأخذ بأساليب التصميم الحديثة . وهذا خطأ شائع يجب تداركه ، حيث لكل موقع صفاته الخاصة به ويجب الأخذ بها مع مراعاة التطورات الحديثة في التصميم .

أسباب مؤسسية :

تتعدد المؤسسات الحكومية التي يرتبط عملها بالماء  على مستوى الأقطار العربية مما يتطلب التنسيق الدائم بينها .

-  هناك نقص فـي التنسيق بيـن مراكـز البحوث الزراعيـة ، مراكـز البحـوث الهايدروليكية والجامعات والمعاهد العليا فيما يختص بالبحوث المائية.

-  غياب تنظيمات المزارعين وتعطيل دورها في إدارة المياه.

أسباب تتعلق بإدارة المياه :

-  عدم التزام المزارع بالمقننات المائية للمحاصيل المختلفة.

-  إهمال الصيانة الدورية لقنوات الري ومنشآت التحكم في المياه.

-  عدم الالتزام بنمط التخصيص (Allocation)  والذي صمم على أساس قنوات الري . فمثلاً إذا صممت قنوات الري على أساس أن يروي المزارعون ليلاً ونهاراً واكتفى المزارعون بالري نهاراً فقط فإن نصيب كل فرد من المياه سوف يكون ضئيلاً بالنهار كما أن القنوات تتعرض للكسر أثناء الليل نتيجة لعدم مقدرة تحملها لكميات المياه الواردة فيها.

-  عدم الالتزام بفروق المناسيب (Head) المقررة لقنوات الري للحصول على تدفقات معينة في جداول الحقل . تحتاج التدفقات التي تقل عن تدفق التصميم لوقت طويل حتى يكتمل ري الحقل مما يتسبب في هدر كميات كبيرة من المياه عن طريق التسرب العميق والبخر.

- عدم الالتزام بالنمط المحصولي الذي وضعت على أساسه قنوات الري . تحدد التركيبة المحصولية سعة قنوات الري  فإن تغيرت هذه التركيبة المحصولية لا يمكن لقنوات الري استيعاب التركيبة المحصولية الجديدة مالم تكن الأخيرة قد بنيت على السعة القصوى لقنوات الري.

-   التمسك بتقاليد إروائية مهدرة للمياه مثل فرض دورة توزيع جامدة لمياه الينابيع والأفلاج دون اعتبار لاحتياجات المحاصيل.

-  غياب البيانات التفصيلية فيما يختص بالتصريفات ، الاستهلاك المائي للمحاصيل المختلفة وإدارة المياه على مستوى الحقل.

-  غياب المتابعة والتغذية الراجعة والتقويم المستمر.

-  اعتماد المزارع على بعض الدلائل لري المحصول مثل تشقق التربة أو ذبول منتصف النهار أو تغير لون أوراق النبات إلى الأخضر الداكن .

-  عدم التقيد باللوائح والقوانين التي تحكم إدارة المياه.

أسباب تقنية :

-   ضعف تقنية الري في العالم العربي حيث أن معظم متطلبات الري من أجهزة تحكم وقياسات وأنابيب تستورد من خارج الوطن العربي . توجد بعض التقنيات  مثل صناعة الأنابيب في بعض البلاد العربية وهي تحتاج للرعاية الدائمة .

-  عدم الاهتمام بالتكنولوجيا الحديثة كتكنولوجيا الرصد والتقدير والتنبؤ بالموارد المائية وكذلك بعض التكنولوجيا الأخرى والتي قد تكون مفيدة في بعض الحالات لأحداث الهطول بطريقة استمطار السحب .

أسباب هيدروليكية :

تتمثل العناصر الهيدروليكية الأساسية في الري السطحي  بالميل والخشونة موضحة كالآتي :

-  يتطلب الري السطحي تسوية أو ميل الأرض المنتظم في اتجاه حركة المياه وأي منخفضات أو مناطق مرتفعة تعوق حركة المياه المنتظمة مما يتسبب في تدني كفاءة الري الحقلي .

-  خشونة السطح الذي تتحرك عليه المياه سواء كانت مجاري مائية أو حقل تؤثر على معدلات التدفق . وتزداد الخشونة بنمو الحشائش في المجاري المائية والأخاديد مما يعيق حركة الماء.

أسباب اقتصادية :

-  انخفاض تكلفة الماء مقارنة بأي مدخل انتاج آخر بالرغم من أنه المدخل الأهم الذي يتوقف عليه المحصول كماً ونوعاً مما أدى إلى الإسراف في استخدامه.

-  تدني معدلات الإنتاج لوحدة المساحة أو لوحدة الماء أدى إلى عدم الحرص على المياه.

-  انخفاض عائدات المنتجات الزراعية مع ارتفاع تكلفة الإنتاج واضمحلال دعم الخزانة العامة أدى إلى هجر المزارعين لمباشرة الري واستئجارهم لغير الملمين بعملية الري وذلك نظير أجر معلوم أو نسبة من المحصول .

-   صغر مساحة الحيازات لا يساعد على استرداد تكلفة أي تحسينات رئيسية.

-  عزوف رأس المال الخاص عن الاستثمار في الزراعة المروية وبحثه عن مشروعات ذات عائد سريع .

-   ارتفاع تكلفة البحوث الزراعية فيما يختص بوسائل النقل ، العمالة والأجهزة.

 

-  وضع البحث العلمي في مؤخرة أسبقيات التمويل.

-  انخفاض أو دعم سعر الطاقة في بعض البلاد العربية أدى إلى لجوء المزارعين إلى ضخ كميات من المياه أكبر من حاجة المحصول.

-  غياب الصيانة الدورية لبنيات الري التحتية.

-  ارتفاع تكاليف إنشاء شبكات الري الحديثة يشكل عائقاً كبيراً في التوسع باستعمالها.

-  ارتفاع تكلفة تبطين قنوات الري المكشوفة. 

1-6  الأهمية النسبية للصرف الزراعي :

إن التعريف العام للصرف الزراعي هو سحب المياه الزائدة عن حاجة النبات من التربة برغم ان هذا التعريف يضع الصرف كنقيض للري إلا أنه في الحقيقة عملية مكملة للري ويعتبر مكون أساسي لضمان حصول النبات على حاجته للمياه دون نقص مؤثر أو زيادة مخلة .

إن مشاريع  الري الكبرى في أغلب الدول العربية ذات العراقة في موضوع الري السطحي تعتبر فيها شبكة الصرف جزاً مكملاً لشبكة الري كما هو الحال في مصر والسودان والعراق وسوريا وهى الدول التي بها حوالى 70% من مساحة الأراضي المروية في العالم العربي .

هذا فاذا ما أخذنا في الاعتبار الفوائد المائية العالية التي سبق ذكرها خاصة عند تطبيق الري السطحي تتضح أهمية الصرف الزراعي الذي يقوم بدورين مهمين هما :

أ- إزالة المياه الزائدة من منطقة الجذور والتي يؤدي تراكمها الى احداث ظاهرة الغدق وهى عملية غمر لمنطقة الجذور مما يؤدي الى تعفن الجذور وربما إلى اتلافها وبالتالي انخفاض الإنتاجية أو موت النبات بالكامل .

وفي الحقيقة فإن إنخفاض الإنتاجية مربوط بعدة عوامل وفي الأساس أربعة وبنسبة :

-  المحصول المزروع .

-  التسوية .

-  مستوى الماء الأرضي .

-  مدة الغمر .

ب-الاستفادة من مياه الصرف الزراعي باعادة استخدامها ،  وتشير الدراسات الى الإرتفاع الكبير في الفواقد المائية في الري السطحي بالدول العربية .

وتوضح التجربة المجربة التالية اشكالية المياه الزائدة ومدن تأثيرها على إنتاجية المحاصيل :

 

 

 

 

       
    مربع نص: Rm-R
    R
 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وهنا تبرز العديد من المحاذير ، مياه الصرف الزراعي مياه عادمة تحتوي على العديد من الملوثات من بقايا مكونات التسميد والمبيدات الحشرية ومبيدات الحشائش ، ولهذا فان اعادة استخدام هذه المياه يتم وفق ضوابط محددة سيتم التعرض لها بالتفصيل لاحقاً .

1-7  أساليب الصرف الزراعي السائدة في الدول العربية :

تنقسـم  أساليب الصـرف الزراعي السائدة  فـي الدول العربية إلـي ثلاثة أساليب أساسية هى:

أ-   الصرف السطحي المكشوف .

ب- الصرف شبه السطحي (مغطى مكشوف) .

ج-  الصرف الشاقولي .

أ-  الصرف الزراعي السطحي المكشوف :

هذا النوع من الصرف الزراعي يعني أساساً بتجميع المياه الزائدة من الحقل سطحياً ، وعليه فإن مسار المصارف في هذه الحالة تكون دائماً على زاوية عمودية على مسار القنوات المفتوحة وتكون على خطوط مسار الانحدارات الطبيعية للأرض .

تقوم  هـذه  المصارف بتجميـع المياه الزائـدة فـي الحقل والتـي قد تشمل مصادرها ما يلي:

 

*  اضافة كميات زائدة عن حاجة النبات للأرض .

*   صرف طبيعي متوقع ومبرمج مرتبط بنوعية المحاصيل كمحصول الأرز الذي تغمر أراضيه بالمياه ثم تصرف في حالة حدوث هطول مطري مفاجئ وتكون الأرض قد تم ريها مسبقاً ولا مجال لاستقبال مزيد من المياه.

*   في حالة كسور في القنوات مما قد يؤدي إلى غمر الأراضي ويصبح من الضروري صرف هذه المياه الزائدة عنها .

يكون سير المياه في هذه المصارف بالراحة ووفق الانحدارات الطبيعية للأرض إلافي حالات معينة، فمثلاً عندما تقل الانحدارات الطبيعية عن الانحدار المطلوب لسير المياه بسهولة يتم خلق الانحدارات المطلوبة بزيادة الحفر . كما أنه في حالة شدة انحدارات الأرض الطبيعي عن المطلوب ومن أجل المحافظة على المصارف من النهر يتم انشاء مساقط على هذه المصارف   لتقليل الانحدارات والتحكم  في سير المياه عليها بالصورة المطلوبة .

هناك العديد من النظريات لتصميم هذه المصارف ولكن نسبة لصعوبة التكهن في كثير من الحالات بكميات التدفق فان هناك معادلات متعارف عليها (emperical) لتصميم هذه القنوات بصورة تسمح لها بالاستجابة لكل التوقعات الحقلية والتخلص بالسرعة المطلوبة من المياه الزائدة . في بعض الحالات وعندما تكون الأرض مسطحة للغاية فقد تصبح هناك حاجة لوجود مضخات على هذه المصارف .

ترتكز قواعد حساب شبكات الصرف الزراعي على ثلاث اعتبارات أساسية :

أولاً  :  اعتبارات التربة :

تحــدد دراسـة التـربة مختلـف الطبقـات ( الآفاق ) مــن السطـح إلــى القـاعدة غير النفاذة وكذلك المناطق المبرزة لآثار التغدق ومن ثم تحديد الخصائص الفيزيائية والهايدروديناميكية.

ثانياً :  الاعتبارات الزراعية :

لعل أهم عنصر يؤخذ في الاعتبار هو التحديد بدقة للإرتفاع الأمثل للماء الأرضي . ويوجد لكل محصول مستوى معين مرتبط أساساً بنوعية التربة وبالموسم أيضاً . إن الغمر الدائم للتربة يؤدي على المـدى البعيد إلـى تكـوين مستنقعات وفـي المقابل رطوبـة زائـدة حتى ولو كانت ظرفيـة تقلل مـن تهوية التربة وعمليات الأكسـدة ، مـن جهـة أخرى  فان صعود الماء الأرضي خلال 24 ساعة يشكل توقف شبـه كامل للنظام التجديري ، وفي الأيام المتعاقبة يكون موت النبات . وفي  العكس فان أي تصريف زائد يقلل من إمكانيات تغذية الجذور من المياه عن طريق الطبقة المائية السطحية .

ثالثاً :  الاعتبارات الهيدرولوجية :

إن تصميم شبكة الصرف الزراعى داخل الحقل يعمل على أساس ان الغمر لا يتعدى مبدئياً المدة الحرجة للغمر المحددة حسب كل محصول . وفي الحقيقة فإن طرق حساب الخصائص التقنية للشبكة تختلف حسب الاعتبارات الهيدرولوجية التالية :

-  في منطقة حيث يكون فيها فصلي الشتاء والربيع تعطي أمطاراً طويلة ومتكررة ولا تترك بين السلسات المطرية الإ فترات قصيرة لا تسمح بإزالة المياه الجاذبية ، فإن الحسابات تبني على أساس ما يعرف بالنظام الدائم لتصريف المياه وإبقاء الطبقة المائية تحت مستوى أقصى لا يمكن تجاوزه .

-  بينما في المناطق ذات الأمطار الشديدة والقصيرة والتي تسمح بفترات طويلة (في حدود أسبوع) تتم محاولة تصميم الشبكة على أساس نظام متغير ، الذي يمكنّ من تخفيض كافي في وقت معين بعد انتهاء المطر .

 

ويبين الشكلين التاليين الحالات العامة لكل النظامين :

 

 

                     
 
 
   
 
   
 
   
 
   
 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المعادلة العامة للصرف الزراعي تحت النظام المتغير .

 

            4 Ki Rθ                     1

E2  =                            * 

                 ų                         Y1 – Y0

 

                                                   [2R + (Ks/Ki) h c1] h co

Y1 – Y0 = 1.15 log10  =

                                                   [2R + (Ks/Ki) h co] h c1

حيث ان :

R      :  العمق الوهمي .

hc    :  الحمولة القصوى للمستوى المرغوب للطبقة .

Ks   :  نفاذية التربة فوق المصارف .

Ki   :  نفاذية التربة تحت المصارف .

    Θ:  الوقت اللازم لتخفيض الطبقة .

ų    :  مسامية الصرف .

h co :  الحمولة القصوى للطبقة خلال الأمطار الحرجة .

hc1  :  الحمولة القصوى المرغوبة للطبقة .

تعتبر عموماً المصارف السطحية أحد وسائل التخلص من نتائج تدني كفاءة الري السطحي وكلما زادت كفاءة الري السطحي كلما قلت الحاجة للمصارف إلا في الحالات الطارئة أو المبرمجة (للأرز مثلاً) .

تبدأ شبكة الصرف الزراعي السطحي المكشوف بالمصارف الحقلية التي تقوم بتجميع المياه الزائدة من الحقل مباشرة وتنقلها الي مصارف فرعية ثم إلى مصارف تجميع (Collector) فإلي مصارف رئيسية Main drain .

في بعض الحالات قد يحدث خلل في طلب المياه يؤدي الى ارتفاع كبير في مستوى المياه على القنوات الرئيسية ، ولذلك فإن كثيراً من القنوات  الكبيرة توجد بها مايسمى بمصارف تهريب المياه Scape drain (منفسة) حيث يتم فتح هذا المصارف في الحالات النادرة لتخفيف الضغط على القنوات الرئيسية لتجنب انهيار جسورها وما قد يصحب ذلك من اثار سالبة للغاية نسبة لضخامة هذه القنوات وما تحمله من مياه بكميات كبيرة.

ب-  الصرف شبه السطحي :

إن هذا النوع من الصرف الزراعي ينقسم الى قسمين اساسيين هما :

-  صرف مكشوف .

-  صرف مغطى .

يكون هذا النوع من الصرف داخل الحقل وهو في الأساس عملية للتحكم في منسوب المياه الجوفية شبه السطحية (تحت السطحية) داخل الحقل . وقد ظهر التقدم في هذا المجال بعد ظهور النظريات الأساسية لحركة المياه داخل التربة مع تقدم علوم الهيدروليكا والهيدرولوجيا والتي استقرت مبادئها في القرن الثامن عشر ثم ظهور قانون دارسي لحركة المياه الجوفية سنة 1856 والذي كان الاساس في كل نظريات حركة المياه الجوفية .

تتكون شبكة الصرف الحقلي ايضاً من مصارف حقلية تحمل المياه من الطبقات شبه السطحية في الحقول الى مصارف فرعية ثم الى مصارف رئيسية .

تتكون  شبكة المصارف الحقلية  المكشوفة من مجاري مائية عميقة مكشوفة تصب فيها المياه شبه السطحية الزائدة بطريقة طبيعية حسب انحدارها ، اما المصارف الحقلية المغطاة فهى عبارة عن مواسير بها  فتحات توضع تحت سطح الارض في عمق معين تحدده عوامل عديدة  . تصب هذه المصارف الحقلية في مصارف فرعية ثم عمومية فـي كثير من الاحوال تحتاج هذه الشبكات الى مضخات تسحب هذه المياه.

ج-  الصرف الشاقولي :

المفهوم العام للصرف الشاقولي هو تخفيض منسوب المياه شبه الجوفية دون منطقة الجذور ويتم استخدام هذا النوع من الصرف في الأراضي ذات الارتفاع العالي نسبياً في مستوى المياه شبه الجوفية.

ولقد استخدم الصرف الشاقولي في وادي الفرات الأسفل بسورية وكانت له نتائج جيدة ، ويعتبر هذا الأسلوب من الصرف الرأسي باعتبار أن الأساليب الأخرى من الصرف كلها أفقية . ويعتبر الصرف الشاقولي من طرق الصرف المكلفة ، حيث يتطلب شبكة من الآبار الجوفية يتم حسابها بمعادلات دقيقة، كما أن هذه الآبار تتطلب أنواعاً من المضخات الغاطسة وهذا بالضرورة يعني توفر طاقة كهربائية ، ولرفع كفاءة هذا النوع من الصرف يفضل ان يكون مرتبطاً بأجهزة تحكم أتوماتيكية لتشغيـل المضخات عنـد الحاجة ، ومن الجانب الآخر فان لهذا النوع بعض المزايا التي تشمل ما يلي:

*  تأمين تخفيض تحكم للمياه الجوفية دون منطقة الجذور مع تصفية التربة من الأملاح وهو يعتبـر الصـرف الأفضل لهذا النوع من الأراضي ذات المنسوب العالي للمياه شبه السطحية.

*  يمكن إستخدام المياه من الصرف الشاقولي في الإرواء وغسيل التربة رأسياً حيث أنها متدنية الملوحة وتعتبر صالحة للري .

*  نتيجة للصرف الشاقولي ستكون طبقة مهواة تسمح بغسيل التربة بسهولة .

*  إن المحافظة على العمق المثالي للمياه الجوفية خلال مرحلة نمو النبات يمنع إعادة التملح ويشكل ظروفاً مواتية للحصول على إنتاجية جيدة .

أما سلبيات الصرف الشاقولي تتمثل في الآتي :

*  ارتفاع الكلفة الانشائية الاستثمارية .

*  عدم تجفيف التربة بشكل متوازن حيث أن المناطق بالقرب من الآبار تجف أكثر من المناطق البعيدة من الآبار بسبب الشكل المخروط لمنسوب المياه بين الآبار والذي تكون قاعدته (أدنى نقطة) عند البئر وأقصاها في المسافة بين البئرين .

*  لدى العمل الطويل والمتواصل للصرف الشاقولي وخصوصاً في المشاريع الكبيرة والمجموعات الكثيرة للآبار فقد يؤدي ذلك إلى تملح الآبار والخزانات بسبب انجذاب المياه المالحة لها من خزانات مجاورة .

*  إن تخفيض منسوب المياه قد يؤدي إلى غسل بعض المواد العضوية الذائبة في هذه المياه مما قد يخفض من خصوبة التربة .

 يجب تصميم شبكة الصرف الشاقولي بدقة وعلى الأسس العلمية الدقيقة لتفادي هذه السلبيات وتأمين تحقيق منسوب المياه للحد المطلوب والمحدد دون زيادة أو نقصان ، وهذا بالطبع يتطلب تحريات كثيرة ومعقدة للمنطقة للوصول إلى التوازن المائي والملحي المطلوب .

1-8   ضرورة ومبررات الصرف الزراعي :

ان عملية الصرف الزراعي تصبح مطلوبة وهامة للغاية في الحالات الآتية :

أ-  عندما تكون كميات مياه الري زائدة عن الحاجة مما يؤدي انسيابها خارج الحقل وهنا يصبح تصريفها ضرورة حتمية لخلق بيئة زراعية صحيحة مواتية .

ب- في كثير من الأحيان تتسرب مياه الري الزائدة عن الحاجة الى الطبقات الأرضية العليا مما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه شبه السطحية إلى منطقة الجذور ، وهنا يصبح من الضروري تصريف هذه المياه بعيداً عن منطقة الجذور .

ج-  في بعض الحالات وخاصة في دلتا الأنهر يكون منسوب المياه شبه السطحية مرتفعاً للغاية وفي حالة ارتفاعه حتى منطقة الجذور تصير هناك حاجة للصرف لتخفيض منسوب المياه شبه السطحية عن منطقة الجذور ، ودلتا النيل بمصر من أبرز الأمثلة العربية في هذا المجال .

د-  هناك أراضي ذات ملوحة عالية ويتطلب استصلاحها عملية غسل لهذه الأملاح وفي بعض الحالات عندما تكون نفاذية التربة لا تسمح بتسرب مياه الغسل إلى المياه الجوفية العميقة فان الأمر يتطلب ايجاد وسيلة للتخلص من هذه المياه ويكمن العلاج في الصرف الزراعي بهذه الأراضي

1-9  أهمية تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية :

كما ذكر سابقاً فان 85% من المساحة المروية بالدول العربية تستخدم الري السطحي كأسلوب للري الحقلي وانه نسبة لتدني كفاءة هذا الأسلوب فان جملة الفواقد المائية تقدر بحوالي 91 مليار متر مكعب سنوياً على نطاق الدول العربية . ان هذا الفقد الكبير يعد أهم العوامل التي تدعو إلى تطوير أساليب الصرف الزراعي من أجل التوازن الرطوبي بالتربة ومن أجل الاستفادة من بعض هذا الفقد باعادة استخدام مياه الصرف الزراعي الصالح للري/للزراعة حيث يعتبر هذا الاستخدام كأحد الموارد المائية غير التقليدية الهامة في الدول العربية .

1-10  المعوقات والمشاكل التي تواجه تطوير الصرف الزراعي في الدول العربية :

تشمـل المعـوقات والمشاكـل التي تواجـه تطـوير الصرف الزراعـي بالدول العربية ما يلي:

*  اتساع رقعة المساحة المروية ببعض الدول العربية حيث أن الدول العربية التي يهمها في المقام الأول تطوير الصرف الزراعي هى الدول ذات الرقعة المروية رياً سطحياً واسعاً مثل مصر والسودان والعراق وسوريا . إن هذا الاتساع الكبير في الرقعة المروية وما يصاحبها من شبكات للصرف تجعل التطوير مرتفع الكلفة ، ورغم القناعة التامة بأهمية التطوير إلا أنه يصبح في الواقع غير ممكن إلا في حدود ضعيفة للغاية .

*  اتساع المصارف بطرق الصرف تحت السطحي بالدول العربية إلا في دول محدودة مثل مصر .

*  عـدم وجــود الوسائل والآليات اللازمة لتطـوير الصرف الزراعي بأغلب الدول العربية.

*  عدم وجود البيانات الدقيقة عن الفواقد ومستوى مناسيب المياه شبه السطحية في الأراضي الزراعية المروية لتقييم الحاجة للصرف الزراعي .

*  ارتفاع تكاليف عملية الصرف الزراعي بالنسبة للمزارع العربي البسيط وخاصة في المزارع الصغيرة المنتشرة على جميع أرجاء الدول العربية .

*  تفتت جزء مقدر من الأراضي الزراعية المروية بالدول العربية لحيازات صغيرة مما يجعل عملية الصرف صعبة نسبياً .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثاني

 

مجالات تطوير

الري السطحي والصرف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثاني

 

مجالات تطوير

الري السطحي والصرف

 

 

2-1  تمهيد :

إن طرق الري السطحي التقليدية هي السائدة في غالبية البلدان العربية. وتتسم هذه الطرق بانخفاض كفاءة الري فيها والمقدرة بين %50-40 وبالتالي ترتفع نسبة الفاقد من المياه ، فهناك مشكلة كمية متمثلة بمحدودية موارد المياه ومشكلة نوعية متمثلة بتلوث الأوساط المائية وبخاصة الجوفية منها نتيجة وصول مياه الري الزائدة إلى  التكوينات الجوفية الحاملة للمياه كما هو الحال في العديد من المناطق الساحلية لبعض البلدان العربية ، ومن الضرورة بمكان الربط بين هاتين المشكلتين وذلك باستخدام مبادئ اقتصادية للحد من زيادة الطلب على المياه مع المحافظة على توفير هذه المياه بهدف زيادة الرقعة المروية . ومن هذه المبادئ وضع نظام مناسب لتعرفة المياه ، وبمعنى آخر إذا أمكن إيجاد معادلة اقتصادية ضمن مبدأ " الملوّث يدفع والمنتفع يدفع " فيمكن حل المعادلة الاقتصادية التي تربط بين تكاليف استهلاك المياه مع تكاليف طرحها في الأوساط الطبيعية، وبالتالي يمكن رفع كفاءة استخدام المياه والحد من حجم المياه العادمة الملوثة وتوفير موارد مائية إضافية لمواكبة الطلب المتزايد على الماء .

2-2  المجال التقني :

يعتبر استخدام التكنولوجيا والوسائل الفنية العلمية هو المجال الأساسي لتطوير أساليب الري السطحي والصرف القائمة بالدول العربية والتي قد يصعب تحويلها إلى ري حديث مما يؤكد أهمية العمل على تطويرها ورفع كفاءتها بأسهل الأساليب وأقل تكلفة .

ان استخدام الأساليب العلمية والفنية والتوجه نحو التقانات الحديثة المتطورة يهدف إلى تخطي التحديات والمعوقات التي تواجه استخدام خزن الري السطحي والصرف التقليدي والذين يشوبهما العديد من الاخفاقات التي تم سردها سابقاً .

تشمل الأساليب الفنية والتقنية ما يلي :

2-2-1  رفع كفاءة استخدام المياه :

يعتبر تدني كفاءة استخدام المياه بالري السطحي الصلة الأساسية والمحدد الأول لاستخدام هذا الأسلوب من الري رغم سهولة إنشاء وقلة التكلفة الاستثمارية الأولية ، وهذا ما يناسب أقل الدول العربية التي تعاني من مسائل اقتصادية كبيرة ، وقد قدرت جملة المياه المفقودة باستخدام أساليب الري السطحي بالدول العربية بحوالي 91 مليار متر مكعب ، حيث تقدر الكفاءة الكلية للري السطحي في الدول العربية بأقل من 40% ، علماً بأن الري السطحي بالدول العربية يستهلك حوالى 59% من جملة المصادر المائية بالدول العربية يمثل ذلك حوالى 76% من جملة الاستخدام الكلي للمياه بالدول العربية وهو عبارة عن 89% من الاستخدام الزراعي بهذه الدول ، حيث ان مساحة الأراضي الخاضعة للري السطحي بالدول العربية تزيد عن 85% من جملة الأراضي المروية .

تشمل أساليب رفع الكفاءة ما يلي :

2-2-1-1  رفع كفاءة سعة فقدان نقل وتوزيع المياه :

تستخدم معظم مشاريع الرى السطحي في الدول العربية القنوات الترابية المفتوحة في نقل وتوزيع مياه الري ، وهى طريقة قديمة وعقيمة في المنطقة العربية ، فقد يصاحبها فقد كبير في المياه يقدر بأكثر من 20% ويتمثل في التسرب والكسورات المتعددة على جسور القنوات وفواقد البخر-نتح الناتجة من الأعشاب التي تنمو على هذه القنوات .

كما ان نتيجة للإطماء الذي يحدث بهذة القنوات بسبب إرتفاع نسبة الطمي بالمياه تقلل سعة هذه القنوات مما يعوق حصول النبات على كفايته من المياه في الوقت المناسب وبالكميات المطلوبة مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى العطش وتعرض النبات إلى حالة الشد (Water stress) وبالتالي انخفاض شديد في الإنتاجية أو فقدها بالكامل .

كما أن الأعشاب المائية التي عادة ما تنمو في القنوات الترابية تقود إلى نفس النتيجة السابقة إذا تكاثرت وسدت مجاري القنوات المائية .

وقد شهدت العديد من المشاريع بالدول العربية توقف الري بها تماماً وهجرها أو تقليص المساحة المروية بها بسبب تدني كفاءة نقل وتوزيع المياه .

ان أساليب تطوير كفاءة النقل والتوزيع قد تشمل ما يلي :

أ-  العمل على تبطين الأقنية المائية بالأسمنت أو بالطين او بأي مواد عازلة أخرى مما يقلل من الاطماء ونمو الأعشاب وهناك معدات وآليات خاصة باعمال التبطين .

ب-  إستخدام الأنابيب البلاستيكية في نقل وتوزيع المياه تحد من مشكلة الطمي والأعشاب ، حيث ان السرعة العالية في الأنابيب لا تسمح بالأطماء بالإضافة إلى انعدام مقومات نمو الاعشاب داخل الأنابيب . وقد يعيب استخدام هذا الأسلوب ارتفاع تكلفته الانشائية مع قلة تكلفة صيانته مقارنة بالقنوات المفتوحة .

ج-  تقوية الجسور بإستخدام آليات لدك ومندلة هذه الجسور (Compaction) ، ويستخدم هذا الأسلوب في المغرب العربي وخاصة في موريتانيا رغم ضعف المساحات المروية بها ، وقد أثبت مقدرة على تقليل كمية المياه المتسربة من الجسور ، وهناك العديد من الآليات بأحجام مختلفة للقيام بهذه المهمة .

د-  استخدام الأساليب العلمية لمكافحة الأعشاب بالقنوات وتشمل الأساليب الميكانيكية ، فهناك الآليات  الخاصة لإزالة الاعشاب المائية من القنوات بسهولة كبيرة وهناك الأساليب الكيميائية باستخدام مواد كيميائية للتخلص من الأعشاب وبالطبع هذا الأسلوب يشوبه الكثير من المحاذير بسبب المشاكل البيئية التي يصطحبها وهناك الوسائل البيولوجية والتي تعتمد على تربية أنواع خاصة من الأسماك على القنوات تكون قادرة على التهام الأعشاب وتتغذى بها وهذا بالطبع  فائدة إضافية تتمثل في الأسماك التي يمكن صيدها ولكن لابد من العمل على مراقبة ذلك الأسلوب بحذر والحيلولة دون تكاثر الأسماك فوق طاقة القنوات .

2-2-1-2  تحسين التحكم في قنوات قفل وتوزيع المياه :

إن عملية التحكم في القنوات تشمل جانبين أساسيين هما :

-  التحكم في مناسيب المياه بالقنوات .

-  التحكم في التدفق داخل القنوات .

وعليه فان التحكم في مناسيب المياه بالقنوات يتطلب أولاً تطوير أساليب رصد هذه المناسيب ونقل المعلومه باسرع فرصة لمركز التحكم . وتعتمد الأساليب المتبعة على القراءة اليومية بواسطة خفراء القنوات ونقل المعلومة للمركز بأساليب تقليدية أفضلها التلفون إذا وجد ، وهناك أساليب رصد للمناسيب من البعد وإرسال المعلومة للمركز بواسطة أجهزة لاسلكية تقوم بتسجيل المعلومة وإرسالها للمركز فوراً وهناك أساليب اكثر تطويراً باستخدام الأقمار الصناعية والشهب لنقل المعلومة للمركز مما يساعد كثيراً على التحكم في القنوات . لقد أدخلت في الكثير من شبكات الري طرق رصد ونقل المعلومة من البعد ، مما ساعد في تطوير التحكم في مناسيب الأنهر والقنوات .

أما أساليب التحكم في التدفق التقليدي فهى تعتمد على مناسيب المياه خلف نقاط التحكم أى أنها تعتمد على الوارد من المياه (على العرض) ، أما الأساليب الحديثة والتي طورت في فرنسا فهي تعتمد على التحكم من خلال مناسيب الأمام اى عن طريق الطلب وهى منظمات جيدة ومتطورة تعمل اتوماتيكياً وتقوم بتنظيم التدفق للأمام حسب الطلب ، وهذا يعني تمرير كميات المياه المطلوبة دون زيادة أو نقصان .

هناك بعض شبكات الري المفتوحة التي يمكن أتمتة بعض جوانبها. أولى وسائل التحكم في هذه الشبكات يمكن أن يكون من خلال التحكم في المضخات المغذية لهذه الشبكات .

أما القنوات التي تتغذى من خزانات مائية بواسطة الراحة  (Gravity) أو الانسياب الطبيعي فيمكن التحكم في تدفقاته من خلال التحكم في منسوب المياه داخل الخزانات التي تغذي هذه القنوات ، ويتم ذلك عبر فتح أبواب مأخذ القنوات بإبقاء منسوب المياه في الخزان ثابتاً ، فكلما زاد التدفق من الأحباس العليا وارتفع منسوب المياه تنفتح أبواب مأخذ القنوات أتوماتيكياً للمحافظة على المنسوب في الخزان . يتم ذلك عبر عوامات وأوزان ثقيلة لتحريك أبواب المأخذ. إن هذه الطريقة في التحكم لا تناسب طلبات المياه المتغيرة خلال فترات زمنية بسيطة ولكنها تعتبر جيدة وتناسب التدفقات الثابتة لفترات طويلة.

 

هناك وسيلة أخرى لأتمتة القنوات المفتوحة بواسطة تثبيت المنسوب الأمامي لمأخذ القناة  (Downstream level)  ويتم ذلك أيضاً عبر عوامات وأوزان ثقيلة  (Floats & Weights)  وبهذه الطريقة يمكن أتمتة تدفقات القناة ومقابلة كاملة المتطلبات المائية حتى المتغيرة منها في كل حبس في القناة ، وتعتبر هذه الطريقة تقليدية مقارنة بالطرق الأخرى المتطورة ولكن لها العديد من المزايا مقارنة بطريقة التحكم اليدوي للقنوات ، كما أنها قد تكون أفضل من طريقة التحكم بواسطة المنسوب الخلفي للمياه   (upstream level) . تعمل القنوات المفتوحة المتحكم فيها بهذه الطريقة، مثل شبكة الأنابيب المتحكم فيها بواسطة الضغط والتي سبق التعرض لها .  ولهذا فهي يمكن أن تلبي طلبات مياه متغيرة ولكنها ليست مرنة التشغيل مثل شبكة الأنابيب . إن التحكم الآلي للتدفقات يتم كلما انخفض منسوب المياه في نقطة معينة أمام المأخذ وتمر موجة المياه عبر المأخذ وفقاً لسرعة انخفاض منسوب المياه في هذه النقطة المعينة . لهذا فقد يكون هناك تأخير في التدفق إذا تأخر وصول المياه للمأخذ مما يستوجب توسيع القنوات لاستيعاب هذه الحالات ، عندما لا يكون هناك سحب للمياه تصبح القنوات سلسلة من الخزانات ذات مستوى ثابت ، ولهذا فلابد من مراعاة ذلك عند تصميم القنوات.

إن أبواب القنوات التي يتم فيها التحكم من خلال المنسوب الأمامي تسمح بتدفق المياه في قنوات جانبية بإستخدام نظام مناسب حيث أنها تعمل حسب منسوب ثابت يضمن تدفق الكميات المطلوبة من المياه في كل القنوات الجانبية دون أن يؤثر التدفق في أي قناة جانبية على التدفق في القنوات الأخرى.

هناك طريقة أخرى متطورة للتحكم في القنوات يتم التحكم فيها بواسطة أجهزة إرسال   (Transmitters)  كهربائية توضع في مناسيب مختلفة ، وتشغيل هذا النظام يحتاج إلى أجهزة لإرسال البيانات المطلوبة عن المناسيب والبيانات الأخرى.

يتميز هذا النظام عن الأنظمة الأخرى  للتحكم في القنوات المطلوبة في التدفق لارتباطها بالتوصيل الكهربائي لجهاز الإرسال ، ولكن هذا النظام ليس بصلابة النظم الأخرى لحساسيته الشديدة وقابليته للتلف أكثر من الأجهزة الأخرى.

إن التطور المتسارع لأجهزة الكمبيوتر قد فتح الباب واسعاً لاتمتة أجهزة الري المختلفة. إن أول مميزات الحاسوب هو إمكانية حساب الاحتياجات المائية مقدماً بدقة شديدة وعمل برامج متكاملة لجدولة الري وتشغيل المعدات للإيفاء بهذه الجدولة وتأكيد التدفقات المطلوبة والمحافظة على مناسيب المياه المحددة وهذا يمكن تطبيقه في القنوات المفتوحة وشبكات الأنابيب ، كما أنه باستخدام هذه الأجهزة الحاسبة يمكن تحديد طريقة التشغيل الملائمة لمأخذ القنوات بسرعة هائلة وفي فترة زمنية قصيرة للغاية، كما يمكن وضع برامج تقوم بموجبها أجهزة الحاسوب نفسها بعملية بدء تشغيله وإيقافه وتغير نمطه ، أي التحكم الكامل في عملية التشغيل أتوماتيكيا وهذا يعتبر تقدماً مهولاً في عملية أتمتة أجهزة الري في القنوات المفتوحة ويمكن اختيار الطريقة الملائمة حسب أهمية القناة واقتصاديات المشروع المعين.

إن مميزات استخدام الحاسوب في أتمتة القنوات المفتوحة متعددة ، منها إمكانية إرسال الإشارات إلى أجهزة القنوات وتشغيلها من البعد والتعرف على التدفق ومناسيب المياه في كل نقطة تحكم. كما يمكن الإعداد المسبق لبرنامج فتح وقفل أبواب مأخذ القنوات لضمان توفير المتطلبات المائية ، كما أنه باستخدام الحاسوب قد لا تكون هناك حاجة للمحافظة على مناسيب عالية في القنوات مما يقلل من مخاطر كسر جسور القنوات وعدم تعرض الأجهزة لحمولات زائدة والتعويض عن التسرب الذي قد يحدث في القنوات ،  ولكن أهم مميزات استخدام الحاسوب للتحكم في القنوات المفتوحة هو إمكانية تشغيل الشبكة بناء على معطيات دقيقة عن مناسيب وتدفقات المياه في كل النقاط المعينة.   كما أن استعمال هذه الأجهزة  يقلل من الصيانة اللازمة للأبواب مقارنة بأساليب التحكم الكهربائية والميكانيكية.

إن إدخال أنظم التحكم الآلي في شبكات الري القديمة القائمة قد يكون معقداً بعض الشيء . هناك العديد من الدول في العالم ذات خبرة عريقة في نظم الري التقليدية السطحية ولكنها تقوم حالياً بتطوير شبكات الري إذ لم يعد من الممكن أو المقبول الاستمرار في هذه النظم التقليدية والمعتمدة على الري المستمر ليل نهار طوال الأربعة والعشرين ساعة ، وقد أصبح من الضروري تبني طرق ري أخرى أكثر ملائمة مع المحافظة على المنشآت المائية القائمة.

إن إقامة بوابات للمنشآت القائمة تعمل أتوماتيكيا حسب مناسيب المياه خلف المنشآت يحسن من أداء المنشآت ويقلل من الحاجة  للعمالة مع احتمال أن يؤدي وضع هذه الأبواب إلى فقد في فرق التوازن وهذا يتطلب بالضرورة إعادة النظر في المناسيب. إن إدخال الاتمتة في شبكات الري السطحي التقليدية القائمة عن طريق التحكم في المناسيب أمام المنشآت قد لا يكون سهلاً في كثير من الأحوال نسبة لضخامة الإنشاءات الهندسية الإضافية اللازمة لذلك وخاصة في جسور القنوات وضرورة رفع مناسيبها بالإضافة إلى أن انحدار القنوات قد لا يناسب تطبيق هذه التقانة ، كما أن رفع المناسيب قد يتعارض مع بعض المنشآت الأخرى على القناة من معايير وخلافه.

إن أهم المشاكل التي يجب الانتباه إليها عند إدخال نظم الري الآلي في الشبكات القديمة القائمة هي أن عدد ساعات التشغيل ستقل عن ساعات العمل التي بموجبها تم تصميم القنوات في الأساس مما قد يؤدي إلى عدم إمكانية إيفاءها للمتطلبات المائية ، وخاصة في ذروة الاحتياجات المائية وهذا بالطبع يتطلب زيادة سعة القنوات ولكن باستخـدام الحاسوب ، كما سيرد لاحقاً قد يكون من الممكن تجاوز هذه المشكلة.

2-2-1-3  الاتمته في المضخات :

تعتمد كثير من مشاريع الري السطحي في الدول العربية على رفع المياه من المصادر اباراً  كانت أو أنهاراً على المضخات ، وتعتبر أتمتة المضخات من أهم وسائل تطوير هذه المشاريع .

إن من أول أهداف الاتمتة في المضخات بالإضافة إلى التحكم في التدفقات هو حماية محرك المضخات الكهربائية ، ولتحقيق ذلك فقد تم تصميم جهاز لإيقاف المحرك عندما تزداد سعة التيار الكهربائي عن الحد الأقصى المسموح به دون إلحاق أي أضرار بالمحرك ، أما بالنسبة لمحركات الديزل فهناك أجهزة لإيقاف الاحتراق إذا نقصت كمية الزيوت بالمحرك أو ارتفعت درجة حرارته عن حد معين أو عندما يحدث خلل في الأجهزة الهيدروليكية منعاً لحدوث فجوات ضغط    (cavitation)  . أما في حالة وجود آبار جوفية مرتبط بعضها ببعض فيمكن بسهولة التحكم في الضخ المشترك بإيقاف البعض عندما تقل الحاجة وتشغيل العدد المناسب عند ارتفاع الطلب ، وهذا بالطبع يتم حسب حالة  الخزان المائي وسعة كل مضخة.  إن أتمتة شبكة الري في الآبار الجوفية تساعد كثيراً على الاستغلال الأمثل لهذه الموارد المائية وتؤدي إلى تخفيض كبير في استخدامات الطاقة باستخدام أفضل للآبار لتوفير كمية المياه المطلوبة.

يمكن التحكم في المضخات عن طريق الاتصالات اللاسلكية والإشارات الهوائية أو عبر التوصيلات  الكهربائية من الشبكات العامة أو باستخدام البطاريات في المناطق النائية. كما أن هناك وسيلتين أساسيتين للتحكم في المضخات ، الأولى من خلال التحكم في تشغيل المضخة وفقاً لمنسوب المياه في خزان معلى Elevated tank حيث يمثل هذا الخزان الضغط المطلوب في الأنابيب التي تنقل المـياه من المضخات .  يتم التحكم في منسوب المياه بالخزان من خــلال عوامـة أو آلة تحكم أكثر دقة تمثل الضغط الاستاتيكي (Hydrostatic Pressure  عند قاع الخزان أو عبر مقاومات كهربائية  (Electrical Resistance)  والتي تتغير مع كمية المياه. إن من أهم سمات هذه الوسيلة للتحكم في المضخات هي أنها يمكن الاعتماد عليها أكثر من غيرها من الوسائل ، كما أنها أكثر ملائمة للمضخات حيث أن تشغيل وإيقاف المضخات يتم خلال فترات زمنية معقولة وليس فجاءة مما يساعد على عدم رفع درجات حرارة المضخات التي تتأثر كثيراً بالتشغيل والإيقاف المفاجئ .

تتحسن كفاءة تشغيل المضخات تحت الأتمتة كثيراً بإدخال نظام للتحكم يشمل كل الوحدات العاملة كوحدة متكاملة وليس التحكم المفرد لكل مضخة على حده ، وهذا نظام متوفر ويخفض كثيراً من تكلفة التشغيل. إن تكلفة الخزان المعلى لا تتأثر كثيراً بحجم وعدد المضخات التي يخدمها ، لذلك فكلما زادت تغطيته لعدد أكبر من المضخات كلما قلت تكلفته للوحدة .

أما الوسيلة الأخرى لأتمتة المضخات الكهربائية فتتمثل في إيقاف وتشغيل المضخات أتوماتيكيا وفقاً للتدفقات وذلك عبر حاسب للتدفقات   (flowmeter) ، فإذا زادت التدفقات عن البرنامج المتفق عليه يتم إيقاف المضخة أتوماتيكيا بانقطاع التيار الكهربائي عنها ويتم أعادته عندما ينخفض التدفق عن مستوى معين محدد مسبقاً حسب متطلبات الري. بهذه الطريقة يمكن إرسال إشارة لكل المضخات وفق البرنامج المحدد للتدفقات . إن هذه الطريقة لأتمتة المضخات تتطلب مضخات ذات مواصفات متطابقة ومتشابهة حيث لا يمكن إدخال مضخات مختلفة في نظام واحد متكامل مع ضرورة أن يكون التدفق متوازن بينها ، ولضمان خلق الضغط الأدنى المطلوب في الشبكة عند حدوث تسرب أو فقد للمياه من الشبكة يتم تركيب مضخة صغيرة إضافية تعمل عند انخفاض الضغط وتعمل على إرجاع  الضغط للمستوى الأدنى وتعمل هذه المضخة بواسطة محبس هواء صغير يتحكم في تشغيلها .

إن أسلوب التحكم في المضخات بواسطة حاسب المياه هو أكثر اقتصاداً من الأسـلوب الأول المرتبـط بالخـزان المـعلى  ،إلا أنه يتطلب أجهزة كهربائية أكثر تعقيداً . تجدر الإشارة إلى أن الأوضاع التشغيلية التي تتعرض لها أجهزة التحكم الكهربائية الميكانيكية للمضخات قد تواجه بعض المشاكل نسبة للإيقاف والتشغيل المتكرر خاصة في فترة أقصى الاحتياجات المائية للنبات أو في حالة هطول أمطار غير متوقعة ، ولذلك لابد من تصميم هذه الأجهزة لاحتمال هذه الأوضاع التشغيلية الصعبة.

2-2-1-4  تحسين وسائل الري الحقلي :

تمثل فواقد الري الحقلي أو ما يسمى أيضاً بفواقد الاضافة الجزء الأكبر من فواقد الري السطحي حيث تقدر كفاءة الاضافة في الري السطحي بالدول العربية حوالي 40-50% وتبلغ حوالي 60% من جملة الفواقد الكلية للري السطحي ، وهى تعتبر بذلك أضعف نقطة في حلقة الري السطحي وتحتاج لمجهودات كبيرة لتقليل هذه الفولقد .

يعتمد الري السطحي التقليدي على الغمر الكلي للأرض مما يؤدي إلى إرتفاع الفواقد المائية . وإن تقليل نسبة الغمر قد يساعد كثيراً على تقليل الفواقد ، لذلك نجد انتشار أسلوب السرابات الطويلة التي لها فواقد أخرى على الإنتاج ولكنها ذات فائدة كبرى في تقليل الفواقد المائية وتحسين كفاءة الري الحقلي.

من الأساليب الأخرى لتحسين أساليب الري الحقلي ضمن أسلوب الري السطحي هو برمجة الري بحيث يتم الارواء على دفعات صغيرة وفترات قصيرة مما يساعد كثيراً على الفواقد من التبخر من سطح الماء والتسرب إلى أعماق تحت منطقة الجذور.

من الأساليب الجديدة استخدام التدفق المتقطع Surge Irrigation وهى عدم ارسال الماء دفعة واحدة ولكن على دفعات وهو شبيه بالأسلوب السابق ولكن يختلف في أنه ري مستمر . وقد قدرت كفاءة هذا الأسلوب بحوالي 75% مقارنة  مع 50% للأسلوب التقليدي ، ومن الأساليب الحديثة المتطورة في الري السطحي إستخدام الري على مسارات Border Irrigation ،  وهذه الطريقة تتطلب التحكم في تسوية الأرض حتى لا تنساب المياه بسرعة وتتراكم فـي نهاية المسار بل يجب ان تسير بسرعة مناسبة تمكن من تغلغل المياه فـي الأرض بنسبة معقولـة على طول المسار من بدايته حتى نهايته مع أقل الفواقد.

2-2-1-5  استخدام الاتصالات الحديثة :

يساعد كثيراً استخدام الاتصالات لإيصال المتطلبات المائية في رفع كفاءة استخدام المياه ، فمن خلال شبكة الاتصالات يمكن ايصال طلبات المياه من الأجزاء المختلفة من المشروع إلى التحكم دون أخطاء بشرية وتوفير المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب.

2-2-1-6  الاعتبارات العامة لأتمتة شبكات الري السطحي :

إن أهم عوامل الري هي متى يتم الري وما هي الكمية التي يتم إطلاقها في كل رية أي الزمن والكمية .

إن أول المؤثرات علـى زمـن وكميـة الـري هـو مستـوى الرطوبة في التربة ، ولهذا فهي من العوامل التـي يجب معرفتها قبل تحـديد زمـن وكميـة الرية. هناك العـديد مـن الطرق لتحديد هذه المعلومة .  أدنى وأسهل الطرق هي عبر مقاسات البخر ومقاسات رطوبة التربة  Tensisometer)    (Evaporometer &وكلا الجهازين يقوم بقياس المعلومة من التربة رأساً عبر مجسات خاصة . وانطلاقا من هذه المعلومات يتم تحديد وبرمجة الري وهذا ما يعرف بالري حسب الطلب . (Irrigation on demand ) . هناك طرق تقليدية مبنية على تجارب المزارعين ومن واقع البحوث لتحديد برامج للري حسب المواقيت الزمنية وهذه الطريقة تعرف بالطريقة المؤسسية   (Reestablished)  .

تستخدم طريقة الري حسب الطلب مع أبواب القنوات المتحكم فيها بالمناسيب الأمامية الثابتة ، وهناك أبواب يمكن التحكم فيها لتوفير كميات ثابتة من المياه.

أما التحكم في الري بالأنابيب تحت الضغط فيناسب الري حسب الطلب بشكل أفضل من القنوات المفتوحة نسبة لسرعة استجابة الطريقة للتغيرات في طلب المياه ، ولهذا فإن هناك تصور بأن الري حسب الطلب يرتبط فقط بطرق الري التي تستخدم الأنابيب مثل الري بالرش ، وهذا تصور غير صحيح إذ أنه يمكن استخدام القنوات المفتوحة في طريقة الري حسب الطلب كما سبق ذكره.

إن الفرق الأساسي بين الري حسب الطلب والري المؤسسي هو أن في الأول يكون الطلب للري من المزارعين وقد يحدث في وقت واحد مما يستوجب أن تقوم شبكة الري بتحرير كميات من المياه تزيد عن التدفق المستمر في القنوات ، وفي حالة الري المؤسسي فهناك مجال لتعديل برنامج الري بما يتناسب وسعة القنوات.

هناك عامل آخر مرتبط بالري الآلي وهو درجة الحرارة .  ففي البلاد الباردة قد يكون من الضروري إيقاف الري إذا تدنت درجة الحرارة عن حد معين لتجنب تجمد الرذاذ المتساقط ، لهذا فإن الأجهزة في هذه الحالة تكون مرتبطة بمقياس للحرارة ويتم إيقاف جهاز الري آلياً إذا دنت درجة الحرارة عن الحد المعين.

وهناك جهاز آخر مرتبط بأشعة الشمس يقوم ببدء وتشغيل جهاز الري آلياً حسب درجات الحرارة .

2-3  المجال الإداري والمؤسسي :

قادت التجربة العربية في إدارة المياه تحت ظروف الندرة والجفاف معاً إلى  استنباط أسس ومفاهيم ومبادئ قابلة للتطبيق بشكل واسع نظراً لوجود أكثر من %40 من اليابسة مناطق جافة وشبه جافة. ومن أهم هذه الأسس المستنبطة مفهوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية الذي يجمع بين المنظور الهندسي للمشكلة المائية والمنظور الاجتماعي لها (الفعاليات البشرية والنظم الاجتماعية والبيئية) والذي يعبر عن النهج التكاملي في التخطيط وإدارة الموارد المائية المتاحة والذي لقي قبولاً واسعاً في المؤسسات المائية في الوطن العربي .

2-3-1   تطور مفهوم إدارة الموارد المائية :

تطور مفهوم إدارة الموارد المائية خلال العقود الماضية. ففي عام 1977 اعتبر كنها (Cunha)  وآخرون هذا المفهوم من الأعمال والتدابير التي تحقق بمجموعها الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة، وتشمل هذه المجموعة كلاً من التخطيط المائي Water planning والتشريع المائي والبحوث المائية والتدريب والتوثيق ونظم المعلومات . أما خطة ماردل بلاتا عام 1977 الواردة في دراسة واثق رسول آغا حول استراتيجية الموارد المائية فـي منطقـة الشرق الأدنى ، فقد بلورت عدة مفاهيم حول

إدارة المـوارد المائية أهمها الارتباط العضـوي بين السياسة المائية والتخطيط والإدارة، وأفرزت أيضاً فصلاً لموضوع ترشيد استخدامات المياه وفصلاً آخر للجوانب البيئية ومكافحة التلوث. وفي العام نفسه طرح مفهوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية International water resources management في مؤتمر ماردل بلاتا . لقد ارتكز هذا المفهوم في السبعينيات على مبدأ التخطيط المركزي وبالتالي تبلورت فكرة إعداد خطط مائية وطنية Water Master plan ، وبالتالي تبلورت فكرة الإدارة المركزية للموارد المائية (Central planning & management) ، ومع نهاية الثمانينيات رأى رسول آغا(1) أن مفهوم إدارة الموارد المائية ما هـو إلاّ عملية معقدة تشمـل كـل المراحـل المتكاملة لأعمال التخطيط والتنفيذ والتشغيل وصيانة الموارد المائية، آخذة بعين الاعتبار كل المعوقات والعوامل المؤثرة والفاعلة في ذلك، وساعية لتقليل المنعكسات السلبية على البيئة، وعاملة على زيادة العوائد الاقتصادية للمجتمع ولإحداث التوازن بين الموارد المتاحة والطلب عليها" .  وتكمن أهمية هذا الرأي فـي أخذه بعين الاعتبار الآثار البيئية للموارد المائية Environmental impacts assessment، إذ من الضرورة بمكان للإدارة الرشيدة أن تسعى للحد من الآثار السلبية وزيادة الفوائد الإيجابية لعملية إدارة الموارد المائية .

ومع مطلع التسعينيات وعلى الرغم من أن الإدارة المتكاملة للموارد المائية مازالت حجر الأساس في السياسات والخطط المائية الوطنية إلاّ أن النهج التكاملي قد تبدّل بسبب صعوبة تنفيذ خطط مركزية عملاقة شاملة من الناحية العملية لأسباب اقتصادية واجتماعية وطبيعية، وبالتالي طرأ تحول وتغير على مفهوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية، إذ انتقل من الشمولية المطلقة Comprehensiveness إلى  الترابط المنطقي Coherence ، أي تحويل الاتجاه في مجالي التخطيط والإدارة من العمليات المعقدة إلى  العمليات الأكثر تبسيطاً وفعالية(2) .

2-3-2  الإدارة المتكاملة للموارد المائية :

في سبيل تحقيق المبادئ الأساسية للسياسات المائية (الاستدامة والعدالة وحماية البيئة) اقترح العاملون فـي الإدارة المتكاملـة للمـوارد المائيـة فـي ضـوء التجارب الوطنيـة للعديد من مناطق العالم عدداً من الأساليب والمناهج تختلف باختلاف الدول ومجتمعاتها، وتبلورت هذه المناهج كالتالي :

 

 (1)  وائق رسول أغا ، "استراتيجية إدارة الموارد المائية في منطقة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا لتحقيق الأمن المائي" ، ورقة قدمت إلى : اجتماع خبراء بشأن الأمن المائي في منطقة الاسكوا ، دمشق 12-16 تشرين/نوفمبر 1989 .

(2)  جان خوري ، "الإدارة المتكاملة للموارد المائية في الوطن العربي" ، ورقة قدمت إلى إجتماع  خبراء رصد مصادر المياه والقوانين والتشريعات وإدارة المصادر المشتركة للمياه الطبيعية ، الكسو ، طرابلس ، 3-6 تشرين الأول/اكتوبر 1994 .

أ-  المنهج الشمولي Holistic approach  :

يقوم هذا المنهج على تقييم وتنمية وإدارة الموارد المائية السنوية ووضع السياسات المائية القطاعية في إطار السياسة الوطنية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة نظراً لمحدودية الموارد المائية وحساسية الأوساط المائية. ويلاحظ هنا أنه على الرغم من تولد القناعة لدى المسؤولين عن القطاعات التنموية بضـرورة  تطبيق هذا المنهج إلاّ أن إدارة هذه القطاعات وتخصيص المياه (للري وللشرب وللصناعة) لديها غالباً ما يتم بصورة مستقلة مما أدى إلى  تدنّي كفاءة استثمار الموارد المتاحة وإلى تدهور الوضع المائي وبخاصة في الأحواض المائية الجوفية .

ب-  المنهج التشاركي Participatory approach :

يقوم هذا المنهج على التفاعل السليم بين واضعي السياسات المائية وعامة السكان المستفيدين من هذه السياسات وذلك بإشراك المستفيدين من المشروعات المائية في كل من عمليات تخطيط وتنفيذ هذه المشروعات . وهذا لايتم عادة إلاّ بتطوير الوضع المؤسسي والتشريعي من جهة، وبتنظيم المستفيدين أنفسهم في جمعيات أو اتحادات تعبر عن مصالحهم ورغباتهم من جهة أخرى .

ج-  المنهج الاقتصادي Economical approach :

ينادي الكثيرون من العاملين في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتعامل مع الماء على أنه "سلعة اقتصادية" وبالتالي يجب استخدام المبادئ الاقتصادية لحل المشكلات المائية كونها تسهم بشكل فعال في رفع كفاءة استخدامات المياه وتقليل الهدر. وعلى الرغم من صعوبة تحديد قيمة المياه في الدورة الهيدرولوجية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية إلاّ أنه من الضروري أيضاً معاملته الآن كالنفط "عديم القيمة وهو في باطن الأرض وذي القيمة الكبيرة فوقها " ، أي يترتب على إنتاج الماء وتحويله من مورد إلى  إمدادات تكلفة إضافية في التخزين والتوزيع والمعالجة والصيانة والتشغيل .

مع ذلك لاتزال العديد من مشاريع الري الكبرى في الوطن العربي تفتقر إلى  التقنيات الحديثة في إدارة مياه الري . ويشمل ذلك حساب المقننات المائية لكل نوع من المزروعات، وكذلك جدولة توزيع مياه الري على أسس علمية دقيقة باستخدام تقنيات الحاسب الآلي المتقدمة . ولقد لوحظ حتى في المشاريع الكبرى عدم الدقة في تقدير فتحات عشرات البوابات على القنوات وبالتالي إهدار كميات كبيرة من مياه الري وعدم توازن توزيعها. وعلاوة على ذلك فإن عدم استعمال بنك المعلومات الخاص بإدارة البيانات الخاصة بالري والمزارع سبب إرباكاً لهيئة الإدارة الخاصة بتشغيل مشاريع الري الكبرى وبالتالي تقل كفاءة توزيع المياه .

والواقع أن القطاعات الزراعية في العديد من البلدان العربية في السنوات الأخيرة كانت مخيبة للآمال نظراً لأن السياسات الكلية التي انتهجتها الحكومات والمتمثلة بسياسات التسعير والدعم قد عاقبت الزراعة من ناحية، ولأن السياسات الاستثمارية انحازت إلى  مشروعات الري الضخمة من ناحية أخرى. وعلى رغم الاستثمار الكبير في مجال الري فإن الافتقار إلى الكفاءة في إدارة المياه (بسبب التصميمات المعيبة وضعف الصيانة وسوء الاستعمال) فان النتيجة لم تكن مرضية للغاية .

2-4  المجال القانوني والتشريعي والسياسات :

إن الأسلوب المباشر لتنظيم استعمال المياه بهدف رفع كفاءة استخدامها هو التقنين حيث يمكن أن يحقق التخصيص أو ترشيد توصيل المياه أثراً إيجابياً أيضاً ، ويمكن أن تؤدي هذه التدابير إلى  زيادة العائد من موارد المياه المحدودة . وتمثل " الرقابة المباشرة"  على "الأنماط المحصولية" خياراً آخر يمكن أن يخفض ، من حيث المبدأ ، استهلاك المياه على مستوى المزرعة، غير أن تقنين الأنماط المحصولية قد يقيد قدرة المزارع على الاستجابة لقوى السوق ومن ثم تنجم عنه آثار سلبية في صافي دخل المزرعة وفي القيمة المضافة الزراعية .

وتنظيم استغلال المياه الجوفية شائع ولكنه كثيراً ما يمثل مشكلة عسيرة، إذ أن السحب على المكشوف من دون ضابط من مستودعات المياه الجوفية ليس نادراً في بلدان المنطقة ، ولا تتوفر القدرات الإدارية للمراقبة السليمة بالقدر الكافي وينبغي تعزيزها وتجهيزها بوسائل المراقبة التقانية الحديثة، إذ بلغ السحب على المكشوف نسباً خطيرة في بعض بلدان المنطقة (الأردن وليبيا وفي بعض المناطق في سوريا وبلدان أخرى) وينبغي الحد منه .

تلعب الضوابط الاقتصادية وبخاصة السياسات السعرية المائية دوراً فاعلاً في مجالات ترشيد استخدامات المياه ، والواقع أنه إذا لم تتخذ مثل هذه الضوابط في الوطن العربي فلن تعطي الوسائل التقنية السابقة أية نتائج مرجوة . وكما ذكر آنفاً لابد من تحديد هيكل تعريفة المياه القائم على معرفة تكاليف إنتاج وتوزيع المياه من جهة ، والظروف الاقتصادية والاجتماعية لمستهلكي المياه من جهة ثانية. في مجال الاستخدام الصناعي لابدّ من تطبيق مبدأ " الملوّث يدفع " المعمول به في الدول المتطورة، وفي حالة استحالة تطبيق هذا المبدأ يفضل تركيز النشاطات الصناعية في مناطق صناعية لسهولة معالجة مخلفات هذه الصناعات وتطوير ما يعرف بـ " سوق إعادة التدوير " للمياه .

2-4-1  تكلفة إتاحة المياه :

ينبغي أن يكون التدخل بالوسائل المالية وفقاً لمبدأين مقبولين هما : مبدأ دفع ثمن الاستعمال ومبدأ تغريم المتسبب في التلوث . وينظر إلى  هذين المبدأين على أنهما عادلان وأنهما يؤديان في أكثر الأحيان إلى استعمال كفء للمياه .

هناك مناهج كثيرة لوضع هيكل لوسائل التدخل المالية يؤيد أحدها فكرة أن يكون التمويل الكامل لكلفة توريد المياه على حساب المستعملين، بينما يحبذ نهج آخر التسعير بمستويات تكافؤ الكلفة الحدية للمياه . وعادة ما تكون رسوم المياه ، في الواقع العملي، أدنى من المستويات اللازمة لاستعادة التكاليف المالية ناهيك عن المحافظة على استمرار تمشيها مع زيادة التكاليف الحدية حيث توضع بمستويات لاتقترب من القيمة الحقيقية للمياه . ففي الجزائر تبلغ الكلفة الحدية الطويلة الأجل للمياه الموجهة إلى  المستهلكين الحضريين، بما في ذلك توريد توزيع المياه ، حوالي 0.52 دولار أمريكي للمتر المكعب بينما يبلغ رسم المياه في المتوسط 0.12 دولار أمريكي للمتر المكعب . والتناقض أوضح في الري إذ تبلغ رسوم المياه الحالية في المتوسط 0.02 دولار أمريكي للمتر المكعب مقابل متوسط كلفة حدية للمياه تبلغ 0.32 دولار أمريكي. وفي الأردن تقارب رسوم مياه الري في شبكات الري العامة حالياً نصف تكاليف الصيانة والتشغيل. وفي مصر يتراوح مجموع كلفة توريد وتوزيع المياه الخام بين 0.03 دولار أمريكي في المناطق الريفية و 0.25 دولار أمريكي في المناطق الحضرية الرئيسية، بينما لايزيد متوسط رسوم المياه التي يدفعها المستهلكون في المنازل على 0.03 دولار أمريكي للمتر المكعب، وينبغي أن تضاف إلى  التكاليف السالفة الذكر كلفة جمع ومعالجة مياه الصرف الصحي، التي يبلغ متوسطها، بحسب التقديرات ، ما يتراوح بين 0.12 دولار أمريكي للمتر المكعب في المغرب و 0.37 دولار أمريكي للمتر المكعب في الأردن (إعادة استعمال مياه الصرف في الري) ، ومن هنا فإن الجمهور لايدرك القيمـة الاقتصادية للمياه ، ومـع انخفاض مستويات رسـوم المياه فإنه يفتقـر إلى  الحافز على   الحفاظ على المياه ، وبالتالي فإنه لايمكن توقع أن يتحمل الجمهور مسؤولية حماية وحفظ المياه(1) .

تهدف معظم الحكومات إلى فرض رسوم على استعمال المياه من شأنها أن تغطي تكاليف صيانة وتشغيل المرافق الحضرية، وفي حالات كثيرة أيضاً جزءاً من التكاليف الرأسمالية . ولكنها كثيراً ما تفشل ، من الناحية العملية، عن تنفيذ سياساتها مما قد لا يمكنها من تغطية التكاليف . وحتى في الأردن، حيث تقترب رسوم المياه الحضرية من الكلفة الحدية الطويلة الأجل للإمدادات الجديدة من المياه، فإن الهدر غير المبرر وغيره من العيوب يستوجب تقديم دعم حكومي. وعادة ما تكون الحكومة هي المالكة والمديرة لخدمات  توريد المياه ، ويرى البعض أنه ينبغي تقديم مستوى معين من خدمات المياه والصرف بكلفة في حدود طاقة الجميع للمحافظة على معايير الصحة العامة . وعلى الرغم من صواب هـذا الرأي فإن الخدمات التي تزيد على الاحتياجات الأساسيـة ينبغي دفع رسوم مقابل كلفتها الحقيقيـة.

أما رسوم مياه الري فهي أقل بكثير عادة حتى من المستويات غير الوافية لقطاع البلديات، إذ تعزف كثيراً من الحكومات عن قبول مبدأ استعادة كلفة مياه الري وتعمد إلى  إبقاء رسوم مياه الري أدنى من مستويات استعادة الكلفة الكاملة كتعويض من انخفاض دخول المزارعين المقيدة بهدف إبقاء أسعار الأغذية منخفضة في السوق والمحافظة على فرص العمل الزراعية والحد من الهجرة المكلفة من المناطق الريفية إلى  المناطق الحضرية. غير أن "الري المجاني" يعطي المزارع "إشارة خاطئة" وبالتالي ينبغي أن تكون زيادة رسوم مياه الري عنصراً مهماً في بحث إزالة تشوهات الأسعار، أي وضع الأسعار في نصابها .

ولم يسلَّم سوى عدد قليل من البلدان بضرورة فرض رسوم " بصورة وافية" على إمدادات مياه الري . ففـي المغرب ينص قانون المياه على أن يخضـع استهلاك  المياه كله لدفع رسوم على أساس عام حتى إذا ظلت المعدلات في مجال الري ، في الواقع العملي، أدنى بكثير من المعدلات في المناطق الحضرية. وفـي معظـم البلدان لايزال الري "مجاناً " ، ففي مصر ، توفر إمدادات المياه السطحية للري مجاناً وتمول هيئات المياه من الضرائب وغيرها من الإيرادات العامة.

 

(1) Jeremy Berkoff, A strategy for managing water in the Middle East and North Africa, Directions in development (Washington, DC: World bank, (1994)

وأي زيادة ذات شأن في رسوم المياه ستؤدي إلى وفورات في استعمال المياه عن طريق تشجيع المزارعين، على سبيل المثال ، بإقامة نظم ري تحقق وفراً في المياه ، وتكييف أنماطهم المحصولية بحيث تحقق صافي عائدات أمثل .

غير أن تكلفة اتاحة المياه قد أخذت تحظى باهتمام متزايد في كثير من بلدان المنطقة مثل الأردن وسوريا ومصر وغيرها ، وتتجه كثير من البلدان حالياً، من حيث المبدأ ، إلى ضرورة زيادة رسوم المياه .

هناك مفاهيم عديدة لتحديد أفضل السبل لتحديد رسوم المياه ، وأحد المناهج المتناولة هي تسعير المياه بحيث تغطي كلفة التشغيل والصيانة لتوصيل المياه إلى  المستعمل. وثمة نهج ثان يشمل جزءاً من الاستثمارات الرأسمالية أيضاً، كما أن هناك نهجاً ثالثاً يتمثل بتسعير المياه بكلفتها الفعلية أو بكلفة ثاني أفضل استعمال في الأجل القصير مع افتراض ثبات طاقات التوريد. وثمة رأي آخر ولاسيما في ضوء ارتفاع تكاليف الوحدة الإضافية من المياه يتمثل بتسعيرها بكلفتها الحدية الطويلة الأجل التي تشمل بحكم تعريفها تكاليف الضرر البيئي أو إستنفاذ الموارد في الأجل الطويل  .

ويمكن أن تراعي أهداف سياسة التسعير واحداً أو أكثر من الاعتبارات التالية(1) :

*  توزيع الموارد المائية بكفاءة بين شتى قطاعات الاقتصاد وداخل القطاع ذاته.

*  تلبية اعتبارات الإنصاف وقدرة المستهلكين على الدفع ولاسيما الفقراء .

*  زيادة الإيرادات لتغطية الاحتياجات المالية اللازمة لتوفير الخدمة .

*  إعانة المناطق الخاصة لتشجيع التنمية السريعة .

*  مراعاة الاعتبارات السياسية لمنطقة خاصة أو قطاع فرعي من السكان .

ويشمل تسعير المياه كلفة التشغيل والصيانة والتكاليف الرأسمالية وكلفة استنفاد الموارد والضرر البيئي. وهذا يعني تقويم ثمن المياه بسعرها الكفء اجتماعياً، وهو يختلف عن تسعير المياه، مع افتراض أن تكاليف توريد الوحدة الإضافية سيبقى من دون تغيير مستقبلاً . وبموجب آلية تسعير كهذه، فإنه إذا زاد الطلب (بسبب تغير أنماط الاستهلاك أو زيادة عدد السكان كما هو الحال في كثير من البلدان العربية) فإن تكاليف التوريد سوف تزداد . ويعني هذا عملياً وضع هيكل تسعير  يختلف  باختلاف المستهلكين وأوقات التوريد (فترات الذروة مقابل فترات انخفاض الاستهلاك) ونوعية المياه المقدمة والمناطق الجغرافية .

 

 

 
 

 

(1) Mohan Munasinghe, Water supply and environmental management : Developing world applications, foreword by Donald Lauria, Studies in water policy and management (Boulder, CO :  Westview press (1992) .

 وعندما توضع الأسعار وفقاً للكلفة الحدية الطويلة الأجل في ظروف تزداد فيها تكاليف إنتاج الوحدة الإضافية من المياه ، كما هو الحال في كثير من البلدان العربية، فقد يتحقق فائض ويمكن تحويل هذا الفائض لإعانة المجموعات الخاصة مثل الفقراء وسكان المناطق المتخلفة إنمائياً .

وفي مواجهة ندرة المياه في المنطقة العربية تملي اعتبارات التنمية المستدامة أن يكون تسعير المياه على مستوى أقرب ما يمكن من الكلفة الحدية الطويلة الأجل . وكخطوة أولى ينبغي أن تحصل رسوم:

-  من أجل استعادة كلفة التشغيل والصيانة بالإضافة إلى  نسبة من التكاليف الاستثمارية.

-  توفير أداة لتحسين كفاءة استعمال المياه .

ويجري استنزاف موارد المياه الجوفية في كثير من بلدان المنطقة العربية بمعدل يثير الجزع ويمكن للحكومات من أجل منع الاستنزاف المستمر أن تلجأ إلى  تدابير من قبيل فرض الضرائب أو تخصيص حقوق المياه أو ضبط توريدها .

وترسل السياسات التي تقلل من قيمة المورد الطبيعي إشارات اقتصادية خاطئة إلى  المزارعين من زاوية الدخل الكبير الذي يخسره المجتمع. ويقدم الشكل رقم (1-2) مثالاً يبين كلفة الإفراط في الضخ في حالة " الوصول الحر إلى  المورد " حيث يمثل منحنى الطلب استعداد المزارعين للدفع مقابل الوحدة الإضافية من المياه . ويتيح معدل التغذية الطبيعية حداً أقصى من " العرض " مقداره X1 . وتمثل OD الكلفة الأولية للحصول على وحدة من المياه عن طريق الضخ . وبهذا السعر ، في حالة عدم وجود ضبط للاستعمال ، ستضخ X2 وحدة من المياه . ومع ضخ المياه بأكثر من المستوى المستديم وهو X1 (الضخ أكبر من التغذية) يبدأ مستوى المياه في الحوض في الهبوط (كما هو الحال في كثير من بلدان المنطقة) مما يؤدي إلى  ارتفاع تكاليف ضخ الكمية نفسها من المياه .

 

 

الشكل رقم (1-2)

كمية المياه المستمدة من الموارد الجوفية لكل وحدة زمنية

 

 
 

السعر

 

 

الكمية المسحوبة في وحدة الزمن

 

وفي ظل التوازن الجديد تضخ مياه أقل (X1) بكلفة أكبر، حيث يدفع المزارعون سعراً لايأخذ في الحسبان كلفة المستعمل (أو كلفة استعمال المياه على مر الأجيال) . ويتمتع المستعمل بفترة أولية من الفوائد الإضافية التي تتحقق من الحصول على X2 من المياه، كما هو مبين بالشكل (المنطقة الفاتحة اللون)، ولكن هذه الحالة لاتستمر لأنها تؤدي إلى  كلفة إضافية كما هو مبين بالمساحة المنقطة الغامقة اللون. ومن الناحية الاقتصادية سيكون الخصم الذي يحدث في تحقيق الفوائد في الفترة المبكرة أقل من الخصم في الكلفة نتيجة اتباع سياسة الوصول الحر إلى  المياه .

  ويمكن إنجاز الحل الأقل كلفة المستديم عن طريق فرض رسم مماثل للمقدار AD في الشكل المذكور على كل وحـدة مـن المياه تستمد مـن المياه الجوفية أو إنشاء سوق لحقوق سحب المياه حتى المستويـات المستديمة X1 . وفي كثير مـن البلدان يجعـل الوصـول الحـر إلى  المياه الجوفية الضخ غير اقتصادي ويؤدي إلى  تفاقم مشكلة تدهور الموارد المائية وفي حالات كثيرة إلى  التصحر .

  وتتطلب سياسة التسعير الملائم أن يتم التحقق على الأجل الطويل من قيمة استنزاف الموارد الجوفية على مر الأجيال التي تبينها العلاقة التالية بالقيمة الحدية :

حيث :

  :  هي صافي كلفة الانتفاع الحدية لاستعمال مورد المياه ،

     : هي الكلفة المباشرة الحدية لاستخراج أو تطوير المياه ،

   : هي كلفة المستعمل الحدية لاستعمال مورد المياه (اعتبارات تعاقب الأجيال) .

  : هي الكلفة الحدية المشتركة بين القطاعات المفروضة على القطاع (المورد) المشار إليه بالحرف j باستعمال المورد المشار إليه بالحرف i .

أ-   تحديد قيمة المياه وفقاً للتكلفة الحدية :

  أما أساس تحديد أسعار المياه بناءاً على تكلفتها الحدية فيمكن التعبير عنه بمنحنى بسيط يمثل العرض والطلب . والشكل رقم (2-2) يبين الحالة الراهنة في ما يتعلق بمنحنيات العرض والطلب . فعند السعر P والكمية Q  فإن جملة الفوائد الخاصة بالمستهلكين تمثلها المساحة الواقعة أسفل منحنى الطلب أو استعدادهم لدفع السعر المطلوب ، أما الشكل رقم (3-2) فيبين سعر الماء عند نقطة ناتج القيمة الحدية ويلاحظ منه التالي :

 

 

 

 

الشكل رقم (2-2)

سعر المياه عند نقطة أدنى من نقطة ناتج القيمة الحدية

 

 

 

الشكل رقم (2-3)

 سعر المياه عند نقطة أدنى من نقطة ناتج القيمة الحدية

 

 

 

الفوائد (CWP)    = 4 + 3 + 2 + 1

  تكلفة العرض   = 5 + 4 + 3

  صافي الفوائد   = 5 - 2 + 1

  ووفقاً للشكل المذكور تمثل تكلفة عرض المياه المساحة الواقعة أسفل منحنى العرض وتعبر عنها المساحة (5+4+3) . وأما صافي الفوائد أي المساحة (5-2+1) فهو يساوي الفوائد (4+3+2+1) ناقصاً التكاليف (5+4+3) .

  ويبلغ صافي الفوائد أقصى قيمة له عندما تكون الفوائد الحدية مساوية للتكلفة الحدية أو عند السعر  والكمية  حيث تكون :

  الفوائد (CWP) = 3 + 2 + 1

  تكلفة العرض  = 3

  صافي الفوائد  = 2 + 1

  وقبل الدخول في حساب وتقدير قيمة المياه لابدّ من تحديد الفارق بين الأسعار الخاصة (المالية) والأسعار الاجتماعية (الاقتصادية) . فالأسعار الخاصة هي أسعار السوق التي تتخذ لحساب قيمة الفوائد والتكاليف لسلعة من السلع . وهذه الأسعار تبتعد في كثير من الأحيان عن قيمتها الحقيقية سواء لخلل في السوق أو لأنها خارجية ، وبإزالة هـذه التشوهات يمكن حساب الأسعار الاجتماعية أو الاقتصادية.

  وعادة ما تكون الأسواق غير كافية أو غائبة تماماً بالنسبة لسلعة كالمياه وتعتمد قيمة المياه عادة على المحاسبة المالية (أي على متوسط السعر).

  هذا ويُستخدم أسلوب دالة الإنتاج للحصول على ناتج القيمة الحدية لمستلزمات بعينها، إذ غالباً ما تستخدم قطاعات من البيانات أو سلاسل زمنية لتقدير قيمة المستلزمات الداخلة في إنتاج المحاصيل. في عام 1922 استخدم معهد البنجاب للبحوث الاقتصادية نموذج دالة الإنتاج (استناداً إلى  بيانات تقريبية أو بعض المسموح عن إدارة المزارع) لحساب المساهمة النسبية لبعض اللوازم المختارة في إنتاج المحاصيل وكذلك قيمة الناتج الحدي لكل واحد من المستلزمات وكفاءة تخصيص الموارد المستخدمة. وصُنّفت قيمة الناتج الحدي بالنسبة للماء سواء في مناطق مشروع إزالة الملوحة واستصلاح الأراضي أو في غيرها بحسب حجم المزرعة .

حيث أن :

Y   : قيمة المحصول المنتج .

X1 : الأرض الزراعية مقيسة بالأفدنة

  X2 : اليد العاملة .

  X3 : قيمة البذور .

  X 4 : الأسمدة ، والعناصر الغذائية بالكيلوغرامات لكل مزرعة .

  X 5 : مياه الري مقيسة بعدد البوصات في الفدان للمزرعة .

  X 6 : قيمة الكيميائيات .

  b1 ...b6 : بارومترات يجري تقديرها .

eu : حد الخطأ .

وقدّرت قيمة الناتج الحدي للري بضرب الناتج المادي الحدي لكل واحد من المستلزمات في سعر الناتج .

لقد تبين للباحثين في المعهد المذكور أن قيمة الناتج الحدي للمياه 37 روبية باكستانية لكل فدان وهذه القيمة تزيد ثلاث مرات عن تكلفة الفرصة البديلة (10 روبية لكل فدان) . وتستند تكلفة الفرصة إلى  سعر المياه في أسواق المياه غير الرسمية (تجارة المياه الحرة) . وتعبر هذه التقديرات عن التقديرات المنخفضة السعر في أسواق المياه (وهو السعر الذي يتراوح وفقاً لتقديرات البنك الدولي بين 10 و 70 روبية لكل فدان).

ونظراً لانخفاض قيمة تكلفة الفرصة فإن كبار المزارعين قادرون على تحقيق مزيد من الربح الاقتصادي وذلك بتحسين استعمال المياه، بينما يستخدم صغار المزارعين المياه بدرجة كبيرة من الكفاءة، حيث كان منتج القيمة الحدية 10.08 روبيات ، وهي قيمة تقترب من تكلفة الفرصة. وإذا قورنت الأسعار في أسواق المياه (تكلفة الفرصة) وقيمة الناتج الحدي يتضح أنه يمكن تحقيق مكاسب اقتصادية من بيع المياه، وإذا زادت المنافسة بين أسواق المياه العاملة في ظل القانون سوف يتحسن استخدام المياه بطريقة مرشدة وعادلة .

ب-  تنسيب المتبقي من القيمة الإجمالية :

وتقوم هذه الطريقة على توزيع القيمة الكلية للناتج على جميع الموارد المستخدمة في الإنتاج، فإذا أعطيت كل المستلزمات أسعاراً سليمة باستثناء واحد فقط (وليكن المياه) فإن المتبقي من القيمة الإجمالية للمنتج يُعزى إلى  المتبقي من الموارد . وتستخدم عادة المعادلة البسيطة التالية في حساب قيمة الماء اللازم لمحصول ما :

                     NIi = GIi - Vci - Fci

حيث :

  NIi : الدخل الصافي للهكتار من المزرعة .

  GIi : الدخل الإجمالي للهكتار من المزرعة .

  Vci : التكاليف المتغيرة للهكتار في إنتاج المحصول i  .

  Fci : التكاليف الثابتة للهكتار في إنتاج المحصول i .

  وبالجمع بين البيانات المتعلقة باحتياجات المحصول من الماء يمكن حساب قيمة الماء بالنسبة لهذا المحصول كما يلي :

الدخل الصافي للمحصول i

قيمة الماء E للمحصول i =

احتياجات المحصول i للمياه

 

 

        ولدى تطبيق هذه الطريقة في باكستان على محاصيل القمح والأرز وقصب السكر والقطن وعباد الشمس تبين أن متوسط العائدات الصـافية لميـاه الري (روبية لكل 1000 م3 مياه)(1) كانت كالتالي :

 

الأسعار الاجتماعية

الأسعار الخاصة

المحصول

1853

1014

القمح

1828

583

الأرز

381  -

250

قصب السكر

4499

1486

القطن

89  -

1418

عباد الشمس

 

 

ج-  استخدام البرمجة الخطية في تحديد قيمة المياه :

  يعتبر أسلوب البرمجة الخطية طريقة مناسبة لتقدير القيمة الحدية للمياه حيث يمكن للنموذج تحديد النظام الزراعي المطلوب لزيادة الدخل إلى  أقصى حد ممكن في ظل تشغيل نموذجي للمزرعة مع اختلاف كميات الري . ومن طرق تقويم أي مورد حدي اعتبار المزرعة في حالة مثلى على المدى القصير ثم قياس كيفية تأثير زيادة كمية المياه أو نقصانها بالقدر المرغوب في العائدات كما هو موضح في الشكل رقم (4-2)(2) .

  غالباً ما تستخدم تكلفة استخراج المياه من الآبار لتعبر عن قيمة هذه المياه نظراً لأن تكلفة إنتاج الماء تمثل قيمته الحدية وأن المزارعين المستخدمين لمياه الآبار يضخون الماء منها إلى  الحد الذي تتساوى عنده قيمة الماء الحدية مع تكلفة إنتاجه . ومن الواضح أن التكلفة الاقتصادية لإنتاج الماء تكون مرتفعة في حالة آبار الديزل بالمقارنة مع آبار الكهرباء (25-5  % زيادة) ذات السرعات العالية كما هو موضح في الجدول رقم (1-2) .

 

 

 
 

 

(1)  Longmire, “Agriculture and comparative advantage in Pakistan”, (1993).

2- اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا (الاسكوا) ، سياسات الأراضي والمياه في منطقة الشرق الأدنى (نيويورك : الأمم المتحدة ، 1996) .

 

 

 

جدول رقم (1-2)

التكلفة الاقتصادية للآبار الأنبوبية (روبية /فدان)

 

آبار الديزل

الآبار الكهربائية

نسبة الاستخدام

سرعة منخفضة

سرعة عالية

308

226

184

159

369

277

231

203

293

238

210

193

10

15

20

25

 

 

المصدر :  اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) ، سياسات الأراضي والمياه في منطقة الشرق الأدنى (نيويورك : الأمم المتحدة ، 1996) .

 

 

 

الشكل رقم (4-2)

أفضل المساحات المحصولية للقطن والقمح لدى مستويين

من المياه مع ثبات العناصر الإنتاجية الأخرى

(الأرض والعمالة) على مستوى المزرعة

 

ووفقاً لهذه القيم الحدية تكون أسعار المياه مساوية تقريباً للأسعار التجارية ولن يكون بوسع المزارعين دفع هذه الأسعار إلاّ إذا ألغيت الضرائب المفروضة ضمنياً على المنتجات الزراعية. ويلاحظ هنا أنه لايمكن اعتبار تكلفة إنتاج مياه الآبار مقياساً لتحديد سعر مياه القنوات كونها مرتفعة جداً ولاتستخدم عادة إلاّ بصفة تكميلية للري بواسطة القنوات .

د-  رسوم المياه ومقدرة المزارعين على دفعها :

غالباً ما ينظر الاقتصاديون إلى  زيادة رسوم المياه كأحد الخيارات المطروحة لتقنين المياه المستخدمة في الزراعة ولرفع كفاءة استخدامها . وتتوقف قدرة المزارعين على دفع الرسوم الإضافية على المياه وفقاً لدخولهم الصافية . فمزارعو باكستان على سبيل المثال يدفعون ما يعادل %2.6 ، و%2,8 ، و%13.2 من الدخل الصافي لكل من القطن والقمح وقصب السكر على التوالي ، هنا يلاحظ الفرق الهائل بين رسوم المياه الحالية وبين الأسعار الخاصة والاجتماعية(1) المحسوبة بالطرق المختلفة المذكورة آنفاً .

والواقع أن عملية زيادة الرسوم على المياه يجب أن تقرن دائماً بحجم الضرائب التي تضعها الدولة على المحاصيل الزراعية (خاصة التصديرية منها) سواء أكانت مباشرة(2) أو غير مباشرة .  ففي حالة كبر حجم هذه الضرائب لابدّ للمزارعين واتحاداتهم من مقاومة أية رسوم إضافية على المياه نظراً لأن هذه الزيادات ستضر بمعدلات التبادل التجاري القطاعية في غير صالح القطاع الزراعي وتؤدي إلى انخفاض رغبة وقدرة المزارع في المحافظة على الموارد المائية .

من جهة أخرى ترتبط أيضاً رسوم المياه كلياً بكل من تكاليف التشغيل والصيانة. فانخفاض هذه الرسوم في باكستان أدى إلى  تقييد يد الحكومة في توفير الموارد اللازمة للتشغيل والإدارة بكفاءة. إن سوء صيانة شبكة الري يؤدي إلى  العديد من الثغرات التي تقود في النهاية إلى  انقطاع المياه وبالتالي إلى  انخفاض في غلة المحاصيل والإضرار بالمساحات المزروعة وإلى التحول لزراعة المحاصيل المنخفضة القيمة ، وإلى تقليص الاستثمارات الزراعية. لذلك نرى أنه من الضرورة بمكان رفع رسوم المياه إلى  المستوى الذي يمكن عنده أن تغطي تكاليف تشغيل مرافق الري وصيانتها وأن تدر الموارد المالية لتطوير هذه المرافق . بمعنى آخر يجب أن تراعي الزيادات في رسوم المياه مستقبلاً النقاط التالية :

-  تصحيح الأسعار مطلوب بهدف القضاء على التدخل في الأسعار بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .

-  رفـع الأسعار فـي المدى القصير لجمـع الأموال اللازمة لبناء شبكة الري وصيانتها بكفاءة.

 

 

 
 

 

1-  السعر الاجتماعي للمياه يدر بـ 237 روبية/فدان لكل المحاصيل .

2-  بلغت الرسوم المباشرة وغير المباشرة التي يدفعها المزارع في باكستان على محاصيل القمح والقطن والأرز 14% و 40% ، و 33% في موسم 1992/1993

-  التحقق من قيمة المياه بالنسبة للأجيال القادمة وعلى المدى الطويل ووفقاً للعلاقة التالية بالقيم الحدية :

حيث :

      : تكلفة الفرصة الصافية الحدية لاستنفاذ مورد الماء ،

        :  التكلفة المباشرة الحدية لاستخراج الماء أو تنميته ،

     :  تكلفة الاستخدام الحدية لاستنفاذ ماء المورد (الجانب المشترك بين الأجيال)،

     :  التكلفة الحدية المشتركة بين القطاعات والمفروضة على القطاع (المورد) باستنفاذ المورد i .

2-4-2  التشريع والقضايا المؤسسية :

تعتبر التشريعات من أهم الوسائل التي تستخدمها الإدارة المتكاملة للموارد المائية كونها تقود إلى  حماية الموارد المائية لأنها أملاك عامة . وما يتمتع به الأفراد من حقوق بخصوصها هو حـق الانتفاع بالمياه وذلك في ضوء الرخص التي تمنحها الدولة لاستثمار المياه السطحية والجوفية ووفقاً لشروط تحمي هذه الموارد من التلوث والاستنزاف وتجنب اختلاط مياه الطبقات المتباينة النوعيات .

وتدرك البلدان العربية أهمية التشريعات في حماية الموارد المائية السطحية والجوفية من التلوث، فأخذت تسن القوانين الخاصة بحماية نوعية المياه وحماية البيئة وبخاصة المياه الجوفية على رغم الصعوبات التي تواجهها السلطة المسؤولة عن إدارة الموارد المائية المتعلقة بهذه المياه من جراء التكثيف الزراعي في المناطق المروية وانتقال جزء مهم من المغذيات والملوثات إلى  الطبقات الحرة .

وفي ضوء ظروف ازدياد ندرة المياه وزيادة التكاليف الحدية لإمدادات المياه يتعين تحسين وتعزيز الوظائف التنظيمية التي تضطلع بها الحكومة في قطاع المياه. ولا غنى عن إصلاح إدارة الحكومة لقطاع المياه باعتبار أن تحسين الكفاءة هو الهدف الأسمى . وسيكون لهذا الإصلاح تأثير في الوضع المؤسسي لموارد المياه وسيكفل تعريفاً أوضح لدور القطاع الخاص . ويمكن توقع أن تكتسب إعادة توزيع موارد المياه أهمية متعاظمة خاصة في البلدان الفقيرة بالمياه ذات الدخل المتوسط والدخل المنخفض ، كما ستكتسب معالجة مياه النفايات وإعادة استعمالاتها أهمية أكثر . وستتطلب هذه العوامل وغيرها من العوامل الملحة إصلاحات مؤسسية وتشريعية لمعالجة الجوانب التنظيمية وغيرها من الوظائف التي ستظهر نتيجة للأوضاع الجديدة لموارد المياه .

2-5  المجال الاجتماعي والإرشادي والتوعية :

مازالت المشاكل ذات الطبيعة الاجتماعية تؤثر في أساليب الري وكفاءة استخدام الماء في بعض البلدان العربية، من حيث تعوّد المزارعين على نمط ري معين لأنواع معينة من المحاصيل وصعوبة تركه، مثل استعمال الري بالغمر غير المقيد أو بالخطوط الترابية غير المنتظمة ، مما ينتج عنه فقد كميات كبيرة من مياه الري .

 

وما تزال الأقسام المتخصصة "بالإرشاد المائي" للمزارعين شبه غائبة في العديد من البلدان العربية وبالتالي يبقى المزارع من دون الإرشاد الكافي والفعال لأفضل الأساليب لتحسين طرق الري داخل المزرعة واتباع المقننات المائية .

  أما في مجال " توعية الجمهور " تشجع الأطر التي تستهدف مشاركة الحائزين في صنع القرارات على تحقيق الشفافية والمحاسبة، ويمكن أن تكفل تأييد والتزام الجمهور بسياسات وبرامج المياه. ويمكن أن تؤدي المناشدات الموجهة لتوعية الجمهور من خلال برامج التعليم العامة والمبادرات المماثلة إلى  تغييرات مهمة في السلوك البشري المتصل بحفظ المياه واستعمالها. وهذه الجهود في معظمها لاتكاد تكلف شيئاً بالمقارنة مع الاستثمارات في قطاع المياه وينبغي تشجيعها ودعمها في البلدان العربية .

ونظراً لأن العديد من اختصاصيي المياه لايؤمنون بالتعريف المبسط لترشيد استعمالات المياه المتمثل بتأمين الاحتياج المائي المعقول للنبات وللمحصول فقط وإنما يريدون أن يشمل كل الإجراءات المترابطة والمتكاملة من فنية وإدارية وزراعية واقتصادية واجتماعية وتشريعية والتي تهدف بمجموعها إلى  تحقيق أكبر عائد اقتصادي من وحدة المياه وبشكل يؤمن ديمومة الموارد المائية وحماية الموارد الطبيعية الأخرى من التدهور والتصحر والاستنزاف والتلوث، لذلك فإن عملية الترشيد المتكاملة بهدف رفع كفاءة استخدام الماء ترتبط عملياً بكثير من العوامل، منها :

1-  التنظيمي للإدارات المائية ،

2-  البنى التحتية لمشاريع الري ،

3-  نظام إدارة وتشغيل المنظومة المائية،

4-  الدورات الزراعية ،

5-  مستوى المسؤولين في الإدارة المائية،

6-  البحث العلمي ونقل التقانة ،

7-  الإرشاد الزراعي المائي،

8-  العلاقة بين الدولة والمزارعين ومدى مشاركتهم في إدارة المنظومة المائية .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثالث

 

التجارب العربية والعالمية في مجال

تطوير الري السطحي والصرف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثالث

 

التجارب العربية والعالمية في مجال

تطوير الري السطحي والصرف

 

3-1  مقدمة :

لقد ارتبطت  الزراعة المروية بالحضارات على ضفاف الأنهر ، وقد عرف العالم العربي العديد من هذه الحضارات في منطقة ما بين النهرين وعلى ضفاف نهر النيل ، حيث اشتهرت الزراعة المروية ، ولقد ساد نمط الري السطحي في كل هذه الزراعات المروية ، حيث لم يكن هناك أسلوب خلافه . تشير الاحصاءات الحالية كما ذكر سابقاً بأن أسلوب الري السطحي يستخدم في حوالي 85% من الأراضي المروية العربية . وقد تعددت التجارب العربية في تطوير هذا النظام لتدارك سلبياته ، وفيما يلي سرد لبعض هذه التجارب العربية :

3-2  التجارب العربية في تطوير الري السطحي والصرف :

3-2-1  التجربة الأردنية في تطوير الري السطحي والصرف :

يعتبر الأردن من الدول الفقيرة في مصادره المائية السطحية والجوفية، وتشكل مياه الري المستخدمة في الزراعة المروية ما نسبته %70-60 من المياه المتاحة. ولذا فإن رفع كفاءة الري وحسن استغلال المياه وترشيدها أصبح من أولويات الجهات المسؤولة عن المياه والزراعة في الأردن .

بشكل عام ، إن أساليب الري المتبعة وسبل نقل المياه إلى  الحقل تلعب دوراً كبيراً في كفاءة الري وحسن استخدام المياه . وفي الأردن ، يتكون نظام الري من ثلاثة أجزاء رئيسية هي :

1-  أنظمة التوزيع الرئيسي Delivery system .

2-  أنظمة الري الحقلي Application system .

3-  أنظمة صرف المياه الزائدة Disposal system .

  تهدف أنظمة التوزيع (القناة الرئيسية : قناة الملك عبد الله ، وشبكات الري الرئيسية ) إلى  نقل المياه من المصادر المائية (السطحية والجوفية والمخزونة) عبر سدود تحويلية مقامة على الأودية الجانبية مجهزة بأجهزة قياس وبوابات وأحواض ترسيب وغيرها . وتهدف أنظمة الري الحقلي الموضعي داخل الوحدات الزراعية إلى  نقل المياه من مآخذ الوحدات الزراعية إلى  جذر النبات . وتقسم طرق الري الحقلي إلى  : الري السطحي Surface irrigation ، الري بالرش Sprinkler irrigation ، والري بالتنقيط Drip or trickle irrigation .

هذه الطرق الثلاثة هي الشائعة حالياً، إلاّ أن الري السطحي هو الأسلوب الذي مورس منذ القدم وظل سائداً في الأردن حتى نهاية السبعينات ، وحتى ذلك الحين لم يكن يمارس أياً من أساليب الري الأخرى . ومنذ مطلع الثمانينات بدأ التحول التدريجي إلى  الري بالتنقيط متسارعاً خاصة في ري الخضروات وأصبح هو السائد في الأردن، إلاّ أن أسلوب الري السطحي ما يزال يستخدم خاصة في أراضي الأودية الجانبية دائمة الجريان ، والأراضي المزروعة بالأشجار والموز في وادي الأردن. ويتطلب أسلوب الري السطحي أعمال التسوية الحقلية وتجريف الأرض لتكون شبه مستوية إذا كان منسوب مصدر المياه أخفض من أجزاء الأرض المراد ريها .

ومن أبرز سلبيات الري السطحي تدني كفاءة الري، في الوقت الذي تعاني منه الأردن من شح شديد في المياه المتاحة من مصادرها .

طرق الري السطحي في الأردن :

أولاً :  الري السطحي بالأثلام أو الخطوط : عبارة عن خطوط مستقيمة أو كنتورية ارتفاعها 25-15 سم ، وعرضها 40-20 سم ، والمسافة فيما بينها 100-50 سم وذلك حسب المحصول ، تسيل فيها المياه، ويتم زراعة الخضروات مثل البندورة والباذنجان والكوسا والزهرة والملفوف والفاصولياء والبصل والثوم وغيرها . يتوقف طول الخط على نوع التربة، ويمكن استخدام الخطوط الطويلة في الأراضي الطينية الثقيلة إذا كانت أبعاد المزرعة تساعد على ذلك كما يلي :

            نوع التربة                           طول الخط

            خفيفة                                 120 متر

            متوسطة                              250-120 متر

            ثقيلة                                  400-250 متر

ثانياً : الري السطحي بالدواليب : عبارة عن أقنية متعرجة ذات زوايا قائمة، ويتم زراعة الخضروات مثل البندورة والباذنجان والكوسا والزهرة والبصل والثوم وغيرها .

ثالثاً : الري السطحي بالأحواض : عبارة عن أحواض كبيرة مستطيلة أو مربعة الشكل ذات أكتاف، ويتم زراعة أشجار الحمضيات والموز وغيرها من الأشجار ، وكذلك المحاصيل الورقية مثل البقدونس والنعنع والجرجير والسبانخ والملوخية بالإضافة إلى  البرســيم والفصة .

كما لوحظ أن المزارعين في وادي الأردن يمارسون هذا النمط من الري : يقومون بعمل حوض كبير دائري الشكل بقطر حوالي 4 متر ، أو حوض كبير مستطيل الشكل (كل حوض يحتوي أربعة أشجار أو أكثر حسب عمر وحجم الشجرة) وتقوم شبكة قنوات ترابية بتوصيل المياه إلى  تلك الأحواض  بحيث يمتلئ الحوض ثم تأخذ الأشجار احتياجها المائي. كذلك يقوم مزارعي الموز بزراعة شجيرات الموز داخل أخاديد مستقيمة عمقها عند الزراعة حوالي 50-40 سم وعرضها حوالي 100-80 سم ، ويتم توصيل المياه من خلال شبكة أقنية ترابية، علماً بأن الاحتياجات المائية للموز في وادي الأردن مرتفعة 12-8) متر مكعب للدونم في اليوم ) . أما في حال زراعة المحاصيل الورقية فيتم تقسيم المزرعة إلى  عدد من الأحواض أبعادها (1,5 × 3 متر) وتقوم شبكة أقنية ترابية بتوصيل المياه إلى  هذه الأحواض .

* حالة الري السطحي في الأردن :

لقد بذلت الحكومة الأردنية جهوداً كبيرة في سبيل تحسين إدارة الري من المصدر ولغاية مآخذ الوحدات الزراعية وغدت كفاءة شبكة التوزيع بالأنابيب المضغوطة تزيد عن %90 لأغلب مشاريع الري، أما كفاءة نقل قناة الملك عبد الله البالغ طولها 110 كم وهي الناقل الرئيسي للمياه في وادي الأردن فأصبحت حوالي %85 بعد تنفيذ مشروع إعادة تأهيلها وتحسينها، بالإضافة إلى  تنفيذ مشروع نظام إدارة معلومات المياه ومشروع القياسات المائية الذي يتم من خلاله التحكم عن بعد بمنشآت قناة الملك عبد الله وملحقاتها، وبهذا فإن كفاءة النقل من المصدر ولغاية مآخذ الوحدات الزراعية تزيد عن %76 . إلاّ أن كفاءة التوصيل في بعض مشاريع الري متدنية نوعاً ما نظراً لقدمها وتقدر كفاءة التوصيل فيها بحدود %70-65 ، لذا فإن الحاجة تدعو إلى  إعادة تأهيلها وصيانتها لرفع كفاءة الري .

  أما على مستوى المزرعة التي تمارس فيها طرق الري المختلفة، يمكن تقدير كفاءة الري على مستوى المزرعة بحوالي %55-50 ، وليس من السهل إقناع المزارعين برفع كفاءة الري وترشيد استهلاك المياه، وليس أدل على ذلك بالقول، بأنه تم تقليل كميات المياه المسالة إلى  المزارعين خلال عام 1999 بمقدار %30 (نتيجة لشح المياه) مقارنة بعام 1998 ومع ذلك فإن الإنتاج الزراعي لم يشهد نقص يذكر .

*  حالة نظام صرف المياه الزائدة في الأردن :

من خلال نظام الصرف يتم جمع المياه الزائدة عن حاجة النبات من التربة وصرفها خارج المزرعة إلى المهارب الرئيسية (المصارف الرئيسية) وهي إما أن تكون مكشوفة أو مغطاة. وتعد منطقة وادي الأردن والأراضي الواقعة على جوانب الأودية ذات الجريان الدائم هي المنطقة الرئيسية التي يمارس فيها الري المنظم بطرقه المختلفة (الري السطحي، الري بالرش ، الري بالتنقيط) ، في حين أن المناطق المرتفعة والصحراوية تستخدم طريقة الري بالتنقيط وأغلبها يروى من المياه الجوفية ، وعليه يمكن استخلاص النقاط التالية :

الأراضي المروية في المناطق المرتفعة والصحراوية لم تعاني لغاية الآن من مشاكل صرف .

في أراضي مناطق الأودية الجانبية المروية من الجريان الدائم ، لوحظ أن هذه الأراضي لاتعاني من أي مشاكل صرف لكونها ذات انحدار يساعد على صرف المياه الزائدة من قطاع التربة.

أما في منطقة وادي الأردن، عندما تم تنفيذ مشاريع ري وادي الأردن، تم عمل مهارب سطحية مفتوحة (مصارف مكشوفة) ما بين الوحدات الزراعية على أعماق تتراوح بين (3-2) أمتار ، أي أن جميع أراضي مشاريع ري وادي الأردن مجهزة بمهارب سطحية مفتوحة . (يبلغ طولها الإجمالي 72750 متر طولي) . وكانت سلطة وادي الأردن قد نفذت شبكات مصارف جوفية (مغطاة) بأقطار تتراوح بين (10-4) انش . وبلغ طولها الإجمالي 283192 متر طولي لخدمة 32745 دونم ، ويتم مراقبة المصارف الجوفية (المغطاة) ونوعية المياه الخارجة منها دورياً. ونتيجة لري الأراضي الزراعية خلال الفترة الماضية ظهر في بعضها مشاكل صرف أو تملح أو كليهما، وهذه المشاكل تعتبر عائقاً رئيسياً للاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية، الأمر الذي يستدعي القيام بغسل الأراضي المالحة ، وقد وجد من تجارب غسيل التربة فـي وادي الأردن أنه يمكن غسيل الأراضي المالحة بكمية تتراوح ما بين (1000-300 م3) لكل دونم حسب ملوحة التربة وملوحة مياه الري، ويمكن استغلال مياه السنوات المطيرة لعملية غسيل الأراضي المالحة .

المشاكل والمعوقات التي تواجه تطوير إدارة مياه الري على مستوى المزرعة في الأردن :

أ-    عدم وضوح سياسة لإدارة الري على مستوى المزرعة كفيلة برفع كفاءة الري الحقلي .

ب-  عدم وجود جمعية مختصة لمستخدمي المياه لتقوم بإدارة مياه الري من حيث الجدولة والكمية لكافة شبكات التوزيع، بالإضافة إلى  المساعدة في تحديد النمط المحصولي لأي منطقة على أساس توفر المياه (كميتها) ، ونوعيتها ، وصلاحية الأراضي للري .

ج-   عدم توفر " إرشاد مائي " على مستوى المزرعة من قبل وزارة الزراعة، وهناك بدايات مشجعة جداً مقدمة من وزارة المياه والري/ سلطة وادي الأردن إلى  مزارعي وادي الأردن فقط .

د-   ضعف استعداد المزارعين لتقبل الإرشادات ، وانعدام تدريب المزارعين حول إدارة الري الحقلي، وضعف " التوعية المائية " .

هـ- تعاني شبكات الري على مستوى المزرعة من سوء التصميم والتنفيذ والتصنيع والتشغيل والصيانة ناشئ أساساً عن عدم وجود تشريعات خاصة تنظم تصنيع وتصميم وإدارة وتشغيل وصيانة أنظمة الري الحقلي .

و-   انخفاض أسعار مياه الري أو تكاليف ضخها قلل من أهميتها (كعامل اقتصادي هام من عوامل الإنتاج) ، مما أدى إلى  الإسراف في استعمال المياه وعدم ترشيد الاستهلاك  .

ز-  ارتفاع تكاليف أنظمة الري الحقلي الموضعي وخاصة في المزارع الصغيرة، مما ينتج عنه عدم قدرة المزارع على تحسين أساليب الري ، وهذا راجع إلى  شكوى المزارعين من انخفاض أسعار المنتوجات الزراعية .

البرامج المستقبلية في الأردن المخطط لها وأهدافها :

إن الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة المياه والري وسلطة وادي الأردن وسلطة المياه، تولي موضوع رفع كفاءة استخدام المياه والاستفادة القصوى منها بالإضافة إلى  تلبية الاحتياجات المائية للقطاعات المختلفة، جلّ اهتمامها، ومن أبرز البرامج والخطط المستقبلية في هذا المجال يمكن إيجازها كما يلي :

*  تحديث الخطط المائية الوطنية أو الخطط الوطنية لقطاع المياه Water Master plan في الأردن ليلبي الاحتياجات والتطلعات المستقبلية .

 

*  مراجعة السياسات المائية لكافة القطاعات المنزلية والصناعية والزراعية .

*  رفع كفاءة استخدام المياه بإدخال أجهزة ترشيد الاستهلاك والقيام " بالتوعية المائية " المنظمة لجميع المواطنين .

*  القيام بمشاريع استراتيجية لرفد مصادر المياه الحالية، مثل بناء سد الوحدة على نهر اليرموك.

*  تحسين أداء محطات تنقية المياه العادمة لتحسين نوعية المياه الخارجة منها، وإدخال تكنولوجيا تحلية المياه المالحة .

*  تدريب المزارعين على إدارة الري الحقلي للحصول على المردود الأمثل للمتر المكعب من المياه.

*  تشجيع المزارعين على استخدام أساليب الري الحديثة تصميماً وتنفيذاً وتشغيلاً وصيانة .

*  التوجه لزراعة محاصيل ذات استهلاك مائي منخفض ومردود اقتصادي مرتفع .

*  وقف الضخ الجائر من الأحواض المائية الجوفية .

*  العمل على إشراك القطاع الخاص والمزارعين في إدارة الري .

3-2-2  التجربة الجزائرية (القطر الجزائري) في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

إن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة تقدر بحوالي 8 ملايين هكتار ، وإن المساحة المروية في الجزائر حالياً لاتزيد عن %5,6 من مجموع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة . وتجدر الإشارة إلى  أن نسبة %97 من الأراضي الصالحة للزراعة توجد في شمال البلاد حيث الأراضي فيها خصبة وتتميز بمناخ البحر الأبيض المتوسط وبمعدلات أمطار سنوية تتغير من الشمال إلى  الجنوب ومن الغرب إلى  الشرق . وبسبب ضعف وتغيرات هطول الأمطار اللذان يكونان أهم العوائق للتنمية الزراعية في الجزائر أصبح اللجوء إلى  الري ضرورة حتمية وعلى نطاق واسع، وهذا مرتبط أساساً  بوفرة كميات المياه اللازمة .

حالة الري السطحي والصرف في الجزائر :

قدرت المساحة المروية لسنة 1998 بحوالي 500 000 هكتار أي ما يعادل %6 من المساحة الصالحة للزراعة، وتم ري حوالي  360 ألف هكتار منها بالري السطحي أي حوالي %70 ، والباقي باستخدام تقنيات الري الحديثة .

في الجزائر ، وكمثل معظم دول العالم، فإن الري السطحي التقليدي لن يستبدل فجأة حتى بأبسط طرق الري الحديثة، وسيبقى مسيطراً بنسبة كبيرة ولفترة طويلة. وتستعمل في الجزائر جميع طرق الري السطحي التي يغطي فيها الماء كامل سطح الأرض كما في طريقة الري بالانسياب (الشرائح) وطريقة الري بالغمر، أو يغطي جزء من سطح الأرض كما في حالة الري بالخطوط . ويطبق الري السطحي على جميع المزروعات المروية، ويستعمل في كل أنحاء القطر وبنسب كبيرة مقارنة مع نظم الري الحديثة. ولتطوير كفاءة الري بالجزائر ، فقد تم على مستوى معظم شبكات توزيع مياه الري (الأولية والثانوية) نقل المياه بالأنابيب تحت الضغط حتى فتحات الأخذ المتواجدة على مستوى كل حقل، ومن هذه النقطة يختار المزارع حسب محصوله نظام الري الذي يلائمه، ولهذا فأكثرهم يستعمل الري السطحي التقليدي الأقل تكلفة، حيث يبلغ استعمال هذا النمط نسبة %80-70 وبكفاءة لاتتعدى %60 . وعلى الرغم من انخفاض تكاليف تقسيم الحقل بهذه الطريقة ، إلاّ أن كفاءة إضافة مياه الري منخفضة فيها .

أما بالنسبة للصرف ، يعتبر صرف المياه من أهم معيقات التنمية الفلاحية بالجزائر، ويمكن القول بأن صرف المياه يكاد أن يكون مهملاً في الحقول، حيث لايهتم المزارع في أغلب الأحيان إلاّ بشبكات الري المتواجدة عبر حقله وذلك لأن شبكات صرف المياه مشتركة بين كل المزارعين ، ونتيجة لعدم تطور التقنيات لدى الفلاح في هذا المجال، أدى ذلك إلى  تدهور شبكات الصرف وفقدان فعاليتها إن وجدت أصلاً ! .

رغم كل السلبيات والمآخذ المذكورة سابقاً لحالة الري السطحي والصرف بالجزائر إلاّ أن التفاؤل لايزال قائماً بخصوص الري وصرف المياه الزائدة وتطوير الري السطحي، حيث أولت الدولة أهمية كبيرة لهذا الأمر ، لأنه جزء لايتجزأ من تقاليد وعادات المزارعين في الجزائر وليس من السهولة التخلي عنه ، فمن خلال المخطط الوطني للتنمية الفلاحية تم توفير كل الإمكانيات المادية اللازمة لتطوير الري بشتى أنواعه وكذا تشجيع كل هيئات وزارة الفلاحة والمزارعين للاندماج الكلي لضمان نجاح هذا المخطط ، الذي سيمكن البلاد من توسيع رقعة المساحات المروية والاستغلال العقلاني للموارد المائية باستعمال الطرق المتطورة للري .

3-2-3  التجربة السودانية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

السودان بلد واسع الأطراف متعدد المناخات والبيئات والموارد الزراعية. أما فيما يتعلق بموارده الزراعية فإن حوالي 84 مليون هكتار أي ما يعادل حوالي ثلث مساحته يمكن تصنيفها كأراضي صالحة للاستثمار الزراعي . وفي السودان يمثل القطاع الزراعي المروي جزءاً هاماً من القطاع الزراعي وتبلغ جملة المساحة المزودة بمرافق ري حوالي 2 مليون و 550 ألف هكتار ، ويستخدم في كل هذه المساحة الري السطحي بقنوات ري مفتوحة غير المبطنة في شبكة التوزيع، وتستخدم عدة طرق في الري الحقلي تشمل : السراب الطويل، الأحواض المسطحة والأحواض ذات السرابات القصيرة. أما فيما يتعلق بالصرف فتستخدم المصارف المكشوفة المسطحة . يبلغ الاستهلاك المائي للزراعة حوالي 15.810 مليون متر مكعب في العام ، منها حوالي 15.300 مليون متر مكعب من النيل وفروعه، والبقية من أنهار خارج حوض النيل والمياه الجوفية . وفي السودان يشكل الجزء الأكبر من المساحة المروية بما يسمى " بالسهول الطينية الوسطى " أو " الترب الطينية المسطحة " التي تمثل أكثر من %72 من المساحات المروية في البلاد والتي تتميز بتسطح أرضها وتربتها الطينية بطيئة التسرب (النفاذية)، وقد مكنت هذه الخصائص من استخدام الري السطحي بقنوات غير مبطنة وبكفاءة عالية للري مقارنة بالمشاريع المشابهة في أجزاء أخرى من العالم . وعليه فإن كفاءة الري الكلية في كل مشاريع الري التي تقع على السهول الطينية الوسطى تتراوح ما بين %71-63 ، أي أن فواقد مياه الري في أغلب المساحات المروية في السودان ضئيلة جداً بحيث أنها في رأي كثير من العاملين في مجال الزراعة المروية في السودان لاتشكل هماً كبيراً في الوقت الحاضر .

أولاً :  برامج تطوير الري السطحي والصرف في السودان :

في السودان ، يستخدم الري السطحي التقليدي بقنوات مكشوفة غير مبطنة في كل الأراضي المروية، ولم يتم حتى الآن استخدام طرق الري الأكثر حداثة مثل الري بالرش أو الري بالتنقيط بصورة تجارية. وكما ذكرنا سابقاً (في المقدمة)، فقد ساعدت عدة عوامل طبيعية على أن تكون كفاءة الري السطحي التقليدي بالقنوات غير المبطنة عالية نسبياً في الغالبية العظمى من المساحات المروية مقارنة بالمشاريع المشابهة في بلدان أخرى ، ولكن على الرغم من ذلك مازالت الفرص متاحة لتحسين مستوى الخدمة المقدمة للمزارعين لزيادة الإنتاجية وكذلك لزيادة المساحات المزروعة بتحسين كفاءة الري، خاصة وأن الماء (وليست الأرض) يعتبر العامل المحدد الأول لزيادة الرقعة الزراعية المروية في السودان .

ثانياً : برامج تطوير كفاءة الري في شبكات التوزيع :

في المشاريع التي تقوم على التربة الطينية المسطحة ذات التسرب البطيء تعتبر فواقد مياه الري عن طريق التسرب العميق معدومة تقريباً، وذلك بدون الحاجة إلى  تبطين قنوات الري ، لذلك فإن فواقد مياه الري في شبكة التوزيع تتمثل في التبخر الطبيعي من سطح المياه في القنوات ومن كسورات جسور القنوات ومن التبخر – نتح من الحشائش التي تنمو داخل وفي أطراف القنوات ، ويمثل التبخر الطبيعي من سطح المياه في القنوات أكبر هذه الفواقد ، ويقدر فاقد المياه من التبخر من سطح المياه في القنوات بحوالي %8 من الاستهلاك المائي لمشروع الري (Elawad, 1991) .

وبهدف رفع كفاءة الري في شبكات التوزيع ، تمت ابتداءً من العام الماضي، ولأول مرة في السودان تجربة استخدام الأنابيب البلاستيكية بدلاً من القنوات الحقلية في مشروع زاد الخير 2 ألف هكتار الذي يقع على الضفة الشرقية للنيل الأزرق على بعد حوالي 80 كيلومتر جنوب الخرطوم. وعلى الرغم من أن التجربة حديثة ولم يتم تقييمها حتى الآن لكنها على الأقل أدت إلى  توفير جزء مقدر (هام) من المساحات الزراعية التي كانت تحتلها قنوات الري الحقلي .

أما فيما يتعلق بفواقد مياه الري الناتج من البخر – نتح من الحشائش التي تنمو داخل القنوات وعلى أطرافها، فقد وجد أن الوسيلة الأكثر استخداماً والأكثر نجاحاً في الوقت الحاضر هي تجفيف القنوات فـي فترة توقف الر ي، وقـد برهنت هـذه الوسيلـة فاعليتها فـي القضاء على الحشائش في القنوات وقلة تكلفتها مقارنة مع المعالجة الكيميائية (باستخدام مبيدات الحشائش) أو المكافحة الميكانيكية.

كما تم ويتم حالياً (في المشاريع الحكومية الكبرى) تركيب نوع جديد من بوابات التحكم داخل قنوات الري الحقلية وعلى القنوات الكبرى، كما تمت معايرة عدد من المنظِمات في هذه المشاريع. وإن تركيب البوابات الجديدة ومعايرة القناطر قد ساعد كثيراً في ضبط وقياس التصريفات المارة مما كان له الأثر الإيجابي في تحسين كفاءة استخدام مياه الري وحسـن توزيعها .

ثالثاً : تطوير كفاءة الري على مستوى الحقل :

يعتبر هدر مياه الري على مستوى الحقل هو الأهم في السودان مقارنةً بشبكات النقل والتوزيع. وتعتمد الكمية المهدورة على نوع التربة (تربة طينية أو غيرها) ، طريقة الري الحقلي المستخدمة، مدى اهتمام المزارع بترشيد استخدام مياه الري، وهناك مصدر آخر من مصادر هدر مياه الري في الحقل هو الري غير الضروري بعد نضوج المحصول في نهاية الموسم (وهي ممارسة منتشرة في أوساط المزارعين خاصة في المشاريع الحكومية الكبرى في السودان). ومن المتفق عليه، أن الطريقة المثلى لمعالجة مشكلة هدر المياه المذكورة أعلاه هو اهتمام المزارعين بترشيد استخدام المياه، وهذا يتطلب بالإضافة للتوعية والإرشاد وخلق الدافع اللازم لدى المزارعين لترشيد استخدام مياه الري .

أما بالنسبة لهدر مياه الري على مستوى الحقل، نذكر على سبيل المثال : في المشاريع القائمة على التربة الطينية، تساعد خاصية بطء التسرب على عدم فقد مياه الري بالتسرب العميق ولكن في الوقت نفسه نجد أن هذه الخاصية، عند استخدام نظام الري بالأحواض، تؤدي إلى  ترك سطح مائي حر فوق التربة قد يستمر لمدة يوم أو يومين تكون المياه معرضة فيها للتبخر الحر . وقد أوضحت بعض القياسات التي تمت في حقول المزارعين في محاصيل الذرة الرفيعة والفول السوداني في مشروع الجزيرة (Ibraheem,1992) أن كمية المياه المهدورة بهذه الطريقة تصل إلى  %40 من المياه الواصلة إلى  الحقل، وأنها تعتمد على نسبة الرطوبة في التربة قبل الري إذ أنها عندما تكون نسبة الرطوبة في التربة مرتفعة قبل الري قد تصل إلى  %60 من المياه المضافة إلى  الحقل. وفي المشاريع التي تستخدم السراب الطويل، يلاحظ أيضاً هدر كميات كبيرة من المياه في صورة جريان سطحي خارج الحقل عند نهاية السراب ، وأوضحت بعض القياسات التي أجريت في مشروع سكر كنانة أن مثل هذه الفواقد تتراوح ما بين %47-30  (Abd Elwahab, 2000) وتعتمد كمية المياه المهدورة على تصميم نظام الري (طول السراب، ميل السراب ، ...) .

كما أن عدم تسطيح الأرض (تسوية الأرض) ، خاصة في المشاريع التي تستخدم الري بالأحواض ، هو الآخر يشكل أحد أسباب هدر مياه الري وعدم عدالة توزيعها، حيث عندما تكون الأرض غير مسطحة (غير مستوية ) بالشكل المناسب، يتطلب ري مساحة الحوض كله، إضافة كمية أكبر من المياه لضمان ري المناطق المرتفعة فيه، وهذا يؤدي إلى  زيادة كميات المياه التي تبقى حرة فوق سطح الأرض في المناطق المنخفضة من الحوض ، مما يزيد من نسبة الفواقد المائية. وبهذا الخصوص ، تم إجراء تجارب لتسوية الأراضي في مشروع الرهد ومشروع أبو نعامة على النيل الأزرق ، وقد ساعدت هذه العملية في زيادة كفاءة الري وحسن توزيع المياه في الحقل.

 

وفي المشاريع الكبرى القائمة أحياناً على الأراضي غير المسطحة (غير المستوية) ، حيث تستخدم أحواض كبيرة تصل مساحتها إلى  450 هكتار (مشروع القاش مثلاً) ، أوضحت الدراسات الأولية أنه يمكن تحسين كفاءة استخدام مياه الري وحسن توزيعها في الحقل باستخدام أحواض أقل مساحة أو بتحريك سطح التربة لزيادة معدل التسرب لتقليل المدة الزمنية المطلوبة لغمر الحوض ، وبالتالي تقليل التبخر من سطح مياه الحوض بما قد يصل إلى  %30 .

المعوقات والمشاكل التي تواجه برامج تطوير الري السطحي في السودان :

إن تحسين أداء الري السطحي المستخدم في كل الأراضي المروية في السودان تواجهه عدة معوقات يمكن حصر أهمها في الأطر التالية :

أ-  معوقات بحثية (عدم توفر المعلومات والدراسات) :

ويشمل ذلك المعلومات الأساسية عن أنواع التربة التي تقام عليها مشاريع الري في السودان، وخصائصها المتعلقة بالري والتي تمكن من اختيار وتصميم نظم الري المناسبة ، وتشمل أيضاً غياب المعلومات المتعلقة بتصريفات القنوات وكميات المياه المضافة .

ب- معوقات تشريعية :

عدم وجود التشريعات الرادعة التي تحد من هدر المياه والتي تشجع مستخدمي المياه على ترشيد استخدامها. فمثلاً مازالت تكلفة مياه الري يتم تحصيلها من مستخدمي المياه على أساس المساحة المزروعة بغض النظر عن كمية المياه التي يتم استخدامها (استهلاكها) أو حتى عدد الريات .

ج-  معوقات مؤسسية :

عدم اهتمام المؤسسات العاملة في مجال المياه والري بنشر " الوعي المائي " للجمهور عامة ، والمزارعين خاصة. فما زالت قضية الأهمية المطلقة للمياه (وشح المياه) وأهمية ترشيدها، موضوعاً متداولاً في أروقة المؤتمرات وبين قلة من المشتغلين بالأمر فقط ، ولايتم توصيل هذه القضية للجمهور للتفاعل معها .

عدم اهتمام المؤسسات التي يرتبط عملها بالزراعة المروية والاستخدامات الأخرى للمياه "بالإرشاد المائي" . فالإرشاد يركز كل اهتمامه على التقنيات الزراعية التي لاتشمل طرق الري وتأثيرها على كفاءة استخدام المياه .

ضعف تأهيل الكوادر الإرشادية المتوفرة في مجالات المياه والري ، والتي تكون "عادة" قادرة على اختيار نظم الري الملائمة وتحديد متى يتم الري وأي كمية من المياه يجب إضافتها لتتمكن من نقل المعلومة المناسبة للمزارع .

د-  معوقات فنية :

فيما يتعلق بإدخال أنظمة الري الحديثة (طريقة الري بالرش مثلاً) ، تقع أغلب المساحات المروية في السودان في أراضي طينية تستحيل الحركة فيها عندما تبتل، وهذه الخاصية تجعل استخدام الري بالرش (المتنقل أو الدائم الحركة) صعباً للغاية .

تروى أكثر من %90  من مساحة المشاريع المروية في السودان من النيل الأزرق والنيل الرئيسي ونهر عطبرة . وهذه الأنهار الثلاثة تتصف بنسبة تركيز عالية للطمي في مياهها في فترة الفيضان، مما ينتج عن ذلك ترسيب جزء كبير من الطمي الذي تحمله مياه الري في القنوات، حيث أوضحت القياسات أن حوالي %65 من الطمي الداخل إلى  مشروع الجزيرة يترسب في قنوات النقل، وتشكل عملية تخليص القنوات من هذا الطمي عبئاً مالياً كبيراً .

عند استخدام الأنابيب بدلاً عن القنوات المكشوفة لتقليل التبخر من سطح الماء في القنوات أو عند تبطين قنوات الري في التربة ذات التسرب العالي (النفاذية العالية) فإن التخلص من الطمي المترسب داخل الأنابيب أو في القنوات المبطنة باستخدام الآليات قد يكون مستحيلاً.

هـ-  معوقات اقتصادية :

التكلفة العالية لبعض العمليات التي تساعد على زيادة كفاءة الري مثل تبطين القنوات في التربة الرسوبية ذات التسرب العالي (النفاذية العالية) أو استخدام الأنابيب بدلاً من القنوات المفتوحة (المكشوفة) لتقليل فواقد التبخر من سطح القنوات أو كذلك تسطيح الأراضي (عمليات  التسوية).  فمشاكل ضعف الإنتاجية في القطاع الزراعي المروي في السودان عامة ، ومشاكل التسويق وعدم استقرار الأسعار، قد لاتشجع المستثمرين من القطاع الخاص على استثمار رؤوس أموال كبيرة في مرافق الري، والتي من المعلوم أنها استثمارات طويلة المدى يتحقق العائد منها خلال فترة زمنية طويلة.

ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري، الذي أدى بدوره إلى  تراكم الطمي ونمو الحشائش في قنوات الري. ويترتب على ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري، كذلك ، تدهور منظِمات المياه ، لدرجة جعلها غير قادرة على أداء دورها الذي أنشئت من أجله، وهو ضبط وقياس تصريفات المياه، الأمر الذي نتج عنه سوء توزيع مياه الري بين أجزاء المشروع وهدر كميات كبيرة من المياه في بعض الأحيان .

3-2-4 التجربة السورية (القطر السوري) في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

تبلغ مساحة القطر السوري 18517971 هكتار وتبلغ المساحة القابلة للزراعة 5986361 هكتار والمساحة المستثمرة 5521183 هكتار والمساحة المزروعة فعلاً 4803119 هكتار والمساحة المروية 1167633 هكتار (المجموعة الإحصائية الزراعية السورية لعام 1998) . وتضم سورية من الناحية الجغرافية الطبيعية أربعة مناطق هي المنطقة الساحلية، المنطقة الجبلية، المنطقة الداخلية ومنطقة البادية.

تعتبر سورية من المناطق شبه الجافة ، وتتوزع مصادر المياه فيها وفق الآتي : %61 من الأمطار ، %21 من الأنهار ، %5 من الينابيع و %3 من المياه الجوفية ، ويقدر حجم المياه المتاحة للاستثمار بحدود %35 من إجمالي الموارد المائية السنوية ويستثمر في قطاع الزراعة نحو 7 مليار متر مكعب سنوياً. ويعتبر نهر الفرات من أهم الموارد المائية في سورية حيث يشكل هذا النهر حوالي %35 من هذه الموارد ، لذلك فقد أولت الحكومة السورية أهمية خاصة لاستثمار مياه هذا النهر، فوضعت خطة طموحة لاستصلاح الأراضي المحيطة به وعلى مساحة حوالي 640 ألف هكتار تقريباً، ولكن مع تفاقم مشكلة الجفاف يوماً بعد يوم ... ونظراً لتحديد تدفق مياه نهر الفرات الواردة من تركيا إلى  الحد الأدنى من الجريان والذي لايحقق تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات المائية لري المحاصيل الزراعية بعد استصلاح كافة الأراضي المخطط لها في حال استخدام طرق الري السطحي التقليدية ، لذلك فقد أصبحت مشكلة ترشيد استعمالات المياه وحسن استخدامها وتطوير إدارتها، هي من أهم المشاكل الاقتصادية التي تتطلب إيجاد الحلول السريعة والفعالة بالاعتماد على أسس فنية واقتصادية. لذا فإن البرامج السابقة في وزارة الري تهدف إلى  دراسة آفاق تطوير نظام الري السطحي وتطبيق تقنيات الري الحديثة باستخدام : طريقة الري السطحي المطوّر  (الري بالخطوط الطويلة) ، والري بالرش ، والري بالتنقيط، وذلك بهدف تحقيق أكبر كفاءة ري وتخفيض التكاليف الزراعية وزيادة المردود الإنتاجي لوحدة المساحة .

ونظراً لاستخدام طرق الري السطحي التقليدية ذات الكفاءة المتدنية والذي قد ينتج عنه ارتفاع منسوب الماء الأرضي وتملّح الأراضي، يطبق نظام الصرف المغطى (أنابيب حقلية ماصة مصنوعة من مادة الـ P.V.C ، وتصب في المصارف المجمعة أو المجمعات ، والتي بدورها تصب في المصارف الرئيسية المكشوفة) الذي يسمح بزيادة عمق منسوب الماء الأرضي والحد من خطر التملّح نتيجة ارتفاع الأملاح بواسطة الخاصة الشعرية .

تطور المساحات المروية خلال الفترة ما بين (2000-1970) بسوريا :

تطورت المساحات المروية في القطر السوري بوتائر متباينة خلال الفترة ما بين (2000-1970) وكان ذلك انعكاساً مباشراً للسياسات الاقتصادية الحكومية وممارسة دعم الإنتاج الزراعي، ونبين فيما يلي تطور المساحات المروية :

ازدادت المساحة المروية في الفترة ما بين (2000-1970) بحدود 756 ألف هكتار خلال ثلاثين عاماً بزيادة مطلقة قدرها %267 ونسبة %167 وزيادة وسطية قدرها 24.4 ألف هكتار/سنة.

يمكن تمييز ثلاث مراحل لتطور المساحات المروية :

*  المرحلة الأولى (1986-1970) : ازدادت المساحات المروية بحدود 201.0 ألف هكتار بمعدل زيادة 11.8 ألف هكتار/ سنة وشكلت زيادة المساحات المروية خلال هذه المرحلة %26.6 من إجمالي الزيادة المحققة خلال الفترة 2000-1970 .

* المرحلة الثانية (1991-1986) : حيث ازدادت المساحة المروية بحدود 136.0 ألف هكتار بمعدل زيادة 22.7 ألف هكتار/سنة ، وشكلت زيادة المساحات المروية خلال هذه المرحلة %18.0 من إجمالي الزيادة المحققة خلال الفترة 2000-1970 .

*  المرحلة الثالثة (2000-1991) : وهي مرحلة النمو المتسارع للمساحات المروية كانعكاس لجملة السياسات والإجراءات المتخذة بهدف تحقيق "الأمن الغذائي" والاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية ، وفي كثير من الأحيان على حساب الاستخدام غير المتوازن للمياه الجوفية حيث ازدادت المساحة المروية بحدود 419 ألف هكتار بمعدل زيادة 41.9 ألف هكتار/سنة ، وشكلت زيادة المساحات المروية خلال هذه المرحلة %55.4 من إجمالي الزيادة المحققة

البرامج الجارية والنتائج المتوقعة بسوريا :

بما أن القطاع الزراعي في سورية يساهم بحوالي %32 من الدخل القومي ويستوعب %31 من القوى العاملة ، ومع تعاظم الطلب على المياه والحاجة المتزايدة للغذاء في ظل موارد مائية محدودة وظروف مناخية شبه جافة سائدة، تبرز أهمية ترشيد استعمالات المياه في كافة المجالات (الزراعة، الصناعة، الشرب والاستعمالات المنزلية) وبشكل خاص في القطاع الزراعي الذي يستهلك أكثر من %85 من إجمالي الموارد المائية المستخدمة حالياً، وذلك عبر تنفيذ إجراءات عديدة أهمها : تخفيض الفواقد المائية في شبكات الري، تحسين إدارة المياه على مستوى الحقل، الانتقال من أساليب الري التقليدية (ذات الكفاءة المنخفضة) إلى  طرق الري الحديثة (رش ، تنقيط) ذات الكفاءة المرتفعة .

البرنامج الوطني للتحول إلى  الري الحديث :

بدأت الحكومة السورية منذ أكثر من عام بتنفيذ برنامج وطني لتحويل معظم الأراضي الزراعية المروية إلى  الري الحديث وذلك خلال أربع سنوات ، واتخذ المجلس الزراعي الأعلى قرارات عديدة تسهل عملية التحول وتزيل العقبات وتعالج الصعوبات التي تعترض ذلك، حيث تم تكليف الوزارات المختصة (الري، الزراعة، الصناعة، الاقتصاد...) بما يلي :

أ -   التخطيط للمساحات المروية حسب الموارد المائية المتجددة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتحول نحو استخدام تقنيات الري المتطورة .

ب -  معالجة وضع الآبار غير المرخصة والمنع المطلق لحفر الآبار في الأحواض المغلقة .

ج -  إعداد الدراسات اللازمة لإقامة مشاريع الري الجماعي على الآبار .

د -   إعداد دراسات لإعادة تأهيل مشاريع الري السطحي القديمة .

هـ تحديد احتياجات الري الحديث وتوفير القروض لتمويل كافة متطلباته .

و -  إعداد الدراسات والتصاميم لشبكات الري الحديثة لدى الفلاحين (مجاناً) .

ز -  وضع الآليات والإجراءات اللازمة لمراقبة جودة تجهيزات الري الحديث وضرورة تحقيقها للمواصفة المطلوبة .

وغيرها كثير من القرارات التي حفزت وساعدت على التحول إلى  الري الحديث، يضاف إليها نتائج بحوث الري والتوعية الإعلامية وظهور العجز المائي في عدة مواقع، مما شجع المزارعين على التحول إلى  الري الحديث بشكل متسارع، حيث بلغت المساحة المحولة منذ شهر آب (أغسطس) 2000 حوالي 44,8 ألف هكتار، وهي تشكل نسبة %31,5 من إجمالي المساحة المروية بطرق الري الحديثة حتى نهاية 2001 والبالغة 142,6 ألف هكتار، منها 33,2 ألف هكتار بالتنقيط و 109,4 ألف هكتار بالرش، وتشكل نسبة %10,6 من المساحة الإجمالية المروية و %17,9 من المساحة المروية من المياه الجوفية، كون معظم المساحة التي تستخدم تقنيات الري الحديثة تقع على مصادر المياه الجوفية .

يتطلب تنفيذ هذا البرنامج (الذي من شأنه إحداث نقلة نوعية في طريقة التعامل مع المياه في القطاع الزراعي) جهوداً مكثفة، وكوادر متخصصة، وكميات هائلة من الأنابيب والتجهيزات، واعتمادات كبيرة .

ولضمان نجاح هذا البرنامج (حمايةً للفلاح والمستثمر والاقتصاد الوطني) ، تم اتخاذ عدد من الإجراءات الفورية ، تتعلق بآليات التنفيذ ومراقبة جودة ومواصفات التصنيع لتجهيزات الري ، وإقامة دورات تدريبية للمهندسين والمرشدين الزراعيين لتدريبهم على التصميم والتنفيذ والتشغيل الصحيح لشبكات الري، إضافة لتدريب الفلاحين من خلال العديد من الأيام الحقلية على تشغيل وصيانة هذه التقنيات لضمان الاستثمار الجيد لشبكة الري في الحقل .

كما تم وضع خطة إعلامية من خلال ندوات ولقاءات في التلفزيون العربي السوري والإذاعة وعبر مقالات في الصحف ، تؤكد على ضرورة الانتقال إلى  طرق الري الحديثة بشكل سليم، ولاتزال الحاجة أكبر لجميع هذه النشاطات ، بدءاً من تأهيل الكادر الفني من مهندسين مختصين في إدارة الموارد المائية وتصميم شبكات الري الحديثة، وانتهاءً بمتابعة أداء الشبكات في الحقل لتحقيق الجدوى الفنية والاقتصادية ونجاح البرنامج الوطني في تحقيق الغايات والنتائج المرجوة .

البرامج المستقبلية المخطط لها وأهدافها بسوريا :

إعادة تأهيل مشاريع الري الحكومية : (التي تعتمد بشكل رئيسي على المياه السطحية وتبلغ نسبتها %35 من إجمالي المساحة المروية ) :

أولاً : إعادة تأهيل شبكات الري السطحي الحكومية المنفذة وتحويلها إلى  طرق ري حديثة :

على اعتبار أن طرق الري الحديثة، " هي كل طريقة توفر الماء وتؤمن كفاءة عالية للري، وتتمتع بمردود اقتصادي مرتفع، وتتلاءم مع الظروف المناخية والبيئية والاجتماعية والإمكانيات الفنية والمالية المتاحة" . أي أنه لاتوجد طرق ري حديثة مثلى يمكن تعميمها على جميع المشاريع، بل لابد من أخذ جميع العوامل الآنفة الذكر بعين الاعتبار لدى اختيار طريقة الري المثلى في كل مشروع على حدة. ونبين فيما يلي طرق إعادة تأهيل شبكات الري السطحي الحكومية المنفذة :

1-  في حال كون الأقنية الرئيسية والثانوية المكشوفة الناقلة للماء بيتونية والمراوي الحقلية مؤلفة من فلومات Flumes  كما هو الحال في مشاريع حوض الفرات ، فيمكن عندئذ الانتقال إلى  الري الحديث (ري بالرش ، ري بالتنقيط) أو ري سطحي مطوّر ، عن طريق تجهيز شبكة الري عند كل مروى حقلي بحوض ضخ (بركة صغيرة)، يركب عليها المضخات اللازمة للري بالرش أو بالتنقيط أو الري السطحي المطوّر .

2-  أما إذا كانت الأقنية الثانوية أو المراوي الحقلية ترابية، فلابدّ عندئذ من إعادة استبدالها بفلومات Flumes بيتونية مناسبة، أو يمكن استبدال الأقنية بحيث تصبح أنبوبية مضغوطة تؤمن ضاغطاً لايقل عن 3 بار عند المأخذ المائي وذلك عن طريق إنشاء محطات لرفع الضغط في تلك الأقنية .

ثانياً : إعادة تأهيل شبكات الري السطحي الحكومية غير المنفذة أو قيد التنفيذ أو قيد الدراسة:

تم توجيه كافة شركات الدارسة سواء كانت الوطنية منها (كشركة الدراسات المائية) المتعاقد معها على دراسة مشاريع حوض الفرات الأدنى والرصافة وشرقي الرقة والبليخ في حوض الفرات إلى  ضرورة اعتماد الطرق الحديثة للري في جميع مشاريعها، كما تم توجيه كافة الشركات الأجنبية المتعاقد معها على دراسة مشروع ري سهول حلب الجنوبية والباب – تهدف إلى  ضرورة اعتماد طرق الري الحديثة .

كما تم توجيه الشركة الروسية (سوف انترفود) إلى  ضرورة الاستفادة من مياه الصرف الصحي والصناعي المعالجة لمدينة حلب في ري (20) ألف هكتار في منطقة المطخ جنوب حلب ضمن مشروع ري سهول حلب الجنوبية .

ثالثاً :  إعادة تأهيل مشاريع الري التابعة للقطاع الخاص (والتي تعتمد على المياه الجوفية وتبلغ نسبتها %65 من إجمالي المساحة المروية) :

إن التركيز سيتم على تحديث شبكات الري السطحي في مشاريع القطاع الخاص والتي تشكل %65 ، والتي تعتمد على المياه الجوفية التي أصبحت مهددة بالاستنـزاف في كل الأحواض المائية، حيث من الضروري اتباع التعليمات التالية للحفاظ على المخزون المائي الجوفي:

1-  التشدد في منح التراخيص الجديدة للآبار .

2- اتباع طرق الري الحديثة (ري بالرش ، ري بالتنقيط) .

3- عدم التوسع في زراعة المحاصيل التي تتطلب احتياجات مائية عالية .

4-  منع استعمال الآبار الواقعة في البادية لري المحاصيل الزراعية .

الرؤى المستقبلية وبرامج المدى البعيد بسوريا :

تعتبر المياه العائق الرئيسي الذي يقيد التطور الزراعي، حيث أن الموارد المائية الداخلية المتجددة للقطر السوري محدودة وتقدر بـ 10,5 بليون م3/سنة باستثناء حصة سورية من الفرات . ومن المتوقع أن يصل إجمالي الطلب على المياه في عام 2015 إلى  24.2 بليون م3/سنة، منها 21,2 بليون م3 / سنة (%87) للزراعة في حالة استمرار نظام الري السطحي التقليدي الحالي (أي الري السطحي بالغمر) حيث كفاءة الري تتراوح بين %50-40 ، ومن هنا تتضح الحاجة بأن يكون لدى سورية استراتيجية تهدف إلى  تخفيف الطلب على المياه من قبل مختلف المستثمرين وإلى زيادة الواردات المائية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال رفع كفاءة الري من (%50-40) إلى  (%70) على الأقل، وذلك بتحسين وتطوير الري السطحي الحالي وإدخال أنظمة الري الحديثة مثل (الري السطحي المطوّر والري بالرش والري بالتنقيط) ، إضافة إلى  إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي والصناعي في الزراعة .

زيادة الواردات المائية :

يمكن زيادة الواردات المائية من خلال :

أ-  استخدام مياه الصرف الزراعي في حوض الفرات الأوسط والأدنى والتي تقدر بـ 750 مليون م3 /سنة يمكن استخدام معظمها في الري ، وإجراء تجارب حول استخدام المياه المالحة في الري على عدد من المحاصيل المتحملة للملوحة، مع الإدراك بأهمية استخدام هذا المورد كرديف للموارد المائية التقليدية، ودراسة المنعكسات والتأثيرات السلبية على التربة في المدى القصير والبعيد، ووضع المعايير والاشتراطات اللازمة والحلول لتلافي المنعكسات السلبية .

ب– إعادة استخدام مياه الصرف الصحي " المعالجة " التي تزداد كميتها " طرداً " مع ازدياد عدد السكان، ويقدر هذا المصدر في عام 2015 بـ 500 مليون م3/سنة يمكن أن يكون متاحاً للمعالجة وإعادة الاستخدام .

إن استخدام المياه غير التقليدية يتطلب "إدارة خاصة" مختلفة عن إدارة مياه الري العذبة نظراً لطبيعتها الفيزيائية وتركيبها الكيميائي، ففي حالة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة تكون هناك ضرورة لتقويم أثر هذه المياه على الخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة وعلى نوعية المحاصيل والمخاطر المحتملة على الصحة البشرية والبيئة، وفي حالة المياه الواردة من " الأنشطة الصناعية " يجب مراقبة المعادن الثقيلة وتركيز الأيونات السامة في التربة والمحاصيل، للتمكن من الاستثمار الأمثل لهذه الموارد دون أي تأثيرات سلبية جانبية .

استراتيجية الدولة في سورية :

اتجهت استراتيجية الدولة في سورية نحو مفهوم ديمومة الموارد المائية المتاحة وحمايتها باتباع سياسات تعتمد على الاستغلال الأمثل والمرشد للموارد المائية في الزراعة ووضع المعايير والضوابط اللازمة لهذا الاستغلال، وذلك من خلال تطوير الكفاءة الفنية والاقتصادية لاستعمالات المياه في الزراعة، بإدخال طرق حديثة للري مناسبة للسوية التقنية للمزارع السوري ولحجم الحيازات ووضع الآليات والإجراءات لتحقيق ذلك وفق خطة مبرمجة مادياً وزمنياً .

المعوقات والمشاكل التي تواجه برامج التطوير في سوريا :

أولاً : المعوقات الفنية والبحثية :

1-  انخفاض سوية الخبرة الفنية وتدنّي مستوى المعرفة المتطورة بأساليب الري الحديثة لدى أغلب الفلاحين، مما يساهم في بعدهم عن الأخذ بالتقنيات الحديثة .

 

2-  قلة الكوادر الفنية المتخصصة في مجال بحوث الري والزراعة .

3-  قلة وضعف المعاهد ومراكز التدريب القادرة على تأهيل كادر بحثي جيد في مجال المياه والري .

4-  ارتفاع تكاليف البحث العلمي ونقص المخصصات اللازمة لذلك .

ثانياً : المعوقات التنظيمية والإدارية والمؤسسية :

1-  ضعف التنسيق بين الجهات المتعددة ، فهناك الجهات المناط بها تصميم وتنفيذ مشاريع الري والصرف، وهناك الجهات الموكل إليها موضوع تشغيل شبكات الري والصرف ، وأخيراً الجهات المستغِلة لهذه المشاريع. ويحتاج الأمر إلى  تنسيق وترابط وتكامل هذه الجهود المتسلسلة، والتي تتطلب بالضرورة خبرات ومؤهلات مختلفة حسب المراحل المختلفة .

2-  قلة الكوادر الفنية المقتدرة والمؤهلة لمتابعة مسيرة هذه العملية المعقدة، لضمان الوصول إلى  الغايات المنشودة بأفضل السبل .

3-  غياب المؤسسة البحثية القيادية والناظمة للأولويات في كافة مجالات البحث العلمي الزراعي من تصميم لشبكات الري الحديثة، وأصناف مقاومة للجفاف وغيرها ...

ثالثاً : المعوقات المالية والاقتصادية والتمويلية :

1-  إن ارتفاع تكاليف إنشاء شبكات الري الحديثة (بالرش ، بالتنقيط) ، مقارنة بقلة تكلفة إنشاء شبكات الري السطحي التقليدية، يمثل أكبر العوائق أمام تطوير طرق الري السطحي وتعزيز استخدام طرق الري الحديثة .

2- ضعف تمويل البحوث والدراسات الخاصة بتطوير طرق الري الحديثة .

رابعاً : المعوقات الاجتماعية :

قلة الوعي العام بمشكلة نقص المياه في سورية، حيث أن هذا الوضع قد أدى إلى  الإفراط في الاستخدام وعدم الاهتمام بإعادة تأهيل شبكات الري السطحي وتحويلها إلى  طرق ري حديثة .

الاستنتاجات :

إن الزراعة العربية تستهلك (%80) من مجموع المصادر المائية المتاحة حالياً وأن نظام الري السطحي التقليدي معتمد في حوالي (%85) من المساحات المزروعة، وإن فواقد هذا النظام من مياه الري (اثناء النقل والتوزيع في شبكات الري) يزيد على (%50) ، وبالتالي فكفاءة أنظمة الري تقل في معظم البلدان العربية عن (%50) . أما في حالة تحسين شبكات الري القائمة (الري السطحي التقليدي) سواء بتبطين الأقنية بالاسمنت أو عن طريق تسوية الأرض في المزرعة، أو استخدام السيفونات في عملية الري ، أو بتحسين إدارة التوزيع، أو بإدخال نظام الري السطحي المطوّر (نقل المياه بواسطة أنابيب حتى حدود الحقل)، فيمكن عندئذ رفع كفاءة الري إلى  أكثر من (%75) ، وبالتالي يمكن معه توفير %21,25 من المياه المستعملة في الزراعة حاليـاً ، وهذا بدوره يعادل %17 من مجموع المصادر المائية المتاحة حالياً .

المقترحات والتوصيات :

1- تصميم وتنفيذ جميع مشاريع الري الجديدة بحيث تكون مؤهلة لاستخدام طرق وتقنيات الري الحديثة عند وضعها في الاستثمار . واعتماد التصاميم الهندسية الملائمة لهذه المشاريع بحيث يتم وصول منظومات الري الإجمالية إلى  كفاءة لاتقل عن %80-70 (شبكات ري أنبوبية مضغوطة تعمل وفق مبدأ : حسب الطلب حيثما أمكن ) .

2- تعزيز دور البحوث المشتركة في مجال إدارة وتنمية الموارد المائية غير التقليدية وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية وبخاصة المياه الجوفية غير المتجددة وتعظيم استخدام مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي في الإنتاج الزراعي ، وتنفيذ بحوث متخصصة في استخدام المياه غير التقليدية (صرف زراعي، صرف صحي) للتوصل إلى  معايير محلية تمكن من الاستخدام الآمن لهذه المياه، وأن تكون المعايير الموضوعة من قبل منظمة الصحة العالمية هي الهدف الذي يجب الوصول إليه .

3- تعزيز البحوث المتعلقة باستنباط محاصيل زراعية تتحمل مياه الصرف الصحي والملوحة العالية (المياه الجوفية شديدة الملوحة، مياه البحر) مع ضرورة التوسع في بحوث استخدام النموذج الرياضي في التنبؤ لظاهرة الملوحة .

4- تبادل الخبرات والتدريب بين الدول العربية في مجال تقنيات تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة الملوثة للوصول إلى  أفضل التقنيات المستخدمة لرفع كفاءة الإنتاج وخفض تكاليف الإنشاء والتشغيل والصيانة وإطالة العمر الافتراضي لتلك المحطات .

3-2-5  التجربة العراقية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

نظراً لتوفر مياه سطحية تتمثل في نهري دجلة والفرات وروافدهما، فإن الزراعة في عموم القطر العراقي هي زراعة إروائية تعتمد على "الري السيحي"(1) بدون واسطة في أغلب المناطق وبواسطة في بعض المناطق المرتفعة (في المناطق المرتفعة يتم استخدام النواعير لرفع المياه إلى  مستوى أعلى والتي يتم تشغيلها إما بقوة الماء في مجرى النهر أو باستخدام الحيوانات) . وبسبب طبيعة الأرض (ذات طبوغرافية مستوية نسبياً) ، وكذلك بسبب استمرار عمليات الري طيلة حقبة تاريخية طويلة، فقد تجمعت مياه تحت سطحية مما أدى، وبسبب الحرارة المرتفعة في فصل الصيف، إلى ارتفاع هذه المياه بالخاصية الشعرية إلى السطح وتبخرها تاركة الأملاح تتجمع على السطح مما أدى إلى  تدهور مساحات كبيرة من الأراضي بسبب الملوحة، الأمر الذي أدى إلى  ضرورة إقامة أنظمة صرف لغرض إزالة الأملاح وخفض مناسيب المياه الجوفية .

 

 
 

 

1-  الري السيحي : يكون بتحويل المياه بطريقة الحادية Gravity من المصدر المائي إلى الحقل أما الري بالضخ : يكون بتحويل المياه من المصدر المائي إلى القناة الرئيسية للمشروع بواسطة عدد من المضخات، وذلك عندما يكون منسوب الماء في المصدر أقل من منسوب الأرض المطلوب إروائها .

تبلغ المساحات الصالحة للزراعة في القطر العراقي 11,1 مليون هكتار، وتبلغ مساحة الأراضي القابلة للإرواء من مجمل الأراضي الصالحة للزراعة حوالي 6 مليون هكتار . وتتباين إنتاجية هذه الأراضي تبايناً كبيراً بسبب عوامل عديدة تؤثر بنسب متفاوتة على الإنتاج الزراعي ونذكر منها : انتشار الملوحة وبدرجات متفاوتة، تدهور صفات التربة الفيزيائية، ارتفاع مناسيب المياه الجوفية، ارتفاع نسبة الجيبس في بعض المناطق المروية .

  إن تجهيز المياه إلى  الحقل أو المشروع يكون بإحدى الطرق التالية :

أ –  إيصال الماء إلى  الحقل على أساس نظام مقرر مسبقاً أو جدول للتوزيع Schedule system، حيث يعتمد على توزيع متكافئ وعادل للموارد المائية المتاحة للمستفيدين ضمن المشروع الإروائي. وتعتمد هذه الطريقة عندما تكون الموارد المائية هي العامل المحدد للزراعة .

ب– إيصال الماء إلى  الحقل على أساس التجهيز عند الطلب On demand system ، حيث يكون للمستفيد الحرية الكاملة في تجهيز الكمية التي يحتاج إليها بحسب حاجته .

وتتوزع الأراضي المروية في القطر العراقي على مشاريع إروائية متعددة تتفاوت في مساحاتها وظروفها وطبيعتها، وهذه المشاريع الإروائية تشمل على قنوات ري وصرف ، منها قنوات الري الرئيسية والفرعية وكذلك قنوات الصرف الرئيسية والفرعية وتدخل هذه المشاريع الإروائية ضمن التقسيمات الإدارية لمحافظات القطر .

أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه الزراعة المروية في العراق :

أولاً : أعمال الصيانة (إزالة الترسبات والقصب والأعشاب) لشبكات الري والصرف :

إن كافة الجداول والمصارف ومنشآتها عرضة للاندثار بدرجات متفاوتة بسبب تراكم الترسبات ونمو القصب والأعشاب بكثافة في شبكات الري والصرف مما يؤدي إلى  عرقلة التشغيل وتخفيض تصريف الشبكات المذكورة (الجداول والمصارف) وقد يصل الانخفاض إلى  حدود %25 من التصريف التصميمي أو أكثر من ذلك، وأحياناً توقف عمل شبكة الصرف الحقلي المغطى وبالتالي إعادة تملح الأراضي الزراعية. ويكون نمو القصب والأعشاب في شبكات الري المبطنة معدوماً أو أقل بكثير عما هو عليه في شبكات الري غير المبطنة .

ثانياً : صيانة أعمال التعديل والتسوية :

نظراً لأن كفاءة الإرواء في أية مساحة زراعية تعتمد على دقة استواء المساحة المذكورة، أي على دقة التعديل والتسوية لهذه المساحة ، فإن ذلك يتطلب إجراء أعمال التسوية كل موسم أو موسمين أو أكثر وذلك حسب متطلبات الدورات الزراعية، مع التقيد بالعمليات الزراعية الصحيحة، وتتم التسوية المذكورة باستعمال المعدلات Land plane الصغيرة أو الكبيرة التي تسحب بالجرارات. وإن إهمال الصيانة المبرمجة لمشروع الري والصرف يؤدي إلى  زيادة تكاليفها، بمعنى أن الصيانة ليست قليلة التكاليف، وإهمالها يؤدي إلى  ضرورة القيام بإصلاح باهظ التكاليف للمشروع نفسه .

التوجهات الرئيسية لتحسين إنتاجية الأراضي المروية بالعراق :

أ-  إدخال ونشر أنظمة الري الحديثة :

كانت الأساليب التقليدية في الإرواء وما زالت هي السائدة في العراق، إلاّ أن محدودية المياه المتوفرة للإرواء وزيادة الحاجة إلى الغذاء دفع وزارة الري لوضع خطة وبرنامج عمل لتجربة وتطبيق الأساليب الحديثة كالري بالرش والري بالتنقيط . ولرفع كفاءة الري جربت هذه الأساليب الحديثة في بعض المشاريع الإروائية في العراق وأثبتت نجاحها حيث تبين أن إعطاء بضع ريات عند شح الأمطار كفيل بإنقاذ المحاصيل الزراعية من الفشل ورفع معدلات الإنتاج .

ب-  تطوير استخدامات المياه غير التقليدية (مياه الصرف الصحي والزراعي) في الزراعة :

أساليب تطوير الري السطحي في العراق :

نتيجة للكثير من الدراسات والأبحاث التي أجريت حول تطوير أساليب الري السطحي فقد تم التوصل إلى  مجموعة من الإجراءات التي تساعد في الوصول إلى  الأهداف الموضوعة، ومن هذه الإجراءات ما يلي :

أولاً : إعداد بيانات عن قيمة الاستهلاك المائي للمحاصيل Crop water requirements وخصوصاً الرئيسية منها، وكذلك الدورات الزراعية الملائمة للتربة والمناخ . إن ذلك يساعد على معرفة الاحتياجات الإروائية الحقيقية لمشروع الري وبالتالي إعداد التصاميم الملائمة لشبكات الري الحديثة للمشروع .

ثانياً : تبطين قنوات ا لري Canal linning وخصوصاً الرئيسية منها، وإن ذلك يساعد في تقليل فواقد قنوات الري عن طريق الرشح العميق Deep percolation والتي تقدر بنسبة حوالي %15 ، وكذلك في منع نمو الأدغال المائية التي تسبب منع أو إعاقة جريان الماء بشكل ملائم في قنوات الري.

رغم الكلفة العالية لمثل هذا الإجراء ، إلاّ أن ذلك يقلل من كلفة الصيانة السنوية للمشروع وفي تقليل الآثار السيئة لنمو الأدغال المائية في قنوات الري .

ثالثاً : إجراء عمليات التعديل والتسوية للحقل بواسطة المعدات الحقلية والأجهزة الحديثة والتي تساعد في توزيع الماء بشكل متجانس ، مما يرفع من كفاءة نظام الري في توزيع المياه .

رابعاً : السيطرة على الأنهار الرئيسية والفرعية عن طريق منظومات السيطرة على مناسيب المياه Cross regulators  ، حيث يساعد ذلك في ضمان التوزيع المنظم للمياه بين الأنهار الرئيسية وكذلك بين الأنهار الفرعية ضمن المنظومة الإروائية الواحدة .

خامساً: إزالة الترسبات من قنوات الري، حيث أن تراكم الترسبات في هذه القنوات يؤدي إلى  الإقلال من جريان الماء فيها بسبب تقليل قيمة مساحة المقطع العرضي وبالتالي انخفاض تصاريف هذه القنوات بنسبة قد تصل إلى  %25 أو أكثر .

سادساً : إدخال أساليب الري الحديثة كالري بالرش والري بالتنقيط وبمساحات كبيرة للمساعدة في رفع كفاءة الإرواء وكذلك للسيطرة الكبيرة على الموارد المائية بما يساعد في زيادة رقعة الأراضي المروية.

سابعاً : صيانة مشاريع الري والمنشآت التابعة لها. وتشمل أعمال الصيانة صيانة البوابات الخاصة بالنواظم القاطعة وكذلك صيانة المنافذ الحقلية لضمان عدم التجاوز على الحصص المائية، بالإضافة إلى  صيانة محطات الضخ ، ويعتبر ذلك من أهم العوامل الضرورية لديمومة عمل منظومة الإرواء وبنفس كفاءتها التصميمية .

3-2-6  التجربة المصرية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

تعتبر مياه نهر النيل هي المصدر الأساسي والوحيد للتنمية بمصر ، وموارد النيل تمثل %97 من الموارد المائية المتاحة لمصر ، وتبلغ حصة مصر 55,5 مليار متر مكعب. ومع النمو المضطرد للسكان وتعاظم الاحتياجات الغذائية كان لزاماً على الدولة أن تعمل جاهدة على تعظيم الاستفادة بكل قطرة من المياه المتاحة عن طريق تطوير نظم الري بالأراضي القديمة والحد من فواقد النقل وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والسحب الآمن من الخزان الجوفي بالدلتا والوادي والحد من مساحات المحاصيل عالية الاستهلاك للمياه كالأرز وقصب السكر . وتهدف خطة التطوير إلى  رفع وتحسين كفاءة نقل وتوزيع المياه وتطبيق نظم التحكم الحديثة، تقليل الفاقد ورفع كفاءة الاستفادة من وحدة المياه، ترشيد استخدام المياه المتاحة وزيادة الإنتاجية الزراعية .

يعمل مشروع تطوير الري حالياً في إحدى عشرة منطقة بالمحافظات المختلفة (الشرقية، كفر الشيخ، الغربية، البحيرة، الاسكندرية، الفيوم، بني سويف ، المنيا ، أسيوط ، سوهاج ، أسوان) لتكون مناطق رائدة لأعمال مشروع تطوير الري في الأراضي القديمة بكافة محافظات الجمهورية، بزمام إجمالي قدره حوالي 395 ألف فدان .

أهداف ونتائج برامج التطوير السابقة للتطوير بمصر  :

-  أهداف قومية : توفير المياه الضائعة بسبب سوء المساقي الحالية، وهي تمثل أكثر من %10 من المياه المستخدمة في الزراعة يمكن الاستفادة منها في استصلاح واستزراع أراضي جديدة .

-  أهداف اقتصادية : يهدف مشروع تطوير الري إلى  عدالة توزيع المياه ووصول المياه إلى  الحقول في الوقت المناسب وبالكمية اللازمة لاحتياجات النبات ، مما سيؤدي إلى  زيادة المحصول بنسب تتراوح ما بين %10 و %25  علاوة على الوفر في أعمال التشغيل والري والصيانة .

أهداف اجتماعية : إن تكوين روابط مستخدمي المياه ومشاركتهم في أعمال التطوير يمثل تغييراً اجتماعياً شاملاً في قطاع عريض من الشعب المصري وهو قطاع المزارعين، لأن نظام تكوين روابط مستخدمي المياه ونظامها الداخلي سوف يؤدي إلى  مشاركة المواطنين مع السلطة التنفيذية في الأعمال التي تؤدى لهم، وبالتالي ينمو إحساس المواطن بالانتماء وملكيته للبنية الأساسية، وينمو بينهم أيضاً التعاون والتكافل بهدف زيادة الإنتاجية الزراعية لمصلحتهم.

أهداف صحية   : إن أسلوب "الري المتطور" ونقل مياه الري إلى  الحقول في مواسير (أنابيب) مغلقة أو مساقي مبطنة بالخرسانة سوف يؤدي إلى  عدم نمو الحشائش وقواقع البلهارسيا وبالتالي وقاية المزارعين من الإصابة بهذا المرض، وكذلك عدم تكاثر البعوض الناقل لمرض الملاريا .

وقد تحقق من نتائج تطبيق هذه الأساليب المطورة في المناطق التي تم تطبيقها فيها حتى الآن مجموعة من الفوائد للمزارعين نذكر منها ما يلي :

-  رفع كفاءة توزيع مياه الري في معظم المناطق بين %30 إلى  %40 .

-  تحقيق زيادة في مساحة الأراضي الزراعية على المساقي بعد تطويرها بلغت من %1,4 إلى  %2 بالنسبة لمساقي المواسير، وبين %0.3 إلى  %0,4 بالنسبة للمساقي المرفوعة المبطنة بالخرسانة .

-  التخلص نهائياً من مشاكل عدم عدالة توزيع المياه بين المزارعين على أواخر المسقى، وذلك بتوحيد الرفع من نقطة واحدة على رأس المسقى المطورة، والانعكاس المباشر لذلك على الإنتاج الزراعي لجميع المزارعين .

-  التخلص من الري الزائد والإسراف في استخدام مياه الري بإعطاء المزارعين الثقة بوجود السريان المستمر للماء في الترع الفرعية التي تم تطويرها .

-  نقل التقنية الحديثة واستخداماتها بالنسبة للمزارعين وأثر ذلك على الإنتاجية الزراعية، والوفر المحقق في كميات مياه الري المستخدمة .

نوعية الصرف بمصر :

تعتبر مشروعات الصرف من أهم مشروعات التوسع الزراعي الرأسي نظراً لما لها من عائد سريع للإنتاج الزراعي يصل إلى  حوالي %25 ، مما دفع هيئات ومنظمات دولية عديدة إلى  المشاركة في تمويل تنفيذ هذه المشروعات ، وتـم تغطية كافة الأراضي الزراعية بشبكات الصرف العام والمغطى وإحلال وتجديد الأجزاء التالفة مـن شبكات الصـرف المغطـى التي انتهى عمرها الافتراضي (30-25 سنة) .

وقد أثبتت كافة الأبحاث والدراسات العديدة على الأراضي الزراعية مدى الفوائد التي تعود على البلاد بعد إدخال نظام الصرف سواء العام أو المغطى خاصةً بعد إنشاء السد العالي واستخدام نظام الري الدائم .

وتتلخص هذه الفوائد فيما تحققه هذه المشروعات من الزيادة في الإنتاجية الزراعية والعائد الاقتصـادي المرتفـع الذي يصـل إلـى  %25-17  وكذلك التأثيـر الإيجابي في تحسين خواص التربـة الطبيعيـة والكيميائية مـن حيث خفض منسـوب الماء الأرضـي وتحسيـن معامـل التوصيل الهيدروليكي للتربة وخفض ملوحة التربة وملوحة الماء الأرضي (محلول التربة) .

وتهدف الخطط المستقبلية الاستمرار في استكمال تنفيذ مشروعات الصرف بشقيه العام والمغطى باستخدام أحدث المعدات المتطورة ومواسير (أنابيب) البلاستيك .

برامج تطوير الري السطحي بمصر :

بناءاً على ما أوضحته دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية وما أكدته المتابعة، وفي ضوء السياسة العامة للدولة ووزارة الأشغال العامـة والمـوارد المائية والتـي كان مـن نتائجها وتوصياتها ضـرورة وحتمية تطوير الري، فقد بادر قطاع التطوير بإعداد الخطة القومية المستقبلية لتطوير الري فـي الأراضي القديمـة حتى عام 2017 ، وذلك عـن طريق إعداد أربع خطط خمسية، (جدول رقم 3-1) .

المعوقات والمشاكل التي تواجه شبكة الري وبرامج التطوير :

-  نمو الحشائش المائية بالترع والمساقي مما يعوق وصول المياه إلى  نهايتها .

-  عدم كفاية المياه بنهاية بعض المساقي بسبب طول هذه المساقي .

-  سوء حالة الأعمال الصناعية بشبكة الري .

-  عدم وجود تحكم في مياه الري وكمية المياه التي يتم سحبها من قبل المزارعين أثناء عملية الري .

-  عدم تطابق مواعيد بدء الزراعة مع مواعيد إطلاق المياه بأدوار العمالة .

الحلول المقترحة لمعالجة القصور وتطوير الشبكة الحالية :

-  تحديث وتطوير منشآت ونظم الري على مختلف مستوياتها بما فيها شبكات الري الرئيسية والفـرعية والـري الحقلي ، بما يهـدف إلـى  توفيـر مياه الـري حسب الحاجـة الفعليـة للمزروعات مع منع الإسراف وتقليل الفواقد بتحسين عملية الري باستخدام التصرفات بدلاً من المناسيب، وتحويل الري من نظام المناوبات إلى  الري بنظام التيار المستمر .

-  تسهيل عمليات تشغيل وإدارة عملية توزيع المياه باستخدام نظم التحكم الحديثة وذلك عن طريق تركيب بوابات أوتوماتيكية حديثة طراز AVIS وطراز AVTO ، كما تستخدم الموزعاتDistributors لتعطي تصريفات ثابتة يمكن التحكم فيها طبقاً للاحتياجات المائية الفعلية.

 

 

الجدول رقم (3-1)

بيان بالخطط الخمسية المقترحة لتطوير الري في الأراضي

المصرية القديمة حتى عام 2017

 

 

التكلفة الكلية

(بالمليون جنيه)

متوسط تكلفة الفدان (بالجنيه)

الزمام

(بالألف فدان)

الخطة

162

1800

90

الخطة خلال عام 1997/1996

2631

2500

1046

الخطة الخمسية 2002-1997

4300

3100

1388

الخطة الخمسية 2007-2002

8537

4000

2136

الخطة الخمسية 2012-2007

10370

5000

2074

الخطة الخمسية 2017-2012

26000

 

6734

الإجمــــــالي

 

 

-  تحديث نظم الري الحقلي وشبكات المساقي، وذلك عن طريق تنفيذ عمليات تسوية الحقول بالليزر وتحويل المساقي الحالية الترابية إلى  مساقي مرفوعة مبطنة على شكل حرف J ، أو مساقي مواسير (PVC) ذات ضاغط منخفض، وتعمل المساقي المطورة على تقليل الفواقد المائية والقضاء على الحشائش وضمان وصول المياه إلى  نهاية المسقى بالكمية المناسبة في الوقت المناسب وتوفير تكاليف أعمال الصيانة، مما سيؤدي إلى  زيادة الإنتاج ورفع مستوى معيشة المزارع .

-  استخدام مختلف المصادر المائية بما فيها المياه السطحية والمياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي .

-  حل مشاكل ارتفاع المياه الجوفية وما تسببه من رفع معدلات الملوحة وانخفاض الإنتاج الزراعي.

-  إيجاد صيغة للتعاون بين إدارة الري ومستخدمي مياه الري من مزارعين وفلاحين عن طريق تكوين روابط مستخدمي مياه الري وتكوين إدارة التوجيه المائي بوزارة الأشغال العامة والموارد المائية لتدريب وتوجيه المزارعين على الاستخدام الأمثل للمياه وحل المشاكل التي تعترض المزارعين أولاً بأول .

 

 3-2-7  التجربة المغربية في تطوير الري السطحي والصرف :

مقدمة :

  تقدر المساحة الممكن ريها بصفة مستمرة بحوالي 1,35 مليون هكتار، وفي الوقت الراهن تقدر المساحة المروية (بصفة دائمة) بحوالي 911000 هكتار ، وبالرغم من أنها لاتمثل سوى %10 من المساحة الصالحة للزراعة فإنها تساهم بتشغيل %33 من اليد العاملة و %75 من صادرات المنتوجات الزراعية .

  يتضح من خلال ما سبق أن للري دوراً هاماً واستراتيجياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، إلاّ أن أكثر من %80 من الموارد المائية المتاحة في المغرب يتم استغلالها بشكل عام في قطاع الزراعة المروية، ويغطي نظام الري السطحي وحده حوالي %80 من المساحة المروية ، وتبين أن الري السطحي كما هو مطبق حالياً في المغرب يقوم بهدر وضياع كبير لمياه الري وخصوصاً على مستوى الحقل، حيث تصل كفاءة نظام الري في قنوات الري المحمولة إلى  %85 وفي قنوات التوزيع الترابية إلى  %85 وعلى مستوى الحقل إلى  %60 (حسب العديد من الدراسات الميدانية) ، وبالتالي فالكفاءة الإجمالية للمشروع تصل إلى  حوالي %40 (جدول رقم 3-2).

نستنتج من ذلك أن أهم ضياع في مياه الري يحصل على مستوى الحقل وأن أهم اقتصاد في مياه الري يمكن إنجازه على هذا المستوى . ونظراً لمحدودية الموارد المائية مـن جهة ، وبغيـة عقلنة استعمالها من جهة أخرى ، فإن تخفيض فواقد الماء بالإضافة إلى  تحسين استغلال شبكات النقل والتوزيع وترشيد استخدام المياه عن طريق تطوير نظام الري السطحي على مستوى الحقل يشكلان هدفاً أولوياً لتحسين كفاءة الري الحالية لمشاريع الري. 

 

الجدول (2-3)

يبين كفاءة استعمال مياه الري لبعض الدول العربية

كما ورد في إحدى نشرات FAO لسنة 1994

 

الكفاءة الكلية أو الإجمالية (%)

الكفاءة داخل الحقل أو المزرعة (%)

كفاءة الشبكة (%)

البــــلد

53

80

80.5

الأردن

30

50

60

سوريا

-

-

68

مصر

42

60

80

المغرب

22

40

55

اليمن

28

40

67

معدل البلدان النامية

 

 

المشاريع الكبرى للري السطحي بالمغرب :

  إن أكبر مشاريع الري السطحي في المغرب توجد في الدوائر السقوية التي يبلغ عددها تسعة (9) : وهي موزعة في المناطق التي توجد فيها موارد مائية لابأس بها ، وتلعب هذه الدوائر دوراً مهماً جداً في الاقتصاد الوطني .

-  الدائرة السقوية لملوية (مساحتها 335 ألف هكتار) والمصادر الرئيسية لمياه الري هي المياه السطحية.

-  الدائرة السقوية للغرب (مساحتها 616 ألف هكتار) والمصادر الرئيسية لمياه الري هي مياه واد سبو والروافد الرئيسية (بهت ، إنون ، ورغة ) .

-  الدائرة السقوية لدكالة (مساحتها 493 ألف هكتار) والمصدر الوحيد لمياه الري في المنطقة كلها هو واد أم الربيع (ثاني نهر بالمغرب من حيث كبر الحوض المائي) .

-  الدائرة السقوية للحوز (مساحتها 663 ألف هكتار) والمصادر الرئيسية لمياه الري هي حوض تانسيفت وحوض تاسوت .

-  الدائرة السقوية لتادلة (مساحتها 320 ألف هكتار) والمصدر الرئيسي لمياه الري هو نهر أم الربيع .

-  الدائرة السقوية لسوس ماسة (مساحتها واحد مليون و 200 ألف هكتار) وتتكون الموارد المائية لهذه الدائرة من مياه أودية سوس وماسة وإسلي .

-  الدائرة السقوية للوكوس (مساحتها 256 ألف هكتار) وتتكون الموارد المائية لهذه الدائرة من مياه نهر اللوكوس وروافده (أودية درادر وسوير وصغر) .

-  الدائرة السقوية لتافلالت (مساحتها 7 مليون و 750 ألف هكتار) وإن أهم المصادر المائية للمنطقة هي أودية زيزوغيس وكير والفرشة المائية .

- الدائرة السقوية لورزازات (مساحتها 5 مليون و 500 ألف هكتار) والمصدر الرئيسي لمياه الري هو سد المنصور الذهبي .

المعوقات والمشاكل التي تواجه تطور الري السطحي بالمغرب :

  تبين أن تدني كفاءة  مشاريع الري في المغرب ناتج أساساً عن ضعف كفاءة الري الحقلي والذي بدوره يعود لمعوقات فنية ومؤسسية واقتصادية نذكر أهمها فيما يلي :

أ-  نموذج التهيئة الهيدروفلاحية :

بدايةً ومنذ استقلال المغرب ، صُممت مناطق السقي الكبيرة على أساس أن تكون مساحة كل وحدة سقوية تتراوح ما بين (20 و 30 هكتار) بصبيب (30 لتر/ثانية)، وكل وحدة سقوية مقسمة إلى  شرائح مستطيلة عرضها يتراوح ما بين (80 و 120 متر) وتروى من طولها بواسطة قنوات ترابية يصل طولها إلى  400 متر ، وتقسم كل وحدة سقوية إلى  4 أو 6 حقول ، وقد كان هدف هذا النموذج من التهيئة ما يلي :

*  استغلال مشترك للقناة الترابية التي تزود الحقول بمياه الري .

*  إدخال تقنية الري " بالخطوط الطويلة " التي تعتبر ذات كفاءة جيدة .

*  اتباع أسلوب الري بالتناوب على الماء بين جميع مستعمليه وفق احتياجات المزروعات .

*  التحكم في اختيار المحاصيل المروية وفق الطلب على المنتوجات .

*  تطبيق المكننة الجماعية للضيعات (القرى) الصغيرة .

بعد مضي ثلاثين سنة ، لم يعد هذا النظام معمولاً به ، حيث تم حفر مجموعة من الأقنية الترابية بدلاً من استغلال القناة المشتركة، ولم تستعمل المكننة الثقيلة وبصفة جماعية، وحصلت استقلالية في اختيار المزروعات وعشوائية في التناوب على استغلال مياه الري، وتم استخدام الري التقليدي "بالربطة" (حقنيات ذات أحجام صغيرة حوالي 50 متر مربع) بدلاً من "الخطوط الطويلة" . كل هذا أدى إلى  تدني كفاءة الري الحقلي حيث قدرت الفواقد المائية بـ %25 على مستوى الحقل و %15 في القنوات الترابية .

ب- دورات استعمال مياه الري :

نظراً لعدم وجود تنظيم بين المزارعين فإن طريقة التناوب على الماء تطبق بعشوائية وفوضى، لذلك يجب إعادة النظر فيها . أما القنوات الترابية فقد صممت على أساس أنها ستؤمن صبيباً يساوي 30 لتر/ثانية، بسبب الفواقد عن طريق النقل والتوزيع ، وضعف ضبط تجهيزات التوزيع انخفض هذا الصبيب إلى 25 لتر/ثانية (استناداً إلى  بعض القياسات التي أنجزت في حوض تادلة).

ج- تقنيات الري السطحي :

يغطي نظام الري السطحي وحده حوالي %80 من المساحة المروية، وتعتبر طريقة الري التقليدية "الربطة" هي الأكثر شيوعاً في الدوائر السقوية للمغرب . وتعتمد هذه التقنية على الري "بخطوط قصيرة" ، ومن بين الدوافع الرئيسية التي تجعل المزارعين يلجؤون إلى  استخدام طريقة الري "بالربطة" الحالة السيئة التي توجد عليها تسوية الحقول في الدوائر السقوية التي تلاشت ولم تصمد كثيراً أمام العمليات المتكررة للحراثة في الاتجاه الطولي للحقول . وزيادة على تأثيرها السيء على تسوية الأرض ، فإن طريقة الري " بالربطة " تؤدي إلى  فواقد في الرقعة المزروعة تقدر بـ 15% ، وكذلك يتطلب استعمال الري "بالربطة" مجهوداً كبيراً وحضوراً متواصلاً أثناء عملية الري، أما تجانس توزيع الماء في الحقل فهو ضعيف جداً .

أما بالنسبة للري "بالخطوط الطويلة"، فبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت في بعض الدوائر السقوية، فإن هذه الطريقة لم تعرف التطور المرغوب فيه، وتعد مشكلة تسوية الحقول (مرة ثانية) هي عائقاً أساسياً أمام استخدام الري "بالخطوط الطويلة" .

د-  جمعيات مستعملي مياه الري :

إن الهدف من تكوين جمعيات مستعملي مياه الري هو إشراك المزارعين في عمليات تسيير وصيانة شبكات الري وتحميلهم قسطاً من المسؤولية من أجل الاستغلال العقلاني لموارد الماء والتربة والمحافظة عليها وكذلك على البنية التحتية لمشاريع الري . وبالرغم من العديد من العراقيل والصعوبات فقد تأسس عدد كبير من جمعيات مستعملي مياه الري على صعيد السقي الكبير والمتوسط والصغير، نظراً لتفهم المزارعين ضرورة المساهمة في تسيير وصيانة التجهيزات وتحمل المسؤولية في ذلك من أجل عقلنة استغلال الموارد المائية المتاحة ورفع كفاءة مشاريع الري .

المشروعات الهادفة إلى  تحسين كفاءة الري السطحي بالمغرب :

انطلاقاً من مبدأ أن الري هو خيار استراتيجي لكل تنمية اقتصادية واجتماعية بالمغرب، ومن أهمية العقار (الأرض) في كل تطور فلاحي ، فإن تدخلات الدولة في هذا القطاع ترتكز على :

أ-  البرنامج الوطني لتحسين الري الذي يهدف أساساً إلى  توسيع نطاق الري واستصلاح التجهيزات المتقادمة وتشجيع المزارعين على المشاركة في إدارة وتسيير شبكات الري من خلال إنشاء جمعيات مستخدمي مياه الري ، وكذلك تشجيع إنشاء المقاولات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في صيانة التجهيزات الهيدروفلاحية ، وهكذا فإن البرنامج الوطني للري (19932000) مكّن من توسيع المساحات المروية بحوالي 250 ألف هكتار ، كما ساعد على استصلاح أو تحديث التجهيزات الهيدروفلاحية على مساحة تناهز 200 ألف هكتار .

ب- برنامج تحسين الري الكبير الذي همه متابعة صيانة تجهيزات الري ودعم قدرات التدبير لدى المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي وعقلنة استغلال الماء على مستوى الحقل ، وحماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية وذلك عن طريق الاستغلال المحكم للمياه والرفع من فعالية استعمالها على مستوى الأحواض المائية .

ج- التهيئات العقارية التي ترمي إلى  تحسين إنتاجية الأراضي الفلاحية (الزراعية) والمحافظة عليها وتطوير الإطار القانوني والمؤسساتي للعقار الفلاحي (الزراعي) .

نوعية الصرف بالمغرب :

الصرف المستعمل في كل المشاريع المروية هو الصرف السطحي (المكشوف) ، وهو عبارة عن قنوات ترابية توجد في نهاية الحقل، وهي تجمع المياه الزائدة في آخر الخطوط . وقد كانت قنوات الصرف هذه تستعمل في أوائل الستينات والسبعينات عندما كانت المياه متوفرة بكثرة وكانت عندئذ عمليات السقي تستهلك كميات كبيرة من المياه وكانت عملية الصرف تحول الكميات الزائدة من المياه إلى  خارج المزارع أو مشروع الري لكي لاتكون عائقاً لنمو النبات .

بعض المقترحات لتحسين كفاءة الري الحقلي :

يعد تحسين كفاءة الري الحقلي هدفاً حيوياً بالنسبة للمغرب وذلك للتمكن من تحقيق استدامة مشاريع الري ، ولكن كما ذكرنا سابقاً ، فمن بين العوائق الأساسية لتحسين كفاءة الري الحقلي هناك :

-  صعوبة التعرف على احتياجات المزروعات من الماء وبرمجة الري لدى المزارعين .

-  استخدام المزارعين لتقنيات ري تقليدية بسبب الصعوبة الفعلية التي تعوق تعميم استخدام تقنيات الري الحديثة ذات القدرة العالية على توفير واقتصاد مياه الري .

ولبلوغ الهدف الحيوي المتمثل بتحقيق اقتصاد مهم في مياه الري يقترح التحسينات الاستراتيجية التالية :

أولاً :  برمجة الري والتوزيع :

إن برمجة الري تعد ضرورية لأنه في الوقت الراهن يتلقى المزارعون كميات من مياه الري غير كافية في فترات الاستهلاك القصوى والتي تعتبر حساسة بالنسبة لنمو النبات . ويضطر المزارعون (لتفادي هذه المشكلة) "عن وعي أو غير وعي" إلى  ضرورة الري بكميات تفوق بكثير المطلوب لتجنب نتائج تأخير الدور القادم من استعمال مياه شبكة الري، لذلك تعد برمجة الري أهم وسيلة تمكن من تحسين استغلال شبكات الري وتنظيم نقل وتوزيع مياه الري ، وكذلك تمكين المزارعين من ري حقولهم في أوقات متفرقة خلال فترات الاستهلاك القصوى وبكميات معقولة وبالتالي تحقيق زيادة في الإنتاجية .

ثانياً :  تحسين أساليب الري السطحي التقليدي :

تكمن أهمية الحديث عن الري السطحي في أنه مازال من أكثر أنظمة الري شيوعاً في العالم حيث أن أكثر من %80 من الأراضي المروية في العالم مازالت تروى بطريقة الري السطحي، ويعتبر هذا النظام من أكثر النظم هدراً لمياه الري على مستوى الحقل نتيجة لاستعمال أساليب تقليدية كطريقة " الري بالربطة " الأكثر شيوعاً في المغرب ، التي من مساوئها تبذير كبير في المياه وتقليص في المساحة المزروعة وبالتالي ضعف في مردودية الهكتار . إلاّ أنه بالإمكان تفادي كل هذه المساوئ ورفع كفاءة الري السطحي إلى  مستوٍ عالٍ وذلك باستعمال :

-  طرق ري سطحي ذات كفاءة جيدة .

-  تبطين وصيانة الأقنية المائية الترابية ..

-  استعمال الأنابيب الصلبة واللينة لنقل وتوزيع المياه .

-  استخدام المتاعب (السيفونات) والتسوية الدقيقة لسطح الحقل المراد ريه باستعمال أجهزة الليزر مثلاً ، مما سيمكن من توفير ما يعادل %20 من المياه المستخدمة في الري بالإضافة إلى  تحقيق زيادة في إنتاجية المحاصيل المروية .

ومن بين أساليب الري السطحي ذات الكفاءة العالية الممكن استخدامها نذكر الري بالخطوط (بالأثلام) والذي باستعماله يمكن تحقيق اقتصاد في مياه الري بما يعادل %10 والتخلص من فواقد الرقعة المزروعة التي تقدر بحوالي %15 في الري التقليدي "الربطة " وكذلك من تحسين الإنتاج الزراعي.

يناسب الري بالخطوط (بالأثلام) عدداً كبيراً من المحاصيل ويمتاز عن طرق الري السطحي الأخرى بقلة الكلفة اللازمة لإعداد الأرض ، ولاتحتاج الأثلام إلى  مواصفات خاصة كما هو الحال بالنسبة للري بالشرائح (المساكب) والأحواض ، وتروى الأثلام بإعطاء تصريف مائي مناسب من قناة الحقل إلى  بداية ثلم أو مجموعة من الأثلام بإحدى الطرق التالية :

أ–  كسر حافة القناة عند رأس الثلم إذا كانت ترابية . وهذه الطريقة لاتحقق تحكماً جيداً بالتصريف المائي، ولايمكن توزيع التصريف بشكل متساو بين الأثلام المختلفة مع أنها الأكثر شيوعاً.

ب- بنقل الماء من القناة إلى  الثلم بواسطة المثعب (السيفون) وهي طريقة جيدة وغير مكلفة ومستخدمة على نطاق واسع وبخاصة عندما تكون قناة الري الحقلية مبطنة .

ج–  باستخدام الأنابيب ذات البوابات ، وهذه الأنابيب (صلبة أو لينة ) تعوض بها قناة الحقل حيث يوجد عليها بوابات تفتح بالقدر اللازم عند بداية كل ثلم ، وتعتبر من أكثر طرق توزيع الماء على الأثلام دقةً وقدرةً على التحكم بالتصريف .

ويمكن استخدام الري "بالربطة " المحسنة عن طريق توسيع مساحة الأحواض الصغيرة المستعملة للري ( حقنيات ذات أحجام صغيرة حوالي 50 m2 تقريباً إلى  حوالي 100 m2) حيث تعد هذه العملية مؤقتة تمكن من تقليص فواقد المساحة المزروعة مقارنة مع " الربطة " التقليدية وبالتالي تحسين مردودية الهكتار إلاّ أن تجانس توزيع مياه الري سيظل ضعيفاً نسبياً .

كما أن تسوية الأراضي تعد ضرورية جداً لنجاح الري السطحي وتمكن من الحصول على توزيع متجانس لمياه الري على مستوى الحقل، إلاّ أنه في جميع الأحواض المجهزة للري في المغرب لوحظ أن تسوية الحقول لم تصمد كثيراً أمام العمليات المتكررة للحراثة في الاتجاه الطولي للحقول وإنشاء البتون (الأكتاف) لأحواض الري " بالربطة " .

ثالثاً : صيانة الأقنية الترابية :

يمكن صيانة الأقنية الترابية المستخدمة في توزيع مياه الري على الحقول إما عن طريق إعادة حفرها دون تبطينها ، وهو الحل الأول الذي لايمكننا من تقليص فواقد التسرب، أما الحل الثاني فهو صيانتها مع تبطينها، وهنا يجب مقارنة قيمة الكلفة مع كمية المياه الممكن توفيرها . وعملية التبطين يمكن إنجازها بواسطة الخرسانة أو استخدام القنوات نصف الدائرية المستخدمة في الشبكات المحمولة أو التبطين بمواد بلاستيكية التي تعد أقل ولكن كذلك أقل استدامة .

رابعاً : خلق المزيد من جمعيات مستخدمي مياه الري :

يعد خلق جمعيات مستخدمي مياه الري حلاً حيوياً وإطاراً مناسباً يمكن من توعية المزارعين حول ضرورة وأهمية الاقتصاد في مياه الري وعقلنة استغلالها وذلك بإشراكهم في عمليات تسيير وصيانة شبكات وتجهيزات الري .

المقترحات المتعلقة بتحسين كفاءة الري السطحي :

استخدام التسوية الدقيقة لسطح الحقل المراد ريه باستعمال أجهزة الليزر مثلاً ، تبطين وصيانة أقنية الري ، استخدام الأنابيب والمثاعب (السيفونات) لنقل وتوزيع المياه على مستوى الحقل. ولبلوغ هذا الهدف يجب القيام بمجهود كبير في ميدان البحث التطبيقي ، والتكوين (الإنشاء) ، والإرشاد.

3-3  التجارب العالمية في تطوير الري السطحي والصرف :

3-3-1  التجربة الفرنسية في منطقة الشرق الأوسط :

أ-  مقدمة :

أصبحت ندرة المياه في الشرق الأوسط ظاهرة واضحة وتشكل أكثر من أي وقت مضى محور القضايا المتعلقة بالتطوير والتنمية، وإذا كانت ندرة المياه هي المشكلة الأكثر خطورة، فإن ما يثير القلق أيضاً هو تدهور نوعيتها. كذلك، فالتوزيع الإقليمي للمياه هو معقّدٌ للغاية، لاسيما أن كل بلدان المنطقة تقريباً تعتمد بشكل خاص على مصادر المياه التي تأتي من البلدان المجاورة . أما محاور العمل الرئيسية لمجابهة وتخطي تلك المشكلات فهي :

1-  تعزيز مراقبة وضبط إدارة المياه من قبل الدولة .

2-  تحسين التعاون الإقليمي من أجل إدارة أفضل للموارد المائية .

3-  رفع الرسوم المفروضة على المياه للحث على الاقتصاد في استخدامها .

4-  تطوير عمليـة إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة (التي تمت معالجتها) في الري.

5-  إيجاد برامج للاستثمارات بغية تعميم معالجة مياه الصرف الصحي .

6-  تطوير حلول جديدة بغية زيادة الموارد المائية .

هذا وتتيح التقنيات الحديثة المستخدمة في الزراعة المروية فرصة تحقيق توفير كبير في الماء من الأجدر توسيع انتشارها واستخدامها في المنطقة، وتساهم البعثة الإقليمية للماء والزراعة (MREA) المعتمدة لدى السفارة الفرنسية في الأردن في الجهود التي تبذلها بلدان منطقة الشرق الأوسط في هذا الاتجاه منذ عام 1990 .

ب-   تاريخ نشاطات البعثة الإقليمية للماء والزراعة (MREA) :

نشأت " البعثة الفرنسية للزراعة " عام 1990 ، واكتسبت كفاءتها الإقليمية منذ عام 1993 وأصبحت تدعى " البعثة الإقليمية للماء والزراعة "   MREA  أي بإضافة " الماء " في عام 1996 . وقد طورت أعمالها وأبحاثها التجريبية في الأردن وفي الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وغزة) ، وعملت بالتعاون مع أقطار عربية أخرى في المنطقة (سورية، لبنان، مصر...) باذلة جهودها في نشر المعلومات العلمية والتقنية فيها .

طوّرت الـ MREA  مجموعة من الدراسات والأعمال التجريبية ميدانياً بالتعاون مع العديد من الجامعات ومؤسسات التطوير والتنمية ونظمت دورات لتأهيل التقنيين بغية تحقيق أهداف تلك الدراسات، وكانت النتائج الرئيسية كما يلي (جدول رقم 3-3) .

ج-  تحسين نظم توزيع المياه المستخدمة في الزراعة المروية :

كانت عملية نقل الماء حتى مكان استخدامه بالحقل تتم تقليدياً بواسطة الأقنية الترابية مما كان يسبب ضياع أو  فقدان نسبة كبيرة منه بسبب التسرب بشكل خاص . غير أن تكسية أو تبطين تلك الأقنية (بالحجارة أو بالخرسانة) كانت " المرحلة الأولى " التي تتلاءم مع نقل كميات كبيرة من الماء لمسافات طويلـة . أما تعميم توزيـع الماء وفـق ضغط ملائـم فـي الأنابيب فهـو ذو فوائد جمّة لأنـه يحدّ مـن ضياع الماء ويسهّل كذلك عمليـة مراقبـة استخدامـه (بواسطة العدّادات) ويحمي المياه مـن شتى أنواع التلوث، ويمكن استخدام الضغط اللازم لنقلها بغية توزيعها حتى مكان استثمارها.

د-  أفضل طريقة لري الحقول :

إن نظام الري السطحي (طريقة الري بالغمر) تجعل الماء يجري غالباً على سطح التربة أو داخل القنوات الترابية لتوصيل الماء إلى النباتات ، إذ أنه من اللحظة التي يجري فيها الماء من أحد طرفي الحقل يحتاج بعض الوقت قبل أن يبلغ الطرف الآخر ، ويرشح الماء في الأرض خلال تلك المدة الزمنية وتتناسب كمية الماء المتسرّب طرداً مع المدة التي استغرقها لذلك ، مع العلم أن مقدار الماء المتسرّب يكون أكبر في بداية جريانه . هذه الظاهرة من عدم التكافؤ في توزيع الماء إضافة إلى فقدانه في الأقنية تؤدي إلى تبديده بمعدل يتجاوز غالباً %50 من الماء عند توزيعه ، ويؤدي اتباع هذا النظام في بعض الأراضي ذات النفاذية العالية إلى خسائر كبيرة في الماء بسبب عملية الرشح العميقة (شكل رقم 1-3) .

ويؤدي اتباع هذه الطريقة، يعززها سعر الماء المنخفض ، إلى المغالاة في الري أحياناً (استخدام كميات كبيرة من الماء) ، لهذا السبب ، إذا لم تطبق على الأقل " المرحلة الثانية " المتمثلة بتبطين الأقنية الترابية وتعميم توزيع الماء على الحقل وفق ضغط ملائم في الأنابيب (أي إدخال نظام الري السطحي المطوّر : نقل المياه بواسطة أنابيب حتى حدود الحقل) وتحديد كمية مياه الري المعطاة حسب الحاجة الفعلية للمزروعات، لن يؤدّي استخدام الري السطحي (حتى الآن ومستقبلاً ) إلى أي اقتصاد وتوفير  للمياه كما هو متوقع .

 

 

 

جدول رقم (3-3)

يبين أهم النتائج العملية لدراسات البعثة الإقليمية (MREA)

 

 

الموضوع

المكان

التاريخ

زراعة القرنفل "خارج التربة" مع إعادة استخدام المياه المعالجة في البيوت البلاستيكية (توفير %33) من الماء والحصول على ضعف المحصول من الأزهار ذات النوعية الممتازة) .

استثمار البستنة بالقرب من عمان

1995

ترشيد الري التنشيومتري (باستخدام جهاز التنشيومتر لقياس شدة الرطوبة أو المحتوى الرطوبي في التربة) في بساتين التفاح  .

سورية – وزارة الزراعة

1995-1996

الاستخدام والترشيد التنشيومتري والمتغيرات الدقيقة لشدة الرطوبة أو المحتوى الرطوبي في التربة بغية القيام بالري المناسب لزراعة الخيار .

لبنان – المعهد العالي للمهندسين المختصين بالهندسة الزراعية المتوسطية (ESIAM)

1996-1995

استخدام الترشيد التنشيومتري في الري من أجل زراعة البندورة والخيار في البيوت البلاستيكية (توفير الماء بنسبة %20 إلى %50 وتحسين الإنتاج من %10 إلى %30 .

وادي الأردن

1997-1996

استخدام الترشيد التنشيومتري للري في بساتين الحمضيات (تحسين نموها نتيجة تخفيض كميات الماء المستخدمة للري).

قطاع غزة

1997

- مشروع إيجاد الطريقة المثلى للري في وادي الأردن (مشروع IOJOV)

- استخدام الإرشاد التنشيومتري في الري واللجوء إلى الري الآلي في بساتين الحمضيات (إمكانية توفير الماء إلى ما يقارب من %30) .

- دراسة إمكانية التحول من طريقة التوزيع إلى الطلب بالنسبة لشبكة الري النموذجية .

شبكة العدسية النموذجية في شمال وادي الأردن

1999-1997

استخدام الخبرة في زراعة بساتين الحمضيات .

الأردن وقطاع غزة

1999

 

 

 

 

 

الشكل رقم (1-3)

 يبين ضياع أو فقدان المياه بالرشح العميق بتطبيق نظام الري بالغمر

 

 

هـ- اختيار الزراعات وتسويقها :

إن التقييم الأمثل للماء المستخدم في الزراعة المروية لاينحصر في استخدام "أفضل أنظمة الري"، إذ أن تنافس القطاعات الأخرى من أجل هذا المورد النادر "الماء" يتطلب من الزراعة المروية أن تؤمّن للبلاد المعنية بذلك المنتجات الزراعية بأعلى نسبة ممكنة من القيمة المضافة . غير أن إنتاج الموز في وادي الأردن، على سبيل المثال ، يستهلك كميات هائلة من الماء دون أن يحقق القيمة الكافية التي يستحقها ودون أن يهيء فرصاً هامةً للعمل في حين أن هذا المنتج يتواجد بكميات كبيرة في الأسواق العالمية وبأسعار أدنى بكثير منها في السوق المحلية. بينما نجد أن الفريز المزروع في البيوت البلاستيكية، على العكس من ذلك ، يتطلب الكثير من الأيدي العاملة ويؤمّن قيمة مضافة أعلى من سابقتها بكثير ، بالإضافة إلى استخدام كميات أقل بكثير من الماء، كذلك من الممكن إنتاج الفريز في المنطقة في غير أوانه، مما يفتح له أسواق التصدير في أوروبا، مؤمّناً بذلك دخول العملات الصعبة التي تعود بالفائدة على البلاد .

ويبين هذين المثالين على أنه يجب توجيه اختيار الزراعات في اتجاه إنتاج المحاصيل الأكثر ملاءمة اجتماعياً واقتصادياً .

و- نشاطات البعثة الإقليمية للماء والزراعة (MREA) المستقبلية :

إن أهم المواضيع التي سيتم معالجتها هي إدارة أنظمة الري ، واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة (التي تمت معالجتها ) في الزراعة المروية، وتطوير الزراعات التي تتكيف مع ندرة المياه والأسواق المحلية والعالمية على السواء .

 

3-2-2 التجربة الهنغارية :

منذ نهاية الستينات وبداية السبعينات في القرن العشرين بدأت هنغاريا في تطوير الري السطحي. فقد كانت مواعين نقل مياه الري أساساً قنوات مفتوحة وجداول حقل ، ثم طورت إلى ري بالسراب الطويل ثم بدأ إدخال نظام نقل المياه بواسطة الأنابيب المطمورة .

تتسم الأراضي الزراعية في هنغاريا بانبساطها مما يجعل صعوبة الاعتماد على الري بالراحة وخاصة عند تطوير أساليب الري واستخدام الري بالرش .

المزارع في هنغاريا ذات مساحات كبيرة نسبياً تتراوح بين 3000 إلى 20000 هكتار ولهذا فإن نظام الري الآلي لم ينتشر انتشاراً واسعاً حيث اعتبر زيادة الميكنة والاعتماد على التحكم من بعد أفضل اقتصادياً .

لقد شملت الدراسات التي جرت في هنغاريا لأتمتة الري استخدام مجسات الرطوبة . وقد تم استخدام هذه التقنية في الري السطحي بالراحة والري تحت الضغط وفي شبكات القنوات المفتوحة وفي أجهزة التحكم الهيدروليكي بالمنشآت المائية وفي مجال قياس تصرفات المياه والتحكم الكلي في شبكات الري .

3-3-3  التجربة الإسبانية  :

أسبانيا من الدول العريقة ذات حضارة واسعة وتعتبر من الدول الصناعية المتقدمة رغم أنها أساساً هي دولة زراعية ولكن نسبة لعدم ملائمة طقسها لإنتاج المحاصيل في الصيف بسبب موجات الجفاف أصبح الري من المعوقات الأساسية للزراعة في أسبانيا .

لقد كانت طرق الري التقليدية هي السائدة في أسبانيا حيث تسود الأعراف والتقاليد بإتاحة الري بالتناوب للمزارعين بنظام دقيق للاستخدام الأمثل للمياه وبعدالة توزيع يحترمها كل المزارعين.

ثم ظهر في أواخر القرن العشرين نظام إدارة الري الكبرى التي تقوم بنقل وتوزيع المياه ، ولكن واجهت هذه النظم بعض المشاكل والمعوقات بسبب رفض المزارعين استلام المياه والري ليلاً.

تواجه الزراعة المروية في أسبانيا بعض المشاكل الخاصة بتوفير مياه الري للإيفاء بالمتطلبات المائية للمساحات المروية الشاسعة .  أول هذه المشاكل الحاجة إلى إصلاح نظم الري التقليدية لتتناسب مع التطورات التي تمت والإنشاءات المائية الجوفية التي تم القيام بها منذ بداية السبعينات في القرن العشرين . كما أن التصاميم القديمة لشبكات الري شكلت مشاكل لتطوير النظم التقليدية. قامت وتقوم أسبانيا بمجهودات كبيرة لحصاد مياه الأمطار والاستفادة منها في مواجـهة مشاكل الري من خلال الخزانات والسدود المنتشرة في المناطق المروية. لقد قامت أسبانيا بدراسة مستفيضة للوصول إلى أفضل المقننات المائية للمحاصيل ، وقد توصلت إلى أن 7 ألف متر مكعب / للهكتار / السنة كافية للري.  إن المساحات المروية التي تدار على أساس قطاع خاص أفضل من تلك التي تدار على أساس تعاوني ومشترك.

ويعتبر الري الآلي المتحكم فيه أحد أساليب مواجهة المشاكل في قطاع الري في أسبانيا وتطبق العديد من أساليب الري الآلي وفي مجالات متعددة وتشمل :

-  الري تحت الضغط :

من المؤكد بأن نقل المياه عبر أنابيب تحت الضغط هي أفضل بكثير من نقلها بقنوات مفتوحة . تشمل مزايا نقل المياه بالأنابيب ، التحكم في الطلب وتخفيض نسبة فواقد النقل .

إن التحكم الآلي في توزيع المياه بالأنابيب قد مكن من التوزيع الملائم للمياه حسب الطلب والتحكم في تصرفات المزارعين حيال ريهم للأراضي. يتم التحكم في سرعة فترات تشغيل المضخات التي تزود هذه الأنابيب بالمياه. نسبة لأتساع طريقة الري السطحي فقد قامت أسبانيا أيضاً بالعمل على التحكم الآلي في القنوات المفتوحة القائمة بغرض تحسين كفاءة الري الحقلي وتقليل الفواقد . تشمل الطرق التي استخدمت في أسبانيا للتحكم الآلي في القنوات المفتوحة التحكم في أبواب القناطر والهدارات والمنشآت المائية بصفة عامة للتأكد من المحافظة على منسوب المياه أمام المنشآت ثابتاً ، وعليه فيمكن لآي مستخدم للمياه من أخذ ما يحتاجه للمياه ، وهذا يتطلب انحدار بسيط في القنوات ، ونسبة لعدم إمكانية تغير انحدار القنوات الفرعية الثالثة  الحقلية ستكون أكثر مما هو مطلوب. بدأت أسبانيا منذ الستينات في إنشاء شبكات الري السطحي وفق متطلبات التحكم الآلي في القنوات المفتوحة نسبة لارتفاع تكلفة التغيير في الشبكات القائمة منذ عام 1959 .

العديد من شبكات الري قد تم إنشاءها في أسبانيا بهذه السمات المناسبة للتحكم الآلي .

لقد ادخل نظام التحكم الكهربائي في شبكات الري مع بداية السبعينات ، وقد تم وضع معدات التحكم في مخارج خزانات المياه .

3-3-4 التجربة الرومانية في تحكم الري الآلي

لقد بدأت تجارب رومانيا في التحكم الكامل في الري ضمن خطة الدولة لتطوير الري ضمن برنامج التنمية الخماسي للفترات 1966-1970 و 1970-1975 .

يشمل الري الآلي في رومانيا التحكم في شبكات الري عبر الأنابيب وذلك من خلال التحكم في محطات الضخ المرتبطة بهذه الشبكات.

لدى رومانيا تجارب حول التحكم الآلي في شبكات الري المفتوحة ، وقد وجد أن المشاكل والمعوقات التي تواجه التحكم في هذا المجال عديدة تفوق كثيراً التحكم الآلي في الأنابيب . إن التحكم في القنوات المفتوحة يمكن أن يتم كهربائياً أو ميكانيكياً حيث يتم التحكم الكهربائي من خلال مناسيب المياه وضبطها حسب متطلبات الري ، وهذا ما يسمى بالتحكم المحلي .

أما التحكم المركزي الميكانيكي فيتم بضبط التدفق في القنوات حيث يتم نقل المعلومات إلى الحاسوب الـذي يحـدد فتحات المنشآت لتمرير التدفق المطلوب . وقد تم إنشاء عتبات بارشال  Parshall flumes على العديد من القنوات للتحكم في التدفق.

3-4  التحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف بصفة عامة وسبل تخطيها :

إن تطوير وتحسين أداء الري السطحي والصرف بصفة عامة تواجهه عدة تحديات يمكن حصر أهمها في الأطر التالية :

أولاً : تحديات في المجال الإداري والمؤسسي :

-  عدم وجود جمعية مختصة لمستخدمي المياه، لتقوم بإدارة مياه الري من حيث "جدولة الري" ، بالإضافة إلى  المساعدة في تحديد " النمط المحصولي" لأي منطقة على أساس توفر المياه (كميتها)، ونوعيتها، وصلاحية الأراضي للري.

-  ضعف تأهيل الكوادر الإرشادية المتوفرة في مجالات المياه والري، والتي تكون "عادة" قادرة على اختيار نظم الري الملائمة وتحديد متى يتم الري، وأي كمية من المياه يجب إضافتها ، لتتمكن من نقل المعلومة المناسبة للمزارع .

- عدم اهتمام المؤسسات التي يرتبط عملها بالزراعة المروية والاستخدامات الأخرى للمياه "بالإرشاد المائي" . ونتيجة لذلك ، فالإرشاد يركز كل اهتمامه على التقنيات الزراعية التي لاتشمل طرق الري وتأثيرها على كفاءة استخدام المياه .

-  عدم اهتمام المؤسسات العاملة في مجال المياه والري بنشر " الوعي المائي" للجمهور عامة والمزارعين خاصة. فمازالت قضية الأهمية المطلقة للمياه (وشح المياه) وأهمية ترشيدها موضوعاً متداولاً في أروقة المؤتمرات وبين قلة من المشتغلين بالأمر فقط ، ولايتم توصيل هذه القضية للجمهور للتفاعل معها .

*  سبل تخطي التحديات في المجال الإداري والمؤسسي :

تحسين إدارة الري على مستوى المزرعة :

-  إن تعبير "إدارة" المتضمن مفهوم إدارة المياه على مستوى المزرعة أصبح أحد الأمور الهامة لمختلف متخذي القرار، حيث أن القرارات الصادرة تتخذ عادةً بعد الدراسات والتجارب الحقلية حول استخدام المياه للحصول على المردود المثالي من الإنتاج، علماً بأن العوامل الاقتصادية والاجتماعية تحدّ أحياناً من الحصول على المردود المثالي . وتشمل مكونات "نظام إدارة الري" على مستوى المزرعة ما يلي : الري ، الصرف ، أسلوب نقل المياه إلى  المزرعة ، أسلوب تخزين المياه ، أسلوب إسالة المياه والتوزيع .

-  وتعرف " إدارة الري على مستوى المزرعة " بأنها اتباع نظام للتحكم بالمياه في المزرعة ضمن أسلوب إدارة تزويد مفيد ويلبي حاجات المحاصيل للري والصرف ، مع ضمان توفر المياه الكافية ضمن منطقة الجذور واللازمة لاستمرار نمو النبات في المزرعة، وفي الوقت ذاته ضرورة إبقاء تهوية كافية في منطقة الجذور .

-  وتعني "جدولة الري الحقلي " بأنها التكهن الدقيق لإضافة المياه (في الوقت والكمية) من أجل الحصول على إنتاج وفير من المحصول، وهي تتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية :

أ –   التوقيت الصحيح لإضافة الماء .

ب –  كمية مياه الري اللازم إضافتها عند كل رية .

جـ التوزيع المتجانس للمياه المضافة .

وبشكل عام يمكن القول أن " جدولة الري " تعني الإجابة عن سؤالين هامين هما " متى وكم نروي "؟ ، نروي بحيث أن لايتأثر النبات من الجفاف، وبكمية تعادل كمية الماء التي استنزفها النبات من التربة منذ الرية السابقة . والعوامل المؤثرة على " جدولة الري " وكمية المياه المضافة " هي : قوام التربة، عمق المجموع الجذري، طريقة الري  .

أما طرق جدولة الري الحقلي فهي :

* جدولة الري بناءاً على معدل الاستهلاك المائي للنبات : هناك طرق عديدة لتقدير الاستهلاك المائي للنبات (البخر – نتح) سواء من البيانات المناخية أو بيانات التبخر، ومن هذه الطرق هي : بنمان وبلاني - كريدل والإشعاع وطريقة حوض التبخر وغيرها .

هذه الطرق تأخذ بعين الاعتبار تأثير المناخ على حاجة النبات للماء وتستخدم المعدل اليومي للقراءات المناخية لشهر كامل أو لفترات أقل . والبخر – نتح المرجعي يعبر عنه بـ (ملم لكل يوم) وهو يمثل معدل القيم خلال فترة زمنية منتقاة . وإن اختيار الطريقة اللازمة لقياس البخر – نتح تعتمد على نوع المعلومات المناخية المتوفرة وعلى الدقة اللازمة لحساب كمية الماء اللازم . ويتوفر الآن بعض برامج الكومبيوتر الجاهزة التي يمكن من خلالها حساب البخر – نتح بسهولة ومن أمثلة هذه البرامج برنامج Crop Wat .

* جدولة الري باستخدام جهاز قياس الشد الرطوبي Tensiometer : هناك علاقة وثيقة بين توفر الماء في التربة ومقدار الشد الذي يجب أن يبذله النبات من أجل استخلاصه. وفي حالة توفر المياه بشكل جيد في التربة فإن النبات المزروع فيها لايبذل جهداً كبيراً في الحصول على هذا الماء، وكلما نقص محتوى التربة من الماء تزداد بالتالي قوة مسك حبيبات التربة له مما يؤدي بالنبات لبذل جهد أكبر من أجل الحصول على الماء لتلبية احتياجاته إلى  الحد الذي عنده يبدأ النبات بالمعاناة مما يؤثر على انتاجيته. لذلك يجب إضافة مياه الري للنبات قبل وصوله إلى  حالة الإجهاد الرطوبي .

إن جهاز التنشيوميتر يقيس بطريقة مباشرة مقدار الشد الذي يجب على النبات أن يبذله لاستخلاص الماء من التربة ، أي أنه يعمل عمل الجذور ، فقراءة هذا الجهاز تعتبر دليل جيد على توفر الماء للنبات، ويمكن بالتالي معرفة المحتوى الرطوبي الذي يجب عنده أن تبدأ عملية الري من أجل عدم تعريض النبات للإجهاد .

الوحدة التي تقاس فيها هذه القراءات هي السنتيبار (cb) ومدى قياس التنشيوميتر يتراوح ما بين (صفر – 100 سنتيبار). قراءة صفر تعني أن التربة مشبعة وأن الجذور تعاني من نقص التهوية، والقراءة (من صفر – 5 سنتيبار) تدل على وجود رطوبة عالية في التربة، والقراءات (من 25-10 سنتيبار) تمثل السعة الحقلية حسب قوام التربة. وفي حالة القراءات أكثر من 25 سنتيبار يمكن أن تتعرض النباتات الحساسة وذات الجذور السطحية لنقص الماء، وتشمل أيضاً النباتات التي تنمو في تربة خشنة . أما النباتات ذات المجموع الجذري العميق فلاتعاني من نقص الماء قبل أن تصل قراءة التنشيوميتر (50-40 سنتيبار) .

كيفية جدولة الري باستخدام جهاز التنشيوميتر :

بعد تجهيز الجهاز وتثبيته في التربة بشكل جيد وعلى العمق المطلوب تبدأ عملية جدولة الري بالاعتماد على قراءات الجهاز . ومن جداول قيم الشد الرطوبي يتم عندها إضافة مياه الري للحصول على أعلى إنتاج ممكن في أراضي ذات ملوحة قليلة نسبياً، ولايوجد لها أي مشاكل صرف وبشرط أن يقع جهاز الشد الرطوبي في منطقة الجذور الفعالة .

وعند استعمال التنشيوميتر كأساس في تحديد زمن الري ، يمكن تقدير كمية المياه المطلوبة إضافتها بواسطة :

أ –    تقدير كمية المياه المستهلكة (البخر – نتح ) منذ الرية السابقة .

ب –  تحويل قيم الشد الرطوبي إلى  ما يقابلها من رطوبة التربة (إذا ما توفرت هذه المعلومات) وذلك بحساب عمق الماء المطلوب لرفع رطوبة التربة من هذا الحد إلى  السعة الحقلية.

وعلى سبيل المثال ، نتيجة ثلاث سنوات من عمل وحدة الخدمات الإرشادية للري في سلطة وادي الأردن (الأردن) مع طاقم الوحدة في مجال جدولة الري ضمن 54 مشاهدة في وحدات زراعية (عند المزارعين) يمكن القول بأنه أمكن توفير (%20-10) من كمية مياه الري في أجزاء المشاهدات نسبة إلى  ما يستخدمه المزارعين في بقية أجزاء المزرعة متوافقاً مع زيادة في الإنتاج بنسبة %7 مقارنة إلى  إنتاج بقية أجزاء المزرعة .

*  تدريب المزارعين حول إدارة الري .

*  التوعية المائية في مجال مياه الري الرامية إلى  ترشيد استخدام المياه .

*  تقـوية وتوسيع وتطوير جهات الإرشاد المائي وربطها كلياً مع وزارة الري ووزارة الزراعة.

*  مد جسور الثقة بين المؤسسات العاملة في مجال الري والمزارعين وإشراك المزارعين في إدارة مشاريع الري وإيجاد صيغة للتعاون بين إدارة الري ومستخدمي مياه الري ( من مزارعين وفلاحين) عن طريق تكوين روابط مستخدمي مياه الري وتكوين إدارة التوجيه المائي بوزارة الري أو وزارة الزراعة لتدريب وتوجيه المزارعين على الاستخدام الأمثل للمياه وحل المشاكل التي تعترض المزارعين أولاً بأول .

*  مد جسور التعاون وتبادل الخبرات العربية والدولية .

*  ضعف البحث العلمي الميداني واقتصاره على الأبحاث النظرية، وهذا يتطلب من جهات البحث العلمي والجامعات رفد كوادرها بالباحثين العلميين المختصين في مجال الري ورصد المخصصات المالية اللازمة لهذه الأبحاث.

*  في مجال تصميم شبكات الري الحقلي، فيجب سن الأنظمة المناسبة لإلزام الشركات العاملة في مجال الري اتباع الأساليب العلمية والحصول على تصديق الجهات الرسمية أو النقابات المهنية عليها ويجب أن يتولى مهندس مختص الإشراف على تنفيذها .

*  تنفيذ برامج ومشاريع نقل تكنولوجيا لتحسين كفاءة الري السطحي وذلك من خلال التطبيقات التالية على مستوى الحقل :

-  تحسين تسوية الأرض Land leveling مما يعمل على تحسين كفاءة التوزيع .

-  الري بدفعات مما يعمل على تحسين كفاءة التوزيع وكفاء ة الإضافة .

*  تطوير نظم معلوماتية للري يعتمد على معلومات المنـاخ والنبـات والتربـة ونوعيـة المياه لتحديد الاحتياجات المائية و "جدولة الري " ويجب وصول المعلومات للمزارع بأسهل الطرق.

ثانياً : تحديات في المجال الفني والتقني :

-  انخفاض الخبرة الفنية وتدنّي مستوى المعرفة المتطورة بأساليب الري لدى أغلب الفلاحين والمزارعين ، مما يساهم في بعدهم عن الأخذ بالتقنيات الحديثة التي تؤدي عادةً إلى  رفع كفاءة الري.

-  قلة الكوادر الفنية المتخصصة في مجال بحوث الري والزراعة، وقلة وضعف المعاهد ومراكز التدريب القادرة على تأهيل كادر بحثي جيد في مجال المياه والري .

-  ضعف تقنية الري في الوطن العربي، حيث أن معظم متطلبات الري من أنابيب وأجهزة قياسات وتحكم تستورد من خارج الوطن العربي، مع الإشارة إلى  وجـــود بعض التقنيات مثل صناعة الأنابيب في بعض البلدان العربية .

-  تدنّي كفاءة شبكات الري السطحي، وهذا يعود أساساً إلى  تراكم الترسبات ونمو الحشائش المائية في أقنية الري، وسوء أعمال الصيانة الدورية لهذه الأقنية. كما تعد مشكلة تسوية الحقول هي عائقاً أساسياً أمام استخدام الري السطحي المطوّر (بالخطوط الطويلة) .

-  ندرة وجود المراكز المتخصصة في بحوث المياه والري، وإن وجدت فهي شحيحة العتاد.

*  سبل تخطي التحديات في المجال الفني والتقني :

- إجراء البحوث الزراعية على مستوى الحقل في المجالات التالية :

*  الاحتياجات المائية للمحاصيل ومعدل توافر السقايات وبرمجة الري : إعداد بيانات عن قيمة الاستهلاك المائي للمحاصيل وخصوصاً الرئيسية منها وذلك بالاعتماد على المعلومات المناخية المتوفرة ، التركيب المحصولي، وتحديد الدورات الزراعية الملائمة للتربة والمناخ، وهذا يساعد على معرفة الاحتياجات المائية الحقيقية للمشروع وبالتالي إعداد التصاميم الملائمة لشبكة الري السطحي .

*  تحديد المعايير لنوعية مياه الري وظروف استخدامها في الزراعة .

*  معايير صرف واستصلاح الأراضي المتملحة وتحديد معدلات نظام الري الغاسل.

-  تحديث وتطوير منشآت ونظم الري السطحي على مختلف مستوياتها بما فيها شبكات الري الرئيسية والفرعية وشبكات المساقي (الري الحقلي) بما يهدف إلى  توفير مياه الري حسب الحاجة الفعلية للمزروعات مع منع الإسراف وتقليل الفواقد بتحسين عملية الري، وذلك عن طريق تنفيذ عمليات تسوية الحقول بالليزر أو باستعمال المعدّلات Land plane وتحويل المساقي الحالية الترابية إلى  مساقي مرفوعة مبطنة على شكل حرف J ، أو مساقي مواسير (PVC)  ذات ضاغط منخفض. وتعمل المساقي المطوّرة هذه على تقليل الفواقد المائية والقضاء على الحشائش وضمان وصول المياه إلى  نهاية المسقى بالكمية المناسبة وفي الوقت المناسب وتوفير تكاليف أعمال الصيانة، مما سيؤدي إلى  رفع كفاءة الري وزيادة الإنتاج ورفع مستوى معيشة المزارع .

-   تسهيل عمليات توزيع المياه باستخدام نظم التحكم الحديثة وذلك عن طريق تركيب بوابات أوتوماتيكية حديثة طراز AVIS وطراز AVTO ، كما يمكن استخدام الموزعات Distributors لتعطي تصريفاً (تدفقاً مائياً )  ثابتاً يمكن التحكم فيه طبقاً للاحتياجات المائية الفعلية .

-   برمجة الري والتوزيع بهدف تحسين كفاءة الري الحقلي : إن برمجة الري تعد ضرورية لأنه غالباً ما يتلقى المزارعون كميات من مياه الري غير كافية في "فترات الاستهلاك القصوى" والتي تعتبر حساسة بالنسبة لنمو النبات . ويضطر المزارعون (لتفادي هذه المشكلة)  "عن وعي أو غير وعي" إلى  ضرورة الري بكميات تفوق بكثير المطلوب لتجنب نتائج تأخير الدور القادم من استعمال مياه شبكة الري، لذلك تعد برمجة الري هي أهم وسيلة تمكن من تحسين استغلال شبكات الري وتنظيم نقل وتوزيع مياه الري ، وكذلك تمكين المزارعين من ري حقولهم في أوقات متفرقة خلال " فترات الاستهلاك القصوى" وبكميات معقولة وبالتالي تحقيق زيادة في الإنتاجية .

-  إدخال تقنية الري " بالخطوط الطويلة " التي تعتبر ذات كفاءة جيدة .

-  الالتزام بالنمط المحصولي الذي وضعت على أساسه قنوات الري .

-  إقامة نظام صرف لتجنب الملوحة والغدق وخاصة للمحافظة على التربة من إعادة التملح بعد استصلاحها .

-8 إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية لأي مشروع ري سطحي قبل تنفيذه .

ثالثاً : تحديات في المجال المالي والاقتصادي والتمويلي :

التكلفة العالية لبعض العمليات التي تساعد على زيادة كفاءة الري السطحي مثل تبطين القنوات الترابية أو استخدام الأنابيب بدلاً من القنوات الترابية المكشوفة لتقليل فواقد التبخر من سطح القنوات أو كذلك تسطيح الأراضي (عمليات التسوية). فمشاكل ضعف الإنتاجية في القطاع الزراعي أحياناً، ومشاكل التسويق وانخفاض أسعار المنتوجات الزراعية وعدم استقرار الأسعار أحياناً أخرى، قد لاتشجع المستثمرين من القطاع الخاص على استثمار رؤوس أموال كبيرة في مرافق الري، والتي من المعلوم أنها استثمارات طويلة المدى يتحقق العائد منها خلال فترة زمنية طويلة .

ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري السطحي، الذي يؤدي إلى  تراكم الطمي والترسبات ونمو الحشائش في قنوات الري . ويترتب على ضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري السطحي، كذلك ، تدهور منظِّمات المياه، لدرجة يجعلها غير قادرة على أداء دورها الذي أنشئت من أجله، وهو ضبط وقياس تصريفات مياه الري، الأمر الذي ينتج عنه سوء توزيع مياه الري بين أجزاء المشروع وهدر كميات كبيرة من المياه في بعض الأحيان، مما يقلل بالتالي من كفاءة الري .

انخفاض أسعار مياه الري أو تكاليف ضخها يقلل من أهميتها (كعامل اقتصادي هام من عوامل الإنتاج) ، مما يؤدي إلى  الإسراف في استعمال المياه وعدم ترشيد الاستهلاك .

ارتفاع تكاليف البحث العلمي بشكل عام وضعف تمويل البحوث والدراسات الخاصة بتطوير الري .

*  سبل تخطي التحديات في المجال المالي والاقتصادي والتمويلي :

-  العمل على تحسين العائد المالي والاقتصادي للمشاريع الزراعية الحكومية والخاصة، من خلال إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التسويقية .

-  العمل على إقناع الجهات المانحة والمموِّلة بأهمية الاستثمار في هذا المجال، من خلال التركيز على أهمية استخدام الموارد المائية والزراعية بكفاءة ، الأمر الذي سيحسن العائد الزراعي، وما لهذا الأمر من أهمية في تحقيق الأمن الغذائي والاجتماعي والسياسي .

- العمل على تقديم ضمانات كافية للجهات المموِّلة تكفل التزام المزارعين التقيد بشروط القروض للغايات الممنوحة، إضافة إلى  الالتزام بطرق وفاء هذه الالتزامات النقدية .

رابعاً : تحديات في المجال الاجتماعي والإرشادي والتوعية :

قلة الوعي العام بمشكلة نقص المياه في الوطن العربي، حيث أن هذا الوضع قد أدى إلى  الإفراط في استخدام المياه وعدم الاهتمام بإعادة تأهيل شبكات الري السطحي، وكذلك ضعف استعداد المزارعين لتقبل الإرشادات ، وانعدام تدريب المزارعين حول إدارة الري الحقلي، وضعف " التوعية المائية " .

ضعف آلية الإرشاد عامةً والمائي خاصةً، أو عدم توفر " إرشاد مائي " على مستوى المزرعة نهائياً ، مما يؤدي إلى  العديد من الممارسات الخاطئة ، ومنها مثلاً ، عدم التقيد بالقوانين والتشريعات المائية .

* سبل تخطي التحديات في المجال الاجتماعي والإرشادي والتوعية :

تكوين جمعيات مستخدمي المياه ، والهدف منها هو تشجيع المزارعين وحثهم على تفهم وضرورة المساهمة أو المشاركة في عمليات إدارة وتسيير وصيانة تجهيزات شبكات الري السطحي وتحملهم قسطاً من المسؤولية من أجل الاستغلال العقلاني للموارد المائية المتاحة لرفع كفاءة مشاريع الري والمحافظة عليها وعلى البنية التحتية لهذه المشاريع، وكذلك تشجيع المزارعين على إنشاء المقاولات الصغيرة والمتوسطة ، المتخصصة في صيانة أقنية الري وغيرها من التجهيزات .

  وبصفة عامة ، يمكن القول بأن تخطي التحديات المشار إليها سابقاً :

-    يتطلب وجود وزيادة التنسيق بين الجهات المتعددة ، فهناك الجهات المناط بها تصميم وتنفيذ مشاريع الري والصرف، وهناك الجهات الموكل لها موضوع تشغيل شبكات الري والصرف، وأخيراً الجهات المستغِلة لهذه المشاريع. ويحتاج الأمر إلى  تنسيق وترابط وتكامل هذه الجهود المتسلسلة، والتي تتطلب بالضرورة خبرات ومؤهلات مختلفة حسب المراحل المختلفة.

-   يتطلب وجود وزيادة الكوادر الفنية المقتدرة والمؤهلة لمتابعة مسيرة هذه العملية المعقدة، لضمان الوصول إلى  الغايات المنشودة بأفضل السبل .

-    يتطلب وجود وحضور المؤسسة البحثية القيادية والناظمة للأولويات في كافة مجالات البحث العلمي الزراعي من تصميم لشبكات الري الحديثة، وأصناف مقاومة للجفاف وغيرها.

-   يتطلب إعادة تنظيم البنى المؤسسية والقانونية والتشريعية للجهات المسؤولة عن إدارة الموارد المائية واستخداماتها، بحيث يتم " تحديد المسؤوليات " بشكل واضح فيما بينها .

الخلاصة :

من خلال التجارب العربية السابقة في مجال تطوير طرق الري السطحي والصرف ، وغيرها من البحوث المتعلقة بالمياه واستعمالاتها في الوطن العربي، يمكن تسليط الضوء على الوضع الحالي للري السطحي في الوطن العربي والمشاكل والتحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف في الوطن العربي بصفة عامة وسبل تخطيها :

أولاً : الوضع الحالي للري السطحي في الوطن العربي والمشاكل والتحديات التي تواجه تطويره بصفة عامة :

1- انخفاض كفاءة الري السطحي : إن طرق الري السطحي التقليدية هي السائدة في غالبية الأقطار العربية، وتتسم هذه الطرق بانخفاض كفاءة الري فيها والمقدرة بين %50-40 ، ويعود ذلك أساساً إلى فقد كميات كبيرة من مياه الري بالتسرب من القنوات الترابية "غير المبطنة" إلى المزارع .

- مشاكل إدارة مياه الري : لاتزال العديد من مشاريع الري (حتى المشاريع الكبرى منها) في الوطن العربي تفتقر إلى التقنيات الحديثة في إدارة مياه الري، ويشمل ذلك حساب المقننات المائية لكل نوع من المزروعات، وكذلك جدولة توزيع مياه الري على أسس علمية دقيقة باستخدام تقنيات الحاسب الآلي المتقدمة. وعلاوة على ذلك فإن عدم استعمال بنك المعلومات الخاص بإدارة البيانات الخاصة بالري والمزارع تسبب إرباكاً لهيئة الإدارة الخاصة (إن وُجدت) بتشغيل مشاريع الري الكبرى وبالتالي تقل كفاءة توزيع المياه وإهدار كميات كبيرة من مياه الري أيضاً .

-  مشاكل تدريب العاملين بالري والمزارعين : مازالت مقدرة مستخدمي مياه الري في العديد من مشاريع الري في الوطن العربي بحاجة إلى زيادة التأهيل الفني على استخدام التقنيات الحديثة لأعمال تشغيل القنوات أو قطاعات مشروع الري المختلفة وبرمجة وتوزيع مياه الري. كما أن المزارعين بحاجة إلى تفهم طرق تحسين الري السطحي داخل المزرعة نفسها، وأن الكثير من المزارعين مايزالون يجهلون القيمة الحقيقية للثروة المائية والمردود الفردي والجماعي أو الناتج الوطني من توفير موارد المياه .

-  المشاكل التنظيمية والاجتماعية والاقتصادية : تعاني بعض مشاريع الري صعوبات تنظيمية في الهيكل الإداري والفني اللازم للإدارة الفعالة لمشروع الري وتوزيع المياه وصيانة منشآت الري والمحافظة على الثروة المائية. أيضاً ، مازالت المشاكل ذات الطبيعة الاجتماعية تؤثر في أساليب الري في بعض البلدان العربية من حيث تعوّد المزارعين على نمط ري معين لأنواع معينة من المحاصيل وصعوبة تركه مثل استعمال الري بالغمر غير المقيد أو بالخطوط الترابية غير المنتظمة مما ينتج عنه فقد كميات كبيرة من مياه الري.

-  ما تزال الأقسام المتخصصة " بالإرشاد المائي " للمزارعين شبه غائبة في العديد من الأقطار العربية ، وبالتالي، بغياب الإرشاد الكافي والفعال، يبقى المزارع بعيداً عن التعرف على أفضل الأساليب لتحسين طرق الري السطحي داخل المزرعة وكذلك اتباع المقننات المائية التي ترفع من كفاءة استخدام المياه .

- التكلفة العالية لبعض العمليات التي تساعد على زيادة كفاءة الري السطحي مثل تبطين القنوات الترابية أو استخدام الأنابيب بدلاً من القنوات الترابية المكشوفة أو تسطيح الأراضي (عمليات التسوية) ، وضعف الميزانيات المتاحة لصيانة مرافق الري السطحي .

- انخفاض أسعار مياه الري مما يقلل من أهميتها (كعامل اقتصادي هام من عوامل الإنتاج) ، ويؤدي بالتالي إلى  الإسراف في استعمال المياه وعدم ترشيد الاستهلاك .

- ارتفاع تكاليف البحث العلمي بشكل عام وضعف تمويل البحوث والدراسات الخاصة بتطوير الري .

ثانياً : أهم سبل تخطي التحديات التي تواجه تطوير الري السطحي والصرف في الوطن العربي:

-   تحسين إدارة الري على مستوى المزرعة، وتدريب المزارعين حول إدارة الري .

-  تقوية وتوسيع وتطوير جهات الإرشاد المائي وربطها كلياً مع وزارتي الري والزراعة .

-  مد جسور الثقة بين المؤسسات العاملة في مجال الري والمزارعين عن طريق تكوين روابط مستخدمي مياه الري .

-  مد جسور التعاون وتبادل الخبرات العربية والدولية .

-  دعم البحث العلمي الميداني، وهذا يتطلب من جهات البحث العلمي رفد كوادرها بالباحثين العلميين المتخصصين في مجال الري ورصد المخصصات المالية اللازمة لهذه الأبحاث .

-  تطوير نظم معلوماتية للري تعتمد على معلومات المناخ والنبات والتربة ونوعية المياه لتحديد الاحتياجات المائية للمحاصيل و " جدولة الري " ، مع وجوب وصول المعلومات للمزارع بأسهل الطرق .

- إجراء بحوث زراعية على مستوى الحقل تتضمن المجالات التالية :

أ –  الاحتياجات المائية للمحاصيل .

ب – تحديد المعايير النوعية لمياه الري وظروف استخدامها في الزراعة .

ج – تحديد معايير صرف واستصلاح الأراضي المتملّحة وتحديد معدلات نظام الري الغاسل للأملاح الزائدة في التربة .

-  تسهيل عمليات توزيع المياه باستخدام نظم التحكم الحديثة وذلك عن طريق تركيب بوابات أوتوماتيكية حديثة طراز AVIS وطراز AVTO ، واستخدام الموزعات Distributors لتعطي تصريفات ثابتة يمكن التحكم فيها طبقاً للاحتياجات المائية الفعلية للمشروع .

-  برمجة الري والتوزيع بهدف تحسين كفاءة الري الحقلي .

-  إدخال تقنية الري بالخطوط المستوية Level Furrow التي تعتبر ذات كفاءة جيدة وترصيص الخطوط من أجل تقليل الفاقد في مياه الري إلى أقصى درجة ممكنة .

-  الالتزام " بالنمط المحصولي" الذي وضعت على أساسه قنوات الري .

-  إقامة شبكات الصرف العام والمغطى ، لما لها من عائد سريع للإنتاج الزراعي يصل إلى %25-17  ، وكذلك التأثير الإيجابي في تحسين خواص التربة الطبيعية والكيميائية ، من حيث خفض منسوب الماء الأرضي، وخفض ملوحة التربة, وتحسين معامل التوصيل الهيدروليكي، والمحافظة على التربة من إعادة التملح بعد استصلاحها .

13-إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية لأي مشروع ري سطحي قبل تنفيذه .

-  العمل على تحسين العائد المالي والاقتصادي للمشاريع الزراعية الحكومية والخاصة، من خلال إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التسويقية .

-  إعادة تنظيم البنى المؤسسية والقانونية والتشريعية للجهات المسؤولة عن إدارة الموارد المائية واستخداماتها ، بحيث يتم " تحديد المسؤوليات " بشكل واضح فيما بينها .

ثالثاً : مدى استعمال طرق الري السطحي المطوّرة في الوطن العربي :

هناك عدة عوامل تحدّ من انتشار تقنيات الري الحديثة (الري بالرش والتنقيط ) في الوطن العربي وعلى الأخص العوامل المتعلقة بتكاليف الأجهزة المرتفعة وتكاليف الطاقة . لذا فإن الري السطحي في معظم الأقطار العربية لن يستبدل فجأة حتى بأبسط طرق الري الحديثة وسيبقى مسيطراً بنسبة كبيرة ولفترة طويلة، وإن المجال واسع لتحسين وتطوير طرق الري السطحي في معظم الأقطار العربية وخاصة التي تتوفر فيها موارد المياه مثل السودان وسوريا والعراق، وذلك للتخلص من هدر المياه ورفع كفاءة استخدامها . ويبدو أنه يمكن الاتجاه إلى طرق الري السطحي المطوّرة مثل الخطوط المستوية Level Furrow  وترصيص الخطوط من أجل تقليل الفاقد في مياه الري .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الرابع

الرؤية العربية المستقبلية لتطوير

الري السطحي والصرف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الرابع

 

الرؤية العربية المستقبلية لتطوير

الري السطحي والصرف

 

4-1  خلفية :

يقع الوطن العربي في الإقليم الجاف و شبة الجاف من العالم ، وتتميز معظم أقطاره بمحدودية موارده المائية حيث يعتمد في معظمه على هطول الأمطار المتذبذبة من عام لآخر، و تستخدم الموارد المائية للأغراض المنـزلية و الصناعية والـزراعية ، حيث تبلغ نسبة الإستخدام الزراعي للموارد المائية في الدول العربية بحوالي 89 % من إجمالي إستخدامات المياه ، و هذه النسبة عالية جداً إذا ما قورنت بدول العالم الأخرى إذ يبلغ المتوسط العالمي العام بحوالي 70 % في حين ينخفض كثيراً في الدول الصناعية لصالح الإستخدامات الأخرى.

يسود نظام الري السطحي في الدول العربية ، إذ يروي نحو 15 مليون هكتار تمثل ما نسبته 85% من إجمالي الأراضي المروية في مناطق إستقرار و تجمعات سكانية وضعت الأساس لنهضة إقتصاديـة وعمرانـية ، ويستهلك نظام الري السطحي في جميع الدول العربية ما مجموعه حوالي  146 مليار متر مكعب من المياه  سنوياً ، ووفقاً للدراسات التي أجريت في العديد من الأقطار العربية  فإن كفاءة الري السطحي لا تزيد عن 40 % ، أي ما يربوا على 91  مليار متر مكعب مياه سنوياً تذهب هدراً، منها حوالي 54 مليار متر مكعب كفواقد نقل و حوالي 37 مليار متر مكعب كفواقد في الحقل ، وتعتبر هذه الفواقد نتيجة الممارسات الحالية لإدارة أسلوب الري السطحي ، وفي واقع الأمر فإن سلبيات الري السطحي لا تتوقف عند هدر المياه ولكنه يمتد ليصيب الأرض الزراعية ، الأمر الذي يصبح فيه إنشاء نظام فعال لصرف المياه الزائدة من التربة أمـراً حتمياً.

من هنا فإن تطوير وتحسين أسلوب الري السطحي ورفع كفاءته سوف يوفر كميات مياه كبيرة جداً على مستوى العالم العربي ، وعلى سبيل المثال لو تم رفع كفاءة الري السطحي بشكل عام بنسبة 5 % فإن ذلك يعني توفير ما مقداره حوالي 7 مليار متر مكعب سنوياً حيث يمكن بهذه الكمية ري مساحات من الأراضي لم تكن مروية أصلاً وبالتـالي زيادة الإنتاج الزراعي ، وبخصوص تطوير وتنفيذ مصارف المياه الزائدة من الأراضي الزراعية، فإن ذلك يعني ديمومة الحفاظ عليها  رفع القدرة الإنتاجية لها .

بدأت الدول العربية تدرك أهمية سبل تطوير و تحسين و رفع كفاءة أسلوب الري السطحي الذي يستهلك كميات هائلة من المياه كما ذكر سابقاً ، لذا فإن للأقطار العربية رؤىً أساسية مستقبلية تتمحور حول سبل تطوير وتحسين ورفع كفاءة أسلوب الري السطحي ، وحسن إستغلال المياه ضمن خطط وسياسات واضحة مع الأخذ بعين الإعتبار القضايا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والبيئية . 

وفي هذا المجال فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية ترمي من دراسة سبل تطوير و تحسين أسلوب الري السطحي وصرف المياه الزائدة في الأراضي الزراعية إلى زيادة كفاءة الري ورفع وتحسين الإنتاج الزراعي في الوطن العربي لكون الموارد الطبيعية ( المياه ، الأرض ) محدودة ، وهناك ضرورة ملحة للإستخدام الأمثل لها .

4-2  أهمية الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف :

الماء مورد نفيس و ذو أهمية جوهرية للتطور الإجتماعي و الإقتصادي المستدام في الوطن العربي ، وتتطلب المياه تخطيطاً دقيقاً يرتكز الى بيانات بعيدة المدى حول موارد المياه المتاحة من سطحية وجوفية بما فيها الطبقات المائية العميقة والمياه المالحة و المياه العادمة المعالجة بطريقة ملائمة، ويجب أن تستعمل هذه الموارد المائية  المحدودة بطريقة منصفة مع الأخذ بعين الإعتبار أولوية الإستخدام المنـزلي المعقول ، والتطور الإجتماعي الإقتصادي المنجــز وغيرها من الإستعمالات كالزراعة والصناعة والسياحة.

إن تأمين التزويد المائي الموثوق بالكمية و النوعية الملائمين و المكان و الزمان المناسبين هو أكبر التحديات التي تواجهها أقطار العالم العربي حاضراً ، لذا يجب أن يرتكز تخطيط و صياغة سياسة التزويد المائي و إستخدام موارد المياه الى معطيات شاملة وموثوقة بما فيها معطيات عن كمية ونوعية المياه وإستخدامها، أما الموارد المائية غير التقليدية الأخرى وخاصة المياه المالحة فيجب تقييمها عندما تصبح تحلية المياه ذات جدوى إقتصادية أكبر.

ويجب إجراء تطوير الطاقة القصوى للمياه السطحية و الجوفية إلى المدى الذي تسمح به إعتبارات الجدوى الإقتصادية والآثار الإجتماعية و البيئية .

تشير الدراسات العالمية لإستخدامات المياه إلى أن الوطن العربي يستهلك حوالي 89% من إجمالي الإستخدامات للري مقارنة بحوالي 70% للعالم قاطبة وحوالي 34% في أوروبا و 47% في أمريكا الشمالية أما نسبة إستخدام المياه للزراعة في القارتين الأسيوية والإفريقية فيقدر بنحو 86% الأمر الذي يشابه الوضع في العالم العربي ، وتشير الإحصاءات أيضاً إلى أن الأراضي المروية في الدول العربية تقدر بنحو 15%  من إجمالي الأراضي المزروعة أي أقل من المتوسط العالمي بنحو 20%، وهي تمثل نحو 5.2 % من إجمالي الأراضي المروية في العالم .

    بناءاً على كل ما سبق فإن :

 

هناك ضرورات ملحة إقتصادية و إجتماعية وتنموية وبيئية عاجلة لتطوير وتحسين الري السطحي والصرف .

 

   

 

 

حالياً هناك عجز في الموازنة المائية في بعض الدول العربية مثل الأردن وفلسطين ، وتشير الدراسات إلى أن العديد من الدول العربية الأخرى ستعاني في العقدين القادمين شحاً بالمياه إذا إستمرت المعطيات والممارسات الحالية ، و من الممكن أن لا تساعد الأوضاع الإقتصادية في إقليم الخليج العربي بتحلية مياه البحر مستقبلاً ، الأمر الذي يستدعي كافة الأقطار العربية أن تباشر بتحديث التشريعات والقوانين المتعلقة بقطاع المياه ووضع الخطط الإستراتيجية و إتباع السياسات المائية الكفيلة بالإستخدام المرشد والأمثل للموارد المائية الحالية .

توجد صعوبات جمـة لإستبدال نظام الري السطحي المستعمل حالياً في الدول العربية بنظم أخرى أكثر كفاءة وترشيداً في إستخدام المياه مثل أنظمة الري بالرش أو التنقيط ، و بناءاً عليه يصبح الخيار هو زيادة كفاءة إستخدام المياه في أنظمة الري السطحي القائمة ، إذ إن أنظمة الري السطحي بطبيعتها قابلة للتحسين والتعديل والتطوير في شبكات الري الحالية ، ومن هنا لا بد من صياغة وتبني إستراتيجيات وخطط وسياسات مائية خاصة بالري السطحي و الصرف.

من الضروري أن تشدد الإستراتيجية المائية القطرية الخاصة بالري السطحي والصرف على تحسين إدارة الموارد مع التأكيد على إستدامة الإستعمالات المائية الراهنة والمستقبلية في محاولة لإيجاد حلول لمشاكل عديدة تهدد مستقبل موارد الزراعة المروية من أرض ومياه ، وعلاوة على ذلك ، يجب أن تولي الدول العربية تحقيق أعلى درجة كفاءة عملية في نقل المياه و توزيعها ونشرها وإستعمالها مع تبني آليات التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز قدرات إدارة المياه . ويستهدف الإستعمال المتفاعل لمورد المياه تعظيم تدفقه القابل للإستخدام وتعظيم المنفعة الصافية لوحدة تدفق المياه ، كما يستهدف الكلفة الدنيا للتشغيل و الصيانة ،  ويجب مراقبة و تصنيف فعالية أداء نظام الري السطحي والصرف وإدارتها وإدخال التحسينات على الأداء مع الأخذ بعين الإعتبار إقتصاديات المورد . مع ضرورة قياس كلفة الإنتاج لمشاريع الزراعة المروية وما تحتاج إليه من مياه.

4-3 أهداف استراتيجية تطوير و تحسين أداء الري السطحي والصرف في الدول العربية :

بناءاً على ما تقدم فإن أهداف استراتيجية تطوير و تحسين أسلوب الري السطحي والصرف في الدول العربية تتمثل فيما يلي:

1-  توفير المياه و تقليل الفاقد منها وذلك برفع كفاءة النقل في القنوات وزيادة كفاءة الري السطحي الحقلي كون بعض الأقطار العربية تعاني حاضراً وأغلبها سيعاني مستقبلاً شحاً بمواردها المائية المتاحة، وإمكانية إستخدام المياه التي يمكن توفيرها لأغراض أخرى أو ري أراضي جديدة .

2-  الإستفادة القصوى من المياه المتاحة و حسن إستخدام المياه بتزويد المزارع حسب الإحتياجات المائية للمحاصيل وحسب التربة وطور النبات والمناخ والوصول الى جدولة الري، وبتحسين توزيع المياه بالتساوي داخل المزرعة عبر تسوية الأراضي بصورة تكفل ذلك.

3-  زيادة العائد الإقتصادي للمتر المكعب من المياه ، و زيادة إنتاج وحدة المساحة كماً ونوعاً.

4-  المحافظة على إنتاجية الأراضي الزراعية بتوسيع خدمة الأراضي بنظام صرف المياه الزائدة منها وتحسين أداء القائم منها.

5-  زيادة الإستفادة من المياه الأمر الذي يؤدي الى زيادة الرقعة الزراعية وزيادة الإنتاجية لتلبية الطلب على السلع الزراعية.

6-  تقليل تكاليف التشغيل والصيانة والإستفادة القصوى من البنية التحتية لمشاريع الري .

7-  تحسين الوضع الصحي للمواطنين حيث أن ركود وتجمع المياه على سطح التربة جراء الري أو الصرف يصبح موطناً لتكاثر القواقع و الحشرات التي تسبب الأمراض للإنسان.

8-  تحسين الوضع الإقتصادي والإجتماعي والبيئي .

4-4  محاور الاستراتيجية العربية لتطوير الري السطحي والصرف :

4-4-1  رفع كفاءة القنوات الناقلة للمياه من المصدر الى المزرعة :

وذلك بتقليل تسرب ورشح المياه الى أعماق التربة وتقليل نمو الأعشاب فيها حيث تستهلك كميات كبيرة من المياه وتقليل التبخـر من تلك القنوات ، وتقـدر كميـة المياه المفقودة مـن القنوات الناقلة في الدول العربية بحوالي 50 مليار متر مكعب سنوياً، ويمكن رفع كفاءة القنوات الناقلة  بالأساليب التالية:

*  نقل المياه بواسطة أنابيب مفتوحة أو مغلقة من المصدر إلى المزرعة.

*  إعادة تأهيل قنوات الري الناقلة الإسمنتية بإصلاح عيوبها و كسورها و إزالة الترسبات و الأعشاب منها و تعديل ميلها إذا لزم الأمر، وإعادة تأهيل القنوات الترابية بتغليفها بمواد غيرمنفذة مثل الإسمنت (الباطون ) أو الإسفلت أو البلاستيك لمنع تسرب ورشح المياه في التربة.

*  تقليل المساحة السطحية (المعرضة لأشعة الشمس) للقنوات بهدف تقليل التبخر من سطوحها ما أمكن وذلك بتعميقها وتعديل ميلها لتفي بالغرض من ذلك.

4-4-2  رفع كفاءة الري السطحي الحقلي :

 تقدر كمية المياه المفقودة على المستوى الحقلي في الدول العربية بحوالي 37 مليار متر مكعب سنوياً جراء الممارسات الحالية داخل الحقول ، و يتم رفع كفاءة الري الحقلي كما يلي :

*  القيام بأعمال التسوية  Leveling  اللازمة للأراضي لضمان التوزيع المتساوي للمياه فيها وتجنب غدق وركود و تجمع المياه على بعض أجزاء الحقل وقلة المياه على الجزء الآخر.

*  تزويد الأراضي  بالإحتياجات المائية الكلية (فقط) للمحاصيل المزروعة وحسب عمرها وتكرارها تبعاً لصفات التربة وعدم السماح بتجاوز تلك الكميات تحت أي ظرف كان ، أما الإحتياجات الغسيلية للتربة فيمكن أن تتم في فصل الشتاء أو حسب الظروف.

*  إستيفاء رسوم عن كميات إستهلاك المياه (السطحية والجوفية) وبصورة تصاعدية كأحد أساليب رفع كفاءة الري.

*  تقديم أفضل الخدمات والإرشاد المائي والتوعية للمزارعين .

*  إيجاد التشريعات والقوانين والأنظمة اللازمة وإتباع خطط وسياسات من شأنها رفع كفاءة الري السطحي.

*  فرض العقوبات المالية وغيرها على المخالفين لتجاوز الكميات المزودة والإستخدامات غير الشرعية للمياه والعابثين بمنشآت مشروع الري تبعاً للأنظمة والقوانين.

4-4-3  إنشاء وإعادة تأهيل مصارف المياه الزائدة المغطاة أو المفتوحة:

 إن سلبيات الري السطحي لا تتوقف عند هدر المياه في القنوات الناقلة أو على المستوى الحقلي، ولكنه يمتد ليصيب الأرض الزراعية ، حيث أشارت الدراسات إلى أن حوالي 40 مليون هكتار في الدول العربية تعاني تأثراً بالملوحة ، وهي بحاجة إلى غسيل تربتها الأمر الذي يصبح فيه إنشاء نظام فعال لصرف المياه الزائدة من التربة أمراً حتمياً.

ومن الممكن تطوير الصرف كما يلي :

*  إنشاء وتنفيذ مصارف مياه مفتوحة أو مغطاة للأراضي التي تعاني مشاكل ملوحة وإرتفاع منسوب مياه ولم ينفذ فيها مصارف من قبل ضمن أولويات إقتصادية وإجتماعية وبيئية .

*  الصيانة الدورية المنظمة للشبكات الحالية لصرف المياه الزائدة من الأراضي ومخارجها وتسليكها لتحسين أدائها وإزالة الإعشاب النامية فيها.

*  إنشاء آبار (حفر) مراقبة  Observation Wells  في الأراضي المخدومة بشبكة صرف زراعي والأراضي غير المخدومة بهدف مراقبة مستويات المياه الأرضية ، ومعرفة أداء شبكة الصرف إن وجدت، علماً بأن عمق تلك الآبار لا يتجاوز ثلاثة أمتار ، والبعد بين البئر والآخر يعتمد على صفات التربة.

*  شبكات الصرف الزراعي تتطلب التصميم والتنفيذ الصحيحين لتجنب التأثير السلبي على البيئة والإنسان جراء تكاثر الحشرات التي تسبب الأمراض، لذا لا بد من إعادة تصميم وتنفيذ للمصارف التي تعاني من المشاكل الفنية. 

*  القياس الدوري لتدفق المياه الخارجة من شبكة الصرف الزراعي و إجراء التحاليل المخبرية الدورية لتلك المياه من أجل معرفة كمية و نوعية المياه لدراسة إمكانية إعادة إستخدامها في الزراعة بالإضافة الى دلالتها كمؤشر على غزارة الري السطحي .

4-5  الموجهات والخطوط العريضة للرؤية العربية لاستراتيجية تطوير الري السطحي والصرف :

ان من أهم الملامح والموجهات لرؤية الدول العربية لتطوير الري السطحي والصرف تتمثل في الخطوط العريضة الآتية :

4-5-1  تكامل الاستراتيجية :

 وضع خطط إستراتيجية متكاملة واضحة المعالم قابلة للتطبيق لقطاع الري والصرف ووضع خطة رئيسيةMaster Plan  جديدة أو تحديث الخطة إذا كانت موجودة لتلبية الإحتياجات و التطلعات المستقبلية ، وإتباع سياسات متوازنة مائية لكافة القطاعات المنـزلية والصناعية و الزراعية بالإضافة الى الري السطحي والصرف .

4-5-2  تعظيم العائد الاقتصادي للمياه :

  إن زيادة تعظيم العائد الاقتصادي للمياه (المردود الإقتصادي) لوحدة حجم مياه الري والمحافظة على الأراضي الزراعية بصرف المياه الزائدة منها يتم بإتباع أساليب علمية وتطبيقية  تأخذ بعين الإعتبار الموارد الطبيعية (الأرض والمياه) و البشرية متلائماً مع الظروف الإقتصادية والإجتماعية والبيئية مع التركيز على التوعية المائية المنظمة للمزارعين في مجال الري السطحي والصرف .

4-5-3  المشاركة الشعبية :

 إن مشاركة المزارعين في إدارة مشاريع الري و إنشاء جمعيات مستخدمي المياه، و مشاركة القطاع الخاص في المشاريع وعقود إدارة التشغيل و الصيانة لشبكات الري أينما كان ذلك ممكناً تمثل منطلقاً هاماً نحو التطوير .

الخلاصة هى الحد من الري السطحي وعليه :

 

 

عند دراسة وتخطيط وتنفيذ مشاريع الري الجديدة يجب أن تأخذ بعين الإعتبار إستخدام وتطبيق أساليب الري الحديثة، و يجب أن تتوقف مشاريع الري السطحي الجديدة

 

 

 

 

4-6  مكونات الاستراتيجية العـربية المقترحة لتطوير الري السطحي والصرف :

لقد كانت الموارد المائية على مدى التاريخ  - وما زالت  - المحرك الرئيسي للأنشطة الإقتصادية و الإجتماعية، إعتمد عليها في قيام الحضارات وتطورها كحضارة وادي النيل وحضارة بلاد ما بين النهريــن، و كانت الموارد المائية سواء على المستوى القبائلي أو العشائري أو على مستوى الدول ( المياه المشتركة ) هي قاعدة العيش و الإقتصاد وعلى مدى توفرهما وكفايتهما إعتمدت علاقتهما .

وتعتبر الموارد المائية القاعدة الأساسية للتطور الزراعي و بالتالي الأمن الغذائي، ومع أنها متجددة فإن تطويرها وإستغلالها الأمثل في الإنتاج الزراعي هو أحد مقومات الإستمرار و التقدم ، وفي الدول العربية فإن قطاع المياه يعتبر من أهم القطاعات الخدمية والإنتاجية لأنه يمس حياة جميع المواطنين .

لا يخفى على أحد الأهمية الإستراتيجية للمياه في الري و الصرف ، إذ بدون المياه لا توجد زراعة مرويـة ، والزراعة المروية ذات علاقة وثيقة بالأمن الغذائي ، وتكون الشعوب آمنة غذائياً عندما تحصل بشكل طبيعي سواء من خلال الإنتاج أو القدرة الشرائية على غذاء كاف لحياة صحية منتجة ، ولكون الإحتياجات و الإستهلاك المائي عالي في الري السطحي و لإرتباطه العضوي مع النشاطات الإقتصادية والمعيشية والإجتماعية والبيئية فإن ذلك يضفي عليه أهمية إستراتيجية قصوى.

إن الدول العربية التي تزخر بالخبرات الزراعية المتميزة في كافة المجالات وعليها أن تبادر إلى تبني خطـة إستراتيجية للري والصرف و إتباع سياسات زراعية مائية لتحقيق الأهداف المرجوة ، ويجب أن تكـون تلك الخطط والسياسات جزءاً من خطة إستراتيجية وسياسة زراعية مائية عربية موحدة .

 

 
 

يجب على كل دولة عربية وضع خطة إستراتيجية متكاملة واضحة المعالم قابلة للتطبيق لقطاعي الري والصرف ، ووضع خطة رئيسية Master Plan  جديدة أو تحديث الخطة إذا كانت موجودة لقطاع المياه ليلبي الإحتياجات و التطلعات المستقبلية، وإتباع سياسات متوازنة مائية لكافة القطاعات المنـزلية والصناعية والزراعية .

 

 

 

 

 

من الضروري أن تحقق الخطط الاستراتيجية للدول العربية الغايات والأهداف المبينة سابقاً، بالإضافة الى توجه الحكومات العربية الى رفع كفاءة أداء مؤسساتها وميل سياساتها نحو الخصخصة لابد من وضع خطة إستراتيجية لقطاع الري والصرف واضحة وقابلة للتطبيق ، يشتق منها خطط خمسية دورية يجري تحديثها كلما كان ذلك ضرورياً ، هذه الخطة تكون جزءاً من خطط قطاعات المياه الأخرى وتلازمها خطة إستثمارية موازية .

يقوم مختصين بالتخطيط الإستراتيجي وفنيين مختصين بنشاطات الري والصرف بالإضافة الى مختصين بمجالات مثل الإقتصاد و القانون وعلم المجتمع وغيرها بوضع وصياغة تلك الخطة.

إن التخطيط المستقبلي لقطاع المياه و خاصة مشاريع الري يتطلب بالضرورة توفر معلومات صحيحة ودقيقة حول جميع الموارد الطبيعية و القضايا الإقتصادية والإجتماعية و السياسية و البيئية وغيرها من الأمور الهامة ، و يجب أن تكون المعلومات المدخلة و المستعملة صحيحة و دقيقة لتكون النتيجة مخرجات صحيحة ودقيقة أيضاً ، يتم الحصول على هذه المعلومات من بنك قطري متكامل للمعلومات ولابد من تطوير هذا البنك ليصبح جزءاً من منظومة قومية للمعلومات المائية .

تتضمن الخطة الإستراتيجية تحديد كافة القضايا الإستراتيجية الرئيسية بتقييم شامل لكافة الخدمات والأنشطة و التي تشكل تحديات أو فرص قطاع الري السطحي والصرف ، وتشمل دراسة المؤسسات العاملة والمؤثرة فيه وكافة المعنيين Stakeholders  ( مزارعين و مستخدمي المياه ، مؤسسات أخرى، شركات القطاع الخاص ……. الخ ) و مواطن الضعف والقوة في البيئتين الداخلية و الخارجية  ومن ثم ترتيب هذه القضايا حسب الأولوية بالإضافة الى التحقق من التوجهات الحكومية في هذا القطاع، ويشمل أيضاً دراسات متخصصة قانونية ومؤسسية وتحليل مالي ومشاركة القطاع الخاص ومراقبة الأداء و التنفيذ .

يتم وضع المهمة  Mission   لتعكس السياسات الحكومية العامة فيما يتعلق بالتوجهات المستقبلية والتي قد تؤدي الى قيام شكل مؤسسي جديد ذات هوية جديدة ، والرؤية   Vision   لتعكس الوضع المستقبلي الجديد، و وضع الأهداف الإستراتيجية والمرحلية و يتم ترجمتها إلى مشاريع مستقبلية  وتكاليف مالية تتولى الجهة المعنية بالتعاون مع الحكومة بتوفير التمويل اللازم لها وفترات تنفيذ زمنية محددة .

وفيما يلي بعض المجالات العامة لخطة إستراتيجية قطرية في قطاع الري والصرف مع الإدراك التام لخصوصية كل دولة عربية :

أولاً : في مجال تنمية الموارد المائية

-  الإستغلال الأقصى للمياه السطحية الى الحد التي تسمح به إعتبارات الجدوى الإقتصادية و الآثار الإجتماعية و البيئية و الحقوق المائية للمياه السطحية، ولا بد من تقييم موارد المياه السطحية دورياً.

-  الإستغلال الأمثل للمياه الجوفية الى المدى الذي تسمح به إعتبارات الجدوى الإقتصادية و الضخ الآمن للأحواض الجوفية المائية المتجددة و غير المتجددة ، والإعتبارات البيئية للمحافظة على نوعية المياه الجوفية وإستدامة إستخدامها .

-  جمع ومعالجة المياه العادمة وفق المعايير التي تمكن من إعادة إستخدامها في الزراعة المطلقة وفي أغراض غير منـزلية أخرى بما في ذلك تغذية المياه الجوفية ، و لا بد من إعتماد التقنيات الحديثة الملائمة لمعالجة المياه العادمة مع الأخذ بعين الإعتبار الإقتصاد في الطاقة ونوعية المياه الخارجة لإستعمالها في الزراعـة المطلقة.

-  ولما كان الوطن العربي يحتوي على كميات كبيرة من المياه الحدية و المياه المسوس، فلا بد من عمل أبحاث علمية تطبيقية عليها و دراسة إدخالها في الزراعة المروية .

-  لا بد من إرتكاز معيار الأولوية لتنفيذ مشاريع الري الجديدة ولتخصيص المياه الإضافية الى إعتبارات إقتصادية و إجتماعية وبيئية .

ثانياً :  في مجال إدارة الموارد المائية :

-  تهدف إدارة الموارد بإستمرار الى تحقيق أعلى درجة كفاءة ممكنة في نقل المياه وتوزيعها ونشرها وإستعمالها، و لا بد من إتباع أسلوب مزدوج لإدارة الطلب و إدارة التـزويد وتبني آليات تكنولوجية حديثة لتعزيز قدرات إدارة مورد مياه الري.

-  إعطاء الأولوية في إستدامة إستعمال الموارد المطورة لأغراض الزراعة المروية، و إيلاء عناية خاصة بمنع التلوث وتردي النوعية والإستنـزاف .

-  وقف الضخ الجائر من الأحواض الجوفية المتجدد منها وغير المتجدد و تقليله الى معدل الإستخراج المستدام، والسيطرة التامة على حفر الآبار الجوفية ومنع حفر الآبار الجوفية العشوائي .

-  لا بد من وضع نظام ديناميكي للعرض و الطلب و تحديثه دوماً ،ويجب تقليل تكاليف التشغيل و الصيانة .

-  لابد من التركيز على تنظيم العائد الصافي لمورد مياه الري بزراعة محاصيل ذات المردود الاقتصادي العالي .

-  إن تطوير الموارد البشرية يجب أن تكون على سلم الأولويات بتنظيم برامج التعليم المستمر والتدريب الميداني ، ويجب تقليص التوظيف الزائد عن الحاجة الى مستويات دنيا.

ثالثاً : في مجال التشريعات والتنظيم المؤسسي :

-  لا بد من إعادة النظر بالقوانين والأنظمة المعمول بها دورياً لتفي بالمستجدات للظروف والزمن المتغير، وإعادة النظر بالترتيبات المؤسسية وإعادة هيكلتها بما يتلائم والإحتياجات اللازمة.

-  تحديث التشريعات والقوانين والأنظمة كلما كان ذلك ضرورياً لتفي بالمستجدات ، بما في ذلك قوانين تحسين الإدارة .

-  إشراك المزارعين في إدارة مشاريع الري ، و تكوين جمعيات مستخدمي المياه مع الأخذ بعين الإعتبار القضايا الإجتماعية ووضع التشريع اللازم لمشاركتهم . 

- التأكيد علـى التعاون والتنسيق بين الجهات الرسمية المعنية لتتكامل الأدوار.

-  فسح المجال أمام إستثمارات القطاع الخاص وتسهيل مهامه وإشراكه في إدارة مورد المياه كلما كان ذلك ضرورياً من خلال إيجاد التشريعات اللازمة لذلك.

رابعاً : وفي مجال توعـية المزارعين :

-  تواجه تحديات قطاع الري السطحي لا من خلال إدارة المياه فحسب وإنما من خلال المزارعين أيضاً، وهنا لا بد من تحديد الأدوار بهدف المحافظة على المياه.

-  توعية جمهور المزارعين مستخدمي أسلوب الري السطحي من خلال الحملات الإعلامية والوسائل المختلفة بالتعريف بالأسلوب الأمثل للتعامل مع الري السطحي و بقيمة المياه وحسن إستخدامها و رفع العائد الإقتصادي . وغيره .

-  تدريب المزارعين عملياً حول كيفية التعامل العلمي مع أسلوب الري السطحي والصرف .

-  إيجاد الحوافز المادية والمعنوية للمزارعين المتميزين .

-  نشر الحقائق حول المياه و أسلوب الري السطحي و تكاليفه وإعتماد الشفافية أسلوباً للتعامل مع المزارعين والمستخدمين.

خامساً :  في مجال مشاركة القطاع الخاص :

-  يجب توسيع دور القطاع الخاص من خلال الإستثمار في البنية التحتية لمشاريع الري ، وفي عقود إدارة مورد مياه الري وعقود الإمتياز وغيرها من أشكال المشاركة حيثما كان ذلك ممكناً .

-  النظر في مفهوم طرق إنشاء مشاريع الري الجديدة وتشغيلها من قبل القطاع الخاص ، ولا بد من تقييم آثارها على المزارعين وتخفيف سلبياتها عنهم .

-  تشجيع القطاع الخاص في إقامة المزارع المروية المتكاملة مع التأكيد على المزايا الإقتصادية والإجتماعية فيما يتعلق بالإستثمارات الخاصة.

سادساً :  في مجال التمويل :

-  لا بد من إستعادة كلفة تشغيل وصيانة مشاريع الري من المستفيدين مع الأخذ بعين الإعتبار تقليل تكاليفها.

-  تفعيل دور مؤسسات تمويل الزراعة المروية وبالأخص تمويل تطوير الري السطحي والصرف .

سابعاً : في مجال البحث العلمي :

-  يجب بذل الجهود القطرية لتشجيع و تعزيز البحث العلمي المتعلق بأسلوب الري السطحي الذي يهدف الى تحسين إدارته وتطوير كفاءته والوفاء بالإحتياجات المائية للمحاصيل وتقليل التبخر وغيره .

-  يجب إنشاء مختبرات تحليل المياه و التربة والنبات ورفدها بالكوادر الفنية لإسداء النصح والإرشاد للمزارعين ، ولا بد أن تكون تكاليف التحليل في متناول المزارعين .

-  تشجيع التواصل بين المؤسسات العربية لتبادل الخبرات والمعرفة ، ولا بد من مد جسور التعاون مع المؤسسات الأجنبية والدولية لمواكبة التطور والتحسين ونقل التكنولوجيا.

ثامناً :  في مجال رفع الكفاءة :

تدرك الدول العربية بأن التحدي الذي يواجهها هو الحصول على أفضل إنتاج زراعي بإستخدام أقل كمية مياه من وحدة المساحة وبأهمية ترشيد و تحسين إستخدام المياه المتاحة ، وهي تجمع في رؤيتها بأهمية رفع كفاءة أسلوب الري السطحي وضرورة الإستخدام الأمثل للمياه وحظر هدرها بالإضافة الى أهمية المحافظة على إنتاجية الأراضي الزراعية المروية بشبكة صرف فعالة.

إن زيادة المردود الإقتصادي لوحدة حجم تدفق المياه لا يأتي إلا بالإدارة الناجعة لموارد المياه والأرض والإنسان وبإدارة علمية لزراعة المحصول المناسب ذو الإنتاج العالي كماً ونوعاً ليحصد ناضجاً في الوقت المناسب ، وهذا يتطلب دراسة حاجات الأسواق المحلية والخارجية ولا بد من الإستفادة القصوى من الميزة النسبية للإنتاج في كل دولة عربية ومواجهة التنافس مـع المنتجين الآخرين .

إن ذلك يتحقق بإتباع الأساليب العلمية التطبيقية ووسائل إرشادية فعالة وزيادة الوعي بأهمية موارد المياه والأرض كثروة قومية و أن المحافظة عليهما و حسن  إستخدامهما أمر تفرضه الظروف المعيشية والتنموية، وفي هذا المقام فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية تدعو الجامعات العربية للمبادرة والتطوع بعمل مشاريع ريادية للتطبيقات العلمية الحديثة في مجال الري السطحي و الصرف وتقديم النصح والإرشاد للمزارعين ومد جسور التعاون مع خدمات إرشاد الري في المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية .

أن مكونات الإرشاد المائي في الزراعة المروية يختلف عن غيره نظراً لتعدد و تداخل مدخلاته مثل ظروف التربة و النبات و المياه و المناخ و مكونات مشروع الري بالإضافة إلى جوهره و هم المزارعين ، حيث أن البرامج الإرشادية المائية تأخذ بعين الإعتبار هذه الخصوصية و تكفل الأسلوب الملائم والناجع من قبل مرشدين مختصين لديهم القدرة الفنية و العلمية و العملية و لهم خصائص متميزة بوسائل الإتصال وبناء جسور الثقة مع المزارعين.

هناك وحدات تعنى بتقديم الخدمات الإرشادية للري  Irrigation Advisory Services  في بعض الدول العربية ، ومن الضروري تعزيز قدرات هذه الوحدات ودعمها بالكوادر الفنية المؤهلة و الأدوات و الأجهزة اللازمة ليتسنى لها القيام بمهامها الموكلة بها خير قيام، و لا بد من إنشاء هذه الوحدات في الدول التي تفتقر إليها .

ولعل رؤية الدول العربية في هذا الأمر بأن مثل هذه الخدمات ضرورة ملحة خاصة لمستخدمي أسلوب الري السطحي ، ويظهر ذلك مما تقدمه من خدمات مجانية للمستفيدين تهدف لرفع كفاءة الري وحسن إستخدام المياه و إدخال أجهزة ترشيد الإستهلاك و القيام بحملات توعية للمزارعين في مجال الري السطحي والصرف ، أما مجالات الخدمات التي تقدم فهي كما يلي :

*  تصميم و تقييم شبكات الري السطحي داخل المزارع ، وإسداء النصح والإرشاد لإدخال التعديلات المناسبة عليها.

*  تدريب المزارعين على إدارة الري السطحي داخل المزرعة ( تشغيل وصيانة).

*  القيام بحملات توعية وتثقيف لمستخدمي المياه في الري السطحي ، إذ أن هؤلاء بشكل عام يعوزهم التفهم و الإكتراث بقيمة المياه ومدى شح مواردها ، كما أن أية تغييرات مهمة في كيفية الحفاظ على المياه وحمايتها تتطلب دعم المزارعين و مشاركتهم. 

وتؤمن الدول العربية بأن برامج التوعية هي الطريقة الناجحة للوصول الى المزارعين وعامة الناس بهدف تعديل السلوك غير المرغوب فيه وتعزيز الجهود الإيجابية ، ومن خلال برامج التوعية التي تشجع الحفاظ على مورد المياه المحدود وحمايتها و التقيد بأنظمة وقوانين المياه تستطيع الحكومة تحقيق الأهداف المرجوة.

*  جدولة الري على مستوى المزرعة من خلال مشاريع ريادية ومشاهدات في حقول المزارعين ، و تعني جدولة الري معرفة الوقت المناسب و كمية المياه اللازمة للري ، وتجنب الري الغزير غير المبرر وتسرب المياه الى أعماق التربة ، لهذه العملية مزايا عديدة أهمها توفير المياه وتوفير الأسمدة وتقليل أمراض النبات الناجمة عن زيادة رطوبة التربة وزيادة الإنتاج كماً ونوعاً .

*  المساعدة بتنفيذ خطط مشاركة المزارعين في إدارة مشاريع الري ، وبتكوين جمعيات مستخدمي المياه.

 

*  إسداء النصح والإرشاد للمزارعين لزراعة محاصيل ذات استهلاك مائي قليل ومردود اقتصادي مرتفع .

*  إسداء النصح و الإرشاد حول استخدام المياه الحدية في الزراعة المروية .

*  إسداء التوعية والإرشاد فيما يتعلق بأهمية صرف المياه الزائدة من الأراضي للمحافظة على الأراضي وأهمية صيانة الشبكات القائمة و التخلص من المياه الراكدة في شبكات الري و الصرف وما له من مزايا للتخلص من الحشرات و مسببات الأمراض للإنسان.

*  القيام بأية أمور أخرى لها علاقة بموضوع الإرشاد و التوعية المائية للري السطحي والصرف.

    يوجد عدة عوائق تواجه الإرشاد المائي في القطاع العام ومن أهمها عدم توفر العدد الكافي من الكوادر البشرية المؤهلة و ذات الخبرة الغنية و الدراية في مجال الري السطحي و الصرف، وصعوبة توفر وسائل النقل  (إذ أن كل مرشد ري يتطلب تزويده بوسيلة نقل خاصة به و أجهزة و معدات ملائمة تساعده في عمله) أو محدوديتها وعدم المقدرة على متابعة التطورات التكنولوجية السريعة ، و المرشد المائي يجب أن يتحلى بأسلوب مرن للتعامل مع المزارعين و ضرورة أن يحوز على ثقتهم.

تاسعاً :  في مجال المشاركة الشعبية .

   تتم إدارة مشاريع الري في الدول العربية من قبل الأجهزة الحكومية المسؤولة عن هذا القطاع وخاصة فيما يتعلق بتشغيل وصيانة مشروع الري ( شبكات الري والصرف وملحقاتها) وتوزيع المياه على الأراضي الزراعية ، ولقد تسبب هذا النهج الى بروز العديد من المظاهر السلبية منها تهميش وعدم وجود دور للمزارعين مالكي الأراضي وحقوق المياه، بشكل عام لا يوجد للمزارعين أي دور في إدارة مشاريع الري خارج مزارعهم رغم قدرتهم على ذلك.

  الهدف الإستراتيجي من إشراك المزارعين في إدارة مشاريع الري هو توفير المياه وتقليل النفقات وإستدامة المشاريع والحصول على أقصى إنتاج زراعي ممكن من خلال تكوين جمعيات مستخدمي مياه الري وبوضع برامج قابلة للتطبيق لإشراك المزارعين في إدارة الري والصرف مثل المشاركة بوضع برامج الري وفي أعمال تشغيل و صيانة مشاريع الري وصولاً للأهداف التالية :

*  ملائمة المزارعين لأوضاع مزارعهم من خلال معرفة الموازنة المائية ومدى توفر أو شح المياه .

*  تلبية حاجات المزارعين مـن المياه للكمية المطلوبة (فقط) في الوقت المناسب.

*  تخفيض تكاليف تشغيل مشاريع الري من خلال مشاركتهم بأعمال توزيع ونشر المياه فيما بينهم.

 

*  تخفيض تكاليف صيانة مشاريع الري وتقليل العبث والاعتداءات على منشآت المشاريع كنتيجة مباشرة لشعور المزارعين  المتزايد بأن المشروع ملكاً لهم ويتوجب المحافظة التامة عليه.

*  معرفة المزارعين لنوعية مياه الري و ملائمة أوضاعهم تبعاً لذلك.

*  زيادة المعرفة العلمية الزراعية للمزارعين و إدراكهم أهمية علاقة التربة والماء و النبات.

*  زيادة كفاءة الجهاز الحكومي للتشغيل و الصيانة من خلال الشعور بالمتابعة والمسؤولية والمنافسة وبأن هذا الجهاز وقع عليه مراقبة أكثر.

*  تسوية الخلافات و المواضيع الأخرى دون تدخل الدولة ما أمكن .

*  إمكانية الربط بين مختلف الفعاليات الزراعية مثل الري والتسويق .

دور جمعيات مستخدمي مياه الري :

   في ظل توجهات برامج الإصلاح الإقتصادي المتعلقة بخصخصة بعض النشاطات و الخدمات عملاً بمبدأ مشاركة الفئات المستفيدة و مستخدمي المياه في عملية ترشيدها و إستخدامها و بما يحقق إعطاء دور لهذا القطاع الحيوي في إدارة وتشغيل و صيانة مشاريع الري و الصرف يتم إنشاء جمعيات مستخدمي المياه يوكل  إليها كل أو بعض مهام التشغيل و الصيانة .  

   جمعيات مستخدمي المياه في الزراعة المروية هي جمعيات غير حكومية من المزارعين ولها دور في الأعمال المشتركة في شبكات الري وشبكات صرف المياه الزائدة ، وفي إدارة مشاريع الري (تشغيل وصيانة ) وحماية المياه من التلوث ومنشآت المشروع من العبث ونشاطات أخرى.

إن تكوين جمعيات مستخدمي المياه يبرز أهمية حاجة مجموعة المزارعين لممارسة حقوقهم في إستخدام المياه بشكل كفؤ وتركيز جهودهم و وسائلهم للأعمال المشتركة نحو الإستفادة القصوى من مصادر المياه والمحافظة على إنتاجية أفضل لأراضيهم.

  هناك أهمية على الدور الذي ستلعبه تنظيمات مستخدمي المياه في إستغلال وتشغيل و صيانة نظام الري السطحي والصرف و رفع كفاءة إدارة المياه والترشيد والحفاظ على الموارد المائية المخصصة للزراعة المروية بالإضافة الى تقليل تكاليف التشغيل و الصيانة وبما ينعكس على إقتصاديات المزرعة .

 ولابد من التأكيد على الخصوصية القطرية فيما يتعلق بمشاركة المزارعين في إدارة مشاريع الري ضمن إطار المشاركة الشعبية في التنمية المستدامة ، وفي هذا السبيل يوصى بما يلي :

*  إيجاد الأطر القانونية والتشريعية لقيام جمعيات مستخدمي المياه ، وأهمية تضمين تلك القوانين والتشريعات نصوصاً واضحة لإعطائها صفة الشخصية الإعتبارية التي تمنحها الصلاحيات الكفيلة للقيام بمهامها.

 

*  التأكيد على ضرورة تقديم الدعم المالي والمادي الكافيين من الحكومة والمنظمات غير الحكومية الى جمعيات مستخدمي المياه خاصة في بداية أعمالها ، وتشجيعها على الوصول تدريجياً الى مرحلة التمويل الذاتي والإستقلال المالي .

*  إعداد خطة لنقل مهام إدارة تشغيل و صيانة مشروع الري الى المستفيدين تدريجياً .

*  تحديد و توزيع الأدوار و المهام بين الأجهزة الحكومية و جمعيات مستخدمي المياه وفق شروط مرجعية ضمن إطار تعاقدي يحدد الحقوق والواجبات على أن يتم تقييمه و تطويره وتعديله بصفة دورية بما يحقق المصلحة العامة .

*  إعداد فئات من المزارعين فنياً وإدارياً من خلال برامج تدريبية فنية خاصة في مجال الإدارة والتشغيل والصيانة والمحاسبة.

*  التأكيد على دور الحكومة بتقديم الحوافز لقيام و تطوير جمعيات مستخدمي المياه ، و في تأمين الدعم المؤسسي لها .

*  تشجيع وفسح المجال أمام القطاع الخاص لإنشاء ورش فنية متخصصة في اعمال صيانة الآلات و المعدات و توفير قطع الغيار و المعدات التي تتطلبها صيانة و تشغيل أنظمة الري السطحي و الصرف.

*  قيام أجهزة الإرشاد المائي بزيادة و تعميق الوعي بالقضايا المتعلقة بإستعمال المياه على أسس تطبيقية علمية وتقديم المساعدة الى جمعيات مستخدمي المياه.

*   توثيق الروابط بين مؤسسات البحث العلمي و الإرشاد المائي من ناحية وجمعيات مستخدمي المياه من ناحية أخرى لمعالجة المشاكل و المعوقات التي تواجه تحسين كفاءة الري السطحي  والصرف.

*   بناء قاعدة للمعلومات الفنية الخاصة بالري السطحي و الصرف و علاقتها بالتربة و النبات.

*   تبادل الخبرات و الزيارات الإستطلاعية بين الأقطار العربية.

برنامج تدريب المزارعين :

المزارعين هم محور و جوهر الموضوع ، و هم الذين يمارسون أسلوب الري السطحي في مزارعهم ، فالقرارات التي تتخذ على أي مستوى قيادي لا قيمة لها إذا لم يتم تطبيقها على أرض الواقع من قبل المزارعين ، من هنا يزيد الإهتمام بجمهور المزارعين والعناية بهم وتقديم أفضل الخدمات لهم فهم مواطنين منتجين ويبذلون الجهد الكبير لإنتاج الغذاء.

ومن المفيد تبني برامج قطرية لتدريب و تثقيف وتوعية المزارعين حول الأسلوب الأمثل لإدارة الـري السطحـي متضمناً أسلوب نقل وتخزين ونشر المياه في المزرعة بالإضافة الى الكمية والوقت المناسبين للري وغيرها من القضايا ذات العلاقة.

 

إن وضع حوافز مادية أو معنوية للمزارعين الذين يطبقون الأسلوب الأفضل لإدارة الري السطحي في مزارعهم  وعمل برامج تحفيزية مثل جائزة المزارع المثالي في إدارة مزرعته يعتبر من الأساليب المفيدة في توفير المياه و رفع كفاءة الري السطحي .

عاشراً :  في مجال السياسات :

  إن نصوص السياسة المائية للري السطحي و الصرف الواجب وضعها تفصل الأهداف بعيدة المدى التي ترد في الإستراتيجية ، هذه السياسة لا تشمل قضايا الزراعة المروية ،  و يجب أن تتناول بالتفصيل شؤون المياه من حيث تطوير مواردها لإستخدامها في الزراعة و إدارة هذه الموارد وضرورة نقل التكنولوجيا و قضايا نوعية المياه و كفاءة الري و إسترداد الكلفة و قضايا أخرى. ، ويجب أن تنسجم هذه السياسة مع إستراتيجية المياه وتتطابق أهدافها بعيدة المدى.

 

 
 

 يجب أن تتضمن السياسات المائية للري السطحي و الصرف بنوداً تنص على التعاون الوثيق بين الأقطار العربية في كافة مجالات التعاون و نقل الخبرات التي من شأنها زيادة كفاءة إدارة الري والصرف

 

 

 

 

أن هذه السياسات تتغير بمرور الزمن و تتغير العوامل المؤثرة فيها بينما تعبر الإستراتيجية عن الأهداف بعيدة المدى ، و من المؤمل أن تفي هذه السياسات بالغرض المستوفى منها لخمس سنوات قادمة أو يزيد و ذلك مع بعض التعديلات كلما كان ذلك ممكناً .

سياسة مياه الري تتناول شؤونها من حيث تطوير مواردها لاستخدامها في الزراعة و إدارة هذه الموارد وضرورة نقل التكنولوجيا وقضايا نوعية المياه والكفاءة واسترداد الكلفة ، ويجب أن تتضمن إعادة تخصيص حصص مياه الري ، و تغيير أسلوب التخصيص المتبع الى أسلوب يأخذ بعين الإعتبار عوامل المناخ و المحصول وعمره وخواص التربة ، بمعنى آخر  .

 

 
 

 إعادة تخصيص حصص المياه للمزرعة تبعاً للإحتياجات المائية الكلية للنبات والمساحة المزروعة وخواص التربة

 

 

 

 

وتتضمن أيضاً سياسة تحديد كميات المياه التي تسحب من الأنهار أو تضخ من الأحواض المائية الجوفية بحيث لا تتجاوز كميـة المياه المخصصة ومثل هـذا التحديد ينبغي أن يفرض في كافة الأقطار.

المجالات العامة للسياسة المائية :

وفيما يلي بعض المجالات العامة للسياسة المائية القطرية في قطاع الري والصرف مع الإدراك التام بخصوصية كل دولة عربية :

 

 

في مجال دور الزراعة المروية :

تمثل الزراعة المروية بنهج أسلوب الري السطحي في الدول العربية مهنة الأجداد حيث تمثل شبكات ومرافق الري دليلاً على ذلك ،  وتساهم في إنتاج الغذاء وتوفير فرص العمل الزراعي المباشر وغير المباشر وفي الخدمات المساندة لها، كما أنها تحسن البيئة وتساعد في الحد من التصحر.

في مجال إستدامة الزراعة المروية :

*  يجب توفير فرص إستدامة مناطق الزراعة المروية الحالية ، و يجب عدم السماح بتحويل المياه المخصصة لها إلى الإستخدامات الأخرى دون توفير مصـادر بديلة صالحـة للإستخدامات الزراعية دون قيود صحية أو كيماوية.

*  يجب أن لا يكون هناك تساهل في إستدامة الزراعة المروية إلا في حال تهديدها إستخدام المياه الجوفية فقط، و يمكن أن يكون الإستنـزاف الجائر للخزانات الجوفية سبباً يبرر هذا التساهل .

*  يجب حماية مصادر المياه من التلوث الذي يضر بنوعية المياه أو يهدد السلامة العامة والبيئة أو يعرض الصحة الحيوانية للخطر ، وفي هذا المجال يجب تبني وتشجيع طرق المكافحة الحيوية بدلاً من إستخدام المبيدات الحشرية.

*  يجب التنسيق الوثيق بين المؤسسات ذات العلاقة بمياه الري والزراعة بالبحث والتطوير بهدف تحسين كفاءة الري السطحي داخل المزارع وتعظيم الإنتاج لوحدة المساحة لكل وحدة تدفق من مياه الري.

*  يجب الأخذ بعين الإعتبار تقديم الفائض من المياه السطحية خلال فترة الشتاء للمزارعين دون مقابل من أجل غسيل التربة.

*  يجب تركيب شبكات صرف للمياه الزائدة في المناطق المروية حيث أن الصرف الطبيعي غير كافي لأداء المهمة ، ويجب التخلص من مياه الصرف بطريقة سليمة بيئياً ، ويجب إيلاء صيانة مثل هذه الشبكات عناية مماثلة للعناية التي تولى لشبكات الري.

في مجال تطوير الموارد وإستخدامها :

*  نظراً لشح المياه من مصادرها لا بد من الإستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة وفقاً لمعايير يمكن معها إعادة إستخدامها في أغراض الزراعة المطلقة .

*  يجب تعظيم إستخدام مياه الأمطار لإنتاج المحاصيل وإستخدام الري التكميلي لتعظيم الإنتاج، بما في ذلك الكثافة المحصولية.

*  يجب متابعة إستخدام المياه المالحة في الري بعناية ، ومراقبة ملوحة التربة الناجمة عن ذلك بشكل يحد من تراكم الأملاح ، بالإضافة الى إدارة الأراضي بما تستحقه من عناية بوصفها مورداً غير متجدداً .

في مجال رفع كفاءة الري :

*  سيكون تحقيق الكفاءة القصوى للري السطحي غاية دائمة، ويجب بذل أقصى الجهود لتحقيق هذه الغاية والمحافظة عليها.

*  يجب أن يتم نقل المياه عبر أقنية إسمنتية أو أنابيب لتقليل الفاقد ما أمكن .

*  يجب تحسين تشغيل وصيانة شبكات الري حسب التصميم الذي نفذت على أساسه هذه الشبكات.

*  يجب برمجة و إجراء الصيانة الدورية لمنشآت مشروع الري والصرف، ويجب توفير وتدريب الموارد البشرية اللازمة للقيام بالإدارة والصيانة الضروريتين الى أقصى قدر ممكن.

*  يجب أن يكون هناك برنامج تدريب على القيام بعمليات الري السطحي وجدولة الري هدفاً ثابتاً و دائماً.

في مجال إدارة مياه المـزرعة :

 

 
 

يجب تقديم خدمات إرشادية للـري السطحي و الصرف بدءاً من مصدر المياه وإنتهاءاً بجذر النبات.  

 

 

 

 

*  تحديد الإحتياجات المائية للمحاصيل من خلال تجارب ميدانية في مختلف المناطق مع الأخذ بعين الإعتبار نوعية المياه.

*  تشجيع المزارعين على إتباع أسلوب جدولة الري في مزارعهم لتحديد الموعد المناسب للري وكمية المياه الواجب إضافتها ومدته بما يناسب إحتياجات المحاصيل من المياه .

*  تشجيع الري الليلي و خاصة في أشهر الجفاف من أجل تقليل التبخر.

*  السعي لتدريب المزارعين على الأساليب العلمية لنقل و توزيع  ونشر المياه في الري السطحي بالإضافة الى كيفية التعامل مع أنواع وصفات الترب الزراعية .

*  إعداد برنامج متكامل لتوعية المزارعين وإجراء حملات إعلامية حول مدى توفر مياه الري وإستخدامها بشكل معقول وإقتصادي وحول الآثار المترتبة على نوعية تلك المياه.

في مجال نوعية مياه الري :

*  مراقبة نوعية مياه الري من خلال أخذ عينات من مصادر المياه و من شبكات النقل والتوزيع، و يجب تنبيه المزارعين لأي تردي في نوعية المياه ليتسنى لهم التخطيط لإستخدام المياه في ري محاصيل مناسبة.

*  عندما تكون المياه ذات النوعية الحدية (مياه الصرف الزراعي أو المياه المالحة أو المعالجة) مصدراً من مصادر مياه الري يجب توخي الحيطة والحذر إلى أقصى درجة ممكنة و تحسين نوعيتها لإستعمالها في الزراعة المطلقة ، و يمكن تحقيق ذلك بخلطها بمياه من مصادر نوعيتها أجود ، ويجب إعلام المزارعين بنوعية مياه الري ليكون إختيارهم للمحاصيل مبنياً على المعرفة والمعلومات.

*  يجب توفير خدمة فحوصات المياه والتربة للمزارعين من خلال مختبرات تنشأ لهذه الغاية في المناطـق التـي تفتقر إليها علـى أن تكـون تكاليف التحاليل فـي متناول المزارعين ، ورفد هذه المختبرات بكوادر فنية قادرة على تفسير نتائج التحليل تلك وإسداء النصح والإرشاد .

في مجال الإدارة :

*  يجب قياس كمية تدفق مياه الري عند دخولها للمزرعة وإعتماد هذه الكمية.

*  العمل على إنشاء مناطق ريادية لإختبار مدى قابلية أسلوب الإدارة المبنية على إشراك المزارعين فيها، و بموجبها يتولى المزارعون مسؤولية توزيع المياه الى مزارعهم .

*  يجب قياس كمية المياه المستخرجة من الآبار الجوفية ، و يجب مراقبة الضخ من وقت لآخر لمطابقته لشروط الإستخراج الآمن .

*  منع حفر الآبار الجوفية دون ترخيص مسبق ، و يجب التعامل مع الآبار الجوفية المحفورة دون ترخيص بالأخذ بعين الإعتبار الآثار الإجتماعية والإقتصادية و البيئية و السياسية.

في مجال تسعيرة المياه :

*  ينبغي تغطية كلفة التشغيل و الصيانة من خلال تحصيل أسعار متدرجة لوحدة تدفق المياه تبعاً لكميات وأوقات الإستخدام و نوعية المياه مع الأخذ بعين الإعتبار القضايا الإجتماعية والإقتصادية و السياسية ، ويجب إيلاء العناية اللازمة لحقوق المياه.

*  إن الزراعة تخدم المجتمع من خلال إستخدام العمالة وتوزيع السكان وتوفير الغذاء الذي لولاه  لتوجب إستيراده ، لهذا يجب أن تلقى الدعم من المجتمع على شكل إعفاءات من الضرائب مثلاً.

في مجال العلاقة مع البيئة :

*  يجب تشجيع إزالة الأعشاب غير المرغوب فيها أو إستخدام مبيدات الأعشاب الصالحة بيئياً للحد من النتح و التبخر من تلك الأعشاب مما يحقق وفراً بمياه الري ، كما يمكن تحقيق وفورات مماثلة في الأغذية التي تمتصها تلك النباتات.

*  يجب توخي العناية القصوى عند إستخدام المياه المعالجة ، إذ يجب أن تكون مقبولة  بيئياً يمكن للعاملين في الزراعة التعامل معها بشكل آمن ، و يجب أن يكون هذا المصدر  آمناً للحياة البرية و الحيوانات الأليفة في المزرعة.

 

في مجال التشريعات والترتيبات المؤسسية :

*  يجب مراجعة التشريعات و الترتيبات المؤسسية المتعلقة بتطوير و إدارة الري السطحي والصرف دورياً، وتجسير الفجوات وتحديث الترتيبات المؤسسية مع ما يوازيها من تشريع بشكل دوري.

*  يجب أن يتم تحديد دور الحكومة بشكل دقيق بهدف الوصول الى دور تنظيمي و رقابي مع مـرور الزمن ، ويجب إدخال المستفيدين و القطاع الخاص في إدارة الري السطحي ودعمـه.

*  يجب تشجيع دور القطاع الخاص في تطوير الري السطحي والصرف وجذب إستثماراته ، كما تجب العناية بمراقبة إستخدام المورد في هذا المجال والإشراف عليه .

في مجال البحث والتطوير :

*  يجب تبني و تشجيع البحوث التطبيقية في مواضيع الري السطحي والصرف بالإضافة الى إقتصاديات المياه وإدارة الموارد والإحتياجات المائية للمحاصيل وإستعمال المياه المالحة وتقنيات الري والعمليات الزراعية وتخزين الرطوبة وما شابهها.

*  يجب أن يتم تطوير التعاون مع المراكز المتخصصة داخل القطر وخارجه .

الحادي عشر : في مجال إعادة هيكلة مؤسسات قطاع الري :

إن أداء قطاع الري السطحي و الصرف شأنه شأن أي قطاع آخر ، فهو يعتمد على قوة مؤسساته، لذا فمن الحكمة دعم إعادة الهيكلية المؤسسية وتأمين مشاركة القطاع الخاص بالتشريعات الملائمة ، والتطبيق الفعال للقانون.

ولقد أصبح من الضروري إعادة تنظيم المؤسسات المائية بهدف زيادة الكفاءة وتحسين الأداء وتقديم أفضل الخدمات للمستفيدين ( المزارعين ) ، و في هذا السياق يجب أن يتم إجراء تقييم دقيق مجرد للوضع المؤسسي و مقيداته و تبني برنامج تنفيذي للإصلاح .

تتولى وزارات المياه و الري مسؤولية قطاع المياه في غالبية الدول العربية وفي بعضها إضيفت إليها مسؤولية الثروة السمكية ، و الآخر القوى الكهربائية أو مسؤولية الزراعة  وهكذا ، على أية حال فإن هناك بعضاً من الضبابية في صلاحيات الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بمياه الري و الزراعة وغيرها أو تداخلاً في تلك الصلاحيات.

إن المنظمة العربية للتنمية الزراعية توصي بإيجاد مرجعية واحدة تجمع في مسؤولياتها وهيكلها الإداري كل مسؤوليات المؤسسات المعنية بقطاع المياه والري ، خاصة فيما يتعلق بمصادر المياه وتطويرها وأولويات التوزيع المائي في الأوقات التي يشتد الطلب فيها على المياه ، بالإضافة الى تشغيل وصيانة مشاريع الري وكذلك الحاجة لوضع سياسة مائية متزنة تأخذ بعين الإعتبار تطوير كافة مصادر المياه من خلال مشاريع مائية للأغراض المختلفة بموجب خطة قطرية طويلة الأجل تحد من الازدواجية ، وكذلك وضع الاستراتيجيات والبرامج الخاصة بتنفيذ السياسة المائية التي تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الحاضرة والمستقبلية على ضوء ما تشهده الدول العربية من نمو وتطور في مختلف المجالات.

التكامل والتعاون والتنسيق بين وزارات المياه والري و الزراعة القطرية وغيرها ذات العلاقة بالمياه والزراعة هدف يجب السعي إليه منعاً للإزدواجية والضبابية والتنافس السلبي الذي يؤدي الى تراجع قطاع المياه والزراعة و الذي ينعكس سلباً على المزارعين والإقتصاد الوطني ، من هنا فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية توصي بإيجاد مجلس أعلى للمياه و الزراعة يمكن أن تسند إليه مهام عدة منها إيجاد صيغ التعاون و التنسيق والتكامل في موضوع الري و الزراعة يضم في عضويته ممثلين (من شريحة متخذي القرار) عن كافة الجهات ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بالري السطحي و الصرف و الزراعة (المروية) ، وفيما يلي مقترح و على سبيل المثال لا الحصر.

مقترح للإدارة العليا للمياه و الزراعة

 

                                     
   

رئيس لجنة المياه و الزراعة في مجلس الأمة (البرلمان)

 

ممثلين عن وزارة الزراعة

( زراعة مروية )

   

ممثلين عن وزارة المياه و الري

( ري و صرف )

 
 
   
   
   
 
 
 
   
 
   

ممثلين عن هيئة الإقراض الزراعي / مؤسسة تمويل الري

     

أحد قضاة المحكمة العليا

 

ممثلين عن الجمعيات التعاونية الزراعية

(مياه و زراعة)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ولأغراض إشراك القطاع الخاص في إدارة الري السطحي والصرف الواردة ضمن خطة الإستراتيجية والسياسات المنبثقة عنها بهدف تطوير الري السطحي والصرف وإعادة الهيكلة وخصخصة المؤسسات العامة  إن كان ذلك مجدياً من النواحي الإجتماعية و الإقتصادية ويتماشى مع القوانين المعمول بها وحسب ظروف كل قطر عربي ، ويجب أن يتم ذلك بعد إجراء الدراسات المستفيضة من كافة النواحي .

ويتوقع من مشاركة القطاع الخاص أن يحقق الأهداف المبينة البند خامساً المذكورة آنفاً وذلك من خلال ما يلي :

*  تحسين إدارة وتشغيل وصيانة مشروع الري والصرف .

*  تحسين مستوى الخدمات المقدمة الى المزارعين.

*  تحسين تغطية التكاليف .

*  تحسين الموقف إزاء الممولين والمستثمرين .

ومن الممكن إتباع أي من الأساليب التالية لمشاركة القطاع الخاص في إدارة الري السطحي والصرف :

نقل ملكية المؤسسة أو مشروع الري الى شركة والتي أعيدت هيكلتها لغرض إكمال خصخصتها من القطاع العام الى القطاع الخاص .

أ-   نقل الأسهم أو السندات المملوكة للحكومة بالبيع الكلي أو الجزئي.

ب-  نقل إدارة مشروع الري أو جزء منه من القطاع العام الى القطاع الخاص تبعاً للإتفاقيات حيث يعهد الى القطاع الخاص إدارة تشغيل و صيانة تلك المشاريع، وبهذا الأسلوب يتم إبرام عقد لإدارة شبكات مشروع الري ، أما المصادر المائية وإدارتها فتبقى بحوزة القطاع العام.

ج-  تبني أحد الخيارات التالية لتأسيس مشاريع ري إستثمارية جديدة تبعاً للإتفاقيات المبرمة لهذه الغاية بين القطاعين العام والخاص لهذه الأغراض :

د- (البناء التشغيل نقل الملكية) حيث يبني القطاع الخاص مشروع الري و يستغله ويشغله لمدة معينة ثم ينقله الى القطاع العام بعد إنتهاء تلك المدة.

*  (البناء  نقل الملكية  التشغيل) حيث يبني القطاع الخاص المشروع وينقل ملكيته الى القطاع العام بينما يحتفظ بحق إستغلاله وتشغيله لمدة معينة.

*  (البناء الملكية التشغيل) يبني القطاع الخاص المشروع ويمتلكه ويستغله ويشغله لحسابه الخاص.

*  (البناء الملكية التشغيل نقل الملكية) يبني القطاع الخاص المشروع ويمتلكه ويستغله ويشغله ومن ثم ينقل ملكيته الى القطاع العام .

د-   منح القطاع الخاص  حق بناء مشروع معين مع حق إحتكاري لإستغلاله تبعاً لترخيص أو إتفاقية موقعة مع الحكومة لهذه الغاية .

هـ-  أي أسلوب آخر تقره الحكومة .

وفي هذا المقام ومن أجل مشاركة القطاع الخاص في مجال الري السطحي والصرف فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية توصى بضرورة السير قدماً بإجراء الدراسات الفنية و الإقتصادية والإجتماعية وغيرها بهدف إشراك القطاع الخاص القطري أو العربي في الري السطحي ، والإستفادة من خبرات الدول العربية التي قطعت شوطاً في إشراك القطاع الخاص في الفعاليات الإقتصادية .

4-7  أساليب إستقطاب التمويل اللازم لتنفيذ البرامج القطرية و المتطلبات القومية المشتركة من الإستراتيجية :

إن خيارات زيادة التزويد المائي محدودة ، وتكاليف التطوير تتنامى ، وتشمل هذه الخيارات (المشاريع المستقبلية) إعادة تأهيل مشاريع الري ورفع كفاءة شبكات التزويد من خلال تحسين الكفاءة والإنتاجية والقدرة التنافسية و تطبيق أحدث مفاهيم الإدارة والأدوات والتقنيات ، و يتطلب تطوير وتنفيذ الخيارات في المستقبل إستثمارات ضخمة من القطاعين العام و الخاص ، و لا بد أن تحظى عملية وضع أولويات الإستثمار بأهمية متزايدة وتطوير معايير لأولويات الإستثمار .

لقد إستثمر القطاع العام في الدول العربية منذ فترة طويلة جداً في مشاريع الري ، وقد شكلت إستثمارات قطاع المياه جزءاً كبيراً من ديون بعض الدول العربية الخارجية ، وعلى الرغم من إستمرار إستثمار القطاع العام ، إلا أن إستثمارات القطاع الخاص ستكون منشودة ، ويتوجب خلق المناخ المناسب لجذب القطاع الخاص للإستثمار ضمن الأولويات التي تحددها جهات قطاع الري السطحي حيثما كان ذلك ممكناً .

وفي هذا المجال من الضروري إفساح المجال أمام القطاع الخاص للإستثمار في رفع كفاءة الري السطحي و في زيادة فعالية نظام صرف المياه الزائدة و ذلك من خلال إيجاد التشريع المناسب لجذب الإستثمار و ضمان الحكومة للعوائد الإقتصادية حيث يفضل توجيه الإستثمارات نحو ما ذكر في البند 4-2 سابقاً .

ومن ناحية أخرى يجب عدم إغفال فسح المجال أمام المزارعين (المستفيدين) أنفسهم للإستثمار في مجال الري السطحي و الصرف، إذ لا بد من وجود شريحة منهم تستطيع الإستثمار في هذا المجال، و إذا توفر ذلك فيجب إعطائهم الأولوية .

أن توجه الإستثمارات في الري السطحي و الري تكون كالتالي :

4-7-1  الإستثمار في رفع كفاءة القنوات الناقلة للمياه من المصدر الى المزرعة :

بهدف بتقليل تسرب ورشح المياه الى أعماق التربة و تقليل نمو الأعشاب حيث تستهلك كميات كبيرة من المياه وتقليل التبخر من تلك القنوات ، ويمكن رفع كفاءة القنوات الناقلة كما يلي:

*  إستبدال القنوات المفتوحة بأنابيب مفتوحة أو مغلقة من المصدر إلى المزرعة.

*  إعادة تأهيل قنوات الري الناقلة الإسمنتية بإصلاح عيوبها وكسورها وإزالة الترسبات والأعشاب وتعديل ميلها إذا لزم الأمر، و تغليف القنوات الترابية بواسطة مواد غير منفذة مثل الإسمنت (الباطون) أو الإسفلت أو البلاستيك لمنع تسرب و رشح المياه في التربة.         

*  تقليل المساحة السطحية للقنوات بهدف تقليل التبخر من سطوحها ما أمكن وذلك بتعميقها وتعديل ميلها لتفي بالغرض من ذلك.

4-7-2  الإستثمار في رفع كفاءة الري السطحي الحقلي :

يمكن رفع كفاءة الري الحقلي كما يلي :

*  القيام بأعمال التسوية  Leveling  اللازمة للأراضي لضمان التوزيع المتساوي للمياه وتجنب غدق المياه على بعض أجزاء الحقل و قلة المياه على الجزء الآخر. 

*  تقديم القروض الميسرة للمزارعين التي من شأنها تحسين شبكة الري السطحي ونقل وتخزين المياه داخل المزرعة. 

4-7-3 الإستثمار في إنشاء و إعادة تأهيل مصارف المياه الزائدة المغطاة أو المفتوحة:

والتي يمكن أن توجه إلى ما يلي :

*  إنشاء و تنفيذ مصارف مياه مفتوحة أو مغطاة للأراضي التي تعاني مشاكل ملوحة و إرتفاع منسوب مياه ولم ينفذ فيها مصارف مـن قبل حسب الأولويات الإقتصادية والإجتماعية والبيئية.

*  صيانة الشبكات الحالية لصرف المياه الزائدة من الأراضي و مخارجها و تسليكها لتحسين أدائها .

4-7-4  تمويل سبل مشاريع الري السطحي والصرف :

إن الدعوة إلى تحسين أسلوب الري السطحي على مستوى المزرعة يتطلب تمويلاً و قروضاً سهلة و ميسرة و طويلة الأمد تقدم الى المزارعين من خلال المؤسسات المصرفية الزراعية أو مؤسسة إقراض المزارعين لتحسين إدارة الري السطحي ،  بحيث يتم تمويل تنفيذ برنامج لتحسين إدارة الري السطحي داخل المزرعة كما ذكر سابقاً مثل عمل التسوية LEVELING  اللازمة للمزرعة بواسطة آليات يتم إستئجارها لهذه الغاية ، وتمويل شراء بعض المستلزمات مثل أنابيب نقل المياه أو رقائق البلاستيك لتغليف الأقنية وغيرها.

توجد في عدد من الأقطار العربية مصارف متخصصة للقطاع الزراعي ، و هذه تطبق سياسة إئتمانية خاصة بها تختلف عن السياسة الإئتمانية التي تحكم المصارف التجارية ، تقدم هذه المصارف قروض ميسرة للقطاع الزراعي مع إعطاء فترة سماح وفق أقساط مريحة، وفي أقطار أخرى تضع ضوابط معينة للإقراض ، وغيرها تقوم بفرض سياسة إئتمانية لجميع المصارف المتخصصة والتجارية. يقترح بأن تسعى هذه الأقطار لتبني سياسة إئتمانية جديدة للقطاع الزراعي ليتسنى للمزارعين الحصول على القروض الميسرة وفق أقساط مريحة .

ويمكن التمويل الجماعي لتجمعات و تعاونيات المزارعين وجمعيات مستخدمي المياه من أجل تحسين الري السطحي مثل عمل تسوية جماعية للأراضي أو إعادة تأهيل أو تبطين قنوات نقل المياه بواسطة الإسمنت أو الأنابيب التي تخدم مجموعة مزارعين أو غير ذلك من أساليب من شأنها تحسين الري السطحي.

من ناحية أخرى ومن أجل المحافظة على المياه والأرض العربية كأحد أهم الموارد الطبيعية حيث لا يخفى على أحد الأهمية القصوى لهذه الموارد ، فإن المنظمة العربية للتنمية الزراعية تثمن وقفة الصناديق وجهات التمويل العربية وتدعوها إلى المزيد من تقديم المنح المالية المجزية و الإستثمار وتقديم القروض المالية الميسرة الى الأقطار العربية التي بحاجة لهذه الأموال لتطوير وتحسين الري السطحي والصرف ، ذلك لأن هناك متطلبات قومية مشتركة لحسن إستخدام والحفاظ على المياه العربية وديمومة عطاء وإنتاج الأرض العربية ، وعدم فسح المجال أمام الصناديق الأجنبية لتمويل والإستثمار في الري السطحي والصرف بسبب الشروط التي تضعها تلك الصناديق على الدول العربية.

إن أمر الأرض والمياه العربية والإنسان العربي هي مسؤولية قومية مشتركة لجميع الأقطار العربية تتطلب من الجميع التوجه نحو تحسين أداء الري السطحي والصرف و الإستفادة القصوى من المياه المتاحة للحصول على أقصى إنتاج زراعي ممكن يمهد لحياة كريمة لمواطنيه .  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجــع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

 

1-  الأشرم ، محمود (2001) – اقتصاديات المياه في الوطن العربي والعالم، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، آب /أغسطس 2001 .

2-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة السياسات العامة لاستخدام موارد المياه في الزراعة، 1994 .

3-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة تعزيز دور تنظيمات مستخدمي المياه في الزراعة العربية ، 1999 .

4-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة أساليب وسياسات استرداد تكلفة إتاحة مياه الري في الدول العربية ، 1999 .

5-  المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، دراسة تعزيز استخدام الري الآلي لتحسين كفاءة الري الحقلي في الدول العربية ، 2001 .

6- عمر العوض – موقف تطوير الري السطحي والصرف في السودان .

7 -  المويلحي، نبيل (2002) – موقف تطوير الري السطحي والصرف في جمهورية مصر العربية.

8- البعثة الإقليمية للماء والزراعة (2000) MREA – السفارة الفرنسية في الأردن ، عمان : أهمية المياه المستخدمة للزراعة في الشرق الأوسط : جهود للمساعدة التقنية الفرنسية في المنطقة، مجلة أخبار علمية، آب 2000  .

9-  سدر ، نايف سعد (2002) – دراسة حول تطور الري السطحي والصرف الجوفي في المملكة الأردنية الهاشمية .

10-  سفر ، طلعت أحمد (2002) – تقرير علمي قطري حول تقويم أداء طرق الري السطحي والصرف في مشروع مسكنة غرب ) 50000 هكتار) في الجمهورية العربية السورية : سبل تطوير طرق الري السطحي والصرف ورفع كفاءة الري وتقليل الفواقد المائية وزيادة العوائد وتحسين الاقتصاديات .

11-  سليمان ، عامر داود (2002) – تقرير عن تطوير الري السطحي والصرف في جمهورية العراق .

12-  محمد ، كسيرة (2002) – حالة تطوير الري السطحي في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .

13-  مومن ، محمد (2002) – تطوير الري السطحي والصرف في المملكة المغربية .

14-  أسعد الكنج 1996 الصرف والاستصلاح الزراعي .

15-  محمد حسن عامر 1996 تاريخ الصرف الزراعي في مصر .

16- FAO (1995) – Irrigation in Africa in Figures, Water Reports (7), Rome (1995) .

17- MARTIN Gilles (1997) – Irrigation Tensiométrique (Jordanie), Rev. Nouvelles Scientifiques (CEDUST) – Jullit 1997 .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الملخص الانجليزي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

The Methods for the Promotion of

Surface Irrigation and  Drainage

in the Arab Countries

 

Summary

 

This study is one of AOAD’s activities in its working plan of year 2002, as part of its programme in the field of natural resources and environment.

The main target of this study is to promote activities in the Arab countries aiming to achieve rational efficient use of water, and reduction of the extent of surface irrigation which represent one of main constraints facing Arab water resources.

Surface irrigation is used in about 85% of irrigated areas in the Arab countries.  Most of it has been established long time ago when surface irrigation was the main prevailing irrigation method,  while  some schemes have been established more recently because of its low cost compared to other modern irrigation systems.

Low water use efficiency is one of the main features of surface irrigation.  It was estimated in previous AOAD’s studies that total annual water losses by  surface irrigation in the Arab countries amount to about 91 billion cubic meters.  In addition to that most of  irrigated land in the Arab countries faces drainage problems.

For these reasons, the general trend in Arab countries is towards modern irrigation systems.  But there are financial, social and technical problems in converting all existing surface irrigation to the modern irrigation systems, due to its large extent and due to the farmers limited financial and technical ability to deal with these modern systems.

It is obvious that the best option is the promotion and modernization of these traditional surface irrigation and drainage systems.

 

Accordingly, there is a real need for such study to explore all possible means and methods to promote the existing traditional surface irrigation methods and improve their water use efficiency.

The specific objectives of the study are :

- Evaluation of prevailing surface irrigation methods in the Arab countries.

- Establishing a data base about surface irrigation and  drainage   in Arab countries.

- Identifying methods for promoting Arab surface irrigation and drainage.

- Exchange of knowledge and experiences among the Arab countries regarding surface irrigation and drainage.

-  Fostering common Arab work in this field.

To enrich the study through fresh up todate information, AOAD has identified the following seven Arab countries of known experiences in surface irrigation :  Jordan, Algeria, Sudan, Syria, Iraq, Egypt and Morocco.

Experienced, qualified local experts were selected by AOAD to prepare country  case studies about surface irrigation in each of these countries.

An Arab study team was entrusted with preparing this regional study on the issue.

This study is composed of four chapters, chapter one explained the water resources and specially rainfall in the Arab countries and the ability to sustain rainfed agriculture.  The total annual volume of rainfall in the Arab area is about 2782  milliards cubic meter,  but only 18% of the Arab land receives more than 300 mm annual rain, and as such able to sustain rainfed cultivation.  For that reason irrigation became inevitable in the most of the Arab countries for the production of food and fiber crops and for general economy of the countries.

The relative importance of irrigation in the Arab countries ranges from 100% as in Djibouti, where there is no rainfed agriculture to 4.7% in Somalia where rainfed agriculture  previous.  The relative importance of irrigated is about 22% for the Arab countries in general.  The total cultivated area in the Arab countries is about 68.6 million hectares out of which 15 million hectares are irrigated

It is evident that irrigation has very high relative importance in most of the Arab countries as it has high crop yield compared with rainfed cultivation.

Chapter one also explained the different methods of surface irrigation being used in the Arab countries which include :

-  Flood irrigation.

-   Furrow irrigation.

-  Basin irrigation.

-  Border irrigation .

The chapter identified the advantages and dis-advantages of surface irrigation.  The advantages include, low investment costs, long rich experienced gained in the area, high labour need solving some of the employment problems, easiness to modification and promotion, suitability for all crop production, and simple management.

The disadvantages of surface irrigation include, low water use efficiency, need for leveling of land, use of substantial part of the land for canalization and small dikes, its creation of negative environmental condition in the area.

The main rational behind the promotion of these system is the high percentage of agricultural water use with low efficiency.  The constraints facing such promotion include, lack of adequate extension specially regarding awarness about the water situation, the unability of farmers to cope with any major changes in the system, inadequate education and research, and the many various government agencies concerned with such activity of promotion.

Technical constraints include, lack of adequate data and proper technological know-how.  Economic coustraints include, low returns from surface irrigation projects, small land holdings, high cost of promotion, and lack of development funds.

Chapter one also explained the relative high importance of promoting and drainage in order to increase productivity per unit of land, and water.   Drainage has dual advantage, getting ride of excess water and providing additional water for irrigation when drained water is reused for irrigation.

Chapter one also identified the different drainage systems used in the Arab countries. It include, surface drainage, subsoil drainage, ground water drainage (Shagouli).

The constraints facing the promotion of drainage system in the Arab countries are the same  as that facing surface irrigation.

Chapter two explained the general methods for the promotion of the surface irrigation and drainage.  The main themes of promotion are economy and efficiency.

Technical promotion in the conveyance stage include, use of pipe canalization, compaction of canal banks, use of modern efficient means for canal desalting and weeding, use of modern  communication system, use of automation where possible specially through control of demand rather than supply, control of  discharge through automation of pumping and use of remote control.

On farm stage promotion may include, use of long furrow, wide border system, surge discharge.

Promotion could also be through improving management, specially integrated water management,

Promotion through policies and legislation include, water cost recovery and policies for better use of water.

Promotion may also be through social approach.  Extension and awareness programme may be very effective methods of promotion. This could be achieved through the advanced method of training, and cultural programmes.

 

Chapter three included the experience of the promotion of surface irrigation and drainage in some Arab countries.  It included Jordan, Algeria, Sudan, Syria, Iraq, Morocco.

These are the Arab countries with large experience on surface irrigation and drainage.

The chapter also included the French experience in the Middle East regarding the promotion of surface irrigation.  It covered Jordan, Syria and Palestine.

Some other experiences from Spain, Hungery Romania were also included.

Chapter four explored the Arab vision of the possible promotion of surface irrigation.  The main base lines of an Arab strategy for promotion were identified which can be briefed in the following points :

-  There is a real need for the promotion of surface irrigation and drainage.

- Modern irrigation methods must be used in any new irrigation development

- Each Arab country must have its own country strategy.  These strategies may form comprehensive Arab strategy.

-  Country policies must confirm the need for Arab cooperation on the issue and the share of Arab experience in all agricultural issues.

-  Irrigation water must be based on actual crop needs and according to climate and  soil.

-   Extension and public awareness is most needed.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الملخص الفرنسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Etude des méthodes de développement de

lirrigation gravitaire et du drainage

dans les pays arabes

 

 

Résumé

 

 

L’étude des méthodes de développement de l’irrigation gravitaire et du drainage constitue une des activités de l’Organisation Arabe pour le Développement Agricole, inscrite dans le cadre de son plan d’action pour l’année 2002 dans le domaine des ressources naturelles et de l’environnement. L’objectif de cette étude reste la mise en évidence des enjeux de l’agriculture arabe où l’utilisation à une vaste échelle de l’irrigation gravitaire y est prépondérante, et constitue un grand défi  pour ce secteur important pour l’économie arabe.

Le système d’irrigation gravitaire s’étend sur près de 85%  des terres irriguées dans le monde arabe, et la création des projets d’irrigation gravitaire remonte à plusieurs années dans le temps, tout comme certains projets qui ont été réalisés récemment à cause des coûts d’investissement relativement bas comparativement aux systèmes modernes d’irrigation.

Les méthodes d’irrigation traditionnelles  se caractérisent par une faible efficience d’utilisation des eaux, et par conséquent, des pertes énormes, évaluées dans des études précédentes à près de 91 milliards de mètres cube par an à l’échelle des pays arabes. D’autre part, la plupart des terres irriguées par ce système connaissent des problèmes de drainage agricole, ce qui réduit leur productivité.

Pour contrecarrer cette problématique, les pays arabes se sont orientés beaucoup plus vers les techniques modernes d’irrigation, caractérisées par une efficience d’utilisation des eaux plus élevée, mais certaines difficultés d’ordre financier, technique ou social empêchent ce changement en égard à l’étendue de la superficie, au morcellement des terres et le niveau de conscientisation de l’agriculteur qui reste réticent aux techniques modernes. De ce fait, le choix inévitable, à moyen et même à long terme consiste à élever l’efficience de ces systèmes traditionnels à travers leur développement et leur amélioration.

L’importance de cette étude réside dans la mise en évidence des possibilités de développement de ces méthodes traditionnelles vers une meilleure rationalité d’utilisation des eaux –sources très rares dans la région arabe- conduisant à une meilleure rentabilité des projets. C’est la raison pour laquelle l’OADA a jugé utile d’inclure dans son programme d’action 2002 cette étude prospective sur les méthodes de développement de l’irrigation gravitaire et du drainage dans les pays arabes. Les objectifs assignés à cette étude sont les suivants :

* Evaluation des méthodes d’irrigation et de drainage existantes dans la région arabe.

* Création d’une base de données récente et précise sur l’irrigation gravitaire et le drainage dans les Pays arabes.

* Détermination des méthodes et des domaines de développement de l’irrigation gravitaire et du Drainage.

* Diffusion des connaissances, des expertises et des expériences arabes et internationales réussies dans le domaine de développement de ces techniques.

* Renforcement de la coopération et de la coordination arabes dans ce domaine.

Pour étoffer l’étude par des données et des programmes récents, l’OADA a choisi sept pays ayant une expérience prouvée dans le domaine de l’irrigation gravitaire et du drainage (Jordanie, Algérie, Soudan, Syrie, Irak, Egypte et Maroc) et a confié les études de cas à des experts locaux et qui ont constitué la base de cette étude prospective régionale.

Constituée de quatre chapitres dont le premier met en évidence l’importance qui devrait être accordée au développement de l’irrigation gravitaire et du drainage. Il est évident que dans la région arabe, les  précipitations météoriques connaissent des nuances très marquées et une variabilité très importante d’une saison à une autre. Le volume des quantités précipitées est de l’ordre de 2283 milliards de mètres cube par an en moyenne, alors que la superficie agricole utile conduite en pluvial ne dépasse pas les 18% de l’ensemble de la superficie totale, et c’est cette tranche, qui reçoit plus de 300mm par an, et qui assure la perrénité de l’agriculture pluviale, et constitue, en même temps, les zones essentielles de production d’aliments pour les pays arabes. Le chapitre a développé également l’importance relative de l’agriculture irriguée dans le monde arabe, et a mis en relief les grandes nuances sur cet aspect (100 %  d’agriculture irriguée à Djibouti  et près de 4.7%  uniquement en Somalie). En termes de chiffres, la part de l’importance relative de l’agriculture irriguée dans le monde arabe est de l’ordre de 22%, car la superficie agricole utile représente environ 69 millions d’hectares dont 15 millions d’hectares en irrigué.

Le chapitre a relaté les modes courants d’irrigation gravitaire dans les pays arabes et a défini le système gravitaire comme étant la submersion totale ou partielle  des sols pour satisfaire les besoins en eau des plantes. Les différents modes les plus répandus dans le monde arabe sont lq submersion par les eaux des crues, tel est le cas de l’Egypte, l’Irak et le Soudan ; l’irrigation par bassins, par sillons et par infiltration à la raie.

Le chapitre a relaté les avantages de l’irrigation gravitaire et qui peuvent se résumer au coût très réduit d’investissement, l’expérience et les connaissances héritées depuis très longtemps, mais surtout, la facilité de modification, de développement et de gestion et sa convenance particulière à toutes les spéculations. Les inconvénients du système d’irrigation gravitaire concernent, tout particulièrement, la faiblesse de l’efficience d’utilisation des eaux d’irrigation, mais aussi la nécessité de planage des terres ainsi que les pertes de terres à travers les canaux d’irrigation et de drainage, tout comme la création d’un de environnement propice aux maladies.

Après avoir défini les justifications et la nécessité de développer ce système, eu égard à son extension sur la plupart des terres irriguées et sa faible efficience d’utilisation des eaux, le chapitre a mis en évidence les contraintes qui empêchent ce développement et qui concernent, tout particulièrement la faiblesse des activités de vulgarisation et de sensibilisation, l’incapacité de l’agriculteur arabe à assimiler l’évolution vers d’autres systèmes plus performants, l’absence de recherche ainsi que la multitude d’instances ayant en charge la responsabilité de développer l’irrigation dans les pays arabes. Les contraintes d’ordre technique se rapportent essentiellement à l’absence de programmes de développement de ce système basés sur des recherches opérationnelles afin d’adapter les meilleurs modes possibles, ainsi que le manque de données et d’informations sur toutes les formes de pertes et leurs causes. Les contraintes économiques se résument, en premier lieu, à la baisse du coût de la mise à la disposition de l’agriculteur des eaux d’irrigation, et la plupart des pays arabes soutiennent ce coût, en plus du morcellement des terres et l’absence de financement pour les programmes de développement.

D’autre part, le chapitre a mis en relief la double importance du drainage agricole traduite essentiellement par l’élimination des eaux excédentaires et nuisibles pour les plantes, mais aussi la possibilité de les utiliser selon des normes connues ou préalablement établis. Les méthodes de drainage en usage dans le monde arabe englobent le drainage par fossés ouverts, le drainage enterré, alors que le drainage vertical ayant pour principe le pompage des eaux à partir d’un réseau de puits pour rabaisser le niveau de la nappe au niveau voulu n’est pas très répandu dans les pays arabes. Les contraintes au développement du drainage agricole sont similaires à celles énoncées précédemment pour le développement de l’irrigation gravitaire.

Le deuxième chapitre disserte sur les possibilités de développement de l’irrigation gravitaire et du drainage d’une manière générale, et qui ne peut y aboutir sans le lien inéluctable entre le critère  économique et l’importance de réduire la demande sur l’eau en augmentant l’efficience d’utilisation. L’itinéraire technique de développement englobe la phase de transport et de distribution des eaux, où dans la plupart des pays arabes la pratique de l’irrigation gravitaire par canaux à ciel ouvert est la plus répandue et qui est la plus déficiente. L’utilisation des tuyaux pour assurer le transport de l’eau est la première phase de développement, tout comme le compactage des cavaliers et l’utilisation de moyens plus adéquats pour l’entretien et la maintenance des canaux. Le contrôle du réseau de transport et de distribution est un des éléments essentiels de développement des techniques d’irrigation gravitaire, en utilisant les systèmes de communication modernes ou des mécanismes de commande selon l’offre et non selon la demande comme c’est dans la plupart des cas à l’heure actuelle. Il y a également les systèmes de commande automatique qui contrôle le débit des pompes selon la demande à l’aide du contrôle à distance par les moyens de télécommunication modernes.

Au niveau de l’irrigation à la parcelle, les possibilités de développement peuvent inclure la diminution du niveau de submersion en utilisant les systèmes d’irrigation par infiltration par sillons ou à la raie avec un pilotage des irrigations basé sur les fréquences des arrosages et l’utilisation des débits discontinus. Le développement sur le plan administratif et institutionnel englobe le concept de gestion d’une manière générale avec comme composantes la gestion intégrée des eaux, l’approche participative et globale. Les aspects juridiques, législatifs et politiques nécessaires pour le développement de l’irrigation gravitaire et le drainage consistent à mettre en évidence une tarification appropriée pour les eaux, en plus des politiques de rationalisation de l’usage des eaux d’irrigation. Sur le plan de la vulgarisation et de la sensibilisation, le facteur humain est un des paramètres les plus importants pour la valorisation et la rationalisation des eaux. Il y a absolument nécessité de sensibiliser l’agriculteur à la rareté de la ressource et les problème q’elle rencontre, et comment les surmonter en élevant l’efficience d’usage, à travers des cycles de formation et des programmes éducatifs et culturels.

Le troisième chapitre relate les expériences des pays arabes dans le domaine du développement de l’irrigation gravitaire et du drainage, notamment le Maroc, le Soudan l’Egypte, l’Algérie, la Jordanie la Syrie et l’Irak, pays qui ont un poids relativement élevé dans le domaine. Les modèles de développement de ces pays ont été développés, tout comme les problèmes et les contraintes rencontrés et qui sont similaires, et concernent, tout particulièrement, le manque de recherche, l’absence ou l’inadaptation des lois et règlements régissant l’usage de l’eau, la multitude d’institutions publiques oeuvrant dans le domaine du développement, la faiblesse des circuits de perfectionnement et la promotion des cadres techniques, le morcellement des terres agricoles et bien entendu la régression des revenus agricoles d’une manière générale. Le chapitre met en relief également l’expérience française dans le Moyen Orient durant la période 1990-1999, et qui a porté essentiellement sur le renforcement du contrôle de la gestion de l’eau d’irrigation, le recueil et l’analyse des données, l’amélioration du niveau de coopération sous régional dans ce domaine, l’augmentation du prix de l’eau, la promotion de l’usage des eaux non conventionnelles (eaux usées et eaux de drainage) tout en assurant des programmes de financement et d’investissement. L’expérience française a été testée  en Jordanie, en  Syrie et dans le Secteur de Ghaza en Palestine. Certaines expériences internationales ont été également développées, notamment celles de l’Espagne, la Hongrie et la Roumanie.

Enfin, le quatrième chapitre développe les principaux caractères d’une vision pour développer l’irrigation gravitaire et le drainage agricole. Les principaux axes d’intervention de cette vision arabe commune se résument à la promotion des ressources en eau et leur gestion, les lois et les règlements des eaux, les systèmes institutionnels, la sensibilisation, la participation de plus en plus dynamique du secteur privé, le financement et l’investissement, la recherche scientifique la participation active des bénéficiaires à toutes les phases du projet, particulièrement la maintenance et le fonctionnement,et enfin l’élévation de l’efficience de l’usage.

Le chapitre a conclu par certaines recommandations qui sont les suivantes :

* Il y a des obligations économiques, sociales, environnementales et urgentes pour développer l’irrigation gravitaire et le drainage dans les pays arabes.

*  Lors de l’étude, de la planification et l’exécution des projets d’irrigation modernes, il est nécessaire de limiter l’extension des projets d’irrigation gravitaire traditionnelle.

* Il est primordial pour chaque pays arabe de mettre en œuvre une stratégie intégrée, claire et exécutable pour les secteur de l’irrigation et le drainage, et qui peut, dans une certaine mesure, constituer un noyau pour une stratégie arabe globale.

* Les politiques des eaux, de l’irrigation gravitaire et du drainage doivent inclure des orientations insistant sur la coopération étroite entre les pays arabes et l’échange des expertises pour promouvoir l’efficience de gestion de l’irrigation gravitaire et du drainage.

* Il est impératif d’allouer les eaux d’irrigation selon les besoins réels des plantes en conformité avec le climat, la superficie irriguée et les caractéristiques physico-chimiques du sol.

* Il est utile d’assurer un service de vulgarisation performant sur l’irrigation gravitaire.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

—————

للخلف